الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل التاسع عشر في بيان أوّل من وضع النّقط، والشّكل، والشّدّة، والمدّة، والهمزة، وعلامة الغنّة في المصاحف، وأوّل من وضع النّحو، وجعل الإعراب فيها
وكانت المصاحف العثمانية مجرّدة من النقط، والشكل، والشدّة، والمدّة، وعلامة الإعراب، فلم يكن فيها إعراب، وسبب ترك الإعراب فيها، والله أعلم؛ استغناؤهم عنه، فإن القوم كانوا عربا لا يعرفون اللحن، ولم يكن في زمنهم نحو.
وأوّل من وضع النحو، وجعل الإعراب في المصاحف: أبو الأسود الدّؤليّ، التابعيّ، البصريّ.
حكى أنه سمع قارئا يقرأ: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} بكسر اللام (في رسوله)، فأعظمه ذلك، وقال: عزّ وجه الله أن يبرأ من رسوله، ثم جعل الإعراب في المصاحف. وكان علامته:
نقطا بالحمرة غير لون المداد، فكانت علامة الفتحة: نقطة فوق الحرف وعلامة الضمة: نقطة في نفس الحرف، وعلامة الكسرة: نقطة تحت الحرف، وعلامة الغنة: نقطتين، ثم أحدث الخليل بن أحمد الفراهيدي بعد هذا، هذه الصور: الشدّة، والمدّة، والهمزة، وعلامة السكون، وعلامة الوصل، ونقل الإعراب من صورة النقطة
إلى ما هو عليه الآن. وأما النقط المميزة بين الحروف، فأوّل من وضعها في المصحف: نصر بن عاصم الليثيّ، بأمر الحجاج بن يوسف، أمير العراق، وخراسان، وسببه: أنّ الناس كانوا يقرأون في مصحف عثمان، نيّفا وأربعين سنة إلى يوم عبد الله بن مروان، ثم كثر التصحيف، وانتشر بالعراق، فأمر الحجاج أن يضعوا لهذه الأحرف المشتبهة علامات، فقام بذلك نصر المذكور، فوضع النّقطة أفرادا، وأزواجا، وخالف بين أماكنها، وكان يقال له نصر الحروف. وأوّل ما أحدثوا النقطة على الباء، والتاء، وقالوا: لا بأس به هو نور له، ثم أحدثوا نقطا عند منتهى الآي، ثم أحدثوا الفواتح، والخواتم. فأبو الأسود هو السابق إلى إعرابه، والمبتدىء به، ثم نصر بن عاصم، وضع النقط بعده، ثم الخليل بن أحمد نقل الإعراب إلى هذه الصّورة، وكان مع استعمال النّقط، والشكل يقع التصحيف، فالتمسوا حيلة، فلم يروا فيها إلا على الأخذ من أفواه الرجال بالتلقين، فانتدب جهابذة علماء الأمة، وصناديد الأئمّة، وبالغوا في الاجتهاد، وجمعوا الحروف، والقراءات، حتى بيّنوا الصواب، وأزالوا الإشكال - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
وأوّل من خطّ بالعربية: يعرب بن قحطان، وكان يتكلم بالعربية، والسريانية.
وأوّل من استخرج الخط المعروف بالنسخ: ابن مقلة وزير المقتدر بالله، ثم القاهر بالله، فإنّه أوّل من نقل الخطّ الكوفي إلى
طريقة العربية، ثم جاء ابن البوّاب، وزاد في تعريب الخط، وهذّب طريقة بن مقلة، وكساها بهجة، وحسنا، ثم ياقوت المستعصي الخطّاط، وختم فنّ الخطّ، وأكمله، ثم جاء الشيخ:
حمد الله الأماسيويّ، فأجاد الخطّ بحيث لا مزيد عليه إلى الآن، ولله در القائل:
خطّ حسين جمال مرأى
…
إن كان لعالم فأحسن
الدّرّ من النّبات أحلى
…
والدّرّ مع النّبات أزين
والله أعلم
* * *