الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثامن عشر في تعشيره وتخميسه، والكتابة في فواتح السّور، أو خواتمها، ووضع النقط في منتهى الآية، وغير ذلك
وأمّا وضع الأعشار: فقال ابن عطية، مرّ بي في بعض التواريخ: أن المأمون العباسي، أمر بذلك. وقيل إن الحجّاج فعل ذلك؛ أي: جزّأ الحجّاج القرآن عشرة أجزاء، وكتب عند أول كل عشر بهامش المصحف (عشر) بضم العين، وكذلك كتب الأسباع. وذكر أبو عمرو الداني في كتاب «البيان» له، عن عبد الله: أنه كره التعشير في المصحف، وأنه كان يحكّه. وعن مجاهد: أنه كره التعشير، والطيب في المصحف. وقال أشهب: سمعت مالكا، وسئل عن العشور التي تكون في المصحف بالحمرة، وغيرها من الألوان؟ فكره ذلك، وقال:(تعشير القرآن لا بأس به).
وسئل عن المصحف؛ يكتب فيها خواتم السور في كل سورة ما فيها من آية؟ قال: إني أكره ذلك في أمهات المصاحف، أن يكتب فيها شيء، أو يشكّل، فأما ما يتعلم فيها الغلمان من المصاحف؛ فلا أرى بذلك بأسا. قال أشهب: ثم أخرج إلينا مصحفا لجدّه كتبه: إذ كتب عثمان المصاحف، فرأينا خواتمه من حبر على عمل السلسلة في طول السطر، ورأيته معجوم الآي
بالحبر. وقال قتادة: بدؤوا فنقّطوا، ثم خمّسوا، ثم عشّروا. وقال يحيى بن أبي كثير: كان القرآن مجرّدا في المصاحف، فأول ما أحدثوا فيه: النقطة على الباء، والتاء، والثاء، وقالوا: لا بأس به هو نور له، ثم أحدثوا نقطا عند منتهى الآي، ثم أحدثوا الفواتح، والخواتم.
وعن أبي جمرة: رأى إبراهيم النخعي في مصحفي فاتحة سورة كذا وكذا، فقال لي: أمحه، فإن عبد الله بن مسعود قال:(لا تخلطوا في كتاب الله ما ليس فيه). وعن أبي بكر السراج قال: قلت لأبي رزين: أأكتب في مصحفي سورة كذا وكذا؟ قال: إني أخاف أن ينشأ قوم لا يعرفونه، فيظنونه من القرآن. قال الداني - رحمه الله تعالى -: وهذه الأخبار كلها، تؤذن بأن التعشير والتخميس، والتّثمين، وفواتح السور، ورؤوس الآي من عمل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين - فأدّاهم إلى عمله الاجتهاد، وأرى: أن من كره ذلك منهم، ومن غيرهم؛ إنما كره أن يعمل بالألوان، كالحمرة، والصّفرة، وغيرهما، على أن المسلمين في سائر الآفاق قد أطبقوا على جواز ذلك، واستعماله في الأمهات، وغيرها. والحرج، والخطأ مرتفعان عنهم فيما أطبقوا عليه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم
* * *