الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثامن عشر:
((صاحب الشئ أحق أن يحمله إلا أن يكون ضعيفاً يعجز عنه، فيعينه أخوه المسلم))
.
ضعيف جداً، أو موضوع. رواه أبو يعلى والطبراني في ((الأوسط)) كما في ((المجمع)) (5/121-122) وابن الأعرابي في ((معجمه)) (235/1-2) وابن بشران في ((الأمالي)) (2/53-54) والحاظ محمد بن ناصر في ((التنبيه)) (16/1-2) من طريق يوسف بن زياد البصري عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن الأغر أبي مسلم عن أبي هريرة قال:((دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم السوق، فقعد إلى بزارين، فاشترى سراويل بأ {بعة دراهم، قال: وكان لأهل السوق رجل يزن بينهم الدارهم يقال له: فلا الوزان، قال: فدعي ليزن ثمن السراويل، فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:أتزن وأرجح، فقال الوزان: إن هذا القول ما سمعته من أحد من الناس، فمن أنت؟ قال أبو هريرة: فقلت: حسبك من الرهق والجفاء في دينك ألا تعرف نبيك. فقال: أهذا نبي الله؟ فألقى الميزان ووثب على يد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فجذبها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقال: ((مه إنما يفعل هذا الأعاجم بملوكها، وإني لست بملك، إنما أنا رجل منكم)) . ثم جلس فاتزن الدراهم وأرجح كما أمره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأحملها عنه، فمنعني وقال:
…
فذكره، قال: قلت: يا رسول الله أو أنك لتلبس السراويل؟ قال: نعم، بالليل والنهار، وفي السفر والحضر، قال يوسف: وشككت أنا في قوله: ومع أهلي، فإنني أمرت بالستر فلم أجد ثوباً أستر من السراويل)) . وفي إسناد هذا الحديث.
1-
يوسف بن زياد. قال الدارقطني: ((مشهور بالأباطيل)) وسيأتي كلامه
بتمامه قريباً. وقال النسائي: ((ليس بثقة)) . وقال البخاري وأبو حاتم والساجي: ((منكر الحديث)) . وبه وحده أعله الحافظ الهيثمي رحمه الله في ((المجمع)) .
2-
وشيخه: عبد الرحمن بن زياد بن أنعم - وهو الإفريقي - ضعيف في حفظه، كما في ((التقريب)) (3862) ، وقد وثقه بعضهم ودفع قول مضعفيه بما لا طائل تحته.
وللحديث طريق أخرى عند البيهقي في ((الشعب)) و ((الأدب)) (758) فيها حفص بن عبد الرحمن - راويه عن الإفريقي - حكى ابن الجوزي أن ابن حبان رماه برواية الموضوعات عن الثقات ولم أجده في ((المجروحين)) ، بل لم أهتد إليه. والحديث أورده ابن الجوزي في ((الموضوعات)) وقال: لا يصح، قال الدارقطني في ((الأفراد)) : الحمل فيه على يوسف بن زياد لأنه مشهور بالأباطيل، ولم يروه عن الإفريقي غيره)) . وأقره الشيخ الألباني حفظه الله في ((الضعيفة)) (89) ، ومنها اختصرنا هذا التخريج، فجزاه الله عنا وعن الإسلام والسنة خيراً. وقد حكى فيها أيضاً عن الحافظ السخاوي رحمه الله في ((فتاويه الحديثية)) (ق86/1) - قوله:((سنده ضعيف جداً، واقتصر شيخنا في ((فتح الباري)) على ضعف رواته، ولشدة ضعفه جزم بعض العلماء بأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يلبس السراويل)) . قلت: ومع تهافت إسناد هذا الحديث، فإنه يتردد كثيراً بين الناس، فعسى أن ينفع الله عز وجل بإيراده ههنا أقواماً، فإن الكثيرين لا تطول أيديهم كتب الشيخ حفظه الله، ومنهم من لا يعرفه، ومنهم من يصدق ما يرميه به بعض الحمقى والموتورين من شتى التهم والنقائص. فلعل الله تعالى يجعلني ((وساطة خير)) بين هؤلاء وبينه.
(أما) السراويلات (1) ، فقد قال العلامة ابن القيم رحمه الله في ((الزاد))
$! جمع: ((سراويل)) فإنه مفردة. أما ما شاع بين الناس من أن: ((سراويل)) جمع مفردة: ((سروال)) ، فقد ذهب العلامة الشوكاني رحمه الله في ((نيل الأوطار)) إلى أن ذلك لغة ضعيفة، وكلام ابن القيم سأحكيه يؤيد ذلك. وفي مادة:((سرل)) من ((لسان العرب)) كلام نافع في ذلك.
(1/35) : ((فصل: واشترى - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - سراويل، والظاهر أنه إنما اشتراها ليلبسها، وقد روى في غير حديث أنه لبس السراويل، وكانوا يلبسون السراويلات بإذنه
…
)) كذا قال رحمه الله، وسكت محققاً ((الزاد)) (1/139) عن تعقب قضية كونه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لبس السراويل أم لا بما تقدم عن الإمام السخاوي، شأنهما في كثير مما لا ينبغي السكوت عنه في ذلك الكتاب. أما شراؤه صلى الله عليه وعلى آله وسلم إياها، فصحيح ثابت؛ فقد روى أبو داود (2/220) والترمذي (2/385) والنسائي (7/284) من طرق عن الثوري ثنا سماك بن حرب، حدثني سويد بن قيس رضي الله عنه قال:((جلبت أنا ومخرمة العبدي بزاً من هجر، فإتينا به مكة، فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فسوامنا سراويل فبعناه، وثم رجل يزن بالأجر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((زن وأرجح)) . قال الترمذي: ((حديث سويد حديث حسن صحيح. وأهل العلم يستحبون الرجحان في الوزن. وروى شعبة هذا الحديث عن سماك، فقال: عن أبي صفوان: وذكر الحديث)) اهـ. قلت: ورجح الإمام أبو داود رواية سفيان وأشار إلى متابعة قيس بن الربيع - وهو ضعيف - عل إسناده. أما إقراره صلى الله عليه وعلى آله وسلم الصحابة على لبس السراويل، فمما ثبت فيه حديث أبي أمامة رضي الله عنها قال: ((خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على مشيخة من الأنصار بيض لحاهم..
وفيه: ((فقلنا: يا رسول الله، إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: تسرواوا وائتزروا وخالفوا أهل الكتاب
…
)) الحديث، وإسناده حسن كما قال الحافظ رحمه الله في ((الفتح)) (10/367) ، وبه (50) ختمت تخريج والتعليق على كتاب ((الحقوق)) للشيخ ابن عثيمين حفظه الله وأمتعنا به. مع تعليق نافع بإذن الله تعالى عن مخالفة أهل الشرك وحرمة حلق اللحية عن جميع الأئمة، فانظره إن شئت.
وحديث أبي أمامة دل على حصول المخالفة بلبس السراويل تارة، والإزار
أخرى. علماً بأن السراويل الشرعية تختلف كثيراً عن ((البنطلون الأوربي)) الذي يحدد العورة كاملة - في أحيان كثيرة - ويفصلها أثناء السجود بين يدي رب العالمين!
فاللهم أهدنا والمسلمين أجمعين لتعظيم حرماتك والتأدب بين يديك، وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. آمين.
(أما) الراوية الموقوفة لحديث الترجمة، فقريب منها ما روي في ((الأدب المفرد)) للبخاري رحمه الله (551) بسند فيه جهالة، من طريق علي بن هاشم ابن البريد قال: حدثنا صالح بياع الأكسية عن جدته قالت: رأيت علياً رضي الله عنه اشترى تمراً بدرهم، فحمله في ملحفته. فقلت له (أو قال له رجل) : أحمل عنك يا أمير المؤمنين. قال: لا، أبو العيال أحق أن يحمل)) . وهذا إسناد ضعيف له علتان:
الأولى: جهالة حال - بل عين - صالح بياع الأكسية هذا، فقد ترجمه الحافظ في ((التهذيب)) (4/407-408) براوية ابن البريد وحده عنه، ولم يورد فيه جرحاً ولا تعديلاً. وإلى جهالته أشار الذهبي في ((الميزان)) (2/304) فقال:((وصالح بياع الأكسية عن جدته. ما روى عنه سوى على بن هاشم بن البريد)) . وقال الحافظ في ((التقريب)) (2895) : ((مقبول)) أي لين الحديث حيث لم يتابع.
الثانية: جده صالح هذا، فلم أهتد إلي اسمها، ولا وجدتها في ((الميزان)) ولا ((التهذيب)) ولا ((تقريبه)) ولا ذكرها الحافظ المزي ضمن الرواة عن علي في ((تهذيب الكمال)) ، ولعلي لم أنعم النظر. وقد سكت عنها أيضاً الشيخ فضل الله الجيلاني في ((فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد)) (2/9) ، فلم يترجم لها على خلاف عادته. فالله أعلم. والظاهر أن حالها كحال حفيدها أيضاً.
(وفي عموم) الاستغناء عن الناس والاعتماد على النفس، ثبتت بعض
الأحاديث منه قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((استغنوا عن الناس، ولو بشوص السواك)) وهو حديث رجاله ثقات لكنه معل بالإرسال عن ميمون بن أبي شبيب - وإن اغتر بظاهر إسناده جماعة في القديم والحديث - لكن رأيت له شواهد في ((زهد وكيع)) تقوية إن شاء الله تعالى.
ووصيته صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا ذر رضي الله عنه إذ قال له: ((لا تٍأل الناس شيئاً. قال: قلت: نعم، قال: ولا سوطك إن يسقط منك، حتى تنزل إليه فتأخذه)) . وصح عن ثوبان رضي الله عنه كان يفعل امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أيضاً ألا يسأل الناس شيئاً، وغير ذلك مما لا مجال لتخريجه واستقصائه، فـ:((لكل مقام مقال)) كما قال الصحابي الجليل أبو الطفيل عامر بن وائلة رضي الله عنه وهو آخر الصحابة موتاً على الإطلاق كما قال الإمام مسلم وغيره (ت110هـ) . ثم وجدت في ((الميزان)) (3/133) : ((علي بن صالح بياع الأكسية، عن جد له، عن علي. وعنه أحمد ابن منيع. لا يعرف)) اهـ. لا أشك أن هذا تصحيف صوابه: ((علي عن صالح بياه الأكسية، عن جدته، عن علي)) كما تقدم، فإن صالحاً تفرد عنه علي بن هاشم بن البريد، وأحمد بن منيع يروى عنه ابن البريد كما في ((تهذيب الكمال)) (1/495) وكذلك (ق:994) من ((المخطوط)) ، والله أعلى وأعلم (وما توفيقي إلا بالله) .
استدراك:
وروى أثر علي أيضاً: عبد الله بن الإمام أحمد في ((زوائد الزهد)) (ص133) و ((زوائد فضائل الصحابة)) (916) وابن أبي الدنيا في ((التواضع)) (102) عن سريج بن يونس عن علي بن هاشم عن صالح بيا الأكسية، فقال:((عن أمه أو جدته)) ورواية عبد الله: ((فقالوا: تحمل عنك
…
)) ورواية ابن أبي الدنيا: ((فقلت: أحمل عنك
…
)) . وأم صالح أيضاً لم أهتد إليها. وهذه الزواية - على الشك - أصح إسناداً من رواية ((الأدب)) .