المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْبَاب التَّاسِع وَالْعشْرُونَ فِي بَيَان الحكم إِذا قتل الْإِنْسِي جنيا   قَالَ - آكام المرجان في أحكام الجان

[الشبلي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فِي بَيَان إِثْبَات الْجِنّ وَالْخلاف فِيهِ

- ‌فِي بَيَان أجسام الْجِنّ

- ‌فِي بَيَان أَصْنَاف الْجِنّ

- ‌فِي بَيَان أَن بعض الْكلاب من الْجِنّ

- ‌فِي أَن الْجِنّ يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ

- ‌فِي أَن الشَّيْطَان يَأْكُل وَيشْرب بِشمَالِهِ

- ‌فِيمَا يمْنَع الْجِنّ من تنَاول طَعَام الْإِنْس وشرابهم

- ‌فِي أَن الْجِنّ يتناكحون ويتناسلون

- ‌فِي أَن الْجِنّ مكلفون بِإِجْمَاع أهل النّظر

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌وَفِي الحَدِيث من سنَن ابي دَاوُد من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود أَنه قدم وَفد الْجِنّ على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يَا مُحَمَّد إِنَّه أمتك أَن يستنجوا بِعظم أَو رَوْث أَو حممة فَإِن الله تَعَالَى جَاعل لنا فِيهَا رزقا وَفِي صَحِيح مُسلم فَقَالَ كل عظم ذكر اسْم الله عَلَيْهِ يَقع فِي أَيْدِيكُم

- ‌فِي قتال عمار بن يَاسر الْجِنّ

- ‌فصل

- ‌الْبَاب الرَّابِع وَالسِّتُّونَ فى إِخْبَار الْجِنّ بنزول النبى صلى الله عليه وسلم خيمة أم معبد حِين الْهِجْرَة

- ‌هما نزلا بِالْبرِّ ثمَّ ترحلا…فأفلح من أَمْسَى رَفِيق مُحَمَّدلِيهن بني كَعْب مَكَان فَتَاتهمْ…ومقعدها للْمُؤْمِنين بِمَرْصَد

- ‌فصل

- ‌فِي نوحهم على عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه

- ‌فِي نوحهم على الشُّهَدَاء بِالْحرَّةِ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فِي أَن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بِالنَّبِيِّ عليه السلام

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌خَاتِمَة فِي التحذر من فتن الشَّيْطَان ومكائده

- ‌خَاتِمَة صَالِحَة

الفصل: الْبَاب التَّاسِع وَالْعشْرُونَ فِي بَيَان الحكم إِذا قتل الْإِنْسِي جنيا   قَالَ

الْبَاب التَّاسِع وَالْعشْرُونَ فِي بَيَان الحكم إِذا قتل الْإِنْسِي جنيا

قَالَ أَبُو الشَّيْخ حَدثنَا أَبُو الطّيب أَحْمد بن روح حَدثنَا مُحَمَّد ابْن عبد الله بن يزِيد مولى قُرَيْش حَدثنَا عُثْمَان بن عمر عَن عبيد الله ابْن أبي يزِيد عَن ابْن أبي مليكَة أَن جانا كَانَ لَا يزَال يطلع على عَائِشَة رضي الله عنها فَأمرت بِهِ فَقتل فَأتيت فِي الْمَنَام فَقيل قتلت عبد الله الْمُسلم فَقَالَت لَو كَانَ مُسلما لم يطلع على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقيل لَهَا مَا كَانَ يطلع حَتَّى تجمعي عَلَيْك ثِيَابك وَمَا كَانَ يجِئ إِلَّا ليستمع الْقُرْآن فَلَمَّا أَصبَحت أمرت بِاثْنَيْ عشر ألف دِرْهَم ففرقت فِي الْمَسَاكِين وَرَوَاهُ أَبُو بكر بن ابي شيبَة فِي مُصَنفه فَقَالَ حَدثنَا عبد الله بن بكر السَّهْمِي عَن جَابر بن أبي مُغيرَة عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة بنت صَالِحَة عَن عَائِشَة رضي الله عنها نَحوه وَقَالَ أَبُو بكر عبد الله بن مُحَمَّد أَخْبرنِي أبي أَنبأَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر حَدثنَا مُسلم عَن سعيد عَن حبيب قَالَ رَأَتْ عَائِشَة رضي الله عنها حَيَّة فِي بَيتهَا فَأمرت بقتلها فقتلت فَأتيت فِي تِلْكَ اللَّيْلَة فَقيل لَهَا إِنَّهَا من النَّفر الَّذين اسْتَمعُوا الْوَحْي من النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأرْسلت إِلَى الْيمن فابتيع لَهَا أَرْبَعُونَ رَأْسا فأعتقتهم

‌فصل

روى التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة من حَدِيث صَيْفِي مولى ابي السَّائِب عَن أبي سعيد رَفعه أَن بِالْمَدِينَةِ نَفرا من الْجِنّ قد اسلموا فَإِذا رَأَيْتُمْ من هَذِه الْهَوَام شَيْئا فآذنوه ثَلَاثًا فَإِن بدا لكم فَاقْتُلُوهُ

وَثَبت فِي صَحِيح مُسلم من حَدِيث أبي السَّائِب مولى هِشَام بن زهرَة عَن أبي سعيد كَانَ فَتى منا حَدِيث عهد بعرس فخرجنا مَعَ رَسُول الله صلى الله

ص: 103

عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الخَنْدَق فَكَانَ ذَلِك الْفَتى يسْتَأْذن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بإنصاف النَّهَار فَيرجع إِلَى أَهله فاستأذنه يَوْمًا فَقَالَ لَهُ خُذ عَلَيْك سِلَاحك فَإِنِّي أخْشَى عَلَيْك قُرَيْظَة فَأخذ الرجل سلاحه ثمَّ رَجَعَ فَإِذا امْرَأَته بَين الْبَابَيْنِ قَائِمَة فَأَهوى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ لكَي يطعنها فأصابته غيرَة فَقَالَت لَهُ اكفف عَلَيْك رمحك وادخل الْبَيْت حَتَّى تنظر مَا الَّذِي اخرجني فَدخل فَإِذا بحية عَظِيمَة مَنْصُوبَة على الْفراش فَأَهوى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ فانتظمها بِهِ ثمَّ خرج فركزه فِي الدَّار فاضطربت عَلَيْهِ فَمَا ندرى أَيهمَا كَانَ أسْرع موتا الْحَيَّة أم الْفَتى

قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس قتل الْجِنّ بِغَيْر حق لَا يجوز كَمَا لَا يجوز قتل الْإِنْس بِلَا حق وَالظُّلم محرم فِي كل حَال فَلَا يحل لأحد أَن يظلم أحدا وَلَو كَافِرًا قَالَ تَعَالَى {وَلَا يجرمنكم شنآن قوم على أَلا تعدلوا اعدلوا هُوَ أقرب للتقوى} وَالْجِنّ يتصورون فِي صور شَتَّى فَإِذا كَانَت حيات الْبيُوت قد تكون جنيا فتؤذن ثَلَاثًا فَإِن ذهبت فِيهَا وَإِلَّا قتلت فَإِنَّهَا إِن كَانَت حَيَّة أَصْلِيَّة فقد قتلت وَإِن كَانَت جنية فقد اصرت على الْعدوان بظهورها للإنس فِي صُورَة حَيَّة تفزعهم بذلك والعادي هُوَ الصَّائِل الَّذِي يجوز دَفعه بِمَا يدْفع ضَرَره وَلَو كَانَ قتلا فَأَما قَتلهمْ بِدُونِ سَبَب يُبِيح ذَلِك فَلَا يجوز وَالله تَعَالَى أعلم

ص: 104

الْبَاب الموفى ثَلَاثِينَ فِي مناكحة الْجِنّ

قد قدمنَا مناكحة الْجِنّ فِيمَا بَينهم وَهَذَا الْبَاب فِي بَيَان المناكحة بَين الْإِنْس وَالْجِنّ وَالْكَلَام هُنَا فِي مقامين

أَحدهمَا فِي بَيَان إِمْكَان ذَلِك ووقوعه

وَالثَّانِي فِي بَيَان مشروعيته أما الأول فَنَقُول نِكَاح الْإِنْسِي الجنية وَعَكسه مُمكن قَالَ الثعالبي زَعَمُوا أَن التناكح والتلاقح قد يقعان بَين الْإِنْس وَالْجِنّ قَالَ الله تَعَالَى {وشاركهم فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد} وَقَالَ صلى الله عليه وسلم إِذا جَامع الرجل امْرَأَته وَلم يسم انطوى الشَّيْطَان إِلَى أحليله فجامع مَعَه

وَقَالَ ابْن عَبَّاس إِذا أَتَى الرجل امْرَأَته وَهِي حَائِض سبقه الشَّيْطَان إِلَيْهَا فَحملت فَجَاءَت بالمخنث فالمؤنثون أَوْلَاد الْجِنّ رَوَاهُ الْحَافِظ ابْن جرير

وَنهى النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن نِكَاح الْجِنّ وَقَول الْفُقَهَاء لَا تجوز المناكحة بَين الْإِنْس وَالْجِنّ وَكَرَاهَة من كرهه من التَّابِعين دَلِيل على إِمْكَانه لِأَن غير الْمُمكن لَا يحكم عَلَيْهِ بِجَوَاز وَلَا بِعَدَمِهِ فِي الشَّرْع

فَإِن قيل الْجِنّ من عنصر النَّار وَالْإِنْسَان من العناصر الْأَرْبَعَة وَعَلِيهِ فعنصر النَّار يمْنَع من أَن تكون النُّطْفَة الإنسانية فِي رحم الجنية لما فِيهَا من الرُّطُوبَة فتضمحل ثمَّة لشدَّة الْحَرَارَة النيرانية وَلَو كَانَ ذَلِك مُمكنا لَكَانَ ظهر

ص: 105

أَثَره فِي حل النِّكَاح بَينهم وَهَذَا السُّؤَال هُوَ الَّذِي أورد على الْمَسْأَلَة الباعثة على تأليف هَذَا الْكتاب وَالْجَوَاب من وُجُوه

الأول أَنهم وَإِن خلقُوا من نَار فليسوا بباقين على عنصرهم النارى بل قد استحالوا عَنهُ بِالْأَكْلِ وَالشرب والتوالد والتناسل كَمَا اسْتَحَالَ بَنو آدم عَن عنصرهم الترابي بذلك على أَنا نقُول إِن الَّذِي خلق من نَار هُوَ أَبُو الْجِنّ كَمَا خلق آدم ابو الْإِنْس من تُرَاب واما كل وَاحِد من الْجِنّ غير أَبِيهِم فَلَيْسَ مخلوقا من النَّار كَمَا أَن كل وَاحِد من بني آدم لَيْسَ مخلوقا من تُرَاب وَقد أخبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه وجد برد لِسَان الشَّيْطَان الَّذِي عرض لَهُ فِي صلَاته على يَده لما خنقه وَفِي رِوَايَة قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَمَا زلت أخنقه حَتَّى برد لعابه فبرد لِسَان الشَّيْطَان ولعابه دَلِيل على أَنه انْتقل عَن العنصر الناري إِذْ لَو كَانَ بَاقِيا على حَاله فَمن أَيْن جَاءَ الْبرد روقد بسطنا القَوْل فِي انتقالهم من العنصر الناري فِي الْبَاب الثَّالِث الَّذِي عقدناه فِي بَيَان مَا خلقُوا مِنْهُ فَلَا حَاجَة بِنَا إِلَى إِعَادَته وَهَذَا المصروع يدْخل بدنه الجني وَيجْرِي الشَّيْطَان من ابْن آدم مجْرى الدَّم فَلَو كَانَ بَاقِيا على حَاله لأحرق المصروع وَمن جرى مِنْهُ مجْرى الدَّم

وَقد سُئِلَ مَالك بن أنس رضي الله عنه فَقيل إِن هَهُنَا رجلا من الْجِنّ يخْطب إِلَيْنَا جَارِيَة يزْعم أَنه يُرِيد الْحَلَال فَقَالَ مَا أرى بذلك بَأْسا فِي الدّين وَلَكِن أكره إِذا وجدت امْرَأَة حَامِل قيل لَهَا من زَوجك قَالَت من الْجِنّ فيكثر الْفساد فِي الْإِسْلَام بذلك

وَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ عَن الإِمَام مَالك رضي الله عنه أوردهُ أَبُو عُثْمَان سعيد بن الْعَبَّاس الرَّازِيّ فِي كتاب الإلهام والوسوسة فِي بَاب نِكَاح الْجِنّ فَقَالَ حَدثنَا مقَاتل حَدثنِي سعد بن دَاوُد الزبيدِيّ قَالَ كتب قوم من إِلَى مَالك بن أنس رضي الله عنه يسألونه عَن نِكَاح الْجِنّ وَقَالُوا إِن هَهُنَا رجلا من الْجِنّ إِلَى آخِره

الْوَجْه الثَّانِي إِنَّا لَو سلمنَا عدم إِمْكَان الْعلُوق فَلَا يلْزم من عدم

ص: 106

إِمْكَان الْعلُوق عدم إِمْكَان الْوَطْء فِي نفس الْأَمر وَلَا يلْزم من عدم إِمْكَان الْعلُوق أَيْضا عدم إِمْكَان النِّكَاح شرعا فَإِن الصَّغِيرَة والآيسة وَالْمَرْأَة الْعَقِيم لَا يتَصَوَّر مِنْهُنَّ علوق وَالرجل الْعَقِيم لَا يتَصَوَّر مِنْهُ إعلاق وَمَعَ هَذَا فَالنِّكَاح لَهُنَّ مَشْرُوع فَإِن حِكْمَة النِّكَاح وَإِن كَانَت لتكثير النَّسْل ومباهاة الْأُمَم بِكَثْرَة الْأمة فقد يتَخَلَّف ذَلِك

الْوَجْه الثَّالِث قَوْله وَلَو كَانَ ذَلِك مُمكنا لَكَانَ ظهر أَثَره فِي حل النِّكَاح هَذَا غير لَازم فَإِن الشَّيْء قد يكون مُمكنا ويتخلف لمَانع فَإِن المجوسيات والوثنيات الْعلُوق فِيهِنَّ مُمكن وَلَا يحل نِكَاحهنَّ وَكَذَلِكَ الْمَحَارِم وَمن يحرم من الرَّضَاع وَالْمَانِع فِي كل مَوضِع بِحَسبِهِ وَالْمَانِع من جَوَاز النِّكَاح بَين الْإِنْس وَالْجِنّ عِنْد من مَنعه إِمَّا اخْتِلَاف الْجِنْس عِنْد بَعضهم أَو عدم حُصُول الْمَقْصُود على مَا نبينه أَو عدم حُصُول الْإِذْن من الشَّرْع فِي نكاحهم أما اخْتِلَاف الْجِنْس فَظَاهر مَعَ قطع النّظر عَن إِمْكَان الوقاع وَإِمْكَان الْعلُوق واما عدم حُصُول الْمَقْصُود من النِّكَاح فَنَقُول إِن الله امتن علينا بِأَن خلق لنا من أَنْفُسنَا أَزْوَاجًا لنسكن إِلَيْهَا وَجعل بَيْننَا مَوَدَّة وَرَحْمَة فَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم الَّذِي خَلقكُم من نفس وَاحِدَة وَخلق مِنْهَا زَوجهَا وَبث مِنْهُمَا رجَالًا كثيرا وَنسَاء} وَقَالَ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي خَلقكُم من نفس وَاحِدَة وَجعل مِنْهَا زَوجهَا ليسكن إِلَيْهَا} وَقَالَ تَعَالَى {وَمن آيَاته أَن خلق لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا لتسكنوا إِلَيْهَا وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة وَرَحْمَة إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يتفكرون} وَقَالَ تَعَالَى {فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض جعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا} وَالْجِنّ لَيْسُوا من أَنْفُسنَا فَلم يَجْعَل مِنْهُم أَزوَاج لنا فَلَا يكونُونَ لنا أَزْوَاجًا لفَوَات الْمَقْصُود من حل النِّكَاح من بني آدم وَهُوَ سُكُون اُحْدُ الزَّوْجَيْنِ إِلَى الآخر لِأَن الله تَعَالَى أخبر أَنه جعل لنا من أَنْفُسنَا أَزْوَاجًا لنسكن إِلَيْهَا فالمانع الشَّرْعِيّ حِينَئِذٍ من جَوَاز النِّكَاح

ص: 107

بَين الْإِنْس وَالْجِنّ عدم سُكُون أحد الزَّوْجَيْنِ إِلَى الآخر إِلَّا أَن يكون عَن عشق وَهوى مُتبع من الْإِنْس وَالْجِنّ فَيكون إقدام الْإِنْسِي على نِكَاح الجنية للخوف على نَفسه وَكَذَلِكَ الْعَكْس إِذْ لَو لم يقدموا على ذَلِك لآذوهم وَرُبمَا أتلفوهم الْبَتَّةَ وَمَعَ هَذَا فَلَا يزَال الْإِنْسِي فِي قلق وَعدم طمأنينة وَهَذَا يعود على مَقْصُود النِّكَاح بِالنَّقْضِ وَأخْبر الله تَعَالَى أَنه جعل بَين الزَّوْجَيْنِ مَوَدَّة وَرَحْمَة وَهَذَا مُنْتَفٍ بَين الْإِنْس وَالْجِنّ لِأَن الْعَدَاوَة بَين الْإِنْس وَالْجِنّ لَا تَزُول بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى {وَقُلْنَا اهبطوا بَعْضكُم لبَعض عَدو}

وَقَوله صلى الله عليه وسلم فِي الطَّاعُون وخز أعدائكم من الْجِنّ وَلِأَن الْجِنّ خلقُوا من نَار السمُوم فهم تابعون لأصلهم

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي مُوسَى قَالَ احْتَرَقَ بَيت فِي الْمَدِينَة على أَهله بِاللَّيْلِ فَحدث النَّبِي صلى الله عليه وسلم بشأنهم فَقَالَ إِن هَذِه النَّار إِنَّمَا هِيَ عَدو لكم فَإِذا نمتم فاطفئوها عَنْكُم فَإِذا كَانَت النَّار عدوا لنا فَمَا خلق مِنْهَا فَهُوَ تَابع لَهَا فِي الْعَدَاوَة لنا لِأَن الشَّيْء يتبع أَصله فَإِذا انْتَفَى الْمَقْصُود من النِّكَاح وَهُوَ سُكُون أحد الزَّوْجَيْنِ إِلَى الآخر وَحُصُول الْمَوَدَّة وَالرَّحْمَة بَينهمَا انْتَفَى مَا هُوَ وَسِيلَة اليه وَهُوَ جَوَاز النِّكَاح وَأما عدم حُصُول الْإِذْن من الشَّرْع فِي نكاحهم فَإِن الله تَعَالَى يَقُول {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء} وَالنِّسَاء اسْم للإناث من بَنَات آدم خَاصَّة وَالرِّجَال إِنَّمَا أطلق على الْجِنّ لأجل مُقَابلَة اللَّفْظ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَنه كَانَ رجال من الْإِنْس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ} وَقَالَ تَعَالَى {قد علمنَا مَا فَرضنَا عَلَيْهِم فِي أَزوَاجهم} وَقَالَ تَعَالَى {إِلَّا على أَزوَاجهم} فأزواج بني آدم من الْأزْوَاج الْمَخْلُوقَات لَهُم من أنفسهم الْمَأْذُون فِي نِكَاحهنَّ وَمَا عداهن فليسوا لنا بِأَزْوَاج وَلَا مَأْذُون لنا فِي نِكَاحهنَّ وَالله أعلم هَذَا مَا تيَسّر لي فِي الْجَواب وَفتح الله عَليّ بِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

ص: 108