المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بِهَذَا الْخلق وروى ابْن عبد الْبر من طَرِيق أبي دَاوُد - آكام المرجان في أحكام الجان

[الشبلي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فِي بَيَان إِثْبَات الْجِنّ وَالْخلاف فِيهِ

- ‌فِي بَيَان أجسام الْجِنّ

- ‌فِي بَيَان أَصْنَاف الْجِنّ

- ‌فِي بَيَان أَن بعض الْكلاب من الْجِنّ

- ‌فِي أَن الْجِنّ يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ

- ‌فِي أَن الشَّيْطَان يَأْكُل وَيشْرب بِشمَالِهِ

- ‌فِيمَا يمْنَع الْجِنّ من تنَاول طَعَام الْإِنْس وشرابهم

- ‌فِي أَن الْجِنّ يتناكحون ويتناسلون

- ‌فِي أَن الْجِنّ مكلفون بِإِجْمَاع أهل النّظر

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌وَفِي الحَدِيث من سنَن ابي دَاوُد من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود أَنه قدم وَفد الْجِنّ على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يَا مُحَمَّد إِنَّه أمتك أَن يستنجوا بِعظم أَو رَوْث أَو حممة فَإِن الله تَعَالَى جَاعل لنا فِيهَا رزقا وَفِي صَحِيح مُسلم فَقَالَ كل عظم ذكر اسْم الله عَلَيْهِ يَقع فِي أَيْدِيكُم

- ‌فِي قتال عمار بن يَاسر الْجِنّ

- ‌فصل

- ‌الْبَاب الرَّابِع وَالسِّتُّونَ فى إِخْبَار الْجِنّ بنزول النبى صلى الله عليه وسلم خيمة أم معبد حِين الْهِجْرَة

- ‌هما نزلا بِالْبرِّ ثمَّ ترحلا…فأفلح من أَمْسَى رَفِيق مُحَمَّدلِيهن بني كَعْب مَكَان فَتَاتهمْ…ومقعدها للْمُؤْمِنين بِمَرْصَد

- ‌فصل

- ‌فِي نوحهم على عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه

- ‌فِي نوحهم على الشُّهَدَاء بِالْحرَّةِ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فِي أَن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بِالنَّبِيِّ عليه السلام

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌خَاتِمَة فِي التحذر من فتن الشَّيْطَان ومكائده

- ‌خَاتِمَة صَالِحَة

الفصل: بِهَذَا الْخلق وروى ابْن عبد الْبر من طَرِيق أبي دَاوُد

بِهَذَا الْخلق وروى ابْن عبد الْبر من طَرِيق أبي دَاوُد بِسَنَدِهِ إِلَى الشّعبِيّ قَالَ لما بعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم رجمت الشَّيَاطِين بنجوم لم تكن ترْجم بهَا قبل فَأتوا عبد ياليل بن عَمْرو الثَّقَفِيّ فَقَالُوا إِن النَّاس قد فزعوا وأعتقوا رقبتهم وسيبوا أنعامهم لما رَأَوْا فِي النُّجُوم فَقَالَ لَهُم وَكَانَ رجلا أعمى لَا تعجلوا وانظروا فَإِن كَانَت النُّجُوم الَّتِي تعرف فَهِيَ عِنْد فنَاء النَّاس وَإِن كَانَت لَا تعرف فَهِيَ من حدث فنظروا فَإِذا هِيَ نُجُوم لَا تعرف فَقَالُوا هَذَا من حدث فَلم يَلْبَثُوا حَتَّى سمعُوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

‌فصل

روى أَبُو جَعْفَر الْعقيلِيّ فِي كتاب الصَّحَابَة عَن رجل من بني لَهب يُقَال لَهُ لَهب أَو أَبُو لَهب قَالَ حضرت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذكرت عِنْده الكهانة فَقلت بِأبي أَنْت وَأمي نَحن أول من عرف حراسة السَّمَاء وزجر الشَّيَاطِين ومنعهم من استراق السّمع عِنْد قذف النُّجُوم وَذَلِكَ أننا أجتمعنا إِلَى كَاهِن لنا يُقَال لَهُ خطر بن مَالك وَكَانَ شَيخا كَبِيرا قد أَتَت عَلَيْهِ مِائَتَان وَثَمَانُونَ سنة وَكَانَ من أعلم كهاننا فَقُلْنَا يَا خطر هَل عنْدك علم من هَذِه النحوم الَّتِي يرْمى بهَا فَإنَّا قد فزعنا لَهَا وخشينا سوء عَاقبَتهَا فَقَالَ

عودوا إِلَى السحر

أخْبركُم الْخَبَر

ألخير أم ضَرَر

أَو لأمن أَو حذر

قَالَ فانصرفنا عَنهُ يَوْمنَا فَلَمَّا كَانَ من غَد وَجه السحر أتيناه فَإِذا هُوَ قَائِم على قَدَمَيْهِ شاخص فِي السَّمَاء بِعَيْنيهِ فناديناه يَا خطر يَا خطر فَأَوْمأ إِلَيْنَا أَمْسكُوا فأمسكنا فانقض نجم عَلَيْهِ من السَّمَاء وصرخ الكاهن رَافعا صَوته

أَصَابَهُ أصابة

خامره عِقَابه

عاجله عَذَابه

احرقه شهابه

يَا ويله مَا حَاله

بلبله بلباله

عاوده خباله

تفصمت حباله

وغيرت أَحْوَاله

ثمَّ أمسك طَويلا وَقَالَ

يَا معشر بني قحطان

أخْبركُم بِالْحَقِّ وَالْبَيَان

أَقْسَمت بِالْكَعْبَةِ والاركان

والبلد المؤتمن السدان

ص: 180

. قد منع السّمع عناة الجان

بثاقب بكف ذِي سُلْطَان

من أجل مَبْعُوث عَظِيم الشَّأْن

يبْعَث بالتنزيل وَالْقُرْآن

وبالهدى وفاضل الْقُرْآن

يبطل بِهِ عبَادَة الْأَوْثَان

فَقُلْنَا لَهُ وَيحك يَا خطر إِنَّك لتذكر أمرا عَظِيما فَمَاذَا ترى لقَوْمك فَقَالَ

أرى لقومي مَا أرى لنَفْسي

إِن يتبعوا خير نَبِي الْإِنْس

برهانه مثل شُعَاع الشَّمْس

يبْعَث فِي مَكَّة دَار الْخمس

بمحكم التَّنْزِيل غير اللّبْس

فَقُلْنَا لَهُ يَا خطر وَمِمَّنْ هُوَ فَقَالَ والحياة والعيش إِنَّه لمن قُرَيْش مَا فِي حكمه طيش وَلَا فِي خلقه هيش يكون فِي جَيش وَأي جَيش من آل قحطان وَآل إيش فَقُلْنَا لَهُ بَين لنا من أَي قُرَيْش هُوَ فَقَالَ وَالْبَيْت ذِي الدعائم والركن والأحائم إِنَّه لمن نجل هَاشم من معشر أكارم يبْعَث بالملاحم وَقتل كل ظَالِم ثمَّ قَالَ هَذَا هُوَ الْبَيَان أَخْبرنِي بِهِ رَئِيس الجان ثمَّ قَالَ الله أكبر جَاءَ الْحق وَظهر وَانْقطع عَن الْجِنّ الْخَبَر ثمَّ سكت وأغمي عَلَيْهِ فَمَا أَفَاق إِلَّا بعد ثَلَاثَة فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لقد نطق عَن مثل نبوة وَإنَّهُ ليَبْعَث يَوْم الْقِيَامَة أمة وَحده قَوْله اصابه إِصَابَة الثَّانِي بِكَسْر الْهمزَة وَهِي بدل من وَاو مَكْسُورَة وَالْمعْنَى أَصَابَهُ وصابه جمع وصب وَقَوله من آل قحطان هم الْأَنْصَار لأَنهم من قحطان وَآل إيش قَالَ السُّهيْلي يحْتَمل أَن يكون قَبيلَة من الْجِنّ الْمُؤمنِينَ ينسبون إِلَى إيش قلت ذكر ابْن دُرَيْد أَن بني الشَّيْطَان وَبني إيش قبيلتان من الْجِنّ ثمَّ قَالَ السُّهيْلي وَأَحْسبهُ أَرَادَ بآل إيش بني إقيش وهم حلفاء الْأَنْصَار من الْجِنّ فَحذف من الِاسْم حرفا وَقد تفعل الْعَرَب مثل هَذَا وَقد وَقع ذكر بني أقيش فِي السِّيرَة فِي حَدِيث الْبيعَة قلت وَقد وَقع ذكر بَين الشَّيْطَان وَبني أقيش فِي قصَّة وأنهما حَيَّان من الْجِنّ وَقد ذكرتها فِي أَمر الْجِنّ الَّذين سمعُوا الْقُرْآن من النَّبِي صلى الله عليه وسلم

وَقَوله والأحائم يجوز أَن يكون أَرَادَ الأحاوم بِالْوَاو فهمز الْوَاو لانكسارها والأحاوم جمع أحوام وأحوام جمع حوم وَهُوَ المَاء فِي الْبِئْر فَكَأَنَّهُ أَرَادَ مَاء زَمْزَم والحوم أَيْضا إبل كَثِيرَة ترد المَاء فَكَأَنَّهُ أَرَادَ مَاء

ص: 181

زَمْزَم وَيجوز أَن يُرِيد بهَا الطير الَّتِي تحوم على المَاء فَيكون بِمَعْنى الحوائم وقلب اللَّفْظ فَصَارَ بعد فواعل افاعل وَالله أعلم وروى ابْن اسحاق حَدِيث عمر ابْن الْخطاب وقصته مَعَ سَواد بن قَارب وروى غير ابْن اسحاق هَذَا الْخَبَر عَن عمر وَأَن عمر مازح سوادا فَقَالَ مَا فعلت كهانتك يَا سَواد فَغَضب سَواد فَقَالَ قد كنت أَنا وَأَنت على شَرّ من هَذَا من عبَادَة الْأَصْنَام وَأكل الميتات أفتعيرني بِأَمْر قد تبت مِنْهُ فَقَالَ عمر حِينَئِذٍ الْهم غفرانك والْحَدِيث فِي صَحِيح البُخَارِيّ أخصر وَفِي الْأَلْفَاظ اخْتِلَاف وَقد روى فِي الحَدِيث زِيَادَة حَسَنَة وَهِي أَن سوادا حدث عمر أَن رئيه جَاءَهُ ثَلَاث لَيَال مُتَوَالِيَات هُوَ فِيهَا كلهَا بَين النَّائِم وَالْيَقظَان فَقَالَ لَهُ قُم يَا سَواد اسْمَع مَقَالَتي واعقل إِن كنت تعقل قد بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من لؤَي من غَالب يَدْعُو إِلَى الله وعبادته وأنشده فِي كل لَيْلَة من الثَّلَاث لَيَال ثَلَاثَة أَبْيَات مَعْنَاهَا وَاحِد وقافيتها مُخْتَلفَة

فِي الأولى

عجبت للجن وتطلابها

وشدها العيس بأقتابها

تهوى إِلَى مَكَّة تبغي الْهدى

مَا صَادِق الْجِنّ ككذابها

فأرحل إِلَى الصفوة من هَاشم

لَيْسَ قداماها كأذنابها

وَفِي الثَّانِيَة

عجبت للجن وإبلاسها

وشدها العيس بأحلاسها

تهوى إِلَى مَكَّة تبغي الْهدى

مَا طَاهِر الْجِنّ كأنجاسها

فارحل على الصفوة من هَاشم لَيْسَ ذنابا الطير من رَأسهَا

وَفِي الثَّالِثَة

عجبت للجن وتنفارها

وشدها العيس بأكوارها

تهوى إِلَى مَكَّة تبغي الْهدى

مَا مُؤمن الْجِنّ ككفارها

فارحل إِلَى الأتقين من هَاشم

لَيْسَ ذَوُو الشَّرّ كأخيارها

وَذكر تَمام الْخَبَر فَقَالَ لَهُ عمر هَل يَأْتِيك رئيك الْآن فَقَالَ مُنْذُ الْقُرْآن لم يأتني وَنعم الْعِوَض كتاب الله عز وجل من الْجِنّ وَفِي آخِره شعر

ص: 182

سَواد إِذْ قدم على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وأنشده مَا كَانَ من الْجِنّ رئيه إِلَيْهِ ثَلَاث لَيَال مُتَوَالِيَات وَذكر قَوْله

أَتَانِي نجيي بعد هدء ورقدة

وَلم يَك فِيمَا قد بلوت بكاذب

ثَلَاث لَيَال قَوْله كل لَيْلَة

أَتَاك نَبِي من لؤَي بن غَالب

فَرفعت أذيال الْإِزَار وشمرت

بِي العرمس الوجنا هجول السباسب

فَأشْهد أَن الله لَا شَيْء غَيره

وَأَنَّك مَأْمُون على كل غَائِب

وَأَنَّك أدنى الْمُرْسلين وَسِيلَة

من الله بِابْن الأكرمين الأطايب

فمرنا بِمَا يَأْتِيك من وَحي رَبنَا

وَإِن كَانَ مِمَّا جِئْت شيب الذوائب

وَكن لي شَفِيعًا يَوْم لاذو شَفَاعَة

بمغن فتيلا عَن سَواد بن قَارب

فَضَحِك النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه وَقَالَ لي أفلحت يَا سَواد وَقَالَ أَبُو بكر بن مُحَمَّد الْقرشِي حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص مُحَمَّد ابْن الْهَيْثَم حَدثنَا عَمْرو بن عُثْمَان حَدثنَا ابو عُثْمَان بن سعيد بن كثير ابْن دِينَار حَدثنَا عبد الله بن عبد الْعَزِيز الزُّهْرِيّ حَدثنِي أخي مُحَمَّد ابْن عبد الْعَزِيز عَن ابْن شهَاب عَن عبد الرَّحْمَن بن أنس السّلمِيّ عَن عَبَّاس ابْن مرداس قَالَ كَانَ إِسْلَام عَبَّاس بن مرداس أَنه كَانَ فِي لقاح نصف النَّهَار إِذْ طلعت نعَامَة بَيْضَاء عَلَيْهَا رَاكب عَلَيْهِ ثِيَاب مثل اللَّبن قَالَ فَقَالَ لي يَا عَبَّاس ألم تَرَ أَن السَّمَاء بثت احراسها وَأَن الْجِنّ جرعت أنفاسها وَأَن الْخَيل وضعت أحلاسها وان الَّذِي نزل بِالْبرِّ وَالتَّقوى يَوْم الأثنين لَيْلَة الثُّلَاثَاء صَاحب النَّاقة القصوى قَالَت فَخرجت مَرْعُوبًا قد راعني مَا رَأَيْت وَسمعت حَتَّى جِئْت وثنا لنا يدعى الضمار كُنَّا نعبده ونكلم من جَوْفه فَدخلت عَلَيْهِ فكنست مَا حوله وَقمت ثمَّ تمسحت بِهِ وقبلته فَإِذا صائح يَصِيح من جَوْفه يَا عَبَّاس

قل للقبائل من سليم كلهَا

هلك الضمار وفاز أهل الْمَسْجِد

هلك الضمار وَكَانَ يعبد مرّة

قبل الصَّلَاة إِلَى النَّبِي مُحَمَّد

ذَاك الَّذِي جا بِالنُّبُوَّةِ وَالْهدى

بعد ابْن مَرْيَم من قُرَيْش مهتدى

قَالَ فَخرجت مَرْعُوبًا حَتَّى جِئْت قومِي فقصصت عَلَيْهِم الْقِصَّة وَأَخْبَرتهمْ الْخَبَر قَالَ فَخرجت فِي ثَلَاثمِائَة من قومِي من بني حَارِثَة إِلَى

ص: 183

رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ فَتَبَسَّمَ ثمَّ قَالَ يَا عَبَّاس كَيفَ كَانَ إسلامك فقصصت عَلَيْهِ الْقِصَّة فسر بذلك وَأسْلمت أَنا وقومي وَقَالَ أَبُو بكر الْقرشِي حَدثنَا حَاتِم بن اللَّيْث الْجَوْهَرِي حَدثنِي سليم بن عبد الْعَزِيز الزُّهْرِيّ حَدثنِي أبي عبد الْعَزِيز بن عمرَان عَن عَمه مُحَمَّد بن عد الْعَزِيز عَن ابيه عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ لما ولد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هَتَفت الْجِنّ على أبي قبيس وعَلى الْجَبَل الَّذِي بالحجون

فأقسم لَا أُنْثَى من النَّاس أنجبت

وَلَا ولدت أُنْثَى من النَّاس واحده

كَمَا ولدت زهرية ذَات مفخر

مجنبة لوم الْقَبَائِل ماجده

فقد ولدت خير الْقَبَائِل أحمدا

فَأكْرم بمولود وَأكْرم بوالده

وَقَالَ الَّذِي على أبي قبيس

يَا سَاكِني الْبَطْحَاء لَا تغلطوا

وميزوا الْأَمر بعقل مضى

إِن بني زهرَة من سركم

فِي غابر الدَّهْر وَعند الْبَدِيِّ

وَاحِدَة مِنْكُم فهاتوا لنا

فِيمَن مضى فِي النَّاس أَو من بَقِي

وَاحِدَة من غَيْركُمْ وَمثلهَا

جَنِينهَا مثل النَّبِي التقى

وروى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَن عبد الله بن عمر قَالَ مَا سَمِعت عمر يَقُول لشَيْء قطّ إِنِّي لأظنه كَذَا إِلَّا كَانَ كَمَا يظنّ بَينا عمر جَالس إِذْ مر بِهِ رجل جميل فَقَالَ لقد أَخطَأ ظَنِّي أَو أَن هَذَا على دينه فِي الْجَاهِلِيَّة أَو لقد كَانَ كاهنهم على بِالرجلِ فدعى لَهُ فَقَالَ لَهُ عمر لقد أَخطَأ ظَنِّي أَو أَنَّك على دينك فِي الْجَاهِلِيَّة أَو لقد كنت كاهنهم فَقَالَ مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ اسْتقْبل بِهِ رجل مُسلم قَالَ فَإِنِّي أعزم عَلَيْك إِلَّا مَا أَخْبَرتنِي قَالَ كنت كاهنهم فِي الْجَاهِلِيَّة قَالَ فَمَا أعجب مَا جاءتك بِهِ جنيتك قَالَ بَينا انا فِي سوق يَوْمًا جَاءَتْنِي أعرف فِيهَا الْفَزع فَقَالَت

ألم تَرَ إِلَى الْجِنّ وإبلاسها

ويأسها بعد إبلاسها

ولحوقها بالقلاص وأحلامها

قَالَ عمر صدق بَينا أَنا قَائِم عِنْد آلِهَتهم إِذْ جَاءَ رجل بعجل فذبحه فَصَرَخَ بِهِ صارخ لم اسْمَع قطّ صَارِخًا أَشد صَوتا مِنْهُ يَقُول يَا جليح أَمر

ص: 184

نجيح رجل يَصِيح يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله فَوَثَبَ الْقَوْم فَقلت لَا أَبْرَح حَتَّى أعلم مَا وَرَاء هَذَا ثمَّ نَادَى يَا جليح أَمر نجيح رجل يَصِيح يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله قلت لَا أَبْرَح حَتَّى أعلم مَا وَرَاء هَذَا ثمَّ نَادَى يَا جليح أَمر نجيح رجل يَصِيح يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله فَمَا نشبت أَن قيل هَذَا نَبِي قَالَ الْبَيْهَقِيّ ظَاهر هَذِه الرِّوَايَة يُوهم أَن عمر نَفسه سمع الصَّارِخ يصْرخ من الْعجل الَّذِي ذبح وَكَذَلِكَ هُوَ صَرِيح فِي رِوَايَة عَن عمر فِي إِسْلَامه وَسَائِر الرِّوَايَات تدل على أَن هَذَا الكاهن أخبر بذلك عَن رُؤْيَته وسماعه وَالله أعلم

وَقد روى الإِمَام أَحْمد عَن مُجَاهِد قَالَ حَدثنَا شيخ أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَنحن فِي غَزْوَة رودس يُقَال لَهُ ابْن عِيسَى قَالَ كنت اسوق لآل لنا بقرة فَسمِعت من جوفها يال ذريح يَا قَول فصيح رجل يَصِيح أَن لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ فقدمنا مَكَّة فَوَجَدنَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد خرج بِمَكَّة قَالَ عبد الله بن احْمَد حَدِيث غَرِيب بِإِسْنَاد جيد وروى الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدِهِ قصَّة مَازِن الطَّائِي وَأَنه كَانَ بِأَرْض عمان بقرية تدعى شمائل وَكَانَ يسدن الْأَصْنَام لأَهله وَكَانَ لَهُ صنم يُقَال لَهُ ناجر فَقَالَ مَازِن فعترت ذَات يَوْم عتيرة وَهِي الذَّبِيحَة فَسمِعت صَوتا من الصَّنَم يَقُول يَا مَازِن يَا مَازِن أقبل إِلَيّ أقبل إِلَيّ تسمع مَا لَا تجْهَل هَذَا نَبِي مُرْسل جَاءَ بِحَق منزل فَآمن بِهِ كي تعدل عَن حر نَار تشعل وقودها بالجندل قَالَ مَازِن فَقلت وَالله إِن هَذَا لعجب ثمَّ عترت بعد أَيَّام عتيرة أُخْرَى فَسمِعت صَوتا أَشد من الأول وَهُوَ يَقُول يَا مَازِن اسْمَع تسر ظهر خير وبطن شَرّ بعث نَبِي مُضر بدين الله الْأَكْبَر فدع نحيتا من حجر تسلم من حر سقر قَالَ مَازِن فَقلت وَالله إِن هَذَا لعجب وَأَنه لخير يُرَاد بِي وَقد مر علينا رجل من أهل الْحجاز فَقُلْنَا مَا الْخَبَر وَرَاءَك قَالَ خرج رجل من تهَامَة يَقُول لمن أَتَاهُ أجِيبُوا دَاعِي الله يُقَال لَهُ احْمَد قَالَ فَقلت هَذَا وَالله نبأ مَا سَمِعت فسرت إِلَى الصَّنَم فَكَسرته جذاذا وشددت رَاحِلَتي ورحلت حَتَّى أتيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فشرح الله صَدْرِي إِلَى الْإِسْلَام فَأسْلمت وأنشأت أَقُول

كسرت ناجر أجذاذا وَكَانَ لنا

رَبًّا نطيف بِهِ ضلا بتضلال

بالهاشمي هدَانَا من ضلالتنا

وَلم يكن دينه مني على بَال

ص: 185

. يَا رَاكِبًا بَلغنِي عمرا وَإِخْوَته

إِنِّي لمن قَالَ رَبِّي ناجر قالى

يَعْنِي بِعَمْرو وَإِخْوَته بن خطامة قَالَ مَازِن فَقلت يَا رَسُول الله إِنِّي امْرُؤ مولع بالطرب وَشرب الْخمر وبالهلوك من النِّسَاء فألحت علينا السنون فاذهبن الْأَمْوَال وأهزلهن الذَّرَارِي وَالرِّجَال وَلَيْسَ لي ولد فَادع الله أَن يذهب عني مَا أجد ويأتيني بِالْحَيَاةِ ويهب لي ولدا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْهم أَبَد لَهُ بالطرب قِرَاءَة الْقُرْآن وبالحرام الْحَلَال وبالخمر ريا لَا إِثْم فِيهِ وبالعهر عفة الْفرج وأته بالحيا وهب لَهُ ولدا قَالَ مَازِن فَأذْهب الله عني كل مَا كنت أجد وأخصب عمان وَتَزَوَّجت أَربع حرائر ووهب لي حَيَّان بن مَازِن وأنشأت أَقُول

إِلَيْك رَسُول الله حنت مطيتي

تجوب الفيافي من عمان إِلَى العرج

لتشفع لي يَا خير من وطئ الْحَصَى

فَيغْفر لي رَبِّي فأرجع بالفلج

إِلَى معشر خَالَفت فِي الله دينهم

فَلَا رَأْيهمْ رَأْيِي وَلَا سرجهم سرجي

وَكنت امْرأ بالعزف وَالْخمر مُولَعا

حَياتِي حَتَّى آذن الْجِسْم بالنهج

فبدلني بِالْخمرِ خوفًا وخشية

وبالعهر أحصانا وحصن لي فَرجي

فَأَصْبَحت همي فِي جِهَاد ونيتي

فَللَّه مَا صومي وَللَّه مَا حجي

قَالَ مَازِن فَلَمَّا رجعت إِلَى قومِي أنبوني وشتموني وَأمرُوا شَاعِرهمْ فهجاني فَقلت إِن هجوتهم فَإِنَّمَا أهجو نَفسِي فتركتهم وأنشأت أَقُول

شتمكم عندنَا مر مذاقته

وشتمنا عنْدكُمْ يَا قَومنَا حسن

لَا ينشب الدَّهْر إِن بثت معائبكم

وكلكم أبدا فِي عينا فطن

شَاعِرنَا مفحم عَنْكُم وشاعركم

فِي حربنا مبلغ فِي شَتمنَا لسن

مَا فِي الصُّدُور عَلَيْكُم من منغصة

وَفِي صدوركم الْبغضَاء والأحن

وروى أَن مازنا لما تنحى عَن قومه أَتَى موضعا فابتنى مَسْجِدا يتعبد فِيهِ فَهُوَ لَا يَأْتِيهِ مظلوم يتعبد فِيهِ ثَلَاثًا ثمَّ يَدْعُو محقا على من ظلمه يَعْنِي إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ فيكاد يعافى من البرص وَالْمَسْجِد يدعى مبرصا إِلَى الْيَوْم قَالَ مَازِن ثمَّ إِن الْقَوْم ندموا وَكنت الْقيم بأمورهم فَقَالُوا مَا عسينا ان نصْنَع بِهِ فَجَاءَنِي طَائِفَة عَظِيمَة فَقَالُوا يَا ابْن عَم عبنا عَلَيْك أمرا فنهيناك عَنهُ فَإِذا تبت فَنحْن تاركوك ارْجع مَعنا فَرَجَعت مَعَهم فأسلموا بعد كلهم

ص: 186