الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
قَالَ أَبُو بكر عبد الله بن أبي دَاوُد سُلَيْمَان السجسْتانِي حَدثنَا اسحاق بن إِبْرَاهِيم بن زيد حَدثنَا أَبُو دَاوُد حَدثنَا فرج عَن مُعَاوِيَة ابْن أبي طَلْحَة قَالَ كَانَ من دُعَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ أعمر قلبِي من وساوس ذكرك واطرد عني وساوس الشَّيْطَان حَدثنَا مُحَمَّد ابْن عبد الْملك حَدثنَا يزِيد أَنا روح بن الْمسيب حَدثنَا عَمْرو بن مَالك عَن أبي الجوزاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {الوسواس الخناس} قَالَ مثل الشَّيْطَان كَمثل ابْن عرس وَاضع فَمه على فَم الْقلب يوسوس إِلَيْهِ فَإِذا ذكر الله خنس وَإِن سكت عَاد إِلَيْهِ فَهُوَ الوسواس الخناس
حَدثنَا اسحاق بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا دَاوُد حَدثنَا فرج عَن عُرْوَة ابْن رُوَيْم أَن عِيسَى ابْن مَرْيَم دَعَا ربه أَن يرِيه مَوضِع الشَّيْطَان من ابْن آدم قَالَ فخلاله فَإِذا بِرَأْسِهِ مثل الْحَيَّة وَاضع رَأسه على ثَمَرَة الْقلب فَإِذا ذكر العَبْد الله خنس بِرَأْسِهِ وَإِذا ترك الذّكر مناه وحدثه قَالَ الله تَعَالَى {من شَرّ الوسواس الخناس الَّذِي يوسوس فِي صُدُور النَّاس}
وَحكى أَبُو الْقَاسِم السُّهيْلي عَن مَيْمُون بن مهْرَان عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَن رجلا سَأَلَ ربه أَن يرِيه مَوضِع الشَّيْطَان مِنْهُ فَأرى جسدا ممهى يرى دَاخله من خَارجه والشيطان فِي صُورَة ضفدع عِنْد نغض كتفه حذاء قلبه لَهُ خرطوم كخرطوم الْبَعُوضَة وَقد أدخلهُ إِلَى قلبه يوسوس فَإِذا ذكر الله العَبْد خنس قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ قَوْله ممهى قلب مموه مجعول مَاء فِي ر قته وشفيفه وَقيل مصفى أشبه المها وَهُوَ البلور قَالَ السُّهيْلي وضع خَاتم النَّبِي صلى الله عليه وسلم عِنْد نغض كتفه لِأَنَّهُ مَعْصُوم من وَسْوَسَة الشَّيْطَان وَذَلِكَ الْموضع مِنْهُ يوسوس الشَّيْطَان لِابْنِ آدم
وَقَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحَارِث الْمقري حَدثنَا سيار ابْن حَاتِم حَدثنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان حَدثنَا عَمْرو بن مَالك الْبكْرِيّ سَمِعت أَبَا الجوزاء يَقُول وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ أَن الشَّيْطَان لَازم بِالْقَلْبِ مَا يَسْتَطِيع صَاحبه يذكر الله تَعَالَى أما ترونهم فِي مجَالِسهمْ وأسواقهم يأتى على أحدهم
عَامَّة يَوْمه لَا يذكر الله تَعَالَى إِلَّا حَالفا مَاله من الْقلب طرد إِلَّا قَوْله لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ قَرَأَ {وَإِذا ذكرت رَبك فِي الْقُرْآن وَحده ولوا على أدبارهم} قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ كَانَت الصَّحَابَة رضي الله عنهم تَقول إِن الشَّيَاطِين ليجتمعون على الْقلب كَمَا يجْتَمع الذُّبَاب فَإِن لم يذب وَقع الْفساد
قَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا وحَدثني الْحُسَيْن بن السكن حَدثنَا مُعلى بن أَسد حَدثنَا عدي بن أبي عمَارَة حَدثنَا زِيَاد النميري عَن أنس بن مَالك عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الشَّيْطَان وَاضع خطمه على قلب ابْن آدم فَإِن ذكر الله خنس وَإِن نسي الله الْتَقم قلبه حَدثنَا أَبُو بكر بن مَنْصُور حَدثنَا ابْن عفير حَدثنِي ابْن لَهِيعَة عَن أبي قبيل أَنه سمع حَيْوَة بن شرَاحِيل من بني سريع يَقُول سَمِعت عبد الله بن عَمْرو يَقُول إِن إِبْلِيس موثوق فَإِذا تحرّك فَكل شَرّ يكون بَين اثْنَيْنِ فَصَاعِدا على وَجه الأَرْض فَمن تحريكه وَرَوَاهُ أَحْمد بن عبد الله الْحَافِظ عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الله حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد عَن ابْن لَهِيعَة قَالَ موثق بِالْأَرْضِ السُّفْلى وَقَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا حَدثنَا أَبُو سَلمَة المَخْزُومِي حَدثنَا ابْن أبي فديك عَن الضَّحَّاك ابْن عُثْمَان عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رضي الله عنها عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الشَّيْطَان يَأْتِي أحدكُم فَيَقُول من خلقك فَيَقُول الله تبارك وتعالى فَيَقُول من خلق الله فَإِذا وجد أحدكُم ذَلِك فَلْيقل آمَنت بِاللَّه وَرَسُوله فَإِن ذَلِك يذهب عَنهُ
وَقَالَ أَبُو بكر عبد الله بن أبي الدُّنْيَا السجسْتانِي حَدثنَا سهل بن مُحَمَّد ابو حَاتِم السجسْتانِي حَدثنَا الْأَصْمَعِي حَدثنِي جرير بن عبد الله عَن أَبِيه قَالَ كنت أجد من الوسواس شَيْئا فَسَأَلت الْعَلَاء بن زِيَاد فَقَالَ يَا ابْن أخي إِنَّمَا مثل ذَلِك مثل اللُّصُوص يَمرونَ بِالْبَيْتِ فَإِن كَانَ فِيهِ خير نالوه وَإِن لم يكن فِيهِ خير طَوَوْا عَنهُ حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن خَلاد حَدثنَا يزِيد ابْن هَارُون أَنبأَنَا مُحَمَّد بن الْفضل عَن أَبِيه عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تعوذوا بِاللَّه من وَسْوَسَة الْوضُوء
وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي بن كَعْب أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن للْوُضُوء شَيْطَانا يُقَال لَهُ الولهان فَاتَّقُوا وسواس المَاء وروى ابْن أبي الدُّنْيَا بِسَنَدِهِ إِلَى الْحسن قَالَ شَيْطَان الْوضُوء يدعى الولهان يضْحك بِالنَّاسِ فِي الْوضُوء وَكَانَ طَاوُوس يَقُول هُوَ أَشد الشَّيَاطِين
وروى ابو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث عبد الله بن مُغفل عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يبولن أحدكُم فِي مستحمه فَإِن عَامَّة الوسواس مِنْهُ وَقَالَ ابْن أبي دَاوُد حَدثنَا أَحْمد بن يحيى بن مَالك حَدثنَا عبد الْوَهَّاب عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن سعيد بن ابي الْحسن قَالَ كُنَّا نُحدث ان الوسواس يعتري مِنْهُ أَو قَالَ يهيج مِنْهُ قَالَ سعيد وَلَا أرى بَأْسا أَن يَبُول عَن متعبة وروى مُسلم من حَدِيث عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِن الشَّيْطَان قد حَال بيني وَبَين صَلَاتي وَبَين قراءتي فلبسها على فَقَالَ صلى الله عليه وسلم ذَاك الشَّيْطَان يُقَال لَهُ خنزب فَإِذا احسست بِهِ فتعوذ بِاللَّه مِنْهُ وأتفل عَن يسارك ثَلَاثًا قَالَ فَفعلت ذَلِك فأذهبه الله عني وروى مُسلم من حَدِيث قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن إِبْلِيس قد يئس أَن يعبده المصلون وَلَكِن فِي التحريش بَينهم وَفِي لفظ قد يئس أَن يعبده المصلون فِي جَزِيرَة الْعَرَب وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده من طَرِيق مَاعِز التَّمِيمِي وَأبي الزبير عَن جَابر وَقَالَ احْمَد حَدثنَا وَكِيع حَدثنَا الْأَعْمَش عَن خَيْثَمَة عَن الْحَارِث بن قيس قَالَ إِذا أَتَاك الشَّيْطَان وَأَنت تصلي فَقَالَ أَنْت ترائي فزدها طولا وَقَالَ سعيد بن دَاوُد حَدثنَا مخلد بن الْحُسَيْن قَالَ مَا ندب الله تَعَالَى الْعباد إِلَى شَيْء إِلَّا اعْترض إِبْلِيس بأمرين مَا يُبَالِي بِأَيِّهِمَا ظفر إِمَّا غلو فِيهِ وَإِمَّا تَقْصِير عَنهُ وَقَالَ ابْن أبي دَاوُد حَدثنَا عمر بن شبة حَدثنِي هَارُون بن عبد الله حَدثنِي ابْن أبي حَازِم عَن أَبِيه قَالَ أَتَاهُ رجل فَقَالَ يَا أَبَا حَازِم إِن الشَّيْطَان يأتيني فيوسوس إِلَى وأشده عِنْدِي أَنه يأتيني فَيَقُول إِنَّك طلقت امْرَأَتك فَقَالَ لَهُ أَبُو حَازِم أَو لم تأتني فَتُطَلِّقهَا عِنْدِي قَالَ وَالله مَا طَلقتهَا عنْدك قطّ قَالَ فاحلف للشَّيْطَان كَمَا حَلَفت لي وَالله تَعَالَى أعلم
الْبَاب الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ فِي إِخْبَار الوسواس بِمَا وَقع فِي قلب ابْن آدم
قَالَ ابْن أبي دَاوُد حَدثنَا هَارُون بن سُلَيْمَان حَدثنَا أَبُو عَامر حَدثنَا كثير بن زيد عَن الْمطلب بن عبد الله بن حنظب أَن عمر بن الْخطاب ذكر امْرَأَة فِي نَفسه وَلم يبح بهَا لأحد فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ ذكرت فُلَانَة إِنَّهَا لحسنة شريفة فِي بَيت صدق قَالَ من حَدثَك بِهَذَا قَالَ النَّاس يتحدثون بِهِ قَالَ فوَاللَّه مَا بحت بِهِ لأحد فَمن أَيْن ثمَّ قَالَ بلَى قد عرفت خرج بِهِ الخناس حَدثنَا يُونُس بن حبيب حَدثنَا أَبُو دَاوُد حَدثنَا المستمر ابْن الريان عَن ابي الجوزاء قَالَ طلقت امْرَأَتي يَوْم الْجُمُعَة وَحدثت نَفسِي أَن اراجعها يَوْم الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَلم أخبر بذلك أحدا فَقَالَت امْرَأَتي أَنْت تُرِيدُ أَن تراجعني فَقلت إِن هَذَا لشَيْء مَا حدثت بِهِ أحدا حَتَّى ذكرت قَول ابْن عَبَّاس إِن وسواس الرجل يخبر وسواس الرجل فَمن ثمَّ يفشو الحَدِيث حَدثنِي أبي بِإِسْنَاد ذكره أَن الْحجَّاج بن يُوسُف أَتَى بِرَجُل رمي بِالسحرِ فَقَالَ أساحر أَنْت قَالَ لَا فَأخذ الْحجَّاج كفا من حصا فعده ثمَّ قَالَ لَهُ فِي يَدي كم من الْحَصَا قَالَ كَذَا وَكَذَا فَطرح الْحجَّاج الْحَصَا ثمَّ أَخذ كفا آخر وَلم يعده ثمَّ قَالَ كم فِي يَدي قَالَ لَا أَدْرِي قَالَ الْحجَّاج كَيفَ دَريت الأول وَلم تدر الثَّانِي قَالَ إِن ذَلِك عَرفته أَنْت فَعرفهُ وسواسك فَأخْبر وسواسك وسواسي وَهَذَا لم تعرفه فَلم يعرفهُ وسواسك فَلم يخبر وسواسي فَلم أعرفهُ
حَدثنَا مُحَمَّد بن مصطفى حَدثنَا عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن حَدثنَا ثَابت ابْن رمادة اللَّخْمِيّ عَن جده عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أَنه أَمر كَاتبه أَن يكْتب كتابا فِي السِّرّ فَبَيْنَمَا هُوَ يكْتب إِذْ وَقع ذُبَاب على حرف من الْكتاب فَضَربهُ الْكَاتِب بالقلم فَانْقَطع بعض قوائمه فَخرج الْكَاتِب فَاسْتَقْبلهُ النَّاس على بَاب الْقصر فَقَالُوا كتب أَمِير الْمُؤمنِينَ بِكَذَا وَكَذَا قَالَ وَمَا علمكُم قَالُوا حبشِي أقطع خرج علينا فَأخْبرنَا فَرجع الْكَاتِب إِلَى مُعَاوِيَة فَقَالَ
يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الَّذِي أَمرتنِي ان أكتبه سرا استقبلني بِهِ النَّاس قَالَ وَمَا علمهمْ قَالَ ذكرُوا لي حَبَشِيًّا أقطع خرج عَلَيْهِم فَأخْبرهُم قَالَ هُوَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ الشَّيْطَان هُوَ الذُّبَاب الَّذِي ضربت بالقلم
الْبَاب التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ فِيمَا يَدْعُو الشَّيْطَان اليه ابْن آدم وينحصر فِي سِتّ مَرَاتِب
قَالَ أَحْمد حَدثنَا هَاشم بن الْقَاسِم حَدثنَا أَبُو عقيل عبد الله السقفي حَدثنَا مُوسَى بن الْمسيب عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن سُبْرَة بن أبي فَاكِهَة قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الشَّيْطَان قعد لِابْنِ آدم بأَطْرُقِهِ فَقعدَ لَهُ بطرِيق الْإِسْلَام فَقَالَ أتسلم وَتَذَر ذريتك وَدين آبَائِك قَالَ فَعَصَاهُ وَأسلم قَالَ وَقعد لَهُ بطرِيق الْهِجْرَة فَقَالَ أتهاجر وَتَذَر أَرْضك وَسماك وَإِنَّمَا مثل المُهَاجر كالفرس فِي الطول فَهَاجَرَ وَعَصَاهُ ثمَّ قعد لَهُ بطرِيق الْجِهَاد وَهُوَ جهد النَّفس وَالْمَال فَقَالَ تقَاتل فَتقْتل فَتنْكح الْمَرْأَة وَيقسم المَال قَالَ فَعَصَاهُ فَجَاهد قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لمن فعل ذَلِك مِنْكُم كَانَ حَقًا على الله أَن يدْخلهُ الْجنَّة وَإِن قتل كَانَ حَقًا على الله أَن يدْخلهُ الْجنَّة وَإِن غرق كَانَ حَقًا على الله ان يدْخلهُ الْجنَّة وَإِن رقصته دَابَّته كَانَ حَقًا على الله أَن يدْخلهُ الْجنَّة وَأما الْمَرَاتِب السِّت
فَالْأولى مرتبَة الْكفْر والشرك ومعادات الله تَعَالَى وَرَسُوله فَإِذا ظفر بذلك من ابْن آدم برد أنينه واستراح من تَعبه مَعَه هَذَا أول مَا يُريدهُ من العَبْد
الْمرتبَة الثَّانِيَة مرتبَة الْبِدْعَة وَهِي أحب اليه من الفسوق والمعاصي لِأَن ضررها فِي الدّين قَالَ سُفْيَان النوري الْبِدْعَة أحب إِلَى إِبْلِيس من الْمعْصِيَة لِأَن الْمعْصِيَة يُتَاب مِنْهَا والبدعة لَا يُتَاب مِنْهَا فَإِذا عجز عَن ذَلِك انْتقل إِلَى
الْمرتبَة الثالثه وَهِي الْكَبَائِر على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا فَإِذا عجز عَن ذَلِك
الْمرتبَة الرَّابِعَة وَهِي الصَّغَائِر الَّتِي إِذا اجْتمعت رُبمَا أهلكت صَاحبهَا كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم إيَّاكُمْ ومحقرات الذُّنُوب فَإِن مثل ذَلِك مثل قوم نزلُوا بفلاة من الارض فجَاء كل وَاحِد بِعُود حطب حَتَّى أوقدوا نَارا عَظِيمَة فطبخوا واشتووا فَإِذا عجز عَن ذَلِك انْتقل إِلَى
الْمرتبَة الْخَامِسَة وَهِي اشْتِغَاله بالمباحات الَّتِي لَا ثَوَاب فِيهَا وَلَا عِقَاب بل عقابها فَوَات الثَّوَاب الَّذِي فَاتَ عَلَيْهِ باشتغاله بهَا فَإِن عجز عَن ذَلِك نَقله إِلَى
الْمرتبَة السَّادِسَة وَهُوَ أَن يشْغلهُ بِالْعَمَلِ الْمَفْضُول عَمَّا هُوَ أفضل مِنْهُ ليستريح عَلَيْهِ الفضلة ويفوته ثَوَاب الْعَمَل الْفَاضِل فنعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان وَحزبه
الْبَاب الموفي تسعين فِي بَيَان أَي أَعمال الشَّرّ أحب إِلَى إِبْلِيس
قَالَ أَبُو بكر بن عبيد حَدثنَا احْمَد بن جميل الْمروزِي حَدثنَا عبد الله بن الْمُبَارك أَنبأَنَا سُفْيَان عَن عَطاء بن السَّائِب عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ إِذا أصبح إِبْلِيس بَث جُنُوده فَيَقُول من أضلّ مُسلما ألبسته التَّاج قَالَ فَيَقُول لَهُ الْقَائِل لم أزل بفلان حَتَّى طلق امْرَأَته قَالَ يُوشك أَن يتَزَوَّج وَيَقُول الآخر لم أزل بفلان حَتَّى عق قَالَ يُوشك أَن يبر قَالَ فَيَقُول الْقَائِل لم أزل بفلان حَتَّى شرب قَالَ أَنْت قَالَ وَيَقُول الآخر لم أزل بفلان حَتَّى زنى فَيَقُول انت وَيَقُول الآخر لم يزل بفلان حَتَّى قتل فَيَقُول انت أَنْت
وَقد روى مُسلم فِي صَحِيحه من حَدِيث جَابر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن عرش إِبْلِيس على الْبَحْر فيبعث سراياه فيفتنون بَين النَّاس فأعظم فتْنَة يَجِيء أحدهم فَيَقُول فعلت كَذَا وَكَذَا فَيَقُول مَا صنعت شَيْئا ثمَّ يَجِيء أحدهم فَيَقُول فعلت كَذَا وَكَذَا فَيَقُول مَا تركته حَتَّى فرقت بَينه وَبَين امْرَأَته فيدنيه مِنْهُ وَيَقُول نعم أَنْت وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده بِنَحْوِهِ قَوْلهم نعم أَنْت يروي بِفَتْح النُّون بِمَعْنى نعم أَنْت ذَاك الَّذِي
تسْتَحقّ الأكرام وبكسرها أَي نعم مِنْك وَقد اسْتدلَّ بِهِ بعض النُّحَاة على جَوَاز كَون فَاعل فعل نعم مضمرا وَهُوَ قَلِيل
وَاخْتَارَ شَيخنَا أَبُو الْحجَّاج الْحَافِظ الْمزي الأول وَرجحه وَوَجهه بِمَا ذكرنَا وَقَالَ الطرطوشي فِي كتاب تَحْرِيم الْفَوَاحِش حَدثنَا يزِيد ابْن عبد الله الْأَصْبَهَانِيّ حَدثنَا سَلمَة بن شبيب حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن وَاقد حَدثنَا شُجَاع بن أبي نصر عَن رجل من عليلة أهل الشَّام قَالَ قَالَ سُلَيْمَان ابْن دَاوُد لعفريت من الْجِنّ وَيلك أَيْن إِبْلِيس قَالَ يَا نَبِي الله هَل أمرت فِيهِ بشي قَالَ لَا أَيْن هُوَ قَالَ انْطلق يَا نَبِي الله حَتَّى أريكه فسعى العفريت بَين يَدَيْهِ وَمَعَهُ سُلَيْمَان حَتَّى هجم بِهِ على الْبَحْر فَإِذا إِبْلِيس على بِسَاط على المَاء فَلَمَّا رأى سُلَيْمَان عليه السلام ذعر مِنْهُ وَفرق فَقَامَ فَتَلقاهُ فَقَالَ يَا نَبِي الله هَل أمرت فِي بِشَيْء قَالَ لَا وَلَكِن جِئْت لأسألك عَن أحب الْأَشْيَاء إِلَيْك وأبغضها إِلَى الله عز وجل فَقَالَ أما وَالله لَوْلَا ممشاك إِلَى مَا أَخْبَرتك بِهِ لَيْسَ شَيْء أبْغض إِلَى الله تَعَالَى من أَن يَأْتِي الرجل الرجل وَالْمَرْأَة الْمَرْأَة وَالله تَعَالَى أعلم
الْبَاب الْحَادِي وَالسِّتُّونَ فِي بَيَان مَا يَسْتَعِين بِهِ الشَّيْطَان من فتْنَة ابْن آدم
قَالَ أَبُو بكر بن عبيد حَدثنَا سُوَيْد بن سعيد حَدثنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه قَالَ حَدثنَا قَتَادَة عَن أبي الأخوص عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْمَرْأَة عَورَة وَإِنَّهَا إِذا خرجت استشرفها الشَّيْطَان فَلَا يكون أبدا أقرب إِلَى الله تَعَالَى مِنْهَا إِذا كَانَت فِي قَعْر بَيتهَا وَرَوَاهُ عَن الْحُسَيْن بن بَحر إلاهوازي حَدثنَا عَمْرو بن عَاصِم حَدثنَا همام حَدثنَا قَتَادَة عَن مُورق الْعجلِيّ عَن أبي الأخوص عَن عبد الله بن مَسْعُود نَحوه
حَدثنَا مُحَمَّد بن إِدْرِيس حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس حَدثنَا حُسَيْن بن صَالح قَالَ سَمِعت أَن الشَّيْطَان قَالَ للْمَرْأَة أَنْت نصف جندي وَأَنت سهمي الَّذِي أرمي بِهِ فَلَا أخطى وَأَنت مَوضِع سري وَأَنت رَسُولي فِي حَاجَتي حَدثنَا عبيد الله بن جرير العتكى حَدثنَا هزيم بن عُثْمَان حَدثنَا سَلام
ابْن مِسْكين عَن مَالك بن دِينَار قَالَ حب الدُّنْيَا رَأس الْخَطِيئَة وَالنِّسَاء حبالة الشَّيْطَان
حَدَّثَنى عَبَّاس بن جَعْفَر حَدَّثَنى منتجع بن مُصعب حَدَّثَنى عبيد ابْن جريج عَن عَمْرو سَمِعت مَالك بن دِينَار يَقُول لَيْسَ شئ أوثق فى نفس إِبْلِيس من الدُّنْيَا حَدَّثَنى أَبُو حَفْص الصفار حَدثنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان حَدثنَا شُعْبَة عَن على بن زيد عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ مَا بعث الله تَعَالَى نَبيا إِلَّا لم ييأس إِبْلِيس أَن يهلكه بِالنسَاء وَقَالَ أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَبى بكر فى كتاب القلائد حَدثنَا ابْن بكير حَدثنَا أَبُو زيد حَدثنَا سهل ابْن يُوسُف عَن أبان بن صمعة عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن الشَّيْطَان من الرجل فى ثَلَاثَة منَازِل فى عَيْنَيْهِ وفى قلبه وفى ذكره وَهُوَ من الْمَرْأَة فى ثَلَاثَة منَازِل فى عينيها وَفِي قَلبهَا وفى عجزها وَقَالَ عبد الله بن مُحَمَّد القرشى حَدثنَا الْحسن بن بَحر العبدى حَدثنَا عبد الرزاق حَدثنَا معمر عَن قَتَادَة قَالَ لما هَبَط إِبْلِيس قَالَ يَا رب قد لعنته فَمَا عمله قَالَ السحر قَالَ فَمَا قِرَاءَته قَالَ الشّعْر قَالَ فَمَا كِتَابَته قَالَ الوشم قَالَ فَمَا طَعَامه قَالَ كل ميتَة وَمَا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ قَالَ فَمَا شرابه قَالَ كل مُسكر قَالَ فَأَيْنَ مَسْكَنه قَالَ الْحمام قَالَ فَأَيْنَ مَجْلِسه قَالَ الْأَسْوَاق قَالَ فَمَا مؤذنه قَالَ المزمار قَالَ فَمَا مصائده قَالَ النِّسَاء حَدثنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن صبيح المروزى حَدثنَا الْحسن بن بشر بن سلم حَدثنَا الحكم بن عبد الملك عَن قَتَادَة عَن الْحسن عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن للشَّيْطَان كحلا ولعوقا فَإِذا كحل الْإِنْسَان من كحله ثقلت عَيناهُ وَإِذا ألعقه من لعوقه درب لِسَانه بِالشَّرِّ حَدَّثَنى أَبى أَنبأَنَا أَحْمد بن إِسْحَاق الحضرمى أَنبأَنَا عبد الواحد بن زِيَاد حَدثنَا عَاصِم الْأَحول عَن الْحسن قَالَ إِن للشَّيْطَان ملعقة ومكحلة فملعقته الْكَذِب ومكحلته النّوم عَن الذّكر حَدَّثَنى أَحْمد ابْن الْحَارِث عَن شيخ من قُرَيْش قَالَ قَالَ خَالِد بن صَفْوَان إِن الشَّيْطَان باحتياله وَنصب أحباله يخْتل بِالشُّبْهَةِ ويكابر بالشهوة فَإِذا أعيا مختالا كرّ مكابرا حَدثنَا عبد الله بن رومى حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الكريم حَدَّثَنى
عبد الصَّمد بن معقل قَالَ سَمِعت وهب بن مُنَبّه قَالَ كَانَ عَابِد من السياحين فأراده الشَّيْطَان فَلم يسْتَطع مِنْهُ شَيْئا فَقَالَ لَهُ الشَّيْطَان أَلا تَسْأَلنِي عَمَّا أضلّ بِهِ بني آدم قَالَ بلَى قَالَ فَأَخْبرنِي مَا أوثق شَيْء فِي نَفسك أَن تضلهم قَالَ الشُّح والحدة وَالسكر فَإِن الرجل إِذا كَانَ شحيحا قللنا مَاله فِي عَيْنَيْهِ ورغبناه فِي أَمْوَال النَّاس وَإِذا كَانَ حديدا أدرناه بَيْننَا كَمَا يتداور الصببان الأكرة فَلَو كَانَ يحيى الْمَوْتَى بدعوته لم نيئس مِنْهُ وَإِذا هُوَ سكر اقتدناه إِلَى كل شَهْوَة كَمَا تقاد العنز بأذنها وَقَالَ أَحْمد حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَطاء بن السَّائِب عَن عَمْرو ابْن مَيْمُون عَن ابْن مَسْعُود قَالَ إِن الشَّيْطَان أطاف بِأَهْل مجْلِس ذكر ليفتنهم فَلم يسْتَطع أَن يفرق بَينهم فَأتى حَلقَة يذكرُونَ الدُّنْيَا فأغرى بَينهم حَتَّى اقْتَتَلُوا فَقَامَ أهل الذّكر فحجزوا بَينهم فَتَفَرَّقُوا
قَالَ الْقرشِي حَدثنَا سعد بن سُلَيْمَان الوَاسِطِيّ عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ لما بعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم جعل إِبْلِيس يُرْسل شياطينه إِلَى أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فيجيئوا بصحفهم لَيْسَ فِيهَا شَيْء فَقَالَ مَا لكم لَا تصيبون مِنْهُم شَيْئا فَقَالُوا مَا صَحِبنَا قوما قطّ مثل هَؤُلَاءِ قَالَ رويدا بهم عَسى أَن تفتح لَهُم الدُّنْيَا هُنَاكَ تصيبون حَاجَتكُمْ مِنْهُم وَحدثنَا يَعْقُوب بن اسماعيل أَنا حسان أَنا عبد الله يَعْنِي ابْن الْمُبَارك قَالَ أَنا عبيد الله بن موهب قَالَ سَأَلَ بعض الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام إِبْلِيس وأبداله بِأَيّ شَيْء تغلب ابْن آدم قَالَ آخذه عِنْد الْغَضَب وَعند الْهوى حَدثنَا اسحاق بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة حَدثنَا الْأَعْمَش عَن خَيْثَمَة قَالَ كَانُوا يَقُولُونَ إِن الشَّيْطَان يَقُول وَكَيف يغلبني ابْن آدم إِذا رضى جِئْت حَتَّى أكون فِي قلبه وَإِذا غضب طرت حَتَّى أكون فِي رَأسه
تَعْلِيق وَبَيَان
قلت يشْهد لصِحَّة ذَلِك مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن رجلا قَالَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم أوصني قَالَ لَا تغْضب فردد مرَارًا قَالَ لَا تغْضب وَفِي الصَّحِيح أَن رجلَيْنِ اسْتَبَّا عِنْد النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى احمر وَجه أَحدهمَا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم إِنِّي لأعْلم كلمة لَو قَالَهَا لذهب عَنهُ مَا يجد أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَفِي السّنَن قَالَ إِن الْغَضَب من الشَّيْطَان وَإِن الشَّيْطَان من النَّار وَإِنَّمَا تطفأ النَّار بِالْمَاءِ فَإِن غضب أحدكُم فَليَتَوَضَّأ ذكر الْمحَامِلِي فِي الْبَاب اسْتِحْبَاب الْوضُوء عِنْد الْغَضَب قَالَ بعض الشَّافِعِيَّة لَا نعلم أحدا قَالَ بِهِ غَيره وَقد قَالَ تَعَالَى {خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين وَإِمَّا يَنْزغَنك من الشَّيْطَان نَزغ فاستعذ بِاللَّه إِنَّه سميع عليم} فالشيطان يحمل الغضبان على أَن يَقُول مَا هُوَ كَارِه لقَوْله وَغير محب لقَوْله لَكِن يَقُوله ليستريح بذلك ويبرد غَضَبه فَيدْفَع عَنهُ حرارة الْغَضَب كَمَا يقْصد المكرة أَن يستريح من ألم الْإِكْرَاه وضرره بِفعل مَا أكره عَلَيْهِ وَالله الْمُوفق
الْبَاب الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ فِي أَن الشَّيْطَان مَعَ من يُخَالف الْجَمَاعَة
روى الإِمَام أَحْمد من حَدِيث ابْن عمر أَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنهما خطب النَّاس بالجابية فَقَالَ قَامَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ من أَرَادَ مِنْكُم بحبوحة الْجنَّة فليلزم الْجَمَاعَة فَإِن الشَّيْطَان مَعَ الْوَاحِد وَهُوَ من الِاثْنَيْنِ أبعد ثمَّ رَوَاهُ الإِمَام احْمَد من حَدِيث جَابر بن سَمُرَة قَالَ خطب عمر رضي الله عنه النَّاس بالجابية فَذكر نَحوه وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح
وَقَالَ ابْن صاعد حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعد الْجَوْهَرِي حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن يزِيد بن مردانية عَن يزِيد بن علاقَة عَن عرْفجَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول يَد الله على الْجَمَاعَة والشيطان مَعَ من يُخَالف الْجَمَاعَة
فَقَالَ لَهُ العابد من غير أَن ينقص من هَذَا شَيْئا وَمن غير أَن يزِيد فِي هَذَا شَيْئا كالمتعجب فَوقف العابد فَقَالَ لَهُ إِبْلِيس امضه ثمَّ الْتفت إِلَى اصحابه فَقَالَ اما هَذَا فقد أهلكته جعلته شاكا فِي الله تَعَالَى ثمَّ جلس على طَرِيق الْعَالم فَإِذا هُوَ مقبل حَتَّى إِذا دنا من إِبْلِيس قَامَ إِلَيْهِ إِبْلِيس فَقَالَ يَا هَذَا إِنَّه قد حاك فِي صَدْرِي شَيْء أَحْبَبْت أَن أَسأَلك عَنهُ فَقَالَ لَهُ الْعَالم سل فَإِن يكن عِنْدِي علم أَخْبَرتك فَقَالَ لَهُ إِبْلِيس هَل يَسْتَطِيع الله عز وجل أَن يَجْعَل السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال وَالشَّجر وَالْمَاء فِي بَيْضَة من غير أَن يزِيد فِي الْبَيْضَة شَيْئا وَمن غير أَن ينقص من هَذَا شَيْئا فَقَالَ لَهُ الْعَالم نعم قَالَ فَرد عَلَيْهِ إِبْلِيس كالمنكر من غير أَن يزِيد فِي هَذَا شَيْئا وَمن غير أَن ينقص من هَذَا شَيْئا فَقَالَ لَهُ الْعَالم نعم بانتهار وَقَالَ {إِنَّمَا أمره إِذا أَرَادَ شَيْئا أَن يَقُول لَهُ كن فَيكون} فَقَالَ إِبْلِيس لأَصْحَابه من قبل هَذَا أتيتم نسْأَل الله الْعِصْمَة
الْبَاب الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ فِي بكاء الشَّيْطَان على الْمُؤمن لفَوَات فتنته عِنْد الْمَوْت
قَالَ الْقرشِي حَدثنَا الْقَاسِم بن هَاشم حَدثنَا ابو الْيَمَان حَدثنَا صَفْوَان عَن بعض الأشياح قَالَ الشَّيْطَان أَشد بكاء على الْمُؤمن إِذا مَاتَ من بعض أَهله لما فَاتَهُ من افتانه إِيَّاه فِي الدُّنْيَا وَقَالَ صَالح بن أَحْمد بن حَنْبَل رَأَيْت أبي عِنْد الْمَوْت يلهج بقوله لَا بعد لَا بعد فَقلت يَا أَبَت رَأَيْتُك تَقول لَا بعد لَا بعد فَمَا هَذَا قَالَ الشَّيْطَان وَاقِف عِنْد رَأْسِي يَقُول فتنى يَا أَحْمد وَأَنا أَقُول لَا بعد لَا بعد وروى أَبُو دَاوُد عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَمَا يَقُول فِي دُعَائِهِ وَأَعُوذ بك أَن يتخبطني الشَّيْطَان عِنْد الْمَوْت نسْأَل الله التثبيت بمنه وَكَرمه
الْبَاب الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ فِي تعجب الْمَلَائِكَة عِنْد خُرُوج روح الْمُؤمن ونجاته من الشَّيْطَان
قَالَ عبد الله بن احْمَد بن حَنْبَل حَدثنِي شُرَيْح بن النُّعْمَان حَدثنِي عَنْبَسَة بن عبد الْوَاحِد عَن مَالك بن مغول عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع قَالَ إِذا عرج بِروح الْمُؤمن إِلَى السَّمَاء قَالَت الْمَلَائِكَة سُبْحَانَ الَّذِي نجى هَذَا العَبْد من الشَّيْطَان يَا ويحه كَيفَ نجا قَالَ أَبُو الْفرج بن الْجَوْزِيّ ولكثرة فتن الشَّيْطَان وتشبثها بالقلوب عزت السَّلامَة فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى مَا يحث عَلَيْهِ الطَّبْع فَهُوَ كمداد لسفينة منحدرة فيا سرعَة انحدارها وَلما ركب الْهوى فِي هاروت وماروت لم يستمسكا فَإِذا رَأَتْ الْمَلَائِكَة مُؤمنا قد مَاتَ على الْإِيمَان تعجبت من سَلَامَته وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
الْبَاب السَّادِس وَالتِّسْعُونَ فِي أَفعَال لم يسْبق إِبْلِيس إِلَيْهَا
روى ابْن أبي شيبَة وَأَبُو عرُوبَة فِي أوائلهما قَالَ ابْن سِيرِين أول من قَاس إِبْلِيس وَإِنَّمَا عبدت الشَّمْس وَالْقَمَر بالمقاييس وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ قَاس إِبْلِيس وَهُوَ أول من قَاس رَوَاهُمَا ابْن جرير وَمعنى هَذَا أَنه نظر نَفسه بطرِيق المقايسة بَينه وَبَين آدم فراى نَفسه أشرف من أَدَم فَامْتنعَ من السُّجُود مَعَ وجود الْأَمر لَهُ ولسائر الْمَلَائِكَة وَالْقِيَاس إِذا كَانَ مُقَابلا للنَّص كَانَ فَاسد الِاعْتِبَار ثمَّ هُوَ فَاسد فِي نَفسه لما قدمْنَاهُ فِي الْبَاب السَّادِس والثمانين من خَمْسَة عشر وَجها وروى ابْن أبي شيبَة بِسَنَدِهِ قَالَ مَيْمُون بن مهْرَان سَأَلت ابْن عمر من أول من سمي الْعشَاء الْعَتَمَة قَالَ الشَّيْطَان وَذكر الْبَغَوِيّ أَنه أول من ناح وروى جَابر مَرْفُوعا أَنه أول من تغنى وَالله أعلم
الْبَاب السَّابِع وَالتِّسْعُونَ فِي رنات إِبْلِيس لَعنه الله
ذكر بَقِي بن مخلد فِي تَفْسِيره أَن إِبْلِيس رن أَربع رنات رنة حِين لعن وَرَنَّة حِين أهبط وَرَنَّة حِين بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَرَنَّة حِين أنزلت فَاتِحَة الْكتاب قَالَ والرنين والنخار من عمل الشَّيْطَان وَقَالَ ابْن دُرَيْد رن وأرن من الرنين وَهُوَ شَبيه بالحنين قَالَ الشَّاعِر
…
أرن على حقب حِيَال طروقة
…
كذود الْأَجِير الاربع الأشرات
…
وَقَالُوا فِي بَيت رَوَوْهُ
…
نبهت مَيْمُون لَهَا فَأَنا
…
وَقَامَ يشكو عصبا قَدرنَا
…
وَقَالَ الْأَصْمَعِي إِنَّمَا هُوَ زن أَي تقبض ويبس وَقَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب مكايد الشَّيْطَان حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن رَاشد حَدثنَا دَاوُد بن مهْرَان حَدثنَا يَعْقُوب القمي عَن جَعْفَر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ لما لعن الله تَعَالَى إِبْلِيس تَغَيَّرت صورته عَن صُورَة الْمَلَائِكَة فَخرج فرن رنة كل رنة إِلَى يَوْم
الْقِيَامَة مِنْهَا قَالَ سعيد وَلما رأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَائِما يُصَلِّي بِمَكَّة رن رنة أُخْرَى قَالَ سعيد وَلما افْتتح النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَكَّة رن رنة أُخْرَى اجْتمعت إِلَيْهِ ذُريَّته فَقَالَ إيأسوا أَن تردوا أمة مُحَمَّد إِلَى الشّرك وَلَكِن افتنوهم فِي دينهم وأفشوا بَينهم النوح وَالشعر وَقَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا حَدثنَا عَليّ بن أبي الْجَعْد حَدثنَا ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار سَمِعت شَيخنَا يَقُول سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول لما خلق الله تَعَالَى إِبْلِيس نخر لَعنه الله تَعَالَى
الْبَاب الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ فِي أَن عرش إِبْلِيس على الْبَحْر
روى مُسلم من حَدِيث جَابر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن عرش إِبْلِيس على الْبَحْر فيبعث سراياه فيفتنون النَّاس فأعظمهم عِنْده منزلَة أعظمهم فتْنَة يجِئ أحدهم فَيَقُول فعلت كَذَا وَكَذَا فَيَقُول مَا صنعت شَيْئا ثمَّ يَجِيء أَحدهمَا فَيَقُول مَا تركته حَتَّى فرقت بَينه وَبَين امْرَأَته فيدنيه مِنْهُ وَيَقُول نعم أَنْت أَنْت وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده بِنَحْوِهِ من عدَّة طرق فَقَالَ حَدثنَا أَبُو الْمُغيرَة حَدثنَا صَفْوَان حَدثنَا مَاعِز التَّمِيمِي عَن جَابر وَرَوَاهُ أَيْضا عَن روح عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر وَسَاقه أَيْضا من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ فَقَالَ حَدثنَا عَفَّان حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة أَنبأَنَا عَليّ بن زيد عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لِابْنِ صائد مَا ترى قَالَ ارى عرشا على المَاء أَو قَالَ على الْبَحْر حوله حيات قَالَ ذَاك عرش إِبْلِيس وَقَالَ سنيد فِي تَفْسِيره حَدثنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش وَحميد الْكِنْدِيّ عَن عبَادَة بن نسي عَن أبي ريحانه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن إِبْلِيس اتخذ عرشا على المَاء ووكل بِكُل رجل شَيْطَانَيْنِ وأجلهما سنة فَإِن فتناه وَإِلَّا قطع ايديهما وأرجلهما وصلبهما ثمَّ بعث لَهُ شَيْطَانَيْنِ آخَرين قَالَ الْحَافِظ ابْن مُنَبّه هَذَا حَدِيث تفرد بِهِ أَبُو بكر بن عَيَّاش وَقَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ هَذَا حَدِيث غَرِيب مُنكر لَا يعرف إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد
الْبَاب التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ فِي مَكَان ركز الشَّيْطَان رايته
روى مُسلم من حَدِيث سلمَان قَالَ صلى الله عليه وسلم لَا تكونن إِن اسْتَطَعْت أول دَاخل السُّوق وَلَا آخر من يخرج مِنْهَا فَإِنَّهَا معركة الشَّيْطَان وَبهَا تركز رايته وَرَوَاهُ عَبَّاس الدوري عَن سعيد بن عَامر الضبعِي عَن عَوْف عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي مَوْقُوفا عَلَيْهِ وَلَفظه فَإِنَّهَا مبيض الشَّيْطَان وَبهَا يقرب لِوَاؤُهُ
الْبَاب الموفي مائَة فِي جعل إِبْلِيس كل وَاحِد من وَلَده عَن شَيْء من أمره
قَالَ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد حَدثنَا بشر بن الْوَلِيد الْكِنْدِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن طَلْحَة عَن زيد عَن مُجَاهِد قَالَ لإبليس خَمْسَة من وَلَده قد جعل كل وَاحِد مِنْهُم على شَيْء من أمره ثمَّ سماهم فَذكر ثبر والأعور ومسؤط وداسم وزلبنور فَأَما ثبر فَهُوَ صَاحب المصيبات الَّذِي يَأْمر بالثبور وشق الْجُيُوب وَلَطم الخدود وَدَعوى الْجَاهِلِيَّة وَأما الْأَعْوَر فَهُوَ صَاحب الزِّنَا الَّذِي يامر بِهِ ويزينه وَأما مسوط فَهُوَ صَاحب الْكَذِب الَّذِي يسمع فَيلقى الرجل فيخبره بالْخبر فَيذْهب الرجل إِلَى الْقَوْم فَيَقُول لَهُم قد رَأَيْت رجلا أعرف وَجهه وَمَا أَدْرِي مَا اسْمه حَدثنِي بِكَذَا وَكَذَا وَأما داسم فَهُوَ الَّذِي يدْخل مَعَ الرجل إِلَى أَهله يرِيه الْعَيْب فيهم ويغضبه عَلَيْهِم وَأما زلنبور فَهُوَ صَاحب السُّوق الَّذِي تركز رايته فِي السُّوق وَالله أعلم
الْبَاب الأول بعد الْمِائَة فِي حُضُور الشَّيْطَان كل شَيْء من شئون الْإِنْس
روى مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث جَابر عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الشَّيْطَان يحضر أحدكُم عِنْد كل شَيْء من شَأْنه حَتَّى يحضرهُ عِنْد طَعَامه فَإِذا سَقَطت لقْمَة أحدكُم فليأخذها وليمط مَا كَانَ بهَا من أَذَى وليأكلها وَلَا يَدعهَا للشَّيْطَان فَإِذا فرغ فليلعق أَصَابِعه فَإِنَّهُ لَا يدْرِي فِي أَي طَعَامه الْبركَة
الْبَاب الثَّانِي بعد الْمِائَة فِي حُضُور الشَّيْطَان جماع الرجل أَهله
عَن أنس بن مَالك قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَو أَن أحدكُم إِذا أَرَادَ أَن يَأْتِي أَهله قَالَ بِسم الله اللَّهُمَّ جنبنا الشَّيْطَان وجنب الشَّيْطَان مَا رزقتنا فَإِنَّهُ إِن يقدر بَينهمَا ولد فِي ذَلِك لم يضرّهُ الشَّيْطَان أبدا أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ القَاضِي عِيَاض لم يحملهُ أحد على الْعُمُوم فِي جَمِيع الضَّرَر والإغواء والوسوسة وَقَالَ بعض الْعلمَاء مَا هَا هُنَا نكره لَا يجوز أَن تكون بِمَعْنى الَّذِي لِأَنَّهَا لَا تكون لمن يعقل إِذا كَانَت بِمَعْنى الَّذِي فَيكون مَعْنَاهَا شَيْء وَقَالَ ابْن جرير فِي تَهْذِيب الْآثَار حَدثنَا مُحَمَّد بن عمَارَة الْأَسدي حَدثنِي سهل بن عَامر البَجلِيّ حَدثنَا يحيى بن يعلى الاسلمي عَن عُثْمَان بن الْأسود عَن مُجَاهِد قَالَ إِذا جَامع الرجل وَلم يسم انطوى الجان على إحليله فجامع مَعَه فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {لم يطمثهن إنس قبلهم وَلَا جَان} وَقد قدمنَا فِي الْبَاب الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ قَول ابْن عَبَّاس أَن الله تَعَالَى وَرَسُوله صلى الله عليه وسلم نهيا أَن يَأْتِي الرجل امْرَأَته وَهِي حَائِض فَإِذا أَتَاهَا سبقه إِلَيْهَا الشَّيْطَان فَحملت فَجَاءَت بالمخنث ذكره الطرطوشي فِي كتاب تَحْرِيم الْفَوَاحِش
الْبَاب الثَّالِث بعد الْمِائَة حُضُور الشَّيْطَان الْمَوْلُود حِين يُولد
فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من بني آدم من مَوْلُود إِلَّا نخسه الشَّيْطَان فَيَسْتَهِل صَارِخًا من نخسه إِيَّاه الا مَرْيَم وَابْنهَا وَفِي رِوَايَة عِنْد مُسلم إِلَّا نخسه الشَّيْطَان فَيَسْتَهِل صَارِخًا من نخسة الشَّيْطَان وفيهَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَة اقرأوا إِن شِئْتُم {وَإِنِّي أُعِيذهَا بك وذريتها} الْآيَة وَفِي لفظ عِنْد البُخَارِيّ كل بني آدم يطعن الشَّيْطَان فِي عَيْنَيْهِ بِأُصْبُعِهِ حِين يُولد إِلَّا عِيسَى بن مَرْيَم ذهب يطعن فطعن فِي الْحجاب وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صياح الْمَوْلُود حَيْثُ يَقع نزغة من الشَّيْطَان أخرجه أَبُو حَاتِم قَالَ السُّهيْلي وَلِأَن عِيسَى عليه السلام لم يخلق من مني الرِّجَال فأعيذ من مغمزه وَإِنَّمَا خلق من نفخة روح الْقُدس قَالَ وَلَا يدل هَذَا على فضل عِيسَى عليه السلام على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لِأَن مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قد نزع مِنْهُ ذَلِك المغمز وملئ قلبه حِكْمَة وإيمانا بعد أَن غسله روح الْقُدس بالثلج وَالْبرد وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك المغمز فِيهِ لموْضِع الشَّهْوَة المحركة للمني والشهوات يحضرها الشَّيْطَان لَا سِيمَا شَهْوَة من لَيْسَ بِمُؤْمِن فَكَانَ ذَلِك المغمز فِيهِ رَاجعا إِلَى الْأَب لَا إِلَى الابْن المطهر صلى الله عليه وسلم وَلِهَذَا قَالَ شقّ صَدره فَأخْرج مِنْهُ مغمز الشَّيْطَان وعلق الدَّم فنبين أَن الَّذِي التمس فِيهِ هُوَ الَّذِي يغمزه الشَّيْطَان من كل مَوْلُود وَالله أعلم
الْبَاب الرَّابِع بعد الْمِائَة فِي أَن للشَّيْطَان لمة بِابْن آدم
روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث بن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن للشَّيْطَان لمة بِابْن آدم وللملك لمة فَأَما الشَّيْطَان فإيعاد بِالشَّرِّ وَتَكْذيب بِالْحَقِّ وَأما لمة الْملك فوعد بِالْخَيرِ وتصديق بِالْحَقِّ فَمن وجد ذَلِك فَليعلم أَنه من الله تَعَالَى فبحمد الله تَعَالَى وَمن وجد الْأُخْرَى فليتعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان ثمَّ قَرَأَ {الشَّيْطَان يَعدكُم الْفقر ويأمركم بالفحشاء} وَالله تَعَالَى أعلم
الْبَاب الْخَامِس بعد الْمِائَة فِي انه يجْرِي من ابْن آدم مجْرى الدَّم
ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث صَفِيَّة بنت حييّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الشَّيْطَان يجْرِي من ابْن آدم مجْرى الدَّم وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث أنس وَرَوَاهُ غير وَاحِد من أهل السّنَن مِنْهُم الْحَافِظ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ أوردهما بأسانيده من حَدِيث صَفِيَّة وَحَدِيث أنس وَقَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا حَدثنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله الْمَدِينِيّ حَدثنَا حسان بن إِبْرَاهِيم عَن سعيد يَعْنِي ابْن مَرْزُوق عَن محَارب بن دثار عَن ابْن عمر قَالَ كَيفَ ننجو من الشَّيْطَان وَهُوَ يجْرِي منا مجْرى الدَّم وَقَالَ أَبُو بكر بن أبي دَاوُد فِي كتاب الوسوسة حَدثنَا الْحُسَيْن بن مَنْصُور حَدثنَا يزِيد أَنبأَنَا سُفْيَان عَن الْمُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ ان الشَّيْطَان ليجري فِي الأحليل ويبيض فِي الدبر وَقد قدمنَا فِي بَاب دُخُول الْجِنّ فِي بدن المصروع وَفِي بَاب الوسوسة القَوْل فِي ذَلِك وَإِمْكَان جريه وتداخل الْأَجْسَام فَلْينْظر هُنَاكَ
الْبَاب السَّادِس بعد الْمِائَة فِي انتشار الشَّيْطَان جنح اللَّيْل وتعرضه للصبيان
فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا كَانَ جنح اللَّيْل وأمسيتم فكفوا صِبْيَانكُمْ فَإِن الشَّيْطَان ينتشر حِينَئِذٍ إِذا ذهب سَاعَة من اللَّيْل فخلوهم وَأَغْلقُوا الْأَبْوَاب واذْكُرُوا اسْم الله تَعَالَى وخمروا آنيتكم واذْكُرُوا اسْم الله عز وجل وَلَو ان تعرضوا عَلَيْهَا شَيْئا واطفئوا مصابحكم وَفِي رِوَايَة فَإِن الشَّيْطَان لَا يفتح غلقا
الْبَاب السَّابِع بعد الْمِائَة فِي مَا يلهي الشَّيْطَان عَن الصّبيان
قَالَ حَرْب الْكرْمَانِي حَدثنَا الْحسن بن مهْدي بن مَالك حَدثنَا عبيد الله بن مُوسَى حَدثنَا أَبُو عُبَيْدَة الْبَلْخِي عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اتَّخذُوا الحمامات المقصوصات فِي الْبيُوت فَإِنَّهَا تلهي الشَّيْطَان عَن صِبْيَانكُمْ وَقَالَ حَرْب سَمِعت أَحْمد يَقُول لَا بَأْس أَن يتَّخذ الرجل فِي منزله الطُّيُور والحمامات المقصوصة يسْتَأْنس اليها فَإِن تلهى بهَا فَإِنِّي أكرهه
الْبَاب الثَّامِن بعد الْمِائَة فِي نوم الشَّيْطَان على الْفراش الَّذِي لَا ينَام عَلَيْهِ أحد
قَالَ الْقرشِي حَدثنَا أبي حَدثنَا هشيم عَن اسماعيل بن أبي خَالِد عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ مَا من فرَاش يكون فِي بَيت مفروشا لَا ينَام عَلَيْهِ أحد إِلَّا نَام عَلَيْهِ الشَّيْطَان
قلت لَيْسَ هَذَا على إِطْلَاقه بل إِذا فرش وَلم يسم عَلَيْهِ وَلَيْسَ مَخْصُوصًا بالفراش بل كل مَا لم يسم عَلَيْهِ من طَعَام أَو شراب أَو لِبَاس أَو غير ذَلِك مِمَّا ينْتَفع بِهِ فللشيطان فِيهِ تصرف وَاسْتِعْمَال إِمَّا بِإِتْلَاف عينه كالطعام وَالشرَاب وَإِمَّا مَعَ بَقَاء عينه مِمَّا ينْتَفع بِهِ مَعَ بَقَاء الْعين وَقد قدمنَا فِي الْأَحَادِيث مَا يدل على ذَلِك وَالله أعلم
الْبَاب التَّاسِع بعد الْمِائَة فِي عدم قيلولة الشَّيَاطِين
قَالَ عبد الله بن احْمَد كَانَ أبي ينَام نصف النَّهَار شتاء كَانَ أَو صيفا ويأخذني بذلك وَيَقُول قَالَ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه قيلوا فَإِن الشَّيَاطِين لَا تقيل وَقَالَ جَعْفَر بن مُحَمَّد نومَة نصف النَّهَار تزيد فِي الْعقل وَذكر قَتَادَة عَن أنس بن مَالك قَالَ يلْزم من ضبطهن ضبط الصَّوْم من قَالَ وتسحر وَأكل قبل أَن يشرب
الْبَاب الْعَاشِر بعد الْمِائَة فِي عقد الشَّيْطَان على رَأس النَّائِم
روى البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ يعْقد الشَّيْطَان على قافية رَأس أحدكُم إِذا هُوَ نَام ثَلَاث عقد يضْرب على كل عقدَة مَكَانهَا عَلَيْك ليل طَوِيل فارقد فَإِن اسْتَيْقَظَ فَذكر الله عز وجل انْحَلَّت عقدَة فَإِن تَوَضَّأ انْحَلَّت عقدَة فَإِن صلى انْحَلَّت عقدَة كلهَا فَأصْبح نشيطا طيب النَّفس وَإِلَّا أصبح خَبِيث النَّفس كسلان
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث ابْن مَسْعُود قَالَ ذكر عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم رجل فَقيل مَا زَالَ نَائِما حَتَّى أصبح مَا قَامَ إِلَى الصَّلَاة فَقَالَ ذَاك رجل بَال الشَّيْطَان فِي أُذُنه أَو قَالَ فِي أُذُنَيْهِ قلت هَذَا لمن لم يقْرَأ آيَة الْكُرْسِيّ أَو خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة أَو مَا يتحرز بِهِ من الشَّيَاطِين من الْقُرْآن وَأما من قَرَأَ ذَلِك فَلَا سَبِيل للشَّيْطَان عَلَيْهِ بِدَلِيل مَا قدمْنَاهُ من الْأَحَادِيث الدَّالَّة على أَن من قَرَأَهَا لَا يقربهُ شَيْطَان حَتَّى يصبح والقافية الْقَفَا قَالَه الْجَوْهَرِي وَالله تَعَالَى أعلم
الْبَاب الْحَادِي عشر بعد الْمِائَة فِي أَن الحكم الْمَكْرُوه من الشَّيْطَان
روى البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي قَتَادَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول الرُّؤْيَا من الله والحلم من الشَّيْطَان فَإِذا حلم أحدكُم الْحلم يكرههُ فليبصق عَن يسَاره وليستعذ بِاللَّه مِنْهُ فَلَنْ يضرّهُ وَفِي البُخَارِيّ من حَدِيث أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا رأى أحدكُم الرُّؤْيَا يُحِبهَا فَإِنَّهَا من الله عز وجل فيحمد الله عَلَيْهَا وليحدث بهَا وَإِذا رأى غير ذَلِك مِمَّا يكره فَإِنَّمَا هِيَ من الشَّيْطَان فليستعذ بِاللَّه من شَرها وَلَا يذكرهَا لَاحَدَّ فَإِنَّهَا لن تضره قَالَ السُّهيْلي الرُّؤْيَا عِنْد أهل الْعلم مَا يرَاهُ الْإِنْسَان فِي مَنَامه والرؤية مَا يرَاهُ بِعَيْنِه فِي الْيَقَظَة فرؤية النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم تكن إِلَّا لمن رَآهُ فِي حَيَاته وَأما رُؤْيا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَام فرؤيا وَلَا تكون رُؤْيا حق لقَوْله عليه الصلاة والسلام من رَآنِي فقد رأى الْحق وَهُوَ مُشْتَرك بَين الرُّؤْيَة والرؤيا وَأما قَوْله عليه الصلاة والسلام من رَآنِي فِي الْمَنَام فسيراني فِي الْيَقَظَة أول الْكَلَام من الرُّؤْيَا وَآخره من الرُّؤْيَة قَالَ الْمَازرِيّ كثر كَلَام النَّاس
فِي حَقِيقَة الرُّؤْيَا فَقَالَ فِيهَا غير الإسلامين أقاويل كَثِيرَة مُنكرَة لما حاولوا الْوُقُوف على حقائق لَا تعلم بِالْعقلِ وَلَا يقوم عَلَيْهَا برهَان وهم لَا يصدقون بِالسَّمْعِ فاضطربت لذَلِك مقالاتهم فَمن ينتمي إِلَى الطِّبّ ينْسب جَمِيع الرُّؤْيَا إِلَى الأخلاط وَيَقُول من غلب عَلَيْهِ البلغم رأى السباحة فِي المَاء أَو مَا شابهه لمناسبة المَاء فِي طَبِيعَته طبيعة البلغم وَمن غلب عَلَيْهِ الصَّفْرَاء رأى النيرَان والصعود فِي الجو وَشبهه لمناسبة النَّار طبيعة الصَّفْرَاء وَلِأَن خفتها وإنفاذها تخيل إِلَيْهِ الطيران فِي الجو والصعود فِي الْعُلُوّ وَهَكَذَا يصنعون فِي بَقِيَّة الأخلاط وَهَذَا مَذْهَب وَإِن جوزه الْعقل وامكن عندنَا أَن يجْرِي البادي جلت قدرته الْعَادة بِأَن يخلق مثل مَا قَالُوا عِنْد غَلَبَة هَذِه الأخلاط فَإِنَّهُ لم يقم عَلَيْهِ دَلِيل وَلَا اطردت بِهِ عَادَة وَالْقطع فِي مَوضِع التجويز غلط وجهالة هَذَا لَو نسبوا ذَلِك إِلَى الأخلاط على جِهَة الِاعْتِبَار واما إِن أضافوا الْفِعْل إِلَيْهَا فَإنَّا نقطع بخطئهم وَلَا نجوز مَا قَالُوهُ إِذْ لَا فَاعل إِلَّا الله تَعَالَى ولبعض أَئِمَّة الفلاسفة تَخْلِيط طَوِيل فِي هَذَا وَكَأَنَّهُ يرى أَن صور مَا يجْرِي فِي الْعَالم الْعلوِي كالمنقوش وَكَأَنَّهُ يَدُور بدوران الأكر فَمَا حَاذَى بعض النُّفُوس مِنْهُ انتقش فِيهَا وَهَذَا أوضح فَسَادًا من الأول مَعَ كَونه تحكما بِمَا لم يقم عَلَيْهِ برهَان والانتقاش من صِفَات الْأَجْسَام وَكَثِيرًا مَا تجْرِي فِي الْعَالم والأعراض لَا تنتقش وَلَا ينتقش فِيهَا وَالْمذهب الصَّحِيح مَا عَلَيْهِ أهل السّنة وَهُوَ أَن الله سبحانه وتعالى يخلق فِي قلب النَّائِم اعتقادات كَمَا يخلقها فِي قلب الْيَقظَان وَهُوَ تبارك وتعالى يفعل مَا يَشَاء وَلَا يمْنَع من فعله نوم وَلَا يقظة فَإِذا خلق هَذِه الاعتقادات فَكَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ جعلهَا علما على أُمُور أخر يخلقها فِي ثَانِي حَال أَو كَانَ خلقهَا فَإِذا خلق فِي قلب النَّائِم اعْتِقَاد الطيران وَلَيْسَ بطائر فقصارى مَا فِيهِ أَنه اعْتقد امرا على خلاف مَا هُوَ عَلَيْهِ علما وَكم فِي الْيَقَظَة مِمَّن يعْتَقد أمرا على خلاف مَا هُوَ عَلَيْهِ فَيكون ذَلِك الِاعْتِقَاد علما على غَيره كَمَا يكون خلق الله تَعَالَى الْغَيْم علما على الْمَطَر والجميع خلق الله وَلَكِن يخلق الرُّؤْيَا والاعتقادات الَّتِي جعلهَا علما على مَا يسر بِحَضْرَة الْملك أَو بِغَيْر حَضْرَة الشَّيْطَان ويخلق ضدها مِمَّا هُوَ علم على مَا يضرّهُ بِحَضْرَة الشَّيْطَان فينسب إِلَيْهِ مجَازًا واتساعا هَذَا الْمَعْنى بقوله صلى الله عليه وسلم الرُّؤْيَا من الله عز وجل والحلم من الشَّيْطَان لَا على أَن الشَّيْطَان يفعل شَيْئا فِي غَيره وَتَكون الرُّؤْيَا
اسْما لما يحب والحلم اسْم لما يكره أنْتَهى قَول الْمَازرِيّ وَحكى السُّهيْلي فِي حَقِيقَة الرُّؤْيَا قَول الأسفرائي أَبُو إِسْحَاق فِيمَا بلغه عَنهُ أَن الرُّؤْيَا إِدْرَاك بِجُزْء من الْقلب كَمَا أَن الرُّؤْيَة إِدْرَاك بِجُزْء من الْعين وَإِذا غشى الْقلب كُله النّوم لم ير شَيْئا فَإِذا ذهب عَنهُ النّوم أَو عَن أَكثر الْقلب كَانَت الرُّؤْيَا أصفى وَأجلى كرؤيا السحر قَالَ وَقَالَ القَاضِي الرُّؤْيَا اعتقادات يعتقدها الرَّائِي فِي النّوم وَلَيْسَت بِإِدْرَاك كإدراك الحاسة وَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو بكر ابْن فورك الرُّؤْيَا أَوْهَام يتوهمها الْمَرْء فِي حَال النّوم ثمَّ قَالَ أما قَول الأسفرائيني فقد يجوز أَن يكون فِي بعض الْأَحْوَال لَا فِي جَمِيع أَحْوَال الرُّؤْيَا فَإِن الرَّائِي قد يرى فِي الْمَنَام مَا هُوَ مَعْدُوم فِي تِلْكَ الْحَال والمعدوم لَا تتَعَلَّق بِهِ الإدراكات وَأما قَول القَاضِي اعتقادات فَحق لِأَنَّهُ قد يعْتَقد الشَّيْء على مَا هُوَ عَلَيْهِ وَقد يَعْتَقِدهُ على خلاف مَا هُوَ عَلَيْهِ كَالَّذي يرى اللَّبن فِي النّوم فيعتقده لَبَنًا وَهُوَ عبارَة عَن الْعلم وَقد يحضر فِي حَال النّوم أَنه عبارَة عَن الْعلم وَلَيْسَ بِلَبن وَأما قَول أبي بكر هِيَ أَوْهَام فَصَحِيح وَلَيْسَ بمناقض لقَوْل القَاضِي لِأَن النَّائِم يتوهمه الشَّيْء فِي تصَوره فِي خلده ثمَّ يعْتَقد مَعَ ذَلِك التَّوَهُّم أَن الشَّيْء كَمَا يُوهِمهُ لعزوب عقله فِي النّوم فَإِذا ثاب إِلَيْهِ عقله فِي الْيَقَظَة انحل عَنهُ الِاعْتِقَاد وَعلم أَن الَّذِي توهمه لَيْسَ على الصُّورَة الَّتِي توهمها كَالَّذي يتَوَهَّم فِي الْيَقَظَة وَهُوَ فِي السَّفِينَة مَاشِيَة أَن الْبَحْر يمشي مَعَه وعقله يدْفع مَا فاجأه بِهِ الْوَهم وَلَوْلَا ذَلِك لاعتقد صِحَة مَا توهم فَإِذا عزب الْعقل تحكم الْوَهم اعتقدت النَّفس صِحَة مَا يتَوَهَّم فثم إِذا وهم إِمَّا صَادِق وَإِمَّا كَاذِب وَتمّ فِي تِلْكَ الْحَالة اعْتِقَاد تَصْدِيق الْوَهم انْتهى مَا ذكره فِي حَقِيقَة الرُّؤْيَا قَالَ الْمَازرِيّ وَأما قَوْله صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهَا لن تضره فَقيل مَعْنَاهُ أَن الروع يذهب بِهَذَا النفث الْمَذْكُور وَفِي الحَدِيث إِذا كَانَ فَاعله مُصدقا بِهِ متكلا على الله جلت قدرته فِي دفع الْمَكْرُوه وَقيل يحْتَمل ان يُرِيد أَن هَذَا الْفِعْل مِنْهُ يمْنَع من نُفُوذ مَا دلّ عَلَيْهِ الْمَنَام من الْمَكْرُوه وَيكون ذَلِك سَببا فِيهِ كَمَا تكون الصَّدَقَة تدفع الْبلَاء إِلَى غير ذَلِك من النَّظَائِر الْمَذْكُورَة عِنْد أهل الشَّرِيعَة وَالله تَعَالَى أعلم