الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَاب السَّابِع
فِي بَيَان أَن بعض الْكلاب من الْجِنّ
قَالَ أَبُو عُثْمَان سعيد بن الْعَبَّاس الرَّازِيّ أَنا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى أَنا أَبُو الْأَحْوَص حَدثنَا سماك عَن بشر سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول وَهُوَ على مِنْبَر الْبَصْرَة إِن الْكلاب من الْجِنّ وَهِي ضعفة الْجِنّ فَمن غشيه كلب على طَعَام فليطعمه أَو ليؤخره أخبرنَا ابراهيم أَنا جرير عَن الْحسن بن عبيد الله عَن سعيد بن عُبَيْدَة عَن أبي عبد الرَّحْمَن قَالَ قَالَ عَليّ أما الْجِنّ فَمَا قد عَرَفْتُمْ هِيَ الْجِنّ أما الْجِنّ فَهِيَ الْكلاب المعيبة أخبرنَا إِبْرَاهِيم أَنا وَكِيع عَن إِسْرَائِيل وسُفْيَان عَن سماك بن حَرْب عَن بشر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الْكلاب من الْجِنّ فَإِذا غشيتكم عِنْد طَعَامكُمْ فالقوا لَهُنَّ فَإِن لَهَا نفسا أخبرنَا إِبْرَاهِيم أَنا الْقَاسِم بن مَالك الْمدنِي الْكُوفِي حَدثنَا خَالِد عَن أبي قلَابَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَوْلَا أَن الْكلاب أمة لأمرت بقتلها وَلَكِن خفت أَن أبيد أمة فَاقْتُلُوا مِنْهَا كل أسود بهيم فَإِنَّهُ جنها وَقد أخبر صلى الله عليه وسلم أَن مُرُور الْكَلْب الْأسود يقطع الصَّلَاة فَقيل لَهُ مَا بَال الْأَحْمَر من الْأَبْيَض من الْأسود فَقَالَ الْكَلْب الْأسود شَيْطَان فعلل بِأَنَّهُ شَيْطَان وَهُوَ كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم فَإِن الْكَلْب الْأسود شَيْطَان الْكلاب وَالْجِنّ تتَصَوَّر بصورته كثيرا وَكَذَلِكَ بِصُورَة القط الْأسود لِأَن السوَاد أجمع للقوى الشيطانية من غَيره وَفِيه قُوَّة الْحَرَارَة وَقَالَ القَاضِي أَبُو يعلى فَإِن قيل مَا معنى قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ فِي الْكَلْب الْأسود إِنَّه شَيْطَان وَمَعْلُوم أَنه مَوْلُود من كلب وَكَذَلِكَ قَوْله فِي الْإِبِل
إِنَّهَا جن وَهِي مولودة من الْإِبِل وَأجَاب إِنَّمَا قَالَ ذَلِك على طَرِيق التَّشْبِيه لَهَا بالجن لِأَن الْكَلْب الْأسود أشر الْكلاب وأقلها نفعا وَالْإِبِل تشبه الْجِنّ فِي صعوبتها وصولتها وَهَذَا كَمَا يُقَال فلَان شَيْطَان إِذا كَانَ صعبا شريرا وَالله تَعَالَى أعلم
الْبَاب الثَّامِن فِي بَيَان مسَاكِن الْجِنّ
قَالَ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن جَعْفَر بن حبَان الْأَصْبَهَانِيّ الْمَعْرُوف بِأبي الشَّيْخ فِي الْجُزْء الثَّانِي عشر من كتاب العظمة وَذكر بَابا فِي الْجِنّ وخلقهم حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن معدان حَدثنَا إِبْرَاهِيم الْجَوْهَرِي حَدثنَا عبد الله بن كثير حَدثنَا كثير بن عبد الله بن عَمْرو ابْن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده عَن بِلَال بن الْحَارِث قَالَ نزلنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بعض أَسْفَاره فَخرج لِحَاجَتِهِ وَكَانَ إِذا خرج لِحَاجَتِهِ يبعد فَأَتَيْته بأداوة من مَاء فَانْطَلق فَسمِعت عِنْده خُصُومَة رجال ولغطا مَا سَمِعت أحد من ألسنتهم قَالَ اخْتصم الْجِنّ الْمُسلمُونَ وَالْجِنّ الْمُشْركُونَ فسألوني أَن أسكنهم فأسكنت الْمُسلمين الجلس وأسكنت الْجِنّ الْمُشْركين الْغَوْر قَالَ الرَّاوِي عبد الله بن كثير قلت لكثير مَا الجلس وَمَا الْغَوْر قَالَ الجلس الْقرى وَالْجِبَال والغور مَا بَين الْجبَال والبحار وَهِي يُقَال لَهَا الْجنُوب قَالَ كثير وَمَا رَأَيْت أحدا أُصِيب بالجلس إِلَّا سلم وَلَا أُصِيب بالغور إِلَّا لم يكد يسلم وَرَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو نعيم عَن أبي مُحَمَّد بن حبَان عَن مُحَمَّد بن أَحْمد بن معدان وَعَن سُلَيْمَان بن احْمَد حَدثنَا خَالِد بن النَّضر عَن ابراهيم بن سعد الْجَوْهَرِي عَن عبد الله بن كثير فَذكره وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي ربيع الْأَبْرَار تَقول الْأَعْرَاب رُبمَا نزلنَا بِجمع كثير ورأينا خياما وأناسا ثمَّ فقدناهم من ساعتنا يَعْتَقِدُونَ أَنهم الْجِنّ وَأَن تِلْكَ خيامهم وقبابهم وروى مَالك فِي الْمُوَطَّأ أَنه بلغه أَن عمر بن الْخطاب أَرَادَ الْخُرُوج إِلَى
الْعرَاق فَقَالَ لَهُ كَعْب الْأَحْبَار لَا تخرج يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِن بهَا تِسْعَة أعشار السحر وَالشَّر وفيهَا فسقة الْجِنّ وَبهَا الدَّاء العضال وَقَالَ أَبُو بكر بن عبيد فِي مكايد الشَّيْطَان حَدثنَا الْقَاسِم بن هِشَام حَدثنَا هِشَام بن عمار حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن الْوَلِيد بن أبي الثائب الْقرشِي عَن أَبِيه عَن يزِيد بن جَابر قَالَ مَا من أهل بَيت من الْمُسلمين إِلَّا وَفِي سقف بَيتهمْ من الْجِنّ من الْمُسلمين إِذا وضع غذاءهم نزلُوا فتغدوا مَعَهم وَإِذا وضع عشاءهم نزلُوا فَتَعَشَّوْا مَعَهم يدْفع الله بهم عَنْهُم وَقَالَ ابْن أبي دَاوُد حَدثنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن الأزرمي حَدثنَا هِشَام عَن الْمُغيرَة عَن ابراهيم قَالَ لَا تبل فِي فَم البالوعة لِأَنَّهُ إِن عرض مِنْهُ شَيْء كَانَ أَشد لعلاجه حَدثنَا أَحْمد بن يحيى بن مَالك حَدثنَا عبد الْوَهَّاب عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن سعيد بن أبي الْحسن قَالَ لَا أرى بَأْسا أَن يَبُول عِنْد مثعبة وَعَن زيد بن أَرقم عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ إِن هَذِه الحشوش محضرة فَإِذا أَتَى أحدكُم الْخَلَاء فَلْيقل اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْخبث والخبائث رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَلَفظه أَن هَذِه الحشوش محضرة فَإِذا أَرَادَ أحدكُم أَن يدْخل فَلْيقل أعوذ بِاللَّه من الْخبث والخبائث وروى ابْن السّني من حَدِيث أنس عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ هَذِه محضرة فَإِذا دَخلهَا أحدكُم الْخَلَاء فَلْيقل بِسم الله وروى عبد الرَّزَّاق فِي جَامعه من حَدِيث أنس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن هَذِه الحشوش محضرة فَإِذا دَخلهَا أحدكُم فَلْيقل اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْخبث والخبائث وَقَوله محضرة يَعْنِي يحضرها الْجِنّ فَإِذا قَالَ المخلي هَذَا الدُّعَاء احتجب عَن أَبْصَارهم فَلَا يرَوْنَ عَوْرَته
فصل يدل على إطلاع الْجِنّ على عورات النَّاس عِنْد إتْيَان الْخَلَاء مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب أَن رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ستر مَا بَين أعين الْجِنّ وعورات أمتِي إِذا دخل أحدكُم الْخَلَاء أَن يَقُول بِسم الله أهـ قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَإِسْنَاده لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أنس كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا دخل الْخَلَاء قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْخبث والخبائث أهـ وَرَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه فَقَالَ كَانَ يَقُول بِسم الله اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْخبث والخبائث أهـ
فصل وغالب مَا يُوجد الْجِنّ فِي مَوَاضِع النجسات كالحمامات والحشوش والمزابل والقمامين والشيوخ الَّذين تقرن بهم الشَّيَاطِين وَتَكون أَحْوَالهم شيطانية لَا رحمانية يأوون كثيرا إِلَى هَذِه الْأَمَاكِن الَّتِي هِيَ مأوى الشَّيَاطِين وَقد جَاءَت الْآثَار بِالنَّهْي عَن الصَّلَاة فِيهَا لِأَنَّهَا مأوى الشَّيَاطِين وَالْفُقَهَاء مِنْهُم من علل النَّهْي بِكَوْنِهَا مَظَنَّة النَّجَاسَة وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّه تعبد لَا يعقل مَعْنَاهُ وَالصَّحِيح أَن الْعلَّة فِي الْحمام وأعطان الْإِبِل وَنَحْو ذَلِك أَنَّهَا مأوى الشَّيَاطِين وَفِي الْمقْبرَة أَن ذَلِك ذَرِيعَة إِلَى الشّرك مَعَ أَن الْمَقَابِر تكون أَيْضا مأوى الشَّيَاطِين وَالْمَقْصُود أَن أهل الضلال والبدع الَّذين فيهم زهد وَعبادَة على غير الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَلَهُم أَحْيَانًا مكاشفات وَلَهُم تأثيرات يأوون كثيرا إِلَى مَوَاضِع الشَّيَاطِين الَّتِي نهى عَن الصَّلَاة فِيهَا لِأَن الشَّيَاطِين تتنزل عَلَيْهِم فِيهَا وتخاطبهم بِبَعْض الْأُمُور كَمَا تخاطب الْكُهَّان وكما كَانَت تدخل فِي الْأَصْنَام وَتكلم عابدي الاصنام وتفتنهم فِي بعض المطالب كَمَا تفتن السَّحَرَة وكما يفتن عباد الْأَصْنَام الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب إِذا عبدوها بالعبادات الَّتِي يظنون أَنَّهَا تناسبها من تَسْبِيح لَهَا ولباس وبخور وَغير ذَلِك فَإِنَّهُ قد تنزل عَلَيْهِم شياطين يسمونها روحانية الْكَوَاكِب وَقد تقضى بعض حوائجهم إِمَّا قتل بَعضهم أَو إمراضه وَأما جلب بعض من يهوونه أَو إِحْضَار بعض المَال وَلَكِن الضَّرَر الَّذِي يحصل لَهُم بذلك أعظم من النَّفْع بل قد يكون أَضْعَاف أَضْعَاف النَّفْع وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ
الْبَاب التَّاسِع فِيمَا يمْنَع الشَّيَاطِين من الْمبيت بمنازل الْإِنْس
روى مُسلم وَأَبُو دَاوُد عَن جَابر أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِذا دخل الرجل منزله فَذكر اسْم الله عِنْد دُخُوله وَعند طَعَامه قَالَ الشَّيْطَان لَا مبيت لكم وَلَا عشَاء وَإِذا ذكر اسْم الله عِنْد دُخُوله وَلم يذكرهُ عِنْد طَعَامه يَقُول أدركتم الْعشَاء وَلَا مبيت لكم وَإِذا لم يذكر اسْم الله عِنْد دُخُوله قَالَ أدركتم الْمبيت وَالْعشَاء
الْبَاب الْعَاشِر فِي بَيَان القرين من الْجِنّ
روى مُسلم وَأحمد وَغَيرهمَا من حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عِنْدهَا لَيْلًا قَالَت فغرت عَلَيْهِ قَالَ فجَاء فَرَأى مَا أصنع فَقَالَ مَالك يَا عَائِشَة أغرت فَقلت وَمَالِي لَا يغار مثلي على مثلك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أفأخذك شَيْطَانك فَقلت يَا رَسُول الله أَو معي شَيْطَان قَالَ نعم وَمَعَ كل إِنْسَان قلت ومعك يَا رَسُول الله قَالَ نعم وَلَكِن رَبِّي عز وجل أعانني عَلَيْهِ حَتَّى أسلم وَفِي لفظ آخر أعانني عَلَيْهِ فَأسلم قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ عَامَّة الروَاة يَقُولُونَ فَأسلم على مَذْهَب الْفِعْل الْمَاضِي يُرِيدُونَ إِن الشَّيْطَان قد أسلم إِلَّا سُفْيَان بن عُيَيْنَة فَإِنَّهُ يَقُول فَأسلم من شَره وَكَانَ يَقُول الشَّيْطَان لَا يسلم قَالَ أَبُو الْفرج بن الْجَوْزِيّ وَقَول ابْن عُيَيْنَة حسن وَهُوَ يظْهر أثر المجاهدة لمُخَالفَة الشَّيْطَان إِلَّا أَن حَدِيث ابْن مَسْعُود كَأَنَّهُ يرد قَول ابْن عُيَيْنَة وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من أحد مِنْكُم حد الا وَقد وكل بِهِ قرينه من الْجِنّ وقرينه من الْمَلَائِكَة قَالُوا وَإِيَّاك يَا رَسُول الله قَالَ وإياي وَلَكِن الله تَعَالَى أعانني عَلَيْهِ فَلَا يَأْمُرنِي إِلَّا بِحَق وَفِي رِوَايَة مَا من اُحْدُ الا وَقد وكل بِهِ قرينه من الْجِنّ قَالُوا وَأَنت يَا رَسُول الله قَالَ وَأَنا إِلَّا أَن الله تَعَالَى أعانني عَلَيْهِ فَأسلم فَلَيْسَ يَأْمُرنِي إِلَّا بِخَير انْفَرد بِإِخْرَاجِهِ مُسلم قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَظَاهره إِسْلَام الشَّيْطَان وَيحْتَمل القَوْل الآخر وَقَالَ مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ حَدثنَا سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن ابيه عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَمَعَهُ قرينه من الْجِنّ وقرينه من الْمَلَائِكَة قَالُوا وَإِيَّاك يَا رَسُول الله قَالَ وإياي
وَلَكِن الله تَعَالَى أعانني عَلَيْهِ فَأسلم فَلَا يَأْمُرنِي إِلَّا بِخَير وَقد روى أَيْضا من حَدِيث شريك بن طَارق يرفعهُ لَيْسَ أحد مِنْكُم إِلَّا وَله شَيْطَان قَالُوا وَلَك قَالَ ولي إِلَّا أَن الله تَعَالَى أعانني عَلَيْهِ فَأسلم رَوَاهُ الْجراح أَبُو وَكِيع والوليد بن ابي ثَوْر وَأَبُو عوَانَة فِي الآخرين عَن زِيَاد بن علاقَة عَن شريك
قلت وَقد ورد إِسْلَام القرين النَّبَوِيّ صَرِيحًا لَا يحْتَمل التَّأْوِيل فروى الْحَافِظ أبونعيم فِي كتاب الدَّلَائِل فَقَالَ حَدثنَا ابراهيم بن مُحَمَّد ابْن يحيى النَّيْسَابُورِي وابراهيم بن عبد الله قَالَا حَدثنَا مُحَمَّد بن حمويه بن عباد (ح) وَحدثنَا مُحَمَّد بن ابراهيم حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن الْفرج قَالَا حَدثنَا مُحَمَّد بن الْوَلِيد بن أبان أَبُو جَعْفَر بِمَكَّة حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن صرمة حَدثنَا يحيى بن سعيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فضلت على آدم بخصلتين كَانَ شيطاني كَافِرًا فَأَعَانَنِي الله عَلَيْهِ حَتَّى أسلم وَكن أزواجي عونا لي وَكَانَ شَيْطَان آدم كَافِرًا وَزَوجته عونا على خطيئته أهـ فَهَذَا صَرِيح فِي إِسْلَام قرين النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَن هَذَا خَاص بقرين النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَيكون صلى الله عليه وسلم مُخْتَصًّا بِإِسْلَام قرينه لقَوْله فضلت على آدم بخصلتين وعد مِنْهُمَا إِسْلَام قرينه قَالَ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ فِي مُشكل الْآثَار فِي أثْنَاء كَلَام سَاقه فِي القرين وَكَانَ فِيمَا روينَاهُ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي هذَيْن الْحَدِيثين مَا قد يحْتَمل ان يكون رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد كَانَ فِي ذَلِك كمن سواهُ من النَّاس وَيحْتَمل أَن يكون كَانَ فِيهِ بخلافهم فتأملنا مَا روى فِي هَذَا الْبَاب من سوى هذَيْن الْحَدِيثين هَل فِيهِ مَا يدل على شَيْء من ذَلِك فَوَجَدنَا فَهَذَا قد حَدثنَا قَالَ حَدثنَا عبد الله بن رَجَاء ثمَّ سَاق بِسَنَدِهِ عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَقد وكل بِهِ قرينه من الْجِنّ فَقيل وَإِيَّاك قَالَ وإياي وَلَكِن الله تَعَالَى أعانني عَلَيْهِ فَأسلم فَلَا يَأْمُرنِي إِلَّا بِخَير ثمَّ سَاق بِسَنَدِهِ عَن جَابر قَالَ لنا النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا تدْخلُوا على المغيبات فَإِن الشَّيْطَان يجْرِي من ابْن آدم مجْرى الدَّم قيل
ومنك يَا رَسُول الله قَالَ ومني وَلَكِن الله تَعَالَى أعانني فَأسلم أهـ ثمَّ سَاق بِسَنَدِهِ عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت فقدت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَة وَكَانَ معي على رَأْسِي فَوجدت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَاجِدا راصا عَقِبَيْهِ مُسْتَقْبلا بأطراف اصابعه الْقبْلَة فَسَمعته يَقُول أعوذ بِاللَّه من سخطك وبعفوك من عُقُوبَتك وَبِك مِنْك لَا أبلغ كل مَا فِيك فَلَمَّا انْصَرف قَالَ يَا عَائِشَة أخذك شَيْطَانك فَقَالَت أما لَك شَيْطَان قَالَ من آدَمِيّ إِلَّا لَهُ شَيْطَان فَقلت وَأَنت يَا رَسُول الله قَالَ وانا ولكنني دَعَوْت الله فَأَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأسلم قَالَ أَبُو جَعْفَر فَعرفنَا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد كَانَ فِي هَذَا الْمَعْنى كَسَائِر النَّاس سَوَاء وان الله تَعَالَى اعانه عَلَيْهِ بِإِسْلَامِهِ الَّذِي هداه لَهُ حَتَّى صَار صلى الله عليه وسلم فِي السَّلامَة مِنْهُ بِخِلَاف غَيره من النَّاس فِيمَن هُوَ مَعَه من جنسه فَإِن قَالَ قَائِل فقد روى عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَاب شَيْء مِمَّا يجب أَن يُوقف على ارْتِفَاع التضارب عَنهُ وَعَما رويت مِمَّا قد كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خص بِهِ من إِسْلَام شَيْطَانه لكَي يسلم مِنْهُ وَذكر فِي ذَلِك حَدِيث أَبى الْأَزْهَر الأنصارى أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا أَخذ مضجعه من اللَّيْل قَالَ بِسم الله وضعت جَنْبي اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ من واجس شيطاني وَفك رهاني وَثقل ميزاني واجعلني فِي الندى الْأَعْلَى قيل لَهُ هَذَا عندنَا وَالله أعلم كَانَ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قبل إِسْلَام شَيْطَانه فَلَمَّا أسلم اسْتَحَالَ أَن يكون عليه الصلاة والسلام يدعوا الله تَعَالَى فِيهِ بذلك مَعَ إِسْلَامه الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم