المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

معمر قَالَ الزُّهْرِيّ فِي غير حَدِيث كَعْب قَالَ رب أَدْعُوك - آكام المرجان في أحكام الجان

[الشبلي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فِي بَيَان إِثْبَات الْجِنّ وَالْخلاف فِيهِ

- ‌فِي بَيَان أجسام الْجِنّ

- ‌فِي بَيَان أَصْنَاف الْجِنّ

- ‌فِي بَيَان أَن بعض الْكلاب من الْجِنّ

- ‌فِي أَن الْجِنّ يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ

- ‌فِي أَن الشَّيْطَان يَأْكُل وَيشْرب بِشمَالِهِ

- ‌فِيمَا يمْنَع الْجِنّ من تنَاول طَعَام الْإِنْس وشرابهم

- ‌فِي أَن الْجِنّ يتناكحون ويتناسلون

- ‌فِي أَن الْجِنّ مكلفون بِإِجْمَاع أهل النّظر

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌وَفِي الحَدِيث من سنَن ابي دَاوُد من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود أَنه قدم وَفد الْجِنّ على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يَا مُحَمَّد إِنَّه أمتك أَن يستنجوا بِعظم أَو رَوْث أَو حممة فَإِن الله تَعَالَى جَاعل لنا فِيهَا رزقا وَفِي صَحِيح مُسلم فَقَالَ كل عظم ذكر اسْم الله عَلَيْهِ يَقع فِي أَيْدِيكُم

- ‌فِي قتال عمار بن يَاسر الْجِنّ

- ‌فصل

- ‌الْبَاب الرَّابِع وَالسِّتُّونَ فى إِخْبَار الْجِنّ بنزول النبى صلى الله عليه وسلم خيمة أم معبد حِين الْهِجْرَة

- ‌هما نزلا بِالْبرِّ ثمَّ ترحلا…فأفلح من أَمْسَى رَفِيق مُحَمَّدلِيهن بني كَعْب مَكَان فَتَاتهمْ…ومقعدها للْمُؤْمِنين بِمَرْصَد

- ‌فصل

- ‌فِي نوحهم على عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه

- ‌فِي نوحهم على الشُّهَدَاء بِالْحرَّةِ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فِي أَن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بِالنَّبِيِّ عليه السلام

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌خَاتِمَة فِي التحذر من فتن الشَّيْطَان ومكائده

- ‌خَاتِمَة صَالِحَة

الفصل: معمر قَالَ الزُّهْرِيّ فِي غير حَدِيث كَعْب قَالَ رب أَدْعُوك

معمر قَالَ الزُّهْرِيّ فِي غير حَدِيث كَعْب قَالَ رب أَدْعُوك أَن تَسْتَجِيب لي أَيّمَا عبد من الْأَوَّلين والآخرين لقيك لَا يُشْرك بك شَيْئا أَن تدخله الْجنَّة

تَعْلِيق وَبَيَان

‌فصل

قَول كَعْب لما رأى ابراهيم ذبح وَلَده اسحاق وَقَوله ذهب إِلَى سارة فَقَالَ أَيْن يذهب إِبْرَاهِيم بابنك يدل على أَن الذَّبِيح هُوَ اسحاق وَهُوَ الْمَرْوِيّ عَن عمر بن الْخطاب وَالْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَعبد الله ابْن مَسْعُود وَأنس بن مَالك وابي هُرَيْرَة وَاخْتلفت الرِّوَايَة فِيهِ عَن عَليّ ابْن أبي طَالب وَقَالَ بِهِ من التَّابِعين غير كَعْب سعيد بن جُبَير وَمُجاهد وَالقَاسِم ابْن بره ومسروق وَقَتَادَة وَعِكْرِمَة ووهب بن مُنَبّه وَعبيد بن عُمَيْر وَعبد الرَّحْمَن بن زيد وَأَبُو الْهُذيْل وَالزهْرِيّ وَالسُّديّ وَهُوَ اخْتِيَار ابْن احْمَد ابْن حَنْبَل وَقَالَ السُّهيْلي لَا شكّ هُوَ اسحاق وَقَالَت طَائِفَة اخرى هُوَ اسماعيل وَهُوَ الْمَرْوِيّ عَن عبد الله بن عمر بن الْخطاب وَعبد الله بن عَبَّاس وَالْحسن بن أبي الْحسن وَسَعِيد بن الْمسيب وَالشعْبِيّ وَمُحَمّد بن كَعْب الْقرظِيّ وروى أَيْضا عَن عمر بن عبد الْعَزِيز وَأبي عَمْرو بن الْعَلَاء وَقد بسطت الْأَدِلَّة من الْجَانِبَيْنِ والأجوبة فِي كتابي المرسوم بقلادة النَّحْر ضمنته تَفْسِير سُورَة الْكَوْثَر

الْبَاب الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة فِي تعرضه لمُوسَى عليه السلام

قَالَ عبد الله بن مُحَمَّد حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الاعلى الشَّيْبَانِيّ حَدثنَا فرج بن فضَالة عَن عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن انْعمْ قَالَ بَيْنَمَا مُوسَى جَالس فِي بعض مجالسه إِذْ أقبل إِبْلِيس وَعَلِيهِ برنس لَهُ يَتلون فِيهِ ألوانا فَلَمَّا دنا مِنْهُ خلع الْبُرْنُس فَوَضعه ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ السَّلَام عَلَيْك يَا مُوسَى قَالَ لَهُ مُوسَى من أَنْت قَالَ إِبْلِيس قَالَ فَلَا حياك الله مَا جَاءَ بك قَالَ جِئْت لأسلم عَلَيْك لمنزلتك من الله ومكانتك مِنْهُ قَالَ مَاذَا الَّذِي رَأَيْت عَلَيْك قَالَ بِهِ اخْتَطَف قُلُوب بني آدم قَالَ فَمَاذَا إِذا صنعه الْإِنْسَان استحوذت

ص: 273

عَلَيْهِ قَالَ إِذا أَعْجَبته نَفسه واستكبر عمله وَنسي ذنُوبه وأحذرك ثَلَاثًا لَا تخل بِامْرَأَة لَا تحل لَك فَإِنَّهُ مَا خلا رجل بِامْرَأَة لَا تحل لَهُ إِلَّا كنت صَاحبه دون أَصْحَابِي حَتَّى أفتنه بهَا وَلَا تعاهد الله عهداإلا وفيت بِهِ فَإِنَّهُ مَا عَاهَدَ الله اُحْدُ عهدا إِلَّا وَكنت صَاحبه حَتَّى أَحول بَينه وَبَين الْوَفَاء بِهِ وَلَا تخرجن صَدَقَة إِلَّا أمضيتها فَإِنَّهُ مَا أخرج رجل صَدَقَة فَلم يمضها إِلَّا كنت دون أَصْحَابِي حَتَّى أَحول بَينه وَبَين الْوَفَاء بهَا ثمَّ ولى وَهُوَ يَقُول يَا ويله ثَلَاثًا علم مُوسَى مَا يحذر بِهِ بني ادم

حَدثنِي الْقَاسِم بن هَاشم عَن إِبْرَاهِيم بن الْأَشْعَث عَن فُضَيْل بن عِيَاض قَالَ حَدثنِي بعض أشياخنا أَن إِبْلِيس جَاءَ إِلَى مُوسَى وَهُوَ يُنَاجِي ربه عز وجل فَقَالَ لَهُ الْملك وَيلك مَا ترجو مِنْهُ وَهُوَ على ذَلِك الْحَال يُنَاجِي ربه قَالَ أَرْجُو مِنْهُ مَا رَجَوْت من أَبِيه آدم وَهُوَ فِي الْجنَّة وَقد قدمنَا فِي تعرض الشَّيْطَان لنوح عليه السلام قصَّة لإبليس مَعَ مُوسَى عليه السلام وَأَنه سَأَلَهُ الدُّعَاء لَهُ بِالتَّوْبَةِ وَأَن مُوسَى دَعَا ربه فَقيل يَا مُوسَى قد قضيت حَاجَتك وَإِن إِبْلِيس حذر مُوسَى ثَلَاثًا كَمَا حذره هُنَا ثَلَاثًا

الْبَاب التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة فِي تعرضه لذِي الكفل عليه السلام

قَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا حَدثنَا اسحاق بن اسماعيل حَدثنَا قبيصَة حَدثنَا سُفْيَان عَن الْأَعْمَش عَن الْمنْهَال بن عَمْرو عَن عبد الله بن الْحَارِث فِي ذِي الكفل قَالَ قَالَ نَبِي من الْأَنْبِيَاء لمن مَعَه هَل مِنْكُم من يكفل لي لَا يغْضب وَيكون معي فِي درجتي وَيكون بعدِي فِي قومِي فَقَالَ شَاب من الْقَوْم أَنا ثمَّ أعَاد عَلَيْهِ فَقَالَ الشَّاب انا فَلَمَّا مَاتَ قَامَ الشَّاب بعده فِي مقَامه فأتاء إِبْلِيس ليغضبه فَقَالَ الرجل اذْهَبْ مَعَه فجَاء فَأخْبرهُ أَنه لم ير شَيْئا ثمَّ أَتَاهُ فَأرْسل مَعَه آخر فجَاء فَقَالَ لم أر شَيْئا ثمَّ أَتَاهُ فَأَخذه بِيَدِهِ فانفلت مِنْهُ فَسمى ذَا الكفل لِأَنَّهُ كفل ان لَا يغْضب

ص: 274

الْبَاب الموفي ثَلَاثِينَ بعد الْمِائَة فِي تعرضه لأيوب عليه السلام

قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره حَدثنَا أبي حَدثنَا مُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل حَدثنَا حَمَّاد أَنبأَنَا عَليّ بن زيد عَن يُوسُف بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس أَن الشَّيْطَان قَالَ يَا رب سَلطنِي على أَيُّوب قَالَ الله تَعَالَى قد سلطتك على مَاله وَولده وَلم أسلطك على جسده فَنزل وَجمع جُنُوده فَقَالَ لَهُم قد سلطت على أَيُّوب فأروني سلطانكم فصاروا نيرانا ثمَّ صَارُوا مَاء فَبَيْنَمَا هم بالمشرق إِذا هم بالمغرب وبينما هم بالمغرب إِذا هم بالمشرق فَأرْسل طَائِفَة مِنْهُم إِلَى زرعه وَطَائِفَة إِلَى إبِله وَطَائِفَة إِلَى بقره وَطَائِفَة إِلَى غنمه وَقَالَ إِنَّه لَا يعتصم مِنْكُم إِلَّا بِالصبرِ فَأتوهُ بالمصائب بَعْضهَا على بعض فجَاء صَاحب الزَّرْع فَقَالَ يَا أَيُّوب ألم تَرَ إِلَى رَبك أرسل على زرعك نَارا فَأَحْرَقتهُ ثمَّ جَاءَ صَاحب الْإِبِل فَقَالَ لَهُ يَا أَيُّوب ألم تَرَ إِلَى رَبك أرسل إِلَى إبلك عدوا فَذهب بهَا ثمَّ جَاءَ صَاحب الْغنم فَقَالَ لَهُ يَا أَيُّوب ألم تَرَ إِلَى رَبك أرسل على غنمك عدوا فَذهب بهَا وَتفرد هُوَ لِبَنِيهِ فَجَمعهُمْ فِي بَيت أكبرهم فَبَيْنَمَا هم يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ إِذْ هبت الرّيح فَأخذت بأركان الْبَيْت فألقته عَلَيْهِم فجَاء الشَّيْطَان إِلَى أَيُّوب بِصُورَة غُلَام فِي أُذُنَيْهِ قرطان قَالَ يَا أَيُّوب ألم تَرَ إِلَى رَبك جمع بنيك فِي بَيت أكبرهم فَبَيْنَمَا هم يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ إِذْ هبت ريح فَأخذت بأركان الْبَيْت فألقته عَلَيْهِم فَلَو رَأَيْتهمْ حِين اخْتلطت دِمَاؤُهُمْ بطعامهم وشرابهم فَقَالَ أَيُّوب لَهُ فَأَيْنَ كنت أَنْت قَالَ كنت مَعَهم قَالَ وَكَيف انفلت قَالَ انفلت قَالَ ايوب أَنْت الشَّيْطَان ثمَّ قَالَ أَيُّوب أَنا الْيَوْم كهيئتي يَوْم ولدتني أُمِّي فَقَامَ فحلق رَأسه ثمَّ قَامَ يُصَلِّي فرن إِبْلِيس رنة سَمعهَا أهل السَّمَاء وَأهل الأَرْض ثمَّ قرح إِلَى السَّمَاء فَقَالَ أَي رب إِنَّه قد اعْتصمَ فسلطني عَلَيْهِ فَإِنِّي لَا استطيعه إِلَّا بسلطانك قَالَ قد سلطتك على جسده وَلم أسلطك على قلبه قَالَ فَنزل فَنفخ تَحت قَدَمَيْهِ نفخة فرج مَا بَين قَدَمَيْهِ إِلَى قرنه فَصَارَ قرحَة وَاحِدَة وَألقى على الرماد حَتَّى بدا بَطْنه فَكَانَت امْرَأَته تسْعَى عَلَيْهِ حَتَّى قَالَت لَهُ أما ترى يَا أَيُّوب

ص: 275

قد وَالله نزل بِي من الْجهد والفافة مَا إِن بِعْت قروني برغيف فأطعمك أدع الله أَن يشفيك قَالَ وَيحك كُنَّا فِي النعماء سبعين عَاما فاصبري حَتَّى نَكُون فِي الضراء سبعين عَاما فَكَانَ فِي الْبلَاء سبع سِنِين وَقَالَ أَبُو بكر بن مُحَمَّد حَدثنَا سوار بن عبد الله الْعَنْبَري حَدثنَا مُعْتَمر بن سلمَان عَن لَيْث عَن طَلْحَة بن مصيرف قَالَ قَالَ إِبْلِيس مَا أصبت من أَيُّوب شَيْئا أفرح بِهِ إِلَّا إِنِّي كنت إِذا سَمِعت أنينه علمت أَنِّي قد أوجعته حَدثنَا فُضَيْل ابْن عبد الْوَهَّاب حَدثنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش عَن ابْن وهب بن مُنَبّه عَن أَبِيه قَالَ قَالَ إِبْلِيس لامْرَأَة أَيُّوب صلى الله عليه وسلم بِمَ أَصَابَكُم مَا أَصَابَكُم قَالَت بِقدر الله تَعَالَى قَالَ فاتبعيني فَأَتْبَعته فأراها جَمِيع مَا ذهب مِنْهُم فِي وَاد فَقَالَ اسجدي لي وأرده عَلَيْكُم فَقَالَت إِن لي زوجا أستأمره فاخبرت أَيُّوب فَقَالَ أما آن لَك أَن تعلمي ذَاك الشَّيْطَان لَئِن بَرِئت لأضربنك مائَة جلدَة

الْبَاب الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة فِي تعرضة ليحيى بن زَكَرِيَّا عليهما السلام

قَالَ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد أخبرنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْعَنْبَري حَدثنَا مُحَمَّد بن يزِيد بن حنيش عَن وهب بن الْورْد قَالَ بلغنَا أَن الْخَبيث إِبْلِيس تبدى ليحيى بن زَكَرِيَّا فَقَالَ إِنِّي أُرِيد أَن أنصحك قَالَ كذبت أَنْت لَا تنصحني وَلَكِن أَخْبرنِي عَن بني آدم قَالَ هم عندنَا على ثَلَاثَة أَصْنَاف أما صنف مِنْهُم فهم أَشد الْأَصْنَاف علينا نقبل عَلَيْهِ حَتَّى نفتنه ونستكن مِنْهُ ثمَّ يتفرغ للاستغفار وَالتَّوْبَة فَيفْسد علينا كل شَيْء أدركنا مِنْهُ ثمَّ نعود لَهُ فَيَعُود فَلَا نَحن نيأس مِنْهُ وَلَا نَحن ندرك مِنْهُ حاجتنا فَنحْن من ذَلِك فِي عناء وَأما الصِّنْف الآخر فهم فِي أَيْدِينَا بِمَنْزِلَة الكرة فِي أَيدي صِبْيَانكُمْ نتلقفهم كَيفَ شِئْنَا قد كفونا أنفسهم وَأما الصِّنْف الآخر فهم مثلك معصومون لَا نقدر مِنْهُم على شَيْء قَالَ يحيى على ذَلِك هَل قدرت مني على شَيْء قَالَ لَا إِلَّا مرّة وَاحِدَة فَإنَّك قدمت طَعَاما تَأْكُل فَلم أزل أشهيه إِلَيْك حَتَّى أكلت مِنْهُ أَكثر مِمَّا تُرِيدُ فَنمت تِلْكَ اللَّيْلَة فَلم تقم إِلَى الصَّلَاة كَمَا

ص: 276

كنت تقوم إِلَيْهَا فَقَالَ لَهُ يحيى لَا جرم لَا شبعت من طَعَام أبدا قَالَ لَهُ الحَدِيث لاجرم لَا نصحت نَبيا بعْدك وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل حَدثنِي عَليّ بن مُسلم حَدثنَا سيار حَدثنَا جَعْفَر حَدثنَا ثَابت البنائي قَالَ بلغنَا أَن إِبْلِيس ظهر ليحيى بن زَكَرِيَّا فَرَأى عَلَيْهِ معاليق من كل شَيْء فَقَالَ يحيى يَا إِبْلِيس مَا هَذِه المعاليق الَّتِي أرى عَلَيْك قَالَ هَذِه الشَّهَوَات الَّتِي أصبت بِهن ابْن آدم قَالَ فَهَل لي فِيهَا من شَيْء قَالَ رُبمَا شبعت فنقلناك عَن الصَّلَاة ونقلناك عَن الذّكر قَالَ فَهَل غير ذَلِك قَالَ لَا وَقَالَ لله على أَن لَا أملأ بَطْني من طَعَام أبدا قَالَ إِبْلِيس وَللَّه على أَن لَا أنصح مُسلما أبدا لعنة الله عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا حَدثنَا مُحَمَّد ابْن يحيى الْمروزِي حَدثنَا عبد الله بن خيبق قَالَ لَقِي يحيى بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام إِبْلِيس فِي صورته فَقَالَ لَهُ يَا إِبْلِيس أَخْبرنِي مَا أحب النَّاس إِلَيْك وَأبْغض النَّاس إِلَيْك قَالَ أحب النَّاس إِلَيّ الْمُؤمن الْبَخِيل وأبغضهم إِلَيّ الْفَاسِق السخي قَالَ يحيى وَكَيف ذَلِك قَالَ لِأَن الْبَخِيل قد كفاني بخله وَالْفَاسِق السخي أَتَخَوَّف أَن يطلع الله عَلَيْهِ فِي سخاه فيقبله ثمَّ ولى وَهُوَ يَقُول لَوْلَا أَنَّك يحيى لم أخْبرك وَالله أعلم

الْبَاب الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة فِي لقِيه عِيسَى ابْن مَرْيَم عليهما السلام

قَالَ أَبُو بكر مُحَمَّد حَدثنَا الْفضل بن مُوسَى الْبَصْرِيّ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن بشار قَالَ سَمِعت سُفْيَان بن عُيَيْنَة يَقُول لَقِي عِيسَى ابْن مَرْيَم إِبْلِيس فَقَالَ لَهُ إِبْلِيس أَنْت الَّذِي بلغ من عظم ربوبيتك أَنَّك تَكَلَّمت فِي المهد صَبيا وَلم يتَكَلَّم فِيهِ أحد قبلك قَالَ بل الربوبية وَالْعَظَمَة للإله الَّذِي أنطقني ثمَّ يميتني ثمَّ يحييني قَالَ فَأَنت الَّذِي بلغ من عظم ربوبيتك أَنَّك تحيي الْمَوْتَى قَالَ بل الربوبية لله الَّذِي يميتني وَيُمِيت من أَحييت ثمَّ يحييني قَالَ وَالله إِنَّك لإله فِي السَّمَاء وإله فِي الأَرْض قَالَ فَصَكَّهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام بجناحه صَكَّة فَمَا تناهى دون قرن الشَّمْس ثمَّ صَكه أُخْرَى فَمَا تناهى دون الْعين الحامية ثمَّ صَكه صَكَّة فَأدْخلهُ بحار

ص: 277

السَّابِعَة فأساحه فِيهَا حَتَّى وجد طعم الحمأة فَخرج مِنْهَا وَهُوَ يَقُول مَا لَقِي أحد من أحد مَا لقِيت مِنْك يَا ابْن مَرْيَم

حَدثنَا اسحاق بن اسماعيل وَعَمْرو بن مُحَمَّد قَالَا حَدثنَا سُفْيَان عَن عَمْرو ابْن دِينَار عَن طَاوس قَالَ لَقِي الشَّيْطَان عِيسَى ابْن مَرْيَم فَقَالَ يَا ابْن مَرْيَم إِن كنت صَادِقا فَارق على هَذِه الشاهقة فألق نَفسك مِنْهَا فَقَالَ وَيلك ألم يقل الله يَا ابْن آدم لَا تختبرني بهلاكك فَإِنِّي أفعل مَا أَشَاء

حَدثنِي شُرَيْح بن يُونُس حَدثنَا عَليّ بن ثَابت عَن خطاب بن الْقَاسِم عَن أبي عُثْمَان قَالَ كَانَ عِيسَى عليه الصلاة والسلام يُصَلِّي على رَأس جبل فَأَتَاهُ إِبْلِيس فَقَالَ أَنْت الَّذِي تزْعم أَن كل شَيْء بِقَضَاء وَقدر قَالَ نعم قَالَ ألق نَفسك من الْجَبَل وَقل قدر عَليّ قَالَ يَا لعين الله يختبر الْعباد لَيْسَ للعباد أَن يختبروا الله عز وجل حَدثنِي الْحسن بن عبد الْعَزِيز الجروي حَدثنَا ابْن مسْهر حَدثنَا سعيد بن عبد الْعَزِيز أَن عِيسَى ابْن مَرْيَم عليه الصلاة والسلام نظر إِلَى إِبْلِيس فَقَالَ هَذَا ركون الدُّنْيَا إِلَيْهَا خرج وَإِيَّاهَا سَأَلَ لَا أشركه فِي شَيْء مِنْهَا وَلَا حجر أَضَعهُ تَحت رَأْسِي وَلَا أكون فِيهَا ضَاحِكا حَتَّى أخرج مِنْهَا حَدثنَا الْحسن حَدثنَا عَمْرو بن أبي سَلمَة عَن أبي سَلمَة عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز عَن ابْن حليس قَالَ قَالَ عِيسَى عليه الصلاة والسلام إِن الشَّيْطَان مَعَ الدُّنْيَا ومكره مَعَ المَال وتزيينه عِنْد الْهوى واستمكانه عِنْد الشَّهَوَات وَرَوَاهُ أَيْضا عَن مُحَمَّد بن إِدْرِيس عَن حَيْوَة بن شُرَيْح عَن بَقِيَّة بن الْوَلِيد عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز عَن ابْن حليس من قَوْله وتزيينه عِنْد اللَّهْو

الْبَاب الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة فِي تعرضه للنَّبِي صلى الله عليه وسلم

ثَبت فِي صَحِيح مُسلم عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ قَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فسمعناه يَقُول أعوذ بِاللَّه مِنْك ثمَّ قَالَ ألعنك بلعنة الله وَبسط يَده ثَلَاثًا كَأَنَّهُ يتَنَاوَل شَيْئا فَلَمَّا فرغ من الصَّلَاة قُلْنَا يَا رَسُول الله

ص: 278

قد سمعناك تَقول فِي الصَّلَاة شَيْئا لم نسمعك تَقوله قبل ذَلِك ورأيناك بسطت يدك قَالَ إِن عَدو الله إِبْلِيس جَاءَ بشهاب من نَار ليجعله فِي وَجْهي فَقلت أعوذ بِاللَّه ثَلَاث مَرَّات ثمَّ قلت ألعنك بلعنة الله التَّامَّة فَلم يسْتَأْخر ثَلَاث مَرَّات ثمَّ أردْت أَن آخذه وَالله لَوْلَا دَعْوَة أخينا سُلَيْمَان لأصبح موثقًا فلعب بِهِ ولدان أهل الْمَدِينَة وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الشَّيْطَان عرض لي فَشد عَليّ ليقطع الصَّلَاة عَليّ فأمكنني الله مِنْهُ فذعته وَلَقَد هَمَمْت أَن أوثقه إِلَى سَارِيَة حَتَّى تصبحوا فتنظروا إِلَيْهِ فَذكرت قَول سُلَيْمَان {وهب لي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي} فَرده الله خاسئا وَقد روى النَّسَائِيّ على شَرط البُخَارِيّ عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَنَّهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي فَأَتَاهُ الشَّيْطَان فَأَخذه فصرعه فخنقه قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى وجدت برد لِسَانه على يَدي وَلَوْلَا دَعْوَة سُلَيْمَان لأصبح موثقًا حَتَّى يرَاهُ النَّاس وَرَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث ابي سعيد وَفِيه فَأَهْوَيْت بيَدي فَمَا زلت أخنقه حَتَّى برد لعابه أُصْبُعِي هَاتين الْإِبْهَام وَالَّتِي تَلِيهَا

قَالَ الْحسن بن شادان أخبرنَا عُثْمَان بن أَحْمد الدقاق حَدثنَا يحيى ابْن جَعْفَر أَنبأَنَا ثَابت حَدثنَا اسحاق بن مَنْصُور أَنبأَنَا إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مر بِي الشَّيْطَان فَأَخَذته فخنقته حَتَّى أَنى لأجد برد لِسَانه على يَدي فَقَالَ أوجعتني أوجعتني فتركته وَقَالَ أَحْمد بن الْحسن بن الْجَعْد حَدثنَا مُحَمَّد ابْن بكار حَدثنَا خديج حَدثنَا أَبُو اسحاق عَن أبي عُبَيْدَة بن عبد الله عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لقد مر عَليّ الْخَبيث فَأَخَذته فخنقته خنقا شَدِيدا حَتَّى قَالَ أوجعتني وَقَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا حَدثنَا بشر بن الْوَلِيد حَدثنَا عُثْمَان بن مطر عَن ثَابت عَن أنس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَاجِدا بِمَكَّة فجَاء إِبْلِيس فَأَرَادَ أَن يطَأ عُنُقه فلفحه جِبْرِيل عليه الصلاة والسلام بجناحه لفحة فَمَا اسْتَقَرَّتْ قدماه حَتَّى بلغ الْأُرْدُن

ص: 279

وروى مَالك فِي الْمُوَطَّأ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ رَأَيْت لَيْلَة أسرى بِي عفريتا من الْجِنّ يطلبني بشعلة نَار كلما الْتفت رَأَيْته فَقَالَ جِبْرِيل أَلا أعلمك كَلِمَات تقولهن فتطفئ شعلته ويخر لفيه قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بلَى فَقَالَ جِبْرِيل قل أعوذ بِوَجْه الله الْكَرِيم وبكلمات الله التامات الَّتِي لَا يجاوزهن بر وَلَا فَاجر من شَرّ مَا ينزل من السَّمَاء وَمَا يعرج فِيهَا وَمن شَرّ مَا ذَرأ فِي الأَرْض وَمن شَرّ مَا يخرج مِنْهَا وَمن فتن اللَّيْل وَالنَّهَار وَمن طوارق اللَّيْل وَالنَّهَار إِلَّا طَارق يطْرق بِخَير يَا رَحْمَن بَين فِي الحَدِيث الأول الِاسْتِعَاذَة من الشَّيْطَان ولعنه بلعنة الله وَلم يسْتَأْخر بذلك فَمد يَده إِلَيْهِ وَبَين فِي الحَدِيث الثَّانِي أَن مد الْيَد كَانَ لخنقه لقَوْله عليه الصلاة والسلام دَفعته وَهَذَا دفع لعداوته بِالْفِعْلِ وَفِيه الخنق وَبِه اندفعت عداوته فَرده الله خاسئا وَأما الزِّيَادَة وَهُوَ ربطه إِلَى السارية وَهُوَ من بَاب التَّصَرُّف الملكي الَّذِي تَركه لِسُلَيْمَان فَإِن نَبينَا صلى الله عليه وسلم كَانَ يتَصَرَّف فِي الْجِنّ كتصرفه فِي الْإِنْس التَّصَرُّف عبد رَسُول الله يَأْمُرهُم بِعبَادة الله تَعَالَى وطاعته لَا يتَصَرَّف لأمر يرجع إِلَيْهِ وَهُوَ التَّصَرُّف الملكي فَإِنَّهُ كَانَ عبدا رَسُولا وَسليمَان نَبِي ملك وَالْعَبْد الرَّسُول أفضل من النَّبِي الْملك كَمَا أَن السَّابِقين المقربين أفضل من عُمُوم الْأَبْرَار أَصْحَاب الْيَمين وَالدَّلِيل على أَن العَبْد الرَّسُول أفضل من النَّبِي الْملك أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم عرض عَلَيْهِ أَن يكون نَبيا ملكا أَو عبدا رَسُولا فَاخْتَارَ أَن يكون عبدا رَسُولا وَلَا يخْتَار لنَفسِهِ إِلَّا مَا هُوَ الْأَفْضَل فِي نفس الْأَمر وَقَوله فَمَا زلت اخنقه حَتَّى برد لعابه وَقَوله حَتَّى وجدت برد لِسَانه على يَدي فَهَذَا فعله فِي الصَّلَاة وَهُوَ مِمَّا احْتج بِهِ الْعلمَاء على جَوَاز مثل هَذَا فِي الصَّلَاة وَهُوَ كدفع الْمَار وَقتل الأسودين وَالصَّلَاة حَالَة الْمُسَابقَة وَقد تنَازع الْعلمَاء فِي شَيْطَان الْجِنّ إِذا مر بَين يَدي الْمُصَلِّي هَل يقطع الصَّلَاة على قَوْلَيْنِ هما قَولَانِ فِي مَذْهَب أَحْمد وَقد تقدم هَذَا فِي الْبَاب الَّذِي عقدناه لهَذِهِ الْمَسْأَلَة وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

ص: 280

الْبَاب الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة فِي فرار الشَّيْطَان من عمر بن الْخطاب رضي الله عنه وصرعه إِيَّاه

روى البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص قَالَ اسْتَأْذن عمر على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَعِنْده نسْوَة من قُرَيْش يكلمنه وَفِي رِوَايَة يسألنه ويستكثرنه عالية أصواتهن على صَوته فَلَمَّا نزل على رَسُول الله آيَة الْحجاب أذن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لعمر فَدخل عمر مستأذنا وَالنَّبِيّ يضْحك فَقَالَ عمر أضْحك الله سنك يَا رَسُول الله بِأبي أَنْت وَأمي مَا يضحكك قَالَ عجبت من هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كن عِنْدِي فَلَمَّا سمعن صَوْتك ابتدرن الْحجاب قَالَ عمر فَأَنت يَا رَسُول الله أَحَق أَن يهبن ثمَّ قَالَ عمر أَي عدوات أَنْفسهنَّ أتهبنني وَلَا تهبن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قُلْنَ نعم أَنْت أفظ وَأَغْلظ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إيه يَا ابْن الْخطاب وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا لقيك الشَّيْطَان سالكا فجا إِلَّا سلك فجا غير فجك

وروى التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث بُرَيْدَة قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بعض مغازيه فَلَمَّا انْصَرف جَاءَت جوَيْرِية سُودًا فَقَالَت إِنِّي كنت نذرت إِن ردك الله سالما أَن أضْرب بَين يَديك بالدف وأتغنى فَقَالَ لَهَا إِن كنت نذرت فاضربي وَإِلَّا فَلَا فَقَالَت نذرت فَجَلَست تضرب فَدخل أَبُو بكر وَهِي تضرب ثمَّ دخل عَليّ وَهِي تضرب ثمَّ دخل عُثْمَان وَهِي تضرب ثمَّ دخل عمر فَأَلْقَت الدُّف تَحت استها وَقَعَدت عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الشَّيْطَان ليخاف مِنْك يَا عمر أَنِّي كنت جَالِسا وَهِي تضرب فَدخل أَبُو بكر وَهِي تضرب ثمَّ دخل عَليّ وَهِي تضرب ثمَّ دخل عُثْمَان وَهِي تضرب فَلَمَّا دخلت أَنْت يَا عمر القت الدُّف وَجَلَست عَلَيْهِ وروى التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ أَيْضا من حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جَالِسا فسمعنا لَغطا وَصَوت صبيان فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَإِذا حبشية تدفن وَالصبيان حولهَا فَقَالَ يَا عَائِشَة تعالي فانظري فَجئْت فَوضعت لحيي على منْكب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَجعلت أنظر إِلَيْهَا مَا بَين الْمنْكب إِلَى رَأسه

ص: 281

فَقَالَ لي أما شبعت قَالَت فَجعلت أَقُول لَا لأنظر منزلتي عِنْده إِذْ طلع عمر قَالَت فانفض النَّاس عَنْهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِنِّي لأنظر إِلَى شياطين الْجِنّ وَالْإِنْس قد فروا من عمر قَالَت فَرَجَعت وَقَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا حَدثنَا عَليّ بن الْجَعْد قَالَ أَخْبرنِي عِكْرِمَة بن عمار عَن عَاصِم قَالَ حَدثنِي زر قَالَت سَمِعت عبد الله يَقُول خرج رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فلقي الشَّيْطَان فاشتجرا فاصطرعا فصرعه الَّذِي من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الشَّيْطَان أَرْسلنِي أحَدثك حَدِيثا عجيبا يُعْجِبك قَالَ فَأرْسلهُ قَالَ فَحَدثني قَالَ لَا قَالَ فاتخذا الثَّانِيَة فاصطرعا فصرعه الَّذِي من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قَالَ أَرْسلنِي فلأحدثك حَدِيثا يُعْجِبك فَأرْسلهُ فَأرْسلهُ فَقَالَ حَدثنِي فَقَالَ لَا قَالَ فاتخذا الثَّالِثَة فصرعه الَّذِي من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ثمَّ جلس على صَدره وَأخذ بإبهامه يلوكها فَقَالَ أَرْسلنِي قَالَ لَا أرسلك حَتَّى تُحَدِّثنِي قَالَ سُورَة الْبَقَرَة فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا آيَة تقْرَأ فِي وسط شياطين إِلَّا تفَرقُوا وَلَا تقْرَأ فِي بَيت فَيدْخل ذَلِك الْبَيْت شَيْطَان قَالُوا يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن فَمن ذَلِك الرجل قَالَ فَمن تَرَوْنَهُ إِلَّا عمر بن الْخطاب رضي الله عنه وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فَقَالَ حَدثنَا جَعْفَر الصَّائِغ حَدثنَا عَفَّان حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَاصِم بِنَحْوِهِ وَالله أعلم

الْبَاب الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة فِي بَيَان لَقِي الشَّيْطَان حَنْظَلَة بن أبي عَامر غسيل الْمَلَائِكَة

قَالَ ابْن عبيد حَدثنِي مُحَمَّد بن الْحُسَيْن حَدثنِي قدامَة بن مُحَمَّد الخشرمي حَدثنِي مُحَمَّد بن حَفْص وَكَانَ من خِيَار أهل الْمَدِينَة عَن صَفْوَان ابْن سليم قَالَ يتحدث أهل الْمَدِينَة أَن عبد الله بن حَنْظَلَة بن الغسيل لقِيه الشَّيْطَان وَهُوَ خَارج من الْمَسْجِد فَقَالَ تعرفنِي يَا ابْن حَنْظَلَة فَقَالَ نعم فَقَالَ من أَنا قَالَ أَنْت الشَّيْطَان قَالَ فَكيف علمت ذَاك قَالَ خرجت وَأَنا أذكر الله فَلَمَّا بدأت أنظر إِلَيْك فشغلني النّظر إِلَيْك عَن

ص: 282

ذكر الله فَعلمت أَنَّك الشَّيْطَان قَالَ صدقت يَا ابْن حَنْظَلَة فاحفظ عني شَيْئا أعلمكه قَالَ لَا حَاجَة لي بِهِ قَالَ تنظر فَإِن كَانَ خيرا قبلت وَإِن كَانَ شرا رددت يَا ابْن حَنْظَلَة لَا تسْأَل أحدا غير الله سُؤال رَغْبَة وَانْظُر كَيفَ تكون إِذا غضِبت قلت غسيل الْمَلَائِكَة هُوَ حَنْظَلَة بن أبي عَامر وَاسم أبي عَامر عَمْرو وَقيل عبد عَمْرو بن صَيْفِي اسْتشْهد يَوْم اُحْدُ فروى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ رَأَيْت الْمَلَائِكَة تغسله فِي صحاف الْفضة بِمَاء المزن بَين السَّمَاء وَالْأَرْض قَالَ ابْن اسحاق فَسَأَلت امْرَأَته فَقَالَت كَانَ جنبا فَسمع الْهَاتِف فَخرج وَامْرَأَته هِيَ جميلَة بنت أبي بن سلول أُخْت عبد الله وَكَانَ ابتنى بهَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وَكَانَت عروسا عِنْده فرأت فِي النّوم تِلْكَ اللَّيْلَة أَن بَابا فِي السَّمَاء قد فتح لَهُ فدخله ثمَّ أغلق دونه قَالَت فَعلمت أَنه ميت من هَذِه فدعَتْ رجَالًا حِين أَصبَحت من قَومهَا فأشهدتهم على الدُّخُول بهَا خشيَة أَن يكون فِي ذَلِك نزاع ذكره الْوَاقِدِيّ وَذكره غَيره أَنه التمس فِي الْقَتْلَى فوجدوه يقطر رَأسه مَاء وَلَيْسَ بِقُرْبِهِ مَاء تَصْدِيقًا لما قَالَه الرَّسُول الله صلى الله عليه وسلم وَفِي هَذَا دَلِيل لما ذهب أَبُو حنيفَة رضي الله عنه إِلَيْهِ أَن الشَّهِيد إِذا كَانَ جنبا يغسل

الْبَاب السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة فِي بَيَان إغواء الشَّيْطَان قَارون

قَالَ أَبُو بكر الْقرشِي حَدثنَا مُحَمَّد بن إِدْرِيس حَدثنَا أَحْمد ابْن أبي الْحوَاري قَالَ سَمِعت أَبَا سُلَيْمَان وَغَيره قَالَ تبدى إِبْلِيس لقارون قَالَ وَقد كَانَ قَارون أَقَامَ فِي جبل أَرْبَعِينَ سنة يتعبد فِيهِ قد فاق بني اسرائيل فِي الْعِبَادَة قَالَ فَبعث إِلَيْهِ بشياطين لَهُ فَلم يقدروا عَلَيْهِ فتبدى لَهُ فَجعل يتعبد مَعَه وَجعل قَارون يفْطر وَهُوَ لَا يفْطر وَجعل هُوَ يظْهر من الْعِبَادَة مَا لَا يقوى عَلَيْهَا قَارون قَالَ فتواضع لَهُ قَارون قَالَ لَهُ إِبْلِيس قد رضيت بِهَذَا يَا قَارون لَا تشهد لبني إِسْرَائِيل جَنَازَة وَلَا جمَاعَة قَالَ فأحذره من الْجَبَل حَتَّى أدخلهُ الْبيعَة قَالَ فَجعلُوا يحملون إِلَيْهِمَا الطَّعَام قَالَ فَقَالَ لَهُ قد رَضِينَا بِهَذَا صرنا كلا على بني إِسْرَائِيل قَالَ فَأَي شَيْء الرَّأْي

ص: 283

قَالَ نكسب يَوْمًا ونتعبد بَقِيَّة الْجُمُعَة قَالَ نعم ثمَّ قَالَ لَهُ بعد قد رَضِينَا بُد أَن لَا نتصدق وَلَا نَفْعل قَالَ فَأَي شَيْء الرَّأْي قَالَ نكسب يَوْمًا ونتعبد يَوْمًا فَلَمَّا فعل ذَلِك حبس عَنهُ وَتَركه وَفتحت على قَارون الدُّنْيَا نَعُوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان وشره

الْبَاب السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة فِي بَيَان حُضُور الشَّيْطَان مجمع قُرَيْش بدار الندوة للتشاور فِي أَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وتقبيحه آراءهم وتصويبه رَأْي أبي جهل

قَالَ ابْن اسحاق لما رَأَتْ قُرَيْش أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد كَانَت لَهُ شيعَة وَأَصْحَاب من غَيرهم بِغَيْر بلدهم وَرَأَوا خُرُوج أَصْحَابه من الْمُهَاجِرين إِلَيْهِم عرفُوا أَنهم قد نزلُوا دَارا وَأَصَابُوا سَعَة فحذروا خُرُوج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَعرفُوا أَنه قد أجمع لحربهم فَاجْتمعُوا لَهُ فِي دَار الندوة وَهِي دَار قصي بن كلاب الَّتِي كَانَت قُرَيْش لَا تقضي أمرا إِلَّا فِيهَا يتشاورون فِيهَا مَا يصنعون فِي أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين خافوه فَحَدثني من لَا أتهم من أَصْحَابنَا عَن عبد الله بن أبي نجيح عَن مُجَاهِد بن جبر أبي الْحجَّاج وَغَيره مِمَّن لَا أتهم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما اجْتَمعُوا لذَلِك واتعدوا أَن يدخلُوا دَار الندوة ليتشاوروا فِيهَا فِي أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غدوا فِي الْيَوْم الَّذِي اتعدوا لَهُ وَكَانَ ذَلِك الْيَوْم يُسمى يَوْم الرَّحْمَة فاعترضهم إِبْلِيس فِي صُورَة شيخ جليل عَلَيْهِ بت لَهُ فَوقف على بَاب الدَّار فَلَمَّا رَأَوْهُ وَاقِفًا على بَابهَا قَالُوا من الشَّيْخ فَقَالَ شيخ من أهل نجد سمع بِالَّذِي اتعدتم لَهُ فَحَضَرَ مَعكُمْ ليسمع مَا تَقولُونَ وَعَسَى أَن لَا يعدمكم مِنْهُ رَأيا وَنصحا قَالُوا أجل فَادْخُلْ فَدخل وَقد اجْتمع فِيهَا أَشْرَاف قُرَيْش من بني عبد شمس عتبَة بن ربيعَة وَشَيْبَة بن ربيعَة وَأَبُو سُفْيَان بن حَرْب وَمن بني نَوْفَل بن عبد منَاف طعيمة بن عدي وَجبير بن مطعم والْحَارث ابْن عَمْرو بن نَوْفَل وَمن بني عبد الدَّار بن قصي النَّضر بن الْحَارِث بن كلدة وَمن بني أَسد بن عبد الْعُزَّى أَبُو البخْترِي بن هِشَام وَزَمعَة بن الْأسود وَحَكِيم ابْن حزَام وَمن بني مَخْزُوم أَبُو جهل بن هِشَام وَمن بني سهم نبيه ومنبه

ص: 284

ابْنا الْحجَّاج وَمن بني جمح أُميَّة بن خلف وَمن كَانَ مِنْهُم وَمن غَيرهم مِمَّن لَا يعد من قُرَيْش فَقَالَ بَعضهم لبَعض إِن هَذَا الرجل قد كَانَ من أمره مَا قد رَأَيْتُمْ وَأَنا وَالله لَا نَأْمَن من الْوُثُوب علينا بِمن قد اتبعهُ من غَيرنَا فاجمعوا بِهِ رَأيا قَالَ فتشاوروا ثمَّ قَالَ قَائِل مِنْهُم احْبِسُوهُ فِي الْحَدِيد واغلقوا عَلَيْهِ بَابا ثمَّ تَرَبَّصُوا بِهِ مَا اصاب اشباهه من الشُّعَرَاء الَّذين كَانُوا قبله زُهَيْر والنابغة من مضى مِنْهُم من هَذَا الْمَوْت حَتَّى يُصِيبهُ مَا أَصَابَهُم فَقَالَ الشَّيْخ النجدي لَا وَالله مَا هَذَا لكم بِرَأْي وَالله لَئِن حبستموه كَمَا تَقولُونَ ليخرجن أمره من وَرَاء الْبَاب الَّذِي أغلقتم دونه إِلَى أَصْحَابه فَلَا يُوشك أَن يثبوا عَلَيْكُم فينتزعوه من أَيْدِيكُم ثمَّ يكاثروكم حَتَّى يغلبوكم على أَمركُم مَا هَذَا لكم بِرَأْي فانظروا فِي غَيره فتشاوروا ثمَّ قَالَ قَائِل مِنْهُم نخرجهُ من بَين ظهرنا فننفيه من بِلَادنَا فَإِذا خرج عَنَّا فوَاللَّه مَا نبالي أَيْن ذهب وَلَا حَيْثُ وَقع إِذا غَابَ عَنَّا وفرغنا مِنْهُ أَصْلحنَا أمرنَا وَآلِهَتنَا كَمَا كَانَت فَقَالَ الشَّيْخ النجدي وَالله مَا هَذَا لكم بِرَأْي ألم تروا حسن حَدِيثه وحلاوة مَنْطِقه وغلبته على قُلُوب الرِّجَال بِمَا يَأْتِي بِهِ وَالله لَو فَعلْتُمْ ذَلِك مَا أمنت أَن يحل على حَيّ من الْعَرَب فيغلب بذلك عَلَيْهِم من قَوْله وَحَدِيثه حَتَّى يبايعوه عَلَيْهِ ثمَّ يسير بهم اليكم حَتَّى يطأكم بهم فَيخرج أَمركُم من أَيْدِيكُم ثمَّ يفعل بكم مَا أَرَادَ فأروا فِيهِ رَأيا غير هَذَا قَالَ فَقَالَ أَبُو جهل بن هِشَام وَالله إِن لي لرأيا مَا أَرَاكُم وقفتم عَلَيْهِ بعد قَالُوا وَمَا هُوَ يَا أَبَا الحكم قَالَ أرى أَن تَأْخُذُوا من كل قَبيلَة فَتى شَابًّا جلدا نسيبا وسطا ثمَّ نعطي كل فَتى مِنْهُم سَيْفا صَارِمًا ثمَّ يعمدوا إِلَيْهِ فَيَضْرِبُوهُ ضَرْبَة رجل وَاحِد فيقتلوه فنستريح مِنْهُ فَإِنَّهُم إِذا فعلوا ذَلِك تفرق دَمه فِي الْقَبَائِل جَمِيعًا فَلَا تقدر بَنو عبد منَاف على حَرْب قَومهمْ جَمِيعًا فرضوا منا بِالْعقلِ فعقلناه لَهُم قَالَ يَقُول الشَّيْخ النجدي القَوْل مَا قَالَ الرجل هَذَا الرَّأْي لَا أرى غَيره فَتفرق الْقَوْم على ذَلِك وهم مجمعون لَهُ فَأتى جِبْرِيل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَا تبيت اللَّيْلَة على فراشك الَّذِي كنت تبيت عَلَيْهِ قَالَ فَلَمَّا كَانَت عتمة من اللَّيْل اجْتَمعُوا على بَابه يَرْصُدُونَهُ حَتَّى ينَام فيثبوا عَلَيْهِ فَلَمَّا رأى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قَالَ لعَلي بن أبي طَالب نم على فِرَاشِي وتوشح ببردي هَذَا

ص: 285