الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن تَيْمِية أما سُؤال الْجِنّ وسؤال من يسألهم فَهَذَا إِن كَانَ على وَجه التَّصْدِيق لَهُم فِي كل مَا يخبرون بِهِ والتعظيم للسؤال فَهُوَ حرَام كَمَا ثَبت فِي الصَّحِيح عَن مُعَاوِيَة بن الحكم أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قيل لَهُ إِن قوما منا يأْتونَ الْكُهَّان قَالَ فَلَا تأتوهم وَفِي صَحِيح مُسلم عَنهُ عليه الصلاة والسلام انه قَالَ من أَتَى عرافا فَسَأَلَهُ عَن شَيْء لم تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأما إِن كَانَ يسْأَل الْمَسْئُول ليمتحن حَاله ويختبر بَاطِن أمره وَعِنْده مَا يُمَيّز بِهِ صدقه من كذبه فَهَذَا جَائِز كَمَا ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم سَأَلَ ابْن صياد فَقَالَ مَا يَأْتِيك قَالَ يأتيني صَادِق وكاذب قَالَ مَا ترى قَالَ ارى عرشا على المَاء قَالَ فَإِنِّي قد خبأت لَك خبيئا قَالَ هُوَ الدخ قَالَ اخْسَأْ فَلَنْ تعدو قدرك فَإِنَّمَا أَنْت من إخْوَان الْكُهَّان وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ يسمع مَا يَقُولُونَ ويخبرون بِهِ عَن الْجِنّ كَمَا يسمع الْمُسلمُونَ مَا يَقُوله الْكفَّار والفجار ليعرفوا مَا عِنْدهم فَكَمَا يسمع خبر الْفَاسِق ويتبين ويتثبت فَلَا يجْزم بصدقه وَلَا بكذبه إِلَّا بِبَيِّنَة كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن اهل الْكتاب كَانُوا يقرءُون التَّوْرَاة ويفسرونها بِالْعَرَبِيَّةِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا حَدثكُمْ أهل الْكتاب فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تكذبوهم فإمَّا أَن يحدثوكم بِحَق فتكذبوه وَإِمَّا أَن يحدثوكم بباطل فتصدقوه وَقُولُوا آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا وَمَا أنزل إِلَيْكُم وإلهنا وإلهكم وَاحِد وَنحن لَهُ مُسلمُونَ فقد جَازَ للْمُسلمين سَماع مَا يَقُولُونَهُ وَإِن لم يصدقوه وَلم يكذبوه ثمَّ سَاق حَدِيث يُرِيد الْجِنّ الَّذِي قدمْنَاهُ وَحَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ الْمُتَقَدّم
رَأْي الْمُؤلف وتعليقه
قلت لَا شكّ أَن الله تَعَالَى أقدر الْجِنّ على قطع الْمسَافَة الطَّوِيلَة فِي الزَّمن الْقصير بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى {قَالَ عفريت من الْجِنّ أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن تقوم من مقامك} فَإِذا سَأَلَ سَائل عَن حَادِثَة وَقعت أَو شخص فِي بلد بعيد فَمن الْجَائِز أَن يكون الجني عِنْده علم من تِلْكَ الْحَادِثَة وَحَال ذَلِك الشَّخْص
فيخبر وَمن الْجَائِز أَن لَا يكون عِنْده علم فَيذْهب ويكشف ثمَّ يعود فيخبر وَمَعَهُ هَذَا فَهُوَ خبر وَاحِد لَا يُفِيد غير الظَّن وَلَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ حكم غير الِاسْتِئْنَاس وَسَيَأْتِي فِي الْأَبْوَاب الْآتِيَة أَنْوَاع مِمَّا أخبروا بِهِ عقيب وُقُوعه ثمَّ تبين بعد ذَلِك وُقُوعه بِإِخْبَار الْإِنْس وَأما سُؤَالهمْ عَمَّا لم يَقع وتصديقهم فِيهِ بِنَاء على أَنهم يعلمُونَ الْغَيْب فَكفر وَعَلِيهِ يحمل قَوْله صلى الله عليه وسلم لَا تأتوهم وَقَوله من أَتَى عرافا الحَدِيث وَالله أعلم
الْبَاب التَّاسِع وَالسِّتُّونَ فِي شَهَادَة الْجِنّ للمؤذنين يَوْم الْقِيَامَة
فِي صَحِيح البُخَارِيّ والموطأ وَغَيرهمَا من حَدِيث ابْن أبي صعصعة أَن أَبَا سعيد قَالَ لَهُ أَرَاك تحب الْغنم والبادية فَإِذا كنت فِي باديتك أَو غنمك فَأَذنت بِالصَّلَاةِ فارفع صَوْتك بالنداء فَإِنَّهُ لَا يسمع مدى صَوت الْمُؤَذّن جن وَلَا إنس إِلَّا شهد لَهُ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ أَبُو سعيد سمعته من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
الْبَاب الموفي سبعين فِي نعي الْجِنّ عبد الله بن جدعَان وَفِيه قصَّة إِصَابَته الْكَنْز
قَالَ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد حَدثنِي أبي حَدثنَا هِشَام بن مُحَمَّد قَالَ أَخْبرنِي مَعْرُوف بن خَرَّبُوذ عَن أبي الطُّفَيْل عَامر بن وائلة قَالَ أَخْبرنِي شيخ من أهل مَكَّة عَن الْأَعْشَى بن إلْيَاس بن زُرَارَة التَّمِيمِي حَلِيف بني عبد الدَّار قَالَ خرجت مَعَ نفر من قُرَيْش نُرِيد الشَّام فنزلنا بواد يُقَال لَهُ وَادي عَوْف فعرسنا بِهِ فَاسْتَيْقَظت فِي بعض اللَّيْل فَإِذا أَنا بقائل يَقُول
…
أَلا هلك النساك غيث بني فهر
…
وَذُو الباع وَالْمجد التليد وَذُو الْفَخر
…
فَقلت فِي نَفسِي وَالله لأجيبنه فَقلت
…
أَلا أَيهَا الناعي أَخا الْجُود وَالْفَخْر
…
من الْمَرْء تنعاه لنا من بني فهر
…
فَقَالَ
…
نعيت ابْن جدعَان بن عَمْرو أَخا الندى
…
وَذَا الْحسب القدموس والمنصب الْقَهْر
…
فَقلت
…
لعمري لقد نوهت بالسيد الَّذِي
…
لَهُ الْفضل مَعْرُوفا على ولد النَّضر
…
فَقَالَ
…
مَرَرْت بنسوان يخمشن أوجبهَا
…
صياحا عَلَيْهِ بَين زَمْزَم وَالْحجر
…
فَقلت
…
مَتى إِن عهدي فِيهِ مُنْذُ عرُوبَة
…
وَتِسْعَة أَيَّام لغرة ذَا الشَّهْر
…
فَقَالَ
…
ثوى مُنْذُ أَيَّام ثَلَاث أَيَّام كوامل
…
مَعَ اللَّيْل أَو فِي اللَّيْل أَو وضح الْفجْر
…
فَاسْتَيْقَظت الرّفْقَة فَقَالُوا من تخاطب فَقلت هَذَا هَاتِف ينعى ابْن جدعَان فَقَالُوا وَالله لَو بَقِي اُحْدُ بشرف أَو عز أَو كَثْرَة مَال لبقي عبد الله بن جدعَان فَقَالَ ذَلِك الْهَاتِف
…
أرى الْأَيَّام لَا تبقى عَزِيزًا
…
لعزته وَلَا تبقي ذليلا
…
فَقلت
…
وَلَا تبقى من الثقلَيْن شغرا
…
وَلَا تبقي الحزون وَلَا السهولا
…
قَالَ فَنَظَرْنَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَة فرجعنا إِلَى مَكَّة فوجدناه قد مَاتَ كَمَا قَالَ
قلت عبد الله بن جدعَان بن عَمْرو بن كَعْب بن سعد بن تيم يكنى أَبَا زُهَيْر هُوَ ابْن عَم عَائِشَة الصديقة كَانَ فِي ابْتِدَاء أمره صعلوكا وَكَانَ مَعَ ذَلِك شريرا لَا يزَال يجني الْجِنَايَات فيعقل عَنهُ أَبوهُ وَقَومه حَتَّى أبغضته عشيرته ونفاه أَبوهُ وَحلف أَن لَا يؤويه أبدا لما أثقله من الْغرم وَحمله من الدِّيات فَخرج فِي شعاب مَكَّة حائرا يتَمَنَّى نزُول الْمَوْت بِهِ فَدخل فِي شقّ جبل يَرْجُو أَن يكون فِيهِ مَا يقْتله ليستريح فَإِذا ثعبان عَظِيم لَهُ عينان تقدان كالسراجين فَحمل عَلَيْهِ الثعبان فأفرج لَهُ فانساب عَنهُ مستديرا بدارة عِنْدهَا بَيت فخطا خطْوَة أُخْرَى فَصَعدَ بِهِ الثعبان وَأَقْبل اليه كالسهم فأفرج لَهُ
فانساب فَوَقع فِي نَفسه أَنه مَصْنُوع فأمسكه فَإِذا هُوَ مَصْنُوع من ذهب وَعَيناهُ ياقوتتان فَكَسرهُ وَأخذ عَيْنَيْهِ وَدخل الْبَيْت فَإِذا جثث طوال على سرر لم ير مثلهم طولا وعظما وَعند رؤوسهم لوح من فضَّة فِيهِ تاريخهم فَإِذا هم رجال من مُلُوك جرهم وَآخرهمْ موتا الْحَارِث بن مضاض صَاحب الْقرْيَة الطَّوِيلَة وَإِذا عَلَيْهِم ثِيَاب لَا يمس مِنْهَا شَيْء إِلَى أنتثر كالهباء من طول الزَّمن قَالَ ابْن هِشَام كَانَ اللَّوْح من رُخَام وَكَانَ فِيهِ أَبُو نفيلة بن عبد المدان ابْن خشرم بن عبد ياليل بن جرهم بن قحطان بن هود نَبِي الله عِشْت خَمْسمِائَة عَام وَقطعت غور الأَرْض بَاطِنهَا وظاهرها فِي طلب الثروة وَالْمجد وَالْملك فَلم يكن ذَلِك ينجيني من الْمَوْت وَتَحْته مَكْتُوب
…
قد قطعت الْبِلَاد فِي طلب الثروة
…
وَالْمجد قالص الأثواب
وسريت الْبِلَاد قفرا لقفر
…
بقناتي وقوتي واكتسابي
فَأصَاب الردى سَواد فُؤَادِي
…
بسهام من المنايا صعاب
فانقضت شرتي واقصر جهلي
…
واستراحت عواذلي من عتابي
وَدفعت السفاه بالحلم لما
…
نزل الشيب فِي مَحل الشَّبَاب
صَاح هَل رَأَيْت أَو سَمِعت براع
…
رد فِي الضَّرع مَا قرى فِي الحلاب
…
وَإِذا فِي وسط الْبَيْت كوم عَظِيم من الْيَاقُوت واللؤلؤ وَالذَّهَب وَالْفِضَّة والزبرجد فَأخذ مِنْهُ مَا أَخذ ثمَّ علم على الشق بعلامة وأغلق بَابه بِالْحِجَارَةِ وَأرْسل إِلَى أَبِيه بِالْمَالِ الَّذِي خرج بِهِ يسترضيه ويستعطفه وَوصل عشيرته كلهم وسادهم وَجعل ينْفق من ذَلِك الْكَنْز وَيطْعم النَّاس وَيفْعل الْمَعْرُوف فَلَمَّا كبر وهرم أَرَادَ بَنو تَمِيم أَن يمنعوه من تبذير مَاله ولاموه فِي الْعَطاء فَكَانَ يَدْعُو الرجل فَإِذا دنا مِنْهُ لطمه لطمة خَفِيفَة ثمَّ يَقُول قُم فَأَنْشد لطمتك واطلب دِيَتهَا فَإِذا فعل أَعطَتْهُ بَنو تَمِيم من مَال ابْن جدعَان حَتَّى يرضى وَذكر ابْن قُتَيْبَة فِي غَرِيب الحَدِيث أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ كنت أستظل بِظِل جَفْنَة عبد الله بن جدعَان صَكَّة عمى يَعْنِي بالهاجرة قَالَ ابْن قُتَيْبَة كَانَت جفنته يَأْكُل مِنْهَا الرَّاكِب على الْبَعِير وَسقط فِيهَا صبي فغرق أَي مَاتَ وَكَانَ أُميَّة بن أبي الصَّلْت قبل أَن يمدحه اتى بني الديَّان من بني الْحَارِث بن كَعْب فراى طَعَام بني عبد المدان مِنْهُم لباب الْبر والشهد
وَالسمن وَكَانَ ابْن جدعَان يطعم التَّمْر والسويق ويسقي اللَّبن فَقَالَ أُميَّة
…
وَلَقَد رَأَيْت الفاعلين وفعلهم
…
فَرَأَيْت أكْرمهم بني الديَّان
الْبر يلبك بالشهاد طعامهم
…
لَا مَا تعللنا بَنو جدعَان
…
فَبلغ شعره عبد الله بن جدعَان فَأرْسل ألفي بعير إِلَى الشَّام تحمل إِلَيْهِ الْبر والشهد وَالسمن وَجعل مناديا يُنَادي على الْكَعْبَة إِلَّا هلموا إِلَى جَفْنَة عبد الله ابْن جدعَان فَقَالَ أُميَّة عِنْد ذَلِك
…
لَهُ دَاع بِمَكَّة مشمعل
…
وَآخر فَوق كعبتها يُنَادي
إِلَى ردح من الشيزا عَلَيْهَا
…
لباب الْبر يلبك بالشهاد
…
وَفِي صَحِيح مُسلم أَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن ابْن جدعَان كَانَ يطعم الطَّعَام ويقري الضَّيْف فَهَل يَنْفَعهُ ذَلِك يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ لَا لِأَنَّهُ لم يقل يَوْمًا رب اغْفِر لي خطيئتي يَوْم الدّين وروى ابْن اسحاق ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لقد شهِدت فِي دَار عبد الله بن جدعَان حلفا مَا أحب أَن لي بِهِ حمر النعم وَلَو دعيت إِلَيْهِ فِي الْإِسْلَام لَأَجَبْت المُرَاد بِهِ حلف الفضول وَكَانَ فِي ذِي الْقعدَة قيل المبعث بِعشْرين سنة وَالله أعلم
الْبَاب الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ فِي بَيَان نوح الْجِنّ على أبي عُبَيْدَة وَأَصْحَابه
قَالَ أَبُو بكر بن مُحَمَّد حَدثنِي الْعَبَّاس بن هِشَام بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن مُحَمَّد بن سعيد بن رَاشد مولى النخع عَن رجل من اهل الطَّائِف قَالَ لما أَبْطَأَ عَليّ عمر بن الْخطاب خبر أبي عُبَيْدَة بن مَسْعُود وَأَصْحَابه وَكَانُوا بقبس الناطف اشْتَدَّ همه وَجعل يسْأَل عَن خبرهم فَقدم رجل من أهل الطَّائِف فَحدث فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنهم كَانُوا بواد من أَوديَة الطَّائِف يُقَال لَهُ سهر أسمار فَسَمِعُوا نائحة يحسبون أَنَّهَا بِالْقربِ مِنْهُم فَسَمِعُوا نسَاء يَنحن وَيَقُلْنَ
…
مت على الْخيرَات ميتَة خَالِد
…
إِذا مَا صبرت يَوْم اللِّقَاء
قدس الله معركا شهدوه
…
والملا الْأَبْرَار خير ملاء
…
معركا فِيهِ ظلت الْجِنّ تبْكي
…
مبسمات الْأَبْكَار بيض الدِّمَاء
كم كريم مجدل غادروه
…
مُؤمن الْقلب مستجاب الدُّعَاء
يقطع اللَّيْل لَا ينَام صَلَاة
…
وجؤارا يمده ببكاء
…
ثمَّ يقلن يَا أَبَا عبيداه يَا سليطاه قَالَ الطَّائِفِي فَجعلنَا نتبع الصَّوْت فنسمع الأبيات وَمَا يقلن بعْدهَا وَنحن مِنْهُ فِي الْبعد على حَال وَاحِدَة فَقدم الطَّائِفِي على عمر فَأخْبرهُ فَكتب عمر الَّذِي سمع مِنْهُ فوجدوا أَبَا عُبَيْدَة وَأَصْحَابه قتلوا ذَلِك الْيَوْم سليطاه الْمَذْكُور فِي الندبة هُوَ سليط بن قيس الْأنْصَارِيّ كَانَ على النَّاس هُوَ وَأَبُو عُبَيْدَة بن مَسْعُود وَالله تَعَالَى أعلم
الْبَاب الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ فِي نوحهم على النخع لما أصيبوا يَوْم الْقَادِسِيَّة
قَالَ ابْن ابي الدُّنْيَا حَدثنِي الْعَبَّاس بن هِشَام بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده قَالَ سَمِعت أَشْيَاخ النخع يذكرُونَ قَالُوا أُصِيب النخع بالقادسية فَسَمِعُوا نوح الْجِنّ فِي وَاد من أَوديَة الْيمن وهم يَقُولُونَ
…
أَلا فاسلمي يَا عكرم ابْنة خَالِد
…
وَمَا خير زَاد بِالْقَلِيلِ المصرد
فحيتك عني الشَّمْس عِنْد طُلُوعهَا
…
وحيال عني كل ركب مُفْرد
وحيتك عني عصبَة نخعية
…
حسان الْوُجُوه آمنُوا بِمُحَمد
أَقَامُوا لكسرى يضْربُونَ جُنُوده
…
بِكُل رَقِيق الشفرتين مهند
إِذا ثوب الدَّاعِي أَقَامُوا بكلكل
…
من الْمَوْت مغبر العياطيل أسود
…
قَالَ فَجَاءَهُمْ مَا أصَاب النخع يَوْم الْقَادِسِيَّة من الْقَتْل وَالله تَعَالَى أعلم
الْبَاب الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ فِي رثاء الْجِنّ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه
قَالَ الْقرشِي حَدثنِي مُحَمَّد بن عباد بن مُوسَى حَدثنِي مُحَمَّد ابْن ثَابت الْبنانِيّ عَن ابيه قَالَ قَالَت عَائِشَة رضي الله عنها إِذا سركم أَن يحسن الْمجْلس فَأَكْثرُوا وَذكر عمر بن الْخطاب ثمَّ قَالَت وَالله إِنَّا لوقوف بالمحصب إِذْ أقبل رَاكب حَتَّى إِذا كَانَ قدر مَا يسمع صَوته قَالَ
…
أبعد قَتِيل بِالْمَدِينَةِ اشرقت
…
لَهُ الأَرْض واهتز الفضاء بأسوق
جزى الله خيرا من إِمَام وباركت
…
يَد الله فِي ذَاك الْأَدِيم الممزق
قضيت أمورا ثمَّ غادرت بعْدهَا
…
بوائح فِي أكمامها لم تفتق
…
وَكنت نشرت الْعدْل بِالْبرِّ والتقى
…
وحلم صَلِيب الدّين غير مروق
فَمن يسع أَو يركب جناحي نعَامَة
…
ليدرك مَا قدمت بالْأَمْس يسْبق
أَمِين النَّبِي حبه وَصفيه
…
كَسَاه المليك جُبَّة لم تمزق
ترى الْفُقَرَاء حوله فِي مفازة
…
شباعا رواء ليلهم لم يروق
…
قَالَت ثمَّ انصرفنا فَلم نر شَيْئا قَالَ النَّاس هَذَا مزرد ثمَّ أَقبلنَا حَتَّى انتهينا على الْمَدِينَة فَوَثَبَ إِلَيْهِ أَبُو لؤلؤة الْخَبيث فَقتله فوَاللَّه إِنَّه لمسجى بَيْننَا إِذْ سمعنَا صَوتا فِي جَانب الْبَيْت لَا نَدْرِي من أَيْن يَجِيء
…
ليبك على الْإِسْلَام من كَانَ باكيا
…
فقد أوشكوا هلكي وَمَا قرب الْعَهْد
وأدبرت الدُّنْيَا وَأدبر خَيرهَا
…
وَقد ملها من كَانَ يُوقن بالوعد
…
فَلَمَّا ولي عُثْمَان لَقِي مزردا فَقَالَ انت صَاحب الأبيات قَالَ وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا قلتهن قَالَ فيرون أَن بعض الْجِنّ رثاه وَقَالَ أَبُو بكر بن مُحَمَّد حَدثنَا يجيى السَّاجِي حَدثنَا عَبدة بن عبد الله حَدثنَا مُحَمَّد بن بشر حَدثنَا مسعر عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن الصَّقْر بن عبد الله عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت بَكت الْجِنّ على عمر بن الْخطاب قبل أَن يقتل بِثَلَاث فَقَالَت
…
جزى الله خيرا من أَمِير وباركت
…
يَد الله فِي ذَاك الْأَدِيم الممزق
…