الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المنصور بنصر الله أبو الطاهر إسماعيل
ابن محمد القائم بن عبيد الله المهدي
ولد بالمهدية في أول ليلة من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثمائة، وقيل ولد بالقيروان في سنة اثنتين وثلاثمائة، وقيل بل في سنة إحدى وثلاثمائة.
وبويع له في شوال سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة.
وتوفي يوم الأحد الثالث وعشرين من شوال، وقيل يوم الجمعة مع الظهر سلخ شوال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وسترت وفاته إلى يوم الأحد سابع ذي الحجة منها.
وكان له من العمر إحدى وأربعين سنة وخمسة أشهر.
وكانت ولايته الخلافة بعد أبيه ثماني سنين، وقيل: سبع سنين وعشرة أيام، وقيل: كان عمره تسعا وثلاثين سنة.
وكان فصيحا بليغا خطيبا حاد الذهن، حاضر الجواب، بعيد الغور، جيد الحدس، يخترع الخطبة لوقته؛ وأحواله التي تقدم ذكرها مع أبي يزيد وغيره تدل على شجاعته وعقله.
قال أبو جعفر أحمد بن محمد المرورذي:
كنت مع المنصور في اليوم الذي أظهره الله بمخلد بن كيداد أبي يزيد، وهزمه، فتقدمت إليه، وسلمت عليه، وقبلت يده، ودعوت له بالنصر والظفر، فأمرني بالركوب وقد جمع عليه سلاحه وآلة حربه، وتقلد سيف جده ذا الفقار، وأخذ بيده رمحين فحدثته ساعة، فجال به الفرس، ورد أحدهما إلى يده اليسرى، فسقط إحدى الرمحين من يده إلى الأرض،
فتفاءلت له بالظفر، ونزلت مسرعا، فرفعت الرمح من الأرض، ومسحته بكمي، فرفعته إليه، وقبلت يده، وقلت:
فألقت عصاها واستقرّ بها النوى
…
كما قرّ عيناً بالإياب المسافر
فأخذ المنصور الرمح من يدي وقال: هلا قلت ما هو خير من هذا وأصدق؟.
قال، قلت: وما هو؟.
قال: قال الله عز وجل: " وأَوْحَيْنا إلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فّإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يأْفِكون؛ فَوَقَعَ الحقُّ وبَطَلَ ما كانوا يَعْمَلُون، فغُلِبوا هُنالِكَ وانقَلَبُوا صاغرينَ ".
قال: فقلت: يا مولانا: أنت ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإمام الأمة، عليكم نزل القرآن، ومن بيتكم درجت الحكم، فقلت أنت بما عندك من نور النبوة، وقال عبدك بما بلغه من علمه ومعرفته بكلام العرب وأهل الشعر.
وكان الأمر كما قال، فما هو إلا أن أشرف على عسكر أبي يزيد حتى ضرب الله في وجوههم، فقتلوا، وأحرق عسكرهم وخيامهم بالنار، وولى أبو يزيد في بقية أصحابه خائبين إلى داخل المغرب.
ولما صارت الخلافة إلى المنصور في الشهر الذي توفى أبوه فيه، لم يغير السكة ولا البنود، وأقام على ذلك إلى سنة ست وثلاثين وثلاثمائة فأظهر موت أبيه بعد أن ظفر بأبي يزيد.
وكان سبب موته: أنه خرج إلى سفاقس وتونس، ثم إلى قابس، وبعث يدعو
أهل جربة إلى الطاعة فأجابوه، وأخذ منهم رجالا وعاد، وكانت سفرته شهرا.
وعهد إلى ابنه معد وجعله ولى عهده.
فلما كان شهر رمضان سنة إحدى وأربعين خرج متنزها إلى مدينة جلولاء وهو موضع كثير الثمار، وفيه من الأترج ما لا يحمل الجمل منه غير أربع أترجات لعظمه فحمل منه إلى قصره، وكانت له حظية يحبها، فلما رأت الأترج استحسنته، وأحبت أن تراه في أغصانه، فأجابها إلى ذلك، ورحل بها في خاصته، وأقام بها أياما ثم عاد إلى المنصورية، فأصابه في الطريق ريح شديد، وبرد ومطر أقام أياما، وكثر الثلج، فمات جماعة ممن معه.
واعتل المنصور علة شديدة، ووصل المنصورية، فأراد عبور الحمام فنهاه طبيبه إسحاق ابن سليمان الإسرائيلي عن ذلك، فلم يقبل، ودخل الحمام ففنيت الحرارة الغريزية منه، ولازمه السهر، فأخذ طبيبه يعالج المرض دون السهر، فاشتد ذلك على المنصور وقال لبعض خواصه: أما في القيروان طبيب غير إسحاق؟ فأحضر إليه شاب من الأطباء يقال له: أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد بن الجزار، فجمع له أشياءً مخدرة، وكلفه شمها، فنام، وخرج وهو مسرور بما فعله، فجاء إسحاق ليدخل على المنصور، فقيل له إنه نائم، فقال: إن كان صنع له شيء ينام منه فقد مات، فدخلوا عليه فإذا هو ميت، فدفن في قصره.
وأرادوا قتل ابن الجزار الذي صنع له المنوم، فقام معه إسحاق، وقال:
لا ذنب له، إنما داواه بما ذكره الأطباء، غير أنه جهل أصل المرض، وما عرفتموه، وذلك أنني في معالجته أقصد تقوية الحرارة الغريزية، وبها يكون النوم، فلما عولج بما يطفئها علمت أنه قد مات.
وكان نقش خاتمه: بنصر الباطن الظاهر، ينتصر الإمام أبو الطاهر.
وكان يشبه بأبي جعفر المنصور من خلفاء بني العباس لأن كلا منهما اختلت عليه الدولة، وأصفقت عليه الحروب، وكاد يسل من الخلافة، فهب له ريح النصر، وتراجع له أمره حتى لم يبق مخالف.
وأولاده: أبو تميم المعز لدين الله: وحيدرة مات بمصر في جمادى الآخرة سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، وصلى عليه العزيز بالله.
وهاشم مات بمصر في ربيع الأول سنة ثمان وستين وثلاثمائة، وصلى عليه العزيز بالله.
وطاهر مات في المحرم سنة تسع وخمسين وثلاثمائة بالمغرب.
وأبو عبد الله الحسين مات بالمغرب.
وخمس بنات: هبة، وأروى، وأسماء متن بمصر أيام المعز لدين الله.
وأم سلمة ماتت بمصر أيام العزيز بالله.
ومنصورة ماتت بالمغرب.
وكان له أمهات أولاد ثلاث.
وقضاته: أحمد بن محمد بن أبي الوليد.
ثم محمد بن أبي المنصور.
ثم عبد الله بن قاسم.
ثم علي بن أبي سفيان.
ثم أبو محمد زرارة.
ثم أبو حنيفة النعمان بن محمد التميمي.
وحاجبه: جعفر بن علي.