المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ إبطال قول الملاحدة القائلين بقدم العالم - اجتماع الجيوش الإسلامية - ط عطاءات العلم - الكتاب

[ابن القيم]

الفصل: ‌ إبطال قول الملاحدة القائلين بقدم العالم

وتأمل ما في هذه الآيات من‌

‌ الرد على طوائف المعطلين والمشركين

، فقوله: {

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ .. } يتضمن:‌

‌ إبطال قول الملاحدة القائلين بقِدَم العالم

، وأنه لم يزل، وأن الله سبحانه لم يخلقه بقدرته ومشيئته. ومن أثبت منهم وجود الرب جعله لازمًا لذاته أزلًا

(1)

وأبدًا غير مخلوق، كما هو [ظ/ق 16 أ] قول ابن سينا والنصير الطوسي وأتباعهما من الملاحدة الجاحدين لِمَا اتَّفقت عليه الرسل عليهم الصلاة والسلام والكتب، وشهدت به العقول والفِطَر.

وقوله تعالى: {

ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ

} يتضمن: إبطال قول المعطلة والجهمية الذين يقولون: ليس على العرش شيء

(2)

سوى العدم، وإن الله ليس مستويًا على عرشه، ولا ترفع إليه الأيدي، ولا يصعد إليه الكلم الطيب، ولا رفع المسيح عليه الصلاة والسلام إليه، ولا عرج برسوله محمد صلى الله عليه وسلم إليه، ولا تعرج الملائكة والروح إليه، ولا ينزل من عنده جبريل عليه الصلاة والسلام ولا غيره، ولا ينزل هو كل ليلة إلى السماء

(3)

الدنيا، ولا يخافه عباده من الملائكة وغيرهم من

(1)

في (ب): «أولًا» ، وهو خطأ.

(2)

من (أ، ت، ظ).

(3)

في (أ، ب، ت، ع): «سماء» .

ص: 88

فوقهم، ولا يراه المؤمنون في الدار الآخرة عيانًا بأبصارهم من فوقهم، ولا تجوز الإشارة إليه بالأصابع إلى فوق، كما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في أعظم مجامعه في حجة الوداع إليه، وجعل يرفع إصبعه إلى السماء وينكبها إلى الناس ويقول: اللهم اشهد

(1)

.

قال شيخ الإسلام

(2)

: «وهذا كتاب الله من أوله إلى آخره، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعامة كلام الصحابة والتابعين، وكلام سائر الأئمة؛ مملوء بما هو نصٌّ أو ظاهر

(3)

في أن الله سبحانه وتعالى فوق كل شيء، وأنه فوق العرش، فوق السماوات مستو على عرشه.

مثل قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ .. } الآية [فاطر/ 10].

وقوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران/ 55].

(1)

أخرجه مسلم في صحيحه (1218) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مطوَّلًا في حجة الوداع.

وأخرجه البخاري في صحيحه رقم (1654، 6667) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه مطوَّلًا.

(2)

كما في مجموع الفتاوى (5/ 12، 13) نحوه.

(3)

في الفتاوى: «مملوء بما هو إمَّا نصٌّ، وإما ظاهر» .

ص: 89

وقوله تعالى: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء/ 158].

وقوله تعالى: {ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج/ 3، 54].

وقوله تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ [ب/ق 19 أ] ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة/5].

وقوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل/50].

وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [البقرة/29].

وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف/54].

وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [يونس/3]. فذكر التوحيدين في هذه الآية.

وقوله تعالى: {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) الرَّحْمَنُ عَلَى

ص: 90

الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه/4، 5].

وقوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58) الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان/58، 59].

وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ [ظ/ق 16 ب] السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد/4]، فذكر عموم علمه

(1)

وعموم قدرته، وعموم إحاطته وعموم رؤيته.

وقوله عز وجل: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4) يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5) ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}

(2)

[السجدة/4 ـ 6].

وقوله عز وجل: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ

(1)

في (ت): «عمله» وهو خطأ.

(2)

هذه الآيات من (ظ) فقط.

ص: 91

نَذِيرِ} [الملك/16، 17].

وقوله تعالى: {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت/ 42].

وقوله عز وجل: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى/1]، فالله عز وجل هو العلي الأعلى، علا كل شيء من كلِّ وجهٍ

(1)

.

وقوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [الجاثية/2].

وقوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا

} الآية [غافر/36، 37].

قال أبو الحسن الأشعري ــ وقد احتج بهذه الآية على الجهمية ــ: فأكذب

(2)

فرعون موسى عليه السلام في قوله: إن الله فوق السماوات»

(3)

. وسيأتي إن شاء الله تعالى حكاية كلامه بحروفه

(4)

.

(1)

هذه الآية وما بعدها إلى هنا من «ظ» فقط.

(2)

في الإبانة (ص/85): «فكذَّب» .

(3)

في (ظ): «

موسى عليه السلام: إن الله فوق السماء»، ووقع في (ب):«نور» مكان: «فوق» .

(4)

في (ظ): «وسيأتي كلامه بحروفه» .

ص: 92