المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ قصة حمر الوحش المشهورة - اجتماع الجيوش الإسلامية - ط عطاءات العلم - الكتاب

[ابن القيم]

الفصل: ‌ قصة حمر الوحش المشهورة

وفي هذا الباب‌

‌ قصة حُمُر الوحش المشهورة

التي ذكرها غير واحدٍ: أنها انتهت إلى الماء لتَرِده فوجدت المناجل

(1)

حوله فتأخرت عنه، فلما جهدها العطش رفعت رأسها إلى السماء، وجأرت إلى الله سبحانه بصوتٍ واحدٍ فأرسل الله سبحانه

(1)

في (مط): «الناس» ، وفي (ع):«الناحل» ، وهو تصحيف. والمناجل: جمع مِنْجَل، وهو الذي يقضب به العود من الشجر فيُنْجَلَ به، أي: يُرمَى به. والمراد أن الحُمُر وجدت ما قُطِع من الشجر مطروحًا في الماء لصيدها، فلم تشرب. انظر: اللسان (11/ 647).

ص: 518

عليها السماء بالمطر حتى شربت وانصرفت

(1)

.

وذكر شيخ الإسلام الهروي

(2)

بإسناده عن عبد الله بن وهب قال: «أكرموا البقر؛ فإنها لم ترفع رأسها إلى السماء منذ عُبِدَ العِجْل حياءً من الله عز وجل» .

وقد رُويَ مرفوعًا عن ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن أبي هند عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أكرموا البقر؛ فإنها سيدة البهائم، ما رفعت طرفها إلى السماء حياءً من الله عز وجل منذ عُبِدَ العجل»

(3)

.

قلت: ولا يثبت رفعه، فإن أبا هند مجهول.

(1)

أخرجه أبو الشيخ في العظمة (5/ 1763) رقم (1262) مطوَّلًا.

(2)

لعله ذكره في كتابه «الفاروق» ، والأثر لم أقف عليه.

(3)

أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (2/ 207) من طريق عبد الله بن محمد الأنصاري لكن فيه «عن حميد» بدل «عن أبي هند» .

قال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع، والمتهم به عبد الله بن وهب النسوي، قال ابن حبان:«كان دجَّالًا يضع الحديث على الثقات، لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح فيه» .

وتعقَّبه الذهبي في تلخيص الموضوعات بقوله: وهذا وهم منه. ولعله يعني أن عبد الله بن وهب هذا ليس الوضَّاع، وإنما هو المصري الثقة المعروف.

ص: 519

والمقصود أن هذه فطرة

(1)

الله التي فطر

(2)

عليها الحيوان وغيره

(3)

، حتى أبلد الحيوان الذي

(4)

يضرب ببلادته

(5)

المثل وهو البقر.

فصل

ولعل قائلًا يقول: كيف يحتج علينا في هذه المسألة بأقوال من حكيت قوله، ممن ليس قوله حُجَّة، فأجلبت بها، ثم لم تقنع بذلك حتى ذكرت

(6)

أقوال الشعراء، ثم لم يكفك ذلك حتى جئت بالجن

(7)

، ثم لم تقتصر حتى استشهدت بالنمل وحمر الوحش= فأين الحجة في ذلك كله؟

وجواب هذا القائل أن نقول

(8)

: قد عُلم أن كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وسائر أنبيائه عليهم السلام والصحابة

(1)

في (ب): «فِطَر» .

(2)

في (ب، ع): «فطر الناس» .

(3)

من (ب) فقط.

(4)

كذا في (ظ، مط)، وفي باقي النسخ:«التي» إلا في النسخة (ب)، فقد كتب على هذه الكلمة ناسخ (ب):«الذي» .

(5)

في (مط): «ببلادتها» .

(6)

في (مط): «حكيت» .

(7)

في (مط): «بأقوال الجنّ» .

(8)

في (مط): «يُقال» .

ص: 520

والتابعين رضي الله عنهم ليس عندكم

(1)

حُجّة في هذه المسألة، إذ غاية أقوالهم عندكم

(2)

أن تكون ظواهر سمعية، وأدلة لفظية معزولة عن اليقين

(3)

، متواترها يُدفع بالتأويل، وآحادها يُقابل بالتكذيب، فنحن لم نحتج عليكم [ب/ق 89 أ] بما حكيناه، وإنما كتبناه لأمور:

منها: أن يُعلم بعض ما في الوجود، ويَعْلم الحال من هو بها جاهل.

ومنها: أن يُعلم أن أهل الإثبات أولى بالله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة والتابعين وأئمة الإسلام وطبقات أهل العلم والدين= من الجهمية المعطلة

(4)

.

ومنها: أن نُعرِّف الجهمي النافي: لمن خالف من طوائف المسلمين؟ وعلى من شهد بالتشبيه والتمثيل؟ وعلى من أسجل

(5)

بالتكفير؟ وعِرْضَ مَنْ مزَّق من الأئمة؟

(6)

.

ومنها: أن نعرف عساكر الإسلام والسنة وأمراءها، وعساكر البدع

(1)

في (ب): «عندهم» ، وهو خطأ، ووقع في (مط):«ليس حجة عندكم» .

(2)

في (ب): «عندهم» ، وهو خطأ، وقد سقط من (أ، ت، ع، مط): «عندكم» .

(3)

في (مط): «الثقة» .

(4)

في (مط): «الجهمية والمعطلة» .

(5)

في (مط): «استحلَّ» ، وهو تحريف وفي (أ، ب، ت) غير منقوطة.

(6)

في (ع): «وعرض عن مزق من الأمة» ، وفي (مط):«وعرض يفترق من الأمة» ، وفي (أ، ت): «الأمة» ، والمثبت من (ب، ظ).

ص: 521

والتجهم، ليتحيَّز المقاتل إلى إحدى الفئتين على بصيرة من أمره، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال/42].

ومنها: أن نعُرِّف الجهمي النافي: لمن قد بارز بالعداوة، وبغى الغوائل، وأسعر نار الحرب، ونصب القتال؟ أفيظن أفراخ المعتزلة ومخانيث الجهمية ومقلدو اليونان أن يضعوا لواءً رفعه الله تعالى، وينكِّسوا علمًا نصبه الله تعالى، ويهدموا بناءً شاده الله ورفعه، ويقلقلوا جبالًا راسيات شادها

(1)

وأرساها، ويطمسوا كواكب نيرات أنارها وأعلاها؟ هيهات! هيهات

(2)

بئسما منَّتهم

(3)

أنفسهم لو كانوا يعقلون! {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة/ 102]، {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف/8، 9].

ولو شئنا لأتينا على هذه المسألة بألف دليل، ولكن هذه

(4)

نبذة

(1)

سقط من (ت).

(2)

في (مط) تكرَّر: «هيهات» .

(3)

في (ب): «سوَّلت لهم أنفسهم» .

(4)

سقط من (ت).

ص: 522

يسيرة جدًّا

(1)

من كثير، قليلهُ لا يُقال له

(2)

قليل، ومن هداه الله فهو المهتدي، ومن يضلل الله فما له من سبيل

(3)

.

* * *

(1)

سقط من (ظ).

(2)

سقط من (ع).

(3)

جاء في (أ): «تمَّت الرسالة بحمد الله وحسن توفيقه، وهي: اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم الجوزية رضي الله عنه» .

وجاء في (ب): «هذا آخر اجتماع الجيوش الإسلام على حرب المعطلة والجهمية. والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وافق الفراغ من تعليقه يوم الاثنين ثامن عشر جمادى الآخرة سنة 839 هـ، على يد أفقر عباد الله وأحوجهم إلى رضوان الله: محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن زُرَيق الحنبلي المقدسي. ولله الحمد والمنة.

ص: 523