المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حقوق الإنسان بين النظرية والتطبيق: - حقوق الإنسان في الإسلام لجمل الليل

[طاهر أحمد مولانا جمل الليل]

الفصل: ‌حقوق الإنسان بين النظرية والتطبيق:

‌حقوق الإنسان بين النظرية والتطبيق:

1-

ولم يكتف الإسلام بالأمر المكتوب في قرآنه المجيد، بل حض عمليا على تنفيذ ما يأمر به، ووضعه موضع الفعل، ومن ثم وضع الوسائل الكفيلة بجعل حقوق الإنسان واقعا ملموسًا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2] .

2-

ومن الأمور المهمة التي نبدأ بالتنويه إليها، والتي حرص الإسلام على إحقاقها، حقوق غير المسلمين:"فلهم ما لنا، وعليهم ما علينا" -على حد القول الشريف- فالحقوق الإنسانية إذن لا تقتصر على مواطني الدولة المسلمين فقط، بل تمتد لتشمل كل من يعيش في دار الإسلام.

3-

وفي التاريخ الإسلامي مواقف مشرقة فيه الخلفاء من الصحابة والتابعين، ومن قبلهم إمامهم صلى الله عليه وسلم.

فالإسلام أمر بالبر بسائر الناس مهما اختلف المسلمون معهم في الدين والعرق والأوطان، كما نص على ذلك القرآن الكريم، ما لم يقاتلونا في الدين أو يخرجونا من ديارنا، وقد قال ربنا في ذلك:{لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8] .

وبذلك وضع القرآن أعظم قواعد التعاون الإنساني مقرونا بعرض البر من جانب واحد هو الإسلام، منطلقا في ذلك من حرية العقيدة، وعدم جواز الإكراه فيها، ومنفتحا بموجب العقيدة الإسلامية على كل إنسان، وبخاصة المسيحيين على اختلاف مذاهبهم، حيث يجهر المولى في قرآنه:{وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة: 82] .

ص: 50

4-

ومن مواقف الماضي الإسلامي: هذا الموقف الذي يدل على بر الإسلام بالعالم المسيحي، ويعود الحادث إلى كنيستهم الأم في القدس حين انتصار الإسلام، واندحار بيزنطة.

وذلك أن الحرب التي شنها البيزنطيون على المسلمين، وما انتهت إليه من نصر للمسلمين لم ينقص شيئا من بر الإسلام والمسلمين بالكاثوليك خاصة وبالمسيحيين عامة، وقد ظهرت هذه الحقيقة كأروع ما تكون بالعهد الذي أعطاه الخليفة عمر بن الخطاب بعد دخوله القدس بناء على طلب بطرك الكنيسة الكاثوليكية في القدس صفرونيوس، حيث قال:"أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم، وكنائسهم وصلبانهم، وألا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها ولا من خيرها، وألا يسكن معهم أحد من اليهود". وذلك في ميثاق مكتوب وموقع منه إلى بطرك الكنيسة صفرونيوس، وقضى بذلك على كل ما يمكن أن يكون من مخاوف لدى المسيحيين من الفاتحيين المسلمين، وظل المسلمون على الوفاء بهذا العهد حتى يومنا هذا، مما قد انفرد به الإسلام على الدوام في تاريخ حروب الأديان المنتصرة1.

1 هذا إذا التفتنا إلى تعريف الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو للقانون إذ يقول: "القانون هو الذي يجعل المنتصر يترك للمغلوبين أشياءهم الرئيسية، حياتهم، وحريتهم وقوانينهم، وأموالهم ودينهم".

أما عهد الصلح الذي أمضاه عمر بن الخطاب -عليه رضوان الله- مع أسقف بيت المقدس صفرونيوس، فهذا نصه كاملا: "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم، سقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها من ولا خيرها، ولا من طيبها، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود، وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص، فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم -أي من الروم- وهو آمن وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن أحب من أهل إيلياء، أن يسير بنفسه وماله، ويخلي ببيعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم حتى يبلغوا مأمنهم، ومن كان بها من أهل الأرض، فمن شاء منهم قعد، وعليه ما على أهالي إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم

"

ص: 51

5-

وبينما يحفل التاريخ القديم بمجازر عنصرية وطائفية لا نجد من الإسلام إلا تسامحا تجاه أبناء الديانات الأخرى، وأما العناصر العرقية، فقد ذوبها الإسلام في بوتقته، وصهرها صهرا، فما عادت النزعات الجنسية تجرؤ على أن تطل برأسها البغيض إلا في أزمنة الفتن "كالشعوبية"، أو حرب الخليج الأولى "بين العراق وإيران"1.

6-

ولم نسمع في تاريخ الإسلام الممتد في الوجود عبر أربعة عشر قرنا عن تصفية طائفية كما يفعل في المسلمين البورمانيين سكان بورما، أو عن تطهير عرقي كما يحدث في البوسنة والهرسك على أيدي الصرب، أو كما حدث من قبل في أفران الغاز التي تصبها الحكم النازي الهتلري لليهود، أو كما نجد من بطش الصهاينة بالأخوة الفلسطينيين في فلسطين ولبنان، حيث يسومونهم القصف والتهديد، والتشريد بأسلوب أقل ما يوصف بأنه منتهك لحقوق الإنسان، بالإضافة

1 على نهج الإسلام المتسامح في المقابل تمضي وصايا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم للمجاهدين، فيقول:"اغزوا في سبيل الله، وفي سبيل الله تقاتلون من صد عن سبيل الله، ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا امرأة ولا طفلا". وعلى نفس الطريق يسير أبو بكر الصديق رضي الله عنه فيقول أحد قادة الشام "يزيد بن أبي سفيان": "إنك ستجد قوما حبسوا أنفسهم الله -يعني الرهبان في الأديرة- فذرهم وما حبسوا أنفسهم له.. إني موصيك بعشر: لا تغدر، ولا تمثل، ولا تقتل هرما، ولا امرأة، ولا وليدا، ولا تعقرن شاة ولا بعيرا، ولا تحرقوا نخلا، ولا تخربوا عامرًا، ولا تغلوا، ولا تجبنوا عند اللقاء". ويمضي عمر على نفس السبيل، فيوصي قادته:"امضو باسم الله على عون الله، وبتأييد من الله، وما النصر إلا من عند الله، والزموا الحق والصبر، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، ولا تجبنوا عند اللقاء، ولا تمثلوا عند المقدرة، ولا تسرفوا عند الغلبة، ولا تقتلوا شيخا، ولا امرأة، ولا وليدا، واحذروا قتلهم -أي الشيخ والمرأة والوليد- إذا التقى الجمعان، وعند شن الغارات".

ومن وصايا عمر رضي الله عنه أيضًا: "إن الله أفضل العدة على العدو، فكونوا أشد احتراسا من المعاصي، فإن ذنوب الجيوش أقوى عليهم من عدوهم، وإنما ينتصر المسلمون بمعصية العدو لله، ولولا ذلك لن يكن لنا بهم قوة؛ لأن عددنا ليس كعددهم، ولا عدتنا كعدتهم فإن استوينا في المعصية كانت الغلبة لهم والهزيمة لنا".

وانظر كتاب: "مع القرآن الكريم"، لعبد العزيز سرحان وآخرون، القاهرة.

ص: 52

إلى أن في مجرد سلبهم حقهم في وطنهم، والعيش على أرضهم طغيان ما بعده طغيان.

وكل هذا الذي يحدث وحدث في الاتحاد اليوغسلافي "السابق"، أو في الهولوكست الألماني، أو في الضفة الغربية، وقطاع غزة لا يمت بصلة إلى قيم هذا الدين الذي يدعو إلى حفظ حقوق الإنسان، واحترام انتمائه المتمايز.

أين هذا من التطبيق الإسلامي العمري إذ يعلمنا عمر بن الخطاب -رضوان الله عليه- درسا في التسامح والاعتراف بالهوية المغايرة للآخرين، ويأمر برفع الجزية عن يهودي كهل أثقلته الحاجة، وصار يسأل الناس إلحافا، ولم يسعد هذا الخليفة الفاروق؛ لأنه لا يجوز كما عبر "أن نستخدمه شابا ونضيمه كبيرا".

8-

أما فيما يظهر للأجنبي عن الإسلام من قيد على المرأة المسلمة في حرمة زواجها من غير مسلم، واعتبار ذلك مخالفا للمادة السادسة عشرة من "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، فنقول -والله أعلم-: إن الإعلان العالمي يعطي للرجل أو المرأة متى بلغا سن الزواج الحق بالتزوج بدون قيد للحرية في الزواج بسبب الدين، وإنما ينطلق الإسلام في ذلك التحريم من مبدأ وجوب حماية الأسرة من الانحلال بسبب الاختلاف في الدين عند عدم احترام الزوج بموجب عقيدته لمقدسات زوجته؛ لأن المرأة في الأسرة هي أحد عنصريها الأكثر حساسية بسبب شعورها بالضعف أمام الرجل.

9-

ويتفرع عن تلك الحالات الثلاث التالية المختلفة في أحكامها، ولكنها كلها تنطلق من منطلق واحد هو الذي شرحنا في الفقرة السابقة، وهذه الحالات هي:

أولا: زواج المسلم من امرأة وثنية لا تؤمن بالله مطلقا حرمه الإسلام؛ لأن عقيدة المسلم لا يمكن أن تحترم بحال من الأحوال مقدسات هذه الزوجة أو معتقداتها، مما يعرض الأسرة عندئذ للانحلال والخصام، والإسلام يعتبر الطلاق من أبغض الحلال إلى الله، ولذلك لا يشجع عليه، لذا كان من المنطقي تحريم هذا الزواج.

ص: 53

يقول تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} ، والسبب كما تقول الآية أيضا:{أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [البقرة: 221] .

ثانيا: زواج المسلم من امرأة مسيحية أو يهودية، فقد أباحه الإسلام1. يقول تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: 5] .

لأن الإسلام يقدس السيد المسيح بصفته رسولا من الله ولد بمعجزة خارقة، ويقدس أمه السيدة مريم، ويبرئها مما اتهمها به اليهود، وكذلك يقدس موسى، ويعتبره رسول الله إلى بني إسرائيل، ويقول تعالى:{لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة: 285] .

ثالثا: زواج غير المسلم من المسلمة حرمة الإسلام، يقول تعالى:{وَلَا تُنْكِحُوا المُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221] .

10-

أما فيما يتعلق بحرمة تغيير الدين الإسلامي قيد يخالف المادة الثامنة عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي أعطت لكل شخص الحق في تغيير دينه، فيقول: إن منطلق الإسلام هنا أيضا لا ينطلق من حيث إنه قيد للحرية بقدر ما هو رفع لمكيدة يهودية حدثت في صدر الإسلام حين أعلن جميع عرب المدينة إسلامهم، واتحدت كلمتهم بعد خصومة مسلحة بينهم حاكها اليهود اللاجئون، ففكر اليهود عندئذ بخبث على أن يدخل بعضهم في الإسلام، ثم يرتد عنه ليشكك العرب في دينهم ويضللهم في معتقدهم، فتولد عن ذلك الحكم في منع تغيير المسلم لدينه مع العقوبة عليه، حتى لا يدخل أحد في الإسلام إلا بعد

1 ويرى بعض الفقهاء أن هذا الحق مقيد وغير مطلق. انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني المنهاج، سنة 1377هـ/ 1958م، باب النكاح لمن تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه، ص186؛ وكتاب "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" في الفقه على المذهب الشافعي، الجزء السادس.

ص: 54

سبق بحث عقلي وعلمي ينتهي بالعقيدة الدائمة، وذلك ليقطع الطريق على المضللين، وأمثالهم من الدخول في الإسلام تحت طائلة العقوبة، استئصالا لعوامل الفساد في الأرض ممن دأبوا على الفساد في الأرض1.

11-

في سياق الحديث عن التطبيق المعاصر لحقوق الإنسان في الإسلام نسوق المملكة السعودية، كمثال من أبرز أمثلة التطبيق الإسلامي الحديث، فنشير إلى ما يعتبره البعض انتهاكا لحق الإنسان في التنقل فيما يعتبرونه تضييقا على غير المسلمين في الحجاز؛ لأنهم يمنعون من دخول مدينة مكة، فنقول: إن المدينة؛ ولأنها مقدسة قداسة خاصة عند المسلمين لما يؤدي فيها من شعائر، وجبت المحافظة عليها نظرا لكثرة زوارها من جهة، وحفاظا عليها من جهة أخرى حتى لا تحدث مواجهات بين المسلمين، ومن يعتبرونهم خارج ملة الإسلام، وذلك إنما كان حرصا على راحة الناس، وطمأنينتهم أثناء تأدية المناسك والزيارة.

ولذا يقول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28]2.

كما أن الحرص على بعض الأماكن ورعايتها، ورقابتها رقابة خاصة يجوز حدوثه في أماكن وأبنية أخرى دنيوية، كالبيت الأبيض والكرملين وقصور الرؤساء ومباني الوزارات والهيئات، فما بالك بأماكن وردت فيها أحاديث تدعو لصيانتها، وألا يدخلنها كافرا أبدا3.

12-

وفي المقابل يمتلئ التاريخ بأمثلة التسامح الإسلامي.. وقد أوردنا كما ورد في كتب السيرة، وأدبياتها العديد على ذلك.

كما يشهد الواقع على استمرارية نهج التسامح، واعتبار حقوق الأقليات.

1 السيرة النبوية، لأبي الحسن الندوي، ص156.

2 والمقصود بنجاسة المشركين نجاسة اعتقادهم؛ كتاب الفقه الميسر، لمحمد عيسى عاشور، باب النجاسة.

3 كما أن هذه الأماكن خاصة بالتعبد وأداء الشعائر، فما حاجة غير المسلمين إليها؟.

ص: 55

وإذا انتقلنا إلى الحقوق الثقافية للإنسان في المجتمع المسلم، فلا مناص من الاستشهاد بجوستاف لوبون الذي قال: "إن النشاط الذي أبداه العرب في الدراسة كان مدهشا جدا، ولئن ساواهم في ذلك كثير من الشعوب، فلم يكن منهم فيما أظن من سبقهم.

وكانوا إذا استولوا على مدينة، وجهوا عنايتهم في الدرجة الأولى إلى تأسيس وإقامة مدرسة".

وقال أيضا: "وعدا مدارس التعليم البسيطة، فإن المدة الكبرى مثل بغداد، والقاهرة وطليطلة وقرطبة.. إلخ كان فيها جامعات علمية مجهزة بالمخابر، والمراصد، والمكتبات الغنية، وباختصار كانت هذه الجامعات مجهزة بكل المواد الضرورية للبحوث العلمية، وكان في أسبانيا "الأندلس" وحدها سبعين مكتبة عامة، وكانت مكتبة الخليفة الحكم الثاني في قرطبة تحتوي كما ذكر المؤلفون العرب على ستمائة ألف مجلد، كان فيها أربعة وأربعون مجلدا للفهرست فقط.

وقد لوحظ بحق أن شارل الحكيم لم يستطع بعد أربعمائة سنة من التاريخ هذا أن يجمع في مكتبة فرنسا الملكية أكثر من تسعمائة.

ويقول جوستاف لوبون أيضا في كتابه "حضارة العرب": "لقد بلغ شغف العرب بالتعليم مبلغا عظيما جدا، حتى إن خلفاء بغداد كانوا يستعملون كل الوسائل لجذب العلماء والفنيين في العالم إلى قصورهم".

ص: 56