الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تطور فكرة حقوق الإنسان:
1-
الحق الإنساني في حياة أفضل هدف بشري، وظل هذا المسعى الإنساني نحو إحقاق الحقوق أملا يراود بني البشر، خصوصا كلما عصفت بهم المحن، وازدادت الرغبة في ذلك أيضا مع توسع المجتمع وارتقاء الاجتماع البشري، وصيرورته أكثر تعقيدا، فكانت الحقوق الشخصية تطمسها مطالب الجماعة، وتحدّ منها مصلحة القبيلة.
ثم جاءت المدن بنظامها البديع، وتشابك المعيشة بها، فحطمت بأسلوب الحياة فيها كثيرا من فردية الإنسان وتفرده.
وكلما اتسعت المدينة وامتدت ذراعها صرخ الإنسان ينادي بحضوره باحثا عن نفسه، خصوصا بعد أن ترافق هذا وتعقد الاقتصاد، وشاع استغلال الإنسان للإنسان.
2-
في الفكر الاجتماعي القديم لا يتعدى مفهوم الإنسان عند الفلاسفة اليونانيين دائرة معينة من البشر هم الأحرار والمقاتلون. ويخرج عن هذا المفهوم قطاعات واسعة من البشر تشمل العبيد والنساء والصناع.
نرى هذا عند أرسطو- مثلا- والذي كان يرى أن المرأة بالنسبة للرجل كالعبد لسيده، أو كنسبة العامل باليد للمفكر، أو البربري للإغريقي1.
أما أفلاطون فهو عندما يتحدث عن أفعال الإنسان يؤكد أن مراجعها ثلاثة: الشهوة والعاطفة والعقل، وهذه القوى الثلاث موجودة عند كل إنسان؛ فمن الناس من يكون شهوة متجسدة، ومنها تتكون العمال.
1 قصة الفلسفة اليونانية، تصنيف أحمد أمين وزكي نجيب محمود، ص271.
ومن الناس من يضفي عليه جانب الشعور كالمحارب، ومنهم فريق ثالث قليل العدد يستمتع بالتفكير فقط وهم رجال الحكمة1.
3-
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم توَّج حياته -بعد بضعة قرون من حضارة اليونان- بخطبة ضمنها مبادئ راقية، ما زالت تعد هدفا للبشرية ترنو للوصول إليه.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا 2 ، في بلدكم 3 هذا، ألا هل بلغت، اللهم فاشهد".
"أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى"4.
4-
ويتواصل التفكير الإسلامي في حقوق الإنسان بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمرجعية القرآنية، وسنته الشريفة ظلتا ملهمتين للأجيال المسلمة التالية في هذا المجال. فوجدت صياغة الحقوق مع مطلع القرن الهجري الجديد "الجاري" من المجلس الإسلامي الدولي بيانا عالميا بإقرار حقوق للإنسان مستمد من القرآن والسنة5.
ولقد تضمن البيان ثلاثة وعشرين حقا من الحقوق التي كفلها الإسلام، وهي: حق الحياة، والحرية والمساواة، والعدالة، والمحاكمة العادلة، والحماية من تعسف السلطة، والحماية من التعذيب، وحماية العِرْض والسمعة، واللجوء والأقليات، والمشاركة في الحياة العامة، وحرية التفكير والاعتقاد والتعبير، والحرية الدينية والدعوة والبلاغ، والحقوق الاقتصادية، وحماية الملكية، وحق
1 المرجع السابق.
2 كان صلى الله عليه وسلم في موسم الحج.
3 يقصد مكة.
4 صحيح البخاري، ج5، ويلاحظ اختفاء لغة التمييز بين البشر، والتي كانت ترتب الحقوق على أساسها.
5 صدر البيان عن منظمة اليونسكو بباريس، بمساهمة نخبة من مفكري المسلمين.
ومن الناس من يضفي عليه جانب الشعور كالمحارب، ومنهم فريق ثالث قليل العدد يستمتع بالتفكير فقط وهم رجال الحكمة1.
3-
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم: توج حياته- بعد بضعة قرون من حضارة اليونان بخطبة ضمنها مباديء راقية، ما زالت تعد هدفا للبشرية ترنو للوصول إليه.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا2 في بلدكم هذا، ألا هل بلغت اللهم فاشهد".
"أيها الناس، إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى"4.
4-
ويتواصل التفكير الإسلامي في حقوق الإنسان، بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمرجعية القرآنية، وسنته الشريفة ظلتا ملهمتين للأجيال المسلمة التالية في هذا المجال. فوجدت صياغة للحقوق مع مطلع القرن الهجرية الجديد "الجاري" من المجلس الإسلامي الدولي بيانا عالميا بإقرار حقوق للإنسان مستمد من القرآن والسنة5.
ولقد تضمن البيان ثلاثة وعشرين حقا من الحقوق التي كفل الإسلام وهي: حق الحياة، والحرية، والمساواة، والعدالة، والمحاكمة العادلة والحماية من تعسف السلطة، والحماية من التعذيب، وحماية العرض والسمعة، واللجوء والأقليات، والمشاركة في الحياة العامة، وحرية التفكير والتفكير والتعبير، والحرية الدينية والدعوة والبلاغ، والحقوق الاقتصادية وحماية الملكية، وحق
1 المرجع السابق.
2 كان صلى الله عليه وسلم في موسم الحج.
3 يقصد مكة.
4 صحيح البخاري، ج5 ويلاحظ اختفاء لغة التمييز بين البشر، والتي كانت ترتب الحقوق على أساسها.
5-
صدر البيان عن منظمة اليونسكو بباريس بمساهمة نخبة من مفكري المسلمين.
العامل وواجبه، وكفاية الفرد من مقومات الحياة، وبناء الأسرة، وحقوق الزوجة والتربية، وخصوصيات الفرد وحمايتها، وحرية الارتحال والإقامة1.
5-
وهكذا نجد الخطوط العريضة للبيان عن الحقوق الإنسانية كما يلي:
- دار الإسلام واحدة، وهي وطن كل مسلم.
- الناس جميعا سواسية أمام الشريعة.
- ليس لأحد أن يلزم مسلما بأن ينفذ أمرا مخالفا للشريعة.
- الأوضاع الدينية للأقليات يحكمها المبدأ القرآني: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} .
- لا يجوز انتزاع ملكية نشأت عن كسب حلال إلا للمصلحة العامة.
- لا يجبر الفتى، أو الفتاة على الزواج ممن لا يرغب فيها.
- للزوجة أن تطلب الطلاق في حدود الشرع.
- سرائر البشر إلى خالقهم وحده، وخصوصياتهم حمى.
6-
وفي قرن متأخر -أي منذ القرن السادس عشر- انتبهت أوروبا إلى البحث في القانون الدولي، الذي أصبح فيما بعد هو الإطار الذي ظهرت وتمت بداخله فكرة حقوق الإنسان، إلى أن أصبحت اتفاقية أوروبية تعرف باسم اتفاقية روما "صدرت سنة 1950م، ثم انتهت إلى إصدار ما يعرف باسم مواثيق حقوق الإنسان سنة 1968م".
7-
فـ"الماجنا كارتا" الذي رفعه الملك جان في بريطانيا عام 1215م لم يكن إلا نتيجة ما قام به الإقطاعيون من تذمر.
فكانت "الماجنا كارتا" كعهد أو ميثاق بين الملك والأمراء ينظم العلاقات
1 ويقول الأستاذ سالم عزام، أمين عام المجلس في مقدمة الوثيقة:"حقوق الإنسان في الإسلام ليست منحة من ملك أو حاكم، وليست قرارا صادرا من سلطة محلية أو منظمة دولية، وإنما هي حقوق ملزمة بحكم مصدرها الإلهي، لا تقبل الحذف ولا النسخ ولا التعطيل".
بينهم، ولكن جاءت موادّه متقدمة في صالح الأمراء بقدر أكبر، بينما لم تشتمل على ما يشير إلى حقوق عامة الشعب، رغم ما لُوحظ في وقت لاحق فيها من حقوق في التحقيق في القضاء، كحق التظلم من الحبس، والتحكم في فرض الضرائب.
8-
ثم يأتي بعد ذلك ميثاق "توم بين""1737-1809م" الخاص بحقوق الإنسان، فيثير في عقول الناس الإحساس بهذه الفكرة العظيمة خصوصا حول عام 1891م.
ثم جاء إعلان حقوق الإنسان الذي ظهر إبان الثورة الفرنسية 1789م ليكون من أهم منجزاتها، إذ كان ثمرة من ثمار الفلسفات الاجتماعية التي سادت القرن الثامن عشر، خصوصا من أفكار جان جاك روسو صاحب "العقد الاجتماعي" ومونتسكيو وديدرو. وقد تضمن هذا العهد الجديد النابع من باريس الحقوق الفطرية فيما يختص بحكم الشعب والحرية والإخاء والمساواة والملكية، كما شمل حقوق التصويت والانتخاب والتشريع، وتحكم الرأي العام ورقابته على فرض الضرائب، والتحقيق القضائي في الجرائم، وإعمال آلية العدالة.
وقد سعى لتضمين هذه الحقوق في الدستور؛ لتصبح أكثر إلزاما وعملية.
9-
ثم ينتقل التفكير في حقوق الإنسان إلى العالم الجديد، فتظهر الإصلاحات العشرة في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد احتوت على معظم المبادئ التي تضمنتها الفلسفة الديمقراطية البريطانية.
وتوسع التفكير الإنساني في الحقوق تلك لتتبناه المنظمة الدولية، فتوافق سنة 1948م في ديسمبر على قرار بمنع قتل الإنسان أو فعل ما من شأنه التأثير على حياته ووجوده البشري.
ويبقى من هذا الميثاق التاريخي "الإعلان العالمي" أهدافه التي تؤكد تساوي البشر رجالا ونساء في العزة والكرامة والأهمية والحقوق الإنسانية الأساسية.
وتؤكد المادة "55" من هذا الإعلان على أن الأمم المتحدة سوف تزيد من حمايتها، واحترامها العالمي لحقوق الإنسان وحرياته.
ويتضح من هذا العرض السريع أن حقوق الإنسان في الغرب لا تاريخ لها، ولا وجود لها قبل قرنين أو ثلاثة، كما أنها بالرغم من كثرة ترديدها ليس لها قوة تنفيذية1.
وعلى سبيل المثال؛ ظلت الحقوق الاقتصادية للإنسان مجهولة لدى العالم الأوروبي، ولم يعرفها إلا حديثا، إذ إن المطالبة بها والاعتراف لم يبدأ إلا مع الحركات الاشتراكية الحديثة في أوروبا، منذ القرن التاسع عشر، حيث ارتبطت دائما حقوق الإنسان في أوروبا وغيرها بالحقوق السياسية والحريات العامة، ولم تظهر هذه منذ أربعة عقود عند صدور الإعلان العالمي الذي تضمن بعض المواد الخاصة بها.
أما الاعتراف بهذه الحقوق فلم يتم إلا سنة 1966م عند صدور الميثاق الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وأما قبل هذا فلم تكن هذه الحقوق معترفا بها إطلاقا، حتى في البيان الذي أصدرته الثورة الفرنسية سنة 1789م، إذ لم يتضمن مع تقدمه مادة واحدة تتعلق بالحقوق الاقتصادية2.
1 الحكومة الإسلامية، أبو الأعلى المودودي، الدار السعودية.
2 الثورة الفرنسية، حسن جلال، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، سنة 1927م.