الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلاصة وخاتمة:
1-
وهكذا يتبين لنا -وبعون الله وفضله- كيف أن حقوق الإنسان كانت من الهموم الرئيسة التي انكب عليها التفكير منذ قرون.. وذلك لما يتمتع به الإنسان من كرامة، ومكانة في هذا الكون.
ومن أن لكلمة "حق" دلالات متعددة، إلا أن الدلالة التي كنا نسعى إليها لم تعدم من يشير إليها سواء من أصحاب المعاجم العرب، أو الحقوقيين أو الفلاسفة.
كذلك كان لمفهوم "الإنسان" معنى شموليا عند المسلمين، فيما عنيت المواثيق، والاتجاهات الأخرى بجانب واحد منه.
2-
ولم تكن الإشكالية الرئيسية في تحديد المعاني للكلمتين "حق إنسان"، ولكن كانت فيما طرأ على التفكير في مضمون الكلمتين من تغير، وتطور عبر العصور، فلكل حضارة نظرة إلى الحقوق الإنسانية تفاوتت بين الأحقاب المتوالية مرورا بعصور القدامى من يونان، ورومان وعرب، ثم أوروبيو العصور الوسطى والحديثة.. بل كان لكل رؤيته، حسب درجة التطور الفكري والاجتماعي، والإنساني، والأخلاقي.
ولكل قوم نهجهم، ولكل حضارة رؤية لهذه الحقوق وفق مبادئ تختص بها.
فأما التطوير الأوروبي المعاصر فقد اعترف للإنسان بحقوقه على أساس أنها "طبيعية لشخصه المفرد الذي يستحق هذا"، وعلى أساس هذا التبويب كانت صياغة حقوق الإنسان.
وأما في الإسلام، فالحقوق تأخذ بعدا آخر؛ لأنها حق إلهي قرره خالق الإنسان، وضمنه في التكاليف الشرعية التي يؤجر عليها المؤمن ويحاسب.
3-
وترتكز الحقوق الإنسانية في الإسلام على مبادئ العدل، والكرامة الإنسانية والمساواة والمصلحة العامة، وهو مبدأ تجاهلته الشرائع الأخرى، والتفت إليها الإسلام.
4-
وحقوق الإنسان في الإسلام والمواثيق الدولية، وضعت تحت عناوين رئيسية، كالحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية والمدنية والاقتصادية والمساواة، فأما الحقوق الثقافية، فهي في الإسلام مرتبطة برؤية أشمل وجب التنويه إليها لمعرفة مكانة الحقوق الثقافية من التشريع الإسلامي.
وتشمل هذه الحقوق الحق في العلم والتربية والاجتهاد.
أما الحقوق الاجتماعية، فقد كلفت خصوصا للفئات الضعيفة في المجتمع كالمرأة والطفل والرقيق "كنموذج تاريخي"، بالإضافة للحقوق الاجتماعية العامة الأخرى، كعدم التمييز والحرية والخير.
والحقوق المدنية كانت مكفولة للمرء في المجتمع المسلم ليتصرف بملء إرادته، بلا تهديد أو حيف، متمتع بأهليته القانونية والاجتماعية والمدنية.
وبالنسبة لحقوق الإنسان السياسية كانت لنا وقفة مع النظام السياسي الإسلامي، والذي أفاض الفقهاء في شرحه، فأقاموا بناء ضخما من التحليلات الفقهية السياسية؛ كتنظيم أمور البيعة والإمامة وشروطها والشورى، وقواعدها وأهميتها.
وحقوق الإنسان الاقتصادية كلفها الإسلام موازنا بين حق الملكية للفرد، وحق المجتمع في الانتفاع.
وكانت المساواة حقا عاما إنسانيا هاما؛ سواء بين الرجل والمرأة، أو بين الأجناس المختلفة والطبقات الاجتماعية، وبين المسلم وغير المسلم.
5-
وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمثلة الرائعة بنفسه على المساواة التي يبتغيها، ومن هنا كان التطبيق تصديقا للتنظير في مجال الحقوق.
6-
وتسير بنا عناصر هذا البحث لتزيدنا فخرا بديننا العظيم الذي وجدناه
يتفوق على المواثيق الدولية لحقوق الإنسان -رغم تقدمها واتساع أفقها-.
وجدنا التشريع الإسلامي في مجال تلك الحقوق يتميز بالشمول والاتساع والبقاء والأحكام.. ويتميز من قبل ومن بعد بمصدريته الإلهية السماوية.
وكما قال المولى سبحانه: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ} [يونس: 32] .
صدق الله العظيم.