الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4-
قضية جامو وكشمير:
كثيرا ما تسمي الصحف الغربية الهند بأنها أكبر ديمقراطيات العالم، وتشير إلى أنها الدولة التي قامت على مبادئ المهاتما غاندي في السلام وعدم العنف. لكن هذه المبادئ الخلابة تختفي تماما حين يكون التعامل مع المسلمين، وكأنها تكرار لنظرية الاستعماري العتيق اللورد كرومر آخر مندوب سام بريطاني في مصر، حين كان يقول:"إن الديمقراطية هي لنا، وإن المصريين لا يستحقونها"، وهذا التناقض بين الشعارات الجذابة، والممارسات الواقعية، يظهر في معاملة الهندوك للشعب المسلم في الهند عموما، حيث أصبح القتل العشوائي، وهدم المساجد والمؤسسات العلمية عادة شائعة، ويتبع الهنود إستراتيجية خاصة تقوم على كسب الوقت وتخدير المسلمين، كما حدث بالنسبة لهدم المسجد "باباري" في مدينة فيوديا حين زعم المتطرفون أنه يقوم على مكان ولادة الإله الهندوكي راما، وبعد هدمه تظاهرت الحكومة الهندية بالاستنكار، ورفعت الأمر للقضاء، لكن النتيجة العملية أن القضية ماتت مع الزمن ونجحت إستراتيجية التخدير.
على أن التناقضات الهندية تظهر أكثر في موقعها من حقوق أهل مقاطعة جامو وكشمير؛ فقرار الأمم المتحدة 1947 قضى بتقسيم شبه القارة الهندية إلى دولتين هما الهند وباكستان، وقضى صراحة على حق كل إقليم ذي أغلبية إسلامية بالانضمام لباكستان، وهو قرار ينطبق بصورة واضحة على جامو وكشمير، حيث تبلغ نسبة المسلمين "80%" من مجموع السكان البالغ عددهم عشرة ملايين، إلا أن الهند تجاهلت هذا القرار الواضح، وصمت
أذنيها عن سماع الدعوات لتنفيذه، وكان من المبررات التي استندت إليها، أن حاكم المقاطعة مهراجا هندي، علما بأن وجود هذا المهراجا -في حد ذاته- وصمة عار فظيعة في تاريخ الإنسانية، ذلك أن الاستعمار البريطاني باع هذه المقاطعة في عام 1846 إلى جده المهراجا غلاب بسبعة ملايين روبية في ذلك الزمن حين كانت الشعوب تباع وتشترى على موائد الطعام!
ومن الحجج الهندية أيضا أن عائلة نهرو المشهورة تنحدر من إقليم كشمير مما يجعل لها مكانة خاصة في تاريخ الهند، وهذه المبررات التافهة تذكر بدعوة الحق التاريخي الزائف التي شهرها الصرب في البوسنة وكوسوفا، واستند إليها اليهود الصهاينة في فلسطين مما سبق ذكره في هذا البحث.
واستمر هذا الموقف الهندي قرابة خمسين سنة تخللتها حروب وثورات من جانب الشعب الكشميري الذي ظل يطلب حقه، كما صدرت قرارات من الأمم المتحدة تؤكد حقه في تقرير المصير في استفتاء حر نزيه، ومع أن هذه القرارات قد تضمنت تراجعا عن قرار الأمم المتحدة الأول الواضح الذي يؤكد حق المقاطعة في الانضمام الفوري لباكستان، إلا أن الشعب الكشميري وباكستان وافقوا على هذه القرارات حرصا على السلام، وتفادي سفك الدماء، لكن الهند رفضت الانصياع لهذه القرارات، ولم تقف عند هذا الحد بل أخذت تقوم بإجراءات عسكرية مختلفة، وفي كل مرة تنشب ثورة شعبية تذكر بالحق المهضوم ترد الهند بإطلاق جنودها لارتكاب أبشع أنواع الجرائم، بما فيها هدم المساجد على رءوس المصلين، وقتل النساء والأطفال، كما أثبتت التقارير المحايدة. وقد ذكر مراسل جريدة "الجارديان" البريطانية أن قرية بكاملها هي قرية "كونان" قرب خط التماس بين الهند وباكستان تعرض رجالها للقتل العشوائي، أما النساء فقد أباحتهن القيادة الهندية للضباط والجنود.
إن قضية كشمير مثال واضح لتجاهل حقوق الإنسان، والاستهتار بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحددة، وخصوصا من دولة تتلفح بقناع
الديمقراطية، والغيرة على الحريات الأساسية، ومع ذلك فإن موقفها يقابل بالبرود والاستخفاف من جانب الأسرة الدولية.
لقد أطلقت السيدة بناظير بوتو رئيسة وزراء باكستان السابقة صيحة نذير في مقال نشرته في جريدة نيويورك في يونيو 1999م قالت فيه: "إن كارثة كوسوفا يجب أن تذكرنا بوجوب إطفاء النيران قبل استفحالها، وقالت: إن حقيقة امتلاك الهند وباكستان الآن القنبلة النووية لن يجعل الحرب بينهما محدودة، وسوف تصل آثارها إلى مناطق كثيرة من العالم".