الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجل آخر لأنه مطلق. ومن ذلك أيضا أخبار السفاح الذي اهتمت به الصحافة المصرية، ثم كتب عند نجيب محفوظ وغيره من الكتاب قصصا تردد نفس الحادث وتعلق عليه، وإذا كان محمود سليمان هو السفاح الواقعي فقد نسج الفنانون حوله قصصا مليئة بالأحداث والقيم.
وقد وجدنا من دراستنا لتحليل مضمون الصحف المصرية الحديثة، أن هناك نزعة لتفضيل البساطة، وتصويرها على أنها من أفضل قواعد السلوك، ويتخذ الكتاب من حياة الريف والأحياء الوطنية والبيئات العمالية نماذج لموضوعاتهم. ويحن بعض الكتاب إلى الأيام الخوالي باعتبارها تنطوي على البساطة، ويبشر البعض الآخر بمستقبل زاهر، ويؤكد أن الخير كل الخير في العمل المتواصل والإنتاج لتحقيق أهداف المجتمع الناهض. ووجدنا أيضا نزعة أخرى إلى التقليل من قيمة المال، والتهوين من شأن الثروة، وإعلاء شأن الحب والصحة والسعادة، كما وجدنا تأكيدا مستمرا على القيم الاشتراكية والدينية، وقد كان لهما صدى في الشعار الذي رفع أخيرا وهو "العلم والإيمان". وهكذا نجد أن هذه القيم تتردد في صحافتنا سواء في الأخبار أو الموضوعات أو التحقيقات أو الصور أو المقالات أو القصص.
التحليل الوظيفي للصحافة:
والآن، بعد أن درسنا وظائف الفن الصحفي، ينبغي علينا أن نشير إلى أن هذه الوظائف يمكن أن تحدث آثارا عكسية، تتناقض مع الأهداف المنشودة أو الآمال المرجوة. فليس من الضروري أن تتطابق الأهداف مع النتائج. فإذا قامت وزارة الصحة مثلا بحملة صحفية من أجل حث الناس على الفحص الطبي لاكتشاف بعض الأمراض المعدية، فإن الروح المعنوية للعاملين بمكاتب الصحة قد ترتفع، لما يحظون به من اهتمام صحفي في عملهم اليومي. ولكن في الوقت نفسه، قد تخيف هذه الحملة كثيرا من الناس وتصيبهم بالذعر، وهنا تعتبر الحملة ذات نتائح عكسية أو سلبية لا تتفق مع الأهداف المرسومة لها.
وقد عكف تشارلس رايت1 على دراسة الآثار السلبية والإيجابية للصحافة وغيرها من وسائل الإعلام. يقول رايت إن لكل وظيفة من وظائف الصحافة آثارا إيجابية وأخرى سلبية. ويضرب لذلك مثلا، ذلك التصريح الأمريكي الذي أدلى به الرئيس الراحل كنيدي إلى أمته في أكتوبر سنة 1962 حول حصار كوبا، فقد استقبل أغلب الأمريكيين هذا التصريح استقبالا طيبا، غير أن البعض منهم أحس بالخوف من أن يؤدي هذا الموقف إلى حرب ذرية، أما تأثير هذا التصريح على القراء السوفييت كما أطلقوا عليه في برافدا وازفستيا فقد كان سلبيا للغاية لأنه ينطوي على الإهانة والتحرش.
ويتساءل رايت عن الآثار الإيجابية والسلبية لوظائف الفن الصحفي التي يجملها في أربع وظائف رئيسية هي: الأخبار ونشر المعلومات حول البيئة المحيطة بالفرد أو المجتمع الذي يعيش فيه، ثم وظيفة الإرشاد والتفسير والتوجيه التي تقوم بها المقالات والافتتاحيات وغيرها، وكذلك وظيفة نقل التراث الثقافي والتنشئة الاجتماعية، وأخيرا وظيفة الإمتاع أو التسلية أو الترفيه. وهكذا يتفق رايت مع لاسويل2 في أن وظيفة الصحافة -كوسيلة إعلام- تتصل بمراقبة البيئة وجمع أخبارها، والربط بين أجزاء المجتمع لخلق الاتفاق العام أو الرأي العام، وكذلك نقل التراث الثقافي من جيل إلى جيل، ويضاف الترفيه أيضا إلى هذه الوظائف الثلاث.
ولا شك أن خصائص الصحافة التي سبقت الإشارة إليها كالدورية والتكرار والاستمرار والانتظام والعلنية وسعة الانتشار، تجعل آثارها الوظيفية قابلة للدراسة المنهجية العلمية. وقد تصدى رايت لمهمة التحليل الوظيفي لبيان آثار الصحافة على الفرد والجماعة الفرعية والنظام الاجتماعي والنظام الثقافي بوجه عام.
فهو يتساءل عن الآثار الإيجابية والنتائج السلبية الظاهرة والكامنة للصحافة وغيرها من وسائل الإعلام في قيامها بوظائفها من الأخبار إلى التفسير إلى الترفيه إلى التثقيف وذلك بالنسبة للفرد والجماعة الفرعية والمجتمع والثقافة.
1 charles wright، "functional analysis in mass communication "p. o. q. "1960" vol. 21-pp. 605-620.
2 harold lasswell، analysis of political behaviour "1949".