الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابع - أقوال فقهاء الإسلام قديما وحديثا في إلزام ولاة الأمور القضاء أن يحكموا بمذهب معين أو رأي معين.
تمهيد:
تقدم ذكر الدواعي إلى تدوين أحكام يلزم القضاة أن يحكموا بها فيما يرفع إليهم من القضايا، وأن التفكير في ذلك بدأ في القرن الثاني من الهجرة في خلافة أبي جعفر المنصور حين عرض عليه عبد الله بن المقفع ذلك، وتكلم أبو جعفر مع الإمام مالك فيها، وقد وضع كل منهما الأمر في نصابه، حيث رفعه الأول إلى المسئولين عن الأمة من ولاة الأمور وأهل السلطة فيها، ورده الخليفة إلى أهل العلم والفقه في الدين، ولم يكن تأثير الدواعي على النفوس قاصرا في ذلك العهد على ابن المقفع، بل تجاوز إلى غيره، فقد نقل فقهاء المالكية أن سحنون بن سعيد التنوخي ولى رجلا سمع بعض كلام أهل العراق، وأمره ألا يتعدى الحكم بمذهب أهل المدينة، فهذا قد تمكنت منه الفكرة أكثر ممن سبقه، واستمر تأثيرها في العلماء وغيرهم جيلا بعد جيل، حتى وقتنا الحاضر، مع تفاوت في مدى تأثره بها، فمنهم من لم يستجب لها، ومنهم من استسلم لها فقال بها، ودافع عنها، وعمل بمقتضاها عندما أتيحت له الفرصة، ولكل وجهته.
وفيما يأتي ذكر أقوال الفقهاء، وما استندوا إليه من المناقشة، وبالله التوفيق.
أ-
المذهب الحنفي:
ب- قال (1) ابن عابدين: ولو قيد السلطان القاضي بصحيح مذهبه، كما
(1)[حاشية ابن عابدين](4\ 369)
في زماننا تقيد بلا خلاف، ولو قيده بضعف المذهب فلا خلاف بعدم صحة حكمه.
2 -
وقال (1) أيضا نقلا عن معروضات أبي السعود: إن العبد الآبق إذا كان من عبيد العسكرية فقد صدر الأمر السلطاني بمنع القضاة من بيعه؛ كيلا يتخذ العبيد الإباق وسيلة للتخلص من خدمة الجيش، ثم قال: وحينئذ لا يصح بيع هؤلاء العبيد، بل يؤخذون من مشتريهم ويرجع المشتري بالثمن، وكذلك بيع العبيد الآبقين من الرعايا إذا بيعوا بغبن فاحش، وبذلك ورد الأمر السلطاني، فليحفظ فإنه مهم.
3 -
وقال (2) أيضا على قول صاحب [الدر] : (ولو قضى بجواز بيعها لم ينفذ، بل يتوقف على قضاء قاض آخر إمضاء وإبطالا) .
قال: أي: قضى به حنفي مثلا على إحدى الروايتين عن الإمام من أن القاضي لو قضى بخلاف رأيه ينفذ قضاؤه ما لم يقيده السلطان بمذهب خاص.
4 -
وقال (3) أيضا على قول صاحب [تنوير الأبصار] في صلاة العيدين: (ويصلي بهم الإمام ركعتين مثنيا قبل الزوائد، وهي ثلاث تكبيرات في كل ركعة) قال: هذا مذهب ابن مسعود وكثير من الصحابة ورواية عن ابن عباس، وبه أخذ أئمتنا الثلاثة، وروي عن ابن عباس أنه يكبر في الأولى سبعا، وفي الثانية ستا، وفي رواية خمسا، منها ثلاثة
(1)[حاشية ابن عابدين](3\ 325)
(2)
[حاشية ابن عابدين](3\51)
(3)
[حاشية ابن عابدين](1\ 779، 780) .