الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مذهبا من المذاهب غيره أسلم منه، وإن فيهم الجهمية والرافضة والخوارج والمرجئة والشيعة وإلا مذهب مالك ما سمعت أن أحدا ممن يتقلد مذهبه قال بشيء من هذه البدع، فالاستمساك به نجاة إن شاء الله، ولغيره عن الخليفة الحاكم المستنصر بالله تعالى: من خالف مذهب مالك بالفتوى، وبلغنا خبره- أنزلنا به من النكال ما يستحقه، وجعلناه عبرة لغيره، فقد اختبرت فوجدت مذهب مالك وأصحابه أفضل المذاهب، ولم أر في أصحابه ولا فيمن تقلد بمذهبه غير معتقد للسنة والجماعة، فليستمسك الناس بهذا، ولينهوا أشد النهي عن تمسكهم في العمل بمذهب جميع المخالفين له) (1) .
(1) لكن مالكا رحمه الله لم يرض أن يحمل الناس على مذهبه أو كتابه، كما تقدم
ج-
المذهب الشافعي:
1 -
قال الماوردي (1) : فلو شرط المولي وهو حنفي المذهب على من ولاه القضاء - ألا يحكم إلا بمذهب الشافعي أو أبي حنيفة فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يشترط ذلك عموما في جميع الأحكام فهذا شرط باطل، سواء كان موافقا لمذهب المولي أو مخالفا له، وأما صحة الولاية فإن لم يجعله شرطا فيها وأخرجه مخرج الأمر أو مخرج النهي، وقال: قد قلدتك القضاء فاحكم بمذهب الشافعي رحمه الله على وجه الأمر أو لا تحكم بمذهب أبي حنيفة على وجه النهي- كانت الولاية صحيحة والشرط
(1)[الأحكام السلطانية] ص (68) .
فاسدا، سواء تضمن أمرا أو نهيا، ويجوز أن يحكم بما أداه اجتهاده إليه، سواء وافق شرطه أو خالفه، ويكون اشتراط المولي لذلك قدحا فيه إن علم أنه اشترط ما لا يجوز، ولا يكون قدحا إن جهل، لكن لا يصح مع الجهل به أن يكون موليا ولا واليا، فإن أخرج ذلك مخرج الشرط في عقد الولاية فقال: قد قلدتك القضاء على ألا تحكم فيه إلا بمذهب الشافعي أو بقول أبي حنيفة - كانت الولاية باطلة؛ لأنه عقدها على شرط فاسد، وقال أهل العراق: تصح الولاية ويبطل الشرط.
والضرب الثاني: أن يكون الشطر خاصا في حكم بعينه، فلا يخلو الشرط من أن يكون أمرا أو نهيا، فإن كان أمرا فقال له: أقد من العبد (1) بالحر. . . كان أمره بهذا الشرط فاسدا، ثم إن جعله شرطا في عقد الولاية فسدت، وإن لم يجعله شرطا فيها صحت، وحكم في ذلك بما يؤديه اجتهاده إليه.
وإن كان نهيا فهو على ضربين:
أحدهما: أن ينهاه عن الحكم في قتل المسلم بالكافر، والحر بالعبد، ولا يقضي فيه بوجوب قود ولا بإسقاطه- فهذا جائز؛ لأنه اقتصر بولايته على ما عداه فصار ذلك خارجا عن نظره.
والضرب الثاني: ألا ينهاه عن الحكم وينهاه عن القضاء في القصاص. فقد اختلف أصحابنا في هذا النهي هل يوجب صرفه عن النظر فيه؟ على وجهين:
(1) قوله (أقد من العبد بالحر) كذا من أصل المنقول منه ولعل الصواب كذا (أقد من الحر بالعبد) .
أحدهما: أن يكون صرفا عن الحكم فيه وخارجا عن ولايته فلا يحكم فيه بإثبات قود ولا بإسقاطه.
والثاني: أنه لا يقتضي الصرف عنه، ويجري عليه حكم الأمر به، ويثبت صحة النظر إن لم يجعله شرطا في التقليد، ويحكم فيه بما يؤديه اجتهاده إليه.
2 -
قال (1) . جلال الدين المحلي على قول النووي في [المنهاج] : (ولا يجوز أن يشترط عليه خلافه) - قال: أي خلاف الحكم باجتهاد أو اجتهاد مقلده، وقضية ذلك: أنه لو شرطه لم يصح الاستخلاف، كذا لو شرطه الإمام في تولية القاضي لم تصح توليته.
3 -
قال (2) قليوبي على قوله: (أن يشترط) : خرج بالشرط الأمر والنهي، نحو احكم بمذهب كذا، أو لا تحكم، فيلغو ولا تبطل التولية، ويعتبران في التفويض.
4 -
وقال (3) إبراهيم بن على الشيرازي: ولا يجوز أن يعقد تقلد القضاء على أن يحكم بمذهب بعينه؛ لقوله عز وجل: {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} (4) والحق ما دل عليه الدليل، وذلك لا يتعين في مذهب بعينه، فإن قلد على هذا الشرط بطلت التولية؛ لأنه علقها على شرط، وقد بطل الشرط، فبطلت التولية.
(1)[شرح المحلي على المنهاج](4\ 297، 298)
(2)
[قليوبي على المنهاج](4\ 298) .
(3)
[المهذب](2\291) طبعة حلبية.
(4)
سورة ص الآية 26