الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاتمة المبحث
الحمد لله بنعمته تتم الصالحات، فله الحمد حمداً لا يتناهى عدداً، ولا ينقضي أبداً، ففي ختام هذه الورقات أقيد للقارئ الكريم أبرز النتائج، وهي:
1 -
أهمية وأولوية دراسة مثل هذه الأحاديث التي اشتهر العمل بها، مع وجود شيء من الكلام في أسانيدها.
2 -
كثرة طرق وأوجه أحاديث الباب، لا سيما حديث أبي سعيد رضي الله عنه.
3 -
أن أصل أحاديث الباب وأشهرها وأقواها حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
قال ابن حجر: (وهو أقوى ما ورد في سورة الكهف)(1).
4 -
أن حديث أبي سعيد مداره على أبي هاشم الرماني، وقد رواه عنه ستة من أصحابه، الذين ذكروا قراءة سورة الكهف ثلاثة فقط: هشيم، والثوري، وشعبة.
5 -
أن الحديث روي عن أبي هاشم على وجهين: مرفوع،
(1) ينظر: فيض القدير (6/ 198)، ولم أقف عليه في المظنة من كتب ابن حجر رحمه الله.
وموقوف، والمحفوظ، بل الصحيح صناعة: أنه موقوف على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، دون ذكر الجمعة فيه.
6 -
أن تخصيص فضيلة قراءة سورة الكهف بيوم الجمعة أو ليلتها في الحديث لم تأت عن أبي هاشم الرماني إلا من طريقين:
- طريق هشيم، وقد انفرد بها عن الثوري وشعبة، فلا تقبل مع مخالفته لهما، كما أن روايته مشكوك في اتصالها.
- طريق قبيصة، عن الثوري عن أبي هاشم، وقد انفرد قبيصة بهذا اللفظ في حديث سفيان، وقبيصة ضعيف في سفيان لو انفرد، فكيف مع المخالفة، ولمثل وكيع وابن مهدي!
فتلخص لنا: أن تخصيص قراءة السورة بيوم الجمعة أو ليلتها لا يصح مرفوعاً ولا موقوفاً.
7 -
ما سوى حديث أبي سعيد مما ورد في الباب ضعيف جداً، وفي متون بعضها شيء من النكارة.
8 -
أنه لا يثبت في ذلك حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
9 -
أن المحفوظ في فضيلة قراءة شيء من السورة هو ما ورد في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه: في أن من حفظ عشراً من أولها عصم من فتنة الدجال، وبمعناه من حديث
النواس رضي الله عنه عند مسلم أيضاً، وإعلال أحاديث الباب بمثل هذا مما جرى به عمل الأئمة الحذاق، صيارفة نقد الأحاديث، وأطباء العلل.
قال ابن عراق: «وقد صح الحديث في العصمة من الدجال بحفظ بعض سورة الكهف من غير تقييد بيوم الجمعة، رواه مسلم من حديث أبي الدرداء، فالمستنكر من الحديث ما سوى ذلك، والله أعلم» (1).
10 -
لم أقف - حسب جهدي - على شيء موقوف عن الصحابة رضي الله عنهم يفيد العمل بمدلول الحديث يوم الجمعة، وقد تأملت وراجعت ما كانوا يعملونه ويعتنون به في هذا اليوم فلم أقف على ما يفيد عنهم هذا العمل، ومثله لو كان لا يخفي، بل الهمم والدواعي متوافرة على نقله.
11 -
لم أقف على خلاف بين أهل العلم في القول بمشروعية قراءة السورة يوم الجمعة، وأول من وقفت له على قول بمدلول الأحاديث الإمام الشافعي رحمه الله، ولعل من بعده تابعه عليه، وحجة أكثرهم: أن الحديث، وإن قيل بوقفه على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، فمثله لا يقال بالرأي.
وهذا بناء منهم: على ثبوت لفظ الجمعة في الحديث، وفيه ما سبق.
(1) تنزيه الشريعة (1/ 302).
ويمكن أن يقال: لعل مما يسند العمل بذلك الاحتجاج بالموقوف مطلقاً، ومن المعلوم أن قاعدة العمل أوسع من قاعدة النقد والاحتجاج، فلا يترتب على ذلك نفي المشروعية مطلقاً، فضلاً عن الحكم بالبدعة، أو الوصف بالإحداث، على أن الاسترواح إلى القول بأفضلية المداومة على قراءتها يوم الجمعة يحتاج إلى دليل أقوى من ذلك، والله تعالى أعلم.
وفي الختام: فهذا غاية جهدي، ومبلغ فهمي، فما كان في هذه الأسطر من صواب وحق فمن الله وحده، وهو الذي تفضل ومن به، وما كان من خطأ أو وهم فمن تقصيري وقصوري، ودين الله وأحكامه وشرعه بريئة منه.
رزقنا الله العلم النافع، والعمل الصالح، وجعلنا من أنصار دينه، والدعاة إلى سبيله على بصيرة، وصلى الله وسلم وبارك على محمد، وآله، وصحبه أجمعين.
***