المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ وقوع المجمل فى الكتاب والسنة - الأصل الجامع لإيضاح الدرر المنظومة في سلك جمع الجوامع - جـ ٢

[حسن السيناوني]

فهرس الكتاب

- ‌(التخصيص

- ‌الْحَقُّ جَوَازُهُ إلَى وَاحِدٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَفْظُ الْعَامِّ جَمْعًا

- ‌الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ عُمُومُهُ مُرَادٌ تَنَاوُلًا لَا حُكْمًا

- ‌(الْمُخَصِّصُ قسمان الاول المتصل

- ‌ الاستثناء

- ‌يَجِبُ اتِّصَالُهُ

- ‌ الْمُنْقَطِعُ

- ‌لَا يَجُوزُ الْمُسْتَغْرِقُ

- ‌الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَبِالْعَكْسِ

- ‌الاستثناء الوارد بعد جمل متعاطفة

- ‌الْوَارِدُ بَعْدَ مُفْرَدَاتٍ اولى بالكل)

- ‌الشرط المخصص

- ‌ الصفة

- ‌ الغاية

- ‌ بدل البعض من الكل

- ‌ يجوز تخصيص الكتاب بالكتاب

- ‌ يَجُوزُ التَّخْصِيصُ لِلكتاب بالقياس المستند الى نص خاص

- ‌(مسئلة ان تاخر الخاص عن العمل نسخ الخاص والا خصص)

- ‌(المطلق والمقيد)

- ‌(مسالة المطلق والمقيد كالعام والخاص وانهما ان اتحدا حكمها

- ‌الظاهر

- ‌التاويل

- ‌المجمل

- ‌ وقوع المجمل فى الكتاب والسنة

- ‌الكتاب الثانى فى السنة

- ‌(إذَا تَعَارَضَ الْقَوْلُ وَالْفِعْل

- ‌‌‌الكلامفى الاخبار

- ‌الكلام

- ‌ استفهام

- ‌ امر

- ‌نهى

- ‌ دعاء

- ‌ تَعْرِيفَ الخبر

- ‌مَدْلُولُ الْخَبَرِ

- ‌الكتاب الثالث في الاجماع

- ‌الكتاب الرابع فى القياس

الفصل: ‌ وقوع المجمل فى الكتاب والسنة

يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ} فالضمير متردد فيه بين عوده الى الجار او الى الاحد فلذا قال الناظم فى هذه المسالة عاطفا على البيت المتقدم:

ونحو لا يمنعُ جارٌ جارَهْ

أن يضعَ الحديثَ أي إضمارَهْ

قوله الحديث بالنصب أي اقرا الحديث وتامل فى الضمير فيه وافاد ناظم السعود ايضا ان الحكم هنا الذي هو الاجمال عكس الحكم المتقدم الذي هو الايضاح حيث قال:

والعكس في جداره ويعفو....والقُرء في منع اجتماع فاقفوا

قوله والقرء الخ تقدم فى المفرد واما ان يكون الاجمال بسبب مرجع الصفة نحو قولك زيد طبيب ماهر فانه يحتمل رجوع المهارة الى الطب فقط او الى زيد ويختلف المعنى باعتبارهما واما ان يكون الاجمال بسبب ان الصفة المخصصة للمجمل مجهولة نحو الثلاثة زوج وفرد فانه اما ان توصف الثلاثة بكل واحد منهما على البدلية او الاجتماع والاول باطل والثانى راجع الى ان بعضها يسمى زوجا وبعضها فردا والعض الموصوف بالزوجية وكذا الموصوف بالفردية غير متعين بهذه الصفة افاده حلولو (والاصح وقوعه فى الكتاب والسنة وان المسمى الشرعى اوضح من اللغوي وقد تقدم فان تعذر حقيقة فيرد اليه بتجوز او مجمل او يحمل على اللغوي اقوال) أي والاصح‌

‌ وقوع المجمل فى الكتاب والسنة

للامثلة السابقة منهما والقول بعدم وقوعه فى غاية الشذوذ قال الشيخ حلولو فكيف يصح التعبير بالاصح الى مقابلة الصحيح وقد قال الصيرفى لا اعلم من قال به الا داود الظاهري فلذا قال العلامة ابن عاصم:

وقد اتى المجمل فى الكتاب

وفى الحديث دون ما ارتياب

وقال الناظم مصرحا بالمانع:

وفي الكتابِ والحديثِ وقَعَا

كما مضَى والظاهريُّ منَعَا

والاصح ان المسمى الشرعى للفظ اوضح من المسمى اللغوي له فى عرف الشرع فيقدم عليه كما تقدم فى مسالة اللفظ اما حقيقة او مجاز الخ وذكره هنا توطئة لقوله فان تعذر الخ أي فان تعذر المسمى الشرعى للفظ بحسب نفس الامر والواقع فيرد اليه بتجوز محافظة على الشرعى ماامكن او هو مجمل لتردد بين المجاز الشرعى والمسمى اللغوي او يحمل على اللغوي تقديما للحقيقة على المجاز اقوال قال الجلال المحلى: اختارمنها المصنف فى شرح المختصر كغيره الاول اه. مثاله حديث الترمذي وغيره {الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ فِيهِ الْكَلَامَ} فالحقية الشرعية متعذرة اذ نفس الطواف ليس فيه الحقيقة الشرعية فيرد اللفظ الى الشرع بتجوز بان يقال كالصلاة باعتبار الطهارة والنية ونحوهما او يحمل على المسمى اللغوي وهو الدعاء بخير لاشتمال الطواف عليه او هومجمل لتردده بين المجاز الشرعى المسمى اللغوي (وَالْمُخْتَارُ أَنَّ اللَّفْظَ الْمُسْتَعْمَلَ لِمَعْنًى تَارَةً وَلِمَعْنَيَيْنِ لَيْسَ ذَلِكَ الْمَعْنَى أَحَدَهُمَا مجمل فان كان احدهما فيعمل به ويوقف الاخر) أي اذا ورد لفظ له معنيان احدهما لمعنى واحد والثانى لمعنيين على السواء ليس ذلك المعنى احدهما فانه يكون مجملا لتردده بين المعنى والمعنيين فان كان ذلك المعنى احدهما فيعمل به جزما حيث انه وجد فى الاستعمال واما الاخر فانه يوقف المتردد فيه فلذا قال الناظم:

واللفظُ تارةً لمعنَى يَرِدُ

وتارةً لآخَرَيْنِ يُقصَدُ

على الأصَحِّ مجملٌ فإن يَفِ

ذا منهما يعملْ بهِ ويوقَفِ

أي ويوقف الاخر الذي ليس احد المعنيين فى كلام الاستعمالين مثال الاول حديث مسلم {لا ينكح المحرم ولا ينكح} بناء على

ص: 35

ان النكاح مشترك بين العقد والوطء فانه ان حمل على الوطء استفيد منه معنى واحد وهو الوطء الذي هو وصف للمحرم فعلا او تمكينا فلا يطا ولا يمكن غيره من وطئه وان حمل على العقد استفيد منه معنيان بينهما قدر مشترك وهو ان المحرم لا يعقد لنفسه ولا يعقد لغيره ومثال الثانى حديث مسلم {الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا} أَيْ بِأَنْ تَعْقِدَ لِنَفْسِهَا أَوْ تَأْذَنَ لِوَلِيِّهَا فَيَعْقِدَ لَهَا فالمعنى الواحد الذي يستعمل فيه اللفظ تارة هو عقدها لنفسها والمعنيان الذان يستعمل فيهما تارة اخري وذلك المعنى احدهما ان تعقد لنفسها كما عليه ابو حنيفة او تاذن لوليها والله اعلم

البَيَانُ

(إخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنْ حَيِّزِ الْإِشْكَالِ إلَى حَيِّزِ التَّجَلِّي وانما يجب لمن اريد فهمه اتفاقا والاصح انه قد يكون بالفعل وأَنَّ الْمَظْنُونَ يُبَيِّنُ الْمَعْلُومَ) لمافرغ المصنف رحمه الله تعالى من الكلام على الاجمال شرع فى الكلام على البيان والبيان فى الاصل بمعنى التبيين أي فعل المبين بكسر التحتية المشددة والمبين بفتح الياء نقيض المجمل فهو المتضح الدلالة قاله العضد وعرفه المصنف بقوله اخراج الشيئ من حيز الاشكال الى حيز التجلى كما عرفه الناظم ايضا به حيث قال:

إخراجهُ من حيِّزِ الأشكالِ

إلى تجَلِّيهِ البيانُ العَالِي

وقال شارح السعود فى تعريفه ان البيان بمعنى التبيين هو اخراج شيئ مشكل أي مجمل من قول او فعل من حال اشكاله وعدم فهم معناه الى حال اتضاح معناه وفهمه بنصب ما يدل عليه من حال او مقال فلذا قال فى نظمه:

تصيير مُشكل من الجلي..

ثم ان القاضى نقل عن بعضهم وهم العراقيون ان المبين بالفتح اذا عم وجوبه سائر المكلفين كالصلاة يجب ان يكون بيانه معلوما أي مقطوعا بالمتواتر قيل فى بيانه خبرالآحاد اه. فلذا قال فى نظمه:

وأوجبَنَّ عند بعضٍ عِلما

إذا وجوب ذي الخفاء عمَّا

والاتيان بالظاهر من غير سبق اشكال لا يسمى بيانا اصطلاحا وقول المصنف وانما يجب الخ وانما يجب البيان لمن اريدفهمه المشكل اتفاقا لحاجته اليه بان يعمل به او يفتى بخلاف غيره فلذا قال الناظم:

وإنَّما يجبُ أي إرفاقَا

لمنْ أريدَ فهمُه اتِّفَاقَا

والنبيء صلى الله عليه وسلم متصد لمن التمس من فتح المشكل قال ناظم السعود:

..وهو واجب على النبي. اذا اريد فهمه

والاصح ان البيان قد يكون بالفعل كالقول قال شارح السعود يكون بكل ما يجلو العمى أي الخفاء والاشكال من الدليل مطلقا سواء كان عقليا او حسيا او شرعيا او عرفيا او قرينة او فعلا يشعر بالبيان اه. فلذا قال فى نظمه: وهْو بما....من الدليل مطلقا يجلوا العمى

فمثال الدليل أي البيان بالقول قوله عليه الصلاة والسلام فيما سقت السماء العشر بين قوله تعالى وآتو حقه يوم حصاده ومثاله بالفعل بيانه عليه الصلاة والسلام قوله تعالى {ولله على الناس حج البيت} بحجه عليه الصلاة والسلام وبيان جبريل للنبىء صلى الله عليه وسلم اوقات الصلاة بان صلى به والاصح ان المظنون متنا وهومروي الاحاد كايمانهما فى القرأة الشاذة يبين قراءة ايديهما المتواترة قال شارح السعود يجوز تبيين القاصرة من جهة السند ماهو اقوي منه من جهته فبين معلوم المتن كالمتواتر بظنونه كخبرالاحاد كبيان الامر بالزكاة الوارد فى القران بخبر

ص: 36

الاحاد فيما سقت السماء العشر الحديث وكذا يبين الاضعف دلالة ما هو اقوي منه دلالة كبيان المنطوق بالمفهوم اه. فلذا قال فى نظمه:

وبَيَّنَ القاصر من حيث السند....أو الدلالة على ما يُعتمد

وبين الناظم ايضا كالمصنف ان البيان كما يجئ بالفعل يجئ بالمظنون حيث قال:

وجازَ بالفعْلِ وبالظَّنِّ لمَا

يفوقُهُ علَى الأصَحِّ فيهمَا

(وأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ، وَإِنْ جَهِلْنَا عَيْنَهُ مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ هو البيان وان لم يتفق البيان وان لم يتفق البيان كما لو طاف بعد الحج طوافين وامر بواحد فالقول وفعله ندب او واجب متقدما او متاخرا وقال ابو الحسين المتقدم) أي الْأَصَحُّ أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ، وَإِنْ جَهِلْنَا عَيْنَهُ مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ الْمُتَّفِقَيْنِ فِي الْبَيَانِ هو الْمُبَيِّنُ، وَالْآخَرُ تَأْكِيدٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فِي الْقُوَّةِ فلذا قال ناظم السعود:

والقول والفعل إذا توافقا

فانم البيان للذي قد سبقا

واما وَإِذا لَمْ يَتَّفِقْ الْبَيَانَانِ اللذان هما القول والفعل كان كَأَنْ زَادَ الْفِعْلُ عَلَى مُقْتَضَى الْقَوْلِ كَمَا لَوْ طَافَ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ الْحَجِّ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الطَّوَافِ طَوَافَيْنِ، وَأُمِرَ بِوَاحِدٍ فَالبيان هو القول وفعله صلى الله عليه وسلم الزَّائِدُ عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِهِ نَدْبٌ أَوْ وَاجِبٌ فى حقه صلى الله عليه وسلم دُونَ أَمَتِه واشار ناظم السعود بقوله:

وإن يزد فعل فللقول انتسب....والفعل يقتضي بلا قيد طلب

قوله قيد طلب أي حال كون ذلك الفعل غير مقيد بتقدم او تاخر أي سواء تقدم الفعل على القول اوتاخر جمعا بين المدليلين واشار الناظم الى هذه المسئلة والتى قبلها بقوله:

إنْ يتفِقْ قولٌ وفعلٌ في البيَانْ

فالحكْمُ للسابقِ والتأكيدُ ثانْ

ولوْ جهلْنا عينَهُ علَى الأصَحّْ

أو خَالفَا فالقولُ في الأقوَى رجَحْ

وقال ابوالحسين البصري البيان هو المتقدم من القول او الفعل وافاد شارح السعود ان القول اذا زاد على الفعل عكس الصورة المتقدمة كان طاف صلى الله عليه وسلم طوافا وامر باثنين كان القول هو البيان والفعل الناقص تخفيف فى حقه صلى الله عليه وسلم تاخر الفعل او تقدم فلذا قال فى نظمه: والقول في العكس هو المبيِّن

وفعله التخفيف فيه بين والله اعلم

(مَسْأَلَةٌ: تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْفِعْلِ غَيْرُ وَاقِعٍ، وَإِنْ جَازَ والى وقته وَاقِعٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ سَوَاءٌ كَانَ لَلْمُبَيَّنِ ظَاهِر ام لا وثالثها يمتنع فى غير المجمل وهو ما له ظاهر وَرَابِعُهَا يَمْتَنِعُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ الْإِجْمَالِيِّ فِيمَا لَهُ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمُتَوَاطِئِ وَخَامِسُهَا يمتنع فى غير النسخ وقيل يجوز تاخير النسخ اتفاقا وسادسها لا يجوز تاخير بعض دون بعض) قال الشيخ حلولو تاخير البيان عن وقت الفعل مبنى عند المصنف وغير واحد على التكليف بالمحال ومذهب الجمهور جوازه وعدم وقوعه وذكر بعض المتاخرين عن ابن العربى انه قال فى كتابه المحصول لحظت ذلك مدة ثم ظهر لى جوازه ولا يكون من تكليف ما لا يطاق بل رفعا للحكم واسقاطه له فى حق المكلف واما تاخيره عن وقت الخطاب الى وقت الفعل ففيه مذاهب اه. أي كما سياتى فقول المصنف تاخير البيان عن وقت الفعل غير واقع أي تاخير بيان المجمل او ظاهر لم يرد ظاهره بقرينة ما سياتى فى قوله سواء كان للمبين ظاهر ام لا عن اول الزمن الذي جعله الشارع وقتا لفعل ذلك الفعل غير واقع قال شارح السعود ان تاخير البيان لمجمل او ظاهر لم يرد ظاهره عن وقت الفعل أي الزمان الذي وقته الشارع لفعل ذلك الفعل الى حد لايبقى بعد البيان من الوقت ما يسع للفعل مع ما يتوقف

ص: 37

عليه غير واقع عند من اجازه بناء على جواز التكليف بالمحال وان العربى بنى جوازه على انه من اسقاط الحكم فى حق المكلف اه. فلذا قال فى نظمه:

تأخر البيان عن وقت العمل....وقوعه عند المُجيز ما حصل

وقال العلامة ابن عاصم:

فصل ولايجوز فى البيان

تاخيره عن حاجة الانسان

وقال الناظم:

تأخيرُهُ عنْ وقتِ فعلٍ لم يقعْ

وإن نَقُلْ بأنَّ ذاكَ ما امتنَعْ

أي تاخير البيان عن وقت الفعل غير واقع وان قلنا بجوازه قال الجلال المحلى: وقوله أي المصنف الْفِعْلُ أَحْسَنُ كَمَا قَالَ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ الْحَاجَةُ ; لِأَنَّهَا كَمَا قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إسْحَاقَ الإسفراييني لَائِقَةٌ بِالْمُعْتَزِلَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ بِالْمُؤْمِنِينَ حَاجَةً إلَى التَّكْلِيفِ لِيَسْتَحِقُّوا الثَّوَابَ بِالِامْتِثَالِ اه. واما تاخير البيان عن وقت الخطاب الى وقت الفعل فانه جائز وواقع عند الجمهور فلذا قال العلامة ابن عاصم:

وجائز فيه بلا ارتياب.... تاخيره عن زمن الخطاب

قال شارح السعود تاخير البيان عن وقت الخطاب الى وقت الاحتياج الى العمل به وهو المعبر عنه بوقت الفعل واقع عند الجمهور سواء كان للمبين بالفتح ظاهر كعام يبين تخصيصه ومطلق يبين تقييده ودال على حكم يبيين نسخه ام لا وهو المجمل كمشترك يبين معنييه او معانيه وكمتواطئ يبين احدماصدقاته مثلا ثم قال ان بعض المالكية مانع ذلك قال لاخلاف بفهم المراد عند الخطاب والمراد بالاخلال فهم غير المراد فيما له ظاهر وعدم فهم المراد فيما لا ظاهر له. فلذا قال فى نظمه:

تأخيره للاحتياج واقع

وبعضنا هو لذاك مانع

وعلى ذا المنع الحنفية والمعتزلة وبعض من الشافعية فهذان قولان وثالث الاقوال انه يمتنع التاخير أي تاخير البيان التفصيلى فى غير المجمل وهو ماله ظاهر للالباس بايقاع المخاطب فى فهم غير المراد بخلاف مالا ظاهر له وهو المجمل فيجوز التاخير لان اللازم على التاخير فيه عدم فهم المراد اللازم على التاخير فى غير المجمل واشار الناظم الى الاقوال الثلاثة بقوله:

وواقعٌ للوقتِ عندَ الأكثرِ

ثالثُها لا إن يكنْ ذا ظاهرِ

ورابع الاقول يَمْتَنِعُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ الْإِجْمَالِيِّ فِيمَا لَهُ ظَاهِر مِثْلُ هَذَا الْعَامُّ مَخْصُوصٌ وَهَذَا الْمُطْلَقُ مُقَيَّدٌ، وَهَذَا مَنْسُوخٌ يَدُلُّ الْوُجُودُ الْمَحْذُورُ قَبْلَ البيان الْإِجْمَالِيّ لمقارنته دُونَ التَّفْصِيلِيِّ ولايجب تفصيل ما خص به اوقيد به بل يجوز تاخير ذلك وبه قال ابوالحسين الِبصري بخلاف المشترك والمتواطئ مماليس له ظاهر فيجوز تاخير بيانهما الاجمالى كالتفصيلى اذ لم يقع المخاطب فى فهم غير المراد وزاد الناظم على المصنف قولا آخر عكس التفصيل السابق حكاه الابياري فى شح البرهان وهو انه يجوز تاخير البيان الى وقت الفعل فيما لا ظاهر ولا يجوز فيمالا ظاهر هـ وعلله بان للعام فائدة فى الجملة بخلاف المجمل فلذا قال فى ذين القولين:

وقيلَ لا يؤخرُ الإجمالِي

فيهِ وقدْ قيلَ بعكسِ التَّالِي

كما تعرض لها ايضا ناظم السعود بقوله:

وقيل بالمنع لما كالمطلق

ثم بعكسه لدى البعض انطق

الباء فى قوله بما ظرفية خامس الاقوال عند المصنف يَمْتَنِعُ التَّأْخِيرُ فِي غَيْرِ النَّسْخِ لِإِخْلَالِهِ بِفَهْمِ الْمُرَادِ مِنْ اللَّفْظِ بِخِلَافِ النَّسْخِ ; حيث انه رَفْعٌ لِلْحُكْمِ أَوْ بَيَانٌ لِانْتِهَاءِ أَمَدِهِ كَمَا سَيَأْتِي. وعليه الجباءي ومقتضاه ان النسخ من محل الخلاف وهو ظاهر كلام الامدي لكن صرح القاضى وامام الحرمين والغزالى بعدم الخلاف فيه والى ذلك اشار المصنف بقوله وقيل يجوز تاخير النسخ والى ماذكره

ص: 38

المصنف اشار الناظم بقوله:

وقيلَ لا في غيرِ نسخٍ بلْ نُقِلْ

جوازُه في النَّسْخِ قطعًا لا يُخِلّْ

وسادس الاقوال لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَعْضٍ وابداء البعض الاخر وذلك لان تاخير البعض يوقع المخاطب فى فهم ان المقدم جميع البيان وهو غير المراد بخلاف تاخير الكل واشار الناظم الى هذ القول بقوله:

وقيلَ لا يجوزُ أن يُؤَخَّرَا

بعضٌ وإبدَا البعضِ إن لبْسٌ عَرَا

والاصح الجواز والوقوع ومن ادلته قوله تعالى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الاية فَإِنَّهُ عَامٌّ فِيمَا يُغْنَمُ مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ {مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ} وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ نُزُولِ الْآيَةِ لِنَقْلِ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَأَنَّ الْآيَةَ قَبْلَهُ فِي غَزْوَةِ بَدْر وقَوْله تَعَالَى {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} فَإِنَّ البقرة مُطْلَقَةٌقيدت بما فى اجوبة اسئلتهم وفيه وَفِيهِ تَأْخِيرُ بَعْضِ الْبَيَانِ عَنْ بَعْضٍ أَيْضًا وكذا قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ الْخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام {يَا بُنَيَّ إنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُك} الاية فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْأَمْرِ بِذَبْحِ ابْنِهِ ثُمَّ بَيَّنَ نَسْخَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (وَعَلَى الْمَنْع الْمُخْتَارِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم تَأْخِيرُ التَّبْلِيغِ إلَى وَقْت الحاجة وانه يجوز ان لا يعلم الموجود بالمخصص ولا بانه مخصص) أي ويتفرع على القول بامتناع تاخير البيان فرعان لانتفاء المحذور السابق كما سياتى احدهما المختار انه يجوز للرسول صلى الله عليه وسلم تاخير تبليغ مايوحي اليه الى وقت الاحتياج للعمل به لا تاخير البيان ولا فرق بين القرءان وغيره وقيل لا يجوز لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْك مِنْ رَبِّك} بناء على ان الامر للفور لان وجوب التبليغ معلوم بالعقل ضرورة فلا فائدة للامر الا الفور واجاب الجمهور بان فائدته تاييد العقل بالنقل قال شارح السعود قلت وبانا لانسلم علم وجوب التبليغ بالعقل لا ذلك مبنى على ان العقل يحسن ويقبح وهو ضعيف وانما اجاز

المالكية وجمهور غيرهم تاخير التبليغ لانتفاء المحذور السابق فيه وهو الاخلال بفهم المراد منه عند الخطاب قال وكلام ابن الحاجب والامام الرازي والآمدي يقتضى المنع فى القرآن قطعا أي بلاخلاف لانه متعبد بتلاوته ولم يؤخر صلى الله عليه وسلم تبليغه بخلاف غيره لما علم انه كان يسئل عن الحكم فيجيب تارة مماعنده ويقف تارة اخري حتى ينزل الوحى ثم قال قد يمنع تعجيل التبليغ ويجب تاخيره الى وقت الحاجة درءا أي دفعا لمفسدة حاصلة فى تعجيله فلو امر صلى الله عليه وسلم بقتال اهل مكة بعد سنة من الهجرة وجب تاخيرتبيلغ ذلك الناس لئلا يستعد العدو اذاعلم ويعظم الفساد ولذلك لما اراد عليه الصلاة والسلام قتالهم قطع الاخبار عنهم حتى دهمهم وكان ذلك ايسر لقاتلهم وقهرهم اه. فلذا قال فى نظمه:

وجائز تأخير تبليغ له.....ودرء ما يُخشى أبى تعجيلَه

والضمير فى قوله له عائد على وقت العمل ثانى الفرعين الاصح ايضا انه يجوز ان لا يعلم المكلف المجود عند وجود المخصص بذات المخصص ولا بوصف انه مخصص مع علمه بذاته كان يكون المخصص له العقل قال شارح السعود نقلا عن ابن القاسم وعدم علم المكلف بالمخصص شامل لما اذا علم بعض المكلفين به ولم يعلمه البعض الاخر الاانه تمكن من العلم فهو بمنزلة العالم لتقصيره وشامل لما اذا لم يبلغ احدا من المكلفين لكنهم لما تمكنوا من البحث كانوا لتقصيرهم بمنزلة من بلغه اه. واشار

ص: 39

فى نظمه الى ذي المسالة بقوله تعالى:

ونسبة الجهل لذي وجود.....بما يخصِّص من الموجود

واشار الناظم ايضا اليها والى التى قبلها بقوله:

ثم علَى المَنْعِ أجزْ فيما اعتَلَى

للمصطفَى تأخيرَ تبليغٍ إلَى

حاجةِ موجودٍِ ونفىَ عِلْمِه

بذاتِ مَا خُصِّصَ أوْ بوسْمِه

(1/135)

---

ودليل جواز الثانية والوقوع ان بعض الصحابة لم يسمع المخصص السمعى الا بعد حين كان فاطمة رضى الله تعالى عنها طلبت ميراثها منه صلى الله عليه وسلم لعموم قوله تعالى {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} فَاحْتَجَّ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه بِمَا رَوَاهُ لَهَا بقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم {لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ} والله اعلم.

النسخ

(اُخْتُلِفَ فِي أَنَّهُ رَفْع أَوْ بَيَان) وجه كون المصنف رحمه الله تعالى لم يؤخر الكلام على النسخ الى آخر كتاب السنة كما فعله غير واحد لتطرق النسخ اليها لان النسخ فى السنة انما يكون فى الاقوال فقط حيث ان الافعال لا تنسخ ولا ينسخ بها والمصنف اورد جملة الاقوال فى الكتاب الاول والنسخ من جملة مباحثها لانه قال اولا فى ترجمة الكتاب الكتاب الاول فى الكتاب ومباحث الاقوال وبالتامل فى كتاب السنة عنده لم يوجد فيه مايتطرق اليه النسخ والنسخ لغة بمعنى الرفع والازالة يقال نسخت الشمس الظل اذا ازالته ونسخت الريح آثار القوم أي لم تبق لها اثرا وبمعنى النقل والتحويل كتناسخ المواريت واختلف هل هو حقيقة فى الرفع مجاز فى النقل او حقيقة فى كل واحد منهما قال الفهري والاول اظهر لان الرفع هو المتبادر الى الفهم عند الاطلاق واختلف فى معناه وحده شرعا فقال القاضى هو رفع واختاره الاما فى الارشاد وجماعة وقيل بيان واختلف القائلون بانه بيان فقيل ظهور شرط انتفاء الاستمرار وبه قال الاستاذ الاسفرائينى والامام فى البرهان وجماعة واختاره المقترح وقيل بيان امد الحكم وبه قال جمهور الفقهاء والامام الفخر والمعتزلة قاله حلولو وتعرض للقولين ناظم السعود بقوله:

رفع لحكمٍ أو بيانُ الزمن....بمحكم القرآن أو بالسنن

والقول الاول هو المختار لشموله قبل التمكن وسياتى جوازه على الصحيح بخلاف الثانى لان بيان الامد معناه عندهم الاعلام بان الخطاب لم يتعلق والفعل قبل التمكن قد تعلق به الخطاب جزما والاول كما اختاره الامام فى الارشاد وجماعة اختاره المصنف ايضا بقوله (وَالْمُخْتَار الْحُكْمَ الشَّرْعِيّ بخطاب فَلَا نَسْخَ بِالْعَقْلِ وَقَوْلُ الْإِمَامِ مَنْ نُسِخَ رِجْلَاهُ نُسِخَ غَسْلُهُمَا مدخول ولا بالاجماع ومخالفتهم تتضمن ناسخا) أي والمختار ان النسخ فى الاصطلاح رفع الحكم الشرعى بخطاب فخرج بالشرعى أي الماخوذ من الشرع رفع البراءة الاصلية فان رفعها ليس بنسخ وخرج بخطاب الرفع بالموت والجنون والغفلة فلذا قال الناظم:

النَّسْخُ رفعٌ أوبيانٌ والصَّوابْ

في الحَدِّ رفعُ حكمِ شرعٍ بخطابْ

والمراد برفع الحكم رفع تعلقه بالفعل لا رفعه فى نفسه لان الخطاب قديم لايرتفع واشار الى تعريفه العلامة ابن عاصم بقوله

النسخ رفع الحكم بعدما اقر.... فى سنة وفى كتاب يستقر

ثم قال متمماله بحصر النسخ فى الاحكام القرآنية والاخبار

ص: 40

النبوية.

وانما يكون فى الاحكام

او خبر ياتى بحكم سام. أي عال فلا نسخ حينئذ بالعقل وقول الامام الرازي فى مباحث التخصيص بعد ان ذكر تخصيص العام بالعقل من سقط رجلاه نسخ غسلهما فى طهارته مدخول قال الجلال المحلى: أَيْ فِيهِ دَخْلٌ أَيْ عَيْبٌ حَيْثُ جَعَلَ رَفْعَ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْعَقْلِ لِسُقُوطِ مَحَلِّهِ نَسْخًا فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلِاصْطِلَاحِ وَكَوْنُهُ تَوَسَّعَ فِيهِ اه.

فلذا صرح الناظم بانه مجازي حيث قال:

لا نَسْخَ بالعَقْلِ وقولُ الرَّازِي

بِنَسخِ غسلِ أقطعٍ مجازِي

كما انه لانسخ الحكم بالاجماع لانه انما ينعقد بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لما عرفه به المصنف فيما سياتى بقوله اتفاق مجتهدي الامة بعد وفاة محمد صلى الله عليه وسلم فى عصر على أي امر كان واما فى حياته فالحجة فى قوله دونهم ولانسخ بعد وفاته ولكن مخالفة المجمعين للنص فيما دل عليه تتضمن ناسخا له الذي هو مستند اجماعهم فلذا قال ناظم السعود:

فلم يكن بالعقل أو مجرد....الاجماع بل يُنمى إلى المستند

وقال الناظم نافيا النسخ به مثبتا اقتضاه تضمنه الناسخ.

ولا بالاجماعِ ولكنِ اقتضَى

تَضَمُّنَ النَّاسِخِ

وقال شارح السعود وكما ان الاجماع لاينسخ به كذلك لا ينسخه هو غيره اه. اذ خرقه حرام حيث رسخ بالثبوت قال العلامة ابن عاصم مشيرا للكتاب والسنة مفيدا ان غيرهما كما لا ينسخ لاينسخ اذا رسخ

وغيرهذين كما لا ينسخ.... كذلك لا ينسخ حين يرسخ

(ويجوز على الصَّحِيحِ نَسْخُ بَعْضِ الْقُرْآنِ تِلَاوَةً وَحُكْمًا أَوْ أَحَدَهُمَا فَقَطْ والفعل قبل التمكن) أي ويجوز على الصَّحِيحِ نَسْخُ بَعْضِ الْقُرْآنِ تِلَاوَةً وَحُكْمًا وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ نَسْخُ بَعْضِهِ كَكُلِّه المجمع على منع نسخ تلاوته او احكامه وكما انه يجوز بعض القرآن تلاوة وحكما يجوز نسخ احدهما فقط فلذا قال الناظم:

ثمَّ المُرتَضَى.

جوازُ نسْخِ بعضِ قُرآنٍ يُحَطّْ

تلاوةً وحكمًا أو فرداً فقطْ

وقال العلامة ابن عاصم:

والنسخ فى القران فى حكم وفى.. تلاوة وفيهما معا قفى

وماذكر من النسخ فى الذكر الحكيم هو معنى الاطلاق فى قول ناظم السعود: ونسخ بعض الذكر مطلقا ورد

مثال نسخ التلاوة والحكم ما روي مسلم عن عائشة رضى الله عنها كان فيما نزل أي من القران عشر رضعات معلومات أي يحرمن فنسخن تلاوة وحكما بخمس معلومات ثم نسخت الخمس تلاوة وحكما عند مالك وتلاوة فقط الشافعى ومثال منسوخ التلاوة فقط الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ والمراد بالشيخ والشيخة المحصنان لِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِ الْمُحْصَنَيْنِ واما منسوخ الحكم دون التلاوة فكثير منه قوله تعالى {وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا متاعا الى الحول غير اخراج} فنسخ بقوله تعالى {وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} لتاخره فى النزول عن الاول وان تقدمه فى التلاوة قال شارح السعود ويجوز على الصحيح نسخ الفعل قبل التمكن منه بان امر به فورا فنسخ قيل الشروع فيه او غيره على التراخى ولم يدخل وقته او دخل ولم يخص منه زمن يسع الفعل او كان الفعل يتكرر مرارا ففعل ثم نسخ قال فى نظمه:

والنسخ من قبل وقوع الفعل

جاء وقوعا في صحيح النقل

وقال الناظم عاطفا على ماهو المرتضى:

والفعلُ قبْلَهُ ولو لمْ يُمْكِنِ.

ومن ادلة وقوع النسخ قبل التمكن قوله تعالى حكاية عن الخليل عليه السلام

ص: 41

{يَا بُنَيَّ إنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُك} ثُمَّ نُسِخَ بقوله تعالى {وَفَدَيْنَاهُ بِذَبْحٍ عَظِيمٍ} ومنها رفع الصلوات الخمسين ليلة الاسراء بالخمس واما نسخ الفعل بعد خروج وقته بلا عمل فمتفق على جوازه (والنَّسْخُ بِقُرْآنٍ لِقُرْآنٍ وَسُنَّة وبالسنة للقرآن وقيل يمتنع بالاحاد والحق لم يقع الابالمتواترة قال الشافعى وحيث وقع بالسنة فمعها قران او بالقران فمعه سنة عاضدة تبين توافق الكتاب والسنة) شرط الدليل الناسخ ان يكون مساويا او اقوي ولا شرط فيه ان يكون من جنس المنسوخ ولا يكون قاطعا فيجوز على الصحيح النسخ بقرآن لقرآن كنسخ الاعتداد بالحول بالاربعة اشهر وعشر فلذا قال العلامة ابن عاصم:

وينسخ القران بالقران

دون خلاف بين اهل الشان

وقال ناظم السعود:

والنسخ بالنص لنص مُعتمد

وكذلك يجوز نسخ السنة بالقران وسواء كانت متواترة او احاد فلذا قال الناظم:.. وبكتابنَا لهُ والسُّنَنِ. أي ويجوز النسخ بالكتاب للكتاب والسنن لقوله تعالى {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} والسنة شيء من الاشياء وقيل لا يجوز وذكر العلامة ابن عاصم ان اقوال الخلف اشتهرت فى نسخ القران السنة المتواترة حيث قال:

لكن اقوال الخلف اشتهرت

فى نسخة سنة تواترت

فمثال نسخ القران المتواترة الاستقبال لبيت المقدس نسخ بقوله تعالى

{فول وجهك شطر المسجد الحرام} ومثال نسخه الاحاد ماوقع فى صلح الحديبية من رد من اتى من النساء المؤمنات نسخ بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ الى فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّار} واما العكس وهو نسخ القران بالسنة فيجوز وسواء كانت متواترة او آحاد فلذا قال الناظم:

وعَكْسُهُ ولوْ بآحادِ الخَبَرْ

قال الجلال المحلى: وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} وَالنَّسْخُ بِالسُّنَّةِ تَبْدِيلٌ مِنْهُ قُلْنَا لَيْسَ تَبْدِيلًا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ {وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى} وَيَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ قَوْله تَعَالَى {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ} وحكى ذالخلاف العلامة ابن عاصم بقوله:

ومنع نسخه بنقل الاحاد

وذو تواتر بخلف باد

وقيل ان نسخ القران بخبر الاحاد وان كان جائزا فليس بواقع على الصواب أي الصحيح فلذا قال ناظم السعود:

والنسخ بالآحاد للكتاب....ليس بواقع على الصواب

فالحق ان نسخ القران لم يقع الا بالمتواترة ولم يقع بخبر الاحاد فيما اشتهر فلذا قال الناظم معيدا الضمير على النسخ به

والحقُّ لم يقعْ بهِ فيمَا اشْتَهَرْ. نعم قيل انه وقع النسخ به كحديث الترمذي وغيره {لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ} فَإِنَّهُ نَاسِخُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} فلذا ذكر العلامة ابن عاصم انه ناسخ عند الباجى من اصحابنا وكذا عند الظاهرية حيث استثناءه واياهم ممن منع النسخ به قائلا:

ومنع نسخه بنقل الاحاد

عند سوي الباجى امر معتاد

ومن اولى الظاهر من قد وافقه

وغيرهم ليس له موافقه

قال الجلال المحلى مستدلا على بطلان دليل المستدل بوقوع النسخ فى مسالة الوصية بخبر الاحاد قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ تَوَاتُرِ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ لِلْمُجْتَهِدِينَ الْحَاكِمِينَ بِالنَّسْخِ لِقُرْبِهِمْ مِنْ زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اه. أي فقد يكون متواترا عند هم لقربهم من زمن صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم وقد يثبت لقوم دون قوم وقو المصنف قال الشافعى الخ قال

ص: 42

المحقق البنانى حاصل القول فى المقام ان نسخ الكتاب بالسنة والسنة بالكتاب الجمهور على جوازه ووقوعه وذهب قوم الى امتناعهما ونقل عن الشافعى وقد انكر عليه ذلك جماعة من العلماء واستعظموه ونص الشافعى فى رسالته لاينسخ كتاب الله الا كتابه ثم قال وهكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لاينسخها الاسنته ولو احدث الله فى امر غير ما سن فيه رسوله لسن رسوله ما احدث الله حتى يبين للناس ان له سنة ناسخة لسنة اه. وقد فهمه المصنف على معنى انه اذا نسخ الكتاب بالسنة فلابد ان يرد من الكتاب بعد ذلك ما يوافق تلك السنة الناسخة فى الحكم فيكون عاضدا لها واذا نسخت السنة بالكتاب فلا بد ان يبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق ذلك الكتاب الناسخ فى الحكم فتكون عاضدة له اه. والناظم درج على مادرج عليه اصله حيث قال:

والشافعِي حيثُ القُرآنُ ورَدَا

لنسخِهَا فمعْ حديثٍ عضَدَا

وورَدَتْ لنسخِهِ معْهَا خذِ

قراءةً تبينُ وَفْقَ ذَا وذِي

قال فى شرحه قال الشيخ جلال الدين أي المحلى والقسم الثانى موجود كما فى نسخ استقبال بيت المقدس بفعله صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى

{فول وجهك شطر المسجد الحرام} وقد فعله صلى الله عليه وسلم والقسم الاول يحتاج الى بيان وجوده اه. وسكت المصنف رحمه الله تعالى عن نسخ السنة بالسنة للعلم به من نسخ القران بالقران واما الناظم فانه تكلم عليه فيما مر انفا فى قوله:

وبكتابنَا لهُ والسُّنَنِ. وعكسه. فيجوز نسخ المتواترة بمثلها والاحاد بمثلها وبالمتواترة وكذا المتواترة بالاحاد على الصحيح كما مر فى نسخ القران بالاحاد فمثال نسخ السنة بالسنة نسخ حَدِيثُ مُسْلِمٍ {أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قِيلَ لَهُ الرَّجُلُ يَعْجَلُ عَنْ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يُمْنِ مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَقَالَ إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ} بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ {إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ} زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ {وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ} لِتَأَخُّرِ هَذَا عَنْ الْأَوَّلِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه {أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يَقُولُونَ: الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ رُخْصَةٌ رَخَّصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَمَرَ بِالْغُسْلِ بَعْدَهَا} افاده الجلال المحلى. (وبالقياس وثالثها ان كان جليا ورابعها ان كان فى زمانه عليه الصلاة والسلام والعلة منصوصة ونسخ القياس فى زمانه عليه السلام وشرط ناسخه ان كان قياسا ان يكون اجلى وفاقا للام وخلافا للامدي) أي ويجوز على الصحيح النسخ للنص بالقياس مطلقا لاستناده الى النص فكانه الناسخ وقيل لا يجوز حذر من تقديم القياس على النص الذي هو اصل له فى الجملة قال شارح السعود نسخ النص بالقياس لا يجوز شرعا عند الاكثر واختاره القاضى والباجى وهو مذهب الشافعى حذرا من تقديمه على النص الذي هو اصل له فى الجملة اه. فلذا قال فى نظمه:

ومنع نسخ النص بالقياس

هو الذي ارتضاه جل الناس

وثالث الاقوال يجوز النسخ به ان كان جليا وهو ماقطع فيه بنفى الفارق والخفى بخلافه كما سياتى بخلاف الخفى فانه لايجوز النسخ به لضعفه ورابعها يجوز ان كان فى زمنه عليه الصلاة والسلام والعلة منصوصة فلذا قال الناظم متعرضا لاختلاف الاقوال:

وبالقياسِ الثالثُ الجَلِيِّ

والرابعُ المدرِكُ للنَّبِيّ

ان نصت العلة. مثاله لو ورد نص مثلا بجواز الربا فى القول ثم ورد بعد ذلك نص بحرمة الربا فى الحمص لانه يستعمل مطبوخا فيقاس عليه القول لوجود العلة فيه ويكون الحكم الثابت له

ص: 43

بالقياس ناسخا لحكمه الاول افاده المحقق البنانى بخلاف ما علته مستنبطة لضعفه وما وجد بعد زمن النبىء صلى الله عليه وسلم لانتفاء النسخ حينئذ ويجوز على الصحيح نسخ القياس الموجود فى زمنه عليه الصلاة والسلام بنص او قياس مثال الاول ان يرد نص فى زمنه صلى الله عليه وسلم بتحريم الربا فى الذرة فيقاس عليها فى ذلك الارز ثم ياتى نص بجواز الربا فى الارز ومثال الثانى ان يرد بعد النص بتحريم الربا فى الذرة المذكورة وقياس الارز عليها فى ذلك نص آخر بجواز الربا فى البر فيقاس عليه حينئذ الارز فيكون الحكم الثابت للارز بقياسه على البر ناسخا للحكم الثابت له بقياسه على الذرة وقيل لا يجوز نسخ القياس فى زمنه عليه الصلاة والسلام لانه مستند الى نص فيدوم بدوامه الا انه لا يسلم لزوم دوام القياس بدوام نصه اذ النص لا يدوم حكمه اذانسخ فاحر القياس وشرط ناسخ القياس الموجود فى زمنه عليه الصلاة والسلام ان يكون اجلى منه وفاقا للامام الرازي وخلافا للامدي فى اكتفائه بالمساوي فلا يكفى الادون جزما لانتفاء المقاومة والاالمساوي لانتفاء المرجح وقال الناظم مشيرا لجواز النسخ بذ القياس بالشرط المذكور

والنسخ كذا. يكون اجلى قيل او مساويا.

(ونسخ الفحوي دون اصله كعكسه على الصحيح والنسخ به والاكثر ان نسخ احدهما يستلزم الاخر) أي ويجوز نسخ الفحوي أي مفهوم الموافقه بقسميه الاولى والمساوي وحده فى حالة عدم نسخ اصله الذي هو المنطوق كان يقال لا تشتم زيدا ولكن اضربه كما يجوز عكسه وهو نسخ اصل الفحوي الذي هو المنطوق دونه الذي هوالمفهوم الموافق على الصحيح فيهما لان الفحوي واصله مدلولان متغايران فجاز نسخ كل منهما وحده كنسخ تحريم ضرب الوالدين دون تحريم التافيف والعكس قال شارح السعود فلا ارتباط عقلا بين حكمين من هذه الاحكام أي المتعلقة بنسخ الفحوي دون اصله اوعكسه بحيث يمتنع انفكاك احدهما عن الاخر بل الارتباط بينهما انما هو بمعنى التبعية فى الدلالة والانتقال من المنطوق الى الفحوي وهو لا يجب اللزوم فى الحكم قال سعد الدين التفتازانى ولوسلم فعند الاطلاق دون التنصيص كما اذا قيل اقتل فلانا ولا تستخف به. اه

فلذا اجاز ذا الشيخ فى نظمه بقوله معيدا الضمير على الفحوي:

ونسخه بلا.....أصل وعكسه جوازه انجلى.

وامانسخ الفحوي مع اصله فيجوز اتفاقا كماانه يجوز النسخ بالفحوي اتفاقا كما قال فى السعود: وجاز بالفحوي قول المصنف والاكثر الخ قال شارح السعود ما مضى من جواز نسخ كل من المنطوق ومفهوم الموافقه دون الاخر مبنى على عدم استلزام كل منهما الاخر وان مذهب الاكثرين هو الاستلزام فلا يجوز نسخ واحد منهما دون الاخر لان الفحوي لازم له لاصله وتابع له ورفع للازم يستلزم رفع الملزوم ورفع المتبوع يستلزم رفع الملزوم ورفع المتبوع يستلزم رفع التابع اه. فلذا قال فى نظمه:

ورأي الاكثرين الاستلزام....وبالمخالفة لا يُرام

وافاد الناظم ايضا انه قال به جل الملاء حيث قال نافيا احدهما دون الاخر:

ولا لفَحْوَى دونَ أصْلِهِ ولَا

عكسٌ كما قالَ بهِ جُلُّ المَلَا

(ونسخ المخالفة وان تجردت عن اصلها لا الاصل دونها فى الاظهر ولا النسخ بها) أي ويجوز نسخ المخالفة مع اصله وبدونه واما نسخ الاصل دونها فلا يجوز لانها تابعة له فترتفع بارتفاعه ولا يرتفع هو بارتفاعها قال شارح

ص: 44

السعود يجوز نسخ المخالفة دون نسخ الاصل وهو حكم المنطوق واحري فى الجواز اذا نسخت مع اصلها اه. فلذا قال فى نظمه:

وهى عن الاصل لها تجرد.... فى النسخ وانعكاسه مستعد

واشا رالناظم الى ما اشار اليه المصنف بقوله:

ونسخُه مخالفًا معْ أصلِه

أو دونَه لا الأصلَ دونَ فَصْلِهِ

وفصل الاصل هو ما فهم منه مثال نسخ مفهوم المخالفة دون المنطوق {إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ} فَإِنَّ الْمَنْسُوخَ وَهُوَ مَفْهُومُهُ وَهُوَ أَنْ لَا غُسْلَ عِنْدَ عَدَمِ الْإِنْزَالِ وَمِثَالُ نَسْخِهِمَا مَعًا أَنْ يَنْسَخَ مثلا وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ وَنَفْيَهُ فِي الْمَعْلُوفَةِ عند القائل به واما النسخ بالمخالفة فلا يجوز فلايجوز لضعفها عن مقاومة النص فلذا ذكر فى السعود ان النسخ بها لا يرام أي لا يقصد للضعف المذكور حيث قال:

وبالمخالفة لا يرام

(ونَسْخُ الْإِنْشَاءِ وَلَو كان بلفظ القضاء اوالخبر او قيد بالتاييد وغيره مثل صوموا ابدا صوموا حتما وكذا الصوم واجب مستمر ابدا اذا قاله انشاء خلافا لابن الحاجب) أي ويجوز نسخ الانشاء ولوكان مقترنا لفظ القضاء او كان بلفظ الخبر نحو {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} أَيْ لِيَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ والانشاء كان سابقا الكلام فيه وذكره هنا توطئة لما بعد وخالف الدقاق فى ذلك نَظَرًا إلَى اللَّفْظِ لكون لفظه لفظ الخبر والخبر لا يبدل ولا يخفى ضعف هذا التمسك لا ذلك فى الخبر حقيقة لا فيما صورته صورة الخبر والمراد منه الانشاء لنكتة كما قال فى الجوهر المكنون:

وصيغةُ الإخبارِ تأتي للطَّلَبْ

لِفَأْلٍ اوْ حِرْصٍ وَحَمْلٍ وَأَدَبْ

وكذا ينسخ الانشاء اذا قيد بالتاييد او غيره مثل صوموا ابدا صوموا حتما واشار الناظم الى ماذكره المصنف بقوله:

والنسخُ للإنشَا ولوْ لفظَ قضَى

أو خبَرًا وقيدُ تأبِيدٍ مَضَى

وكذا يجوز النسخ فيما اذا قيل الصوم واجب مستمرا بدا خلافا لابن الحاجب فى منعه نسخه دون ما قبله من صوموا ابدا والفرق بينهما من طرف ابن الحاجب بان التاييد فيما قبله قيد للفعل الواجب فجاز نسخ حكمه وفيه قيد الوجوب والاستمرار للحكم فلا يجوز نسخه غير معتبر وتعرض ناظم السعود للكلام على ذا الاخير الذي منعه ابن الحاجب بقوله:

وفي الأخير منع ابن الحاجبِ.... كمستمر بعد صوم واجب

(ونسخ الاخبار بايجاب الاخبار بنقيضه لا الخبر وقيل يجوز ان كان عن مستقبل) أي ويجوز نسخ الاخبار بشيئ بايجاب الاخبار بنقيضه قال شارح السعود كان يوجب أي الشارع الاخبار بقيام زيد ثم يوجب الاخبار بعدم قيامه قبل الاخبار بقيامه ومنعته المعتزلة فيما اذا كان المخبر به لايتغير كحدوث العالم لان الاخبار المذكور كذب والتكليف بالكذب قبيح بناء على قاعدة التحسين والتقبيح ووجوب رعاية المصالح فى افعاله تعالى وجميع ذلك باطل عند اهل السنة مع انه قد يدعو الى التكليف بالكذب غرض للمكلف صحيح فلا يكون قبيحا وقد ذكر الفقهاء مسائل يجب فيها الكذب وقد يندب وقد يكره ونظمها بعضهم بقوله:

لقد اوجبوا زورا لإنقاذ مسلم. ومال له اذ هو بالجور يطلب

ويكره تطييبالخاطر اهله.. وامالارهاب العدو فيندب

وجاز لاصلاح ويحرم ماسوي.... اولا فذا نظم لهن مهذب

ثم ذكر عن ابن قاسم انه يخرج بايجاب الاخبار بنقيضه مجرد نسخه من غير ايجاب الاخبار بنقيضه كما لو قال اخبروا عن العالم بانه حادث ثم قال لا تخبروا عنه بشيء البتته فلا خلاف

ص: 45

فى جوازه اه. واما نسخ مدلول الخبر فلا يجوز بخلاف لفظه فجائز لماتقدم فى قوله ونسخ بعض القران تلاوة وحكما اواحدهما فقط قال شارح السعود وانما منعوا نسخ مدلول الخبر وان كان مما يتغير لانه يوهم الكذب أي يوقعه فى الوهم أي الذهن والكذب على الله تعالى محال اه. واشار الى ذي المسالة فى نظمه بقوله:

ونسخ الإخبار بإيجاب خبر....بناقض يجوز لا نسخُ الخبر

وقيل يجوز نسخ مدلول الخبر ان كان المنسوخ خبراعن مستقبل بشرط قبوله التغيير لجواز المحو فيما يقدره من الامور المعلقة المكتتبة فى اللوح المشار اليها بقوله سبحانه {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} بان يكتب فيه مثلا فلان يموت وقت كذا لكونه لم يصل رحمه الله تعالى ثم يكتب فلان يموت وقت كذا أي وقتا بعد ذلك الوقت لكونه وصل رحمه الله قاله البنانى وعلى هذا القول البيضاوي واشار الناظم الى هذه المسالة بقوله:

ونسخُ الأخْبَارِ بأنْ يُوجِبَهُ

بِضِدِّه لا خبَرٍ كَذَّبَهُ

ولوْ عنَ آت. (وَيَجُوزُ النَّسْخُ بِبَدَلٍ أَثْقَلَ وبلا بدل لَكِنْ لَمْ يَقَعْ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ) أي ويجوز نسخ ماهو اخف على المكلف بما هو اثقل عليه وهو ما عليه الجمهور وذلك كنسخ التخيير بين صوم رمضان والفدية بتعيين الصوم لقوله تعالى فى التخيير {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَه} الاية وقوله فى التعيين الناسخ {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} وكنسخ الحبس فى البيوت بالزنى بالحد قال الجلال المحلى: وَقَالَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ: لَا ; إذْ لَا مَصْلَحَةَ فِي الِانْتِقَالِ مِنْ عسر الى يسر اه. ويرد عليهم بانه سبحانه لا يتقيد برعاية المصلحة المعروفة للعبد اذ المصلحة فيما حكم به لانه حكيم ولا خلاف فى جواز النسخ بالاخف والمساوي وسكت عنهما المصنف لوضو حهما فمثال النسخ بالاخف نسخ العدة بالحول فى الوفاة بالعدة باربعة اشهر وعشر ومثاله بالمساوي نسخ التوجه لبيت المقدس بالتوجه للكعبة ويجوز النسخ من غير بدل كنسخ الصدقة فى النجوي فانه نسخ لا الى بدل واشار العلامة ابن عاصم الى ما قررناه بقوله:

والنسخ بالاخف او بالاثقل

والمثل جائز ودون البدل

وقال ناظم السعود:

ويُنسخ الِخفُّ بما له ثِقَلْ....وقد يجيء عاريا من البدل

قال الشيخ حلولو وخالف الشافعى فى الوقوع أي فى قوع النسخ بدون فقال فى الرسالة ليس بنسخ فرض ابدا الا اثبت مكانه فرض ووافقه المصنف وتاوله الصيرفى بمعنى اذا نسخ بقى الامر على ما كان عليه اه. واشار الناظم الى ماذكره المصنف بقوله:

وإلَى أقوَى بَدَلْ

ودونَهُ ولمْ يَقَعْ وقيلَ بلْ

وقوله وقيل بل أي بل وقع كما قرر آنفا من الزيادات على المصنف والله اعلم (مَسْأَلَةٌ النَّسْخُ وَاقِعٌ عِنْدَ كُلِّ الْمُسْلِمِين وَسَمَّاهُ أَبُو مُسْلِم تَخْصِيصًا فَقِيلَ: خَالَفَ فَالْخُلْف لفظى) أي ان النَّسْخُ وَاقِعٌ عِنْدَ كُلِّ الْمُسْلِمِين قال الجلال المحلى: وَخَالَفَتْ الْيَهُودُ غَيْرَ الْعِيسَوِيَّةِ بَعْضَهُمْ فِي الْجَوَازِ، وَبَعْضَهُمْ فِي الْوُقُوعِ وَاعْتَرَفَ بِهِمَا الْعِيسَوِيَّةُ وَهُمْ أَصْحَابُ أَبِي عِيسَى الْأَصْفَهَانِيِّ الْمُعْتَرِفُونَ بِبَعْثَةِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لَكِنْ إلَى بَنِي إسْمَاعِيلَ خَاصَّةً، وَهُمْ الْعَرَب اه. والنسخ غير البداء لان السنخ كما تقدم هو رفع الحكم على وجه مخصوص والبداء هو الظهور بعد الخفاء فهو غير مستلزم له اذ قد يجوز ان يكون فعل المامور به مصلحة فى وقت آخر فيحسن الامر به فى وقت ونسخه بالنهى عنه فى وقت آخر والبدء محال عليه سبحانه وتعالى لاستلزامه الجهل المستحيل فى حقه تعالى وبئس ما زعم اليهود من استلزام النسخ للبداء

ص: 46

حتى منعوا النسخ ولله در العلامة ابن عاصم فى قوله:

والنسخ جائز لدينا عقلا.... وواقع شرعا وآت نقلا

وانما انكره اليهود.... وقولهم بشرع مردود

وليس لازما به ما الزموا

من البدء بئسما زعموا

اذا البدء رفع حكم يقع

لم يسبق العلم بان سيرفع

وسمى ابو مسلم الاصفهانى من المتعزلة النسخ تخصيصا ; لِأَنَّهُ قَصْرٌ لِلْحُكْمِ عَلَى بَعْضِ الْأَزْمَانِ فَهُوَ تَخْصِيصٌ فِي الْأَزْمَانِ كَالتَّخْصِيصِ فِي الْأَشْخَاصِ فقيل هو خلاف منه فى وقوع النسخ وليس خلافا محققا بل هو لفظى عائد الى اللفظ والتسمية لموافقته على ماورود ما يرفع الحكم بعد انتفاء غاية له وانما سماه بغير اسمه المشهور فلم يخالف فى وقوع النسخ قال الجلال السيوطى: فصح انه لم يخالف فيه احد من المسلمين قال وهذا معنى قولى وقائل التخصيص لا ينازع أي وهو قوله فى النظم:

النَّسْخُ عنْدَ المسلمينَ واقعُ

وقائلُ التَّخْصِيصِ لا يُنازِعُ

ونقل المحقق البنانى عن شيخ الاسلام ان حاصل النزاع فى هذه المسالة بيننا وبين ابى مسلم ان ابامسلم المغيا فى علم الله كالمغيا فى اللفظ وسمى الكل تخصيصا فسوي بين قوله تعالى {واتمو الصيام الى الليل} وبين صوموا مطلقا مع علمه تعالى بانه سينزل لا تصوموا ليلا والجمهور يسمون الاول تخصيصا والثانى نسخا فاتضح الفرق المشار اليه بقول العلامة ابن عاصم:

وحاصل من جملة النصوص

الفرق بين النسخ والتخصيص

(وَالْمُخْتَارُ أَنَّ نَسْخَ حُكْمِ الْأَصْلِ لَا يَبْقَى مَعَهُ حُكْمُ الْفَرْعِ وان كل شرعى يقبل النسخ ومنع الغزالى نسخ جميع التكاليف والمعتزلة نسخ وجوب المعرفة والاجماع على عدم الوقوع) أي والمختار وهو ماعليه الجمهور انه اذا نسخ حكم الاصل لا يبقي معه حكم الفرع بل يرتفع لانه تابع فيزول بزوال متبوعه لانتفاء العلة التى ثبت بها بانتفاء حكم الاصل مثاله ان يرد النص بحرمة الربا فى القمح فيقاس عليه الارز بجامع الاقتيات والادخار مثلا ثم يرد نص بعد ذلك بجواز الربا فى القمح فيرفع حينئذ حكم الفرع من المنع فيصير جائزا كالاصل فلذا قال ناظم السعود:

ويجب الرفع لحكم الفرع

ان حكم اصله يري ذا رفع

كما قال الناظم:

وصحََّحُوا انتفاءَ حكمِ الفرْعِ. بنسخ اصله

وقالت الحنفية يبقى لان القياس مظهر له لا مثبت بل هو ثابت بنفسه والمختار ان كل شرعى يقبل النسخ فيجوز عقلا نسخ كل الاحكام وبعضها أي بعض كان ومنع الغزالى والمعتزلة نسخ جميع التكليف لتوقف العلم بذلك لوقع على معرفة الناسخ والمنسوخ وهى من التكاليف ولا يتاتى نسخها قال الجلال المحلى: قُلْنَا مُسَلَّمٌ ذَلِكَ لَكِنْ بِحُصُولِهَا يَنْتَهِي التَّكْلِيفُ بِهَا فَيَصْدُقُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ تَكْلِيفٌ وَهُوَ الْقَصْدُ بِنَسْخِ جَمِيعِ التَّكَالِيفِ فَلَا نِزَاعَ فِي الْمَعْنَى اه. ومنعت المعتزلة نسخ وجوب معرفة الله لانها عندهم حسنة لذاتها لا تتغير بتغيير الزمان فلا يقبل حكمها النسخ واجيب بابطال الحسن الذاتى والاجماع على عدم وقوع ماذكر من نسخ جميع التكاليف ووجوب المعرفة وعبر ناظم السعود عن ذا الاجماع بالاتفاق فى قوله:

وكل حكم قابل له وفي....نفي الوقوع الاتفاق قد قُفي

فجملة قد قفى خبر الاتفاق أي اجماع مقفوا أي متبع واشار الناظم الى ماذكره المصنف بقوله:

وكلُّ شَرْعِي

يقْبَلُهُ ومَنَعَ الغَزَالِي

كلَّ التَّكاليفِ وذُو اعْتِزَالِ

معرفةَ اللهِ وكلٌّ أجْمَعَا

بأنَّه ُفي ذَا وذِي مَا وقَعَا

(وَالْمُخْتَارُ أَنَّ النَّاسِخَ

ص: 47

قَبْلَ تَبْلِيغِهِ صلى الله عليه وسلم الْأُمَّةَ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهِمْ وَقِيلَ يَثْبُتُ بِمَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ فِي الذِّمَّةِ لَا الِامْتِثَالِ) قال شارح السعود هذه المسالة فرضها بعضهم كالسبكى فى ورود الناسخ قبل تبليغه صلى الله عليه وسلم الامة وفرضها عياض فى اول الوكالة من التنبيهات فيما هو اعم من النسخ واياه تبعت فى النظم أي وهو قوله:

هل يستقل الحكم بالورود....أو ببلوغه إلى الموجود

أي اختلفوا هل يستقل الحكم فى حق المكلفين بنفس وروده أي تبليغ جبريل النبىء اياه صلى الله عليه وسلم وقبل بلوغه الامة قيل لا يثبت الحكم فى حق المكلفين حتى يبلغهم من النبيء صلى الله عليه وسلم لعدم علمهم به وهو الذي اختاره المصنف وابن الحاجب وقيل يثبت بمعنى انه يستقر فى الذمة لا بمعنى طلب الامتثال كما فى النائم وقت الصلاة بانها مستقرة فى ذمته مع انه غير مخاطب بها فالثبوت حينئذ فى حق المكلف لا بمعنى ترتب الاثم بالترك او وجوب القضاء فلذا قال الناظم:

وقَبْلَ تبْليغِ النَّبِيِّ المُترْتَضَى

منْعُ ثُبوتِِه بإثمٍ أو قَضَا

قال الجلال المحلى وَبَعْدَ التَّبْلِيغِ يَثْبُتُ فِي حَقِّ مَنْ بَلَغَهُ وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ مِمَّنْ تَمَكَّنَ مِنْ عِلْمِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ فَعَلَى الْخِلَافِ اه. قال شارح السعود بانيا على الخلاف المذكور فى هذه المسئلة اعنى مسالة المصنف عزل الوكيل او الخطيب هل يكون بنفس موت الموكل او المولى وبمجرد العزل اذا حصل احدهما بناء على ان الحكم يثبت بنفس الورود قبل البلوغ او لا يثبت العزل بمجرد ماذكر بل حتى يبلغهما العزل فيه خلاف فائدته هل يمضى تصرف الوكيل قبل علمه بالعزل او يرد قال خليل وانعزل بموت موكله ان علم والافتا ويلان وفى عزله بعزله ولم يعلم خلاف قال وينبنى على الخلاف ايضا هل يقضى الجاهل بالشرائع لكونه اسلم بدار الكفر او نشاء على شاهق جبل ما فاته من الفرائض من صلاة ونحوها اولا فلذا قال فى نظمه

فالعزل بالموت او العزل عرض. كذا قضاء جاهل للمفترض

قال واما من يمكنه علم الشرائع فقضاؤها أي الفرائض واجب عليه وان لم تبلغه (أَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ فليست بنسخ خلافا للحنفية ومثارها هل رفعت والى الماخذ عود الاقوال المصلة والفروع المبنية وكذا الخلاف فى جزء العبادة او شرطها) أي اختلف فى الزيادة على النص اذا كانت من جنس المزيد عليه كَزِيَادَةِ رَكْعَةٍ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ صِفَةٍ فِي رَقَبَةِ الْكَفَّارَةِ كَالْإِيمَانِ فقيل انهاَلَيْسَتْ بِنَسْخٍ لِلْمَزِيدِ عَلَيْهِ وقال الحنفية انها نسخ والمحل الذي ثار منه الخلاف هو ان يقال هل رفعت الزيادة حكما شرعيا فعند مالك واكثر اصحابه والشافعية والحنابلة ليست بنسخ لعدم منافاة الزيادة ومالا ينافى لايكون ناسخا أي رافعا للحكم الشرعى وعند الحنفية نعم لقولهم ان تلك الزيادة نسخ حيث ان الامر بما دونها اقتضى تركها فهى رافعة لذلك المقتضى قال شارح السعود واجاب الجمهور بعدم تسليم اقتضائه تركها والمقتضى الترك غيره أي غير النسخ كالبراءة الاصلية فعند الجمهور غير رافعة ابدا لحكم شرعى وعند الحنفية رافعة ابدا له وعند بعضهم ترفعه تارة وتارة لا اه. والى المسئلة اشار فى نظمه بقوله:

وليس نسخاً كلّ ما أفادا....فيما رسا بالنص الازديادا

كل اسم ليس ونسخا خبرها والازدياد مفعول افاد والى الماخذ المتقدم فى قول المصنف ومثاره هل رفعت ترجح الاقوال المشتملة على التفصيل والفروع التى بينها العلماء حاكمين ان الزيادة فيها نسخ اولا قال

ص: 48

الجلال المحلى: ومِنْ الْأَقْوَالِ الْمُفَصَّلَةِ أَنَّ الزِّيَادَةَ إنْ غَيَّرَتْ الْمَزِيدَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَجَبَ اسْتِئْنَافُهُ كَزِيَادَةِ رَكْعَةٍ فِي الْمَغْرِبِ فَهِيَ نَسْخٌ، وَإِلَّا كَزِيَادَةِ التَّغْرِيبِ فِي حَدِّ الزِّنَا فلا اه. وقول المصنف وكذا الخلاف الخ أي ان الخلاف الذي فى الزيادة يجري فى نقص جزء العبادة او شرطها كنقص ركعة او نقص الوضوء هل هو نسخ لها قال الشيخ حلولو حكى الغزالى فى المسالة ثلاثة اقوال ففرق فى الثالث بين نقص الشرط وبين نقص الجزء فالاول ليس بنسخ بخلاف الثانى اه. واما عندنا معاشر المالكية فالمنتقى والمختار ان الناقص نسخ دون الباقى لان الساقط هو الذي قال شارح وهذا مذهب المالكية والجمهور فلذا قال فى نظمه:

والنقص للجزء وللشرط انتُقي....نسخهُ للساقط لا للذْ بقي

واشار الناظم الى جميع ما اشار اليه المصنف بقوله:

وأنَّ نقْصَ النَّصِّ في العِبَادَهْ

جُزْءًا وشَرْطًا وكَذَا الزِّيَادَهْ

ليسَ بنَسْخٍ والَمثَارُ رفعتْ

وارجعْ لهُ ما فصلتْ أو فُرِّعَتْ والله اعلم

خاتمة

(يَتَعَيَّنُ النَّاسِخُ لِلشَّيْء بتاخره وطريق العلم بتاخره الاجماع او قوله صلى الله عليه وسلم هذا ناسخ او بعد ذلك او كنت نهيتكم عن كذا فافعلوه او النص على خلاف الاول او قول الراوي هذا سابق) قال الشيخ حلولو هذه خاتمة للنسخ لا للكتاب وسميت خاتمة له لتعلقها بسائر انواع النسخ اه. أي يتعين الناسخ للشيئ بتاخره عنه فلذا قال الناظم:

النَّاسِخُ الآخِرُ لا نزَاعُ

وطُرُقُ العِلْمِ بِهِ الإجْمَاعُ

وطريق العلم بتاخره الاجماع بان يجمعوا على انه متاخر لما قام عندهم على تاخره ومثله ابن السمعانى بنسخ وجوب الزكاة غيرها من الحقوق المالية او قوله صلى الله عليه وسلم هذا ناسخ لذاك او هذا بعد ذاك او كنت نهيت عن كذا فافعلوه كحديث مسلم {كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا}

ففى الجميع علم الناسخ للعلم بالوقتين والمتاخر منهما الناسخ فلذا قال العلامة ابن عاصم:

ويعرف التاخير بالنص على.. ذاك وبالوقتين علما حصلا

قال شارح السعود وكذا يحصل العلم بتاخره بنص االشارع على نسخه نصا صريحا ولو كان بدلالة التضمن والالتزام مثال الاول ان يقول هذا ناسخ لذاك ومثال النص عليه التزاما قوله صلى الله عليه وسلم {كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا} اه. فلذا قال فى نظمه:

الاجماع والنص على النسخ ولو....تضمنا كُلاّ معرِّفا رأوا

أي ماذكر من الاجماع والنص رواه كله معرفا للناسخ وكذا يحصل النسخ فى الشيئ بان يذكر على خلاف ما ذكر فيه اولا ليصح النسخ كان يقال فى شيئ انه مباح ثم يقال فيه انه حرام فبثبوت ضدالشيء او نقيضه يعرف النسخ فلذا قال العلامة ابن عاصم:

ويعرف النسخ من النص على.... ثبوت ضد او نقيض حصلا

وكذا يعرف بقول الراوي هذا سابق على ذاك وفى معناه لو رتب بثم كما فى صحيح مسلم عن على كرم الله وجهه قام النبىء صلى الله عليه وسلم فى الجنازة ثم قعد وقول جابر رضى الله عنه كان آخر الامرين من فعله صلى الله عليه ترك الوضوء مما مست النار قاله فى شرح السعود وقال فيه ايضا ان النسخ يعرف عندهم بامتناع الجمع بين الدليلين مع العلم بالمتاخر منهما فالمتاخر ناسخ قال ومما يعلم به المتاخر ذكرهم الشيء بنحو هذا مكى

ص: 49