المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ موت وإتلاف: - الأمة بين سنتي الابتلاء والعمل

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ الحيوية والقوة:

- ‌ الإرادة والتحدي:

- ‌الأمل والطموح:

- ‌ تنوع الخيارات:

- ‌ الهمة والعزة:

- ‌ العمل والإنتاج:

- ‌ الثبات والإصرار:

- ‌ نجدة وإعانة:

- ‌ امتنان وانتفاع:

- ‌ الفتور والإحباط:

- ‌ تعطيل وإعاقة:

- ‌ موت وإتلاف:

- ‌ الضياع والخسارة:

- ‌ التضخيم والاختلال:

- ‌ قصور في العلم:

- ‌ النقص في الوعي:

- ‌ الضعف في التربية:

- ‌ إحباط في الشعور:

- ‌ رداءة في الاستيعاب:

- ‌ التعقل والاتزان:

- ‌ الضبط والإحكام:

- ‌ التدرج والاستثمار:

- ‌ الدوام والاستمرار:

- ‌ التنامي والانتشار:

- ‌ العودة الجماعية الجادة إلى الدين عودة صادقة

- ‌ ما ينصح به تجاه هذه الأزمة التي تمر بها الأمة:

- ‌أولاً: الاعتصام بالكتاب والسنة:

- ‌ثانياً: التوبة النصوح:

- ‌ثالثاً: النظر في التاريخ:

- ‌رابعاً: الإفادة من التجارب:

- ‌خامساً: التذكير بعاقبة الظلم:

- ‌سادساً: الثقة بالله، واليقين بأن العاقبة للتقوى وللمتقين:

- ‌سابعاً: الوقوف مع الشعوب الإسلامية المظلومة:

- ‌ثامناً: لزوم الاعتدال في جميع الأحوال:

- ‌تاسعاً: لزوم الرفق، ومجانبة الغلظة والعنف:

- ‌عاشراً: الإقبال على الله عز وجل

- ‌حادي عشر: الحرص على جمع الكلمة ورأب الصدع:

- ‌ثاني عشر: قيام روح الشورى:

- ‌ثالث عشر: الصبر:

- ‌رابع عشر: إشاعة روح التفاؤل:

- ‌خامس عشر: التثبت مما يقال

- ‌سادس عشر: ألا يحرص المسلم على إبداء رأيه في كل أمر، وألا يقول كل ما يعلم:

- ‌سابع عشر: التحلي بالشجاعة، والفهم الصحيح لمعناها:

- ‌ثامن عشر: الدعاء:

- ‌تاسع عشر: البعد عن الفتن قدر المستطاع:

- ‌العشرون: الحذر من أن يؤتى الإسلام من أي ثغر من الثغور:

- ‌الحادي والعشرون: ترسيخ الفهم الصحيح للإيمان بالقدر والتوكل على الله عز وجل

- ‌الثاني والعشرون: مراعاة المصالح والمفاسد:

- ‌الثالث والعشرون: حسن التعامل مع الخلاف والردود:

- ‌الرابع والعشرون: إشاعة روح التعاون على البر والتقوى

الفصل: ‌ موت وإتلاف:

3-

‌ موت وإتلاف:

يعني قد يبلغ الأمر إلى هذا المبلغ ونحن نعرف أن الحماسة المتمكنة في النفس أحيانا قد تصل إلى شيء من تغييب العقل وعدم النظر حتى في الضوابط والأحكام الشرعية ونحن نحب أن نؤكد هنا على أمر مهم وهو أن المنطلقات التي تحكم المسلم ليست منطلقات العاطفة ولا الشعور ولا ردود الأفعال ولا الانتصار للذات الذي يحكمنا أمران هما الأساسيان في تصرفاتنا كلها:

الأول: هو حكم الشرع من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فما كان واجبا أمضيناه وما كان محرما تركناه ويلحق به ويكمله

ص: 27

الثاني: مراعاة المصلحة الشرعية في تنزيل الحكم الشرعي على الواقع المعاصر فإن من الأمور ما قد يكون واجبا أو قد يكون مباحا لكن إيقاعه في هذا الوقت أو في هذا المكان قد تترتب عليه مفاسد أعظم وقد يكون فعله في هذا الموطن محرما وإن كان في أصله واجبا وهذه موازنات معروفة في مقاصد الشريعة الكلية التي ينبغي مراعاتها وفي القواعد الفقهية المستقاة والمستنبطة من الأدلة الكلية والفرعية في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مثل: «لا ضرر ولا ضرار» وغير ذلك من القواعد المعروفة فهناك ما قد يصل إلى هذا مما يقع به إزهاق الأرواح وإتلاف الأموال وإفساد كثير من الأصول الثابتة التي لا بد من معرفتها ولعلي هنا أيضا أركز في هذا المعنى لأن بعض الأفهام تتجاذبها عواطف ولا تكاد تفهم حقائق النصوص وإذا تأملنا في هذا الجانب ثمة أمر مهم نحن نذكره لأنه من دين الله ولا بد أن نفقه ديننا وأن نعرف أن الأصل أننا متعبدون بشرع الله عز وجل وأنه لا بد لنا أن نتأمل في حكمة الشارع لأن الشارع معصوم سواء كان ذلك في كتاب الله أو ما ثبت من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولعلي أخص هنا موضعا محددا من هذه المواضع التي أصبحت فيها الفتنة

ص: 28

عامة في كثير من مجتمعات وبلاد المسلمين.

ص: 29

طائفة كبيرة كثيرة من أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام صحيحة في النقل وصريحة في النص في قضية ما يتعلق بالانحراف أو الفساد في ولي الأمر أو الحاكم المسلم وكيف يكون التعامل في هذا الشأن ولعلي وأنا أستطرد هنا قليلا لا أقول إن هذا الحديث وهذه المحاضرة قد أعدت من قبل وإن كانت متطابقة ربما مع أحداث مؤسفة ومحزنة وقعت البارحة وفي الفترات الماضية، نقول الذي يتحدث بهذا هو سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ليست القضية كما قلت عاطفية يذكر عليه الصلاة والسلام جملة من الأحاديث لو ذكرتها لطال بنا المقام هذه الأحاديث فيها ضبط شديد وفيها تحوط كبير وفيها ربما في صورتها الظاهرة كأنما تأتي معاكسة لما ينبغي أن يكون فيقول على سبيل المثال عليه الصلاة والسلام في بعض ما صح من هذه الأحاديث قال:«من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر» وفي رواية أخرى من حديث حذيفة قال: «وإن جلد ظهره وأخذ ماله» وفي رواية ثالثة عند مسلم في تفصيلات لهذا الحديث لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن الفتنة قال حذيفة رضي الله عنه في هذا الحديث يعني قال لرسول الله: «أرأيت إن أتي به إلى الصفين قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: (فليدق

ص: 30

سيفه) » يعني فليتلف سيفه حتى لا يخوض في هذه الفتنة أو في ذلك القتال ونجد بعض هذه الأحاديث يفهمها ربما بعض الناس على أنها سلبية مطلقة وعلى أنها لا تتفق مع ما يظنه من عوميات أخرى في دين الإسلام ولو أننا تأملنا هذه النصوص لعرفنا حكمة عظيمة للشارع نقل ابن حجر رحمه الله عن ابن بطال في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة وفيه أحاديث عظيمة من مثل هذا قال يعني في مثل هذه الأوامر قال: فيه تسكين الدهماء وحقن الدماء لأن الأمر إذا انفرط عقده عظمت الفتنة وكبرت البلية وصار من الفساد على أمور الدين كلها ما لم يكن موجودا بمثل هذا الأمر ولا يعني ذلك بالطبع والقطع أن أي انحراف يقر وتصبغ عليه الشرعية كلا دين الله عز وجل واضح لا يضيعه أحد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا يملك أحد تغييره ولا تبديله وذلك من فضل الله ونعمته علينا فينبغي أن نعرف أننا متعبدون بالشرع وانظروا إلى هذه الأمثلة:

ص: 31

حذيفة بن اليمان في قصته المشهورة في يوم الأحزاب لما طلب منه النبي أن يذهب ليرى خبر القوم الأحزاب أبو سفيان ومن معهم من قريش والقبائل فتسلل حذيفة في حادثة مشهورة ويصف هو يقول: وكان أبو سفيان في مرمى سهمي إلا أني ذكرت قول النبي عليه الصلاة والسلام: «لا تحدث شيئا حتى ترجع» أبو سفيان رأس الكفر وهو قائد الأحزاب وكان في مرمى سهمه ونباله لكنه امتثل ذلك الأمر والأمر قطعا كانت فيه حكمة وهو إرشاد ووحي من رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم:3،4) .

ص: 32

ومجزأة بن ثور السدوسي رضي الله عنه في معركة أخرى مع الروم عندما كلفه قائد المسلمين سعد وأتته رسالة بعد أن طال الحصار ولم يستطيعوا أن يقتحموا رسالة من بعض الروم تدلهم على منفذ تحت الأرض نفقي فيه ماء فانتدب قال سعد لمجزأة: انظر لي رجلا من قومك خفيفا جريئا شجاعا، قال: اجعلني أنا ذلك الرجل أيها الأمير، وقال له: لا تحدث شيئا، قال: وخلصت حتى رأيت الهرمزان ونازعتني نفسي في قتله إلا أني ذكرت قول سعد فرجع وأخذ ثلاثمائة وكلهم خاضوا ودخلوا وفتحوا من الداخل، ليست القضية اندفاعات عاطفية وإنما هي انضباطات شرعية ومراعاة مصلحية ومنهجية في الأولوية ينبغي أن نعرفها.

ص: 33