الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1-
التعقل والاتزان:
وطبعا ليست الأكياس الأكياس إنما الأكياس من ذوي العقول، هنا جمعنا بين الأمرين نريد هذه الحماسة والحقيقة أن الإنسان بدون الحماسة والحيوية النفسية في الحقيقة هو أقرب إلى الجماد وإلى الموات منه إلى الإنسان الذي بطبيعته هو حيوي والتفاعلات الحيوية في جسم الإنسان في الثانية الواحدة تقوم عمليات ضخمة وهائلة في جسم الإنسان ثم هو بعد ذلك يكون خاملا وقاعدا وكسولا هذا لا يتطابق لذلك نقول: صفة الحماسة إذا أضفنا إليها هذا الخليط والمزيج من الكياسة أصبحت الحماسة الإيجابية هي التي نمدحها ونريدها وترشدها تلك النظرة العقلية المتزنة فتأتينا هذه الصورة التي نريد أن نعطي فيها وصف لهذه الحماسة الكيسة أو الكياسة المتحمسة أو كما ذكر في كلمات جميلة الأستاذ البنا يقولا: ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول وأنيروا أشعة العقول بلهيب الحماسة. وهي كلمات جميلة تبين أننا نحتاج لمزج ذلك العقل الذي دائما يتحفظ، يتحفظ ولا يريد أن ينطلق يحتاج إلى بعض الحماسة حتى تفك عنه بعض تلك القيود التي يبالغ فيها وربما تلك الحماسة المندفعة تحتاج إلى بعض القيود العقلي حتى يرشدها فلذلك التعقل والاتزان، مهم جدا الاتزان لا يجعل هناك
طغيان جانب على جانب كما قلنا ونستحضر كما قلنا في قصة سلمان وأبي الدرداء: لما جاء سلمان إلى أبي الدرداء شكت أم الدرداء، قالت: أخوك أبو الدرداء لا حظ له في الدنيا وكذا وإنما هو صائم نهاره أو قائم ليله فنزل ضيفا عليه أراد أن يصلي قال: لا، كان صائما وقدم لسلمان الطعام قال: كل معي، قال أنا صائم قال: أفطر وجعله يفطر ثم أراد لما جاء الليل أن يصلي قال: نم، ثم قام يريد أن يصلي، قال: نم، حتى انتصف الليل قال: قم فصلي، ثم جادله في ذلك فلما بلغ الأمر الرسول صلى الله عليه وسلم قال له:«إن لأهلك عليك حقا وإن لزورك عليك حقا "لضيوفك يعني " وإن لنفسك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه» .
موقف أيضا لعثمان بن عفان رضي الله عنه لما كان في فترة خلافته تعرفون ما بدأ بعض المرجفين يشيعونه من انتقادات على عثمان رضي الله عنه فلما جاء موسم الحج كان عثمان رضي الله عنه من أخيار الصحابة يريد أن يبين للناس خطأ ما يقولونه ويفند فقال: لأقومن في الناس مقاما لا أدع شاردة وواردة إلا أتيت عليها يريد أن يبين للناس، قال عبد الرحمن بن عوف: يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس ورب كلمة يطيرها عنك مطير، عقول لا تستوعب عامة الناس تذكر قضايا وإذا بها بعد ذلك تتطيش وهذا يأخذها يمينا وذاك يأخذها يسارا وهذا يفهمها على وجه وذاك يفهمها على وجه آخر الكلام في موضعه جعله الشاطبي رحمه الله من السنة وجعل الكلام في غير موضعه جعله من البدع كما ذكر ذلك في الاعتصام استدلالا بحديث النبي عليه الصلاة والسلام في حديث علي عند البخاري:«حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟» وحديث ابن مسعود في مسلم قال: «ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة» ، وهذا أمره واضح.
في الحديبية موقف جميل للنبي عليه الصلاة والسلام لما أرادوا أن يكتبوا قال: «اكتب محمد رسول الله) قال: سهيل بن عمرو لو كنا نعلم أنك رسول الله ما جادلناك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، ولما قال: (اكتب بسم الله الرحمن الرحيم) قال: لا، لا نعرف ما الرحمن ولا الرحيم، اكتب باسمك اللهم، الرسول يقول لعلي بن أبي طالب: (اكتب) وعلي غير قابل لهذا يعني لا يرى ذلك المسألة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أوسع نظرا وعقلا دع هذه الصغيرة من الأمور فقال: (اكتب) فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أرينيها؟) فمسحها الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الروايات بنفسه،» قال لعلي: (اكتب) دعك من هذه القضية الصغيرة فإن هناك ما هو أكبر منها لا تجعل هذه المسألة أكبر من حجمها وبالتالي تجعل كل توجهك ومواجهتك وقوتك وطاقتك واعتراضك لهذه القضية فتستنفذ أو تقيم فيها معركة ضخمة هائلة كما نرى من بعض الشباب الآن عندما يذكرون أمرا من الشرع وسنة من السنن لكن يجعلون النفير عليها كأنها أصل الدين كله وربما جعلوا من ذلك كما يخرجون به إلى تفسيق أو تبديع أو تكفير من غير مثل هذا الذي ننبه الناس إليه.