الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
الأمل والطموح:
لأن الشباب في مقتبل العمر فما زالت الصورة ممتدة والأفق واسعا قد يرسم طريقا في تخيله في آماله وطموحاته في مجال العلم وأنه سيحصل فيه وأن سيكون له كذا وكذا وكذا وقد يرسم طريقا في مجال حياته الاجتماعية أو في حياته العملية لكن لو أننا تصورنا المرأة في الخمسين أو في الستين لا شك أن الأمل موجود لكنه قطعا سيكون محدودا ولن يكون له مثل طبيعة هذا الأمل الممتد العريض كالشباب في حياتهم وطموحاتهم ولو أردنا أن نأخذ أمثلة لوجدنا كذلك هذه الأمثلة في فتى الرابعة عشر الذي كان النبي عليه الصلاة والسلام في جملة تربيته لأصحابه يعرف كيف يصقل هذه النفوس وكيف يذكي تلك الآمال وكيف يشحذ تلك الهمم ربيعة بن كعب الذي كان يبيت إلى جوار بيوت النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا قام من الليل قام يصب له وضوءه عليه الصلاة والسلام فأراد النبي أن يكرمه كما هو معروف في قصته فقال: (يا ربيعة سلني ما شئت؟) والقائل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم المجاب الدعوة فقال: انظرني يا رسول الله، وعندما نقول الآن للشباب ماذا تريد؟ ما هو أملك؟ ما هو رجاؤك؟ اطلب ما سنحققه لك ويكون رهن إشارتك وبين يديك؟ فربما نعرف اليوم أنه ربما يطمح إلى هذا
أو ذاك من أمور الدنيا وشؤونها لكن ربيعة بعد أن تريث وتأنى قال مقالة عظيمة رائعة فريدة لو اجتمعت لها عقول الشيوخ الكبار والعلماء العظام لربما قصروا عن أن يصيبوا مثل ما قال فأوجز وأبلغ في أمله وطموحه فقال: أسألك مرافقتك في الجنة، فلم يسأل الله الجنة بل سأل مرافقة الرسول في الجنة ليكون سؤاله في أعلى وأعظم مطلب فماذا قال له النبي عليه الصلاة والسلام؟ وهذه هي التربية لكي يبقى الأمل ممتدا والطموح متواصلا «أعني على نفسك بكثرة السجود» ونعلم قوله لعبد الله بن عمر يوم أول رؤياه قال:«نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل» والأمر في هذا واضح وجلي وكثير.
وكان النبي عليه الصلاة والسلام يعطي لكل ما كان يناسبه حتى يمتد في مجاله وميدانه الذي تتعلق به نفسه وأمله كما هو معروف في الحديث الذي رواه الترمذي عندما عدد النبي عليه الصلاة والسلام الصحابة وذكر في كل منهم خصيصة يتميز بها قال: «أقرؤهم أبي وأفرضهم زيد وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ» إلى آخر ما ذكره عليه الصلاة والسلام.