الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما
ما ينصح به تجاه هذه الأزمة التي تمر بها الأمة:
1 -
أن تدرك أن الله لا يكلف الله نفسا إلاّ وسعها، وهل تكون أغير من الله على دينه وعباده؟ فمادام أنه قد حيل بينك وبين نصرة إخوانك المسلمين بهذه الحدود والسدود، ومحاولة النصرة فحسب قد تدفع بالجهات المسؤولة في بلادك لتعذيبك وأذاك إلى حد القتل أو الجنون أحيانا، فإن الله لم يكلفك ما لا تطيق، فاربُع على نفسك، وهدئ من روعك، وقم بما تستطيع من العمل الصالح، ولن يسألك الله إلاّ ما تستطيع من العمل، وأنت تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يشاهد المؤمنين يعذبون بأنواع العذاب في مكة ويمر عليهم ولا يملك إلا أن يوصيهم بالصبر.
2-
الارتباط بأهل العلم والدعوة في بلادك ممن عرف بالعلم بالدين والعمل به إذ يوجد في كل بلد من بلاد المسلمين عدد وافر من أهل العلم المتصفين بالعلم والغيرة والرغبة الصادقة في نصرة هذا الدين مع التزام الحكمة في القول والعمل، ويلتف حولهم عدد من الناس يستفيدون منهم ويحضرون دروسهم ويسترشدون بتوجيهاتهم، ومثل هؤلاء غالبا، لا يحصل لمن يتصل بهم أذى جسدي أو سجن وتعذيب؛ لكونهم معروفين لدى السلطات بعدم تبنيهم مبدأ العنف في التعامل مع الدولة، فمثل هؤلاء بإمكانك الاتصال بهم وحضور دروسهم ومحاضراتهم، وعرض ما يمر بك من مشكلات عليهم، والحرص على طلب العلم الشرعي والاستمرار في ذلك.
3-
المساهمة بما يمكنك في الإصلاح والدعوة في بلادك بما لا يترتب عليه أذى لا تستطيع احتماله، ومن ذلك أن تكون قدوة في الاستقامة على الخير محافظا على الصلوات، مجتنبا للكبائر، مستغفرا من الصغائر، صاحب أخلاق عالية، متحليا بالصبر، كاظما للغيظ، قدوة في علمك وعملك، داعياً إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ساعياً في صلاح من حولك من المسلمين.
4-
ألا تحتقر الدعوة والإصلاح للأفراد والمجتمع، فإن ذلك من أعظم ما ترغم به أعداء الدين، فإن أعظم أهدافهم وأقصى أمانيهم رد المسلمين عن دينهم؛ كما قال تعالى عنهم:{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} .
5 -
إدراك أن ما يحدث بقدر الله وأنه نوع من الابتلاء يرفع به الله المؤمنين درجات ويعذب به الكافرين، وهذا الابتلاء سنة ماضية، فقد قتل عدد من الأنبياء على يد كفرة بني إسرائيل قال تعالى:{فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} ، وليس المجاهدون في فلسطين بأكرم على الله من أنبيائه عليهم السلام وقد قتلوا زكريا بنشر رأسه وقدم لبغي زانية من زواني بين إسرائيل، وأن أهل الكتاب من بني إسرائيل عاشوا تحت قهر فرعون وجنوده وهم مؤمنون بالله وفرعون ملحد يدعي الألوهية، ولهذا قال بنوا إسرائيل لموسى:{قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا} .
ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه واجهوا أنواعا من الأذى والتعذيب على مدى عشر سنوات أو تزيد وهم مؤمنون، والمعذبون لهم مشركون، ومع ذلك لم يقدموا على عمل تكون مضرته أكثر من منفعته، وكان بإمكانهم أن يغتالوا أبا جهل أو أبا سفيان أو غيرهما من زعماء المشركين في مكة، بل حين بايع الأنصار بيعة العقبة قال بعضهم للنبي صلى الله عليه وسلم:«إن شئت لنميلن على أهل منى بأسيافنا، فقال عليه الصلاة والسلام: لم نؤمر بذلك» .
فالحاصل أن القيام بأعمال غير مسؤولة من باب الغيرة والحماس ليست من منهج الأنبياء وأهل العلم والحكمة.
6 -
ويمكنك أن تقدم ما تستطيع من الدعم المادي إخوانك في فلسطين والعراق عن طريق بعض المشايخ الموثوقين الذين يستقبلون التبرعات، أو الهيئات الموثوقة إن وجدت في بلادك.
7 -
أكثر من الدعاء الصادق لإخوانك المسلمين المستضعفين بالنصر والتمكين وأن يكف الله عنهم بأس الذين كفروا.
8-
إعداد نفسك وتحصينها بالعلم وكثرة العبادة، فقد قال صلى الله عليه وسلم:«العبادة في الهرج كهجرة إلي» .
9-
الإكثار من الدعاء بالثبات فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء بقوله: «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» .
10-
إن استطعت الهجرة للعمل في بلد أقل مشكلات من بلدك كالسعودية أو بعض دول الخليج ففي ذلك عون لك في دينك ودنياك.
معالم في التعامل مع الفتن
محمد بن إبراهيم الحمد
المشرف العام على موقع دعوة الإسلام
وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلا ريب أن الأمة تعيش أحوالاً عصيبة، قد تكون أحرج أيام مرت بها عبر التاريخ؛ فالمصائب متنوعة، والجراحات عميقة، والمؤامرات تحاك تلو المؤامرات.
يضاف إلى ذلك ما تعانيه الأمة من الضعف، والهوان، والفُرقة، وتسلط الأعداء.
وما هذا الذي يجري في كثير من بلاد المسلمين - إلا سلسلة من المكر الكبَّار، والكيد العظيم، والقتال الذي لا يزال مستمراً.
{وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217] .
…
[البقرة: 109] .
وفي مثل هذه الأحوال يكثر السؤال، ويلح خصوصاً من فئة الشباب المحبين لدينهم، الراغبين في نصرته؛ فتراهم، وترى كل غيور على دينه يقول: ما دوري في هذه الأحداث؟ وماذا أفعل؟ وكيف أتعامل مع هذا الخضم الموَّار من الشرور والفتن والأخطار؟
وقد يخالط بعضَ النفوس من جراء ذلك شيءٌّ من اليأس، والإحباط، وقد يعتريها الشك في إصلاح الأحوال، ورجوع الأمة إلى عزها وسالف مجدها.
ومهما يك من شيء فإن هذه الأمة أمة مباركة موعودة بالنصر والتمكين متى توكلت على الله، وأخذت بالأسباب.
وهذا الدين أنزله الله عز وجل وبعث به الرسول صلى الله عليه وسلم ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
أما التعامل مع هذه النوازل والمصائب والفتن فهو مبين في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم موضح في كتب أهل العلم التي تكلمت في هذا الباب.
ومما تجدر الإشارة إليه، ويحسن الطَّرْق عليه في هذا الصدد مما هو معين -بإذن الله- على حسن التعامل مع الفتن، والمصائب، والخروج منها بأمان-أمور كثيرة، وفيما يلي ذكر لشيء منها، مع ملاحظة أن بعضها داخل في بعض؛ فإلى تلك الأمور، والله المستعان وعليه التكلان.