الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث عشر في الحكم وأقسامه
ش: تعرض المؤلف [رحمه الله](1) في هذا الفصل لبيان الحكم الشرعي (2) ولبيان أقسامه، وفي هذا الفصل أربعة مطالب:
الأول: في بيان حقيقة الحكم الشرعي.
والمطلب الثاني: في حصر أقسامه.
والمطلب الثالث: في تفسير أقسامه.
المطلب (3) الرابع: في التنبيه الذي ختم به الفصل.
قوله: (الحكم الشرعي (4): وهو خطاب الله تعالى القديم (5) المتعلق
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(2)
انظر تفصيل الكلام عن الكلام في: جمع الجوامع وشرح المحلي 1/ 46، البرهان للجويني 1/ 308، المحصول للرازي ج 1/ ق 1/ ص 107، مختصر المنتهى لابن الحاجب وحواشيه 1/ 220، شرح التنقيح للقرافي ص 67، شرح التنقيح للمسطاسي ص 25، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 58، الإحكام للآمدي 1/ 135، المستصفى للغزالي 1/ 55، شرح الكوكب المنير 1/ 104، نهاية السول للإسنوي 1/ 47.
(3)
في ز: "والمطلب".
(4)
"الواو" ساقطة من خ وش.
(5)
"القديم" ساقطة من خ.
بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو (1) التخيير) (2).
ش: هذا هو المطلب الأول: وهو حقيقة الحكم في اصطلاح (3) المتشرعة، وهذا الحد ركبه المؤلف رحمه الله (4) من جنس وخمسة قيود:
فالجنس: هو قوله: [خطاب الله تعالى](5).
والقيد الأول هو: قوله: "القديم".
والقيد الثاني هو: قوله: "المتعلق".
و (6) القيد الثالث هو قوله: "بأفعال"(7).
والقيد الرابع هو قوله: "المكلفين".
والقيد الخامس هو قوله: " (بالاقتضاء (8) أو التخيير".
قوله: (خطاب الله تعالى)(9) أي: كلام الله تعالى (10)، فخطاب الله تعالى (11)
(1) في ط: "والتخيير".
(2)
عرفه بهذا التعريف بدون كلمة "القديم" فخر الدين الرازي في المحصول ج 1/ ق 1/ 109.
(3)
في ط: "الاصطلاح".
(4)
"رحمه الله" لم ترد في ط.
(5)
"خطاب الله" لم ترد في ط.
(6)
"الواو" ساقطة من ط.
(7)
في ط تقديم وتأخير بين هذه القيود الثلاثة المتقدمة.
(8)
في ط: "والتخيير".
(9)
"تعالى" لم ترد في ط وز.
(10)
"تعالى" لم ترد في ط.
(11)
"تعالى" لم ترد في ط.
هو كلام الله تعالى (1).
وقوله: (القديم) احترازًا من كلام الله تعالى (2) الحادث (3) وهو: آيات القرآن التي هي مقتضية للأحكام الشرعية التي هي: الوجوب (4)، والندب، والتحريم، والكراهة، والإباحة، كقوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (5)، وقوله تعالى (6):{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} (7)، وقوله تعالى (8):{وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} (9)، وقوله:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} (10)، وغير ذلك من سائر الآيات الدالة على أحكام الله تبارك (11) وتعالى، فإن تلك الآيات ليست حكمًا شرعيًا (12)، وإنما هي (13) دليل على (14) الحكم الشرعي الذي هو المعنى القائم بذات الله عز وجل (15).
(1)"تعالى" لم ترد في ط.
(2)
"تعالى" لم ترد في ط.
(3)
ذكر هذا الاحتراز القرافي في شرح التنقيح ص 67.
(4)
في ط: "الوجود".
(5)
سورة البقرة آية رقم 43.
(6)
"تعالى" لم ترد في ط، وز.
(7)
آية رقم 32 من سورة الإسراء.
(8)
"تعالى" ساقطة من ز وط.
(9)
آية رقم 77 من سورة الحج.
(10)
سورة المائدة آية رقم 2.
(11)
"تبارك وتعالى" لم ترد في ز وط.
(12)
انظر شرح التنقيح للقرافي ص 68.
(13)
في ط: "هو".
(14)
"على" ساقطة من ز.
(15)
"عز وجل" لم ترد في ط.
فقوله (1): (خطاب الله تعالى (2) القديم) احترازًا من خطاب الله تعالى (3) الحادث؛ وذلك أن كلام الله تعالى (4) يقال للمعنى القائم بذات الله تعالى (5)، ويقال أيضًا للفظ الدال على المعنى القائم بذات الله تعالى (6)، وذلك اللفظ الدال على [المعنى](7) المذكور هو حادث، ومنه احترز المؤلف بقوله: القديم؛ لأن ذلك اللفظ الذي يدل على المعنى القائم بالذات حادث (8)؛ [لأنه حادث بعد أن لم يكن](9).
وأما المعنى القائم بذات الله تعالى فهو قديم؛ لأنه صفة ذات الله تعالى (10)، وصفاته (11) قديمة لا تفارق ذاته (12) جل وعلا.
وإنما قلنا في الآيات القرآنيات المعبر بها عن الأحكام الشرعية حادثة؛ لأنها صفات المخلوقات؛ لأنها تكلم بها (13) جبريل عليه السلام، ثم النبي
(1) في ز: "فقولنا".
(2)
"تعالى" لم ترد في ط.
(3)
"تعالى" لم ترد في ط.
(4)
"تعالى" لم ترد في ط.
(5)
"تعالى" لم ترد في ط.
(6)
"تعالى" لم ترد في ط.
(7)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(8)
في ز وط: "هو حادث".
(9)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(10)
في ز وط: "تبارك وتعالى".
(11)
في ز: "وصفته".
(12)
في ز: "ذات الله".
(13)
في ط: "فيها".
عليه السلام، ثم حملة القرآن، فهي حادثة؛ لأن كلام الحادث حادث (1) وأما المعنى القائم بالنفس فهو قديم؛ لأنه (2) صفة القديم جل وعلا.
فتبين بما قررناه أن كلام الله تعالى يقال على الشيئين وهما: الدليل، ومدلوله:
أحدهما: قديم وهو المدلول.
والآخر: حادث وهو الدال.
واختلف الأصوليون في إطلاق كلام الله تعالى (3) على هذين الأمرين، هل هو حقيقة فيهما؟ فيكون (4) اللفظ مشتركًا لوروده فيهما والأصل الحقيقة،
(1) يفهم من كلام المؤلف السابق أن تكلم جبريل عليه السلام بالقرآن وتكلم الرسول صلى الله عليه وسلم وحملة القرآن من بعده أي تلاوته: أن هذا لا يطلق عليه كلام الله، وهو غير صحيح، بل الصواب: أن ما في المصحف كلام الله ولو لم يكن كلام الله لما حرم على الجنب مسه، وكذلك ما يقرؤه القارئ فهو كلام الله؛ لأنه لو لم يكن كذلك لما حرم على الجنب المحدث قراءته، بل كلام الله محفوظ في الصدور، مقروء بالألسن مكتوب في المصاحف، وهو في هذه المواضع حقيقة، ولا يجوز أن يقال: ليس في المصحف كلام الله، ولا ما قرأ القارئ كلام الله، ولا يجوز أن يقال: هو عبارة عن كلام الله، أو حكاية كلام الله، والآيات القرآنيات هي: كلام الله حقيقة وليست صفات المخلوقات، وفرق بين القراءة التي هي فعل القارئ والمقروء الذي هو قول الباري.
انظر تفصيل هذا في: شرح الطحاوية ص 124، 125.
(2)
في ز: "لأن"
(3)
"تعالى" لم ترد في ط، وفي ز:"تبارك وتعالى".
(4)
"فيكون" ساقطة من ط.
وهو القول (1) المشهور.
أو هو (2) حقيقة في المعنى القائم بالذات ومجاز في اللفظ الدال عليه، وهو قول: أبي الحسن الأشعري.
أو هو (3) حقيقة في اللفظ مجاز في المعنى القائم بالذات، وهو قول: المعتزلة بناء منهم على إنكار الكلام النفساني.
وهذا الذي بيّناه (4) هو المحترز منه بقوله: "القديم".
وقوله: (المتعلق) احترازًا من كلام الله تعالى (5) غير المتعلق كعلم الله تبارلى وتعالى (6) بذاته، وصفاته، وغير ذلك.
وقوله: (بأفعال المكلفين) احترازًا (7) من كلام الله تعالى (8) المتعلق
(1)"القول" ساقطة من ز.
(2)
"هو" ساقطة من ز وط.
(3)
"هو" ساقطة من ز وط.
(4)
في ط: "وهذا الذي بيناه هو حقيقة في اللفظ مجاز في المعنى القائم بذاته".
(5)
"تعالى" لم ترد في ط.
(6)
"تبارك وتعالى" لم ترد في ط.
(7)
ذكر الفتوحي في شرح الكوكب المنير محترزات خمسة وهي: الخطاب المتعلق بذات الله وصفته، وفعله، وبذات المكلفين، والجماد:
مثال الأول: قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ} سورة آل عمران 18.
ومثال الثاني: قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} سورة آل عمران 2.
ومثال الثالث: قوله تعالى: {اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إلا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} الأنعام 102.
ومثال الرابع: قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} الأعراف 11، وقوله تعالى:{خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} الأعراف 189.
ومثال الخامس: قوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ} الكهف 47.
انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 235.
(8)
"تعالى" لم ترد في ط.
بذواتهم، وصفاتهم، وأحوالهم، كقوله تعالى:{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (1)، وكقوله تعالى:{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} (2)، وكقوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً
…
} (3) الآية، وغير ذلك مما تعلق بالذوات، والصفات، والأحوال؛ لأن ذلك كله لا يقال له: حكم شرعي.
وقوله: (المكلفين): احترازًا من كلام الله تعالى (4) المتعلق بأفعال (5) غير المكلفين كقوله تعالى: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا} (6)، وقوله تعالى:{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} (7)، وقوله تعالى:{إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ} (8)، وقوله تعالى:{حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} (9)، وقوله تعالى (10): {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ
(1) سورة النحل آية رقم 78.
(2)
سورة التين آية رقم 4، 5.
(3)
سورة المؤمنون آية رقم 12، 13، 14.
(4)
"تعالى" لم ترد في ط.
(5)
في ز: "بغير أفعال".
(6)
آية رقم 9، 10 من سورة الطور.
(7)
آية رقم 1، 2 من سورة الانشقاق.
(8)
آية رقم 1، 2 من سورة الانفطار.
(9)
آية رقم 32 من سورة ص.
(10)
"تعالى" لم ترد في ط.
سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ} (1)، وغير ذلك مما تعلق بأفعال غير المكلفين.
وقوله: (بالاقتضاء) معناه: بالطلب.
وذلك يشمل (2) أربعة أحكام وهي:
الوجوب، والندب، والتحريم، والكراهة.
لأن الطلب إما طلب فعل وإما طلب ترك، وعلى التقديرين إما أن يكون الطلب مع الجزم، وإما أن يكون مع (3) غير الجزم، وذلك أن طلب الفعل إن كان مع الجزم فهو: الوجوب، وإن كان من (4) غير جزم فهو: الندب، وكذلك طلب الترك، لأنه إن كان مع الجزم فهو: التحريم، وإن كان من غير جزم فهو: الكراهة.
فقوله إذًا: (بالاقتضاء) تندرج (5) فيه أربعة أحكام من الأحكام الخمسة.
وقوله: (أو التخيير) يندرج فيه الإباحة وهو الحكم الخامس (6) الباقي من أحكام الشرع.
(1) آية رقم 163 من سورة الأعراف.
(2)
في ط: "يشتمل".
(3)
في ط: "من غير".
(4)
في ز: "مع".
(5)
في ز: "يندرج".
(6)
في ز: "الباقي الخامس".
وقوله: (بالاقتضاء أو التخيير) معناه المتعلق بالمكلفين على وجه الطلب أو على وجه التخيير، أي على وجه طلبهم بفعله أو تركه، أو تخييرهم بين فعله وتركه.
واحترز بقوله: (بالاقتضاء أو التخيير) من كلام الله تعالى (1) المتعلق بأفعال المكلفين من غير اقتضاء ولا تخيير وهو: الخبر كقوله تعالى (2): {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (3)، وقوله تعالى:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (4)، وقوله تعالى (5):{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إلا إِبْلِيسَ} (6).
لأن هذا خبر عن تكليف تقدم وغير ذلك مما يتعلق (7) بأفعال المكلفين من غير طلبهم بفعله ولا بتركه ولا بتخييرهم (8) فيه (9) بين فعله وتركه، هذا بيان حد الحكم الشرعي.
قوله: (فالقديم: احترازًا من نصوص أدلة الحكم؛ فإِنها خطاب الله تعالى (10) وليست حكمًا، وإِلا اتحد الدليل والمدلول وهي محدثة).
ش: هذا بيان المحترز منه بقوله: "القديم".
(1)"تعالى" لم ترد في ط.
(2)
"تعالى" لم ترد في ط.
(3)
سورة الصافات آية رقم 96.
(4)
سورة الزمر آية رقم 62.
(5)
"تعالى" لم ترد في ط.
(6)
سورة البقرة آية رقم 34.
(7)
في ط: "تعلق".
(8)
في ط: "ولا بتخيير".
(9)
"فيه" ساقطة من ز.
(10)
"تعالى" لم ترد في خ وط.
قال المؤلف في الشرح: إني اتبعت في هذا الحد الإمام فخر الدين رحمه الله (1)، إلا أني زدت فيه: القديم (2).
وإنما زاد المؤلف القديم؛ لأن حد الإمام فخر الدين (3) ليس بمانع؛ لأنه يدخل عليه (4) خطاب (5) الله تعالى الحادث وهي: الآيات التي هي نصوص أدلة الحكم، فإنها يقال لها: خطاب الله تعالى (6) ومع ذلك ليست حكمًا أي: لا يقال لها: حكم شرعي.
وقوله: (وإِلا اتحد الدليل والمدلول) معناه: لو كانت النصوص حكمًا، والمقدر أنها أدلة على الأحكام لكان الدليل والمدلول شيئًا واحدًا، وذلك محال؛ لأن تغايرهما أمر معلوم بالضرورة.
وقوله: (وهي محدثة) أي: هذه النصوص الدالة على الحكم هي محدثة لأنها أصوات وألفاظ القارئين.
وقوله: (والمكلفين: احترازًا من التعلق بالجماد وغيره)(7).
ش: هذا (8) بيان المحترز منه بقوله: "المكلفين"، واحترز بذلك من المتعلق
(1)"رحمه الله" لم ترد في ط.
(2)
انظر: شرح التنقيح ص 67.
(3)
انظر: المحصول للرازي ج 1 ق 1 ص 107.
(4)
في ط: "فيه".
(5)
في ط: "خطاب الحادث".
(6)
"تعالى" لم ترد في ط.
(7)
"وغيره" ساقطة من ز.
(8)
في ط: "هابيان".
بالجماد وغيره (1).
مثاله في الجماد: قوله تعالى: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} (2).
ومثاله (3) في غير الجماد قوله تعالى: {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ} (4)، وغير ذلك مما تقدم.
ومثل المؤلف في الشرح (5) الجماد (6): بقوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ} (7).
وهو غير (8) مطابق؛ لأن السير نسبهُ الله تعالى (9) إلى نفسه لا إلى الجبل (10)، ولكن يحتمل أن يكون المؤلف أراد بالتمثيل: القراءة الشاذة، وهي: قراءة من قرأها (11) بالتاء المفتوحة وكسر السين ورفع الجبال على الفاعلية (12)، وهي
(1)"وغيره" ساقطة من ز.
(2)
سورة ص آية رقم 32.
(3)
في ز: "ومثاله أيضًا".
(4)
سورة الأعراف آية رقم 163.
(5)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 68.
(6)
"الجماد" ساقطة من ز.
(7)
سورة الكهف آية رقم 47.
(8)
"غير" ساقطة من ط.
(9)
"تعالى" لم ترد في ط.
(10)
في ز: "الجبال".
(11)
في الأصل: "قرأه"، وفي ط:"قرأ".
(12)
في ط: "الفاعل".
قراءة ابن محيصن (1) وعيسى الثقفي (2).
واعلم أن هذا اللفظ فيه ثلاث قراءات:
أحدها: {تُسَيَّر (3) الْجِبَالُ} بتركيب الفاعل (4) وهي: قراءة ابن كثير (5)،
(1) هو أَبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محيصن السهمي المكي أحد القراء الأربعة عشر، وكان عالمًا بالأثر، والعربية، وهو قارئ مكة بعد ابن كثير، وكان له اختيار في القراءة خرج به عن إجماع أهل بلده فرغب الناس عن قراءته، وأجمعوا على قراءة ابن كثير، توفي سنة ثلاث وعشرين ومائة (123 هـ) بمكة.
انظر ترجمته في: لطائف الإشارات لفنون القراءات للعسقلاني 1/ 98، إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر للدمياطي ص 6، العبر في أخبار من غبر للذهبي 1/ 158، غاية النهاية في طبقات القراء للجزرى 2/ 166، 167.
(2)
هو عيسى بن عمر الثقفي مولى خالد بن الوليد المخزومي، نزل ثقيف، أخذ عن أبي عمرو بن العلاء، وعبد الله بن أبي إسحاق، وابن كثير وابن محيصن، وهو من قراء البصرة، له اختيار في القراءة على قياس العربية، أخذ عنه: الأصمعي، والخليل بن أحمد، وسيبويه، توفي سنة (150 هـ)، له كتاب "الجامع"، و"الإكمال" في النحو. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3/ 154 - 157، خزانة الأدب للبغدادي 1/ 116، طبقات النحويين للزبيدي ص 40 - 44، معجم الأدباء 6/ 100 - 103، صبح الأعشى 2/ 233، غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجوزي 1/ 613.
(3)
{تُسيَّر} بضم التاء وفتح الياء مشددة على البناء للمفعول {الجبالُ} بالرفع لقيامه مقام الفاعل وحذف الفاعل للعلم به وهو الله تعالى.
انظر نسبة هذه القراءة للقراء المذكورين في: إتحاف فضلاء البشر في القراءات العشر للدمياطي الشافعي ص 350، شرح طيبة النشر في القراءات العشر لابن الجزري ص 337، النشر في القراءات العشر لابن الجزري 2/ 299.
(4)
في ط: "الفعل".
(5)
هو عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زاذان بن فيروز بن هرمز المكي الداري، =
وأبي عمرو (1) وابن عامر (2).
= وهو مولى عمرو بن علقمة الكناني، وابن كثير شيخ مكة وإمامها في القراءة، ولد بمكة سنة خمس وأربعين في أيام معاوية وهو من التابعين، لقي من الصحابة: عبد الله ابن الزبير، وأبا أيوب الأنصاري، وأنس بن مالك رضي الله عنهم، أخذ القراءة عن مجاهد بن جبير، نقل قراءته الأئمة كأبي عمرو بن العلاء، والخليل بن أحمد، والشافعي، توفي رحمه الله سنة عشرين ومائة (120 هـ).
انظر ترجمته في: لطائف الإشارات لفنون القراءات للقسطلاني 1/ 94، 95، غاية النهاية لابن الجزري 1/ 443، 444.
(1)
هو أَبو عمرو زبان بن العلاء بن عمار بن عبد الله المازني البصري، أحد القراء السبعة، وقد اختلف في اسمه على أكثر من عشرين قولاً، بعضها تصحيفًا من بعض، وأصحها أن اسمه: زبان بالزاي، ولد بمكة سنة ثمان وستين، قرأ بمكة والمدينة، وبالكوفة، والبصرة، حتى قيل: إنه ليس في القراء السبعة أكثر منه شيوخًا، ومن شيوخه: سعيد بن جبير، وعاصم بن أبي النجود وعبد الله بن كثير، وعطاء بن أبي رباح، ومحمد بن عبد الرحمن بن محيصن، وغيرهم، أخذ عنه عرضًا وسماعًا أحمد بن محمد الليثي، وأحمد بن موسى اللؤلؤي، وعبد الملك بن قريب الأصمعي، ويونس بن حبيب، توفي رحمه الله سنة أربع وخمسين ومائة (154 هـ) بالكوفة.
انظر ترجمته في: غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري 1/ 288 - 292، لطائف الإشارات 1/ 95، التيسير في القراءات السبع للداني ص 5.
(2)
هو عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة بن عامر بن عبد الله بن عمران اليحصبي نسبة إلى يحصب بن دهمان، ولد سنة (21 هـ) وهو إمام أهل الشام في القراءة، وكان إمامًا بالجامع الأموي في أيام عمر بن عبد العزيز وقبله وبعده، جمع بين الإمامة والقضاء ومشيخة الإقراء في دمشق، ثبت سماعه من بعض الصحابة منهم: معاوية بن أبي سفيان، والنعمان بن بشير، ووائلة بن الأسقع، وفضالة بن عبيد، أخذ القراءة عن أبي الدرداء وعن المغيرة بن أبي شهاب، روى القراءة عنه يحيى بن الحارث الذماري وربيعة بن يزيد وغيرهم، توفي رحمه الله يوم عاشوراء سنة ثمان عشرة ومائة (118 هـ).
انظر ترجمته في: غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري 1/ 423 - 425، =
القراءة (1) الثانية: {نُسَيِّرُ (2) الْجِبَالَ} (3) بالنون مع بسط الفعل وهي قراءة الباقين من السبعة.
والقراءة الثالثة: {تَسِيرُ الْجِبَال} (4) بالتاء المفتوحة وكسر السين وهي قراءة ابن محيصن، وعيسى الثقفي.
وقوله: (والاقتضاء) يعني به: الطلب، واحترز به من الخبر.
وقوله: (أو التخيير) يعني به: الإباحة، فـ "أو" للتنويع، أي: الحكم الشرعي متنوع لهذين (5) النوعين.
قال المؤلف في الشرح: هذا حكم بالترديد لا ترديد في الحكم (6) معناه: أنه حكم على الحكم الشرعي بأنه متردد بين هذين جزمًا بلا شك.
= لطائف الإشارات للقسطلاني 1/ 96، التيسير في القراءات السبع لأبي عمرو عثمان الداني ص 5، تهذيب التهذيب 5/ 274.
(1)
في ط: "والقراءة".
(2)
القراءة الثانية: {نُسَيِّرُ} بالنون وضمها وفتح السين وكسر الياء مشددة، و {الْجِبَالَ} منصوبة على المفعولية.
انظر نسبة هذه القراءة للباقين من القراء السبعة في: تقريب النشر في القراءات العشر لابن الجزري ص 137، إتحاف فضلاء البشر في القراءات العشر للدمياطي ص 350، شرح طيبة النشر في القراءات العشر لابن الجزري ص 373.
(3)
"نسير الجبال" لم ترد في ط، وفي ز:"تسير".
(4)
القراءة الثالثة لابن محيصن: "تَسيْرُ" بفتح الياء المثناة فوق، وكسر السين، وسكون الياء، و"الجبالُ" مرفوعة بالفاعلية.
انظر: إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر للدمياطي الشافعي ص 350.
(5)
في ط: "إلى هذين".
(6)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 68.
وقوله (1): (بالاقتصاء أو التخيير) احترز به (2) من خطاب الله تعالى (3) المتعلق بأفعال المكلفين من غير طلب ولا تخيير، كقوله تعالى (4):{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (5)، وكقوله تعالى (6):{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (7).
فإذا تقرر هذا فاعلم أن هذا الحد معترض من (8) سبعة أوجه:
أحدها: أن قوله: خطاب (9) الله تعالى (10)، غير جامع للحكم الشرعي؛ لخروج فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإقراره، والإجماع من (11) الحد، مع أن جميع ذلك حكم شرعي.
أجيب عن هذا بأن قيل: ذلك كله (12) يندرج (13) في (14) خطاب الله تعالى (15)، لقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إلا وَحْيٌ
(1) في ط: "قوله".
(2)
في ز: "احترز به".
(3)
"تعالى" لم ترد في ط.
(4)
"تعالى" لم ترد في ط.
(5)
سورة الصافات آية رقم 96.
(6)
"تعالى" لم ترد في ط.
(7)
سورة الزمر 62.
(8)
في ط: "بسبعة".
(9)
في ز: "هو خطاب".
(10)
"تعالى" لم ترد في ط.
(11)
"من" ساقطة من ط.
(12)
"كله" ساقطة من ط.
(13)
"يندرج" ساقطة من ز.
(14)
"في" ساقطة من ز.
(15)
"تعالى" لم ترد في ط.
يُوحَى} (1) والإجماع مستند إلى ذلك.
الثاني: أن لفظ الخطاب إنما يكون لغة بين اثنين وهو حادث، وحكم الله تعالى (2) قديم فلا (3) يصح فيه الخطاب.
قال المؤلف في شرحه (4): فالصحيح أن (5) يقال: كلام الله تعالى القديم.
أجيب عن هذا بأن قيل: هذا جار على أحد القولين في الخطاب؛ إذ فيه خلاف:
قيل: يقال: الخطاب في كلام الله (6).
وقيل: لا يقال له (7): الخطاب.
وقد أشار ابن الحاجب إلى هذا الخلاف فقال: "وفي تسمية الكلام في الأزل خطابًا خلاف"(8).
وسبب هذا الخلاف: اختلافهم في معنى الخطاب.
قيل: معناه الكلام الذي قصد به إفهام الغير في الحال.
(1) سورة النجم آية رقم 3، 4.
(2)
"تعالى" لم ترد في ط.
(3)
في ز: "ما يصح".
(4)
في ط: "في الشرح".
(5)
المثبت من ط، وفي الأصل:"أنه".
(6)
في ز: "في كلام الله تعالى".
(7)
في ز: "فيه".
(8)
انظر: مختصر المنتهى لابن الحاجب المطبوع مع شرح العضد وحواشيه 1/ 225.
وقيل (1): معناه (2): الكلام الذي قصد به إفهام الغير في الحال والاستقبال.
فعلى الأول لا يسمى خطابًا، وعلى الثاني يسمى (3): خطابًا.
الثالث: أن قوله: (القديم) كيف يفسر به الحكم الشرعي؟ مع أن الحكم الشرعي يوصف به فعل العبد؛ لأنك تقول: فعل واجب وفعل حرام وصفة الحادث حادثة (4)؟
أجاب المؤلف عن هذا: بأن الشيء قد يوصف بما ليس قائم به (5) كقولنا: قيام الساعة مذكور معلوم بذكر قام (6) بنا (7)، ووصف الفعل بالأحكام من هذا القبيل (8).
فمعنى قولنا (9): "فعل واجب أو فعل حرام" معناه: بوجوب قائم بذات الله تعالى (10) وتحريم قائم بذات الله تعالى، وإنما يلزم الحدوث من
(1)"وقيل" ساقطة من ط.
(2)
في ط: "أو معناه".
(3)
انظر سبب الخلاف في: شرح العضد على مختصر ابن الحاجب 1/ 227.
(4)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 69، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 26.
(5)
في ط: "له".
(6)
في ط: "قيام".
(7)
في ز: "وعلم قام بنا".
(8)
إلى هنا انتهى نقل المؤلف من شرح التنقيح للقرافي ص 69.
(9)
في ز: "قوله".
(10)
"تعالى" لم ترد في ط.
الصفة في (1) الموصوف: إذا كانت قائمة به كالسواد والبياض، وأما الأقوال المتعلقة بالأفعال فلا تكون صفات لها ولا هي (2) قائمة بها، فإذا قال السيد لعبده: أسرج الدابة، فقد أوجب عليه الإسراج بإيجاب قام بالسيد دون الإسراج الذي هو فعل العبد (3).
الرابع: أن قوله: (القديم) كيف يفسر به الحكم الشرعي؟ [مع أن الحكم الشرعي](4) يعلل بالحوادث، فإنك تقول مثلاً: حلت المرأة بالعقد، وحرمت بالطلاق، فالمعلل بالحادث حادث؟ (5).
أجاب المؤلف عن هذا: بأن العلل الشرعية معرفات (6) لا مؤثرات، فالمعرِّف (7)
(1) في ز: "للموصوف".
(2)
"هي" ساقطة من ط وز.
(3)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 69، وقد نقل منه المؤلف بالمعنى، وذكر هذا الجواب أيضًا المسطاسي مي شرح التنقيح ص 26.
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(5)
ذكر هذا الاعتراض القرافي في شرح التنقيح ص 69، والمسطاسي في شرح التنقيح ص 26.
(6)
في هامش ز (ورقة 83/ أ) التعليق الآتي على قوله: "معرفات"، ونصه:"أي إن العلل الشرعية دلائل على الأحكام وعلامات عليها للانتماء بوجوب الأحكام، ما عقد مثلاً علامة على حلّية الزوجة وليس هو الذي أوجب الحلية؛ إذ الحلية موجودة قبل العقد، وإنما هو سبب فيها أي: فيما يترتب عليها من الاستمتاع، وأما هي فموجودة قبله، والدليل على أنه ليس الذي أوجدها أنك تعقد على المحرم كالأم أي: أمك مثلاً فلا تحل".
(7)
في هامش ز (ورقة 83/ أ) التعليق الآتي على قوله: "فالمعرف"، ونصه: "فالمعرِّف هو بكسر الراء، وقوله عن المعرَّف هو بفتح الراء مثاله: الحلية في المثال فقد تقدمت في الوجود وتأخر معرفها الذي هو العقد فتأمله، وحاصل الجواب الذي ذكره: أنه لا يلزم من حدوث العلة حدوث المعلول، إلا إذا أوجبت العلة المعلول أثرت في =
يجوز أن يتأخر عن المعرَّف كما عرف الله (1) بصفته (2).
الخامس: أن قوله: (القديم) كيف يفسر به الحكم الشرعي؟ مع أن الحكم الشرعي يوصف بأنه مسبوق بالعدم، لأنك تقول: حلت المرأة بعد أن لم تكن حلالاً، والمسبوق بالعدم حادث؛ إذ البعدية تشعر بالحدوث؟ (3).
أجاب المؤلف عن هذا: بأن الحالة التي يتعلق بها الحكم الشرعي في الأزل إنما هي (4) حالة اجتماع الشروط وانتفاء الموانع، فقولنا: حلت المرأة بعد أن لم تكن حلالاً؛ لأن (5) وجود الحالة التي بها يتعلق الحل في الأزل، هي: حالة اجتماع الشروط وانتفاء الموانع (6)، فإن المتعلق في الأزل إنما كان (7) متعلقًا بهذه الحالة، فالحدوث إنما هو في المتعلَّق - بفتح اللام -، لا في المتعلِّق - بكسر اللام -، ولا في التعلق (8) خلافًا [لمن قال: التعلق حادث، بل التعلق قديم، فإن الذي يحيل حصول علم في الأزل بلا] (9) معلوم، فيحيل (10)
= الوجود والمعلول الذي هو حكم الله القديم، ولا تؤثر فيه علة الوجود بل هي علامة عليه، فتأمله".
(1)
في ز: "الله تعالى".
(2)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 69، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 26.
(3)
ذكر هذا الاعتراض القرافي في شرح التنقيح ص 69، والمسطاسي في شرح التنقيح ص 26.
(4)
في ز: "هو".
(5)
"لأن" ساقطة من ز.
(6)
في ط: "المانع".
(7)
في ز: "يكون".
(8)
في ط: "المتعلق".
(9)
ما بين المعقوفتين تأخر في ط عن محله؛ حيث جاء بعد: "بلا مأمور".
(10)
في ط: "يحيل".
حصول أمر في الأزل بلا مأمور (1).
كما سيأتي بيانه (2) إن شاء الله تعالى في باب الأوامر في قول المؤلف: ولا يشترط (3) مقارنته للمأمور بل يتعلق في الأزل بالشخص الحادث خلافًا لسائر الفرق (4).
والسادس (5): أن قوله: (المتعلق بأفعال المكلفين) غير جامع للحكم الشرعي لخروج ما تعلق بأفعال الصبيان والمجانين من الزكوات (6) والغرامات، فإن الضمان والزكاة (7) واجب في أموالهم (8).
أجاب المؤلف عن هذا: بأن الوجوب إنما هو على الأولياء ولا وجوب على المحجورين ولا حكم (9).
السابع: أن هذا الحد أيضًا غير جامع؛ لأنه لا يتناول إلا خطاب
(1) نقل المؤلف هذا الجواب بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 69، وذكر هذا الجواب أيضًا المسطاسي في شرح التنقيح ص 26.
(2)
"بيانه" ساقطة من ط.
(3)
في ز: "تشترط".
(4)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 145، (2/ 546 - 549) من هذا الكتاب.
(5)
في ط وز: "السادس".
(6)
في ط وز: "الزكاة".
(7)
في ز: "في الزكاة".
(8)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 69، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 26، والمحصول للرازي ج 1 ق 1 ص 109.
(9)
نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 70.
وذكر هذا الجواب المسطاسي في شرح التنقيح ص 26، والرازي في المحصول ج 1 ق 1 ص 111.
التكليف، ولا يتناول خطاب الوضع: كنصب الأسباب، والشروط، والموانع، كنصب الزوال لوجوب الظهر، ونصب الحول شرطًا لوجوب الزكاة، ونصب الحيض مانعًا للصلاة (1) وغير ذلك من أحكام الوضع التي بينها المؤلف في الفصل الخامس عشر فيما تتوقف عليه الأحكام (2) الشرعية (3)، فإن هذه الأشياء خارجة من (4) حد المؤلف؛ إذ ليس في هذه الأشياء طلب ولا تخيير.
فهذا الاعتراض قد التزمه المؤلف في الشرح وقال: "هذا الحد لا يتناول إلا أحد نوعي الخطاب، وهو: خطاب التكليف خاصة، ولا يتناول خطاب الوضع".
قال: فالحق أن تقول في الحد الحكم الشرعي هو: كلام الله تعالى (5) القديم، المتعلق بأفعال المكلفين على وجه الاقتضاء أو التخيير، [(6) أو ما يوجب ثبوت الحكم أو انتفاءه، فما يوجب ثبوت الحكم هو: السبب، وما يوجب انتفاءه هو: الشرط بعدمه أو (7) المانع بوجوده، فيجتمع في الحد "أو"(8)
(1) ذكر هذا الاعتراض بالمعنى: القرافي في شرح التنقيح ص 69، والرازي في المحصول ج 1 ق 1 ص 109.
(2)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 78.
(3)
"الشرعية" ساقطة من ز وط.
(4)
في ط: "عن".
(5)
"تعالى" لم ترد في ط.
(6)
من هذه المعقوفة بدأ السقط من ط.
(7)
في ز: "والمانع".
(8)
"أو" ساقطة من ز.
ثلاث (1) مرات (2)؛ فحينئذ يستقيم الحد ويجمع جميع الأحكام الشرعية، وهذا هو (3) الذي أختاره (4). انتهى.
ومنهم من أجاب عن ذلك: بأن خطاب الوضع لا يلزم الاعتراض به على الحد المذكور؛ لأنه مندرج في خطاب التكليف (5)؛ لأن الأحكام التكليفية (6) تستلزم (7) أسبابها وشروطها ودلائلها، فيندرج خطاب الوضع في خطاب التكليف، فالحد المذكور على هذا يعم الخطابين معًا (8).
ومنهم من أجاب عن ذلك بأن قال: لا يلزم الاعتراض بخطاب الوضع؛ لأن خطاب الوضع ليس من الحكم (9) الشرعي؛ لأنه لم يكلف به المكلف؛ لأن الإنسان لم يكلف (10) بتحصيل الأسباب والشروط، وإنما يكلف (11) بالحكم الشرعي بعد حصول أسباب الحكم وشروطه (12)، وبالله التوفيق (13).
(1) في ز: "ثلاثة".
(2)
في ز: "مراتب".
(3)
"هو" ساقطة من ز.
(4)
نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 70.
(5)
أشار إلى هذا حلولو في شرح التنقيح ص 60.
(6)
"لأن الأحكام التكليفية" ساقطة من ز.
(7)
في ز: "تلزم".
(8)
"معاً" ساقطة من ز.
(9)
ذكر حلولو في شرح التنقيح (ص 60) أن هذا القول اختاره الإبياري.
(10)
المثبت من ز، ولم ترد كلمة "يكلف" في الأصل.
(11)
في ز: "كلف".
(12)
في ز: "وشرائطه".
(13)
في ز: "وبالله التوفيق بمنه".
قوله: (اختلف (1) في أقسامه فقيل: خمسة: الوجوب، والتحريم، والندب، والكراهة، والإِباحة، وقيل: أربعة، والإِباحة (2) ليست من الشرع، وقيل: اثنان: التحريم، والإِباحة).
ش: هذا هو (3) المطلب الثاني، وهو حصر أقسام الحكم الشرعي، فذكر المؤلف في هذا التقسيم ثلاثة أقوال:
أحدها وهو المشهور الذي أجمع عليه المتأخرون: أنها خمسة أقسام وهي: الوجوب، والتحريم، والندب، والكراهة، والإباحة.
والدليل على هذا القول: أن خطاب الشرع إما أن يرد باقتضاء الفعل، وإما (4) أن يرد باقتضاء الترك، وإما (5) أن يرد بالتخيير بين الفعل والترك، فإن ورد باقتضاء الفعل فإن أشعر بالعقاب على الترك فهو: الواجب، وإن لم يشعر بالعقاب على الترك فهو: المندوب، وإن ورد باقتضاء الترك فإن أشعر بالعقاب على الفعل فهو: المحظور، وإن لم يشعر بالعقاب على الفعل فهو: المكروه، وإن ورد بالتخيير بين الفعل والترك فهو: المباح، فتبين بهذا أن أقسام الحكم الشرعي خمسة (6).
القول الثاني: أنها أربعة وهي: الوجوب، والتحريم، والندب،
(1) في أوخ: "واختلف".
(2)
في أوخ وش: "والمباح ليس من الشرع".
(3)
في ز: "هذا بيان".
(4)
في ز: "أو يرد".
(5)
في ز: "أو يرد".
(6)
هذا الدليل ورد فيه تقديم وتأخير في ز.
والكراهة، وأما الإباحة فليست (1) من أحكام الشرع وهذا قول بعض المعتزلة.
وسبب الخلاف هو الخلاف في تفسير الإباحة، فمن فسرها بنفي الحرج قال: ليست من أحكام الشرع؛ لأن نفي الحرج (2) ثابت قبل الشرع بالبراءة الأصلية؛ لأن البراءة الأصلية حكم عقلي لا شرعي، ومن فسرها بالإعلام بنفي الحرج قال: هي من أحكام الشرع؛ لأن الإعلام بنفي الحرج لا يعلم إلا من جهة الشرع (3).
القول الثالث: أن أحكام الشرع منحصرة في قسمين خاصة، وهما (4): التحريم، والإباحة.
وهو قول المتقدمين؛ لأن معنى الإباحة] (5) عندهم: نفي الحرج مطلقًا، ونفي الحرج أعم من الوجوب، والندب، والكراهة، والإباحة المستوية الطرفين، ومعنى الإباحة عند المتأخرين: استواء الطرفين (6).
قوله: (وفسرت بجواز الإِقدام الذي يشمل الوجوب والندب والكراهة والإِباحة)(7).
(1) في ز: "فليس".
(2)
المثبت من ز، ولم يرد في الأصل.
(3)
انظر سبب الخلاف هذا في شرح التنقيح للقرافي ص 70، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 27.
(4)
في ز: "وهي".
(5)
عند هذه المعقوفة انتهى السقط من ط.
(6)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 71، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 27.
(7)
ما بين المعقوفتين ساقط من خ.
ش: وإنما يشمل نفي الحرج هذه الأحكام الأربعة؛ إذ لا حرج على فاعلها.
قوله: (وعلى هذا المذهب (1) يتخرج قوله عليه السلام: "أبغض المباح إلى الله تعالى (2) الطلاق"(3)).
ش: يعني أن قوله عليه السلام: "أبغض المباح إلى الله (4) الطلاق" إنما تأويله أن يجري على هذا القول [ولا يجري على القول](5) الأول (6) المشهور، وإنما قلنا لا يجري هذا الحديث على القول الأول الذي هو تفسير الإباحة باستواء الطرفين؛ لأنه لو حملنا المباح (7) في (8) هذا الحديث على مستوى الطرفين للزم منه المحال، وهو اجتماع الرجحان مع التساوي.
وبيان ذلك: أن تقدير الحديث على هذا: أبغض المباح الذي استوى طرفاه هو الطلاق، فإن قوله: أبغض يقتضي ترجيح أحد الطرفين.
وقوله: (المباح)، يقتضي استواء الطرفين فكأنه يقول في المعنى:
(1) في أوش: "وعليه".
(2)
"تعالى" لم ترد في ط.
(3)
أخرجه أَبو داود وابن ماجه عن عبد الله بن عمر قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق"، ولم أجد لفظ: "المباح".
انظر: سنن أبي داود ح / 2178، كتاب الطلاق باب في كراهية الطلاق ج 2/ 255.
وانظر: سنن ابن ماجه كتاب الطلاق حديث رقم (2018) ج 1/ 650.
(4)
في ز: "إلى الله تعالى".
(5)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(6)
في ز: "لا الأول".
(7)
"المباح" ساقطة من ز.
(8)
"في" ساقطة من ز.
الطلاق هو (1) راجح أحد الطرفين وهو مستوي الطرفين، فترجيح (2) أحد طرفيه مع استوائهما جمع بين ضدين والجمع بين الضدين محال.
قوله: (فإِن البغضة تقتضي رجحان طرف (3) الترك (4)، والرجحان مع التساوي (5) محال).
ش: هذا تقرير (6) الدليل على أن الحديث المذكور لا يجري على القول الأول الذي يفسر فيه المباح بمستوي الطرفين، فإن البغضة تقتضي رجحان طرف الترك على طرف الفعل، والإباحة تقتضي استواء طرفي الفعل والترك، والجمع بين الرجحان والتساوي محال.
فتبين بهذا أن (7) الحديث إنما يجري على القول بأن أقسام الشرع قسمان خاصة وهما: التحريم، والإباحة التي معناها جواز الإقدام، وإنما قلنا بهذا المقتضى؛ لأن أفعل في كلام العرب إنما يضاف إلى جنسه، ولا يضاف إلى غير جنسه، فإنك (8) تقول: زيد أفضل الناس ولا تقول: زيد أفضل الحمير (9)، فقوله: أبغض، صيغة تفضيل، وقد أضيفت إلى المباح المستوي الطرفين.
(1) في ط: "وهو".
(2)
في ط: "فتخرج".
(3)
"طرف" ساقطة من أوخ وش.
(4)
في ط: "الترك والإباحة تقتضي التساوي".
(5)
في أ: "المساوي".
(6)
في ط: "تقدير".
(7)
"أن" ساقطة من ط.
(8)
في ط: "فكأنك".
(9)
في ز: "الناس".
فيقتضي ذلك أن يكون المباح المستوي الطرفين غير مستوي الطرفين، وذلك أمر غير معقول؛ لأنه محال (1).
فإذا تبين [استحالة](2) حمل الحديث المذكور على القول الأول: تبين لك حمله على القول الآخر الذي هو: تفسير الإباحة بجواز الإقدام على الفعل، فتقدير الحديث إذًا: أبغض ما يجوز الإقدام عليه هو الطلاق.
واعترض على هذا (3) بأن قيل: يلزم على تأويل الحديث بهذا أن تكون أنواع هذا الجنس كلها (4) مبغوضة، أعني بهذه الأنواع (5): الوجوب، والندب، والكراهية، والإباحة، فيلزم (6) أن تكون هذه الأحكام (7) الأربعة: مكروهة، وإنما قلنا بهذا؛ لأن صيغة أفعل تقتضي الاشتراك في معنى واحد، إلا أن أبغض الأشياء له مزية على غيره، وذلك باطل ها هنا (8)؛ إذ لا بغض في الواجب ولا في المندوب ولا في المباح (9).
أجيب عن هذا: بأن قولك: أفضل الرجال زيد، لا يقتضي ثبوت الفضل لكل رجل، بل معناه أفضل رجل قيس فضله بفضل زيدٍ
(1) انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 71.
(2)
المثبت بين المعقوفتين من ز، ولم يرد في الأصل وط.
(3)
ذكر هذا الاعتراض بمعناه المسطاسي في شرح التنقيح ص 27.
(4)
"كلها" ساقطة من ز.
(5)
في ط: "أنواع".
(6)
في ط: "فيلزم على هذا".
(7)
"الأحكام" ساقطة من ط، وفي ز:"الأنواع".
(8)
في ز: "ها هنا باطل".
(9)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"ولا مندوب ولا مباح".
زيدٌ (1)، فلا بد من المشاركة في الوصف الذي وقع فيه التفضيل، فمعنى الحديث إذًا: أبغض مباح قيس بغضه ببغض الطلاقِ إلى الله الطلاقُ، فيتعين أن يكون هذا المباح راجح الترك وهو: المكروه، فيخرج (2) الوجوب، والندب، والإباحة المستوية في (3) الطرفين.
وهذا الحديث المذكور خرجه أَبو داود (4).
ومثل (5) هذا الحديث قوله عليه السلام: "أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم" خرجه (6) مسلم (7).
(1)"زيد" ساقطة من ز.
(2)
في ز: "فخرج".
(3)
"في" ساقطة من ز.
(4)
هو الإمام سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السجستاني، ولد سنة اثنتين ومائتين (202 هـ).
أحد أئمة الحديث المتقنين وحفاظه العارفين، الإمام الورع، الحافظ، سمع بخراسان، والعراق، والجزيرة، والشام، والحجاز، ومصر، أخذ الحديث عن جماعة منهم: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وقتيبة بن سعيد الثقفي، وحدث عنه: الترمذي والنسائي، وأبو عوانة وغيرهم، من أهم مصنفاته: كتابه السنن، توفي رحمه الله سنة خمس وسبعين ومائتين (275 هـ) بالبصرة.
انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي، رقم الترجمة 615 ص 591 - 593.
(5)
في ط: "ومثال".
(6)
أخرجه بهذا اللفظ عن عائشة رضي الله عنها البخاري في كتاب الأحكام باب الألد الخصم (4/ 242).
وأخرجه الإمام مسلم في كتاب العلم، باب في الألد الخصم (8/ 57).
(7)
هو الإمام مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، صاحب الصحيح، أحد الأئمة الحفاظ وأعلام المحدثين، رحل إلى الحجاز، وسمع يحيى بن يحيى =
قوله: (فالواجب ما ذم تاركه شرعًا).
هذا هو المطلب الثالث في تفسير أقسام الحكم الشرعي، شرع المؤلف ها هنا في تفسير متعلقات الأحكام الخمسة المذكورة ولم يتعرض لتفسير تلك الأحكام التي هي (1): الوجوب (2)، والتحريم، والندب، والكراهة، والإباحة، وإنما تعرض ها هنا (3) لتفسير متعلقات تلك الأحكام وهي (4): الواجب (5)، والمحرم، والمندوب، والمكروه، والمباح؛ لأنه تعرض لتفسير الواجب ولم يتعرض لتفسير الوجوب، وكذلك تعرض لتفسير المحرم، ولم يتعرض لتفسير التحريم، وكذلك تعرض لتفسير المندوب [ولم يتعرض لتفسير](6) الندب (7) وكذلك تعرض لتفسير المكروه دون الكراهة، وكذلك تعرض لتفسير المباح دون الإباحة.
= النيسابوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وسعيد بن منصور، وقدم بغداد غير مرة فروى عنه أهلها وآخر قدومه سنة (250 هـ)، ولما استوطن البخاري نيسابور أكثر مسلم من الاختلاف إليه.
روى عنه: الترمذي، توفي رحمه الله سنة إحدى وستين ومائتين (261 هـ) بنيسابور.
انظر: تهذيب التهذيب 10/ 126 - 128، البداية والنهاية 11/ 33، تاريخ بغداد 13/ 100 - 104، شذرات الذهب 2/ 144، 145، وفيات الأعيان 5/ 194 - 196.
(1)
في ط: "هو".
(2)
في ط: "الوجوب".
(3)
في ز: "المؤلف ها هنا".
(4)
في ط: "وهو".
(5)
في ط: "الوجوب".
(6)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(7)
في ز: "دون الندب".
قال المؤلف في النفائس: حكم الله تعالى هو الوجوب لا الواجب، فالواجب هو فعل العبد وهو متعلق الحكم الذي هو الوجوب، فالوجوب (1) هو الحكم ومتعلقه هو الواجب.
فالوجوب صفة لله تعالى، والواجب صفة العبد؛ إذ هو فعله (2).
فالوجوب هو الطلب، والواجب هو: المطلوب، أي (3) هو الفعل المطلوب من المكلف، وهكذا تقول في التوالي (4) البواقي من المتعلقات، فإن المؤلف إنما تعرض لتفسير المتعلَّق بفتح اللام، ولم يتعرض لتفسير المتعلِّق بكسر اللام، وإنما فعل ذلك تبعًا للإمام فخر الدين في المحصول.
والوجوب في اللغة يراد به: الثبوت، ويراد (5) به: السقوط.
فمثال الثبوت: قوله عليه السلام: "إذا وجب المريض فلا تبكين باكية"(6)، معناه: إذا ثبت (6) واستقر وزال عنه التزلزل والاضطراب.
(1) في ط: "فالواجب".
(2)
نقل المؤلف بالمعنى، انظر: نفائس الأصول تحقيق عادل عبد الموجود 1/ 265.
(3)
في ط: "أو".
(4)
"التوالي" ساقطة من ط.
(5)
في ط: "ويريد".
(6)
هذا جزء من حديث، وتمام الحديث كما أخرجه أَبو داود، والنسائي، ومالك في الموطأ بألفاظ متقاربة عن جابر بن عتيك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب، فصاح به رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبه، فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:"غلبنا يا أبا الربيع" فصاح النسوة وبكين، فجعل ابن عتيك يسكنهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"دعهن، فإذا وجب فلا تبكين باكية"، قالوا: وما الوجوب يا رسول الله؟ قال: "الموت"، قالت ابنته: والله إن كنت لأرجو أن تكون شهيدًا؛ فإنك =
. . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كنت قد قضيت جهازك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله عز وجل قد أوقع أجره على قدر نيته، وما تعدون الشهادة؟ " قالوا: القتل في سبيل الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيدة".
انظر: سنن أبي داود كتاب الجنائز باب فضل من مات فى الطاعون رقم الحديث العام 3111 ج (3/ 482) سنن النسائي كتاب الجنائز، باب النهي عن البكاء على الميت (4/ 12)، موطأ الإمام مالك كتاب الجنائز، باب النهي عن البكاء على الميت (1/ 233).
(8)
بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم معنى الوجوب في الحديث أنه الموت، وشراح سنن أبي داود بيّنوا في شرحهم لهذا الحديث بأن المراد بالوجوب السقوط ولم يفسروه بالثبوت كما استدل به المؤلف.
انظر: شرح الخطابي على السنن 3/ 482، عون المعبود 8/ 377، بذل المجهود 14/ 71.
وانظر: الفائق فى غريب الحديث للزمخشري، فقد أورد هذا الحديث وبيّن أن معنى الوجوب في الحديث: السقوط 4/ 43، وذكر هذا الحديث ابن منظور في لسان العرب مستشهدًا على أن وجب تأتي بمعنى مات.
والوجوب يطلق في اللغة على عدة معان:
يطلق على الثبوت واللزوم، يقال: وجب الشيء أي: ثبت ولزم.
ويطلق على الوقوع والسقوط، فأصل الوجوب السقوط، ووجب الميت إذا سقط، ويقال: وجبت الشمس إذا غابت، كقولهم: سقطت ووقعت.
ويطلق على الموت فيقال: وجب الرجل إذا مات.
ويطلق على الاضطراب يقال: وجب القلب وجيبًا: اضطرب.
انظر: لسان العرب فصل الواو حرف الباء مادة "وجب"(2/ 292 - 295)، المفردات في غريب القرآن للأصفهاني (ص 532)، الأفعال للمعافري (4/ 233).
ومثال السقوط: قولهم: وجب الحائط (1)، إذا سقط، ووجبت الشمس، إذا سقطت.
ومنه: قوله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} (2) أي: سقطت (3).
قوله: (فالواجب ما ذم تاركه شرعًا)(4).
ش: ركب المؤلف رحمه الله هذا الحد من جنس وثلاثة قيود.
فالجنس هو: "ما"، وهي موصولة بمعنى الذى.
والقيد الأول: ذم.
والقيد الثاني: تاركه.
(1) في ط: "الحائض".
(2)
سورة الحج آية رقم 36.
(3)
يقول القرطبي في تفسير هذه الآية: يقال: وجبت الشمس إذا سقطت، ووجب الحائط إذا سقط، ومعنى وجبت أي سقطت على جنوبها ميتة، كنى عن الموت بالسقوط على الجنب.
انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 12/ 63، العمدة في غريب القرآن لأبي محمد مكى بن أبي طالب القيسي، ص 213، المفردات في غريب القرآن للأصفهاني ص 532.
(4)
عرفه الرازي في المحصول بأنه: "ما يذم تاركه شرعًا على بعض الوجوه"، وذكر أن هذا التعريف اختاره القاضي أَبو بكر الباقلاني، وهذا التعريف فيه زيادة عن تعريف القرافي بقوله: على بعض الوجوه، وهذه الزيادة من أجل أن يدخل في الحد الواجب المخير؛ لأنه يلام على تركه إذا تركه وترك معه بدله، والواجب الموسع؛ لأنه يلام على تركه، إذا تركه في كل وقت، والواجب على الكفاية؛ لأنه يلام على تركه إذا تركه الكل.
انظر: المحصول ج 1 ق 1 ص 118، 119.
والقيد الثالث: شرعًا.
ومعنى الذم (1) بالذال المعجمة: هو اللوم (2).
قال الزبيدي في المختصر: يقال: ذممته ذمًا، أي لمته في إساءته (3).
واحترز بقوله: (ما ذم) مما لا ذم فيه، وهو: المندوب، والمكروه، والمباح.
واحترز بقوله: (تاركه) من المحرم؛ لأنه لا يذم تاركه.
واحترز بقوله: (شرعًا) مما ذم تاركه عرفًا، أي عادة.
مثال ما ذم (4) تاركه عرفًا: الأضحية (5) والعقيقة، وكذلك من يلبس خلاف لباس أهل بلده؛ لأن من خالف عادة أهل بلده حتى في زيهم ولباسهم يذمونه (6).
قوله: (والمحرم (7) ما ذم فاعله شرعًا).
ش: واحترز (8) بقوله: (ما ذم) مما لا ذم فيه، وهو: المندوب، والمكروه،
(1) في ط: "الأذم".
(2)
انظر: لسان العرب لابن منظور فصل الذال حرف الميم مادة "ذم".
(3)
انظر: ص 365 باب الثنائي المضعف الصحيح من كتاب مختصر العين للزبيدي وهو مخطوط في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية رقم 8498 فلم.
(4)
في ط: "يذم".
(5)
في ط وز: "الضحية" وقول المؤلف: "عرفًا" بناءً على القول بأن الأضحية سنة، وأما على القول بأنها واجبة فيذم تاركها شرعًا.
(6)
في ط: "يدومونه".
(7)
ذكر الفخر الرازي للمحرم خمسة أسماء وهي: المحظور، المعصية، الذنب المزجور عنه، القبيح.
انظر: المحصول ج 1 ق 1 ص 127، 128.
(8)
في ز: "احترز".
والمباح.
واحترز بقوله: (فاعله)، من الواجب؛ لأنه لا يذم فاعله.
واحترز بقوله: (شرعًا)، مما يذم فاعله عرفًا؛ لأن من خالف عادة أهل بلده يذم عندهم.
مثال ما يذم فاعله عرفًا: طلب العلم عند العامة في زماننا هذا (1)؛ لأن من طلب العلم في زماننا يذمه (2) العامة (3).
قوله: (وقيد الشرع) احترازًا من العرف، راجع إلى (4) الرسمين معًا: رسم الواجب ورسم المحرم.
قال المؤلف في الشرح: قولهم: ما ذم فاعله، فيه إشكال من جهة أنه قد لا يفعل فلا يوجد فاعله، ولا الذم المترتب عليه.
وكذلك قولهم: ما ذم تاركه، قد لا يوجد تاركه، بأن يفعل الواجب وهو كثير، فتخرج هذه الصور كلها من الحد، فلا يكون جامعًا (5) يعني: أن من الواجبات ما لا يمكن تركه (6) ومن المحرمات ما لا يمكن فعله.
(1)"هذا" ساقطة من ط وز.
(2)
في ز: "يذمه".
(3)
هذا يدل على ما وصلت إليه الحالة العلمية في بلاد المغرب في عصر المؤلف الذي عاش في آخر عهد بني مرين وأول عهد الوطاسيين، في أواخر القرن التاسع الهجري.
(4)
"إلى" وردت في ط وز، ولم ترد في الأصل.
(5)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 71، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 27.
(6)
في هامش ز التعليق التالي: "أي: بالنظر لبعض المكلفين لا من حيث العقل؛ إذ العقل =
قال: وجوابه: أن التحديد قد يقع بذوات الأوصاف، أي: بنفس الوصف (1)، كقوله في المندوب: ما رجح فعله على تركه.
وقد يقع بحيثيات الأوصاف نحو هذا، ومعناه: هو الذي يكون بحيث إذا ترك ترتب عليه الذم، وهذه الحيثية ثابتة له، فعل أو ترك.
فتنبه لهذه القاعدة فهي: غريبة، وقد بسطتها (2) في شرح المحصول (3). انتهى نصه (4).
فمعنى قوله إذًا: (ما ذم تاركه) في الواجب، أي: ما لو ترك لذم، ومعنى قوله في المحرم:(ما ذم فاعله) أي: ما لو فعل لذم.
واعترض (5) تحديد الواجب والمحرم بما ذم تاركه، وما ذم فاعله: بأنه إما أن يراد أن الشارع هو الذي يذم، وإما أن يراد الشرع نفسه، وإما أن يراد أهل الشرع، وأيًا ما كان فباطل:
فإن كان الذي يذم هو الشارع فلا يصح؛ لأن الشارع ما نص على لوم كل
= يجوز تركه".
(1)
قوله: "أي بنفس الوصف" توضيح من المؤلف، وليس في شرح القرافي.
(2)
في ط: "بسطها".
(3)
انظر بسط المؤلف لهذه القاعدة في: نفائس الأصول تحقيق عادل عبد الموجود (1/ 246 - 247).
(4)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 71، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 26.
(5)
هذا الاعتراض الثاني على تعريف الواجب والمحرم، وقد ذكر هذا الاعتراض المسطاسي في شرح التنقيح ص 26.
تارك لواجب، ولا نص على لوم كل صنف من الواجب.
وإن قلنا: إن الذي يذم هو الشرع فلا يصح أيضًا؛ لأن (1) الشرع (2) ليس حيًا ناطقًا؛ لأنه معنى (3) من المعاني، فلا يوصف بذم ولا مدح.
وإن قلنا: إن الذي يذم أهل (4) الشرع فلا يصح أيضًا؛ لأن أهل الشرع لا يذمون تارك الواجب إلا إذا علموا أنه تركه، فلا بد من معرفتهم للواجب قبل أن يذموا على تركه، فهو تعريف الشيء بما لا يعرف إلا بعد معرفة ذلك الشيء، فهو تعريف دوري.
أجيب عنه: بأن الشارع هو الذي يذم؛ لأنه نص على ذم كل تارك لواجب بصيغة العموم، كقوله تعالى بعد ذكر المعصية:{أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (5)، وقوله:{أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (6)، وقوله:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} (7).
ونحو (8) هذا (9) من الآيات الدالة على اتضاع (10) حال تارك المأمور به؛
(1) في ز: "إذ".
(2)
"الشرع" لم ترد في ز.
(3)
"معنى" ساقطة من ز.
(4)
في ط: "هو أهل
…
" الخ.
(5)
سورة النور آية رقم 50.
(6)
سورة الحشر آية رقم 19.
(7)
سورة الجن آية رقم 23.
(8)
في ط: "ونحوها".
(9)
"هذا" ساقطة من ط.
(10)
في ز: "إفظاع"، وفي الهامش فسرها بالقبح.
لأن (1) صيغة العموم تتناول (2) كل فرد بعمومها (3)(4).
قوله: (والمندوب ما رجح فعله على تركه شرعًا من غير ذم).
ش: المندوب لغة: هو المدعو، مأخوذ من الندب وهو الدعاء إلى أمر مهم، ومنه قول الشاعر:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم
…
في النائبات على ما قال برهانا (5)
وأما معناه في الاصطلاح: فهو ما رجح فعله على (6) تركه، إلى آخر ما قال المؤلف.
قوله: (مما رجح فعله) أخرج ثلاثة أشياء وهي: المحرم، والمكروه، والمباح.
وقوله (7): (من غير ذم) أخرج به الواجب؛ لأن الواجب رجح فعله على
(1) في ط وز: "فإن".
(2)
في ز (تناول).
(3)
في ز: "لعموها".
(4)
ذكر هذا الجواب المسطاسي في شرح التنقيح ص 26.
(5)
قائل هذا البيت هو قريط بن أنيف العنبري، وهذا البيت من قصيدة له يذم فيها قومه؛ حيث أغارت بنو شيبان على إبله فاستنجدهم فلم ينجدوه، ويمدح بني مازن، ومطلع القصيدة:
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي
…
بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
إذًا لقام بنصري معشر خشن
…
عند الحفيظة إن ذو لوثة لانا
قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم
…
قاموا إليه زرافات ووحدانا
لا يسألون أخاهم حين يندبهم
…
في النائبات على ما قال برهانا
انظر: خزانة الأدب للبغدادي رقم الشاهد 556 (3/ 332)، الحماسة لأبي تمام تحقيق د. عسيلان (1/ 58)، العقد الفريد (3/ 16)، مجالس ثعلب القسم الثاني (ص 473).
(6)
"على تركه" لم ترد في ط وز.
(7)
في ط: "قوله".
تركه مع الذم على تركه.
واختلف (1) الأصوليون في المندوب هل هو مأمور به؟ وهو مذهب الجماهرة (2) من الأصوليين.
وذهب الكرخي (3) والرازي (4) من الحنفية: إلى أنه غير
(1) تحرير محل النزاع في هذه المسألة أن يقال: لا خلاف في أن المندوب مأمور به؛ بمعنى أنه متعلق بصيغة افعل.
وإنما الخلاف هل يسمى مأمور به حقيقة أو مجازًا؟
انظر: تحرير محل النزاع في حاشية التفتازاني على العضد 2/ 4.
(2)
الأولى أن يقول: الجمهور
وانظر تفصيل هذه المسألة في: البرهان 1/ 249، المحصول ج 1 ق 2 (ص 353)، المستصفى للغزالي (1/ 75)، الإحكام للآمدي (2/ 144)، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب والتفتازاني على العضد (2/ 4)، إحكام الفصول في أحكام الأصول لأبي الوليد الباجي تحقيق عمران العربي (ص 58)، المسودة (ص 6)، شرح الكوكب المنير (2/ 406)، أصول السرخسي 1/ 14، تيسير التحرير 2/ 49.
(3)
هو أبو الحسين عبيد الله بن الحسين بن دلال بن دلهم الكرخي، ولد سنة ستين ومائتين (260 هـ)، سكن بغداد، وأخذ الفقه عن أبي سعيد البردعي، وإليه انتهت رئاسة أصحاب أبي حنيفة بالعراق، ودرس في بغداد وانتشر أصحابه في البلاد، وكان مع غزارة علمه كثير العبادة، صبورًا على الفقر والحاجة، عروفًا عما في أيدي الناس، ومن تلاميذه: أبو علي الشاشي وأبو بكر الرازي الجصاص، وأبو القاسم علي التنوخي، من مصنفاته:"رسالة في الأصول"، و"شرح الجامع الصغير"، و"شرح الجامع الكبير"، توفي رحمه الله سنة أربعين وثلاثمائة (340 هـ) ببغداد.
انظر: تاريخ بغداد 10/ 353 - 355، شذرات الذهب 2/ 258، الفوائد البهية في تراجم الحنفية تأليف محمد عبد الحي اللكنوي ص 108 - 109.
(4)
هو أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص، ولد سنة خمس وثلاثمائة (305 هـ) ودرس الفقه على أبي الحسين الكرخي، وانتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة فهو شيخ الحنفية ببغداد، وكان مشهورًا بالزهد والورع، طلب منه أن يلي القضاء فامتنع، =
مأمور (1) به.
حجة الجمهور: أن المندوب (2) يسمى (3) طاعة بإجماع، وتسميته طاعة يستلزم امتثال الأمر، فإن أمتثال الأمر طاعة (4) بإجماع (5).
وحجة الكرخي والرازي: أن المندوب (6) لو كان مأمورًا (7) به لكان تركه (8) معصية؛ لأن المعصية عبارة عن مخالفة الأمر (9).
= توفي رحمه الله في شهر ذي الحجة سنة سبعين وثلاثمائة (370 هـ)، من مصنفاته:"أحكام القرآن"، "كتاب في أصول الفقه"، "شرح المختصر للطحاوي"، "شرح أدب القاضي للخصاف"
انظر: تاريخ بغداد 4/ 314، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 7/ 105، شذرات الذهب 3/ 71.
(1)
مذهب الكرخي والرازي أنه لا يسمى أمرًا حقيقة وإن كان الاسم يتناوله مجازًا، ونسب البزدوي هذا القول للكرخي، والرازي، والسرخسي، وصدر الإسلام أبي اليسر، والمحققين من أصحاب الشافعي.
انظر: كشف الأسرار للبزدوي 1/ 119، أصول السرخسي 1/ 14.
(2)
في ز: "الندب".
(3)
"يسمى" ساقطة من ز.
(4)
في ز زيادة بعد طاعة: "بإطاعة يستلزم امتثال الأمر فإن شأن الأمر أمر طاعة بإجماع".
(5)
انظر: البرهان للجويني 1/ 249
(6)
في ط: "المكروه".
(7)
في ط: "مكلفًا"
(8)
في ط "فعله".
(9)
حجة الكرخي والرازي أن العرب تسمي تارك الأمر: عاصيًا، وبه ورد الكتاب، قال الله تعالى:{فَعَصَيْتَ أَمْرِي} آية 93 من سورة طه.
وقال الشاعر:
أمرتك أمرًا جازمًا فعصيتني
…
وكان من التوفيق قتل ابن هاشم =
أجيب عن هذ: بأن المعصية مختصة بمخالفة [أمر الإيجاب](1) لا مطلق الأمر (2).
وحد بعض الفقهاء المندوب (3) فقال: ما في فعله ثواب، وليس في تركه عقاب (4).
واعترض: بما (5) إذا تلبس بمحرم عند ترك المندوب، فإنه يستحق العقاب ها هنا (6).
فلأجل هذا زاد بعضهم على هذا الحد: من حيث [هو ترك له](7).
= وتارك المباح والمندوب إليه لا يكون عاصيًا فعرفنا أن الاسم لا يتناوله حقيقة.
انظر: أصول السرخسي 1/ 15.
(1)
في ط: "نهي التحريم".
(2)
في ط: "النهي".
(3)
في ط: "المكروه ".
(4)
انظر هذا التعريف في: العدة لأبي يعلى 1/ 163.
(5)
"بما" ساقطة من ط.
(6)
"ها هنا" ساقطة من ز.
(7)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"هو تركه".
وفي نسخة الأصل بعد قوله: "هو ترك له": "فسبك الحد إذًا: المكروه ما في تركه ثواب وليس في فعله عقاب من حيث هو ترك له.
فقوله: "من حيث هو ترك له" راجع إلى قوله: ما في تركه ثواب، تقديره: ما في تركه ثواب من حيث هو ترك له أي: لا من حيث التلبس بالمحرم".
وهذه الزيادة لم ترد في ز وط وليس هذا موضعها، فهي مكررة في الأصل؛ لأن المؤلف سيذكر هذا الكلام بعد تعريفه للمكروه في ص 674.
قوله: (والمكروه: ما رجح تركه على فعله شرعًا من غير ذم).
ش: المكروه لغة: ضد المحبوب وهو مأخوذ من الكراهية (1)، وقيل: من الكريهة، وهي (2) الشدة في الحرب (3).
ويطلق في الشرع (4) على (5) الحرام.
ويطلق على ترك المندوبات، وهو ما تركه أولى.
ويطلق على نهي نزاهة كالصلاة في الأوقات والأماكن المنهي عنها.
ويطلق على ما فيه شبهة وتردد بين العلماء كالنهي عن أكل السبع، وقليل (6) النبيذ.
وهذا الأخير فيه نظر؛ لأن (7) من أداه اجتهاده إلى تحريمه فهو في حقه حرام، ومن أداه اجتهاده إلى تحليله فلا معنى للكراهة في حقه إلا إذا وقعت حزازة في قلبه فلا يقبح إطلاق لفظ (8) الكراهة عليه، [وقد قال عليه السلام: "الإثم حزّاز (9)
(1) في ط: "الكراهة".
(2)
في ز: "وهو".
(3)
انظر: القاموس المحيط فصل الكاف، باب الهاء، مادة (كره).
(4)
انظر هذه الإطلاقات للمكروه في: كتاب الإحكام للآمدي 1/ 122، شرح الكوكب المنير 1/ 419، المحصول ج 1 ق 1 ص 131.
(5)
في ز وط: "هل".
(6)
في ز: "وماء النبيذ"، وفي ط:"وقيل النَّبيذ".
(7)
في ز: "لا من".
(8)
كلمة: "لفظ" ساقطة من ز.
(9)
في اللسان: الحز: الفرض في الشيء، الواحدة: حزة.
والحزّاز: ما حز في القلب، وكل شيء حك في صدرك فقد حز.
انظر: لسان العرب مادة (حزز).
القلوب" (1).
وإنما قلنا: لا يقبح إطلاق لفظ الكراهة عليه] (2): [لما يتوقع فيه (3) من خوف التحريم، وإن كان غالب الظن الحل، ولكن إنما يتجه هذا على القول بأن المصيب واحد، وأما من صوب كل مجتهد: فالحل عنده مقطوع به إذا غلب على ظنه الحل](4)، قاله الغزالي في المستصفى (5).
قوله: (والمكروه ما رجح تركه على فعله شرعًا من غير ذم).
ش: هذا (6) حد المكروه على جهة التنزيه وما تركه أولى.
واحترز بقوله: (ما رجح تركه) من الواجب، والمندوب، والمباح؛ لأنها كلها راجحة الفعل، والمباح ليس فيه راجح
(1) لم أجده مرفوعًا، وإنما وجدته موقوفًا على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وقد عزاه لابن مسعود: أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث 3/ 139.
والزمخشري في كتابه الفائق في غريب الحديث 1/ 279.
وابن الأثير في كتابه النهاية في غريب الحديث 1/ 377، وابن رجب في جامع العلوم والحكم (ص 220).
وقال ابن رجب: "وقد صح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "الإثم حزاز القلوب"، واحتج به الإمام أحمد.
وقد ورد حديث بمعناه وهو ما أخرجه الإمام مسلم عن النواس بن سمعان الأنصاري قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال: "البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس".
انظر حديث رقم: (2553)(4/ 1980).
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(3)
"فيه" ساقطة من ز.
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(5)
انظر: المستصفى 1/ 66، 67.
(6)
في ز: "هذا هو"، وفي ط:"وهذا".
واحترز بقوله: (من غير ذم) من المحرم (1)؛ لأن فعله (2) فيه ذم.
واختلف في المكروه هل هو مكلف (3) به أو لا (4)؟ كما تقدم لنا في المندوب (5):
مذهب الجمهور: هو (6) مكلف به.
ومذهب الكرخي والرازي: هو (7) غير مكلف به.
حجة الجمهور: أن تركه يسمى طاعة بإجماع (8)، وتسميته طاعة يستلزم امتثال (9) الأمر، فإن امتثال الأمر طاعة بإجماع.
وحجة الكرخي والرازي: أن المكروه لو كان مكلفًا به لكان [نهي التحريم](10) ففعله (11) معصية؛ لأن المعصية عبارة عن مخالفة الأمر.
(1) المثبت من ز وط، وفي الأصل:"الواجب".
(2)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"تركه".
(3)
المراد بالمكروه هنا المكروه تنزيهًا؛ لأن المكروه تحريمًا لا خلاف في أنه تكليف.
انظر الخلاف في هذه المسألة في: شرح العضد على مختصر ابن الحاجب 2/ 5، فواتح الرحموت المطبوع مع المستصفى 1/ 112، تيسير التحرير 2/ 225، شرح الكوكب المنير 1/ 414، المسودة لآل تيمية ص 35.
(4)
المثبت من ط، وفي ز والأصل:"أم لا".
(5)
انظر (1/ 667 - 669) من هذا الكتاب.
(6)
في ز: "أنه"، وفي ط:"أنه هو".
(7)
في ز: "أنه".
(8)
في ط: "إجماعًا".
(9)
في ط: "وامتثال".
(10)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز وط.
(11)
في ط وز: "فعله".
أجيب عن هذا: بأن المعصية مختصة بمخالفة مطلق (1) النهي.
وحد بعض الفقهاء المكروه فقال: ما في تركه ثواب وليس في فعله عقاب.
واعترض: بما (2) إذا تلبس (3) بمحرم عند تركه (4)؛ [لأنه لا يثاب بل](5) يستحق (6) العقاب.
فلأجل هذا زاد بعضهم على هذا الحد: من حيث هو ترك (7) له.
فسبك الحد إذًا: المكروه ما (8) في تركه ثواب وليس في فعله عقاب من حيث هو ترك له.
فقوله: (من حيث هو ترك (9) له) راجع إلى قوله ما في تركه ثواب [تقديره: ما في تركه ثواب](10) من حيث هو ترك له (11)، أي: لا من حيث التلبس بالمحرم.
(1) في ز: "نهي تحريم لا مطلق النهي".
(2)
المثبت من ز، وفي الأصل:"لما".
(3)
في ز: "التبس".
(4)
في ز: "ترك المكروه".
(5)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(6)
في ز: "فإنه يستحق".
(7)
في ط: "تركه".
(8)
"ما" وردت في ز، ولم ترد في الأصل.
(9)
في ط: "تركه".
(10)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(11)
في ط: "تركه".
قوله: (والمباح ما استوى طرفاه في نظر الشرع).
ش: المباح (1) لغة (2): مأخوذ من الإباحة التي هي الإعلان والإظهار، وإما من الإباحة التي هي الإذن والإطلاق.
فمن الإباحة بمعنى الإعلان والإظهار قولهم: أباح بسره وباح به (3)، أي. أعلنه (4) وأظهره وأفشاه.
ومن الإباحة بمعنى الإذن (5) والإطلاق قولهم (6): أبحت كذا، أي: أذنت [فيه وأطلقته](7).
وأما معناه في الاصطلاح: فهو "ما استوى طرفاه في نظر الشرع"(8) يعني بالطرفين الفعل والترك.
واختلفوا في المباح هل هو مأمور به أم لا (9)؟
(1) انظر: لسان العرب، فصل الباء، حرف الحاء مادة (بوح).
(2)
"لغة" ساقطة من ط.
(3)
في ط: "وأباح".
(4)
في ط: "أعلمه".
(5)
فى ط: "أذن".
(6)
في ز: "كقولهم".
(7)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(8)
انظر: الإحكام للآمدي 1/ 123.
(9)
انظر هذا الخلاف في المباح وأدلة كل قول في: المستصفى للغزالي 1/ 75، فواتح الرحموت 1/ 113، كشف الأسرار للبزدوي 1/ 119، إحكام الفصول في أحكام الأصول للباجي تحقيق عمران العربي 1/ 57، الإحكام للآمدي 1/ 124، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 172، شرح الكوكب المنير 1/ 424، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب وحاشية التفتازاني 2/ 6، تيسير التحرير 2/ 226.
مذهب الجمهور: أنه غير مأمور به.
وذهب الكعبي (1) من المعتزلة (2) وجماعة: إلى أنه مأمور به.
حجة الجمهور: أن الأمر يستلزم الترجيح، ولا ترجيح في المباح، فلا يكون مأمورًا به (3).
حجة الكعبي أن كل مباح في التلبس به ترك حرام، وترك الحرام واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو (4) واجب (5).
أجيب عن هذا: بأن التوسل إلى ترك الحرام بفعل المباح أمر عقلي لا شرعي؛ لأنه توسل بفعل الضد إلى ترك الضد.
[وحدّ بعض الفقهاء المباح فقال: المباح ما ليس في فعله ولا في تركه
(1) هو أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي البلخي، أخذ عن أبي الحسين الخياط، وكان رأس طائفة من المعتزلة يقال لهم الكعبية، أقام ببغداد مدة طويلة، وانتشرت بها كتبه، ثم رحل إلى بلخ وأقام بها إلى أن توفي سنة تسع عشرة وثلاثمائة (319 هـ).
انظر: تاريخ بغداد 9/ 384، شذرات الذهب 2/ 281، وفيات الأعيان 3/ 45، طبقات المعتزلة ص 93 - 95، الفرق بين الفرَق ص 108 - 110.
(2)
نسب البزدوي هذا القول لطائفة من المعتزلَة البغدادية وقال: إنه قول شاذ خارج عن الإجماع.
انظر: كشف الأسرار 1/ 119، 120، وانظر نسبة هذا القول للكعبي في المصادر الأصولية السابقة.
(3)
انظر دليل الجمهور في: المصادر الأصولية السابقة.
(4)
في ز: "فواجب".
(5)
انظر: تيسير التحرير 2/ 226، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب 2/ 6.
ثواب ولا عقاب.
واعترض: بما إذا تلبس بمحرم عند تركه فإنه يستحق العقاب.
فلأجل هذا زيد في هذا الحد من حيث هو ترك له كما تقدم في الندب والمكروه] (1).
قوله: (تنبيه: ليس كل واجب يثاب على فعله، ولا كل محرم يثاب على تركه).
ش: هذا هو المطلب الرابع الذي ختم به الفصل.
ومعنى التنبيه (2): إيقاظ (3) من غفلة الوهم، وتقدير كلامه: هذا تنبيه على وهم.
وأتى المؤلف بهذا التنبيه؛ إشعارًا ببطلان قول من قال في حد الواجب: ما يذم (4) تاركه ويثاب فاعله، وبطلان قول من قال في حد المحرم: ما يذم فاعله ويثاب تاركه، وإلى بطلان قول من قال في حد الواجب (5): ما في فعله ثواب وفي تركه (6) عقاب، وفي حد المحرم (7): ما في تركه ثواب وفي فعله (8)
(1) المثبت بين المعقوفتين من ز، ولم يرد في الأصل وط.
(2)
قال ابن منظور في لسان العرب: نبهه من الغفلة فانتبه، وتنبه أيقظه، فصل النون حرف الهاء مادة (نبه).
(3)
في ط: "إيقاض".
(4)
"ما يذم" ساقطة من ط.
(5)
في ز: "الندب".
(6)
في ز: "وليس في تركه".
(7)
في ز: "المكروه".
(8)
في ز: "وليس في فعله".
عقاب، أن في الواجب ما لا يثاب فاعله، وفي المحرم ما لا يثاب تاركه، فإن الحد غير جامع في الأمرين.
قوله: (ليس (1) كل واجب يثاب على فعله، ولا كل محرم يثاب على تركه) يعني: بل يثاب على [فعل](2) بعض الواجب، ويثاب على ترك بعض المحرم؛ لأن (3) قوله (4):"ليس كل" جزئية سالبة، يدل بالمطابقة على سلب الحكم عن الكل بما هو كل (5)، ويدل بالالتزام على سلب الحكم عن البعض.
قوله: (أما الأول فكنفقات الزوجات، والأقارب، والدواب، ورد المغصوب (6)، والودائع، والديون، والعواري (7) فإِنها واجبة، فإِذا (8) فعلها الإِنسان غافلاً عن امتثال أمر الله تعالى فيها: وقعت (9) واجبة مجزئة مبرئة للذمة ولا يثاب) (10).
ش: هذه الجملة بيّن فيها المؤلف قوله: (ليس كل واجب يثاب على فعله) فإن هذه الأمور السبعة إذا فعلها الإنسان ولم ينو فيها امتثال الأمر فلا يثاب على فعله، مع أن هذا واجب، وإنما لا يثاب لعدم القصد إلى الامتثال،
(1) في ط: "وليس".
(2)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(3)
في ط: "ولأن".
(4)
"قوله" ساقطة من ز.
(5)
"كل" ساقطة من ز.
(6)
في أوخ من المتن "الغصوب"، وفي ز:"الغصوبات".
(7)
"العواري" ساقطة من أ.
(8)
في أوخ: "وإذا".
(9)
"وقعت" ساقطة من ط.
(10)
في خ وش: "ولا ثواب".
أي: لعدم القصد والنية لطاعة (1) الله تعالى (2)، وإنما تجزئه وتبرئ ذمته مع عدم النية؛ لأنها لا تفتقر إلى النية، [وإنما لا تفتقر إلى النية](3)؛ لأن مصلحتها تحصل (4) بحصول صورتها، وهي إيصال الحق إلى مستحقه، فإن هذه الأمور أغراض دنيوية ليس فيها شائبة التعبد.
قوله: (غافلاً عن امتثال أمر الله تعالى (5)) أي: غير قاصد إلى امتثال الأمر، بل لو (6) لم يشعر بوجوبها عليه كبعض العوام والأجلاف (7): فإنها (8) مجزئة مبرئة (9) أيضًا مع عدم الشعور بالوجوب.
قوله: (وأما الثاني فلأن المحرمات يخرج الإِنسان عن عهدتها بمجرد (10) تركها وإِن لم يشعر بها، فضلاً عن القصد إِليها، حتى ينوي امتثال أمر الله تعالى فيها (11) فلا ثواب (12) حينئذ).
هذه الجملة بيّن فيها (13) قوله: (ولا كل محرم يثاب على تركه)؛ وذلك
(1) في ز: "إلى طاعة".
(2)
"تعالى" لم ترد في ط.
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(4)
في ز: "تحصلت".
(5)
"تعالى" لم ترد في ط.
(6)
"لو" ساقطة من ز.
(7)
في ط: "ولا خلاف".
(8)
في ط: "في أنها".
(9)
"مبرئة" ساقطة من ز.
(10)
في نسخة أوخ من المتن: "لمجرد".
(11)
"فيها" ساقطة من ز.
(12)
في نسخة أ، ط:"فلا يثاب".
(13)
في ط: "بيّن المؤلف فيها"، وفي ز:"بيّن فيها المؤلف".
أن سائر المحرمات كالزنا والخمر والقذف وغيرها يخرج الإنسان عن عهدتها؛ أي (1): عن المطالبة بها بمجرد تركها (2)، وإن لم يعلم بها [أي: وإن لم تقع (3) في عقله في حين تركها.
وإنما قلنا: يخرج الإنسان من عهدتها بمجرد تركها وإن لم يعلم بها] (4)؛ لأن المطلوب من المحرمات حاصل، وهو: تركها.
وقوله: (حتى ينوي امتثال أمر الله تعالى (5) فيها فلا ثواب (6) حينئذ) فيه تقديم وتأخير، تقديره: فلا ثواب (7) حينئذ حتى ينوي امتثال أمر الله [تعالى فيها، أي في تركها](8).
وقال بعضهم: ليس في الكلام تقديم وتأخير، بل الكلام مرتب، فقوله (9):(وإِن لم يشعر بها) فيه حذف مضاف تقديره: وإن لم يشعر بتحريمها فضلاً عن القصد إلى تركها حتى ينوي امتثال أمر الله تعالى (10)
(1)"أي" ساقطة من ط.
(2)
في ط: "بمجرد تركها عن المطالبة بها" فحصل تقديم وتأخير.
(3)
في ط: "يقع".
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(5)
"تعالى" لم ترد في ط.
(6)
في ط: "فلا يثاب".
(7)
في ط: "فلا يثاب".
(8)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(9)
في ز: "فقولهم".
(10)
"تعالى" لم ترد في ط.
فيها، فلا ثواب (1) حينئذ لانتفاء طاعة الله تعالى (2) بعدم الشعور بالتكليف.
فكلام المؤلف مرتب لا مقدم ولا (3) مؤخر؛ لأن مراده نفي القصد إلى الامتثال مع عدم الشعور با لإيجاب، والله أعلم (4).
قوله: (نعم (5) متى اقترن قصد الامتثال في الجميع حصل الثواب).
ش: اعلم أن نعم تأتي لثلاثة (6) معان:
إما لتصديق (7) مخبر.
وإما لإعلام مستخبر.
وإما لوعد طالب.
والمراد بها في كلام المؤلف: إعلام مستخبر؛ وذلك أن المؤلف قدر سائلاً (8) يقول له: فإذا قصد الإنسان امتثال أمر الله تعالى [في الجميع (9)، هل يحصل الثواب أم لا؟ فقال في الجواب: نعم، متى اقترن قصد الامتثال](10) في جميع الواجبات والمحرمات حصل الثواب.
(1) في ط: "فلا يثاب".
(2)
"تعالى" لم ترد في ط.
(3)
"ولا" ساقطة من ز، وفي ط:"مؤخر".
(4)
في ز: "والله الموفق للصواب".
(5)
في نسخة أ: "ثم".
(6)
في ز: "بثلاثة".
(7)
في ط: "التصديق".
(8)
"سائلاً" ساقطة من ط.
(9)
في ط: "ورد لفظ الجميع مقدمًا على امتثال".
(10)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
قال بعضهم: ولما كان الكلام السابق كالمورد ففحواه للسؤال تنزل ذلك (1) منزلة الواقع؛ ولذلك استأنف الكلام الثاني جوابًا لذلك السؤال فقطعه دون حرف العطف، ومنه قول الشاعر:
زعم العواذل أنني في غمرة
…
صدقوا ولكن غمرتي لا تنجلي (2)
وإنما لم يعطف صدقوا على زعم العواذل؛ لأنه حين (3) أبدل الشكاية بقوله: زعم العواذل أنني (4) في غمرة، كان ذلك مما يحرك السامع عادة ليسأل هل صدقوا في ذلك أم (5) كذبوا؟ وهذا يقال له: الفصل والوصف من علم المعاني، وهو ترك العطف بين الجمل التي لا موضع لها من الإعراب، وبالله التوفيق بمنه.
…
(1) في ط: "في ذلك".
(2)
لم أجد قائل هذا البيت.
"غمرة" غمرة الشيء: شدته.
الشاهد فيه: وقوع الجملة المستأنفة جوابًا للسؤال عن غير سبب مطلق أو خاص كأنه قيل: أصدقوا في هذا الزعم أم كذبوا؟ فقال: صدقوا، وفصله عما قبله لكونه استئنافًا.
ورد هذا البيت بدون نسبته لقائله في: معاهد التنصيص للعباسي 1/ 95، شرح شواهد المغني للسيوطي تحقيق الشنقيطي (2/ 800) رقم الشاهد 608.
(3)
"حين" ساقطة من ط.
(4)
في ز: "أني".
(5)
في ز: "أو".