الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع في الدلالة وأقسامها
(1)
الدلالة بكسر الدال وفتحها، معناها في اللغة: الإرشاد؛ لأنك (2) تقول: دل فلان فلانًا على كذا إذا أرشده إليه (3).
ومعنى الدلالة في الاصطلاح هي: الإرشاد إلى علم ما لم يعلم من الأحكام (4). واعلم أن الدلالة على أربعة أقسام (5):
(1) انظر هذا الفصل حول الدلالة وأقسامها في: المستصفى 1/ 30، الإحكام للآمدي 1/ 15، نهاية السول في شرح منهاج الأصول 2/ 30 - 35، الإبهاج في شرح المنهاج 1/ 203، وشرح التنقيح للمسطاسي، الفصل الرابع من الباب الأول ص 95، والتوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو القيرواني المطبوع بهامش شرح التنقيح للقرافي ص 20.
(2)
"لأنك" ساقطة من ز.
(3)
قال المعافري في كتاب الأفعال (3/ 295): دل ودللتك على الشيء دلالة، ودل الدليل بالفلاة: هدى.
(4)
وعرفها البناني في شرح السلم (ص 35) بأنها: فهم أمر من أمر كفهم معنى الذكر البالغ من لفظ الرجل، والأمر الأول في التعريف هو المدلول، والثاني هو الدال.
(5)
قسمها البناني في شرح السلم إلى لفظية، وغير لفظية، وكل منهما ينقسم إلى ثلاثة أقسام: وضعية، وعقلية، وطبيعية، فصارت ستة أقسام، ثم مثل لكل قسم.
انظر هذه الأقسام في: شرح البناني على السلم في المنطق (ص 38 - 40).
عقلية، وطبيعية (1)، وعادية، ووضعية.
فمثال العقلية: دلالة (2) اللفظ على وجود اللافظ وإن لم يشاهد، كما إذا سمعت كلامًا من وراء الجدار فإنك تعلم بعقلك أن اللافظ هنالك؛ لاستحالة وجود الفعل بدون الفاعل.
ومثال العقلية أيضًا: دلالة البرهان على النتيجة (3)، كقولنا: العالم متعير، وكل متغير حادث، فالنتيجة: العالم حادث.
ومثال الطبيعية (4): دلالة "أح" بالحاء المهملة على الوجع، وكذلك (5)"أخ" بالخاء المعجمة على داء الصدر.
ومثال العادية: دلالة الصياح على الخوف.
ومثال الوضعية: دلالة اللفظ على مسماه، كدلالة الإنسان على الحيوان الناطق، وكدلالة الأسد على الحيوان الذي يفترس، وكدلالة الفرس على الحيوان الذي يصهل، وغير ذلك من دلالة الأسماء على مسمياتها.
وهذه الدلالات (6) الأربع المذكورات لم يتعرض المؤلف منها إلا للدلالة (7) الوضعية خاصة، وهي: دلالة اللفظ على مسماه.
(1) في ز: "وطبعية".
(2)
في ط: "كدلالة".
(3)
في ط: "الشيء".
(4)
في ز: "الطبعية".
(5)
في ط: "ودلالة".
(6)
في ز: "وهذه الدلالة".
(7)
في ط: "إلا لدلالة".
و (1) قوله: (في الدلالة) فيه حذف الصفة، تقديره: في الدلالة الوضعية، أي: في بيان أو حقيقة الدلالة الوضعية.
و (2) قوله: (وأقسامها)، يعنى تجميلاً وتفصيلاً؛ لأن المؤلف قسم الدلالة بالنسبة إلى التجميل إلى قسمين:
أحدهما: دلالة اللفظ.
والثاني: هو الدلالة باللفظ.
وقسم أيضًا الدلالة بالنسبة إلى التفصيل إلى (3): خمسة أقسام.
لأنه قسم دلالة اللفظ إلى ثلاثة أقسام (4) وهي: المطابقة، والتضمن، والالتزام.
وقسم الدلالة باللفظ إلى قسمين وهما: الحقيقة، والمجاز.
كما سيأتي بيان (5) جميع ذلك مع حروف الكتاب [إن شاء الله تعالى (6)](7).
فإذا تقرر (8) هذا فاعلم أن هذا الفصل يحتوي على ثلاثة مطالب:
(1)"الواو" ساقطة من ط.
(2)
"الواو" ساقطة من ط.
(3)
"إلى" ساقطة من ز.
(4)
"أقسام" ساقطة من ز.
(5)
المثبت من ز ولم ترد "بيان" في الأصل وط.
(6)
"تعالى" لم ترد في ط.
(7)
ما بين المعقوفتين لم يرد في ز.
وانظر: (1/ 213، 223) من هذا الكتاب.
(8)
في ط: "تقدر".
الأول: في دلالة اللفظ.
والثاني: في الدلالة باللفظ.
والثالث: في الفرق (1) بين الدلالتين.
فقوله: (فدلالة (2) اللفظ: فهم السامع من كلام المتكلم كمال المسمى، أو جزءه أو لازمه).
هذا حقيقة دلالة اللفظ الذي هو المطلب الأول، يعني أن معنى دلالة اللفظ: أن يفهم السامع من اللفظ جميع المعنى الذي وضع له ذلك اللفظ، أو يفهم من اللفظ جزءًا من أجزاء (3) المعنى الذي وضع (4) له ذلك (5) اللفظ، أو يفهم من اللفظ معنى آخر لازمًا للمعنى الذي وضع له ذلك اللفظ.
قوله: (كمال المسمى أو جزءه أو لازمه).
تقديره: فهم السامع من كلام المتكلم جميع أجزاء المسمى، أو فهم السامع (6) جزءًا من أجزاء المسمى، أو فهم السامع من كلام المتكلم أمرًا خارجًا من (7) المسمى لازمًا للمسمى، فهذه ثلاثة (8) مفهومات.
(1) في ز: "بالفرق".
(2)
في ط: "بدلالة".
(3)
في ز: "جزء ذلك المعنى".
(4)
في ط: "وقع".
(5)
"ذلك" ساقطة من ز.
(6)
في ز وط: "أو فهم السامع من كلام المتكلم".
(7)
في ط: "عن".
(8)
في ط: "ثلاث".
و (1) مثال ذلك: لفظ (2) الإنسان، فإذا فهم منه مجموع الحياة والنطق فهو: كمال مسماه، وإذا فهم منه الحياة دون النطق أو فهم منه النطق دون الحياة فهو: جزء مسماه، وإذا فهم منه قبوله للكتابة، أو قبوله للضحك فهو: لازم مسماه.
ومثال ذلك أيضًا: لفظ الأسد، إذا فهم منه مجموع الحياة والافتراس فهو: كمال مسماه، وإن (3) فهم منه أحدهما خاصة فهو: جزء مسماه، وإن فهم منه الشجاعة فهو: لازم مسماه.
ومثال ذلك أيضًا: لفظ الفرس، فإن فهم منه (4) مجموع الحياة والصهولية (5) فهو: كمال المسمى، وإن فهم منه أحدهما خاصة فهو: جزء مسماه، وإن فهم منه سرعة الجري فهو: لازم مسماه.
قوله: (فدلالة اللفظ فهم السامع من كلام المتكلم كمال المسمى أو جزءه أو لازمه).
هذا حقيقة دلالة اللفظ على قول.
(1)"الواو" ساقطة من ط.
(2)
"لفظ" ساقطة من ط.
(3)
في ط: "وإذا".
(4)
"منه" ساقطة من ط.
(5)
في ز وط: "والصهولة".
وقيل: حقيقتها كون اللفظ بحيث (1) إذا أطلق دل.
وهذان القولان ذكرهما ابن سيناء (2).
حجة القول الأول: أن اللفظ (3) إذا حصل منه فهم السامع قيل: هو لفظ دال، وإن لم يحصل منه فهم السامع قيل: هو لفظ لم يدل، فدار إطلاق لفظ الدلالة مع الفهم وجودًا وعدمًا، فيقتضي ذلك: أن الفهم هو: مسمى الدلالة، كدوران لفظ الإنسان مع الحيوان الناطق، وسائر الأسماء مع مسمياتها (4).
وحجة القول الثاني: أن الدلالة صفة للفظ؛ لأنك تقول: لفظ دال،
(1)"بحيث" ساقطة من ز.
(2)
يقول ابن سينا موضحًا دلالة اللفظ: ومعنى دلالة اللفظ هو أن يكون اللفظ اسمًا لذلك المعنى على سبيل القصد الأول، فإن كان هناك معنى آخر يقارن ذلك المعنى مقارنة من خارج يشعر الذهن به مع شعوره بذلك المعنى الأول، فليس اللفظ دال عليه بالقصد الأول.
انظر: الشفاء لابن سيناء "المنطق" ص 43.
ونسب هذين القولين لابن سيناء، المسطاسي في شرح تنقيح الفصول في الفصل الرابع من الباب الأول ص 95.
وابن سينا هو: الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا، ولد سنة سبعين وثلاثمائة، اشتهر بالفلسفة، وأنكر عليه بعض العلماء شيئًا من أفكاره، وحكي أنه تاب في آخر عمره، توفي سنة (428 هـ).
انظر ترجمته في: وفيات الأعيان (2/ 157)، خزانة الأدب 4/ 466.
(3)
في ط: "القول".
(4)
انظر حجة هذا القول في شرح التنقيح للقرافي ص 23، شرح التنقيح للمسطاسي ص 95.
والفهم: هو صفة للسامع (1) لا للفظ، فيقتضي ذلك: ألا تفسر الدلالة بفهم السامع (2). واعترض كل واحد من القولين:
أما الأول: فقد اعترض عليه بأن قيل: الدلالة صفة للفظ؛ لأنك تقول: لفظ دال، والفهم صفة للسامع (3)، فأين أحدهما من الآخر؟
وأما القول الثاني: فقد اعترض عليه بأن قيل: فيه تسمية الشيء بما هو قابل له، وذلك مجاز، والحقيقة أولى من المجاز.
وذكر (4) المؤلف في الشرح هذين القولين، وذكر الاعتراضين (5)، فلما تخيل له الاعتراض عليهما (6) رجع إلى قول آخر، فقال: والذي أختاره أن دلالة اللفظ إفهام السامع لا فهم (7) السامع، فيسلم من المجاز، ومن كون صفة الشيء في غيره. انتهى (8).
واعترض بعضهم هذا القول الثالث الذي اختاره المؤلف بأن قال: قوله: (دلالة اللفظ إِفهام السامع لا فهم السامع)، يقتضي ذلك: أنه لا فرق بين دلالة اللفظ والدلالة باللفظ؛ لأن إفهام السامع هو صفة للمتكلم كما كان ذلك في حقيقة الدلالة باللفظ (9).
(1) في ز: "السامع".
(2)
انظر حجة هذا القول في المصدرين السابقين.
(3)
في ز: "لسامع".
(4)
في ز: "وكذلك قال".
(5)
انظر: شرح تنقيح الفصول ص 23.
(6)
"عليهما" ساقطة من ط.
(7)
"لا فهم" ساقطة من ط.
(8)
انظر: المصدر السابق ص 23.
(9)
انظر: شرح التنقيح للمسطاسي، الفصل الرابع من الباب الأول ص 95.
قال بعضهم: الأولى من هذه الأقوال الثلاثة المذكورة في حقيقة دلالة اللفظ: هو القول الأول الذي هو: فهم السامع
…
إلى آخره.
والجواب عن الاعتراض عليه بتفسيره بصفة الشيء في غيره: أن صفة (1) الشيء في غيره لا يضره ذلك، والدليل على ذلك: أن الدلالة بمنزلة الصناعة كالنجارة، والخياطة، والصياغة، ونحوها، بجامع الفعالة بكسر الفاء، فكما يقال للناجر: ناجر، مع أن النجارة في الخشب، ويقالَ للخائط (2): خائط، مع أن الخياطة في الثوب، ويقال للصائغ: صائغ، مع أن الصياغة في المصوغ، فكذلك يقال للفظ: دال، مع أن (3) الدلالة في السامع (4).
وقال بعضهم: لا يصح أن يكون هذا صفة الشيء في غيره؛ وذلك أن فهم السامع هو أثر الصفة، لا أنه نفس الصفة، فالدلالة صفة للفظ، ولكن أثرها في السامع، كما أن النجارة، والخياطة، والصياغة في الفاعل الذي هو: الناجر (5)، أو الخائط (6)، أو الصائغ (7)، ولكن أثر هذه المعاني ظاهر في المفعول الذي هو: الخشب أو الثوب أو المصوغ (8).
وأما هذه المعاني التي هي النجارة، والخياطة، والصياغة، فهي أعراض
(1) في ز وط: "أن كون صفة".
(2)
في ز: "للخياط".
(3)
في ط: "على أن".
(4)
ذكر هذا الجواب بمعناه القرافي في شرح التنقيح ص 23، وانظر: شرح التنقيح للمسطاسي ص 95.
(5)
في ط: "النجار".
(6)
في ز: "النجار والخياط".
(7)
في ز: "والصائغ".
(8)
في ط: "والمصوغ".
فانية من ساعتها؛ لأن (1) العرض لا يبقى زمانين، والذي تراه في المفعول هو أثرها لا عينها (2).
قوله: (ولها ثلاثة أنواع: دلالة المطابقة وهي: فهم السامع من كلام المتكلم كمال المسمى، ودلالة التضمن وهي: فهم السامع من كلام المتكلم جزء المسمى، ودلالة الالتزام وهي: فهم السامع من كلام المتكلم لازم المسمى البين، وهو: اللازم في (3) الذهن).
ش: ذكر في هذا الكلام انقسام دلالة اللفظ إلى ثلاثة أقسام.
وهي التي ذكرها بالتجميل (4) في حدها، وأتى بهذا (5) الكلام ليبين فيه (6) أسماء تلك الأقسام، فسمي فهم كمال (7) المسمى: بدلالة المطابقة، لمطابقة (8) اللفظ معناه وسمي فهم الجزء من المسمى: بدلالة التضمن؛ لأن فهم الجزء يتضمن (9) فهم الكل (10)، وسمي فهم اللازم: بدلالة الالتزام؛ لأن اللازم
(1) في ط: "فإن".
(2)
انظر: المصدرين السابقين.
(3)
في ش: "له في الذهن".
(4)
في ط: "في التجميل".
(5)
في ز: "في هذا".
(6)
في ز: "به".
(7)
في ط: "كلام" وهو تصحيف.
(8)
"المطابقة" ساقطة من ط.
(9)
في ز: "يتضمنه".
(10)
سمي فهم الجزء من المسمى بدلالة التضمن لدلالة اللفظ على جزء المعنى الذي وضع له أي من حيث إنه جزء.
يستلزمه الملزوم (1).
قوله: (ولها ثلاثة أنواع).
ش: والدليل على حصر دلالة اللفظ في هذه الثلاثة: أن مدلول اللفظ إن كان نفس ما وضع له كان مدلولاً عليه بالمطابقة، وإن كان جزءًا مما (2) وضع له كان مدلولاً عليه بالتضمن، وإن (3) كان أمرًا لازمًا لما وضع له كان مدلولاً عليه بالالتزام.
واعلم أن دلالة المطابقة هي وضعية باتفاق.
وأما دلالة التضمن ودلالة الالتزام ففيهما ثلاثة أقوال:
قيل: هما وضعيتان.
وقيل: هما عقليتان.
وقيل: دلالة التضمن وضعية، ودلالة الالتزام عقلية (4).
وإنما كانت دلالة المطابقة وضعية باتفاق؛ لأنها لم تتوقف (5) إلا على مقدمة واحدة وضعية، وهي قولنا: كلما أطلق اللفظ فهم مسماه.
= مثالها: دلالة لفظ الأربعة على الواحد ربعها، ودلالة لفظ الإنسان على الحيوان فقط، أو على الناطق فقط. اهـ. لأن فهم الجزء يتضمن فهم الكل كما قال المؤلف.
انظر: شرح البناني على السلم ص 44.
(1)
في ط: "فهم الملزوم".
(2)
في ز وط: "لما".
(3)
في ط: "فإن".
(4)
ذكر هذه الأقوال المسطاسي في شرح التنقيح في الفصل الرابع من الباب الأول ص 96.
(5)
في ط: "لم يتوقف".
وإنما وقع الخلاف في دلالتي (1) التضمن والالتزام؛ لأن كل واحدة (2) منهما متوقفة على مقدمتين (3): وضعية، وعقلية.
فالوضعية: قولنا (4): كلما أطلق اللفظ: فهم مسماه.
والعقلية: هي قولنا: وكلما فهم المسمى (5): فهم لازمه (6).
فمن غلب المقدمة الأولى في الدلالتين قال: هما وضعيتان.
ومن غلب فيهما (7) المقدمة الثانية قال: هما عقليتان.
ومن قال: دلالة التضمن وضعية، ودلالة الالتزام عقلية قال: لأن الدلالة على جزء الشيء كالدلالة على الشيء؛ لأن الجزء داخل في المسمى، بخلاف اللازم فإنه خارج عن المسمى.
وقال بعضهم: حجة القول بأنهما وضعيتان: لأنهما (8) تفهمان بواسطة اللفظ.
(1) في ز: "دلالة".
(2)
في ط: "واحد".
(3)
في ز: "على مقدمتين: إحداهما وضعية والأخرى عقلية، وبيان ذلك أن دلالة التضمن متوقفة على مقدمتين وضعية وعقلية .. إلخ".
(4)
في ز وط: "هي قولنا".
(5)
في ز: "مسماه".
(6)
في ط: "فهم جزؤه، وتقول في دلالة الالتزام أيضًا متوقفة على مقدمتين: وضعية وعقلية، فالوضعية هي قولنا: كلما أطلق اللفظ فهم مسماه، والعقلية هي قولنا: وكلما فهم المسمى فهم لازمه".
(7)
"فيهما" ساقطة من ط.
(8)
في ز: "أنهما".
وحجة القول بأنهما عقليتان: لأن (1) اللفظ لم يوضع لهما.
وحجة القول بالتفصيل: لأن (2) جزء المسمى داخل في المسمى، ولازم المسمى خارج عن المسمى (3).
قوله: (في دلالة الالتزام لازم المسمى: البين).
قوله (4): (البين) نعت (للازم)(5) أي: اللازم البين (6) أي: القريب للفهم وهو اللازم الذي لا يحصل ملزومه في الذهن إلا وهو حاصل معه.
وسبب اشتراط اللزوم في الذهن: أن اللفظ إذا استلزم مسماه (لازمه)(7) في الذهن كان حضور ذلك اللازم في الذهن منسوبًا لذلك اللفظ، فيقال: اللفظ دل عليه (8) بالالتزام، وأما إذا لم يستلزم (9) مسمى اللفظ ذلك اللازم في الذهن كان حضور ذلك اللازم منسوبًا لسبب (10) آخر [لا للفظ، فلا
(1) في ز: "أن".
(2)
في ز: "أن".
(3)
انظر: شرح التنقيح للمسطاسي ص 96، وكذلك شرح سعيد قدوره على السلم في المنطق، فقد ذكر هذا الخلاف في دلالة التضمن والالتزام، وأنه خلاف لفظي لا طائل تحته.
انظر: شرح البناني على السلم ص 45، 46.
(4)
"قوله" ساقطة من ز.
(5)
المثبت من ط، وفي الأصل وز:"لازم".
(6)
"البين" ساقطة من ط.
(7)
المثبت من ز، وفي الأصل:"لازمًا"، وفي ط:"لازم".
(8)
في ز: "دلالة اللفظ عليه"، وفي ط:"دل اللفظ عليه".
(9)
في ط: "يلتزم".
(10)
في ط: "بالسبب".
يقال] (1): دل عليه اللفظ.
[وقوله: (اللازم البين)](2) فسره المؤلف بقوله: و (3) هو اللازم في الذهن، بالذال المعجمة هو العقل: احترازًا من اللازم غير البين، وهو اللازم في الخارج دون الذهن.
ويظهر لك بالمثال (4) الذي ذكره المؤلف:
وذلك أن (5) المؤلف ذكر في الشرح أن الحقائق بالنسبة إلى الملازمة (6) على أربعة أقسام.
أحدها (7): المتلازمان في الذهن والخارج (8)، كالسرير مع الارتفاع؛ لأنه لا يتصور السرير في الذهن، ولا يوجد أيضًا في الخارج، إلا مع الارتفاع.
والثاني: غير المتلازمين في الذهن والخارج، كالسرير مع زيد، فإن السرير يتصور في الذهن دون تصور زيد؛ وكذلك في الخارج؛ لأنه يوجد السرير بدون زيد، إذ لا ملازمة بينهما.
(1) المثبت من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(2)
المثبت من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(3)
"الواو" ساقطة من ز.
(4)
في ط: "في المثال".
(5)
المثبت من ز، ولم ترد:"أن" في الأصل.
(6)
في ز: "إلى الملازمة وعدمه"، وفي ط:"إلى الملازمة وعدمها".
(7)
في ط: "أحدهما".
(8)
ومثال أيضًا اللازم في الذهن والخارج: الزوجية المدلول عليها بلفظ الأربعة، والفردية المدلول عليها بلفظ ثلاثة، فالأربعة لا توجد في الذهن وفي الخارج إلا وهي زوج، وكذلك الثلاثة لا توجد في الذهن والخارج إلا وهي فرد، ويسمى اللازم المطلق، أي لم يقيد بذهن ولا خارج.
انظر: شرح البناني على السلم وحواشيه ص 46.
والثالث: المتلازمان في الذهن دون الخارج (1)، كالسرير مع زيد (2) بقيد (3) كونه نجار السرير.
الرابع (4): المتلازمان في الخارج دون الذهن، كالسرير مع المكان، فإن السرير لا يوجد في الخارج إلا مع المكان، وأما في الذهن فلا يلزمه؛ لأنه قد يتصور السرير ويذهل (5) عن المكان (6).
فقوله (7): (اللازم في الذهن) يندرج فيه قسمان، ويخرج عنه قسمان:
فالمندرجان: هما المتلازمان ذهنًا وخاراجًا، والمتلازمان ذهنًا دون خارج.
والخارجان: غير المتلازمين ذهنًا وخارخًا، والمتلازمان خارجًا دون ذهن، فالمعتبر إذًا هو: اللازم ذهنًا وافقه الخارج أم لا.
قوله: (فالأول: كفهم مجموع الخمستين هن لفظ العشرة، والثاني:
(1) ومثال أيضًا اللازم في الذهن فقط: البصر للعمى، فإنه لا يمكن أن يتصور العمى في الذهن ولا يتصور معه البصر، وهما في الخارج متنافيان.
انظر المصدر السابق.
(2)
في ز: "كالسرير إذا أخذ زيد معه".
(3)
في ط: "تقيد".
(4)
في ز وط: "والرابع".
(5)
المثبت من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(6)
انظر أقسام الحقائق بالنسبة للملازمة وأمثلتها في: شرح التنقيح للقرافي ص 24.
(7)
في ط: "قوله".
كفهم الخمسة وحدها من اللفظ، والثالث: كفهم الزوجية (1) من اللفظ).
ش: قوله: (فالأول)(2)، أي: النوع الأول، وهو دلالة المطابقة.
مثاله: فهم السامع من لفظ العشرة مجموع خمسة وخمسة؛ لأن مجموعهما موضوع العشرة (3).
وقوله: (والثاني) أي: ومثال النوع الثاني، وهو: دلالة التضمن: فهم السامع من لفظ العشرة خمسة واحدة؛ لأن الخمسة الواحدة جزء العشرة (4).
وقوله: (والثالث)، أي: ومثال النوع الثالث، وهو دلالة الالتزام: فهم السامع من لفظ العشرة الزوجية؛ لأن الزوجية أمر لازم للعشرة.
واعترض قوله: (الخمستين) بأن قيل: هذه التثنية لحن؛ لأنه لا يثنى من أسماء (5) العدد إلا المائة والألف.
أجيب: بأن المؤلف لم يقصد بالخمستين التعبير عن لفظ العشرة الزوجية (6) وإنما مقصوده أن خمسة وخمسة (7) جزءان تركب (8) منهما مسمى العشرة، كما تركب مسمى الإنسان من الحيوان والناطق، ففهم مجموع
(1) في ط: "لزوجية".
(2)
المثبت بين القوسين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(3)
في ط: "للعشرة".
(4)
في ط: "العشر".
(5)
"أسماء" ساقطة من ط.
(6)
"الزوجية" ساقطة من ط.
(7)
في ز: "أن الخمسة والخمسة".
(8)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"مركب".
خمسة وخمسة من لفظ العشرة كفهم مجموع الحيوان والناطق (1) من لفظ الإنسان، ولما اتفق جزءا العشرة اللذان (2) هما خمسة وخمسة في اللفظ والمعنى: ثناهما المؤلف رحمه الله.
والدليل على ذلك قول المؤلف رحمه الله (3) - في الشرح: الجزء ما تركب منه ومن غيره كل كالخمسة مع العشرة (4).
ولو أراد المؤلف التعبير بذلك عن لفظ العشرة (5) لقال: خمسة وخمسة كما قال الشاعر:
أقمت بها يومًا ويومًا وثالثًا
…
ويومًا له يوم الترحل خامس (6)
قوله: (فالأول كفهم مجموع الخمستين من لفظ العشرة) إلى آخره.
مثل المؤلف رحمه الله (7) الدلالات (8) الثلاث ها هنا بلفظ العشرة.
(1) المثبت من ز وط، وفي الأصل:"الناطق".
(2)
"اللذان" ساقطة من ز.
(3)
"رحمه الله" لم ترد في ز.
(4)
شرح التنقيح للقرافي ص 28.
(5)
"العشرة" ساقطة من ز.
(6)
قائل هذا البيت هو: أبو نواس الحسن بن هانئ في قصيدة له بعنوان دار ندامى معطلة، ومطلعها:
ودار ندامى عطلوها وأدلجوا
…
بها أثر منهم جديد ودارس
إلى أن قال:
أقمنا بها يومًا ويومًا وثالثًا
…
ويومًا له يوم الترحل خامس
انظر: ديوان أبي نواس (ص 361)، المقرب لابن عصفور (2/ 49).
(7)
"رحمه الله" لم ترد في ز وط.
(8)
في ز: "الدلالة".
ومثاله أيضًا: لفظ السقف، فإنه (1) موضوع للجسم الكثيف المركب من الخشب والقصب والتراب، فدلالة (2) السقف على مجموع الخشب والقصب والتراب: دلالة مطابقة، ودلالته على بعضها: دلالة تضمن، ودلالته على الارتفاع (3) عن الأرض: دلالة التزام (4)، وكذلك دلالة السقف على الجدار هي (5): دلالة التزام (6)؛ لأن ذلك أمر لازم للسقف (7)(8).
[قوله: (ولها ثلاثة أنواع: المطابقة، والتضمن، والالتزام).
حصر المؤلف دلالة اللفظ الوضعية في هذه الثلاثة، مع أن هناك دلالة رابعة وليست بواحدة من هذه الثلاثة، وهي: دلالة العموم على فرد (9) من أفراده، كدلالة المشركين (10) على زيد الكافر، فإنه يدل عليه اللفظ بالوضع وليس (11) بالمطابقة؛ لأن زيدًا ليس كمال المسمى، وليست بالتضمن؛ لأن
(1) في ز وط: "فهو".
(2)
في ط: "مدلولات".
(3)
في ط: "ارتفاع".
(4)
في ز: "الالتزام".
(5)
في ز: "وهى".
(6)
في ط: "الالتزام".
(7)
في ز: "في السقف".
(8)
في ط: "أمر لازم للسقف وكذلك الجدار على الأس، والأس على الأرض إلى غير ذلك".
وقد ذكر هذه الأمثلة القرافي في شرح التنقيح ص 25، والمسطاسي في شرح التنقيح ص 96.
(9)
في ط: "فرد معين".
(10)
في ط: "لفظ المشتركين".
(11)
في ط: "وليست".
زيدًا ليس جزء المسمى؛ لأن الجزء إنما يقابله الكل ومسمى العموم كلية لا كل، والذي يقابل الكلية هو: الجزئية (1) وليست أيضًا بالالتزام؛ لأن هذا الفرد الذي هو زيد إن كان لازمًا لزم أن يكون كل فرد لازمًا (2)، فأين (3) المسمى الذي هو الملزوم حينئذ؟
فبطلت (4) الدلالات (5) الثلاث (6) مع أن الصيغة (7) تدل بالوضع فما انحصرت دلالات الوضع في الثلاث، هكذا في شرح المؤلف (8).
وهو الظاهر، فلم تنحصر دلالة اللفظ إذن في الثلاثة المذكورة.
قال المؤلف في الشرح: هذا سؤال صعب وقد أوردته في شرح المحصول، وأجبت عنه بشيء (9)، وفي النفس منه شيء (10).
والجواب المشار إليه أن لفظ العموم هو (11): موضوع للقدر المشترك بقيد تتبعه في جميع الأفراد، وقيد التتبع في الكل جزء (12) التتبع في البعض،
(1) في ط: "الجزئية للجزاء".
(2)
"لازمًا" ساقطة من ط.
(3)
في ز: "فإن".
(4)
في ط: "فقد بطلت".
(5)
في ط: "الدلالة".
(6)
في ط: "الثلاثة".
(7)
في ط: "صيغة العموم تدل على كل فرد من أفراد العموم بالوضع، فلم تنحصر دلالة اللفظ
…
إلخ".
(8)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 26.
(9)
في شرح التنقيح: "بشيء فيه نَكَادَه".
(10)
انظر: المصدر السابق ص 26.
(11)
"هو" ساقطة من ط.
(12)
في ط: "جزؤه".
والتضمن أيضًا إنما هو باعتبار جزء هذا الجزء لا باعتبار جزء المسمى (1)] (2).
قوله: (والدلالة باللفظ هي (3): استعمال اللفظ إِما (4) في موضوعه (5) وهو (6): الحقيقة، أو في غير موضوعه لعلاقة بينهما (7) وهو: المجاز).
ش: هذا هو المطلب الثاني من المطالب الثلاثة (8) التي اشتمل هذا الفصل عليها، وهو: بيان الدلالة باللفظ.
قوله: (والدلالة باللفظ):
قال المؤلف في الشرح: الباء في قوله: (باللفظ) للاستعانة؛ لأن المتكلم يستعين بنطقه على إفهام السامع ما في نفسه، كالباء في: كتبت بالقلم، ونجرت بالقدّوم، انتهى (9).
[يعني: أن معنى الدلالة باللفظ هو: أن يدلك المخاطب باللفظ الذي تكلم به على أنه استعمله في حقيقته أو مجازه، ولما لم يكن له طريق إلى تعريفك مراده إلا بواسطة اللفظ، كانت الباء في قوله باللفظ للاستعانة](10).
(1) انظر هذا الجواب في: نفائس الأصول تحقيق عادل عبد الموجود 2/ 553.
(2)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(3)
في ز: "هو".
(4)
"إما" ساقطة من ز.
(5)
في ط: "موضعه".
(6)
في أ: "وهي".
(7)
"العلاقة بينهما" ساقطة من أوش.
(8)
في ز: "الثلاث".
(9)
شرح التنقيح للقرافي ص 26.
(10)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز وط.
تقدير كلامه: وحقيقة الدلالة باللفظ هي (1): استعمال اللفظ إما في موضوعه، أي: في مسماه الذي وضع له في اللغة، وهو: الحقيقة، أي (2): وهو الاستعمال الحقيقي.
وأما استعماله في غير مسماه الذي وضع له في اللغة وهو المجاز، بشرط ثبوت العلاقة بين الموضوع الأول وغيره، وهو الاستعمال المجازي.
قال المؤلف في الشرح: قولي: أو في غير موضوعه وهو المجاز، يتعين أن يزاد فيه: لعلاقة بينهما، فإن بدونها لا (3) مجاز يعني: إن (4) لم تكن علاقة فهو نقل لا مجاز. انتهى (5).
[قوله: (لعلاقة بينهما)، أي لمشابهة بين المعنيين، وفي كلامه حذف صفة تقديره: لعلاقة معتبرة؛ إذ ليس كل علاقة معتبرة، كما سيأتي بيانه في الفصل السابع في الفرق بين الحقيقة والمجاز (6).
قوله] (7): [(استعمال اللفظ
…
) إلى آخره.
مثال ذلك: لفظ الأسد فإن أريد به الحيوان المفترس فذلك: حقيقة وضعه، وإن أريد به الرجل الشجاع فذلك: مجاز، والعلاقة بينهما ظاهرة
(1) في ز: "هو".
(2)
"أي" ساقطة من ط.
(3)
"لا" ساقطة من ط.
(4)
في ز وط: "أنه إن لم".
(5)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 26.
(6)
انظر: (1/ 401) من هذا الكتاب.
(7)
المثبت بين المعقوفتين من ز، ولم يرد في الأصل وط.
وهي: الشجاعة] (1).
قوله: (والدلالة باللفظ هي: استعمال اللفظ إِما في موضوعه، وهو: الحقيقة، أو في غير موضوعه لعلاقة بينهما وهو: المجاز).
هذا التعريف الذي عرف به الدلالة باللفظ: [هو بعينه التعريف الذي عرف به الاستعمال في الفصل الثالث؛ لأنه قال فيه: والاستعمال: إطلاق اللفظ وإرادة عين مسماه بالحكم، وهو: الحقيقة، أو غير مسماه لعلاقة بينهما وهو: المجاز (2) فاقتضى ذلك أن الدلالة باللفظ](3) والاستعمال: حقيقة واحدة.
قوله: (والفرق بينهما: أن هذه صفة (4) للمتكلم (5)، وألفاظ قائمة باللسان وقصبة الرئة، وتلك صفة للسامع (6)، وعلم أو ظن قائم بالقلب (7)، ولهذه نوعان وهما: الحقيقة، والمجاز (8)، لا يعرضان لتلك، وأنواع تلك الدلالة (9) ثلاثة لا تعرض لهذه).
ش: هذا هو المطلب الثالث وهو بيان الفرق بين دلالة اللفظ والدلالة
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(2)
انظر: (1/ 193) من هذا الكتاب.
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(4)
في أ: "الصفة".
(5)
في ز: "المتكلم".
(6)
في خ: "السامع".
(7)
في ط: "بالقلم" وهو تصحيف.
(8)
في ز وط: "وهما المجاز والحقيقة".
(9)
"الدلالة" ساقطة من أوخ وش وز.
باللفظ.
فذكر المؤلف في الفرق بينهما (1) ثلاثة فروق:
أحدها: أن هذه - يعني الدلالة باللفظ -: صفة للمتكلم؛ لأنها استعمال المتكلم اللفظ (2)، وأما دلالة اللفظ فهو (3): صفة للسامع؛ لأنها فهم السامع من كلام المتكلم.
وإلى هذا الفرق أشار المؤلف بقوله: إن هذه صفة للمتكلم وتلك صفة للسامع.
الفرق (4) الثاني: أن الدلالة باللفظ هي: ألفاظ قائمة باللسان وقصبة الرئة، أي: عروق الرئة؛ لأنها استعمال اللسان.
وأما دلالة اللفظ فهي (5): علم أو ظن قائم بالقلب، فالدلالة باللفظ لفظية، ودلالة اللفظ اعتقادية.
وإلى هذا الفرق (6) أشار المؤلف بقوله: وألفاظ قائمة باللسان وقصبة الرئة، وعلم أو ظن قائم بالقلب.
(1)"بينهما" ساقطة من ط.
(2)
في ز وط: "للفظ".
(3)
في ز: "فهي".
(4)
في ط: "والفرق".
(5)
في ز: "فإنها".
(6)
"الفرق" ساقطة من ز.
وقوله: (وعلم أو ظن)(1) أي: وشك (2)، وإنما قال: وعلم (3) أو ظن؛ لأن الإنسان إذا سمع شيئًا فقد يقطع به وقد يظنه.
و (4) قوله: (وألفاظ قائمة باللسان، وقصبة الرئة) هذا إشارة إلى أن النطق أصله الرئة مع اللسان؛ لأن الصوت يحدث من الرئة ثم يقطعه اللسان في المخارج فتحدث (5) الحروف (6).
قال بعض العلماء: كل حيوان له رئة يصوت برئته، وكل حيوان له جناح يصوت بجناحه بتحريك الهواء بسرعة وخفة، كالنحل والجراد والزنبور، وكل حيوان لا رئة له ولا جناح فهو: أخرس كالسمك ونحوه.
قال علي بن أبي طالب (7) رضي الله عنه: الدماغ محل العقل، والكبد محل الضحك، والطحال محل الرحمة، والرئة محل الصوت (8).
[وقد روي عن المؤلف رضي الله عنه أنه أخبره من يوثق به أنه سمع هنا
(1) في ز: "وعلم أو ظن قائم بالقلب".
(2)
في ز: "أوشك".
(3)
"وعلم" ساقطة من ز.
(4)
"الواو" ساقطة من ط
(5)
في ز: "فيحدث".
(6)
انظر: مفتاح دار السعادة لابن قيم الجوزية ص 289.
(7)
"ابن أبي طالب" لم ترد في ط.
(8)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (2/ 3) عن عياض بن خليفة عن علي رضي الله عنه أنه سمعه بصفين يقول: إن العقل في القلب، والرحمة في الكبد، والرأفة في الطحال، والنفس في الرئة. الأدب المفرد المطبوع مع فضل الله الصمد، باب: العقل في القلب.
وذكره السيوطي بهذا اللفظ في اللآلئ المصنوعة في كتاب المبتدأ 1/ 97.
من رخام أحمر يتكلم ويقول في كلامه:
هاتان مدينتان (1) لشداد بن عاد، وقد صار إلى التراب، من ذا (2) يبقي على الحدثان، وذلك أن ذلك الصنم مغطى كله في الرمال (3) إلى (4) رأسه، وفي رأسه (5) ووسطه ثقب (6)، فيخرج منها الريح خروجًا شديدًا، فإذا سدت تلك الثقبة بالإصبع انحصر فيها (7) الريح حتى يمتلئ جوفه بالريح، فإذا رفع الإصبع عن (8) الثقبة فجعل الريح يخرج وجعل الصنم يقول: هاتان مدينتان
…
إلخ فطول في الحدثان (9) حتى أفرغ (10) الريح من جوف الصنم فسكت] (11).
الفرق الثالث: أن أنواع كل واحدة من الدلالتين تختص بها ولا توجد في الدلالة الأخرى، وذلك أن أنواع الدلالة باللفظ وهي الحقيقة والمجاز لا توجد في دلالة اللفظ؛ إذ لا توصف دلالة اللفظ بالحقيقة ولا بالمجاز؛ لأن
(1) في ط: "مدينتان كانتا".
(2)
في ط: "من ذا الذي".
(3)
"في الرمال" ساقطة من ط.
(4)
في ط: "إلا".
(5)
"رأسه" ساقطة من ط.
(6)
في ط: "ثقبة".
(7)
في ط: "فيه".
(8)
في ط: "من".
(9)
في ط: "في الحدثان رأسه تطويل".
(10)
في ط: "فرغ".
(11)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
معناها عبارة عن كون اللفظ إذا سمع فهم معناه؛ إذ من شرط الحقيقة والمجاز إرادة الاستعمال في موضوعه، أو في غير موضوعه لعلاقة بينهما وذلك منتف في دلالة اللفظ، فلا توصف بالحقيقة ولا بالمجاز، وأنواع دلالة اللفظ التي هي المطابقة والتضمن والالتزام لا توجد أيضًا في الدلالة باللفظ.
وإلى هذا الفرق الثالث أشار (1) المؤلف بقوله: ولهذه (2) نوعان: وهما الحقيقة والمجاز
…
إلى آخره.
و (3) قوله: (لا يعرضان)، بكسر (4) الراء في المستقبل وفتحها في الماضي، نحو ضرب يضرب.
قال الهروي: يقال: عرض لي الشيء (5) وأعرض وتعرض واعترض بمعنى واحد (6).
قال المؤلف في الشرح: و (7) الفرق بين الدلالة باللفظ ودلالة اللفظ من مهمات مباحث الألفاظ، وقد بينت ها هنا الفرق بينهما من ثلاثة أوجه،
(1) في ط: "إشارة".
(2)
في ط: "ولهذا".
(3)
"الواو" ساقطة من ط.
(4)
في ز: "هو بكسر الراء".
(5)
في ط: "عرض لشيء".
(6)
انظر: نسبة هذا القول للهروي.
في كتاب: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 3/ 215 تحقيق طاهر الزاوي، ومحمود الطناحي.
(7)
"الواو" ساقطة من ز.
وذكرت في شرح المحصول خمسة عشر وجهًا (1)، وهذه الثلاثة تكفي في هذا المختصر. انتهى (2).
قال (3) بعضهم: بل ذكر المؤلف ها هنا أربعة فروق وهي: هذه الفروق الثلاثة المذكورة ها هنا، والفرق الرابع هو: الفرق بينهما بالحقيقة؛ لأن حقيقة كل واحدة من الدلالتين مخالفة لحقيقة الأخرى؛ لأن المؤلف بين حقيقة كل (4) واحدة منهما (5).
قوله: (والفرق بينهما: أن هذه صفة للمتكلم وألفاظ قائمة باللسان وقصبة الرئة، وتلك: صفة للسامع وعلم أو ظن قائم بالقلب).
ش: استعمل المؤلف رحمه الله في هذه الجملة المقابلة، وهي من أنواع (6) البديع، وهي من الفصاحة اللفظية.
قال صاحب المصباح (7): ومعنى المقابلة: أن تأتي في الكلام
(1) انظر هذه الأوجه في: نفائس الأصول تحقيق عادل عبد الموجود 2/ 566 - 568.
(2)
نقل المؤلف بالمعنى، انظر: شرح التنقيح ص 26.
(3)
في ز: "وقال".
(4)
"كل" ساقطة من ط.
(5)
نقل المؤلف بالمعنى، انظر: شرح التنقيح للمسطاسي، الفصل الرابع من الباب الأول ص 96.
(6)
في ز: "نوع".
(7)
صاحب المصباح هو: أبو عبد الله بدر الدين محمد بن محمد بن عبد الله بن مالك الطائي، وهو ابن الناظم، ولد بدمشق، ونشأ فيه، أخذ عن والده، وهو إمام في النحو والمعاني والبيان والبديع والعروض، توفي سنة (686 هـ)، من مصنفاته:
"المصباح في اختصار المفتاح" في المعاني والبيان، و"شرح ألفية والده"، و"شرح =
بجزئين (1) فصاعدًا، ثم تعطف على ذلك أضدادها أو شبه (2) أضدادها على الترتيب، وأقل المقابلة: مقابلة اثنين باثنين، وأكثرها: مقابلة خمسة بخمسة.
مثال (3) مقابلة اثنين باثنين: قوله تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} (4).
ومثال مقابلة ثلاثة بثلاثة قول الشاعر:
ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا
…
وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل (5)
ومثال مقابلة أربعة بأربعة قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8)
= لامية الأفعال"، و"مقدمة في العروض".
انظر ترجمته في: بغية الوعاة 1/ 225، مرآة الجنان 4/ 203، شذرات الذهب 5/ 398.
(1)
في ط: "بجزء".
(2)
في ط: "أو تثبته".
(3)
في ط: "ومثال".
(4)
سورة التوبة آية رقم 82.
(5)
ذكر هذا البيت عبد الرحيم العباسي في معاهد التنصيص شاهدًا للمقابلة وقال: إنه يعزى لأبي دلامة، ويحكى أن أبا جعفر المنصور سأل أبا دلامة عن أشعر بيت قالته العرب في المقابلة، فقال: بيت يلعب به الصبيان، قال: وما هو على ذلك؟ قال: قول الشاعر، وأنشده البيت.
وذكره ابن رشيق في العمدة في باب المقابلة، ولم ينسبه لقائله، غير أنه ذكر قصة أبي دلامة مع أبي جعفر المنصور.
انظر: معاهد التنصيص للعباسي 2/ 207، والعمدة 1/ 7.
وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (1)
قوله: استغنى (2)، أي: استغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الآخرة فلم يتق.
ومثال مقابلة خمسة بخمسة قول المتنبي (3):
أزورها وسواد الليل يشهد (4) لي
…
وأنْثَنِي وبياض الصبح يغري بي (5)
(1) سورة الليل، من الآية رقم (5) إلى الآية رقم (10).
(2)
في ط: "واستغنى".
(3)
هو أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكندي، الكوفي المعروف بالمتنبي، الشاعر المشهور، ولد بالكوفة سنة ثلاث وثلاثمائة (303 هـ).
قدم الشام في صباه وأكثر مقامه في البادية، وطلب الأدب وعلم العربية، ونظر في أيام الناس، وتعاطى قول الشعر من حداثته حتى علا شأنه، ومدح الأمير سيف الدولة وكافورًا الإخشيدي ثم هجاه، ومدح عضد الدولة بن بويه الديلمي، فأجزل جائزته، ثم رجع إلى بغداد ومنها توجه إلى الكوفة ومعه جماعة من أصحابه فعرض له فاتك ابن أبي الجهل الأسدي في عدة من أصحابه، فقاتلوهم فقتل المتنبي سنة أربع وخمسين وثلاثمائة (354 هـ)، وقيل: إن سبب قتله هذا البيت:
فالخيل والليل والبيداء تعرفني
…
والسيف والرمح والقرطاس والقلم
انظر: وفيات الأعيان 1/ 120، تاريخ بغداد 4/ 102 - 105، شذرات الذهب 3/ 13 - 15، يتيمة الدهر للثعالبي 1/ 126، مرآة الجنان 2/ 351 - 357.
(4)
في ز: "يشفع".
(5)
هذا البيت للمتنبي من قصيدته التي مدح بها كافورًا سنة ست وأربعين وثلاثمائة (346 هـ) ومطلعها:
من الجآذر في زي الأعاريب
…
حمر الحلي والمطايا والجلابيب
إلى أن قال:
أزورهم وسواد الليل يشفع لي
…
وأنثني وبياض الصبح يغري بي =
قالوا: هذا (1) البيت أفضل بيت في المقابلة؛ لأنه لا حشو فيه (2).
بخلاف كلام المؤلف فيه حشو للضرورة؛ لأجل البيان، وبيان المقابلة في كلام المؤلف: أنه قابل أربعة ألفاظ بأربعة ألفاظ؛ لأنه قابل هذه بتلك، وقابل صفة المتكلم بصفة السامع، وقابل الألفاظ بالعلم والظن (3)، وقابل اللسان بالقلب.
هذه (4) أربعة ألفاظ متقابلة، فالأول والثاني من الأضداد، والثالث والرابع من شبه الأضداد، والله أعلم.
وقال بعضهم: هذا الذي استعمله المؤلف ها هنا هو التلفيف وهي (5): من الفصاحة المعنوية.
= قال صاحب اليتيمة: وهذا البيت أمير شعره وفيه تطبيق بديع ولفظ حسن ومعنى بديع جيد.
وهذا البيت قد جمع بين الزيارة والانثناء والانصراف، وبين السواد والبياض، والليل والصبح، والشفاعة والإغراء، وبين لي وبي، ومعنى المطابقة أن تجمع بين متضادين كهذا.
وقد أجمع الحذاق بمعرفة الشعر والنقاد أن لأبي الطيب نوادر لم تأت في شعر غيره.
انظر: ديوان أبي الطيب المتنبي بشرح أبي البقاء العكبري 1/ 159، 161.
(1)
في ز: "وهذا".
(2)
نقل المؤلف بالمعنى.
انظر: المصباح لابن الناظم ورقة (23) مخطوط مصور فلميًا بمكتبة جامعة الإمام برقم 4555 ف.
(3)
في ز وط: "أو الظن".
(4)
في ز: "فهذه".
(5)
في ز وط: "وهو".
ومعنى التلفيف: أن تلف (1) شيئين في الذكر ثم تومئ بتفسيرهما جملة، ثقة بأن السامع (2) يرد كل (3) تفسير إلى اللائق به.
مثاله: قوله تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (4) الأول للأول، الثاني للثاني (5)
ومنه قول امرئ القيس:
كأنَ قلوبَ الطيرِ رطْبًا ويابسًا
…
لدا وَكْرِهَا العنَّاب والحشفُ البالي (6)
(1) في ز: "تولف".
(2)
في ز: "السماع".
(3)
في ز: "يرد فيه كل".
(4)
سورة القصص، آية رقم 73.
(5)
قال أبو الفتح عثمان بن جني في المنصف (2/ 117) بعد إيراده لهذه الآية: وإنما تقديره - والله أعلم -: ومن رحمته جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار لتبتغوا من فضله، فترك التفصيل لعلم المخاطبين بوقت الابتغاء من وقت السكون.
(6)
قائل هذا البيت هو امرؤ القيس في قصيدة له مطلعها:
ألا عم صباحًا أيها الطلل البالي
…
وهل يعمن من كان في العصر الخالي؟
تقديره: كأن قلوب الطير، رطبًا: العناب، ويابسًا: الحشف، إلا إنه جمع بينهما؛ لأن المعنى مفهوم.
يقول: كأن الرطب من قلوب الطير وما جاءت به العقاب حديثًا العناب، وكأن ما يبس منها وقدم الحشف وهو: البالي من التمر ورديئه، وذلك بسبب كثرة ما تأتي به من القلوب حتى تفضل عن الفراخ.
انظر: ديوان امرئ القيس تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ص 38، المنصف لابن جني 2/ 117، المصون في الأدب تأليف أحمد العسكري تحقيق عبد السلام هارون ص 65، أسرار البلاغة للجرجاني ص 168.
وقال (1) آخر:
فعل المدام ولونها ومذاقها
…
في مقلتيه ووجنتيه وريقه (2)
[وقال آخر:
ليل وبدر وغصن
…
شعر (3) ووجه وقد
خمر و (4) در وورد
…
ريق وثغر، وخد (5)] (6)
وبالله التوفيق (7).
…
(1) في ز: "وقول".
(2)
قائل هذا البيت هو أبو الفتيان محمد بن سلطان المشهور بابن حيوس الغنوي، الدمشقي.
وهذا البيت ورد في قصيدة له يمدح بها نصر بن محمود بن صالح ومطلعها:
أرقدت عن قلق الفؤاد مشوقه
…
فأمرت بالسلوان غير مطيقه
انظر: ديوان ابن حيوس 2/ 409، عني بنشره خليل مردام بك، معاهد التنصيص للعباسي 2/ 275، زهر الربيع في المعاني والبديع للحملاوي ص 172.
(3)
في ز: "وشهر".
(4)
"الواو" ساقطة من ز.
(5)
قائل هذا البيت هو ابن المعتز كما نسبه له ابن رشيق في العمدة مستشهدًا به على تشبيه ثلاثة بثلاثة في بيت واحد من غير كاف، والبيت كما ورد في العمدة:
بدر وليل وغصن
…
وجه وشعر وقد
خمر ودر وورد
…
ريق وثغر وخد
انظر: العمدة ج 2/ 292.
(6)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(7)
في ز: "وبالله حسن التوفيق"، ولم ترد في الأصل.