الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زيارة القبور
قبل ذكر الكلام على زيارة القبور الشرعية والمحرمة والفرق بينهما نورد فيما يلي - إن شاء الله تعالى - نبذة عن
الحياة البرزخية
؛ ليعلم شيء عن حال الأموات ومستقر أرواحهم.
الحياة البرزخية:
دلت الآيات والأحاديث على أن نفس الميت تخرج من بدنه وتفارقه، فبخروجها منه وإمساك الله لها يموت صاحبها، فهي تبلغ التراقي عند الموت، ثم تفيض فلا يقدر مخلوق على إرجاعها؛ قال تعالى:{كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} . [القيامة الآية: 26]، وقال تعالى:{فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الواقعة الآية: 87]، وقال سبحانه:{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر الآية: 42].
وهذا بيان لكون النفس تقبض وقت النوم ثم منها ما يمسك فلا يرسل إلى بدنه وهو
الذي قضى عليه الموت، ومنها ما يرسل إلى أجل مسمى؛ فالتي تمسك ويقضى على صاحبها بالموت تفارقه مفارقة تنقطع بها حياة الجسد وتزول فتزول حركته وإدراكه، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند النوم:«باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فاغفر لها وارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» . ثم بعدما تفيض الروح يُصعد بها إلى السماء ثم تُعاد إلى جسد صاحبها للسؤال فيسأل في قبره ويقال له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فيقول المؤمن: الله ربي، والإسلام ديني، ومحمد نبيي. ويقال له: ما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول المؤمن: هو عبد الله ورسوله جاءنا بالبينات والهدى فآمنا به واتبعناه. أما المنافق فإنه يقول عند السؤال: هاه!! هاه!! لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الجن والإنس.
وعود الروح إلى الجسد بعد الموت ليس مثل عودها إليه في الحياة الدنيا، وليس مثل عودها إليه بعد البعث؛ فلكل دار عود خاص بها، وعودها إلى الجسد في البرزخ يحس معه بالنعيم أو العذاب؛ ولهذا أخبر صلى الله عليه وسلم أن الميت يوسع له في
قبره، ويسأل ونحو ذلك، وإن كان التراب لا يتغير. والروح تتصل بالبدن متى شاء الله، وتفارقه متى شاء الله - تعالى - لا يتوقف ذلك بمرة ولا مرتين.
والنوم أخو الموت؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا استيقظ: «الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور» . وإن كان النائم ليس كالميت في الحساسية؛ إذ إن الميت يحس بالنعيم أو العذاب بصفة أكمل وأبلغ من إحساس النائم؛ لأن نعيم الميت أو عذابه حقيقيان؛ ولكن يُذكر النوم كمثلٍ يقرِّب إلى الأذهان ما يلقاه الميت؛ فإذا كان النائم يحصل له في منامه أحيانًا لذة أو ألم بحسب ما يحلم به وأن ذلك يحصل لروحه وبدنه كما يعرفه الجميع، فكذلك الميت يحصل له من النعيم أو العذاب ما الله به عليم.
والأرواح مخلوقة بلا شك، وقد دلت أحاديث نعيم الأرواح وعذابها بعد المفارقة على بقائها؛ فمنها المنعم ومنها المعذب؛ أما حقيقة الروح فلا يعلمها إلا الله - سبحانه.
والنعيم أو العذاب يقع على الروح إذا فارقت البدن ويقع عليها وعلى البدن مجتمعين إذا عادت إليه؛ فهي دائمًا في نعيم أو عذاب مفردة عن البدن أو متصلة به والبدن تابع لها في ذلك، حتى يبعث الله الخلائق فتعود إلى الجسد عودًا كاملا