الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليس معه مفارقة.
وعذاب القبر هو عذاب البرزخ؛ فكل من مات وهو مستحق للعذاب يناله نصيبه منه قبر أو لم يقبر، أكلته السباع أو أحرق بالنار، وذري رمادًا أو صلب أو أغرق في البحر؛ كل هذه الحالات وغيرها يصل فيها إلى الميت ما يستحقه من نعيم أو عذاب كما يصل إلى المقبور تمامًا، ويقع النعيم أو العذاب على الروح والبدن كذلك، وما ورد من إجلاس الميت واختلاف أضلاعه ونحو ذلك يجب أن يفهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم مراده من غير غُلُوٍّ ولا تقصير.
مستقر الأرواح في البرزخ:
للعلماء في مستقر الأرواح في البرزخ أقوال يتلخص من أدلتها: أن الأرواح في البرزخ متفاوتة أعظم تفاوت؛ فمنها أرواح في أعلى عليين في الملأ الأعلى وهي أرواح الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهم متفاوتون في منازلهم فأعلاهم منزلة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ومنها: أرواح في حواصل طير خضر تسرح في الجنة وهي أرواح بعض الشهداء لا كلهم؛ إذ إن من الشهداء من تُحبس روحه عن دخول الجنة لدَين عليه؛ كما في المسند عن
عبد الله بن محسن أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله مالي إن قتلت في سبيل الله؟ قال: «الجنة» فلما ولى قال: «إلا الدَّين سارَّني به جبريل آنفًا» .
ومنها: أرواح محبوسة على باب الجنة؛ كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «رأيت صاحبكم محبوسًا على باب الجنة» .
ومنها: أرواح محبوسة في قبور أصحابها.
ومنها: أرواح في الأرض.
ومنها: أرواح في تنور الزناة والزواني.
ومنها: أرواح في نهر الدم تسبح فيه وتلقم الحجارة.
كل ذلك تشهد له السنة. والله أعلم.
والحاصل: أن الدور ثلاث؛ دار الدنيا، ودار البرزخ، ودار القرار، وقد جعل الله لكل دار أحكامًا تخصُّها، وركب هذا الإنسان من بدن ونفس، وجعل أحكام البرزخ على الأبدان والأرواح تبعًا لها، وجعل أحكام البرزخ على الأرواح والأبدان تبعًا لها؛ فإذا جاء يوم حشر الأجساد وقيام الناس من قبورهم صار الحكم والنعيم والعذاب على الأرواح والأجساد جميعًا.
وكون القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار مطابق للعقل وحق لا مرية فيه، وبذلك يتميز المؤمنون بالغيب عن غيرهم.