الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: الآية110].
جاء محمد، صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم على بقية من دين إبراهيم، عليه السلام، يتعبدون ويحجون، ويتصدقون ويذكرون الله، ولكنهم يجعلون بعض المخلوقات وسائط بينهم وبين الله، يقولون: نريد منهم التقرب إلى الله، ونريد شفاعتهم عنده مثل الملائكة، وعيسى، عليه السلام، ومريم وأناس غيرهم من الصالحين. فأخبرهم، صلى الله عليه وسلم، أن هذا التقرب والدعاء لا يصلح إلا لله، ولا يصح صرف شيء منه لغيره - سبحانه - لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، فضلا عن غيرهما وأن ذلك وغيره من أنواع العبادة حق لله، فمن صرفه لغيره حبط عمله. قال تعالى:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان الآية: 23].
توحيد الألوهية:
وأما توحيد الألوهية: فهو توحيد العبادة، وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بجميع أنواع العبادة التي أمر بها. مثل: الإسلام والإيمان، والإحسان، ومنها: الدعاء والخوف
والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة، والخشوع والخشية، والإنابة والاستعانة، والاستغاثة، والذبح، والنذر، وغير ذلك من العبادات التي أمر الله بها. كلها لله. والدليل قوله:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن الآية: 18] فمن صرف شيئًا منها لغير الله فهو مشرك كافر. والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: الآية:117].
* ومن الأدلة على أن ما ذكر من أنواع العبادة:
* ما رواه الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال:«الدعاء مخُّ العبادة» .
قال ابن الأثير في النهاية: «مُخُّ الشيء خالصه. وإنما كان مُخها لأمرين:
أحدهما: أنه امتثال أمر الله - تعالى - حيث قال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فهو محض العبادة وخالصها.
الثاني: أنه إذا رأى نجاح الأمور من الله قطع أمله عن سواه، ودعاه لحاجته وحده:«وهذا أصل العبادة» اهـ. وفي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال:«الدعاء هو العبادة» .
ودليل الخوف قوله - تعالى -: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ
أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175].
ودليل الرجاء قوله - تعالى - {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: الآية 110].
ودليل التوكل قوله - تعالى -: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة الآية: 23].
ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله - تعالى-: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء الآية: 90]. ودليل الخشية قوله تعالى: {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي} [البقرة الآية: 150].
ودليل الإنابة قوله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمر الآية:54].
ودليل الاستعانة قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: الآية 5].
وفي الحديث: «إذا استعنت فاستعن بالله» رواه الترمذي
في حديث مطول.
والمعنى: إذا أردت طلب المعونة المتعلقة بأمر الدنيا والآخرة فاستعن بالله، إذ لا معين ولا فاتح باب ولا مانع عطاء إلا الله وحده - سبحانه - لا شريك له، وهو قريب مجيب، فلا حاجة لجعل الواسطة بينه وبين عبده. كما يشير إليه قوله تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أي لا نعبد إلا إياك ولا نستعين إلا بك.
ودليل الاستعاذة قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق الآية: 1].
وقوله - تعالى - {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ} [الناس الآيات 1 - 3].
ودليل الاستغاثة قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال الآية: 9].
ودليل الذبح قوله - تعالى-: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: الآية163] وقوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: الآية 2].
وفي الحديث: «لعن الله من ذبح لغير الله» رواه مسلم مطولاً.