المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الزيارة الشركية المحضة: - الإرشاد إلى توحيد رب العباد

[عبد الرحمن بن حماد آل عمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الكتاب

- ‌معرفة الله تعالى

- ‌توحيد الله تعالى

- ‌توحيد الربوبية

- ‌توحيد الألوهية:

- ‌دعوة محمد صلى الله عليه وسلم إلى توحيد العبادة:

- ‌توحيد الذات والأسماء والصفات:

- ‌معنى شهادة أن لا إله إلا الله

- ‌شروط لا إله إلا الله:

- ‌معنى شهادة أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أركان الإسلام ونواقضه

- ‌وظيفة الرسل عليهم الصلاة والسلام

- ‌إبطال الشبهات

- ‌بيان أنواع من الشرك الأصغر

- ‌من الشرك الحلف بغير الله، وقول ما شاء الله وشئت ولولا كذا - يعني غير الله - لكان كذا ولولا الله وكذا

- ‌التحذير من الرياء وبيان أنه من الشرك

- ‌تحريم لبس الحلقة والخيط ونحوهما والوشم

- ‌تحريم الرقى المشتملة على الشرك وتحريم التمائم

- ‌أنواع من السحر

- ‌النهي عن الاستسقاء بالنجوم والنياحة والمفاخرة بالأحساب والطعن في الأنساب

- ‌النهي عن سب الدهر

- ‌وجوب الإيمان بالقدر وتعريف الإيمان

- ‌فضل الرضا بالقدر وخطر السخط به

- ‌اللو المنهي عنها

- ‌الخوف من المخلوق المنهي عنه

- ‌من الشرك إرادة الإنسان بعلمه الدنيا

- ‌من الشرك تعبيد الاسم لغير الله

- ‌تحريم تصوير ذوات الأرواح ولعن المصورين

- ‌حماية النبي صلى الله عليه وسلم، حمى التوحيد وسده طرق الشرك

- ‌زيارة القبور

- ‌ الحياة البرزخية

- ‌مستقر الأرواح في البرزخ:

- ‌ما جاء في سماع الميت:

- ‌ما يصل إلى الميت من الأعمال:

- ‌زيارة القبور:

- ‌زيارة القبور الشرعية:

- ‌الزيارة المحرمة:

- ‌أمور محرمة تتعلق بالقبور:

- ‌الزيارة الشركية المحضة:

- ‌حكم زيارة قبور الكفار:

- ‌حكم زيارة النساء للقبور واتباعهن للجنازة:

- ‌السفر لزيارة القبور:

- ‌ السلام على النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره والسلام على صاحبيه

- ‌بلاغ الناس

الفصل: ‌الزيارة الشركية المحضة:

ماجه بإسناد حسن وله شاهد رواه أبو داود.

ومن أدلة تحريم الذبح للقبور وأنه شرك أكبر ما تقدم من الآيات والأحاديث في توحيد العبادة ونواقض الإسلام وما رواه أبو داود عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا عقر في الإسلام» . قال عبد الرازق: كانوا - يعني أهل الجاهلية - يعقرون عند القبر بقرة أو شاة. اهـ. وقد تقدم حديث: «لعن الله من ذبح لغير الله» .

‌الزيارة الشركية المحضة:

أما زيارة القبور وما يسمى بالمشاهد لقصد الذبح عندها أو دعاء أهلها أو الاستغاثة بهم أو طلب النصر منهم أو طلبهم تفريج الكرب أو قضاء الحوائج أو طلبهم شفاء المريض أو رد الغائب أو جلب الرزق من زوج أو ولد أو مال ونحو ذلك - فهذا شرك أكبر، وهو عملُ مشركي الجاهلية الذين اتخذوا القبور أوثانًا يعبدونها، ومَنْ هذا عملُه فهو مشرك، وعمله حابط؛ كما دلت على ذلك النصوص من القرآن والسنة، وقد ذكرنا بعضًا منها في توحيد العبادة وفي وظيفة الرسل وفي إبطال الشبهات؛ فعلى من كان على شيء من ذلك الشرك أن يتوب إلى الله ويحج حجة الإسلام بعد التوبة؛ لأن الشرك

ص: 101

محبط للأعمال؛ كما قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: الآية: 88]، وكما قال سبحانه:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: الآية: 23].

فهؤلاء الذين يأتون إلى تلك المشاهد والقباب والقبور ويطوفون بها ويحجونها كما يحجون البيت الحرام، ويعكفون عنده وينحنون لها ويستغيثون بأهلها إلى غير ذلك من الأمور المحرمة المتقدم ذكرها ونحوها - هؤلاء يظنون أنهم يحسنون صنعا وهم في الحقيقة ضالون خاسرون؛ قال تعالى:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} . [الكهف: 103 - 104]، وقال - تعالى:{إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف الآية: 139].

ولا شك أن الشيطان - لعنه الله - قد بلغ مأربه من الشرك الأكبر الذي أوقع فيه هؤلاء الجهلة وزيَّن لهم ما زيَّنه لمشركي الجاهلية، وقد يتمثل - لعنه الله - في صورة الشيخ المستغاث به، كما تفعل الشياطين بعبدة الأوثان؛ إمعانًا في الإغواء والإضلال.

ثم إن مما ينبغي معرفته أن إجابة الدعاء قد تحصل

ص: 102

للمشرك ونحوه ممن يدعون دعاء محرمًا، ولكن ذلك ليس دليلًا على الرضا؛ فالله - سبحانه - يستدرج ويبتلي؛ فكم من عبد دعا دعاء غير مباح أو اعتقد في مخلوق اعتقادًا غير مباح فحصلت له حاجته، ولكن حصولها سبب لهلاكه في الدنيا والآخرة؛ فتارة يسأل ما لا تصح مسألته كما فعل بلعام وغيره ممن دعوا بأشياء فحصلت لهم وكان فيها هلاكهم، وتارة أن يسأل على الوجه الذي لا يحبه الله؛ كما قال - سبحانه:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} . [الأعراف: 55]؛ فهو - سبحانه - لا يحب المعتدين في صفة الدعاء، ولا في المسؤول وإن كانت حاجتهم قد تقضى؛ كأقوام ناجوا الله بمناجاة فيها جرأة على الله وتعدٍّ لحدوده، وأعطوا طلبتهم فتنة، وكقوم صدَّقوا أحد المشعوذين المدَّعين للولاية والمحبة فسلَّموا له مرضاهم وأطفالهم فصار يمسح عليهم، ويقرأ عليهم طلاسم، أو يعطيهم قصاصة من ثوبه ليحرقها ويبخروا بها ذلك المريض، ونحو ذلك من الشعوذات الشيطانية، وكأقوام يقصدون إلى أحد القبور فيأخذون من ترابه ليتداوى به مريضهم أو عقيمهم.

وفي مثل هذه الأحوال قد تقضى حاجتهم فتنة واستدراجا، وذلك مثل السحر والطلسمات والعين ونحو هذا من المؤثرات في العالم؛

ص: 103

بإذن الله قد يقضي الله بها كثيرا من أغراض النفوس الشريرة، ومع هذا فقد قال - سبحانه:{وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102 - 103]؛ فالسحرة ونحوهم معترفون بأن باطلهم لا ينفع في الآخرة، وأن صاحبه خاسر في الآخرة كذلك؛ وإنما يتشبثون بمنفعة في الدنيا، وقد قال تعالى:{وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} . [البقرة: 103].

وكذلك أنواع من الداعين والسائلين عند القبور أو غيرها قد يدعون دعاءً محرَّمًا يحصل لهم معه ذلك الغرض، ويورثهم ضررًا أعظم منه، ثم إن هذه الأمور المحرمة من الأدعية والاعتقادات في المخلوقين ونحوها قد يعلم فاعلها حرمتها وقد لا يعلمها؛ فإن كان يعلمها فهو كالسحرة الذين أخبر الله عنهم بما عملوا لأنفسهم من الخسران في الآخرة، وإن كان لا يعلمها بسبب تقصيره في طلب العلم أو تركه للحق فهو لا يعذر في ذلك.

وينبغي أن يعلم أنه لا يستحب للداعي أن يستقبل إلا ما يجب أن يصلي إليه؛ فالمسلم لما نهي عن الصلاة إلى جهة

ص: 104