الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبذلك كانت سورة القصص دالة كل الدلالة على وجه الشبه بين أموال قارون واقتصاد العولمة، والخسف والتفكك الذي أصاب وسيصيبها قديماً وحديثاً ((1)) .
المطلب الرابع: الاستعداد لمواجهة الطغيان الأميركي من خلال سورة القصص
لقد أمر الإسلام الحنيف المؤمنين كافة بالاستعداد وإعداد العدة لأعداء الله عز وجل، وذلك في قوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ من قُوَّةٍ وَمن رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} ((2)) .
لذلك فإن الولايات المتحدة الأميركية خشيت الاستعداد للجهاد، فبدأت تطالب بإلغاء تدريس آيات القتال في العالم الإسلامي، وخشيت قوله تعالى:{تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ} ((3)) ، فاخترعت مصطلحاً وترجمته للعربية بالفعل (ر. هـ. ب) ، وجعلته كلمة مكروه هو (الإرهاب) ، كما كره الغرب للناس من قبل كلمة الاستعمار في ترجمته لها، وهي كلمة قرآنية:{وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} ((4)) ، (فنسب الاستعمار لله عز وجل وهذا من فساد حياتنا اللغوية! .
وهكذا فإن الاستعداد لمواجهة العدو الكافر المشرك ثابت في كل آيات القتال الكريمة ظاهراً وباطناً، غير أنا نجد في سورة القصص آيات كثيرة تتعلق دلالتها الماضية بما سبق، ودلالتها الحاضرة بالوضع العام العالمي الذي نعيشه في عصر الطغيان والهيمنة الأميركية على العالم.
(1) ينظر قصص الَقُرْآن: ص 284. دراسات في التفسير الموضوعي للقصص الَقُرْآنيّ. د. أحمد جمال العمري. الطبعة الأولى. مَكْتَبَة الخانجي بالقاهرة. 1406 هـ ـ 1986 م.: ص 295.
(2)
سُوْرَة الأَنْفَالِ: الآية 60.
(3)
سُوْرَة الأَنْفَالِ: الآية 60.
(4)
سُوْرَة هُوْد: الآية 61.
وتتلخص آليات الاستعداد لمواجهة الولايات المتحدة الأميركية، وكل من كان على شاكلتها في سورة القصص في آيات كثيرة، مثل قوله تعالى:{وَنُرِيدُ أَنْ نَمن عَلَى الذين اسْتُضْعِفُوا في الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ} ((1)) .
فإن هذه الآية في دلالتها العامة والخاصة تشمل الاستعداد بالقوة لوراثة الأرض من أميركا التي استضعفت المؤمنين.
ثم نجد أن قوله تعالى: {أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} ((2)) ، يدل في دلالته الحديثة المعاصرة على أن ما وعد به الله عز وجل في الثواب الكريم، ورسوله صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية الشريفة من انتصار الإسلام بعد أخذ الحذر والاهبة والاستعداد لقتال الكفرة واليهود، هو أمر متحقق إن شاء الله العلي العظيم.
ولا ننسى هاهنا أن أميركا تمثل اليهود، وأن الوعد النبوي الذي ما ينطق صاحبه عن الهوى عليه الصلاة والسلام بقتال اليهود والانتصار عليهم، يشمل أميركا بدلالته، وهو ما نجده في سورة القصص في قوله تعالى:{قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكما سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكما بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمن اتَّبَعَكما الْغَالِبُونَ} ((3)) .
ونجد ضمن الاستعداد لمواجهة أميركا قوله تعالى: {وَأَتْبَعْنَاهُمْ في هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً} ((4)) ، فالآية تدل على أن من فعل فعل فرعون وهامان وجنودهما ملعون في الدنيا، وفي الاستعداد لمواجهة أميركا (فرعون العصر وهامانه) ، (إذا جاز لي هذا التعبير) ، نجد أن أميركا (أمة ملعونة) كما وصفها بعض أبنائها من قبل! .
(1) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 5.
(2)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 13.
(3)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 35.
(4)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 42.
ونجد ضمن الاستعداد لمواجهة أميركا في سورة القصص قوله تعالى: {وَلَكِنْ رَحْمَةً من رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ من نَذِيرٍ من قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} ((1)) .
وضمن الاستعداد لمواجهة أميركا نجد دلالة قوله تعالى في سورة القصص: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ في أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} ((2)) ، وأي ظلم يجب الاستعداد لملاقاته أشد من ظلم الولايات المتحدة الأميركية منذ نشؤها (وقتلها للهنود الحمر) حتَّى اليوم (في عدوانها على أفغانستان بدعوى محاربة الإرهاب) ؟ ! .
ثُمَّ نلاحظ من سمات الاستعداد لمواجهة أميركا دلالة توجيهية لأخذ أميركا بذنوبها بعد أن اعترف شهودها بأن لا برهان لهم على ما تفعله حكومتهم بالعالم، وهو قوله تعالى في سورة القصص:{وَنَزَعْنَا من كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} ((3)) .
ثم خاتمة مطاف الاستعداد لمواجهة أميركا في قوله تعالى في وصف الآخرة مقابل الدنيا الزائلة: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا في الأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} ((4)) ، مع أن المبدأ الأساسي لأميركا هو:
العلو في الأرض.
الفساد في الأرض.
(1) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 46.
(2)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 59.
(3)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 75.
(4)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 83.