الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو ما أوجب على المسلمين أن يستعدوا ما وسعهم الاستعداد للملحمة الكبرى التي تستعد لها أميركا في أدبياتها النصرانية تحت اسم (هار مجدون) ، إذ يظنون أنهم باستعدادهم لملاقاة المسلمين سيعيدون مملكة (يسوع المسيح) في ألفيتها حسب مزاعمهم، وهو ما قرره الكبراء منهم من قسسهم وحاخاماتهم ودجاليهم المنبئين.
أما الاستعداد الإسلامي لذلك فنجده مندرجاً تحت قوله عز وجل: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ((1)) ، على الذي تحقق من دلالته قديماً وحديثاً في التراث والمعاصرة، كما لا يخفى على أحدٍ.
المبحث الثاني: السنن الإلهية في زوال الأمم وسقوط الحضارات في سُوْرَة الْقَصَصِ
المطلب الأول: الزوال ـ نهاية أميركا مقارنة بفرعون وهامان وقارون في سُوْرَة الْقَصَصِ
إن من خصائص النص القرآني أنه نص متجدد يصلح في دلالاته للماضي والحاضر والمستقبل في الدنيا والآخرة على ما قرره العلماء، ونحن يمكن أن نفهم دلالاتها الحقيقية في دلالات معاصرة على أمور نعلم أن الله عز وجل يعلم بها جميعاً وبأعمالها بدليل قوله تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} ((2)) .
لذلك فليس عجيباً أن نجد أن النهاية التي انتهى إليها فرعون وهامان وجنودهما وقارون، هي عين ما يتوقع المنظرون السياسيون وعلماء علم المستقبليات السياسي من الغربيين للولايات المتحدة الأميركية في قابل أيامها ومستقبل أعوامها.
ويمكن على وجه من الوجوه رؤية الزوال الفرعوني الهاماني القاروني في الزوال الذي وقع زلزالاً صبيحة 11 / أيلول / 2001 م في نيويورك وواشنطن وبنسلفانيا وسمي باسم (أحداث الحادي عشر من أيلول) على ما هو مشهور معروف!
ونحن في قراءتنا المعاصرة الدينية لسورة القصص، نجد أن هنالك نقاطاً تحذيرية ـ تنبيهية كثيرة، عن الزوال الأعظم في الماضي والحاضر:
(1) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 88.
(2)
سُوْرَة الصَّافَاتِ: الآية 96.
زوال الماضي هو زوال فرعون وهامان وقارون والجنود.
زوال الحاضر هو زوال أميركا وإسرائيل وجنود العولمة.
ولا ريب أن ذلك منصوص عليه بصورة أكثر صراحة في كثير من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا سيما ما نجده في أبواب الفتن ((1)) .
غير أننا في تحليلنا لسورة القصص نجد الأمر بوضوح كبير يكاد لا تخطئه العين.
إن هلاك فرعون وهامان وقارون وجنودهم جميعاً في الماضي التاريخي إنما كان بسبب عوامل أسلفنا الحديث عنها في الفصول الماضية ولا ريب في أن هذه العوامل نفسها ستكون سبب في زوال وهلاك أميركا وإسرائيل وجنود العولمة في العصر الحديث، وذلك كما يقول الله عز وجل:{وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى الْكِتَابَ من بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} ((2)) .
(1) منها ما روي عَنْ أبي بن كعب رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((بشر هذه الأمة بالسناء والنصر والتمكين فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب)) . المستدرك على الصحيحين: 4 /346 قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
(2)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 43.
وهكذا نجد أن قوله تعالى: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمن عَلَى الذين اسْتُضْعِفُوا في الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ} ((1)) يشمل اليوم في دلالاته المسلمين والإسلام، لأنهم استضعفوا في الأرض بعد أن تفرقوا قبل بروز الصحوة الإسلامية، ثم أنهم الآن الأئمة، ولا ريب في أن الوعد الإلهي حق في أن الوراثة لهم، ولا وراثة قبل هلاك أميركا وزوالها، وذهاب دولة إسرائيل على ما ورد في سورة الإسراء، وفي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مقاتلة اليهود مصداقاً لهذه الآية من سورة القصص ((2)) .
وعن الزوال في سورة القصص نجد قوله تعالى: {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ في الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْن وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} ((3)) ، وهذا يشبه إلى حد كبير ما ابتدأت أميركا وإسرائيل والجنود يروه من علامات الزوال:
أميركا وأحداث 11 / أيلول (مقابل فرعون) .
إسرائيل وانتفاضة الأقصى المباركة (مقابل هامان) .
جنود العولمة وحركات مناهضة العولمة (مقابل قارون) .
وهذا من الأدلة على الصدق الإلهي للنص القرآني.
(1) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 5.
(2)
من ذلك ما رواه البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((تُقَاتِلُونَ الْيَهُودَ حَتَّى يَخْتَبِيَ أَحَدُهُمْ وَرَاءَ الْحَجَرِ، فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ)) . صَحِيْح البُخَارِي: كتاب الجهاد والسير، باب قتال اليهود 3 /1070 رقم (2767) .
(3)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 6.
ونجد قوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْن لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} ((1)) ، إن أميركا تهاوت تحت ضربات أعدائها، وان الأحزاب تغلغلها وتعمها كل العموم في هذا العصر الحديث، مثلما حدث من قبل لفرعون وآله.
ونجد أن الإسلام في العصر الحديث في صحوة بالعودة إلى القرآن الكَرِيم والسُّنَّة النَبَوِيَّة. وهو ما يدل عليه بعض الدلالة قوله تعالى: {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكما سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكما بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمن اتَّبَعَكما الْغَالِبُونَ} ((2)) .
ثم نجد أن دلالة قوله تعالى: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ في الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} ((3)) ، هي دلالة متجردة تصلح لوصف زوال أميركا بها، وهي في وسط البحار التي تحيط بها والمحيطات، وهذا من عجائب الأقدار الإلهية إغراق فرعون في اليم، وزوال أميركا في أرضها وسط بحارها وحيدة مع جنودها.
ثم نجد في سورة القصص أن قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا من قرية بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ من بَعْدِهِمْ إِلَا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} ((4)) ، يدل على قرب زوال أميركا باقتضاء النص لمعانيه الكامنة بين الماضي والحاضر والمستقبل، بل إن هذا النص أجود القواعد القرآنية الدائمة التي حددها العلماء لزوال الأمم والحضارات وفق العقيدة القرآنية.
(1) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 8.
(2)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 35.
(3)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 40.
(4)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 58.
ونجد كذلك أن ما يدل على زوال أميركا وإسرائيل في سورة القصص زوال العولمة وتفككها، بدليل قوله تعالى:{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ من فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ من دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ من المُنْتَصِرِينَ} ((1)) الذي نستطيع نحن في القراءة التفسيرية الدينية أن نربط الماضي بالحاضر وصولاً إلى آفاق المستقبل، وذلك قوله تعالى:{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ من فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ من دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ من المُنْتَصِرِينَ} ، لأن هذه الآية تصف وصفاً معاصراً كيف أن الخسف (مع الإغراق) بكل معانيها الحالية والحقيقة المجازية هو مصير عولمة أميركا الإسرائيلية بـ (الوصف السياسي الحديث) ، وهذا من عجائب إعجاز التنبؤات القرآنية في سورة القصص.
(1) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 81.