الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَثَّقَهُ: صَالِحٌ جَزَرَةُ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ البَغَوِيُّ: أُخْبِرْتُ عَنْ جَدِّي أَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ رحمه الله أَنَّهُ قَالَ: أَنَا مِنْ نَحْوِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً أَختِمُ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ.
قَالَ البَغَوِيُّ: مَاتَ جَدِّي فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ الزَّاغُوْنِيِّ، أَخْبَرَنَا نَصْرٌ الزَّيْنَبِيُّ أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنِي جَدِّي، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، عَنِ أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا وُضِعَ العَشَاءُ، وَأُقِيْمَتِ الصَّلَاةُ، فَابْدَؤُوا بِالعَشَاءِ)(1) .
128 - حَاتِمٌ الأَصَمُّ بنُ عنوَانَ بنِ يُوْسُفَ البَلْخِيُّ *
(2)
الزَّاهِدُ، القُدْوَةُ، الرَّبَّانِيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَاتِمُ بنُ عنوَانَ بنِ يُوْسُفَ
(1) سفيان بن حسين ثقة في اتفاقهم في غير الزهري، والحديث صحيح، أخرجه البخاري 2 / 134 في الجماعة: باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، من طريق الليث، عن عقيل، ومسلم من طريق سفيان بن عيينة، كلاهما عن الزهري، عن أنس بن مالك، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:" إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة، فابدؤوا بالعشاء "، وأخرجاه أيضا من حديث ابن عمر وعائشة، رضي الله عنهم.
(*) الجرح والتعديل 3 / 260، حلية الأولياء 8 / 73، 83، تاريخ بغداد 8 / 241، 245، الأنساب 1 / 294، 295، اللباب 1 / 57، وفيات الأعيان 2 / 26، 28، العبر 1 / 424، مرآة الجنان 2 / 118، طبقات الأولياء: 178، 181، النجوم الزاهرة 2 / 290، 291، شذرات الذهب 2 / 87، 88، طبقات الصوفية: 91، 97، الرسالة القشيرية: 20، طبقات الشعراني 1 / 93.
(2)
قيل: إنه لقب بالاصم لان امرأة سألته مسألة، فخرج منها صوت ريح من تحتها، فخجلت، فقال لها: ارفعي صوتك، وأراها من نفسه أنه أصم، حتى سكن ما بها، فغلب عليه الأصم.
انظر " طبقات الأولياء ": 178، و" النجوم الزاهرة " 2 / 291.
البَلْخِيُّ، الوَاعِظُ، النَّاطِقُ بِالحِكْمَةِ، الأَصَمُّ.
لَهُ كَلَامٌ جَلِيْلٌ فِي الزُّهْدِ وَالمَوَاعِظِ وَالحِكَمِ، كَانَ يُقَالُ لَهُ: لُقْمَانُ هَذِهِ الأُمَّةِ.
رَوَى عَنْ: شَقِيْقٍ البَلْخِيِّ - وَصَحِبَهُ - وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ المَاهِيَانِيِّ، وَشَدَّادِ بنِ حَكِيْمٍ، وَرَجَاءِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرِهِم، وَلَمْ يَرْوِ شَيْئاً مُسْنَداً - فِيْمَا أُرَى -.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ سَهْلٍ الرَّازِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ خِضْرَوَيْه البَلْخِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ فَارِسٍ البَلْخِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الخَوَّاصُ، وَأَبُو تُرَابٍ النَّخْشَبِيُّ، وَحَمْدَانُ بنُ ذِي النُّوْنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُكرَمٍ الصَّفَّارُ، وَآخَرُوْنَ.
وَاجْتَمَعَ بِالإِمَامِ أَحْمَدَ بِبَغْدَادَ.
قِيْلَ لَهُ: عَلَى مَا بَنَيتَ أَمرَكَ فِي التَّوَكُّلِ؟
قَالَ: عَلَى خِصَالٍ أَرْبَعَةٍ: عَلِمتُ أَنَّ رِزْقِي لَا يَأْكُلُهُ غَيْرِي، فَاطمَأَنَّتْ بِهِ نَفْسِي، وَعَلِمتُ أَن عَمَلِي لَا يَعْمَلُهُ غَيْرِي، فَأَنَا مَشْغُوْلٌ بِهِ، وَعَلِمتُ أَنَّ المَوْتَ يَأْتِي بَغْتَةًَ، فَأَنَا أُبَادِرُهُ، وَعَلِمتُ أَنِّي لَا أَخْلُو مِنْ عَيْنِ اللهِ، فَأَنَا مُسْتَحٍِ مِنْهُ.
وَعَنْهُ: مَنْ أَصْبَحَ مُسْتَقِيْماً فِي أَرْبَعٍ، فَهُوَ بِخَيْرٍ: التَّفَقُّه، ثُمَّ التَّوَكُّلُ، ثُمَّ الإِخْلَاصُ، ثُمَّ المَعْرِفَةُ.
وَعَنْهُ: تَعَاهَدْ نَفْسَكَ فِي ثَلَاثٍ: إِذَا عَلِمتَ، فَاذكُرْ نَظَرَ اللهِ إِلَيْكَ، وَإِذَا تَكَلَّمتَ، فَاذكُرْ سَمْعَ اللهِ مِنْكَ، وَإِذَا سَكَتَّ، فَاذكُرْ عِلْمَ اللهِ فِيْكَ.
قَالَ أَبُو تُرَابٍ: سَمِعْتُ حَاتِماً يَقُوْلُ:
لِي أَرْبَعَةُ نِسْوَةٍ، وَتِسْعَةُ أَوْلَادٍ، مَا طَمِعَ شَيْطَانٌ أَنْ يُوَسْوِسَ إِلَيَّ فِي أَرْزَاقِهِم.
سَمِعْتُ شَقِيْقاً يَقُوْلُ: الكَسَلُ عَوْن عَلَى الزُّهْدِ.
وَقَالَ أَبُو تُرَابٍ: قَالَ شَقِيْقٌ لِحَاتِمٍ: مُذْ صَحِبْتَنِي، أَيَّ شَيْءٍ تَعَلَّمتَ
مِنِّي؟
قَالَ: سِتَّ كَلِمَاتٍ: رَأَيْتُ النَّاسَ فِي شَكٍّ مِنْ أَمرِ الرِّزْقِ، فَتَوكَّلتُ عَلَى اللهِ (1)، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَاّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا} [هُوْدٌ: 6] .
ورَأَيْتُ لِكُلِّ رَجُلٍ صَدِيقاً يُفْشِي إِلَيْهِ سِرَّهُ، وَيَشْكُو إِلَيْهِ، فَصَادَقْتُ الخَيْرَ لِيَكُوْنَ مَعِيَ فِي الحِسَابِ، وَيَجُوْزَ مَعِيَ الصِّرَاطَ.
وَرَأَيْتُ كُلَّ أَحَدٍ لَهُ عَدُوٌّ، فَمَنِ اغْتَابَنِي لَيْسَ بِعَدُوِّي، وَمَنْ أَخَذَ مِنِّي شَيْئاً، لَيْسَ بِعَدُوِّي، بَلْ عَدُوِّي مَنْ إِذَا كُنْتُ فِي طَاعَةٍ، أَمَرَنِي بِمَعْصِيَةِ اللهِ، وَذَلِكَ إِبْلِيْسُ وَجُنُوْدُهُ، فَاتَّخَذْتُهُم عَدُوّاً، وَحَارَبْتُهُم.
وَرَأَيْتُ النَّاسَ كُلُّهُم لَهُم طَالِبٌ، وَهُوَ مَلَكُ المَوْتِ، فَفَرَّغْتُ لَهُ نَفْسِي.
وَنَظَرتُ فِي الخَلْقِ، فَأَحْبَبْتُ ذَا، وَأَبغَضتُ ذَا، فَالَّذِي أَحبَبْتُهُ لَمْ يُعْطِنِي، وَالَّذِي أَبغَضتُهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنِّي شَيْئاً، فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ أُتِيتَ؟ فَإِذَا هُوَ مِنَ الحَسَدِ، فَطَرَحْتُهُ، وَأَحْبَبْتُ الكُلَّ، فُكُلُّ شَيْءٍ لَمْ أَرْضَهُ لِنَفْسِي، لَمْ أَرْضَهُ لَهُم.
وَرَأيتُ النَّاسَ كُلَّهُم لَهُم بَيْتٌ وَمَأْوَى، وَرَأَيْتُ مَأْوَايَ القَبْرَ، فُكُلُّ شَيْءٍ قَدَرتُ عَلَيْهِ مِنَ الخَيْرِ، قَدَّمتُهُ لِنَفْسِي لأُعْمِرَ قَبْرِي.
فَقَالَ شَقِيْقٌ: عَلَيْكَ بِهَذِهِ الخِصَالِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الخَوَّاصُ: دَخَلْتُ مَعَ حَاتِمٍ الأَصَمِّ الرَّيَّ، وَمَعَنَا ثَلَاثُ مائَةٍ وَعِشْرُوْنَ رَجُلاً نُرِيدُ الحَجَّ، عَلَيْهِمُ الصُّوفُ وَالزَّرْبَنَانْقَاتُ، لَيْسَ مَعَهُم جِرَابٌ وَلَا طَعَامٌ.
(1) لا يفهم من كلام حاتم الأصم رحمه الله ترك الاسباب، والقعود عن التماسها، والبقاء عالة على الناس كما يفهمه المتواكلون، وإنما يعني أنه لابد مع السعي والعمل من التوكل على الله الذي يثمر الرضى والقناعة بما قسم له حتى يكون أغنى الناس.
قَالَ الخَطِيْبُ: أَسنَدَ حَاتِمُ بنُ عنوَانَ الأَصَمُّ، عَنْ شَقِيْقٍ
…
، وَسَمَّى جَمَاعَةً.
وَيُرْوَى عَنْهُ، قَالَ: أَفرَحُ إِذَا أَصَابَ مَنْ نَاظَرَنِي، وَأَحْزَنُ إِذَا أَخْطَأَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ خَرَجَ إِلَى حَاتِمٍ، وَرَحَّبَ بِهِ، وَقَالَ لَهُ: كَيْفَ التَّخَلُّصُ مِنَ النَّاسِ؟
قَالَ: أَنْ تُعطِيَهُم مَالَكَ، وَلَا تَأْخُذَ مِنْ مَالِهِم، وَتَقضِيَ حُقُوْقَهُم، وَلَا تَسْتَقْضِيَ أَحَداً حَقَّكَ، وَتَحْتَمِلَ مَكْرُوْهَهُم، وَلَا تُكْرِهَهُم عَلَى شَيْءٍ، وَلَيتَكَ تَسْلَمُ.
وَقَالَ أَبُو تُرَابٍ: سَمِعْتُ حَاتِماً يَقُوْلُ:
المُؤْمِنُ لَا يَغِيْبُ عَنْ خَمْسَةٍ: عَنِ اللهِ، وَالقَضَاءِ، وَالرِّزْقِ، وَالمَوْتِ، وَالشَّيْطَانِ.
وَعَنْ حَاتِمٍ، قَالَ: لَوْ أَنَّ صَاحِبَ خَبَرٍ جَلَسَ إِلَيْكَ، لَكُنْتَ تَتَحَرَّزُ مِنْهُ، وَكَلَامُكَ يُعرَضُ عَلَى اللهِ فلَا تَحْتَرِزُ!
قُلْتُ: هَكَذَا كَانَتْ نُكَتُ العَارِفِيْنَ وَإِشَارَاتُهُم، لَا كَمَا أَحْدَثَ المُتَأَخِّرُوْنَ مِنَ الفَنَاءِ وَالمَحْوِ وَالجَمْعِ الَّذِي آلَ بِجَهَلَتِهِم إِلَى الاتِّحَادِ، وَعَدَمِ السِّوَى.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَةَ، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ: تُوُفِّيَ حَاتِمٌ الأَصَمُّ رحمه الله سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
129 -
أَحْمَدُ بنُ خِضْرَوَيْه أَبُو حَامِدٍ البَلْخِيُّ (1) *
الزَّاهِدُ الكَبِيْرُ، الرَّبَّانِيُّ الشَّهِيْرُ، أَبُو حَامِدٍ البَلْخِيُّ، مِنْ أَصْحَابِ حَاتِمٍ الأَصَمِّ.
(1) وقد يدعى أحمد بن الخضر، كذا في " حلية الأولياء " 10 / 42، و" تاريخ بغداد " 4 / 137
(*) حلية الأولياء 10 / 42، 43، تاريخ بغداد 4 / 137، 138، الوافي بالوفيات =
قَالَ السُّلَمِيُّ: هُوَ مِنْ جِلَّةِ مَشَايِخِ خُرَاسَانَ.
سَأَلَتْهُ امْرَأَتُهُ أَنْ يَحْمِلَهَا إِلَى أَبِي يَزِيْدَ، وَتَهَبَهُ مَهْرَهَا، فَفَعَلَ، فَأَنفَقَتْ مَالَهَا عَلَيْهِمَا.
فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ، قَالَ لأَبِي يَزِيْدَ: أَوصِنِي.
قَالَ: تَعَلَّمِ الفُتُوَّةَ مِنْ هَذِهِ (1) .
وَعَنْ أَبِي يَزِيْدَ، قَالَ: ابْنُ خِضْرَوَيْه أُسْتَاذُنَا.
وَيُقَالُ: إِنَّ ابْنَ خِضْرَوَيْه صَحِبَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ.
قُلْتُ: لَمْ يُدْرِكْهُ أَبَداً.
وَقَدْ كَانَ مُعَمَّراً، فَإِنَّ السُّلَمِيَّ رَوَى عَنْ مَنْصُوْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، سَمِعَ مُحَمَّدَ بنَ حَامِدٍ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ خِضْرَوَيْه، وَهُوَ يَنزِعُ، فَسُئِلَ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: بَاباً (2) كُنْتُ أَقرَعُهُ مُنْذُ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، السَّاعَةَ يُفْتَحُ، لَا أَدْرِي يُفْتَحُ بِالسَّعَادَةِ أَمْ بِالشَّقَاءِ؟
وَوَفَّى عَنْهُ رَجُلٌ سَبْعَ مائَةِ دِيْنَارٍ.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَكْبَرَ هِمَّةً، وَلَا أَصْدَقَ حَالاً مِنْ أَحْمَدَ بنِ خِضْرَوَيْه، لَهُ قَدَمٌ فِي التَّوَكُّلِ.
وَمِنْ كَلَامِه: القُلُوْبُ جَوَّالَةٌ، فَإِمَّا أَنْ تَجُولَ حَوْلَ العَرْشِ، وَإِمَّا أَنْ تَجُولَ حَوْلَ الحُشِّ (3) .
= 6 / 373، طبقات الأولياء: 37، 39، طبقات الصوفية: 103، 106، طبقات الشعراني 1 / 95، النجوم الزاهرة 2 / 303، الرسالة القشيرية:21.
(1)
الخبر في " الحلية " 10 / 42، بلفظ: كانت قرينته المكتنية بأم علي من بنات الكبار، حللت زوجها أحمد من صداقها على أن يزوجها أبا يزيد البسطامي، فحملها إلى أبي يزيد، فدخلت عليه، وقعدت بين يديه مسفرة عن وجهها.
فقال لها أحمد: رأيت منك عجبا، أسفرت عن وجهك بين يدي أبي يزيد! فقالت: لاني لما نظرت إليه، فقدت حظوظ نفسي، وكلما نظرت إليك، رجعت إلي حظوظ نفسي.
فلما خرج، قال لأبي يزيد: أوصني، قال: تعلم الفتوة من زوجتك.
(2)
في " الحلية "" باب "، بالرفع.
(3)
أي الخلاء.