الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَاتَ: بِالبَصْرَةِ، سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَثَّقَهُ: ابْنُ حِبَّانَ.
ذَكَرْتُهُ تَمْيِيْزاً.
22 - ابْنُ المَدِيْنِيِّ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ *
(خَ، د، م، س)
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ، أَبُو الحَسَنِ
(*) التاريخ الكبير 6 / 284، التاريخ الصغير 2 / 363، تاريخ الفسوي 1 / 210، الضعفاء، ورقة: 297، الجرح والتعديل 6 / 193، 194 و1 / 314، 320، الفهرست: 286، تاريخ بغداد 11 / 458، 473، طبقات الفقهاء للشيرازي 1 / 84، 85، طبقات الحنابلة 1 / 225، 228، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 350، 351، تهذيب الكمال، ورقة: 980، 984، تذكرة الحفاظ 2 / 428، 429، العبر 1 / 418، ميزان الاعتدال 3 / 138، 141، تذهيب التهذيب 3 / 67، 69، طبقات الشافعية للسبكي 2 / 145، 150، البداية والنهاية 10 / 312، تهذيب التهذيب 7 / 349، 357، النجوم الزاهرة 2 / 276، 277، طبقات الحفاظ: 184، خلاصة تذهيب الكمال: 275، شذرات الذهب 2 / 81.
(1)
لقد شدد الذهبي المؤلف، رحمه الله، النكير على العقيلي لإيراده علي بن المديني في كتابه " الضعفاء "، فقال في " ميزانه " 3 / 140، 141: وقد بدت منه هفوة ثم تاب منها، وهذا أبو عبد الله البخاري - وناهيك به - قد شحن صحيحه بحديث علي بن المديني.
ولو تركت حديث علي، وصاحبه محمد، وشيخه عبد الرزاق، وعثمان بن أبي شيبة لغلقنا الباب، وانقطع الخطاب، ولماتت الآثار، واستولت الزنادقة، ولخرج الدجال.
أفما لك عقل يا عقيلي؟ ! أتدري فيمن تتكلم؟ وإنما تبعناك في ذكر هذا النمط لنذب عنهم، ولنزيف ما قيل فيهم.
كأنك لا تدري أن كل واحد من هؤلاء أوثق منك بطبقات، بل وأوثق من ثقات كثيرين لم توردهم في كتابك، فهذا مما لا يرتاب فيه محدث.
وأنا أشتهي أن تعرفني من هو الثقة الثبت الذي ما غلط ولا انفرد بما لا يتابع عليه، بل الثقة الحافظ إذا انفرد بأحاديث، كان أرفع له، وأكمل لرتبته، وأدل على اعتنائه بعلم الاثر، وضبطه دون أقرانه لاشياء ما عرفوها، اللهم إلا أن يتبين غلطه ووهمه في الشئ، فيعرف ذلك.
فانظر أول شيء إلى أصحاب رسول الله، صلى الله عليه، وسلم، الكبار والصغار، ما فيهم أحد إلا وقد انفرد بسنة، فيقال له: هذا الحديث لا يتابع عليه! وكذلك التابعون، كل واحد عنده ما ليس عند الآخر من العلم، وما الغرض هذا، فإن هذا مقرر على ما ينبغي في علم الحديث.
وإن تفرد الثقة المتقن، يعد صحيحا غريبا.
وإن تفرد الصدوق ومن دونه، يعد منكرا.
وإن إكثار الراوي من الأحاديث التي لا يوافق عليها لفظا أو إسنادا يصيره متروك =
عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ نَجِيْحِ بنِ بَكْرِ بنِ سَعْدٍ السَّعْدِيُّ مَوْلَاهُمُ، البَصْرِيُّ، المَعْرُوْفُ: بِابْنِ المَدِيْنِيِّ، مَوْلَى عُرْوَةَ بنِ عَطِيَّةَ السَّعْدِيِّ.
كَانَ أَبُوهُ مُحَدِّثاً، مَشْهُوْراً، لَيِّنَ الحَدِيْثِ.
مَاتَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
يَرْوِي عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، وَطَبَقتِهِ مِنْ عُلَمَاءِ المَدِيْنَةِ.
وَقَدْ رَوَى وَالِدُهُ؛ جَعْفَرُ بنُ نَجِيْحٍ يَسِيْراً عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ التَّيْمِيِّ.
سَمِعَ عَلِيٌّ: أَبَاهُ، وَحَمَّادَ بنَ زَيْدٍ، وَجَعْفَرَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَيَزِيْدَ بنَ زُرَيْعٍ، وَعَبْدَ الوَارِثِ، وَهُشَيْمَ بنَ بَشِيْرٍ، وَعَبْدَ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيَّ، وَمُعْتَمِرَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَسُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَجَرِيْرَ بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَالوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ، وَبِشْرَ بنَ المُفَضَّلِ، وَغُنْدَراً، وَيَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ، وَخَالِدَ بنَ الحَارِثِ، وَمُعَاذَ بنَ مُعَاذٍ، وَحَاتِمَ بنَ وَرْدَانَ، وَابْنَ وَهْبٍ، وَعَبْدَ الأَعْلَى السَّامِيَّ.
وَعَبْدَ العَزِيْزِ بنَ أَبِي حَازِمٍ، وَعَبْدَ العَزِيْزِ العَمِّيَّ، وَعُمَرَ بنَ طَلْحَةَ بنِ عَلْقَمَةَ بنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ، وَفُضَيْلَ بنَ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ طَلْحَةَ التَّيْمِيَّ، وَمَرْحُوْمَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمُعَاوِيَةَ بنَ عَبْدِ الكَرِيْمِ، وَيُوْسُفَ بنَ المَاجَشُوْنِ، وَعَبْدَ الوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ، وَهِشَامَ بنَ يُوْسُفَ، وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.
= الحديث، ثم ما كل أحد فيه بدعة أو له هفوة أو ذنوب يقدح فيه بما يوهن حديثه، ولا من شرط الثقة أن يكون معصوما من الخطايا والخطأ، ولكن فائدة ذكرنا كثيرا من الثقات الذين فيهم أدنى بدعة، أو لهم أوهام يسيرة في سعة علمهم أن يعرف أن غيرهم أرجح منهم وأوثق إذا عارضهم أو خالفهم، فزن الاشياء بالعدل والورع.
وأما علي بن المديني، فإليه المنتهى في معرفة علل الحديث النبوي، مع كمال المعرفة بنقد الرجال، وسعة الحفظ، والتبحر في هذا الشأن، بل لعله فرد زمانه في معناه.
وَبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَصَنَّفَ، وَجَمَعَ، وَسَادَ الحُفَّاظَ فِي مَعْرِفَةِ العِلَلِ.
وَيُقَالُ: إِنَّ تَصَانِيْفَهُ بَلَغَتْ مائَتَيْ مُصَنَّفٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو يَحْيَى صَاعِقَةُ، وَالزَّعْفَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَحَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّضْرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَرَاءِ، وَالحَسَنُ بنُ شَبِيْبٍ المَعْمَرِيُّ، وَوَلَدُهُ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ، وَالبُخَارِيُّ - فَأَكْثَرَ - وَأَبُو دَاوُدَ، وَحَمِيْدُ بنُ زَنْجُوْيَةَ، وصَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ العُثْمَانِيُّ، وَهِلَالُ بنُ العَلَاءِ، وَالحَسَنُ البَزَّارُ، وَأَبُو دَاوُدَ الحَرَّانِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَعَلِيُّ بنُ غَالِبٍ البَتَلْهِيُّ (1) ، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ ابْنِ الإِمَامِ بِدِمْيَاطَ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ الكَاتِبُ - خَاتِمَةُ مَنْ رَوَى عَنْهُ -.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مِنْ شُيُوْخِهِ: جَمَاعَةٌ، مِنْهُم: سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَعَاشَ هَذَا الكَاتِبُ بَعْدَ سُفْيَانَ مائَةً وَثَمَانِياً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
مَوْلِدُ عَلِيٍّ: فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَهُ: عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّضْرِ.
وُلِدَ: بِالبَصْرَةِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: كَانَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ عَلَماً فِي النَّاسِ فِي مَعْرِفَةِ الحَدِيْثِ وَالعِلَلِ.
وَكَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لَا يُسَمِّيْهِ؛ إِنَّمَا يَكْنِيهِ تَبْجِيلاً لَهُ، مَا سَمِعْتُ أَحْمَدَ سَمَّاهُ قَطُّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلَامِ التَّمِيْمِيُّ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي القَاسِمِ،
(1) بفتح الباء الموحدة والتاء المثناة من فوق وسكون اللام وكسر الهاء، نسبة إلى بيت لهيا، بكسر اللام وسكون الهاء، وهي قرية في غوطة دمشق.
وَأَخْبَرْنَا ابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ زَيْنَبَ، وَعَبْدِ المُعِزِّ البَزَّازِ، قَالَا:
أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الأَدِيْبُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ العُثْمَانِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ المَدِيْنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو سُهَيْلٍ نَافِعُ بنُ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (هَذَا العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ أَجْوَدُ قُرَيْشٍ كَفّاً، وَأَوْصَلُهَا (1)) .
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ، عَنْ حَمِيْدِ بنِ زَنْجُوْيَةَ النَّسَائِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، فَوَقَعَ بَدَلاً عَالِياً بِدَرَجَتَيْنِ.
أَنْبَأَنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلَاّنَ، وَالمُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا:
أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ نَاجِيَةَ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَرْوَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ البَرْدَعِيُّ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو رِفَاعَةَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ العَدَوِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً، ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ:
تَلُوْمُنِيْ عَلَى حُبِّ عَلِيٍّ، وَاللهِ لَقَدْ كُنْتُ أَتَعَلَّمُ مِنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَعَلَّمُ مِنِّي.
وَرَوَى: الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ لِعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَيُسَمِّيهِ حَيَّةَ الوَادِي: إِذَا اسْتُثبِتَ سُفْيَانُ، أَوْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ، يَقُوْلُ: لَوْ كَانَ حَيَّةُ الوَادِي.
وَقَالَ العَبَّاسُ العَنْبَرِيُّ: كَانَ سُفْيَانُ يُسَمِّي عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ: حَيَّةَ الوَادِي.
(1) إسناده حسن، وأخرجه أحمد 1 / 185 من طريق علي بن المديني، عن محمد بن طلحة التيمي به.
وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: إِنِّيْ لأَرغَبُ عنْ مُجَالَسَتِكُمْ، وَلَوْلَا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، مَا جَلَسْتُ.
وَقَالَ خَلَفُ بنُ الوَلِيْدِ الجَوْهَرِيُّ: خَرَجَ عَلَيْنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ يَوْماً، وَمَعَنَا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، فَقَالَ: لَوْلَا عَلِيٌّ، لَمْ أَخرُجْ إِلَيْكُمْ.
وَرَوَى: عَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ الرَّازِيُّ، عَنْ سَهْلِ بنِ زَنْجَلَةَ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَعِنْدَهُ رُؤَسَاءُ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَقَالَ: الرَّجُلُ الَّذِي رَوَينَا عَنْهُ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ؛ الَّذِي يُحَدِّثُ عَنِ الصَّحَابَةِ؟
فَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: زِيَادُ بنُ عِلَاقَةَ؟
فَقَالَ (1) : نَعَمْ.
قَالَ السَّاجِيُّ: سَمِعْتُ العَبَّاسَ بنَ عَبْدِ العَظِيْمِ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ رَوْحَ بنَ عَبْدِ المُؤْمِنِ، سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ:
عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَخَاصَّةً بِحَدِيْثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي قِرْصَافَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ ابْنِ أُخْتِ غَزَالٍ، سَمِعْتُ القَوَارِيْرِيَّ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ:
النَّاسُ يَلُوْمُونَنِي فِي قُعُودِي مَعَ عَلِيٍّ، وَأَنَا أَتَعَلَّمُ مِنْهُ أَكثَرَ مِمَّا يَتَعَلَّمُ مِنِّي.
رَوَى نَحوَهَا: صَالِحٌ جَزَرَةُ، عَنِ القَوَارِيْرِيِّ.
وَقَالَ عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ: كَانَ يَحْيَى القَطَّانُ رُبَّمَا قَالَ: لَا أُحَدِّثُ شَهْراً، وَلَا أُحَدِّثُ كَذَا.
فَحُدِّثْتُ أَنَّهُ حَدَّثَ ابْنَ المَدِيْنِيِّ قَبْلَ انقِضَاءِ الشَّهْرِ.
قَالَ: فَكَلَّمتُ يَحْيَى فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّيْ أَسْتَثْنِي عَلِيّاً، وَنَحْنُ نَستَفِيدُ مِنْهُ أَكثَرَ مِمَّا يَسْتَفِيدُ مِنَّا.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: عَلِيٌّ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ عَنْ يَحْيَى القَطَّانِ،
(1) في " تهذيب الكمال ": فقال ابن عيينة: زياد بن علاقة.
أَرَى عِنْدَهُ أَكثَرَ مِنْ عَشْرَةِ آلَافٍ، عِنْدَهُ عَنْهُ أَكثْرُ مِنْ مُسَدَّدٍ.
كَانَ يَحْيَى يُدنِي عَلِيّاً، وَكَانَ صَدِيْقَهُ.
قَالَ أَبُو قُدَامَةَ السَّرَخْسِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ: رَأَيْتُ كَأَنَّ الثُّرَيَّا تَدَلَّتْ حَتَّى تَنَاوَلْتُهَا.
قَالَ أَبُو قُدَامَةَ: صَدَّقَ اللهُ رُؤْيَاهُ، بَلَغَ فِي الحَدِيْثِ مَبْلَغاً لَمْ يَبلُغْهُ أَحَدٌ.
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي عَبَّادٍ القَلْزُمِيَّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ - قَالَ:
جَاءنَا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ يَوْماً، فَقَالَ: رَأَيْتُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ كَأَنِّي مَدَدتُ يَدِي، فَتَنَاوَلتُ أَنْجُماً.
فَمَضَينَا مَعَهُ إِلَى مُعَبِّرٍ، فَقَالَ: سَتَنَالُ عِلْماً، فَانْظُرْ كَيْفَ تَكُوْنُ.
فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَوْ نَظَرتَ فِي الفِقْهِ - كَأَنَّهُ يُرِيْدُ الرَّأْيَ - فَقَالَ: إِنِ اشتَغَلتُ بِذَاكَ، انسَلَخْتُ مِمَّا أَنَا فِيْهِ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلَامَةَ، عَنِ ابْنِ بُوْشٍ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الصُّوْرِيِّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الغَنِيِّ بنَ سَعِيْدٍ، سَمِعْتُ وَلِيْدَ بنَ القَاسِمِ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيَّ يَقُوْلُ:
كَأَنَّ اللهَ خَلَقَ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ لِهَذَا الشَّأْنِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَعْقِلٍ: سَمِعْتُ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ:
مَا اسْتَصغَرْتُ نَفْسِي عِنْدَ أَحَدٍ، إِلَاّ عِنْدَ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ.
قَالَ عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ: بَلَغَ عَلَيٌّ مَا لَوْ قُضِيَ أَنْ يَتُمَّ عَلَى ذَلِكَ، لَعَلَّهُ كَانَ يُقَدَّمُ عَلَى الحَسَنِ البَصْرِيِّ، كَانَ النَّاسُ يَكْتُبُوْنَ قِيَامَهُ وَقُعُودَهُ وَلِبَاسَهُ، وَكُلَّ شَيْءٍ يَقُوْلُ أَوْ يَفْعَلُ أَوْ نَحْوَ هَذَا.
يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ:
صَنَّفتُ (المُسْنَدَ) مُسْتَقْصَىً، وَخَلَّفتُهُ فِي المَنْزِلِ، وَغِبتُ فِي الرِّحْلَةِ، فَخَالَطَتْهُ الأَرَضَةُ، فَلَمْ أَنْشَطْ بَعْدُ لِجَمْعِهِ.
قَالَ أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ: كَانَ عَلِيٌّ إِذَا قَدِمَ بَغْدَادَ، تَصَدَّرُ فِي الحَلْقَةِ، وَجَاءَ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَالمُعَيْطِيُّ، وَالنَّاسُ يَتَنَاظَرُوْنَ، فَإِذَا اختَلَفُوا فِي شَيْءٍ، تَكَلَّمَ فِيْهِ عَلِيٌّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
كَانَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ إِذَا قَدِمَ عَلَيْنَا، أَظْهَرَ السُّنَّةَ، وَإِذَا ذَهَبَ إِلَى البَصْرَةِ، أَظْهَرَ التَّشَيُّعَ.
قُلْتُ: كَانَ إِظْهَارُهُ لِمَنَاقِبِ الإِمَامِ عَلِيٍّ بِالبَصْرَةِ، لِمَكَانِ أَنَّهُم عُثْمَانِيَّةٌ، فِيْهِمُ انْحِرَافٌ عَلَى عَلِيٍّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ اليُوْنِيْنِيُّ (1) ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ الطُّيُوْرِيُّ (2) ، أَخْبَرَنَا الفَالِيُّ (3) ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ خرَّبَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ (4) ، حَدَّثَنَا زَنْجُوْيَةُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ
(1) يونين، بضم الياء وكسر النون الأولى، قرية من قرى بعلبك، منها الحافظ شرف الدين، أبو الحسين، علي بن محمد اليونيني البعلبكي الحنبلي الامام العالم المحدث المتوفى سنة 701 هـ. وعن نسخته من " صحيح البخاري " طبع بمصر في المطبعة الاميرية سنة 1311 هـ.
وهي أعظم أصل يوثق به في نسخ " صحيح البخاري "، وهي التي جعلها القسطلاني عمدته في تحقيق متن الكتاب، وضبطه حرفا حرفا، وكلمة كلمة في شرحه للبخاري المسمى " إرشاد الساري ".
(2)
هو أبو الحسين، المبارك بن عبد الجبار.
(3)
بفتح الفاء وفي آخرها اللام، نسبة إلى بلدة تسمى فالة.
قال أبو بكر الخطيب فيما نقله السمعاني عنه: أظنها من بلاد فارس، قريبة من إيذج.
والفالي هذا هو أبو الحسن علي بن أحمد بن علي المؤدب، أقام ببغداد حتى آخر عمره.
(4)
هو القاضي الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي المتوفى سنة 360 هـ، صاحب =
بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ:
التَّفَقُّةُ فِي مَعَانِي الحَدِيْثِ: نِصْفُ العِلْمِ، وَمَعْرِفَةُ الرِّجَالِ: نِصْفُ العِلْمِ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يُوْنُسَ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ:
تَرَكتُ مِنْ حَدِيْثِي مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، مِنْهَا ثَلَاثُوْنَ أَلْفاً لِعَبَّادِ بنِ صُهَيْبٍ.
وَعَنِ البُخَارِيِّ: وَقِيْلَ لَهُ: مَا تَشْتَهِي؟
قَالَ: أَنْ أَقْدَمَ العِرَاقَ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ حَيٌّ، فَأُجَالِسَهُ.
سَمِعَهَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ مِنَ البُخَارِيِّ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: قِيْلَ لأَبِي دَاوُدَ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَعْلَمُ أَمْ عَلِيٌّ؟
فَقَالَ: عَلِيٌّ أَعْلَمُ بِاخْتِلَافِ الحَدِيْثِ مِنْ أَحْمَدَ.
قَالَ عَبْدُ المُؤْمِنِ النَّسَفِيُّ: سَأَلْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ: هَلْ كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَحْفَظُ؟
فَقَالَ: لَا، إِنَّمَا كَانَ عِنْدَهُ مَعْرِفَةٌ.
قُلْتُ: فَعَلِيٌّ؟
قَالَ: كَانَ يَحْفَظُ وَيَعْرِفُ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ خَيْرٌ مِنْ عَشْرَةِ آلَافٍ مِثْلِ الشَّاذَكُوْنِيِّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زِيَادٍ القَطَوَانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ يَقُوْلُ:
انْتَهَى العِلْمُ إِلَى أَرْبَعَةٍ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ أَسْرَدَهُمْ لَهُ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَفْقَهَهُمْ فِيْهِ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ أَعْلَمُهُم بِهِ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ أَكْتَبُهُمْ لَهُ.
= كتاب " المحدث الفاصل بين الراوي والواعي ". انظر ترجمته في " تذكرة الحفاظ " 3 / 905، 907.
قَالَ الفَرْهَيَانِيُّ، وَغَيْرُهُ مِنَ الحُفَّاظِ: أَعْلَمُ أَهْلِ زَمَانِهِ بِعِلَلِ الحَدِيْثِ: عَلِيٌّ.
يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ (1)) : حَدَّثَنِي بَكْرُ بنُ خَلَفٍ، قَالَ:
قَدِمْتُ مَكَّةَ وَبِهَا شَابٌّ حَافِظٌ، كَانَ يُذَاكِرُنِي (المُسْنَدَ (2)) بِطُرُقِهَا،
فَقُلْتُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟
قَالَ: أُخْبِرُكَ، طَلَبتُ إِلَى عَلِيٍّ أَيَّامَ سُفْيَانَ أَنْ يُحَدِّثَنِي بِالمُسْنَدِ، فَقَالَ: قَدْ عَرَفتَ، إِنَّمَا تُرِيْدُ بِذَلِكَ المُذَاكَرَةَ، فَإِنْ ضَمِنتَ لِي أَنَّكَ تُذَاكِرُ وَلَا تُسَمِّيْنِي، فَعَلتُ.
قَالَ: فَضَمِنتُ لَهُ، وَاختَلَفْتُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُنِي بِذَا الَّذِي أُذَاكِرُكَ بِهِ حِفْظاً.
قَالَ الفَسَوِيُّ: فَذَكَرْتُ هَذَا لِبَعْضِ مَنْ كَانَ يَلزَمُ عَلِيّاً، فَقَالَ:
سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ: غِبتُ عَنِ البَصْرَةِ فِي مَخْرَجِي إِلَى اليَمَنِ - أَظُنُّهُ ذَكَرَ ثَلَاثَ سِنِيْنَ - وَأُمِّيَ حَيَّةٌ، فَلَمَّا قَدِمْتُ، قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، فُلَانٌ لَكَ صَدِيْقٌ، وَفُلَانٌ لَكَ عَدُوٌّ.
قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ عَلِمْتِ يَا أُمَّهْ؟
قَالَتْ: كَانَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ - فَذَكَرَتْ مِنْهُمْ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ - يَجِيْؤُونَ مُسَلِّمِيْنَ، فَيُعَزُّونِي، وَيَقُوْلُوْنَ: اصْبِرِيْ، فَلَو قَدِمَ عَلَيْكِ، سَرَّكِ اللهُ بِمَا تَرَيْنَ.
فَعَلِمتُ أَنَّ هَؤُلَاءِ أَصْدِقَاءَ.
وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ إِذَا جَاؤُوا، يَقُوْلُوْنَ لِي: اكْتُبِي إِلَيْهِ، وَضَيِّقِي عَلَيْهِ لِيَقْدَمَ.
فَأَخْبَرَنِي العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ العَظِيْمِ - أَوْ غَيْرُهُ - قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ:
كُنْتُ صَنَّفتُ (المُسْنَدَ) عَلَى الطُّرُقِ مُستَقْصَىً، كَتَبتُهُ فِي قَرَاطِيْسَ، وَصَيَّرتُهُ فِي قِمَطْرٍ كَبِيْرٍ، وَخَلَّفْتُهُ فِي المَنْزِلِ، وَغِبْتُ هَذِهِ الغَيْبَةَ. قَالَ: فَجِئتُ،
(1) 2 / 136، 137 وجاء فيه الخبر محرفا، فيصحح من هنا، وانظر " تاريخ بغداد " 11 / 462.
(2)
في " تهذيب الكمال " ص: 981: " المسندات ".
فَحَرَّكتُ القِمَطْرَ، فَإذَا هُوَ ثَقِيلٌ، بِخِلَافِ مَا كَانَتْ، فَفَتَحْتُهَا، فَإِذَا الأَرَضَةُ قَدْ خَالَطَتِ الكُتُبَ، فَصَارَتْ طِيْناً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ البُجَيْرِيُّ: سَمِعْتُ الأَعْيَنَ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ مُستَلْقِياً، وأَحْمَدُ عَنْ يَمِيْنِهِ، وَابْنُ مَعِيْنٍ عَنْ يَسَارهِ، وَهُوَ يُمْلِي عَلَيْهِمَا.
قَالَ أَبُو أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ:
رُبَّمَا أَذَّكَّرُ الحَدِيْثَ فِي اللَّيْلِ، فَآمُرُ الجَارِيَةَ تُسْرِجَ السِّرَاجَ، فَأَنْظُرَ فِيْهِ.
البُخَارِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ سَعِيْدٍ الرِّبَاطِيَّ قَالَ:
قَالَ عَلِيٌّ: مَا نَظَرتُ فِي كِتَابِ شَيْخٍ فَاحتَجْتُ إِلَى السُّؤَالِ بِهِ عَنْ غَيْرِي.
وَعَنِ العَبَّاسِ بنِ سَوْرَةَ، قَالَ: سُئِلَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عَنْ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَالحُمَيْدِيِّ، فَقَالَ:
يَنْبَغِي لِلْحُمَيْدِيِّ أَنْ يَكْتُبَ عَن آخَرَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَالِبِ بنِ عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ: سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:
أَعْلَمُ مَنْ أَدْرَكتُ بِالحَدِيْثِ وَعِلَلِهِ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَفْقَهُهُم فِي الحَدِيْثِ: أَحْمَدُ، وَأَمهَرُهُم (1) بِالحَدِيْثِ: سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ.
وَقَالَ عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ: سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَرْعَرَةَ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ القَطَّانَ يَقُوْلُ لاِبْنِ المَدِيْنِيِّ:
وَيْحَكَ يَا عَلِيُّ! إِنِّي أَرَاكَ تَتَبَّعُ الحَدِيْثَ تَتَبُّعاً، لَا أَحسِبُكَ تَمُوتُ حَتَّى تُبْتَلَى.
الفَسَوِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيّاً، وَقَوْمٌ يَخْتَلِفُونَ إِلَيْهِ يَقْرَأُ عَلَيْهِم أَبْوَابَ
(1) في الأصل: " وأقهرهم " وهو تحريف، والتصويب من " تهذيب الكمال ".
السَّجْدَةِ، كَانَ يُذْكَرُ لَهُ طَرَفُ حَدِيْثٍ، فَيَمُرُّ عَلَى الصَّفحَةِ وَالوَرَقَةِ، فَإِذَا تَعَايَى فِي شَيْءٍ، لَقَّنُوهُ الحَرْفَ وَالشَّيْءَ مِنْهُ، ثُمَّ يَمُرُّ، وَيَقُوْلُ: اللهُ المُسْتَعَانُ، هَذِهِ الأَبْوَابُ أَيَّامَ نَطلُبُ، كُنَّا نَتَلَاقَى بِهِ المَشَايِخَ، وَنُذَاكِرُهُمْ بِهَا، وَنَستَفِيدُ مَا يَذْهَبُ عَلَيْنَا مِنْهَا، وَكُنَّا نَحفَظُهَا، وَقَدِ احْتَجْنَا اليَوْمَ إِلَى أَنْ نُلَقَّنَ فِي بَعْضِهَا (1) .
قَالَ أَزْهَرُ بنُ جَمِيْلٍ: كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، أَنَا، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَسُفْيَانُ الرُّؤَاسِيُّ (2) ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَغَيْرُهُم، إذْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ مُنْتَقِعَ اللَّوْنِ، أَشْعَثَ، فَسَلَّمَ.
فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: مَا حَالُكَ أَبَا سَعِيْدٍ؟
قَالَ: خَيْرٌ، رَأَيْتُ البَارِحَةَ فِي المَنَامِ كَأَنَّ قَوْماً مِنْ أَصْحَابِنَا قَدْ نُكِسُوا.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: يَا أَبَا سَعِيْدٍ، هُوَ خَيْرٌ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-:{وَمَنْ نُعَمِّرْهُ، نُنَكِّسْهُ فِي الخَلْقِ} [يس: 68] .
قَالَ: اسْكُتْ، فَوَاللهِ إِنَّكَ لَفِي القَوْمِ.
قَالَ الأَثْرَمُ اللُّغَوِيُّ: سَمِعْتُ الأَصْمَعِيَّ يَقُوْلُ لِعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ:
وَاللهِ يَا عَلِيُّ، لَتَتْرُكَنَّ الإِسْلَامَ وَرَاءَ ظَهرِكَ.
أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ غُلَامُ خَلِيْلٍ، عَنِ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ العَظِيْمِ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ يَوْماً، فَرَأَيْتُهُ وَاجِماً مَغْمُوماً، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ؟
قَالَ: رُؤْيَا رَأَيْتُ، كَأَنِّي أَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ دَاوُدَ عليه السلام.
فَقُلْتُ: خَيْراً رَأَيْتَ، تَخطُبُ عَلَى مِنْبَرِ نَبِيٍّ. فَقَالَ: لَوْ رَأَيْتُ أَنِّي أَخطُبُ عَلَى
(1)" المعرفة والتاريخ " 2 / 137.
(2)
هو سفيان بن وكيع بن الجراح، أبو محمد الرؤاسي.
كان صدوقا إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح، فلم يقبل، فسقط حديثه من رجال " التهذيب ".
مِنْبَرِ أَيُّوْبَ، كَانَ خَيْراً لِي؛ لأَنَّهُ بُلِيَ فِي دِيْنِهِ، وَدَاوُدُ فُتِنَ فِي دِيْنِهِ.
قَالَ: فَكَانَ مِنْهُ مَا كَانَ -يَعْنِي: إِجَابَتَهُ فِي مِحْنَةِ القُرْآنِ-.
قُلْتُ: غُلَامُ خَلِيْلٍ غَيْرُ ثِقَةٍ.
الحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:
قَالَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ لِلْمُعْتَصِمِ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، هَذَا يَزْعُمُ -يَعْنِي: أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ- أَنَّ اللهَ يُرَى فِي الآخِرَةِ، وَالعَيْنُ لَا تَقَعُ إِلَاّ عَلَى مَحْدُوْدٍ، وَاللهُ لَا يُحَدُّ.
فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ؟
قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! عِنْدِيَ مَا قَالَهُ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ: وَمَا هُوَ؟
قَالَ: حَدَّثَنِي غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيْرٍ، قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَنَظَرَ إِلَى البَدْرِ، فَقَالَ:(إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا البَدْرَ، لَا تُضَامُوْنَ فِي رُؤْيَتِهِ (1)) .
فَقَالَ لاِبْنِ أَبِي دُوَادَ: مَا تَقُوْلُ؟
قَالَ: أَنْظُرُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الحَدِيْثِ، ثُمَّ انْصَرَفَ.
فَوَجَّهَ إِلَى عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَعَلِيٌّ بِبَغْدَادَ مُمْلِقٌ، مَا يَقْدِرُ عَلَى دِرْهَمٍ، فَأَحضَرَهُ، فَمَا كَلَّمَهُ بِشَيْءٍ حَتَّى وَصَلَهُ بِعَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: هَذِهِ وَصَلَكَ بِهَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ.
وَأَمَرَ أَنْ يُدفَعَ إِلَيْهِ جَمِيْعُ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ أَرزَاقهِ.
وَكَانَ لَهُ رِزْقُ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا الحَسَنِ! حَدِيْثُ جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ فِي الرُّؤْيَةِ مَا هُوَ؟
قَالَ: صَحِيْحٌ.
قَالَ: فَهَلْ عِنْدَكَ عَنْهُ شَيْءٌ؟
قَالَ: يُعفِينِي القَاضِي مِنْ هَذَا.
قَالَ: هَذِهِ حَاجَةُ الدَّهْرِ.
ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِثِيَابٍ وَطِيْبٍ وَمَرْكَبٍ بِسَرجِهِ وَلِجَامِهِ.
وَلَمْ يَزَلْ
(1) أخرجه البخاري 2 / 27 في الصلاة: باب فضل صلاة العصر، و8 / 458 في التفسير: باب قوله: (فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب) ، و13 / 356، 357 في التوحيد: باب قوله الله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربها ناظرة)، ومسلم (633) في المساجد: باب فضل صلاتي الصبح والعصر، وأحمد 4 / 360، والترمذي (2551) ، وابن ماجة (178) .
وهو من حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري 3 / 358، ومسلم (183) .
حَتَّى قَالَ لَهُ: فِي هَذَا الإِسْنَادِ مَنْ لَا يُعْمَلُ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى مَا يَرْوِيْهِ، وَهُوَ قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ، إِنَّمَا كَانَ أَعْرَابِيّاً بَوَّالاً عَلَى عَقِبَيْهِ.
فَقَبَّلَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ عَلِيّاً، وَاعتَنَقَهُ.
فَلَمَّا كَانَ الغَدُ وَحَضَرُوا، قَالَ ابْنُ أَبِي دُوَادُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، يَحْتَجُّ فِي الرُّؤْيَةِ بِحَدِيْثِ جَرِيْرٍ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَنْهُ قَيْسٌ، وَهُوَ أَعْرَابِيٌّ بَوَّالٌ عَلَى عَقِبَيْهِ؟
قَالَ: فَقَالَ أَحْمَدُ بَعْدَ ذَلِكَ: فَحِينَ أَطْلَعَ لِي هَذَا، عَلِمتُ أَنَّهُ مِنْ عَمَلِ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، فَكَانَ هَذَا وَأَشْبَاهُهُ مِنْ أَوْكَدِ الأُمُورِ فِي ضَرْبِهِ.
رَوَاهَا المَرْزُبَانِيُّ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى -يَعْنِي: الصُّوْلِيَّ- حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ.
ثُمَّ قَالَ الخَطِيْبُ: أَمَّا مَا حُكِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي هَذَا الخَبَرِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ عَلَى مَا يَرْوِيْهِ قَيْسٌ، فَهُوَ بَاطِلٌ.
قَدْ نَزَّهَ اللهُ عَلِيّاً عَنْ قَوْلِ ذَلِكَ؛ لأَنَّ أَهْلَ الأَثَرِ، وَفِيْهُم عَلِيٌّ، مُجْمِعُوْنَ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِرِوَايَةِ قَيْسٍ وَتَصْحِيْحِهَا، إِذْ كَانَ مِنْ كُبَرَاءِ تَابِعِيِّ أَهْلِ الكُوْفَةِ.
وَلَيْسَ فِي التَّابِعِيْنِ مَنْ أَدْرَكَ العَشَرَةَ وَرَوَى عَنْهُمْ، غَيْرَ قَيْسٍ مَعَ رِوَايَتهِ عَنْ خَلْقٍ مِنَ الصَّحَابَةِ
…
، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَإِنْ كَانَ هَذَا مَحْفُوْظاً عَنِ ابْنِ فَهْمٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّ ابْنَ أَبِي دُوَادَ تَكَلَّمَ فِي قَيْسٍ بِمَا ذَكَرَ فِي الحَدِيْثِ، وَعَزَا ذَلِكَ إِلَى ابْنِ المَدِيْنِيِّ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
قُلْتُ: إِنْ صَحَّتِ الحِكَايَةُ، فَلَعَلَّ عَلِيّاً قَالَ فِي قَيْسٍ مَا عِنْدَهُ عَنْ يَحْيَى القَطَّانِ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ مُنْكَرُ الحَدِيْثِ.
ثُمَّ سَمَّى لَهُ أَحَادِيْثَ اسْتَنكَرَهَا، فَلَمْ يَصنَعْ شَيْئاً، بَلْ هِيَ ثَابِتَةٌ، فَلَا يُنْكَرُ لَهُ التَفَرَّدُ فِي سَعَةِ مَا رَوَى، مِنْ ذَلِكَ حَدِيْثُ كِلَابِ الحَوْأَبِ (1) ، وَقَدْ كَادَ قَيْسٌ أَنْ يَكُوْنَ صَحَابِيّاً.
أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ
(1) أخرجه أحمد 6 / 52 و97، وابن حبان (1831) ، والحاكم 3 / 120 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم أن عائشة لما أتت على الحوأب، سمعت نباح الكلاب، فقالت: ما أظنني إلا راجعة، إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال لنا:" أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب؟ " وإسناده صحيح. وقال الحافظ في " الفتح " 13 / 45 بعد أن =
هَاجَرَ إِلَيْهِ، فَمَا أَدْرَكَهُ، بَلْ قَدِمَ المَدِيْنَةَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِلَيَالٍ.
وَقَدْ قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ - فِيْمَا نَقَلَهُ عَنْهُ مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ -: كَانَ قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ أَوْثَقَ مِنَ الزُّهْرِيِّ.
نَعَمْ، وَرُؤْيَةُ اللهِ -تَعَالَى- فِي الآخِرَةِ مَنْقُوْلَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَقْلَ تَوَاتُرٍ، فَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الهَوَى وَرَدِّ النَّصِّ بِالرَّأْيِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَجوَدُ التَّابِعِيْنَ إِسْنَاداً: قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ، قَدْ رَوَى عَنْ تِسْعَةٍ مِنَ العَشَرَةِ، لَمْ يَرْوِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَلَمْ يَحْكِ أَحَدٌ مِمَّنْ سَاقَ المِحْنَةَ أَنَّ أَحْمَدَ نُوظِرَ فِي حَدِيْثِ الرُّؤْيَةِ.
قَالَ: وَالَّذِي يُحْكَى عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ رَوَى لاِبْنِ أَبِي دُوَادَ حَدِيْثاً عَنِ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ فِي القُرْآنِ، كَانَ الوَلِيْدُ أَخْطَأَ فِي لَفْظَةٍ مِنْهُ، فَكَانَ أَحْمَدُ يُنْكِرُ عَلَى عَلِيٍّ رِوَايَتَهُ لِذَلِكَ الحَدِيْثِ.
فَقَالَ المَرُّوْذِيُّ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ:
إِنَّ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ حَدَّثَ عَنِ الوَلِيْدِ حَدِيْثَ عُمَرَ: كِلُوْهُ إِلَى عَالِمِهِ، فَقَالَ: إِلَى خَالِقِهِ.
فَقَالَ: هَذَا كَذِبٌ.
ثُمَّ قَالَ: هَذَا قَدْ كَتَبنَاهُ عَنِ الوَلِيْدِ، إِنَّمَا هُوَ (فَكِلُوْهُ إِلَى عَالِمِهِ (1)) .
وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ غَيْرُهَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرِ بنِ أَبِي الدُّمَيْكِ: حَدَّثَنَا ابْنُ المَدِيْنِيِّ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ،
= ذكره: وأخرج هذا أحمد وأبو يعلى والبزار، وصححه ابن حبان والحاكم، وسنده على شرط الصحيح.
وصححه أيضا المؤلف في ترجمته للسيدة عائشة في هذا الكتاب، والحافظ ابن كثير في " البداية ".
والحوأب: من مياه العرب على طريق البصرة، قاله أبو الفتح نصر بن عبد الرحمن الاسكندري فيما نقله عنه ياقوت في " معجم البلدان ". وقال أبو عبيد البكري في " معجم ما استعجم ": ماء قريب من البصرة على طريق مكة إليها، سمي بالحوأب بنت كلب بن وبرة القضاعية.
(1)
سيرد الحديث في الصفحة: 199 وسيخرج هناك.
حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بنُ مَالِكٍ، قَالَ:
بَيْنَمَا عُمَرُ جَالِسٌ فِي أَصْحَابهِ، إِذْ تَلَا هَذِهِ الآيَةَ:{وَفَاكِهَةً وَأَبّاً} [عَبَسَ:31]، ثُمَّ قَالَ: هَذَا كُلَّهُ قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الأَبُّ؟
قَالَ، وَفِي يَدِهِ عُصَيَّةٌ يَضْرِبُ بِهَا الأَرْضَ، فَقَالَ:
هَذَا - لَعَمْرُ اللهِ - التَّكَلُّفُ، فَخُذُوا أَيُّهَا النَّاسُ بِمَا بُيِّنَ لَكُمْ، فَاعمَلُوا بِهِ، وَمَا لَمْ تَعْرِفُوهُ، فَكِلُوْهُ إِلَى رَبِّهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنِيْهِ أَبُو طَالِبٍ بنُ بُكَيْرٍ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بنُ جَعْفَرٍ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الدُّمَيْكِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلَانِيُّ: حَدَّثَنَا المَرُّوْذِيُّ، قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: إِنَّ عَلِيّاً يُحَدِّثُ عَنِ الوَلِيْدِ
…
، فَذَكَرَ الحَدِيْثَ، وَقَالَ: فَكِلُوهُ إِلَى خَالِقِهِ.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: كَذِبٌ.
حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ مَرَّتَيْنِ إِنَّمَا هُوَ: كِلُوْهُ إِلَى عَالِمِهِ.
وَقَالَ عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ: قُلْتُ لاِبْنِ المَدِيْنِيِّ: إِنَّهُم قَدْ أَنْكَرُوهُ عَلَيْكَ.
فَقَالَ: حَدَّثْتُكُمْ بِهِ بِالبَصْرَةِ
…
، وَذكَرَ أَنَّ الوَلِيْدَ أَخْطَأَ فِيْهِ.
فَغَضِبَ أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَقَالَ: فَنَعَمْ، قَدْ عَلِمَ أَنَّ الوَلِيْدَ أَخْطَأَ فِيْهِ، فَلِمَ حَدَّثَهُمْ بِهِ، أَيُعْطِيْهُمُ الخَطَأَ!
قَالَ المَرُّوْذِيُّ: سَمِعْتُ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ العَسْكَرِ يَقُوْلُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: ابْنُ المَدِيْنِيِّ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ.
فَسَكَتَ، فَقُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ، قَالَ لِي عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ: قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: وَذَكَرَ رَجُلاً، فَتَكَلَّمَ فِيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُم لَا يَقبَلُوْنَ مِنْكَ، إِنَّمَا يَقبَلُوْنَ مِنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
قَالَ: قَوِيَ أَحْمَدُ عَلَى السُّوطِ، وَأَنَا لَا أَقْوَى.
أَبُو بَكْرٍ الجُرْجَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو العَيْنَاءِ، قَالَ:
دَخَلَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ إِلَى ابْنِ أَبِي دُوَادَ بَعْدَ مَا تَمَّ مِنْ مِحْنَةِ أَحْمَدَ مَا جَرَى، فَنَاوَلَهُ رُقْعَةً، قَالَ: هَذِهِ طُرِحَتْ فِي دَارِي، فَإذَا فِيْهَا:
يَا ابْنَ المَدِيْنِيِّ الَّذِي شُرِعَتْ لَهُ
…
دُنْيَا فَجَادَ بِدِيْنِهِ لِيَنَالَهَا
مَاذَا دَعَاكَ إِلَى اعْتِقَادِ مَقَالَةٍ
…
قَدْ كَانَ عِنْدَكَ كَافِراً مَنْ قَالَهَا
أَمرٌ بَدَا لَكَ رُشْدُهُ فَقَبِلْتَه
…
أَمْ زَهْرَةُ الدُّنْيَا أَرَدْتَ نَوَالَهَا؟
فَلَقْدَ عَهِدْتُكَ - لَا أَبَا لَكَ - مَرَّةً
…
صَعْبَ المَقَادَةِ لِلَّتِي تُدْعَى لَهَا
إِنَّ الحَرِيْبَ (1) لَمَنْ يُصَابُ بِدِيْنِهِ
…
لَا مَنْ يُرَزَّى نَاقَةً وَفِصَالَهَا (2)
فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: هَذَا بَعْضُ شُرَّادِ هَذَا الوَثَنِ -يَعْنِي: ابْنَ الزَّيَّاتِ- وَقَدْ هُجِيَ خِيَارُ النَّاسِ، وَمَا هَدَمَ الهِجَاءُ حَقّاً، وَلَا بَنَى بَاطِلاً، وَقَدْ قُمْتَ وَقُمنَا مِنْ حَقِّ اللهِ بِمَا يُصَغِّرُ قَدْرَ الدُّنْيَا عِنْدَ كَثِيْرِ ثَوَابهِ.
ثُمَّ دَعَا لَهُ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: اصْرِفْهَا فِي نَفَقَاتِكَ وَصَدَقَاتِكَ.
قَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: قَدِمَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ البَصْرَةَ، فَصَارَ إِلَيْهِ بُنْدَارُ، فَجَعَلَ عَلِيُّ يَقُوْلُ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ.
فَقَالَ بُنْدَارُ عَلَى رُؤُوْسِ المَلأِ: مَنْ أَبُو عَبْدِ اللهِ، أَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ؟
قَالَ: لَا، أَحْمَدُ بنُ أَبِي دُوَادَ.
فَقَالَ بُنْدَارُ: عِنْدَ اللهِ أَحْتَسِبُ خُطَايَ، شُبِّه عَلَيَّ هَذَا.
وَغَضِبَ، وَقَامَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: كَانَ عِنْدَ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيِّ قِمَطْرٌ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ، وَمَا كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ، فَقِيْلَ لَهُ: لِمَ لَا تُحَدِّثُ عَنْهُ؟
قَالَ: لَقِيْتُهُ يَوْماً وَبِيَدِهِ نَعْلُهُ، وثِيَابُهُ فِي فَمِهِ، فَقُلْتُ: إِلَى أَيْنَ؟
فَقَالَ: أَلْحَقُ الصَّلَاةَ خَلْفَ أَبِي عَبْدِ اللهِ.
فَظَنَنتُ أَنَّهُ يَعْنِي أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَقُلْتُ: مَنْ أَبُو عَبْدِ اللهِ؟
قَالَ: ابْنُ أَبِي دُوَادَ.
فَقلتُ: وَاللهِ لَا حَدَّثتُ عَنْكَ بِحَرْفٍ.
(1) أي الذي سلب جميع ماله.
(2)
الأبيات في " تهذيب الكمال "، ورقة: 983، و" تاريخ بغداد " 11 / 469، 470، و" طبقات الشافعية " 2 / 148، و" تذهيب التهذيب 3 / 69 / 1، ولم تنسب لأحد في هذه المصادر.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ إِسْحَاقَ الجَلَاّبُ، وَآخَرُ: قِيْلَ لإِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيِّ: أَكَانَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ يُتَّهَمُ؟
قَالَ: لَا، إِنَّمَا كَانَ إِذَا حَدَّثَ بِحَدِيْثٍ، فَزَادَ فِي خَبَرِهِ كَلِمَةً، لِيُرضِيَ بِهَا ابْنَ أَبِي دُوَادَ.
فَقِيْلَ لَهُ: أَكَانَ يَتَكَلَّمُ فِي أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ؟
قَالَ: لَا، إِنَّمَا كَانَ إِذَا رَأَى فِي كِتَابٍ حَدِيْثاً عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ: اضْرِبْ عَلَى ذَا؛ لِيُرضِيَ بِهِ ابْنَ أَبِي دُوَادَ.
وَكَانَ قَدْ سَمِعَ مِنْ أَحْمَدَ، وَكَانَ فِي كِتَابِهِ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ، وَقَالَ أَحْمَدُ، وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ.
وَكَانَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ إِذَا رَأَى فِي كِتَابٍ حَدِيْثاً عَنِ الأَصْمَعِيِّ، قَالَ: اضْرِبْ عَلَى ذَا؛ لِيُرْضِيَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، فَحَمَلُوا عَلَيْهِ.
فَقُلْتُ: مَا هُوَ عِنْدَ النَّاسِ إِلَاّ مُرتَدٌّ.
فَقَالَ: مَا هُوَ بِمُرْتَدٍّ، هُوَ علَى إِسْلَامهِ، رَجُلٌ خَافَ، فَقَالَ (1) .
قَالَ ابْنُ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) : قَالَ لِي عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ:
مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَفِّرَ الجَهْمِيَّةَ، وَكُنْتُ أَنَا أَوَّلاً لَا أُكَفِّرُهُمْ؟
فَلَمَّا أَجَابَ عَلِيٌّ إِلَى المِحْنَةِ، كَتَبْتُ إِلَيْهِ أُذَكِّرُهُ مَا قَالَ لِي، وَأُذَكِّرُهُ اللهَ.
فَأَخْبَرَنِي رَجُلٌ عَنْهُ: أَنَّه بَكَى حِيْنَ قَرَأَ كِتَابِي.
ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدُ، فَقَالَ لِي: مَا فِي قَلْبِيَ مِمَّا قُلْتُ، وَأَجَبتُ إِلَى شَيْءٍ، وَلَكِنِّي خِفتُ أَنْ أُقْتَلَ، وَتَعْلَمُ ضَعْفِيَ أَنِّي لَوْ ضُرِبتُ سَوْطاً وَاحِداً لَمِتُّ، أَوْ نَحْوَ هَذَا.
قَالَ ابْنُ عَمَّارٍ: وَدَفَعَ عَنِّي عَلِيٌّ امْتِحَانَ ابْنِ أَبِي دُوَادَ إِيَّايَ، شَفَعَ فِيَّ، وَدَفَعَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ المَوْصِلِ مِنْ أَجْلِي، فَمَا أَجَابَ دِيَانَةً إِلَاّ خَوْفاً.
وَعَنْ عَلِيِّ بنِ سَلَمَةَ النَّيْسَابُوْرِيِّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ بنِ الوَلِيْدِ يَقُوْلُ:
وَدَّعتُ عَلِيَّ بنَ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: بَلِّغْ أَصْحَابَنَا عَنِّي أَنَّ القَوْمَ كُفَّارٌ ضُلَاّلٌ،
(1) في " التهذيب " زيادة: " وما عليه "؟ بعد قوله: " فقال ".
وَلَمْ أَجِدْ بُدّاً مِنْ مُتَابَعَتِهِمْ؛ لأَنِّي جَلَسْتُ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ، وَفِي رِجْلِيَ قَيدٌ ثَمَانِيَةُ أُمَنَاءٍ (1) ، حَتَّى خِفْتُ عَلَى بَصَرِي.
فَإِنْ قَالُوا: يَأْخُذُ مِنْهُمْ، فَقَدْ سُبِقْتُ إِلَى ذَلِكَ، قَدْ أَخَذَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي.
إِسْنَادُهَا مُنْقَطِعٌ.
رَوَاهَا الحَاكِمُ، فَقَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ أَبِي الحَسَنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ سَلَمَةَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ مُسَدَّدَ بنَ أَبِي يُوْسُفَ القُلُوْسِيَّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
قُلْتُ لاِبْنِ المَدِيْنِيِّ: مِثْلُكَ يُجِيْبُ إِلَى مَا أَجَبْتَ إِلَيْهِ؟!
فَقَالَ: يَا أَبَا يُوْسُفَ، مَا أَهْوَنَ عَلَيْكَ السَّيْفَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ يَعْقُوْبَ الحَافِظَ يَذْكُرُ فَضْلَ ابْنِ المَدِيْنِيِّ وَتَقَدُّمَهُ.
فَقِيْلَ لَهُ: قَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ.
فَقَالَ: وَاللهِ لَوْ وَجَدْتُ قُوَّةً، لَخَرَجْتُ إِلَى البَصْرَةِ، فَبُلْتُ عَلَى قَبْرِ عَمْرٍو.
أَجَازَ لَنَا ابْنُ عَلَاّنَ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ النَّضْرِ العَطَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، سَمِعْتُ عَلِيّاً عَلَى المِنْبَرِ يَقُوْلُ:
مَنْ زَعَمَ أَنَّ القُرْآنَ مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ لَا يُرَى، فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ لَمْ يُكَلِّمْ مُوْسَى عَلَى الحَقِيْقَةِ، فَهُوَ كَافِرٌ.
ابْنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ قَبْلَ أَنْ يَمُوْتَ بِشَهْرَيْنِ:
القُرْآنُ كَلَامُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَمَنْ قَالَ: مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ.
(1) جمع المنا، أي: الكيل أو الميزان.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: هُوَ كُفْرٌ -يَعْنِي: مَنْ قَالَ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ-.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (1) بنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانَ أَبُو زُرْعَةَ تَرَكَ الرِّوَايَةَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ أَجْلِ مَا بَدَا مِنْهُ فِي المِحْنَةِ، وَكَانَ وَالِدِي يَرْوِي عَنْهُ؛ لِنُزُوْعِهِ عَمَّا كَانَ مِنْهُ.
قَالَ أَبِي: كَانَ عَلِيٌّ عَلَماً فِي النَّاسِ فِي مَعْرِفَةِ الحَدِيْثِ وَالعِلَلِ.
قُلْتُ: وَيُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، أَنَّ أَبَاهُ أَمسَكَ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ، وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ، بَلْ فِي (مُسْنَدِهِ) عَنْهُ أَحَادِيْثُ، وَفِي (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) عَنْهُ جُمْلَةٌ وَافِرَةٌ.
قَالَ الإِمَامُ أَبُو زَكَرِيَّا صَاحِبُ (الرَّوْضَةِ) : وَلابْنِ المَدِيْنِيِّ فِي الحَدِيْثِ نَحْوٌ مِنْ مائَتَي مُصَنَّفٍ.
قَالَ حَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ: أَقْدَمَ المُتَوَكِّلُ عَلِيّاً إِلَى هَا هُنَا، وَرَجَعَ إِلَى البَصْرَةِ، فَمَاتَ.
قُلْتُ: إِنَّمَا مَاتَ بِسَامَرَّاءَ.
قَالَهُ: البَغَوِيُّ، وَغَيْرُهُ.
قَالَ الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ: مَاتَ بِسَامَرَّاءَ، فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ لِيَومَيْنِ بَقِيَا مِنْ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ.
وَوَهِمَ الفَسَوِيُّ، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ رحمه الله، وَغَفَرَ لَهُ -.
وفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ: مَاتَ أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَالشَّاذَكُوْنِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ طَالُوْتَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ بَرَّادٍ الأَشْعَرِيُّ،
(1) في الأصل " عبد الرحيم "، وهو خطأ.