المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌29- الإتيان بتوضيح الواضح - شبهات المشككين

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌1- جمع القرآن

- ‌2- تعدد مصاحف القرآن

- ‌3- تعدد قراءات القرآن

- ‌4- الكلام الأعجمى

- ‌5- الكلام العاطل

- ‌6- الكلام المتناقض

- ‌7- الكلام المفكك

- ‌8- الكلام المكرر

- ‌9- الكلام المنسوخ

- ‌10- الكلام الغريب

- ‌12- رفع المعطوف على المنصوب

- ‌13- نصب المعطوف على المرفوع

- ‌14- نصب الفاعل

- ‌15- تذكير خبر الاسم المؤنث

- ‌16- تأنيث العدد، وجمع المعدود

- ‌17- جمع الضمير العائد على المثنى

- ‌18- الإتيان باسم الموصول العائد على الجمع مفرداً

- ‌19- جزم الفعل المعطوف على المنصوب

- ‌20- جَعْلُ الضمير العائد على المفرد جمعاً

- ‌21- الإتيان بجمع كثرة فى موضع جمع القلة

- ‌22- الإتيان بجمع قلة فى موضع جمع الكثرة

- ‌23- جَمْعُ اسمِ عَلَمٍ يجب إفراده

- ‌24- الإتيان بالموصول بدل المصدر

- ‌25- وضع الفعل المضارع موضع الماضى

- ‌26- عدم الإتيان بجواب " لمَّا

- ‌27- الإتيان بتركيب أدى إلى اضطراب المعنى

- ‌28- صَرْفُ الممنوع من الصرف

- ‌29- الإتيان بتوضيح الواضح

- ‌30- الالتفات من المخاطب إلى الغائب قبل تمام المعنى

- ‌31- الإتيان بفاعلين لفعل واحد

- ‌32- الإتيان بالضمير العائد على المثنى مفردًا

- ‌33- الإتيان بالجمع مكان المثنى

- ‌34- نصبُ المضاف إليه

- ‌35- هل تناقض القرآن فى مادة خلق الإنسان

- ‌36- حول موقف القرآن من الشرك بالله

- ‌37- حول عصيان إبليس وهو من الملائكة الذين لا يعصون الله

- ‌38- حول عصيان البشر: مع أنهم من المخلوقات الطائعة القانتة لله

- ‌39- حول مدة خلق السموات والأرض

- ‌40- حول خلاف القرآن للكتاب المقدس فى أسماء بعض الشخصيات التاريخية

- ‌41- حول تسمية القرآن الكريم مريم " أخت هارون

- ‌42- حول خلاف القرآن للكتاب المقدس فى عصر نمرود

- ‌43- حول الإسكندر ذى القرنين

- ‌44- حول غروب الشمس فى عين حمئة ومخالفة ذلك للحقائق العلمية

- ‌45- حول حفظ الله للذكر وهل الذكر هو كل القرآن؟ أم بعض القرآن

- ‌46- حول تاريخية أو خلود أحكام القرآن الكريم

- ‌47- حول عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم وموقف القرآن من العصمة

- ‌48- دعوى: خلو الكتب السابقة من البشارة برسول الإسلام

- ‌49- قوم النبى محمد صلى الله عليه وسلم زناة من أصحاب الجحيم

- ‌50- مات النبى صلى الله عليه وسلم بالسم

- ‌51- تعدد زوجات النبى محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌52- محاولة النبى محمد صلى الله عليه وسلم الانتحار

- ‌53- ولادة النبى محمد صلى الله عليه وسلم عادية

- ‌54- يحتاج محمد صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة عليه

- ‌55- محمد صلى الله عليه وسلم أُمّى فكيف علّم القرآن

- ‌56- محمد صلى الله عليه وسلم يحرّم ما أحل الله

- ‌57- تعلّم محمد صلى الله عليه وسلم من غيره

- ‌58- محمد صلى الله عليه وسلم يعظم الحجر الأسود

- ‌59- كاد محمد صلى الله عليه وسلم أن يفتن

- ‌60- قاتل محمد صلى الله عليه وسلم فى الشهر الحرام

- ‌61- محمد صلى الله عليه وسلم مذنب كما فى القرآن

- ‌62- الشيطان يوحى إلى محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌63- حول الاستغناء بالقرآن عن السنة وعلاقة السنة بالقرآن

- ‌64- حول تناقض النقل - القرآن - مع العقل

- ‌65- الإسلام انتشر بالسيف، ويحبذ العنف

- ‌66- هل الجبال تحفظ توازن الأرض؟ والأرض تدور حول نفسها

- ‌67- هل النجوم رجوم الشياطين

- ‌68- القرآن يتناقض مع العلم

- ‌69- كيف يكون العلم كفرًا

- ‌70- رىّ مصر بالغيث

- ‌71- الرعد ملك من الملائكة

- ‌72- الوادى طوى

- ‌73- هل الزيتون يخرج من طور سيناء

- ‌74- جبل قاف المحيط بالأرض كلها

- ‌75- هامان وزير فرعون

- ‌76- قارون وهامان مصريان

- ‌77- العجل الذهبى من صنع السامرى

- ‌78- أبو إبراهيم آزر

- ‌79- مريم العذراء بنت عمران

- ‌80- يوسف همّ بالفساد

- ‌81- نوح يدعو للضلال

- ‌82- فرعون ينجو من الغرق

- ‌83- انتباذ مريم

- ‌84- مريم تلد فى البرية ووليدها يكلمها من تحتها

- ‌85- لكل أمة رسول منها إليها

- ‌86- خَلْط الأسماء

- ‌87- أخنوخ وليس إدريس

- ‌88- نوح لم يتبعه الأراذل

- ‌89- تهاويل خيالية حول برج بابل

- ‌90- اختراع طفل ينطق بالشهادة

- ‌91- الكعبة بيت زحل

- ‌92- إسماعيل بين الأنبياء

- ‌93- أبناء يعقوب يطلبون أن يلعب يوسف معهم

- ‌94- وليمة نسائية وهمية

- ‌95- عدم سجن بنيامين

- ‌96- قميص سحرى

- ‌97- ابنة فرعون أو زوجته

- ‌98- طرح الأولاد فى النهر صدر قبل ولادة موسى لا بعد إرساليته

- ‌99- صَدَاق امرأة موسى

- ‌100- لم ترث إسرائيل مصر

- ‌101- ضربات مصر عشر لا تسع

- ‌102- الطوفان على المصريين

- ‌103- صخرة حوريب وليست آبار إيلّيم

- ‌104- لوحا الشريعة

- ‌105- هل طلبوا رؤية الله

- ‌106- سليمان أو أبشالوم

- ‌107- هاجر أو السيدة العذراء

- ‌108- لم تنزل مائدة من السماء

- ‌109- قصة ذى الكفل

- ‌110- أصحاب الرس

- ‌111- حتى لقمان نبى

- ‌112- الكعبة مقام إبراهيم

- ‌113- فرعون بنى برج بابل بمصر

- ‌114- شاول الملك أو جدعون القاضى

- ‌115- يتكلم فى المهد

- ‌116- يصنع من الطين طيراً

- ‌117- إنكار الصَّلب

- ‌118- تحليل إنكار الله

- ‌119- تحليل الحنث فى القَسَم

- ‌120- تحليل الإغراء بالمال

- ‌121- تحليل القتل

- ‌122- تحليل النهب

- ‌123- تحليل الحلف

- ‌124- تحليل الانتقام

- ‌125- تحليل الشهوات

- ‌126- الحدود فى الإسلام

- ‌127- حد السرقة

- ‌128- حد الزنا

- ‌129- حد الردة

- ‌130- أن ميراث الأنثى نصف ميراث الذكر

- ‌131- أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل

- ‌132- أن النساء ناقصات عقل ودين

- ‌133- ما أفلح قوم ولُّوا أمرهم امرأة

- ‌134- الرجال قوَّامون على النساء

- ‌135- قضية الحِجاب

- ‌136- الرِّق

- ‌137- التَّسَرِّى

- ‌138- هل تحريم زواج المسلمة بغير المسلم يُعد نزعة عنصرية

- ‌139- هل صحيح أن الإسلام ضد حرية الاعتقاد

- ‌140- ما موقف الإسلام من الديمقراطية وحقوق الإنسان

- ‌141- ما موقف الإسلام من الفنون

- ‌142- ما أسباب تفرق المسلمين رغم دعوة الإسلام للوحدة

- ‌143- هل الإسلام مسئول عن تخلف المسلمين

- ‌144- هل صحيح أن الصوم يقلل حركة الإنتاج

- ‌145- هل صحيح أن الزكاة تتيح للغنى فرصة عند الله أفضل من فرصة الفقير

- ‌146- لماذا حرّم الإسلام أكل لحم الخنزير

- ‌147- لماذا حرّم الإسلام الحرير والذهب على الرجال

الفصل: ‌29- الإتيان بتوضيح الواضح

‌29- الإتيان بتوضيح الواضح

منشأ هذه الشبهة:

هو قوله جل ثناؤه:

(.. فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة..)(1) .

موطن الشاهد على هذه الشبهة عندهم هو قوله تعالى: " تلك عشرة كاملة " بعد قوله عز شأنه: " فصيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجعتم "

وفى تصوير هذه الشبهة قالوا:

" فلماذا لم يقل: تلك عشرة؟ مع حذف كلمة " كاملة " تلافياً لإيضاح الواضح؟ لأنه مَنْ الذى يظن أن العشرة تسعة "؟!

الرد على الشبهة:

من الآيات الكونية لله حركة القمر فى رحلته الشهرية حيث يظهر ضعيفاً نحيفاً فى أولى لياليه، حتى لا يكاد يراه أحد إلا بأجهزة الرصيد الحساسة، ثم ينمو ويكبر ليلة وراء ليلة، وفى كل ليلة تالية تصحبها ظاهرتان فى تطور القمر:

الظاهرة الأولى: إطالة مكثه بعد غروب الشمس، فهو فى أولى لياليه لا يمكث إلا لحيظات فى شكله الضعيف النحيف.

أما الظاهرة الثانية: فهى تطور حجمه من الضعف والنحافة إلى القوة والضخامة.

أما فى الليالى التالية فتزيد مدة مكثه بعد غروب الشمس، ويكبر حجمه، ليلة تلو ليلة.

وفى ليلة الخامس عشر من بدء ولادته تصل الظاهرتان إلى أقصى درجة لهما.

فيمتد مكثه طول الليل، منيراً فى الوجود.

ويكتمل قرصه فيملأ الدائرة المخصصة له ويكتمل نوره 100% ويحيل الليل المظلم إلى نور قوى هادئ فيه منافع للناس، ويُعجِب الناظرين، ويتغنى بجماله الشعراء، ويشبهون به كل ما يرونه:

* حسناً جميلاً.

* بهياً ساحراً.

* رفيع الشأن شامخاً.

حتى العامة من الناس ـ غير الشعراء المرهفى الحس ـ يفتنون به، ويعبرون عن بهائه وسحره. ويمجدون بوصفه كل جميل، فيقولون:" قمر أربع عشرة " أى قمر الليلة التى يرون فيها القمر يوم الرابع عشر، التى سيعقبها اليوم الخامس عشر من الشهر، والقمر فى هذه الليلة يبلغ كمال شبابه ونضجه.

ومنذ فجر الحياة كان القمر، وبخاصة فى ليلة كماله مبعث الإعجاب والبهارة والابتهاج فى نفس كل من يراه، ولم يشذ عن هذا الإحساس أحد،

فإن رأيت من يذم القمر فى ليلة كماله فاعلم أنه رجل مريض الحس، فاسد الذوق، غريب الأطوار.

والأساليب البيانية شأنها شأن القمر، فى تدرج أنماطها وتفاوت درجاتها:

فمنها الحديث اليومى العادى، الذى يخلو من الخصائص الفنية ومنها المتوسط الدرجة، الذى لا يمدح ولا يذم.

ومنها البيان العالى المؤثر فى النفوس، الممتع للعواطف المثرى للفكر.

ومنها البيان الأعلى، المعصوم من النقد، الذى يحس الناس برونقه وإحكامه وجماله وكماله وجلاله، وهو القرآن المعجز العظيم.

ومن أساليب هذا البيان الأعلى الذى لا يضارعه بيان، أسلوب التوكيد كما فى قوله تعالى (تلك عشرة كاملة (.

ونبدأ بأقوال الأئمة فى بيان قيمة " تلك عشرة كاملة " فى تقوية الأسلوب وتوفير العناية بالمعنى، نبدأ بما قاله الإمام الزمخشرى:

" فإن قلت: ما فائدة الفذلكة "؟ قلت: الواو قد تجئ للإباحة فى نحو قولك: جالسى الحسن، وابن سيرين، ألا ترى أنه لو جالسهما جميعاً، أو واحداً منهما كان ممتثلاً، فَفُذْلِكَتْ (2) نفياً لتوهم الإباحة.

وأيضاً ففائدة الفذلكة فى كل حساب أن يُعْلَم العدد جملة كما عُلِم تفصيلاً ليحاط به من جهتين فيتأكد العلم به.

وفى أمثال العرب:

" علمان خير من علم ".

وكذلك " كاملة " تأكيد آخر، وفيه زيادة توصية بصيامها، وألا يتهاون بها، ولا ينقص من عددها.

وقيل " كاملة فى وقوعها بدلاً من الهدى "(3) .

يعنى أن فى هذه العبارة توكيدين:

الأول فى: تلك عشرة ".

والثانى فى " كاملة ".

وقد بين الإمام رحمه الله المعانى التى أفادها هذا التركيب ولنا إضافة على ما قاله سنوضحها فى الخلاصة التى تعودنا على جعلها خاتمة كل مبحث.

ويتابع الإمام البيضاوى ما قاله الإمام الزمخشرى ويضيف إليه جديداً فيقول: " تلك عشرة " فذلكة الحساب، وفائدتها ألا يتوهم متوهم أن " الواو "

ـ أى فى " وسبعة إذا رجعتم " ـ كقولك جالسى الحسن وابن سيرين، وأن يعلم العدد جملة كما علم تفصيلاً.. و " كاملة " صفة مؤكدة تفيد المبالغة فى المحافظة على العدد، أو مبينة كمال العشرة، فإنه أول عدد كامل إذ به تنتهى الآحاد وتتم مراتبها " (4) .

وحذا الإمام الشوكانى حذوهما، ثم قال: إنه مثل " كتبتُ بيدى " والكتابة لا تكون إلا باليد (5) .

ويسوق غيرهم شواهد من الشعر العربى على تأصيل هذا الأسلوب فى لغة العرب، مثل:

فسرتُ إليهمُ عشرين شهراً

وأربعة فذلك حِجّتان

أى: سنتان. وقول الآخر:

ثلاث بالغداة فهُنَّ حسبى

وست حين يدركنى العشاء

فذلك تسعة فى اليوم ربى

وشُرب المرء بعد الِرى داء (6)

والخلاصة:

لقد أصاب الأئمة فى الإشارة إلى معنى جملة " تلك عشرة كاملة " وبخاصة فى قولهم إنها أفادت دفع توهم من يحسب أن " الواو " بمعنى " أو " تفيد الإباحة، فليس ببعيد أن يفهم بعض الناس أن المتمتع بالعمرة إلى الحج كفارته الصيام:

فإن صام فى الحج فيكفيه ثلاثة أيام، ومن لم يصم حتى رجع إلى بلده فعليه صيام سبعة أيام، وأن يفهم الاكتفاء بالثلاثة فى الحج للتخفيف على المحرمين بالحج ويؤدون مناسكه، أما بعد الرجوع إلى الوطن فلا داعى للتخفيف، لأنه غير مشغول بالمناسك، وليس غريباً عن بلده. ليس ببعيد أن يقع هذا الفهم فى أذهان بعض الناس حتى الفقهاء المجتهدين.

لذلك كان قوله تعالى: " تلك عشرة " واصفاً لها بأنها " كاملة " دافعاً لذلك الفهم.

وبذكر " كاملة " تحوَّل قوله تعالى: " تلك عشرة " إلى نص محكم غير قابل للاحتمال أو التأويل.

أما من حيث البلاغة والبيان، فإن كلمة " كاملة " وصفاً لـ " تلك عشرة " تفيد تعظيم هذه الأيام العشرة وكمال فضلها عند الله عز وجل.

بدليل أنه أشار إليها باسم الإشارة الموضوع للبعيد، تنويهاً ببعد منزلتها، وكان يمكن أن يقال هذه عشرة كاملة، وهذه اسم إشارة للقريب سواء كان قرباً حسياً أو قرباً معنويًّا.

هذه المعانى والدقائق والأسرار ما كانت لتُفهَم لولا وجود تلك العبارة، التى عدَّها مثيرو الشبهات عيباً من عيوب الكلام.

(1) البقرة: 196.

(2)

الفذلكة مصطلح فنى معناه: إجمال المعنى فى عبارة موجزة بعد بسطه فى عبارة طويلة.

(3)

الكشاف (1/345) .

(4)

نوار التنزيل (1/111) .

(5)

فتح القدير (1/227) .

(6)

الدر المصون (2/320) .

ص: 76