الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
54- يحتاج محمد صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة عليه
الرد على الشبهة:
الحق أن الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم من ربه ومن المؤمنين ليست دليل حاجة بل هى مظهر تكريم واعتزاز وتقدير له من الحق سبحانه وتقدير له من أتباعه، وليست كما يزعم الظالمون لسد حاجته عند ربه لأن ربه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
لأن أى مقارنة منصفة بين ما كان عليه صلى الله عليه وسلم وبين غيره من أنبياء الله ورسله ترتفع به ليس فقط إلى مقام العصمة؛ بل إلى مقام الكمال الذى أتم به الله الرسالات، وأتم به التنزيل، وأتم به النعمة، فلم تعد البشرية بعد رسالته صلى الله عليه وسلم بحاجة إلى رسل ورسالات.
لذلك فإن رسالته صلى الله عليه وسلم وهى الخاتمة والكاملة حملت كل احتياجات البشرية وما يلزمها من تشريعات ونظم ومعاملات وما ينبغى أن تكون عليه من أخلاق وحضارة مما افتقدت مثل كماله كل الرسالات السابقة.
وحسب رسالة محمد صلى الله عليه وسلم أنها جاءت رحمة عامة للبشرية كلها كما قال القرآن: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)(1) . فلم تكن كما جاء ما قبلها رسالة خاصة بقوم رسولهم كما قال تعالى: (وإلى عاد أخاهم هودًا قال يا قوم اعبدوا الله)(2) .
(وإلى ثمود أخاهم صالحًا قال يا قوم اعبدوا الله)(3) .
(وإلى مدين أخاهم شعيبًا قال يا قوم اعبدوا الله)(4) .
وهكذا كل رسول كان مرسلاً إلى قومه..
لت كانت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى العالمين وإلى الناس كافة كما جاء فى قوله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)(5) ، (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً)(6) .
ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم كانت فوق كونها عالمية فقد كانت هى الخاتمة والكاملة التى ـ كما أشرنا ـ تفى باحتياجات البشر جميعاً وتقوم بتقنين وتنظيم شئونهم المادية والمعنوية عبر الزمان والمكان بكل ما فيه خيرهم فى الدنيا والآخرة.
وفى هذا قال الله تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين)(7) .
وقال فى وصفه لإكمال الدين برسالة محمد صلى الله عليه وسلم (الإسلام) : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا)(8) .
إن عموم رسالة محمد إلى العالمين، وبإعتبارها الرسالة الكاملة والخاتمة؛ يعنى امتداد دورها واستمرار وجودها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها مصداقاً لقوله تعالى:(هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله)(9) .
(1) الأنبياء: 107.
(2)
الأعراف: 65.
(3)
الأعراف: 72.
(4)
الأعراف: 85.
(5)
الأنبياء: 107.
(6)
سبأ: 28.
(7)
الأحزاب: 40.
(8)
المائدة: 3.
(9)
التوبة: 33 ـ الفتح: 28 ـ والصف: 9.
60- قاتل محمد صلى الله عليه وسلم فى الشهر الحرام
الرد على الشبهة:
وذلك لما ورد فى آيات سورة البقرة:
(يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه قل قتال فيه كبير وصدٌّ عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا)(1) .
والمسلمون جميعاً وعلى رأسهم إمامهم ورسولهم محمد صلى الله عليه وسلم هم أحفظ الناس لحرمة الأشهر الحرم وعدم القتال فيها واعتبار القتال فيها حدثًا كبيرًا أو كأنه كبيرة من الكبائر..
لكن ما الذى يفعله المسلمون إذا ما ووجهوا من أعدائهم من المشركين بالقتال والعدوان على الأنفس والأموال والأعراض، ليس هذا فحسب بل ماذا يفعل المسلمون إذا فوجئوا بمن يخرجهم من المسجد الحرام وهم أهله وهم أولى به من غيرهم؟!
إن قانون " الدفع الحضارى " الذى يقره القرآن الكريم لحماية الكون من إفساد المتجبرين والظلمة، ثم لحماية بيوت العبادة للمسلمين والنصارى واليهود أيضًا، والذى عبرت عنه الآيتان الكريمتان:(ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)(2) . وقوله: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرًا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز)(3) . هذا القانون القرآنى ـ وليس قانون من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر ـ هو وحده الذى يحمى الكون والناس من إفساد المتجبرين وظلم الظالمين.
وذلك على أساس أن من يمكن الله لهم فى الأرض بما يمنحهم من القوة والثروة والعلم يجب - وبحسب القانون القرآنى - أن يكونوا صالحين وأخيارًا؛ بمعنى: أن يستخدموا قوتهم وثروتهم وعلمهم لا فى الطغيان والتجبر ولكن فى حماية القيم النبيلة التى تحمى بها العدل والحق وتمكن لكل ما هو خير، وتنفى كل ما هو شر حتى تنعم البشرية بالأمن والاستقرار، وتعتدل أمور الحياة والناس.
وهذا ما جاءت الآية التالية للآيتين السابقتين لتقره حيث يقول: (الذين إن مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)(4) .
ولأن إقرار حقوق عباد الله فى أرض الله وحماية المستضعفين من بطش المتجبرين لا يقل حرمة عند الله من حرمة الأشهر الحرم فقد أبيح القتال فيها لمن ظُلموا من المسلمين ومن فُتنوا فى دينهم وأُخرجوا من ديارهم ظلمًا وعدوانًا.
وهذا ما تقرره الآية: (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا)(5) .
(1) البقرة: 217.
(2)
البقرة: 251.
(3)
الحج: 40.
(4)
الحج: 41.
(5)
البقرة: 217.