الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
56- محمد صلى الله عليه وسلم يحرّم ما أحل الله
الرد على الشبهة:
استند الظالمون لمحمد صلى الله عليه وسلم فى توجيه هذا الاتهام إلى ما جاء فى مفتتح سورة التحريم من قوله تعالى: (يا أيها النبى لم تحرّم ما أحلّ الله لك تبتغى مرضاة أزواجك والله غفور رحيم)(1) .
وهذه الآية وآيات بعدها تشير إلى أمر حدث فى بيت النبى صلى الله عليه وسلم عاتبته نساؤه وتظاهرن عليه بدوافع الغيرة المعروفة عن النساء عامة إذ كان صلى الله عليه وسلم قد دخل عند إحداهن وأكل عندها طعامًا لا يوجد فى بيوتهن، فأسر إلى إحداهن بالأمر فأخبرت به أخريات فعاتبنه فحرّم صلى الله عليه وسلم تناول هذا الطعام على نفسه ابتغاء مرضاتهن.
والواقعة صحيحة لكن اتهام الرسول بأنه يحرّم ما أحل الله هو تصيّد للعبارة وحمل لها على ما لم ترد له..
فمطلع الآية (لم تحرم ما أحل الله لك (هو فقط من باب " المشاكلة " لما قاله النبى لنسائه ترضية لهن؛ والنداء القرآنى ليس اتهامًا له صلى الله عليه وسلم بتحريم ما أحل الله؛ ولكنه من باب العتاب له من ربه سبحانه الذى يعلم تبارك وتعالى أنه صلى الله عليه وسلم يستحيل عليه أن يحرّم شيئًا أو أمرًا أو عملاً أحلّه الله؛ ولكنه يشدد على نفسه لصالح مرضاة زوجاته من خلقه العالى الكريم.
ولقد شهد الله للرسول بتمام تبليغ الرسالة فقال: (ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين)(2) .
وعليه فالقول بأن محمدًا صلى الله عليه وسلم يحرّم ما أحل الله من المستحيلات على مقام نبوته التى زكاها الله تبارك وتعالى وقد دفع عنه مثل ذلك بقوله: (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحى يوحى)(3) .
فمقولة بعضهم أنه يحرّم هو تحميل اللفظ على غير ما جاء فيه، وما هو إلا وعد أو عهد منه صلى الله عليه وسلم لبعض نسائه فهو بمثابة يمين له كفارته ولا صلة له بتحريم ما أحل الله.
(1) التحريم: 1.
(2)
الحاقة: 44- 47.
(3)
النجم: 3- 4.
58- محمد صلى الله عليه وسلم يعظم الحجر الأسود
الرد على الشبهة:
إنهم فى هذه المقولة ـ يريدون أن يتهموه بأنه كان يعظم الحجر الأسود ـ بل ويعظم الكعبة كلها بالطواف حولها وهى حجر لا يختلف فى زعمهم عن الأحجار التى كانت تصنع منها الأوثان فى الجاهلية وكأن الأمر سواء!!
وحقيقة الأمر أن من بعض ما استبقاه الإسلام من أحوال السابقين ما كان فيه من تعاون على خير أو أمر بمعروف ونهى عن منكر، من ذلك ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم على حلف كان فى الجاهلية يسمى " حلف الفضول " وهو عمل إنسانى كريم كان يتم من خلاله التعاون على نصرة المظلوم، وفداء الأسير، وإعانة الغارمين، وحماية الغريب من ظلم أهل مكة وهكذا..
وقد أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الحلف وقال: لو دعيت إلى مثله لأجبت.
وأيضًا كان مما استبقاه الإسلام من فضائل السابقين مما ورثوه عن إبراهيم عليه السلام تعظيمهم للبيت الحرام وطوافهم به؛ بل وتقبيلهم للحجر الأسود.
وهناك بعض مرويات تقول إن هذا الحجر من أحجار الجنة.
وهنا فقط لا يكون أمامنا إلا ما ثبت من أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقبل الحجر الأسود عند طوافه بالبيت، وهو ما تنطق به الرواية عن عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ أنه قال عن تقبيله لهذا الحجر:(والله إنى لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أنى رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك) .
وهنا نقول:
من المستحيل أن يكون تقبيل الرسول صلى الله عليه وسلم للحجر الأسود من باب المجاراة أو المشاكلة لعبدة الأصنام فيما كانوا يفعلون.
ومستحيل أيضًا أن يكون صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك - أى تقبيل الحجر الأسود - دون وحى أو إلهام وجهه صلى الله عليه وسلم إلى تقبيل الحجر بعيدًا بعيدًا عن أى شبهة وثنية أو مجاراة لعبدة الأصنام.
ولأنه صلى الله عليه وسلم قال: [خذوا عنى مناسككم] فقد أصبح تقبيل الحجر الأسود من بعض مناسك الحجاج والعمار للبيت الحرام.
كما أن تعظيم الحجر الأسود هو امتثال لأوامر الله الذى أمر بتعظيم هذا الحجر بالذات، وهو سبحانه الذى أمر برجم حجر آخر كمنسك من مناسك الحج فالأمر بالنسبة للتعظيم أو الرجم لا يعدو كونه إقرارًا بالعبودية لله تعالى وامتثالاً لأوامره عز وجل واستسلامًا لأحكامه.