المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌جزء جمع فيه ما رثي به أبو العلاء المعري - شذرات من كتب مفقودة في التاريخ - جـ ٢

[إحسان عباس]

فهرس الكتاب

- ‌أبو القاسم أونوجور بن الإخشيد

- ‌سيرة سيف الدولة

- ‌لأبي الحسن على بن الحسين الزراد الديلمي

- ‌شذرات من كتب مفقودة

- ‌في الأدب

- ‌كتاب المفاوضة

- ‌لأبي الحسن علي بن محمد بن نصر الكاتب

- ‌كتاب الربيع

- ‌لغرس النعمة أبي الحسن محمد بن هلال

- ‌نزهة الناظر

- ‌لكمال الدين أبي محمد عبد القاهر بن علوي ابن المهنا

- ‌جزء فيه مراثي بني المهذب المعريين

- ‌جزء جمع فيه ما رثي به أبو العلاء المعري

- ‌كتاب الدّيرة

- ‌لأبي الحسن عليّ بن محمد بن المطهر الشمشاطي

- ‌ذيل الخريدة وسيل الجريدة

- ‌للعماد الأصفهاني

- ‌كتاب الأوراق للصولي

- ‌ملحقات

- ‌مقدمة

- ‌تاريخ ابن الأزهر

- ‌ سير الثغور

- ‌[مقدمة الكتاب]

- ‌[فضائل الثغور وطرسوس بخاصة]

- ‌[الكتابات والنقوش في طرسوس]

- ‌[أسوار طرسوس وأبراجها]

- ‌[سكك طرسوس ودورها]

- ‌[عمارة طرسوس]

- ‌[نظام النفير في طرسوس]

- ‌[الاستصراخ لإنقاذ طرسوس]

- ‌[حصن المصيصة]

- ‌[اقليقية]

- ‌حصن ثابت بن نصر

- ‌[حصن عجيف]

- ‌[حصن الجوزات]

- ‌ تاريخ همام بن الفضل

- ‌البداية والنهاية

- ‌لأبي الحسن عليّ بن مرشد بن منقذ

- ‌ كتاب الربيع

- ‌لغرس النعمة أبي الحسن محمد بن هلال

الفصل: ‌جزء جمع فيه ما رثي به أبو العلاء المعري

- 27 -

‌جزء جمع فيه ما رثي به أبو العلاء المعري

ص: 371

فراغ

ص: 372

توفي أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري يوم الجمعة لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول من سنة تسع وأربعين وأربعمائة، وقام على قبره أربعة وثمانون شاعرا ينشدون مراثي فيه (1) ، وقد جمعت هذه المراثي معا، والقائم بجمعها هو ابن البليغ المعري، واسم البليغ أسعد بن عليّ وكنيته أبو الماجد (2) .

وقد احتفظ ابن العديم بمختارات من ذلك الجزء لسبعة شعراء، وليس الاحتفاظ بشعرهم مبنيا على قيمته الفنية بل على دلالته التاريخية، فقد كانت المعرة في عصر أبي العلاء تجيش بالشعر، ولكن تأثير أبي العلاء في تلك الحركة الشعرية كان ضئيلا، كما أن تأثر المراثي الواردة هنا بطريقته في الرثاء يكاد يكون معدوما، فمن يتذكر " غير مجد " ورثاءه في أبيه ورثاءه للشريف والد الرضي والمرتضى يدرك أن الخيال الشعري يصنع أكثر مما تستطيعه العاطفة، وخاصة إذا استولى ذلك الخيال على البعدين اللغوي والفكري يتصرف بهما كيف شاء.

- 1 - (3)

قال أحمد بن حمزة بن حماد أبو الفضل يرثيه (4) :

(1) معجم الأدباء 3: 126.

(2)

الخريدة (قسم الشام) 2: 105.

(3)

بغية الطلب 1: 66.

(4)

توفي سنة 449 وهو العام الذي توفي فيه أبو العلاء.

ص: 373

لعظيم هذا الرزء حار لساني

ونأى وخان لما أجن جناني

هدم الردى من كان يبني جاهدا

مجدا لأهل معرة النعمان

أترى يد الدنيا تجود بمثله

هيهات ليس يرى له من ثان

شرف العلوم وتاج أرباب العلا

كنف العديم ومعدن الإحسان

أسفي عليه مجدد ما ينقضي

أو ينقضي عمري ووقت زماني

ما كنت أدري قبل ميتة أحمد

أن البحار تلف في الأكفان

حتى رأيت أبا العلاء موسدا

فرويت ذاك رواية بعيان

لله ما يحوي الثرى من جسمه

ويضم من شرف بغير بنان

فخر لو آن الفخر ينطق لانبرى

منه التفاخر ناطقا ببيان

إني وإن أوردت معنى حازه

علمي لقد خلفت فيه معاني

يا موت أنت سقيتني كأس الردى

وملأت قلبي غلة الأحزان

وقصدت سيدنا فأمسى ثاويا

ما بيننا فهو البعيد الداني - 2 - (1)

قال أحمد بن خلف أبو العباس المعري المعروف بالممتع يرثيه (2) :

قبر تضمن شخص العالم العلم

يجل عن لامس أو لاثم بفم

جادت عليه غوادي الدمع واتصلت

بها السواري فأغنته عن الديم

وآلت الشمس لا تنفك كاسفة

فسودت غرر الأيام بالظلم

فلو تكون على هاماتنا لمما

لما ألم بياض الشيب باللمم

تبغي السرور من الدنيا وقد قدرت

بها الهموم على الأقدار والهمم

وما تزال بنا الآمال مائلة

إلى المطامع في وجد وفي عدم

إذا الشبيبة بانت عن أخي أرب

فلا مآرب بعد الشيب والهرم

(1) بغية الطلب 1: 78.

(2)

أديب شاعر فاضل سمع الحديث من أبي العلاء المعري وغيره، وذكره أبو العلاء في رسالة الغفران.

ص: 374

تبكي الأقارب منا والبكاء على

نفوسنا واجب إذ نفتدي بهم

فليت ذا الحلم منا حين نفقده

مخبر بالذي يلقاه في الحلم

وليت من بديار الشام منزله

ليوم رب العلا والمجد لم يشم

في كل قلب يمان نازح ألم

فلا يلام حليف القرب في الألم

وفي تهامة أحشاء حشين أسى

وأعين كحلت بالسهد لا التهم

وقاطنون رأوا تحريم أمنهم

على النفوس وما بانوا عن الحرم

لا ينعمون بحال يظفرون بها

من الزمان وهم حالون بالنعم

قوم إلى شرف الآباء نسبتهم

فطيب فرعهم الزاكي بأصلهم

يرون موت ابن عبد الله عندهم

نظير موت ابن عبد الله جدهم

وما العراق بمذموم على جذل

لوصف أكثره بالغدر في الذمم

أبان صفحة أهل العلم فيه لمن

رأى التصفح من عرب ومن عجم

وبث من علمه كتبا مصححة

بها أبان لهم تصحيف كتبهم

وكان أحدث ما أملاه بينهم

يفوق أفضل ما أملى أولوا القدم

فسلمت لسليمان وأسرته

بنو الأكرام طرف العلم بالكرم

فما يصنف علم مثل علمهم

ولا يشرف بيت مثل بيتهم

تميزوا بخلال لا نظير لها

مع الخلال جلال الحكم والحكم

وقد تضمن عبد الله فخرهم

فليس يوجد فخر مثل فخرهم يريد أبا محمد عبد الله بن أبي المجد أخي أبي العلاء، وكان قاضي معرة النعمان، والقصيدة طويلة اقتصر منها ابن العديم على هذا القدر، وبعدها في الجزء المذكور، وله فيها أيضا:

أي بحر ما كان يخشى عبابه

وبدر المحار يزري حبابه

وطريق إلى العلاء مجوب

بأبيه ما ضله مجتابه

يوم أفضى إلى قرار ضريح

كل جفن تهمي عليه سحابه

ما الخضم المحيط إلا الذي يع

رب فيه عن الأريب ارتيابه

ص: 375

غاض منه ما طبق الأرض إذ فا

ض فلم تحم عنه طودا شعابه

فكأن الزمان لم يبق فيه

مذ عداه البقاء إلا سرابه

ترب الدهر من وحيد بنيه

فبعيد بمثله أترابه

وتألت أن لا أتت بنظير

بعده في صفاته أحقابه

وادعى النقض غاية الفضل إلا

حكم يدرأ المحال صوابه

ونأى النازح الغريب الذي كا

ن إليه نزوحه واغترابه

فعزيز على المحل الذي حو

ل عنه أن يغلق الدهر بابه

ولقد كان لا يخاف إذا آ

ن أوان الحجاب منه حجابه

ويرى نازلا به كل حين

من يروم الركوب يغشى ركابه

طالبا منه ما يهون عليه

وهو مستصعب يعز طلابه

فكأن الملوك تصحب للع؟

زة في كونها لديه صحابه

أدبتها وهذبت رأيها الثا

قب في كل مذهب آدابه

كل ملك يزينه عنه ما يح؟

فظ لا تاجه ولا ألقابه

لا يرجيه للثواب وإن كا

ن جزيلا على العفاة ثوابه

ورع يؤنس الجليس ولا يؤ

نس منه إذا يغيب اغتيابه

لم يخلف من طول دنياه ما يح

سب كيلا يطول فيه حسابه

أتنوخ اعقري الجياد وحطي

كل عال على السها أطنابه

فلقد راح واغتدى ابن تراب

بعد حمر القباب سودا قبابه

وإلى غير ما انتسبت إليه

من بني يعرب الكرام انتسابه

كل يوم يروم في الحي كالحو

م تراغى قرومه وسقابه

لا تظني حولا يحول فنلقى

قاضيا للأسى عليه انقضابه

واضربي في البلاد طولا وعرضا

أبدا لن ترى بها أضرابه

غاب عن لدنها السنان فما تح

دث نفعا بعد السنان كعابه

وتعرى من المعرة إذ كا

ن ذهاب الجمال عنها ذهابه

أو أقيمي بها فأكثر أسبا

ب علاها وفخرها أسبابه منها:

ص: 376

بان مني من كان يكثر عني

في الخطوب التي تنوب منابه

إن قضى نحبه فإني من لا

ينقضي أو إليه يقضى انتحابه

وقليل لذي الكآبة والوج؟

د عليه بكاؤه واكتئابه

فوشى قبره الربيع ولا زا

ل مربا على ثراه ربابه - 3 - (1)

قال أبو مسلم وادع بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سليمان من جملة قصيدة:

ألا يا شبيه البحر أقسم لو درى

بموتك ما جاشت بليل غواربه

ويا من بكى طرف المكارم وحشة

له ولسان الفضل والحلم نادبه

ولو نطقت كتب العلوم إذا بكى

على فقده من كل علم غرائبه

ولو أن هذا الليل يعلم أنه

قضى لقضى ألا تزول غياهبه

ولو علمت شهب الظلام بفقده

إذن ندبته في الظلام كواكبه

سقى قبره السحب الغزار وخصه

من اله عفو لا يزال يصاحبه

فما زال كل الناس ينهب علمه

إلى أن غدا صرف الردى وهو ناهبه

وقد عم أهل الأرض جمعا مصابه

كما عمهم إحسانه ومواهبه

رعى الله قبرا أنت يا عم ملحد

به وسقاه من حيا المزن صائبه

ولولا توخيك الطهارة شيمة

لقلت سقاه من دم الدمع ساكبه - 4 - (2)

وقال أبو يعلى عبد الباقي بن أبي حصين من قصيدة:

نصال الدهر أقصد من سواها

وإن أدمت ولم تدم النصال

(1) بغية الطلب 1: 225.

(2)

بغية الطلب 1: 225.

ص: 377

ألم تر كيف لم يأمن شباها

أمين الأرض والورع البجال

وسار سريره فوق الهوادي

لقد خفت مذ اليوم الجبال

وأقبر في المعرة وهو أولى

بقبر في المجرة لا يطال - 5 - (1)

وقال أبو الفتح الحسن بن عبد الله بن أبي حصينة:

العلم بعد أبي العلاء مضيع

والأرض خالية الجوانب بلقع

لا عالم فيها يبين مشكلا

للسائلين ولا سماع ينفع

وعظ الأنام بما استطاع من الهدى

لو كان يعقل جاهل أو يسمع

ومضى وقد ملأ البلاد غرائبا

تسري النجوم الظلع

ما كنت أعلم وهو يودع في الثرى

أن الثرى فيه الكواكب تودع

جبل ظننت وقد تزعزع ركنه

أن الجبال الراسيات تزعزع

وعجبت أن تسع المعرة قبره

ويضيق عرض الأرض عنه الأوسع

أسفي عليه وقد مشيت وراءه

ومتالع فوق المناكب يرفع

والشمس كاسفة الضياء كئيبة

والجو مسود الجوانب أسفع

والأرض عادمة النسيم كأنما

سدت منافسها الرياح الأربع

لو فاضت المهجات يوم وفاته

ما أستكثرت فيه فكيف الأدمع

إني لمحتشم وقد دخل الثرى

ويكون لي كبد ولا تتقطع - 6 - (2)

لأبي المجد ابن أخت الممتع المعري:

صروف الليالي لا يحيط بها خبر

تصرفها فينا ويحتكم الدهر

فسيان إذ قصر النفوس مآلها

إلى الموت قسرا طال أن قصر العمر

(1) بغية الطلب 1: 228.

(2)

بغية الطلب 9: 187.

ص: 378

سبيل الردى في سائر الخلق واضح

ومسلكه إلا بفعل التقى وعر

ولم أر إلا عالما مثل جاهل

يضل على علم وبالدهر يغتر

فلولا التساوي مات قوم بدائهم

ولكن تساوى في الردى العبد والحر

وما العمر إلا مثل حول قطعته

وكان سواء فيه يومك والشهر

حكت سفنا في لج بحر جسومنا

تسير بأرواح وغايتها الكسر

وكل طليق في الحياة تظنه

طليق حمام لا يفك له أسر

يسر بتشيد المساكن ساكن

ومسكنه المسكين لو علم القبر

وليس غناه بالحميد مآله

وأحمد منه في عواقبه الفقر

وشرخ شباب المرء في العذر مطمع

فأما إذا شاب العذار فلا عذر

بنفسي مفقودا جزعنا لفقده

فأصبح إلا فيه يستحسن الصبر

يعز علينا أن نعزي به العلا

ويصبح مفجوعا به المجد والفخر

ونفقد من أخلاقه وعلومه

رياض ربيع لم يصوح بها الزهر

لئن عدم الأولاد من ظهره لقد

حوى بأبي المجد الذي عدم الظهر [يريد بأبي المجد أخاه، لأن أولاد أخيه كانوا يتولون خدمة عمهم أبي العلاء] :

نجوم سماء لا يغض ضياؤها

تزايد أنوار الشموس ولا البدر

لها حكم لم يعط لقمان بعضها

وأحكام داود الذي عنده الزبر

وفضل سماح تنقص السحب عنده

فليس بمحسوب إذا قطر القطر

وحسبهم فخرا بعمهم الذي

يفضله بدو البسيطة والحضر

علا علماء الدهر فهي جداول

وأنزر ما يبديه من علمه بحر

فتى علمت بغداد غاية علمه

وما جهلت من ذاك ما علمت مصر

أقام بها حولين يجني علومه

كما جنيت من خير أغراسها التمر

وآب مع الأعراب يزهي بلفظه

ويعظم منها في فصاحته الفكر

أقر بنعماه مقيما وظاعنا

وكفر أياديه التي سلفت كفر

وأنظم ما عمرت في وصف فضله

مراثي، يرويها ويحدو بها السفر

فأيسر ما فيه من الفضل غاية

يقصر عن إدراكها النظم والنثر

ص: 379

- 7 - (1)

وقال جامعه ولد البليغ المعري:

قالوا اقتصر في البكاء جهلا

والعلم يدعو إلى البكاء

وأي عين تكف دمعا

بعد سناها أبي العلاء

وجدي على فقده مقيم

ما نجمت أنجم السماء

فما أعزي بني أخيه

إذ أنا أخلو من العزاء

ولو تمكنت من فداء

ما سبقوني إلى الفداء

فظفروا بالمنى جميعا

وبلغوا غاية البقاء

(1) بغية الطلب 9: 219.

ص: 380