الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تونس معروف في أعلى الشارع الذي يحمله اسمه في ناحية القصبة.
تَتَابُعُ الطَّبَقَاتِ:
ثم تبتدئ طبقة ثانية يوافق ظهورها قيام الدولة الأغلبية في البلاد، ويمتاز رجال هذه الطبقة بالعكوف على أقوال الأئمة المجتهدين في التشريع يجمعون شتاتها، ويؤلفون بين موضوعاتها وَيُبَوِّبُونَ مَسَائِلَ الفِقْهِ وَيُنَسِّقُونَ أَحْكَامَهَا، وبعد أن وقفوا على تفسير القرآن وعرفوا رواية الحديث والسنن، وفي طليعة هذه الطبقة:
- أسد بن الفرات بن سنان من أبناء جند خراسان، قدم به أبوه صغيرًا - ابن عامين - مع جيش محمد بن الأشعث الداخل إلى إفريقية سنة 144 هـ، فأقام بتونس، ثم توجه إلى الحجاز، وأخذ عن مالك بن أنس، ثم انحدر إلى الكوفة وبغداد، فقرأ على أصحاب أبي حنيفة النعمان، ولا سيما محمد بن الحسن الشيباني، وفيما هو عائد إلى بلده عَرَّجَ على مصر، فأخذ
عن عبد الرحمن بن القاسم، وعبد الله بن وهب وغيرهما، واعتمد على ابن القاسم في إنشاء مدونته المعروفة بـ " الأسدية "، وقد تلقى عنه أبناء إفريقية، مثل سحنون، وسليمان بن عمران وسواهما، ويمكن أن نعد أسد بن الفرات أول مؤسس للمدرسة الفقهية القيروانية، بيد أن هذه المدرسة لم تكن تنتسب إلى مذهب معين، بل كانت تروي أقوال كبار المجتهدين مع إيضاح
ما بينها من فروق، وإنما كان ذلك؛ لأن المَذَاهِبَ السُّنِّيَّةِ لم تكن قد تعينت بعد، واستقل كل منها بنفسه، فان ذلك لم يتسق إلا في القرن الثالث للهجرة، وعلى أية حال فقد كان أسد بن الفرات يُقْرِئُ بالقيروان آراء مذهب أهل المدينة، ومذهب أهل العراق بالسوية، حينما أخذت كل طائفة تنحاز إلى مذهب بعينه.
قال المالكي: «وَالمَشْهُورُ عَنْ أَسَدٍ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - أَنَّهُ كَانَ يَلْتَزِمُ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ المَدِينَةِ، وَأهْلِ العِرَاقِ مَا وَافَقَ الحَقَّ عِنْدَهُ، وَيَحِقُّ لَهُ ذَلِكَ لاسْتِبْحَارِهِ فِي العُلُومِ وَبَحْثِهِ