المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب أحكام الذمة - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ١٠

[المرداوي]

الفصل: ‌باب أحكام الذمة

‌بَابُ أَحْكَامَ الذِّمَّةِ

يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِأَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ، فِى ضَمَانِ النَّفْسِ وَالْمَالِ وَالْعِرْضِ، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ دُونَ مَا يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ.

ــ

بابُ أحْكامِ أهْلِ الذِّمَّةِ

فائدة: لا يَجُوزُ عَقْدُ الذِّمَّةِ إلَّا بشَرْطَيْن؛ بَذْلِ الجزْيَةِ، والْتِزام أحْكامِ المِلَّةِ مِن جَرَيانِ أحْكامِ المُسْلِمِين عليهم. فلذلك قال المُصَنِّفُ: يَلْزَمُ الإِمامَ أنْ يَأْخُذَهم بأحْكامِ المُسْلِمِين فى ضَمانِ النَّفْسِ، والمالِ، والعِرْضِ، وإقامَةِ الحُدودِ عليهم، فيما يعتَقِدُون تَحْرِيمَه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ،

ص: 445

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، إنْ شاءَ لم يُقِمْ عليهم حَدَّ زِنَى بعضِهم على بعضٍ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، ومثْلُه القَطْعُ بسَرِقَةِ بعضِهم مِن بعضٍ.

ص: 446

وَيُلْزِمُهُمُ التَّمَيُّزَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِى شُعُورِهِمْ؛ بحَذْفِ مَقَادِمِ رُءُوسِهِمْ وَتَرْكِ الْفَرْقِ، وَكُنَاهُمْ فَلَا يَكْتَنُوا بِكُنَى الْمُسْلِمينَ، كَأَبِى الْقَاسِمِ، وَأَبِى عَبْدِ اللَّهِ، وَرُكُوبِهِمْ بِتَرْكِ الرُّكُوبِ عَلَى السُّرُوجِ، وَرُكُوبِهِمْ عَرْضًا عَلَى الْأُكُفِ، وَلِبَاسِهِمْ فَيَلْبَسُونَ ثَوْبًا يُخَالِفُ ثِيَابَهُمْ؛ كَالْعَسَلىِّ وَالْأَدْكَنِ، وَشَدِّ الْخِرَقِ فِى قَلَانِسِهِمْ وَعَمَائِمِهِمْ، وَتُؤْمَرُ النَّصَارَى بِشَدِّ الزُّنَّارِ فَوقَ ثِيَابِهِمْ، وَيُجْعَلُ فِى رِقَابِهِمْ خَوَاتِيمُ الرَّصَاصِ، وَجُلْجُلٌ يُدْخَلُ مَعَهُمُ الْحَمَّامَ.

ــ

قوله: ويُلْزِمُهم التَّمَيُّزَ عَنِ المُسْلِمِين فى شُعُورِهم؛ بحَذْفِ مَقَادِمِ رُءُوسِهم. قال فى «الفُروعِ» : لا كعادَةِ الأشْرافِ. قال فى «الرِّعايَةِ» : وقيل: هو حَلْقُ شَعَر التَّحْذِيفِ بينَ العِذَارِ والنَّزَعَتَيْن.

فائدة: قوله: وكُناهم، فلا يَكْتَنُوا بِكُنَى المُسْلِمِين، كأبي القاسِمِ، وأبِى

ص: 448

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عَبْدِ اللَّهِ. وكذا أبو الحَسَنِ، وأبو بَكْرٍ، وأبو محمدٍ، ونحوُها. وكذا الألْقابُ

ص: 449

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كعِزِّ الدِّينِ ونحوِه، يُمْنَعُون مِن ذلك كلِّه. قالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وقد كَنَّى

ص: 450

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الإِمامُ أحمدُ طَبِيبًا نَصْرانِيًّا، فقال: يا أبا إسْحَاقَ. ونقَل أبو طالِبٍ، لا بأْسَ به؛

ص: 451

وَلَا يَجُوزُ تَصْدِيرُهُمْ فِى الْمَجَالِسِ، وَلَا بَدَاءَتُهُمْ بِالسَّلَامِ، فَإِنْ سَلَّمَ أَحَدُهُمْ، قِيلَ لَهُ: وَعَلَيْكُمْ.

ــ

فإنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال لأسْقُفِ نَجْرَانَ: «يا أبا الحَارِثِ، أسْلِمْ تَسْلَمْ» . وعمرُ قال: يا أبا حسَّانَ. قال فى «الفُروعِ» : ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ وتَخْريجٌ بالجَوازِ للمَصلَحَةِ، ويُحْمَلُ ما رُوِى عليه.

قوله: ولا يَجُوزُ بَداءَتُهم بالسَّلامِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وفيه احْتِمالٌ، يجوزُ للحاجَةِ. قال فى «الآدابِ»: رأيْتُه بخَطِّ الزَّرِيرَانِىِّ، وقد قال الإِمامُ أحمدُ: لا يُعْجِبُنِى. فعلى المذهبِ، لو سلَّم عليه، ثم علِمَ أنَّه ذِمِّىٌّ، اسْتُحِبَّ

ص: 452

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوْلُه له: رُدَّ علَىَّ سَلامِى.

فائدتان؛ إحداهما، مثلُ بَداءَتِهم بالسَّلامِ قوْلُه لهم: كيفَ أصْبَحْتَ؟ وكيفَ أمْسَيْتَ؟ وكيفَ أنتَ؟ وكيفَ حالُك؟ نصَّ عليه. وجوَّزَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وقال فى «الفُروعِ» : ويتَوجَّهُ، يجوزُ بالنِّيَّةِ، [كما قَاله الخِرَقىُّ] (1). يقولُ: أكْرمَكَ اللَّهُ؟ قال: نعم، يعْنِى بالإِسْلامِ. الثَّانيةُ، يجوزُ قوْلُه: هَداك اللَّهُ. زادَ

(1) فى ط: «كما قاله الحربي» . وانظر: الفروع 6/ 271.

ص: 453

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أبو المعالِى، وأطالَ بَقاءَك. ونحوُه.

قوله: وإنْ سلَّم (1) أحَدُهم، قِيلَ له: وعليكم. يعْنِى، أنَّ بالواوِ، فى «وعَلَيْكم» ، أوْلَى. وهو المذهبُ، وعليه عامَّةُ الأصحابِ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «الآدَابِ الكُبْرَى»: واخْتارَ أصحابُنا بالواوِ. قلتُ: جزَم به فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِى» ، و «الهادِى» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «مُنْتَخِبِ الآدَمِىِّ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» ، وغيرِهم. قال فى «بَدائعِ الفَوائدِ» ، و «أحْكامِ الذِّمَّةِ» له: والصَّوابُ، إثْباتُ الواوِ، وبه جاءَتْ أكثرُ الرِّواياتِ، وذكَرَها الثِّقاتُ الأثباتُ. انتهى. وقيل: الأُوْلَى أنْ يقولَ: عليْكم.

(1) فى الأصل، ط:«أسلم» .

ص: 454

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بلا واوٍ. وجزَم به فى «الإِرْشادِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» . وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» .

فائدتان؛ إحداهما، إذا سلَّمُوا على مُسْلِمٍ، لَزِمَ الرَّدُّ عليهم. قالَه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يَرُدُّ تَحِيَّتَه. وقال: يَجُوزُ أنْ يقولَ له: أهْلًا وسَهْلًا. وجزَم فى موْضِعٍ آخَرَ بمِثْلِ ما قالَه الأصحابُ. الثَّانيةُ، كَرِهَ الإِمامُ أحمدُ مُصافَحتَهم. قيلَ له: فإنْ عطَس أحدُهم (2)، يقولُ له (1): يَهْدِيكُم اللَّهُ؟ قال: أَىُّ شئٍ يُقالُ له؟! كأنَّه لم يرَه. وقال القاضى: ظاهِرُه أنَّه لم يَسْتَحِبَّه، كما لا يَسْتَحِبُّ بَداءَتَه بالسَّلامِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: فيه الرِّوايَتان. قال: والذى ذكَرَه القاضى، يُكْرَهُ، وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. وابنُ عَقِيلٍ إنَّما نَفَى الاسْتِحْبابَ. وإنْ شَمَّتَه كافِرٌ، أجابَه.

(1) زيادة من: أ.

ص: 455

وَفِى تَهْنِئَتِهِمْ وَتَعْزِيَتِهِمْ وَعِيَادَتهِمْ رِوَايَتَانِ.

ــ

قوله: وفى تَهْنِئَتِهم وتَعْزِيَتِهم وعِيادَتِهم رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ؛ إحْداهما، يَحْرُمُ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يَحْرُمُ، فيُكْرَهُ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، فى بابِ الجَنائزِ، ولم يذْكُرْ رِوايةَ التَّحْريمِ. وذكرَ فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» رِوايَةً بعدَمِ الكَراهَةِ، فيُباحُ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وعنه، يجوزُ لمَصْلَحةٍ راجِحَةٍ، كرَجاءِ إسْلامٍ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. ومَعْناه اخْتِيارُ الآجُرِّىِّ، وأنَّه قَوْلُ العُلماء: يُعادُ، ويُعْرَضُ عليه الإِسْلامُ. قلتُ: هذا هو الصَّوابُ، وقد عادَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم صَبِيًّا يهُودِيًّا كان يخْدِمُه، وعرَض عليه الإِسْلامَ، فأسْلَم. نقَل أبو داودَ، إنْ كان يُرِيدُ أنْ يَدْعُوَه

ص: 456

وَيُمْنَعُونَ تَعْلِيَةَ البُنْيَانِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَفِى مُسَاوَاتِهِمْ وَجْهَانِ.

ــ

إلى الإِسْلامِ، فنَعم. فحيثُ قُلْنا: يُعَزِّيه. فقد تقدَّم ما يقولُ فى تَعْزِيَتِهم، فى آخِرِ كتابِ الجَنائزِ، ويَدْعُو بالبَقاءِ، وكَثْرَةِ المالِ والوَلَدِ. زادَ جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «الرِّعايتَيْن» ، «الحاوِيَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرُهم، قاصِدًا كثْرَةَ الجِزْيَةِ. وقد كَرِهَ الإِمامُ أحمدُ الدُّعاءَ بالبَقاءِ ونحوِه لكُلِّ أحَدٍ؛ لأنَّه شئٌ فُرِغَ منه. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. ويَسْتَعْمِلُه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. وذكَرَه الأصحابُ هنا.

تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: ويُمْنَعُون مِن تَعْلِيَةِ البُنْيَانِ على الْمُسْلِمِين. أنَّه سواءٌ كان المُسْلِمُ مُلاصِقًا أو لا، وسواءٌ رَضِىَ الجارُ بذلك أو لا. وهو صحيحٌ. قال أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ: لأنَّهَ حَقٌّ للَّهِ. زادَ ابنُ الزَّاغُونِىِّ: يدُومُ بدَوامِ الأوْقاتِ، ولو اعْتُبِرَ رِضاه، سقَط حَقُّ مَن يُحْدِثُ بعدَه. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ أنَّ قِسْمَةَ الوَقْفِ قِسْمَةُ مَنافِعَ لا تَلْزَمُ؛ لسُقوطِ حَقِّ مَن يُحْدِثُ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ:

ص: 457

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وكذا لو كان البِنَاءُ لمُسْلمٍ وذِمِّىٍّ؛ لأنَّ ما لا يَتِمُّ اجْتِنابُ المُحَرَّمِ إلَّا باجْتِنابِه، فمُحَرَّمٌ.

فائدة: لو خالَفُوا وفعَلوا وجَب هَدْمُه.

قوله: وفى مُساواتِهم وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفُروعِ» ،

ص: 458

وَإِنْ مَلَكُوا دَارًا عَالِيَةً مِنْ مُسْلِمٍ، لَمْ يَجِبْ نَقْضُهَا. وَيُمْنَعُونَ مِنْ إِحْدَاثِ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ، وَلَا يُمْنَعُونَ رَمَّ شَعَثِهَا،

ــ

و «المَذهَبِ الأحْمَدِ» ؛ أحدُهما، لا يُمْنَعُون. قال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: ولا يَعْلُون على جارٍ مُسْلِمٍ (1). وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» . والوَجْهُ الثَّانى، يُمْنَعُون. جزَم به فى «المُنَوِّرِ» ، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «نَظْمِها» .

قوله: وإنْ مَلَكُوا دارًا عالِيَةً مِن مُسْلِمٍ، لم يَجِبْ نَقْضُها. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يجِبُ نَقْضُها. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى» وغيرِه. ولو انْهدَمَتْ هذه الدَّارُ، أو هُدِمَتْ، لم تُعَدْ عالِيَةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بلَى.

فائدة: وكذا الحُكْمُ، خِلافًا ومذهبًا، لو بنَى مُسْلِمٌ دارًا عندَ دُورِهم دُونَ بُنْيانِهم.

قوله: ويُمْنَعُون مِن إحْداثِ الكَنائسِ والبِيَعِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: إجْماعًا. واسْتَثْنَى الأصحابُ ما شَرَطُوه فيما فُتِحَ صُلْحًا على أنَّها لنا.

(1) زيادة من: أ.

ص: 459

وَفِي بِنَاءِ مَا اسْتَهْدَمَ مِنْهَا رِوَايَتَانِ.

ــ

فائدة: فى لُزومِ هَدْمِ المَوْجُودِ منها فى العَنْوَةِ وَقْتَ فَتْحِها وَجْهان، وهما فى «التَّرْغيبِ» ، إنْ لم يُقِرَّ به، أحدٌ بجِزْيَةٍ، وإلَّا لم يَلْزَمْ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: وبَقاؤُه ليس تَمْلِيكًا، فيأْخُذُه لمَصْلحَةٍ. وأطْلقَ الخِلافَ فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ؛ أحدُهما، لا يَلْزَمُ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «النَّظْمِ» . وقدَّمه فى «الكافِى» . وإليه مالَ فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . والوَجْهُ الثَّانى، يَلْزَمُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ جَوازَ هَدْمِها مع عدَمِ الضَّرَرِ علينا. وقيل: يُمْنَعُ هَدْمُها. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : وهو أشْهَرُ. قال فى «الفُروعِ» : كذا قال.

قوله: ولا يُمْنَعُون مِن رَمِّ شَعَثِها. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» ، و «الكافِى». وقال: رِوايَةً واحدةً. قال فى «الرِّعايتَيْن» : هذا أصَحُّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ،

ص: 460

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهم. وعنه، المَنْعُ مِن ذلك. اخْتارَه الأكْثَرُ. قالَه ابنُ هُبَيْرَةَ، كمَنْعِ الزِّيادَةِ. قال فى «المُحَرَّرِ»: ونصَرَها القاضى فى «خِلافِه» . وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الحاوِيَيْن» .

قوله: وفى بِناءِ ما اسْتَهْدَمَ منها -ولو كُلِّها- رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» ؛ إحْداهما، المَنْعُ مِن ذلك. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الكافِى» ، و «النَّظْمِ» . وإليه مَيْلُه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ». ونصَرَه القاضى فى «خِلافِه». قال ابنُ هُبَيْرَةَ:

ص: 461

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اخْتارَه الأكثرُ. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ» : يُمْنَعُ مِن بِنائها إذا انْهدَمَتْ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجوزُ ذلك. قال فى «الخُلاصَةِ»: ويَبْنُون ما اسْتَهْدَمَ، على الأصحِّ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» عنِ الخِلافِ: بِناءً على أنَّ الإِعادةَ، هل هى اسْتِدامَةٌ أو إنْشاءٌ؟ وقيل: إنْ جازَ بِناؤُها، جازَ بِناءُ بِيعَةٍ مُسْتَهْدَمَةٍ ببَلَدٍ فَتَحْناه. قال فى «القواعِدِ»: ولو فُتِحَ بلَدٌ عَنْوَةً، وفيه كنِيسَةٌ مُنْهَدِمَةٌ، فهل يجوزُ بِناؤُها؟ فيه طَرِيقانِ؛ أحدُهما، المَنْعُ منه مُطْلَقًا. والثَّانى، بِناؤُه على الخِلافِ.

فائدتان؛ إحْداهما، حُكْمُ المَهْدوم ظُلْمًا حُكْمُ المَهْدومِ بنَفْسِه. على

ص: 462

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأكثرُ. وقيل: يُعادُ المَهْدومُ ظُلْمًا. قال فى

ص: 463

وَيُمْنَعُونَ إِظْهَارَ الْمُنْكَرِ، وَضَرْبَ النَّاقُوسِ، وَالْجَهْرَ بِكِتَابِهِمْ.

ــ

«الفُروعِ» : وهو أوْلَى. الثَّانيةُ، قولُه: ويُمْنَعُون مِن إظهارِ المُنْكَرِ، وضَرْبِ النَّاقُوسِ، والجَهْرِ بكِتابِهم. يعْنِى، يجِبُ المَنْعُ. ويُمْنَعون أيضًا مِن إظْهارِ عِيدٍ وصَلِيبٍ، ورَفْعِ صَوْتٍ على مَيِّتٍ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ويُمْنَعُون مِن إظْهارِ الأكْلِ والشُّرْب فى رَمضانَ. واخْتارَه ابنُ الصَّيْرَفِىِّ، ونقَلَه عنِ القاضى. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وقد يكونُ هذا مَبْنِيًّا على تَكْليفِهم. قال: والأظْهَرُ يُمْنَعُون مُطْلَقًا، وإنْ قُلْنا بعدَمِ تَكْليفِهم. انتهى. قلتُ: هذا ممَّا يُقْطَعُ به؛ لأنَّ المَنْعَ مِن إظْهارِ ذلك فقط. وتقدم نظِيرُ ذلك فى مَن أُبِيحَ له الفِطْرُ مِنَ المُسْلِمِين، فى أوَّلِ كتابِ الصِّيامِ، بعدَ قوْلِه: وإنْ رأى هِلَالَ شَوَّالٍ وحدَه، لم يُفْطِرْ. ويُمنَعُون

ص: 464

وَإِنْ صُولِحُوا فِي بِلَادِهِمْ عَلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، لَمْ يُمْنَعُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

ــ

أيضًا، مِن إظْهارِ الخَمْرِ والخِنْزِيرِ، فإنْ أظْهَرُوهما، أتْلَفْناهما، وإلَّا فلا. نصَّ عليه. ويُمْنَعُون أيضًا مِن شِراءِ المُصْحَفِ. وقال فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، وغيرِهم: وكِتَابِ حديثٍ وفِقْهٍ -زادَ فى «الرِّعايَةِ» ، وامْتِهانِ ذلك- ولا يصِحَّان. أَوْمَأَ إليهما أحمدُ. وقيل: فى الفِقْهِ والحَديثِ وَجْهان. واقْتَصرَ فى «عُيونِ المَسائلِ» على المُصْحَفِ وسُنَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. ويُكْرَهُ أنْ يشْتَرُوا ثَوْبًا مُطَرَّزًا بذِكْرِ اللَّهِ أو كلامِه. قال فى «الرِّعايَةِ» : قلتُ: ويَحْتَمِلُ التَّحْريمُ والبُطْلانُ. ويُكْرَهُ تعْليمُهم القُرْآنَ لا الصَّلاةَ على النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. قال فى «الرِّعايَةِ» : وتعْلِيمُهم بعضَ العُلومِ الشَّرْعِيَّةِ يَحْتَمِلُ وجْهَين، والكَراهةُ أظْهَرُ. انتهى.

ص: 465

وَيُمْنَعُونَ دُخُولَ الْحَرَمِ.

ــ

قوله: ويُمْنَعُون مِن دخُولِ الحَرَمِ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ، ولو غيرَ مُكَلَّفٍ. وقيل: لهم دُخولُه. وأوْمَأَ إليه فى رِوايَةِ الأَثْرَمِ. ووَجَّهَ فى «الفُروعِ» احْتِمالًا بالمَنْعِ مِنَ المَسْجِدِ الحَرامِ لا الحَرَمِ؛ لظاهِرِ الآيَةِ. وقيل: يُمْنَعُون مِن دُخُولِ الحَرَمِ إلَّا لضَرُورَةٍ. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ: يُمْنَعُون مِن دُخولِه إلَّا لحاجَةٍ. قال ابنُ تَميمٍ، فى أوَاخِرِ اجْتِنابِ النَّجاسَةِ: ليس للكافِرِ دُخولُ الحَرَمَيْن لغيرِ ضَرُورَةٍ. قطَع به ابنُ حامِدٍ.

تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّهم لا يُمْنَعُون مِن دُخولِ حَرَمِ المَدِينَةِ. وهو

ص: 466

فَإِنْ قَدِمَ رَسُولٌ لَابُدَّ لَهُ مِنْ لِقَاءِ الْإِمَامِ، خَرَجَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ، فَإِنْ دَخَلَ، عُزِّرَ وَهُدِّدَ، فَإِنْ مَرِضَ فِى الْحَرَمِ، أَوْ مَاتَ، أُخْرِجَ، وَإِنْ دُفِنَ، نُبِشَ، إِلَّا أنْ يَكُونَ قَدْ بَلِىَ.

ــ

صحيحٌ، فيَجوزُ، وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. قال فى «الرِّعايَةِ» : قلتُ: بإذْنِ مُسْلِمٍ. وقيل: يُمْنَعُون أيضًا. اخْتارَ القاضى فى بعْضِ كُتُبِه، وحُكِىَ عن ابنِ حامِدٍ، وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» .

ص: 467

وَيُمْنَعُونَ مِنَ الْإِقَامَةِ بِالحِجَازِ؛ كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَامَةِ وَخَيْبَرَ.

ــ

فائدة: قوْلُه: ويُمْنَعُون مِنَ الإِقامَةِ بالحِجَازِ؛ كالمَدِينَةِ واليَمامَةِ وخَيْبَرَ. اعْلمْ أنَّ الحِجَازَ، هو الحاجِزُ بينَ تِهامَةَ ونَجْدٍ؛ كمَكَّةَ، والمَدينَةِ، واليَمامَةِ،

ص: 468

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وخَيْبَرَ، واليَنْبُعِ، وفَدَكَ، وما وَالَاها مِن قُرَاها. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ومنه،

ص: 469

فَإِنْ دَخَلُوا لِتِجَارَةٍ، لَمْ يُقِيمُوا فِى مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ.

ــ

تَبُوكُ ونحوُها، وما دُونَ المُنْحَنَى، وهو عَقَبَةُ الصَّوانِ مِنَ الشَّامِ، كمَعانٍ.

قوله: فإنْ دَخَلُوا لتِجارَةٍ، لم يُقِيمُوا فى مَوْضِعٍ واحِدٍ أكْثَرَ مِن أرْبَعَةِ أيَّامٍ. هذا أحدُ الوَجْهَيْن. اخْتارَه القاضى. والوَجْهُ الثَّانى، لا يُقِيمُون أكثرَ مِن ثَلاثَةِ

ص: 470

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أيَّامٍ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الكافِى» ، و «الهادِى» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ» ، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «نَظْمِها» . وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «إدْرَاكِ الغايَةِ» ، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» ، وغيرِهم. فعليهما، إنْ كان له دَيْنٌ حالٌّ أُجْبِرَ (1) غَرِيمُه على وَفائه، فإنْ تعَذَّرَ وَفاؤُه؛ لمَطْلٍ أو تَغَيُّبٍ، فيَنْبَغِى أنْ تجوزَ له الإِقامَةُ؛ ليَسْتَوْفِىَ حقَّه. قلتُ: لو أمْكَنَ الاسْتِيفاءُ بوَكيلٍ، مُنِعَ مِن الإِقامَةِ. وإنْ كان مُؤَجَّلًا، لم يُمَكَّنْ مِنَ الإِقامَةِ، ويُوَكِّلُ مَن يَسْتَوْفِيه. قلتُ: فَينْبَغِى أنْ يُمكَّنَ مِنَ الإِقامَةِ إذا تعَذَّرَ الوَكيلُ.

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 471

فَإِنْ مَرِضَ، لَمْ يُخْرَجْ حَتَّى يَبْرأَ، وَإِنْ مَاتَ، دُفِنَ بِهِ.

ــ

فائدة: قولُه: فإنْ مَرِضَ، لم يُخْرَجْ حتى يَبْرَأَ. يعْنِى، يجوزُ إقامَتُه حتى يَبْرَأَ. وهذا بلا نِزاعٍ. ويأْتِى كلامُه فى «الرِّعايَةِ» ، وتجوزُ الإِقامَةُ أيضًا لمَن يُمَرِّضُه.

قوله: وإنْ ماتَ، دُفِنَ به. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الكافِى» ، و «الهادِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وفيه وَجْهٌ؛ لا يُدْفَنُ به. وقال فى

ص: 472

وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ تَيْمَاءَ وَفَيْدَ وَنَحْوِهِمَا. وَهَلْ لَهُمْ دُخُولُ الْمَسَاجِدِ بِإِذْنِ مُسْلِمٍ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

ــ

«الرِّعايَةِ» : قلتُ: إنْ شَقَّ نَقْلُ المَريضِ والمَيِّتِ، جازَ إبْقاءُ المَريضِ، ودَفْنُ المَيِّتِ، وإلَّا فلا.

قوله: وهل لهم دُخولُ المساجِدِ -يعْنِى، مَساجِدَ الحِلِّ- بإذْنِ مُسْلِمٍ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ؛ إحْداهما، ليس لهم دُخولُها مُطْلَقًا. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُنَوِّرِ» ، و «نَظْمِ نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «إدْرَاكِ الغايَةِ». قال فى «الرِّعايَةِ»: المَنْعُ مُطْلَقًا أظْهَرُ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ،

ص: 473

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يجوزُ بإذْنِ مُسْلِمٍ، كاسْتِئْجارِه لبِنَائه. ذَكرَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، و «المُذْهَبِ». قال فى «الشَّرْحِ»: جازَ فى الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الكافِى» ، وتَبِعَه ابنُ مُنَجَّى: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ» . وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» . وعنه، يجوزُ بإذْنِ مُسْلِمٍ إذا كان لمَصْلَحَةٍ. وقدَّم فى «الحاوِى الكَبِيرِ» الجَوازَ لحاجَةٍ بإذْنِ مُسْلِمٍ.

تنبيه: ظاهِرُ كلامَ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يجوزُ لهم دُخُولُها بلا إذْنِ مُسْلِمٍ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ،

ص: 474

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «المُحَرَّرِ» ، وغيرِهما. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا أصَحُّ. قال فى «الرِّعايَةِ» : هذا أظْهَرُ. وحكَى المُصَنِّفُ وغيرُه رِوايَةً بالجَوازِ. وعنه، يجوزُ بلا إذْنِه إذا كان لمَصْلحَةٍ. ذكَرَها بعضُهم. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: هل يجوزُ لأهْلِ الذِّمَّةِ دُخولُ مَساجِدِ الحِلِّ؟ على رِوايتَيْن. فظاهِرُه الإِطْلاقُ، وكلامُ القاضى يَقْتَضى جَوازَه مُطْلَقًا؛ لسَماعِ القُرْآنِ والذِّكْرِ؛ ليَرِقَّ قلْبُه، ويُرْجَى إسْلامُه. وقال أبو المَعالِى: إنْ شرَط المَنْعَ فى عَقْدِ ذِمَّتِهم، مُنِعُوا، وإِلَّا فلا. وروَى أحمدُ عنه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ:«لَا يَدْخُلْ مَسَاجِدَنَا، بَعْدَ عَامِنِا هَذَا، غَيْرُ أَهْلِ الكِتَابِ وخَدَمِهِمْ» (1). قال فى «الفُروعِ» : فيَكونُ لنا رِوايَةٌ بالتَّفْرِقَةِ بينَ الكِتابِىِّ وغيرِه.

تنبيه: قال فى «الآدَابِ الكُبْرَى» ، بعدَ ذِكْرِه الخِلافَ: ظهَر مِن هذا، أنَّه هل يجوزُ لكافِرٍ دُخولُ مَساجِدِ الحِلِّ؟ فيه رِوايَتان، ثم هل الخِلافُ فى كلِّ كافِرٍ، أم فى أهْلِ الذِّمَّةِ فقط؟ فيه طَريقَتان. وهذا محَلُّ الخِلافِ، مع إذْنِ مُسْلِمٍ لمَصْلَحَةٍ، أو لا يُعْتَبرُ، أو يُعْتَبرُ إذْنُ المُسْلِمِ فقط؟ فيه ثَلاثُ طُرُقٍ. انتهى. وقال فى «الفُروعِ» ، بعدَ ذِكْرِ الرِّوايتَيْن: ثُمَّ منهم مَن أطْلَقها، يعْنِى الرِّوايةَ الثَّانيةَ، ومنهم مَن قيَّدَها بالمَصْلَحَةِ، ومنهم مَن جوَّز ذلك بإذْنِ مُسْلِمٍ، ومنهم مَنِ اعْتَبَرهما معًا. الهى. فعلى القَوْلِ بالجَوازِ، هل يجوزُ دُخولُها وهو جُنُبٌ؟

(1) أخرجه الإِمام أحمد، فى: المسند 3/ 339.

ص: 475