المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصلٌ: وَإِنِ اتَّجَرَ ذِمِّىٌّ إِلَى غَيْرِ بَلَدِهِ، ثُمَّ عَادَ، فَعَلَيْهِ - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ١٠

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌فصلٌ: وَإِنِ اتَّجَرَ ذِمِّىٌّ إِلَى غَيْرِ بَلَدِهِ، ثُمَّ عَادَ، فَعَلَيْهِ

‌فصلٌ:

وَإِنِ اتَّجَرَ ذِمِّىٌّ إِلَى غَيْرِ بَلَدِهِ، ثُمَّ عَادَ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ

ــ

فيه وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» ، و «الآدَابِ الكُبْرَى» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، فى باب الغُسْلِ، و «القواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، فى مَواضِعِ الصَّلاةِ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . وتقدَّم هذا هناك.

تنبيه: حيثُ قُلْنا بالجَوازِ، فإنَّه مقَيَّدٌ بأنْ لا يقْصِدَ [ابْتِذالَها بأَكْلٍ](1) ونَوْمٍ. ذكَرَه فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» .

فائدتان؛ إحْداهما، يجوزُ اسْتِئْجارُ الذِّمِّىِّ لعِمارَةِ المَساجِدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ وغيرُه. وكلامُ القاضى فى «أحْكامِ القُرْآنِ» يدُلُّ على أنَّه لا يجوزُ. الثَّانيةُ، يُمْنَعُون مِن قِراءَةِ القُرْآنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقال القاضى فى «التَّخْرِيجِ»: لا يُمْنَعُون. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» : هذا يحْسُنُ أنْ يكونَ مَبْنِيًّا على أنَّهم هل هم مُخاطَبُون بفُروعِ الإِسْلامِ؟ ويأْتى، هل يصِحُّ إصْداقُ الذِّمِّيَّةِ إقْراءَ القُرْآنِ فى الصَّداقِ؟

قوله: وإنِ اتَّجَرَ ذِمِّىٌّ إلى غيرِ بَلَدِه، ثم عادَ، فعليه نِصْفُ العُشْرِ.

(1) فى الأصل، ط:«استبدالها بالكل» .

ص: 476

الْعُشْرِ.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 477

وَإنِ اتَّجَرَ حَرْبِىٌّ إِلَيْنَا، أُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ

ــ

وإنِ اتَّجَرَ حَرْبِىٌّ إلينا، أُخِذَ منه العُشْرُ. هذا المذهبُ فيهما مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وذكَرَ فى «التَّرْغِيبِ» وغيرِه رِواية؛ يَلْزَمُ الذِّمِّىَّ العُشْرُ. وجزَم به فى

ص: 480

دَنَانِيرَ،

ــ

«الواضِحِ» . وذكَر ابنُ هُبَيْرَةَ عنه، يجِبُ العُشْرُ على الحَرْبِىِّ، ما لم يُشْتَرَطْ أكثرُ. وفى «الواضِحِ» ، يُؤْخَذُ مِنَ الحَرْبِىِّ الخُمْسُ. وقيل: لا يُؤْخَذُ مِن تاجِرِ المِيرَةِ المُحْتاجِ إليها شئٌ إذا كان حَرْبِيًّا. اخْتارَه القاضى. وذكَر المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، أنَّ للإمام ترْكَ العُشْرِ عنِ الحَرْبِى إذا رَآه مصْلَحَةً. وقال ابنُ عَقِيلٍ: الصَّحيحُ أنَّه لا يجوزُ أَخْذُ شئٍ مِن ذلك إلا بشَرْطٍ أو تَراض بينَهم وبينَ الإِمامِ. وقال القاضى فى «شَرْحِه الصَّغِيرِ» : الذِّمِّىُّ، غيرُ التَّغْلِبِىِّ، يُؤْخَذُ منه الجزْيَةُ، وفى غيرِها رِوايَتان؛ إحْداهما، لا شئَ عليهم غيرَها. اخْتارَه شيْخُنا. والثَّانيةُ،

ص: 481

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عليهم نِصْفُ العُشْرِ فى أمْوالِهم. وعلى ذلك، هل يخْتَصُّ ذلك بالأمْوالِ التى يَتَّجِرُون بها إلى غيرِ بلَدِنا؟ على رِوايتَيْن؛ إحْداهما، يخْتَصُّ بها. والثَّانية، يجِبُ فى ذلك، وفيما لم يتَّجِرُوا به مِن أمْوالِهم وثِمارِهم ومَواشِيهم. قال: وأهْلُ الحَربِ إذا دخَلُوا إلينا تُجَّارًا بأمانٍ، أُخِذَ منهم العُشْرُ دَفْعَةً واحدةً، سواءٌ عشَرُوا أمْوالَ المُسْلِمِين، إذا دَخلَت إليهم أم لا. وعنه، إنْ فعَلُوا ذلك بالمُسْلِمِين، فُعِلَ بهم، وإلَّا فلا. انتهى. وأخْذُ العُشْرِ فهم مِنَ المُفْرَداتِ. قال ناظِمُها:

والكافِرُ التَّاجِرُ إنْ مَرَّ على

عاشِرِنا يأخُذُ عُشْرًا انجَلَى

حتى ولو لم ذا عليهم شرْطًا

أو لم يَبِيعُوا عندَنا ما سقَطَا

أو لم يكُونُوا يَفْعَلُوا ذاكَ بنا

هذا هو الصَّحيحُ مِن مَذْهَبِنا

انتهى.

ص: 482

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ، الذِّمِّىَّ التَّغْلِبِىَّ، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، وهو أقْيَسُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الكافِى» . وذلك ضِعْفُ ما على المُسْلِمِين. وعنه، يلْزَمُ التَّغْلبِىَّ العُشْرُ. نَصَّ عليه. وجزَم به فى «التَّرْغِيبِ» ، بخِلافِ ذِمِّىٍّ غيرِه. وقيل: لا شئَ عليه. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». قال النَّاظِمُ: وهو بعيدٌ.

ص: 483

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[فوائد؛ إحداها](1)، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ المرْأَةَ التَّاجِرةَ كالرَّجُلِ فى جميعِ ما تقدَّم. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ». وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ. وقال القاضى: ليس على المرْأةِ عُشْرٌ ولا نِصْفُ عُشْرٍ، إلَّا إذا دَخَلتِ الحِجازَ تاجِرةً، فيَجِبُ عليها ذلك؛ لمَنْعِها منه. قال المُصَنِّفُ: لا نعْرِفُ هذا التَّفْصيلَ عن أحمدَ، ولا يقْتَضِيه مذهَبُه. الثَّانيةُ، الصَّغِيرُ كالكَبيرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يَلْزَمُه شئٌ. الثَّالثةُ، يمْنَعُ دَيْنُ الذِّمِّىِّ نِصْفَ العُشْرِ، كما يمْنَعُ الزَّكاةَ، إنْ ثبَت ذلك ببَيِّنةٍ. الرَّابعةُ، لو كان معه جارِيَة، فادَّعَى أنَّها زَوْجتُه أو ابنَتُه، فهل يُصَدَّقُ أم لا؟ فيه رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» ،

(1) فى الأصل، ط:«فائدتان؛ إحداهما» .

ص: 484

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ؛ إحْداهما، يُصَدَّقُ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، [و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»] (1). قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّ ذلك [لا يُعْرَفُ](2) إلَّا مِن جِهَتِه. والثَّانيةُ، لا يُصَدَّقُ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: لا عُشْرَ فى زَوْجَتِه وسُرِّيَّتِه.

قوله: ولا يُؤْخَذُ مِن أقَل مِن عَشَرَةِ دَنانِيرَ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، سواءٌ

(1) زيادة من: ش.

(2)

فى الأصل، ط:«يعرف» .

ص: 485

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كان التَّاجِرُ ذِمِّيًّا أو حَرْبِيًّا. نصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» . وصححَه فى «النَّظْمِ» . واخْتارَه القاضى

وغيرُه. وقيل: لا. يُؤْخَذُ مِن أقَلَّ مِن عِشْرين دِينارًا. وهو رِوايَة عن أحمدَ. وأطْلَقهما فى «الكافِى» . وقيل: تجِبُ فى تِجارَتَيْهما. قلتُ: اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقدَّمه فى «الخُلاصةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وهو ظاهِرُ كلام الخِرَقِىِّ. وأطْلَقَ الأوَّلَ والثَّالِثَ فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» . وذكَر فى «التَّبصِرَةِ» ، عن القاضى أنَّه قال: إنْ بَلَغَتْ تِجارَتُه دِينارًا فأكثَرَ، وجَب فيه. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالحَرْبِىُّ مُساوٍ للذِّمِّىِّ فى هذه الأقْوالِ.

ص: 486

وَيؤْخَذُ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِىِّ كُلَّمَا دَخَلَ إلَيْنَا.

ــ

قال فى «الفُروعِ» ، بعدَ أنْ ذكَر هذه الأقْوالَ فى الذِّمِّىِّ: وإنِ اتَّجَرَ حَرْبِىٌّ إلينا، وبَلَغَتْ تِجارَتُه كذِمِّىٍّ. انتهى. ونقَل صالِحٌ اعْتِبارَ العِشْرِين للذِّمِّىِّ، والعشَرَةِ للحَرْبِىِّ. وقال القاضى أبو الحُسَيْنِ: يُعْشَرُ للذِّمِّىِّ عشَرَة، وللحَرْبِىِّ خَمْسَةٌ. انتهى. وقيل: يجِبُ فى نِصْفِ ما يجِبُ فى مِقْدارِه مِنَ الذِّمِّىِّ.

قوله: ويُؤْخَذُ فى كُلِّ عَامٍ مَرَّةً. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مسَبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، ونَصَراه. قال فى «الكافِى»: هذا الصَّحيحُ. وصحَّحه فى

ص: 487

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«النَّظْمِ» أيضًا. وقال ابنُ حامِدٍ: يُؤْخَذُ مِنَ الحَرْبِىِّ كلَّما دخَل إلينا. واخْتارَه الآمِدِىُّ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» (1)، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «نَظْمِها» . وظاهِرُ «الحاوِى الكَبِيرِ» الإطْلاقُ.

فائدة: لا يُعْشَرُ ثَمَنُ الخَمْرِ والخِنْزيرِ، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه.

(1) فى ط: «الحاويين» .

ص: 488

وَعَلَى الإِمَامِ حِفْظُهُمْ، وَالْمَنْعُ مِنْ أَذَاهُمْ، واسْتِنْقَاذُ مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ.

ــ

قدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» . وعنه، يُعْشَران. جزَم به فى «الرَّوْضَةِ» ، و «الغُنْيَةِ» ، وزادُوا، أنَّه يُؤْخَذُ عُشْرُ ثَمَنِه. وأطْلَقهما فى «الكافِى» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وخرَّجَ المَجْدُ تَعْشِيرَ ثَمَنِ الخَمْرِ دُونَ الخِنْزيرِ.

قوله: وعلَى الإِمامِ حِفْظُهم، والمنْعُ مِن أذَاهم، واسْتِنقاذُ مَن أُسِرَ منهم. يَلْزَمُ الإِمامَ حِمايَتُهم مِن مُسْلِمٍ وذِمِّىٍّ وحَرْبِىٍّ. جزَم به المُصَنِّف، والشَّارِحُ،

ص: 489

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وصاحِبُ «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، وغيرُهم. وأمَّا اسْتِنْقاذُ مَن أُسِرَ منهم، فجزَم المُصَنِّفُ هنا بلُزومِه. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ» ، وقال: هو ظاهِرُ كلامِ

ص: 490

وَإِذَا تَحَاكَمُوا إِلَى الْحَاكِمِ جمَعَ مُسْلِمٍ، لَزِمَهُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ تَحَاكَمَ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ، أَوِ اسْتَعْدَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، خُيِّرَ بَيْنَ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ تَرْكِهِمْ، وَلَا يَحْكُمُ إِلَّا بِحُكْمِ الإِسْلَامِ.

ــ

الخِرَقِىِّ. وقدَّمه فى «النَّظْمِ» . وقال القاضى: إنَّما يجِبُ فِداؤُهم إذا اسْتَعانَ بهم الإِمامُ فى القِتالِ، فسُبُوا. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والزَّرْكَشِىُّ: وهو المنْصوصُ عن أحمدَ.

قوله: وإنْ تَحاكَمَ بَعضُهم مع بعض، أو اسْتَعْدَى بعضُهم على بعضٍ، خُيِّرَ

ص: 491

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بينَ الحُكْمِ بينَهم وبينَ ترْكِهم. هذا إحْدَى الرواياتِ، أعْنِى الخِيَرَةَ فى الحُكْمِ وعدَمِه، وبينَ الإعْداءِ وعدَمِه. قال فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ»: وهو الأشْهَرُ عنه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو المشْهورُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وعنه، يَلْزَمُه الإعْداءُ والحُكْمُ بينَهم. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ» . وأطْلَقهما فى «الكافِى» . وعنه، يَلْزَمُه إنِ اخْتلَفتِ المِلَّةُ، وإلّا خُيِّرَ. وأطْلَقهُنِّ فى «الفُروعِ» . وعنه، إنْ تَظالَمُوا فى حَقِّ آدَمِىٍّ، لَزِمَه الحُكْمُ، وإلَّا فهو مُخيَّرٌ. قال فى «المُحَرَّرِ»: وهو أصحُّ عندِى. وقال فى «الرَّوْضَةِ» ، فى إرْثِ المَجُوسِ: يُخَيَّرُ إذا تَحاكَمُوا إلينا. واحْتَجَّ بأنَّه التَّخْيِيرُ. قال فى «الفُروعِ» : وظاهِرُ ما تقدَّم، أنَّهم على الخِلافِ؛ لأنَّهم أهْلُ (1) ذِمَّةٍ، ويَلْزَمُهم حُكْمُنا لا شَرِيعَتُنا.

تنبيه: متى قُلْنا: له الخِيَرَةُ. جازَ له أنْ يُعْدِىَ ويحْكُمَ بطَلَبِ أحَدِهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا يجوزُ الَّا باتِّفاقِهما، لو كانا مُسْتَأْمَنَين اتِّفاقًا.

فائدتان؛ إحْداهما، لا يُحْضِرُ يَهُودِيًّا يومَ السَّبْتِ، ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ، أىْ لبَقاءِ تَحْريمِه. وفيه وَجْهان. أو لا يُحْضِرُه مُطْلَقًا؛ لضَرَرِه (2) بإفْسادِ سَبْتِه. قال ابنُ

(1) سقط من الأصل، ط.

(2)

فى ط: «الضرورة» .

ص: 492

وَإِنْ تَبَايَعُوا بُيُوعًا فَاسِدَةً، وَتَقَابَضُوا، لَمْ يَنْقُضْ فِعْلَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَابَضُوا، فَسَخَهُ، سَوَاءٌ كَانَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَهُمْ حَاكِمُهُمْ أَوْ لَا.

ــ

عَقِيلٍ: ويَحْتَمِلُ أنَّ السَبْتَ مُسْتَثْنًى مِن عمَلٍ فى إجارَةٍ. ذكَر ذلك فى «الفُروعِ» ، واقْتَصرَ عليه. [قالَه فى «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِه»، و «النَّظْمِ»](1). قال فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن»: وفى بَقاءِ تحْريمِ يومِ السَّبْتِ عليهم وَجْهان. ويأتِى هذا أيضًا فى بابِ الوَكالَةِ (2). الثَّانية، لو تَحاكَمَ إلينا مُسْتَأْمَنان، خُيِّر فى الحُكْمِ وعدَمِه، بلا خِلافٍ أعْلَمُه.

قوله: وإنْ تبَايَعُوا بُيُوعًا فاسِدَةً، وتقَابَضُوا، لم يَنْقُضْ فِعْلَهم، وإنْ لم يتَقابَضُوا، فسَخَه، سَواءٌ كان قد حكَم بينَهم حَاكِمُهم أوْ لَا. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهم

(1) زيادة من: ش.

(2)

سقط من الأصل، ط.

ص: 493

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إذا لم يتَقابضُوا بُيُوعَهم، وكانت فاسِدَةً، يَفْسَخُها ولو كان قد ألزَمَهم حاكِمٌ بذلك. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: إذا تَرافَعُوا إلينا، بعدَ أنْ ألْزَمَهم حاكِمُهم بالقَبْضِ، نفَذ حُكْمُه، وهذا لالْتِزامِهم بحُكْمِه، لا للُزُومِه لهم. قال فى «الفُروعِ»: والأشْهَرُ هنا، أنَّه لا يَلْزَمُهم حُكْمُه؛ لأنَّه لَغْوٌ، لعدَمِ وُجودِ

ص: 494

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشَّرْطِ، وهو الإِسْلامُ. وأطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن». وقال فى «الكُبْرَى»: وقيل: هما رِوايَتان. وقال فى «الحاوِيَيْن» : وإنْ ألْزَمَهم حاكِمُهم القَبْضَ، احْتَمَلَ نقْضُه وإمْضاؤُه. انتهى. وعنه، فى الخَمْرِ المَقْبُوضَةِ دُونَ ثَمَنِها، يدْفَعُه المُشْتَرِى إلى البائعِ أو وَارِثِه، بخِلافِ خِنْزِيرٍ، لحُرْمَةِ عَيْنه، فلو أسْلَمَ الوارِثُ فله الثَّمَنُ.

ص: 495

وَإِنْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِىٌّ، أَوْ تَنَصَّرَ يَهُودِىٌّ، لَمْ يُقَرَّ، وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إِلَّا الإِسْلَامُ، أوِ الدِّينُ الَّذِى كَانَ عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ إِلَّا الإِسْلَامُ، فَإِنْ أَبى، هُدِّدَ، وَحُبِس، وَيَحْتَمِلُ أنْ يُقْتَلَ. وَعَنْهُ، يُقَرُّ.

ــ

قالَه فى «المُبْهِجِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّرْغِيبِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ؛ لثُبُوتِه قبلَ إسْلامِه. ونقَلَه أبو داودَ.

قوله: وإنْ تَهَوَّدَ نَصْرانِىٌّ، أو تَنَصّرَ يهودِىٌّ، لم يُقَرَّ، ولم يُقْبَلْ منه إلَّا الإِسْلامُ، أو الدِّينُ الذى كان عليه. هذا إحْدَى الرواياتِ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «إدْرَاكِ الغايَةِ» . ويَحْتَمِلُ أنْ لا يُقْبَلَ منه إلَّا (1) الإِسْلامُ. وهو رِوايَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، فلا يُقَرُّ على غيرِ الإِسْلامِ. وعنه، يُقَرُّ مُطْلَقًا. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. واخْتارَه الخَلَّالُ، وصاحِبُه أبو بَكْرٍ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ،

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 496

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الحاوِيَيْن» ، و «النَّظْمِ» . وأطْلَقهُنَّ فى «الشَّرْحِ» . وعنه، يُقَرُّ على أفْضَلِ ممَّا كان عليه، كيَهُودِىٍّ تنَصَّرَ فى وَجْهٍ. ذكَرَه فى «الوَسِيلَةِ». قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: اتَّفَقُوا على التَّسْوِيَةِ بينَ اليَهودِ والنَّصارَى؛ لتقَابُلِهما وتَعارُضِهما. وأطْلقَهُنَّ فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» .

تنبيهان؛ أحدُهما، حيثُ قُلْنا: لا يُقَرُّ فيما تقدَّم. وأَبَى، هُدِّد وضُرِبَ وحُبِسَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. واخْتارَه.

ص: 497

وَإِنِ انْتَقَلَ إِلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أوِ انْتَقَلَ الْمَجُوسِىُّ إِلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، لَمْ يُقَرَّ، وَأُمِرَ أَنْ يُسْلِمَ، فَإِنْ أبَى، قُتِلَ.

ــ

وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . ويَحْتَمِلُ أنْ يُقْتَلَ. وهو رِوايَةٌ فى «الشَّرْحِ» ، وأطْلَقهما. الثَّانى، حيثُ قُلْنا: يُقْتَلُ. فهل يُسْتَتابُ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرحِ». قلتُ: الأُوْلَى الاسْتِتابَةُ لاسِيَّما إذا قُلْنا: لا يُقْبَلُ منه إلَّا الإِسْلامُ.

قوله: وإنِ انْتَقلَ إلى غيرِ دِينِ أهْلِ الكِتابِ -يَعْنِى اليَهودَ والنَّصارَى- أو

ص: 498

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

انْتَقلَ المجُوسِىُّ إلى غيرِ دينِ أهْلِ الكِتابِ، لم يُقَرَّ. إذا انْتقَلَ الكِتابِىُّ إلى غيرِ دِين أهْلِ الكتابِ، لم يُقَرَّ عليه. هذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. قلتُ: ونصَّ عليه. وجزَم به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» ، وصاحِبُ «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وعنه، يُقَرُّ على دِينٍ يُقَرُّ أهْلُه عليه، كما إذا تمَجَّسَ. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها. فعلى المذهبِ، لا يُقْبَلُ منه إلَّا الإِسْلامُ أو السَّيْفُ. نصَّ عليه أحمدُ. واخْتارَه الخَلَّالُ وصاحِبُه. وجزَم به (1) ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» ، والمُصَنِّفُ هنا. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وعنه، لا يُقْبَلُ منه إلَّا الإِسْلامُ، أو الدِّينُ الذى

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 499

وَإِنِ انْتَقَل غَيْرُ الْكِتَابِىِّ إِلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أُقِرَّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ إِلَّا الإِسْلَامُ.

ــ

كان عليه. وعنه، يُقْبَلُ منه أحدُ ثَلَاثَةِ أشْياءَ؛ الإِسْلامُ، أو الدِّينُ الذى كان عليه، أو دِينُ أهْلِ الكِتابِ. وأطْلقَهُنَّ فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» . وأمَّا إذا انْتقَلَ المَجُوسِىُّ إلى غيرِ دِينِ أهْلِ الكِتابِ، لم يُقَرَّ ولم يُقْبَلْ منه إلَّا الإِسْلامُ، فإنْ اُبى قُتِلَ. وهو المذهبُ وإحْدَى الرِّواياتِ. جزَم به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . واخْتارَه الخَلَّالُ وصاحِبُه. وعنه، يُقْبَلُ منه الإِسْلامُ، أو دِينُ أهْلِ الكتابِ. وعنه، أو دِينُه الأوَّلُ. وأطْلقَهُن فى «الفُروعِ» .

قوله: وإنِ انْتَقَلَ غيرُ الكِتابِىِّ إلى دِينِ أهْلِ الكِتابِ، أُقِرَّ. إذا انْتقَلَ غيرُ الكِتابِىِّ إلى دِينِ أهْلِ الكتابِ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ مجُوسِيًّا، أو غيرَه، فإنْ كان

ص: 500

وَإِنْ تَمَجَّسَ الْوَثَنِىُّ، فَهَلْ يُقَرُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

ــ

غيرَ مجُوسِىٍّ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُقَرُّ. قال ابنُ مُنَجَّى [فى «شَرْحِه»] (1): هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». قال فى «الفُروعِ»: وإنِ انْتقَلَ غيرُ كِتابِىٍّ ومَجُوسِىٍّ إلى دِينِهما قبلَ البَعْثةِ، فله حُكْمُهما، وكذا بعدَها. وعنه، إنْ لم يُسْلِمْ قُتِلَ. وعنه، إنْ تمَجَّسَ. انتهى. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يُقْبَلَ منه إلَّا الإِسْلامُ. فإن لم يُسْلِمْ، قُتِلَ. وهو رِوايةٌ عن أحمدَ. ذكَرَها الأصحابُ. وإنْ كان مَجُوسِيًّا فانْتقَلَ إلى دِينِ أهْلِ الكتابِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُقَرُّ. نصَّ عليه. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . ويَحْتَمِلُ أنْ لا يُقْبَلَ منه إلَّا الإِسْلامُ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. وعنه رِواية ثالثةٌ، لا يُقْبَلُ منه إلَّا الإِسْلامُ، أو دِينُه الذى كان عليه. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» .

قوله: وإنْ تَمَجَّسَ الوَثنِىُّ، فهل يُقَرُّ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، إحْداهما، يُقَرُّ عليه. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحِيحِ». قال الشَّارِحُ: وهو أوْلَى. وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن» ،

(1) زيادة من: ش.

ص: 501