الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ حُكْمِ الْأَرَضِينَ الْمَغْنُومَةِ
وَهِىَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ؛ أَحَدُهَا، مَا فُتِحَ عَنْوَةً؛ وَهِىَ مَا أُجْلِىَ عَنْهَا أَهْلُهَا بِالسَّيْفِ، فَيُخَيَّرُ الإِمَامُ بَيْنَ قَسْمِهَا وَوَقْفِهَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَيَضْرِبُ عَلَيْهَا خَرَاجًا مُسْتَمِرًّا، يُؤْخَذُ مِمَّنْ هِىَ فى يَدِهِ، يَكُونُ أُجْرَةً لَهَا. وَعَنْهُ، تَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الِاسْتِيلَاءِ. وَعَنْهُ، تُقْسَمُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ.
ــ
بابُ حُكمِ الأرَضِينَ المَغْنُومةِ
قوله: أحَدُها، ما فُتِحَ عَنْوَةً؛ وهى ما أُجْلِىَ عنها أهْلُها بالسَّيْفِ، فيُخَيَّرُ الإِمامُ بينَ قَسْمِها -كمَنْقُولٍ، ولا خَراجَ عليها، بل هى أرْضُ عُشْرٍ- ووَقْفِها للمُسْلِمِين. بلَفْظٍ يحْصُلُ به الوَقْفُ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. قالَه فى «الفُروعِ»
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرِه. وعليه أَكثرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. زادَ فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، أو يتْرُكُها للمُسْلِمِين بخرَاجٍ مُسْتَمِرٍّ، يُؤخَذُ ممَّن تُقَرُّ بيَدِه، مِن مُسْلِمٍ أو ذِمِّىٍّ، بلا اُجْرَةٍ. وتخْيِيرُ الإِمامِ فى الأرْضِ التى فُتِحَتْ عَنْوَةً بين قَسْمِها وبينَ وَقْفِها، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، تُقْسَمُ بينَ الغانِمِين، كالمَنْقُولِ. وعنه، أنَّها تصِيرُ وَقْفًا بنَفْسِ الاسْتِيلاءِ عليها، ولا يُعْتَبرُ لها التَّلَفُّظُ بالوَقْفِ، بل ترْكُه لها مِن غيرِ قِسْمَةٍ وَقْفٌ كما لو قَسَمَها بينَ الغانِمِين، لا يَحْتاجُ معه إلى لَفْظٍ، وتَصِيرُ أرْضَ عُشْرٍ. وأطْلَقهُنَّ فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: قوْلِى فى الرِّوايَةِ الأُولَى والثَّانيةِ: كالمَنْقُولِ. قالَه المَجْدُ فى «المُحَرَّرِ» ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، وجماعة. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: إذا قسَم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإِمامُ الأرْضَ بينَ الغانِمِين، فمُقْتَضَى كلامِ المَجْدِ وغيرِه، أنَّه يُخَمِّسُها؛ حيثُ قالُوا: كالمَنْقُولِ. قال: وعُمومُ كلامِ أحمدَ والقاضى، وقِصَّةِ خَيْبَرَ، تَدُلُّ على أنَّها لا تُخَمَّسُ؛ لأنَّها فَىْءٌ وليستْ بغَنِيفةٍ؛ لأنَّ الغَنِيمَةَ لا تُوقَفُ، والأرْضُ إنْ شاءَ الإِمامُ وَقَفَها، وإنْ شاءَ قَسَمَها، كما يَقْسِمُ الفَىْءَ، وليس فى الفَىْءِ خُمْسٌ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ورجَّح ذلك. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لو جعَلَها الإِمامُ فَيْئًا، صارَ ذلك حُكْمًا باقِيًا فيها دائمًا، وأنَّها لا تعُودُ إلى الغانِمِين. ويأْتِى ذلك فى كتابِ البَيْعِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدتان؛ إحْداهما، حيثُ قُلْنا: للإمامِ الخِيَرَةُ. فإنَّه يَلْزَمُه فِعْلُ الأصْلَحِ، كالتَّخْيِيرِ فى الأُسارَى. قالَه الأصحابُ. وقال القاضى فى «المُجَرَّدِ»: أو يُمَلِّكُها لأهْلِها أو غيرِهم بخَراجٍ. قال فى «الفُروعِ» : فدَلَّ كلامُهم أنَّه لو مَلَّكَها بغيرِ خَراجٍ، لم يَجُزْ. الثَّانيةُ، قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، ومَن تَبِعَه: ما فعَلَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإِمامُ مِن وَقْفٍ وقِسْمَةٍ، ليس لأحَدٍ نَقْضُه. وقال أيضًا فى «المُغْنِى» فى البَيْعِ: إنْ حكَم بصِحَّتِه حاكِمٌ، صحَّ بحُكْمِه، كالمُخْتلِفاتِ، وكذا بَيْعُ الإِمامِ
الثَّانِى، مَا جَلَا عَنْهَا أَهْلُهَا خَوْفًا، فَتَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الظُّهُورِ عَلَيْهَا. وَعَنْهُ، حُكْمُهَا حُكْمُ الْعَنْوَةِ.
ــ
للمَصْلَحَةِ؛ لأنَّ فِعْلَه كالحُكْمِ.
قوله: الثَّانِى، ماجَلَا عنها أهْلُها خَوْفًا. فتَصيرُ وَقْفًا بنَفْسِ الظُّهُورِ عليها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه، حُكْمُها حُكْمُ العَنْوَةِ قِياسًا عليها، فلا تَصِيرُ وَقْفًا حتَّى يَقِفَها الإِمامُ. وقبلَ وقْفِها، حُكْمُها حُكْمُ الفَىْءِ المَنْقُول.
الثَّالِثُ، مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ؛ أَحَدُهُمَا، أنْ يُصَالِحَهُمْ عَلَى أَنَّ الْأرْضَ لَنَا، وَنُقِرَّهَا مَعَهُمْ بالْخَرَاج من، فَهَذِهِ تَصِيرُ وَقْفًا أيْضًا.
ــ
قوله: الثَّالثُ، ما صُولِحُوا عليه، وهو ضَرْبان؛ أحدُهما، أنْ يُصالِحَهم على أَنَّ الأرْضَ لنا، ونُقِرَّها معهم بالخَرَاجِ، فهذه تَصِيرُ وَقْفًا أيْضًا. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، تَصِيرُ وَقْفًا بوَقْفِ الإِمامِ، كالتى قبلَها، وتكونُ قبلَ وَقْفِها كفَىْءٍ مَنْقُولٍ.
فائدة: هذه الدَّارُ والتى قبلَها دارُ إسْلامٍ، فيَجِبُ على ساكِنِها مِن أهْلِ الذِّمَّةِ الجِزْيَةُ
الثَّانِى، أنْ يُصَالِحَهُمْ عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ، وَلَنَا الْخَرَاجُ عَنْهَا، فَهَذِهِ مِلْكٌ لَهُمْ، خَرَاجُهَا كَالْجِزْيَةِ، إِنْ أَسْلَمُوا سَقَطَ عَنْهُمْ،
ــ
ونحوُها، ولا يجوزُ إقْرارُ أهْلِها على وَجْهِ المِلْكِ لهم. ذَكَرَه القاضى فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وذكَر القاضى فى «المُجَرَّدِ» ، للإِمامِ أنْ يُقِرَّ الأرْضَ مِلْكًا لأهْلِها، وعليهم الجِزْيَةُ، وعليها الخَراجُ، لا يسْقُطُ بإسْلامِهم. قال فى «الحاوِى الكَبِيرِ»: وهذا أَصحُّ عندِى.
قوله: الثَّانى، أنْ يُصالِحَهم على أنَّها لهم، ولنا الخَراجُ عنها، فهذه مِلْكٌ لهم. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا، وعليه أَكْثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يُمْنَعُون مِن إحْداثِ كَنيسَةٍ وبَيْعَةٍ. وقال فى «التَّرْغِيبِ» : إنْ أسْلَم بعضُهم، أو باعُوا المُنْكَرَ مِن مُسْلِم، مُنِعُوا إظْهارَه.
قوله: خَراجُها كالجِزْيَةِ، إنْ أسْلَمُوا سقَط عنهم. هذا المذهبُ، وعليه جمهورُ
وَإِنِ انْتَقَلَتْ إِلَى مُسْلِم، فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ، وَيُقَرُّونَ فِيهَا بِغَيْرِ جِزْيَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ فى غَيْرِ دَارِ الإسْلَامِ، بِخِلَافِ الَّتِى قَبْلَهَا.
وَالْمَرْجِعُ فى الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ إِلَى اجْتِهَادِ الإِمَامِ فى الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ عَلَى قَدْر الطَّاقَةِ. وَعَنْهُ، يُرْجَعُ إِلَى مَا ضَرَبَهُ
ــ
الأصحابِ. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرِّرِ» ، وغيرِهما. وصحَّحه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهما. وعنه، لا يسْقُطُ بإسْلام ولا غيرِه. نَقَلَها حَنْبَلٌ؛ لتَعَلُّقِها بالأرْضِ، كالخَراجِ الَّذى ضرَبَه عمرُ. وجزَم به فى «التَّرْغِيبِ» .
تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: وإنِ انْتَقَلَتْ إلى مُسْلِمٍ، فلا خَرَاجَ عليه. أنَّها لو انْتقَلَتْ إلى ذِمِّىٍّ مِن غيرِ أهْلِ الصُّلْحِ، أنَّ عليه الخَراجَ. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: لا خَراجَ عليها. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» .
قوله: والمَرْجِعُ فى الجزْيَةِ والخَراجِ إلى اجْتِهادِ الإمام مِنَ الزِّيادَة والنُّقْصانِ. هذا المذهبُ، وعليه أكْثَرُ الأصحابِ. قال الخَلَّالُ: نقَلَهَ الجماعَةُ عن أحمدَ. قال
عُمَرُ، رَضِىَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، لَا يُزَادُ وَلَا يُنْقَصُ. وَعَنْهُ، تَجُوزُ الزِّيادَةُ دُونَ النَّقْصِ.
ــ
المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ، واخْتِيارُ الخَلَّالِ، وعامَّةِ شُيوخِنا. قال فى «الهِدايَةِ»: اخْتارَه الخَلَّالُ، وعامَّةُ أصحابِنا. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . وعنه، تَجُوزُ الزِّيادَةُ دونَ النَّقْصِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وعنه، تجوزُ الزِّيادَةُ دونَ النَّقْصِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقال ابنُ أبِى مُوسى: لا يجوزُ النَّقْصُ عنِ الدِّينارِ بحالٍ. وتجوزُ الزِّيادَةُ. قال: وهذا قوْلٌ غيرُ الرِّوايَةِ. انتهى. وعنه، تجوزُ الزِّيادَةُ والنَّقْصُ فى الخَراجِ خاصَّةً، ولا تجوزُ فى الجِزْيَةِ. اخْتارَه الخِرَقِىُّ، والقاضى فى «رِوايِتِه». وقال: نقَلَه الجماعَةُ. قال فى «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِيَيْن»: وهو أصحُّ. وذكَر فى «الواضِحِ» رِوايَةً، يجوزُ النَّقْصُ فى الجِزْيَةِ فقط. وعنه، يُرْجَعُ إلى اجْتِهادِ الإِمامِ فى الجِزْيَةِ والخَراجِ، إلَّا أنَّ جِزْيَةَ أهْلِ اليَمَنِ دِينارٌ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وعنه: يُرْجَعُ إلى ما ضرَبَه عمرُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، لا يُزادُ عَليه ولا يُنْقَصُ منه. وأطْلَقَ الرِّوايتَيْن، الأُولَى وهذه،
قَالَ أحْمَدُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، رَحِمَهُمَا اللَّه تَعَالَى: أَعْلَى وَأَصَحُّ حَدِيثٍ فِي أَرْضِ السَّوَادِ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ. يَعْنِى، أَنَّ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَضَعَ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ دِرْهَمًا وَقَفِيزًا. وَقَدْرُ الْقَفِيزِ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ. يَعْنِى بِالْمَكِّىِّ، فَيَكُونُ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا
ــ
فى «البُلْغَةِ» . ويأْتِى حَدُّ الغَنِىِّ والمُتَوسِّطِ والفَقِيرِ، فى بابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ، فى كلامِ المُصَنِّفِ.
قوله: وقَدْرُ القَفِيزِ ثمَانِيَةُ أرْطَالٍ. يَعْنِى بالمَكِّى، فيكونُ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا بالعِراقِىِّ. هذا الصَّحيحُ. قدَّمه فى «الشَّرْحِ» ، وقال: نصَّ عليه. واخْتارَه القاضى. وقال أبو بَكْرٍ: قيلَ: إنَّ قَدْرَه ثَلاثُون رَطْلًا. وقدَّم فى «المُحَرَّرِ» ، أنَّ قدْرَه ثَمانِيَةُ أرْطالٍ بالعِراقِىِّ، وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ،
بِالْعِرَاقِىِّ، وَالْجَرِيبُ عَشْرُ قَصَبَاتٍ فى عَشْرِ قَصَبَاتٍ، وَالْقَصَبَةُ سِتَّةُ أذْرُعٍ، وَهُوَ ذِرَاعٌ وَسَطٌ
ــ
وقالُوا: نصَّ عليه. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» : المَنْقُولُ عن أحمدَ، أنَّه ثَمانِيَةُ أرْطالٍ. ففَسَّرَه القاضى بالمَكِّىِّ.
فائدتان؛ الأُولَى، هذا القَفِيزُ قَفِيزُ الحَجَّاجِ. وهو صَاعُ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. نصَّ عليه. والقَفِيزُ الهاشِمِىُّ، مَكُّوكَان (1)؛ وهو ثَلاثُون رَطْلًا عِراقِيَّةً. الثَّانيةُ، ممَّا قدَّرَه عمرُ على جَرِيبِ الزَّرْعِ دِرْهَم وقَفِيزٌ مِن طَعامِه، وعلى جَرِيبِ النَّخْلِ ثَمانِيَةُ دَراهِمَ، وعلى جَرِيبِ الكَرْمِ عشَرَةُ دَراهِمَ، وعلى جَرِيبِ الرَّطْبَةِ سِتَّةُ دَراهِمَ. قالَه جماعةٌ، منهم صاحِبُ «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، وقال: هو الأشْهَرُ عن عمرَ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : وخَراجُ عمرَ على جَرِيبِ الشَّعيرِ دِرْهَمان، والحِنْطَةِ أَرْبعَةٌ، والرَّطْبَةِ سِتَّةٌ، والنَّخْلِ ثمَانِيَةٌ، والكُرومِ عشَرَةٌ، والزَّيْتُونِ اثْنا عشَرَ. وعن عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه وضَع على كلِّ جَرِيب عامِرٍ أو غامِرٍ دِرْهمًا وقَفِيزًا. وقيل: مِن نَبْتِه. فمِنَ البُرِّ والشَّعِيرِ مِثْلُهما، وعلى جَرِيبِ الرَّطْبَةِ خَمْسَةُ دَراهِمَ. وقيل: على جَرِيبِ شجَرِ الخلْطِ سِتَّةُ دَراهِمَ. انتهى.
قوله: والقَصَبَةُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ، وهو ذِراعٌ وسَطٌ، وقَبْضَةٌ، وإبْهامٌ قَائِمةٌ. هكذا
(1) المكوك: مكيال يسع صاعًا ونصفًا.
وَقَبْضَةٌ وَإِبْهَامٌ قَائِمَةٌ.
ــ
قال الأصحابُ. وقال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، وغيرِهم: وقيل: بل ذِراعٌ هاشِمِيَّةٌ، وهى أطْوَلُ مِن ذِراعِ البُرِّ بإصْبَعَيْن وثُلُثَىْ إصْبَعٍ. وقال الأصحابُ، منهم صاحِبُ «المُحَرَّرِ» ، عنِ الأُوَّلِ: هى الذِّراعُ العُمَرِيَّةُ. قال شارِحُ «المُحَرَّرِ» : وهى الذِّراعُ الهاشِمِىُّ. فظاهِرُه، أنَّ الذِّراعَ الأُولَى هى الثَّانِيَةُ، فلا تَنافِىَ بينَهما. وظاهِرُ مَن حكَى الخِلافَ، التَّنَافِى، وهو الصَّوابُ، ولعَلَّ فى النُّسْخَةِ غَلَطًا، أو يكونُ لبَنِى هاشِمٍ ذِراعَان؛ ذِراعُ عمرَ، وذِراعٌ زَادُوها.
وَمَا لَا يَنَالُهُ الْمَاءُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ زَرْعُهُ، فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ. فَإِنْ أَمْكَنَ زَرْعُهُ عَامًا بَعْدَ عَامٍ، وَجَبَ نِصْفُ خَرَاجِهِ فى كُلِّ عَامٍ.
ــ
قوله: وما لا يَنالُه الماءُ ممَّا لا يُمْكِنُ زَرْعُه، فلا خَراجَ عليه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحَابُ. وقال فى «الواضِحِ»: فيما لا يُنْتَفَعُ به مُطْلَقًا رِوايَتان.
فائدتان؛ إحْداهما، الخَراجُ على الأرْضِ التى لها ماءٌ تُسْقَى به فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الحاوِيَيْن» . وعنه، وعلى الأرْضِ التى يُمْكِنُ زَرْعُها بماءِ السَّماءِ. قال ابنُ عَقِيلٍ: أو الدَّوالِيبِ. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» . الثَّانيةُ، لو أمْكَنَ إحْياؤُه فلم يفْعَلْ -وقيلَ: أو زرَع ما لا ماءَ له- فرِوايتان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» . وقدَّم فى «الرِّعايَةِ» ، أنَّه لا خَراجَ على ما يُمْكِنُ إحْياؤُه. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الكافِى». وقوْلُه: وقيلَ: أو زرَع ما لا ماءَ له. ذكَر هذا القَوْلَ ابنُ عَقِيلٍ، أنَّ حَنْبَلِيًّا قالَه، وأنَّ حَنْبَلِيًّا اعْتَرضَ عليه بأنَّ هذا غلَط، لأنَّ الرِّوايتَيْن فى أرْض لا ماءَ لها، ولا زُرِعَتْ، فإذا زُرِعَتْ بعدُ، وُجِدَ حَقِيقَةُ التَّصَرُّفِ، كالأرْضِ المُسْتَأْجَرَةِ. ذكَرَه ابنُ الصَّيْرَفِىِّ فى الإجارَةِ.
قوله: فإنْ أمْكَنَ زَرْعُه عامًا بعدَ عامٍ، وجَب نِصْفُ خَراجِه فى كُلِّ عامٍ.
وَالْخَرَاجُ عَلَى الْمَالِكِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ.
ــ
هكذا قال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ. وقال فى «التَّرْغِيبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم: وما يُراحُ عامًا ويُزْرَعُ عامًا عادَةً. وقال فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم: فإنْ كان ما يَنالُه الماءُ لا يُمْكِنُ زَرْعُها حتَّى تُراحَ عامًا وتُزْرَعَ عامًا. وقال فى «التَّرْغِيبِ» أيضًا: يُؤْخَذُ خَراجُ ما لم يُزْرَعْ عن أَقَل ما يُزْرَعُ، وقالَه فى «الرِّعايَةِ». وقال أيضًا: البَياضُ الَّذى بينَ النَّخْلِ ليس فيه إلَّا خَراجُ الأَرضِ. وكذا قال فى «التَّبْصِرَةِ» ، و «الرِّعايَةِ». قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ولو يَبِسَتِ الكُرومُ بجَرادٍ أو غيرِه، سقَط مِنَ الخَراجِ حَسْبَما تعَطَّلَ مِنَ النَّفْعِ. قال: وإذا لم يُمْكِنِ النَّفْعُ ببَيْعٍ أو إجارَةٍ أو عِمَارَةٍ أو غيرِه، لم تَجُزِ المُطالبَةُ بالخَراجِ. انتهى.
فائدة: لو كانَ بأرْضِ الخَراجِ شجَرٌ وَقْتَ الوَقْفِ، فثَمَرةُ المُسْتَقْبَلِ لمَن تُقَرُّ بيَدِه، وفيه عُشْرُ الزَّكاةِ، كالمُجَدِّدِ فيها. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الحاوِيَيْن». وقيل: هو للمُسْلِمِين بلا عُشْر. جزَم به فى «التَّرْغِيبِ» .
قولى: والخراجُ على المالِكِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ.
وَهُوَ كَالدَّيْنِ، يُحْبَسُ بِهِ الْمُوسِرُ، وَيُنْظَرُ بِهِ الْمُعْسِرُ. وَمَنْ عَجَزَ عَنْ عِمَارَةِ أرْضِهِ، أُجْبِرَ عَلَى إِجَارَتِهَا، أوْ رَفْعِ يَدِهِ عَنْهَا.
ــ
وعنه، على المُسْتَأْجِرِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وتقدَّم ذلك فى أوَاخرِ بابِ زَكاةَ الخارِجِ مِنَ الأرْضَ.
وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْشُوَ الْعَامِلَ وَيُهْدِىَ لَهُ لِيَدْفَعَ عَنْهُ الظُّلْمَ فى خَرَاجِهِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِيَدَعَ لَهُ مِنْهُ شَيْئًا. وَإنْ رَأْى الإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فى إِسْقَاطِ الْخَرَاجِ عَنْ إِنْسَانٍ، جَازَ.
ــ
قوله: ويَجُوزُ له أنْ يَرْشُوَ العامِلَ ويُهْدِىَ له، ليَدْفَعَ عنه الظُّلْمَ فى خَراجِه. نصَّ عليه. فالرِّشْوَةُ؛ ما يُعْطى بعدَ طَلَبِه. والهَدِيَّةُ؛ الدَّفْعُ إليه ابْتِداءً. قالَه فى «التَّرْغِيبِ» . وأمَّا الآخِذُ، فإنَّه حَرامٌ عليه، بلا نِزاعٍ. لكنْ هل يَنْتَقِلُ المِلْكُ؟ قال بعضُ الأصحابِ: يتَوَجَّهُ وَجْهان. قلتُ: الَّذى يَظْهَرُ أنَّه لا ينْتَقِلُ. ويأْتِى فى بابِ أدَبِ القاضى بأَتَمَّ مِن هذا.
فائدتان، إحْداهما، لا يُحْتَسَبُ بما ظُلِمَ فى خَراجِه مِنَ العُشْرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الإِمامُ أحمدُ: لأنَّه غَصْبٌ. وعنه، بلَى. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. الثَّانيةُ، لا خَراجَ على المَساكِنِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحَابُ. وإنَّما كان أحمدُ يُخْرِجُ عن دارِه؛ لأنَّ بغْدادَ كانتْ مَزارِعَ وَقْتَ فَتْحِها. ويأْتِى فى كتابِ البَيْعِ، هل على مَزارِعِ مَكَّةَ خَراجٌ؟ وهل فُتِحَتْ عَنْوَةً أو صُلْحًا؟.
قوله: وإنْ رأَى الإِمامُ المصْلَحَةَ فى إسْقاطِ الخَراجِ عَن إنْسانٍ، جازَ. هذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهما. وقال الإِمامُ أحمدُ: لا يدَعُ خَراجًا، ولو ترَكَه أمِيرُ المُؤْمِنِين، كان له هذا، فأمَّا مَن دُونَه، فلا.