الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْأَمَانِ
يَصِحُّ أَمَانُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ، ذَكَرًا كَانَ أو أُنْثَى، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، مُطْلَقًا أو أَسِيرًا. وَفِى أَمَانِ الصَّبِىِّ الْمُمَيِّزِ رِوَايَتَانِ.
ــ
بَابُ الْأَمَانِ
قوله: ويَصِحُّ أمَانُ المُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ، ذَكَرًا كَانَ أو أُنْثَى، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، مُطْلَقًا أَوْ أَسِيرًا. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكْثَرُهم. وقال فى «عُيونِ المَسائِل» وغيرِها: يصِحُّ منهم، بشَرْطِ أن يَعْرِفَ المَصْلَحَةَ فيه. قال فى «الفُروعِ»: وذكَر غيرُ واحدٍ الإجْماعَ فى المَرْأةِ بدُونِ هذا الشَّرْطِ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» : يصِحُّ أمانُ المرْأةِ عن القَتْلِ دُونَ الرِّقِّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال: ويُشْتَرَطُ [فى أمانِ الإِمامِ](1) عدَمُ الضَّرَرِ علينا، وأنْ لا تَزِيدَ مُدَّتُه على عَشْرِ سِنِين. وقوْلُه: وأنْ لا تَزِيدَ مُدَّتُه على عَشْرِ سِنِين. جزَم به فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» .
(1) فى الأصل، ط:«للإمام» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: مفْهومُ كلامِه، أنَّه لا يصِحُّ أمانُ الكافِرِ، ولو كان ذِمِّيًّا. وهو كذلك. ولا أمَانُ المَجْنونِ، والطِّفْلِ، والمُغْمَى عليه. وهو كذلك. ولا يصِحُّ أمانُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
السَّكْرانِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وخرَّجَ الصِّحَّةَ. ولا يصِحُّ أمانُ المُكْرَهِ، بلا نِزاعٍ.
قوله: وفى أمانِ الصَّبِى المُمَيِّزِ رِوايَتان. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ» ،
وَيَصِحُّ أمَانُ الإِمَامِ لِجَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَمَانُ الْأمِيرِ لِمَنْ جُعِلَ بِإِزَائِهِ،
ــ
و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» ؛ إحْداهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الهادِى» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ» ، والقاضى فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ» ، والشِّيرازىُّ، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، فى «خِلافَيْهما» ، و «تَذْكِرَةِ ابن عَبْدُوسٍ» ، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِىِّ» ، وغيرِهم. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» ، و «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال أبو بَكْرٍ: يصِحُّ أمانُه، رِوايَةً واحدةً. وحمَل رِوايَةَ المَنْعِ على غيرِ المُمَيِّزِ. وهو مُقْتَضَى كلامِ شَيْخِه، والزَّرْكَشِىِّ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يصِحُّ أمانُه. ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِىِّ.
فائدة: يصِحُّ أمانُ الإِمامِ للأسِيرِ الكافِرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى وغيرُه. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ،
وَأَمَانُ أحَدِ الرَّعِيَّةِ لِلْوَاحِدِ، وَالْعَشَرَةِ، وَالْقَافِيَةِ.
ــ
و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، وهو ظاهِر ما جزَم به فى «الرِّعايتَيْن» . وظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ» ، أنَّه لا يصِحُّ؛ فإنه قال، بعدَ أنْ ذكَر صِحَّةَ الأمانِ: وقيلَ: يصِحُّ للأسِيرِ مِنَ الإِمامِ. وقيل: والأمِيرِ. انتهى. وهو مُشْكِلٌ. ويصِحُّ أمانُ غيرِ الإِمامِ للأسِيرِ الكافِرِ. نصَّ عليه فى رِوايَةِ أبى طالِبٍ، وقدَّمه فى «المُحَرِّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «النَّظْمِ» و «الحاوِيَيْن» . واخْتارَ القاضى عدَمَ الصِّحَّةِ مِن غيرِ الإِمامِ، كما لو كان فيه ضرَرٌ. وقال فى «المُغْنِى» (1)، و «الشَّرْحِ»: فأمَّا آحَادُ الرَّعِيَّةِ، فليسَ له أمانُه، وذكَر أبو الخَطَّابِ، أنَّه يصِحُّ. انتهيا.
قوله: وأمانُ أحَدِ الرَّعِيَّةِ للواحِدِ، والعَشَرَةِ -بلا نِزاعٍ- وللقافِلَةِ. وكذا
(1) انظر: المغنى 13/ 78.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للحِصْنِ. مُرادُه بالقافِيَةِ، إذا كانتْ صغِيرةً، وكذا إذا كان الحِصْنُ صغِيرًا. يعْنِى، عُرْفًا. وهذا أحَدُ الوجْهَين. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم؛ لإطْلاقِهم القافِلَةَ.
وَمَنْ قَالَ لِكَافِرٍ: أَنْتَ آمِنٌ. أوْ: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ. أوْ: أَجَرْتُكَ. أَوْ: قِفْ. أوْ: أَلْقِ سِلَاحَكَ. أوْ: مَتَرْس. فَقَدْ أَمَّنَهُ.
ــ
وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». وقيل: يُشْتَرطُ فى القافِلَةِ والحِصْنِ، أنْ يكونَ مِائَةً فأقَلَّ (1). اخْتارَه ابنُ البَنَّا. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ» . وأطْلَقَ فى «الرَّوْضَةِ» الحِصْنَ، وقال: يُسْتَحَبُّ اسْتِحْسانًا أنْ لا يُجارَ على الأميرِ إلَّا بإذْنِه.
قوله: ومَن قال لكافِرٍ: قِفْ. أو: ألْقِ سِلاحَك. فقد أمنَّهَ. وكذا قوْلُه: قُمْ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال المُصَنِّفُ: يَحْتَمِلُ أنْ لا يكونَ أمانًا، إلَّا أنْ يُرِيدَ به ذلك، فهو على هذا كِنايَةٌ، لكِنْ إنِ اعْتقَدَه الكافِرُ أمانًا، رُدَّ إلى مَأْمَنِه وُجوبًا، ولم يَجُزْ قَتْلُه. وكذا حُكْمُ نَظائرِه. قال الإِمامُ أحمدُ: إذا أُشِيرَ إليه
(1) سقط من: الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بشئٍ غيرِ الأَمَانِ، فظَنَّه أمانًا، فهو أمانٌ، وكلُّ شئٍ يرَى العِلْجُ أنَّه أمانٌ، فهو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أمانٌ. وقال: إذا اشْتَراه ليَقْتُلَه، فلا يَقْتُلْه؛ لأنَّه إذا اشْتَراه فقد أمنَّهَ. قال الشَّيْخُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَقِىُّ الدِّينِ: فهذا يَقْتَضِى انْعِقادُه بما يَعْتَقِدُه العِلْجُ، وإنْ لم يَقْصِدْه المُسْلِمُ، ولا
وَمَنْ جَاءَ بِمُشْرِكٍ، فَادَّعَى أَنَّهُ أَمَّنَهُ، فَأَنْكَرَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَعَنْهُ، قَوْلُ الأَسِيرِ. وَعَنْهُ، قَوْلُ مَنْ يَدُلُّ الْحَالُ عَلَى صِدْقِهِ.
ــ
صدَر منه ما يدُلُّ عليه.
قوله: ومَن جاء بمُشْرِكٍ، فادَّعَى -أى المُشْرِكُ- أنَّه أمَّنَه، فأنْكَرَه -يعْنِى المُسْلِمَ- فالقوْلُ قوْلُه. يعنى المُسْلِمَ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحَابِ. جزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِىِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهم. قال فى «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»: قُدِّمَ قوْلُ المُسْلِمِ فى الأظْهَرِ. وعنه، قوْلُ الأسيرِ. اخْتارَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبو بَكْرٍ. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وعنه، قوْلُ مَن يدُلُّ الحالُ على صِدْقَهِ. وأطْلَقهُنَّ فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» .
فائدة: يُقْبَلُ قوْلُ عَدْلٍ إنِّى أمَّنْتُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ» : يُقْبَلُ فى الأصحِّ، كإخْبَارِهما أنَّهما أمَّناه، كالمُرْضِعَةِ على فِعْلِها. قال القاضى: هو قِياسُ قَوْلِ أَحمدَ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقيل: لا يُقْبَلُ.
وَمَنْ أُعْطِىَ أَمَانًا لِيَفْتَحَ حِصْنًا، فَفَتَحَهُ، وَاشْتَبَهَ عَلَيْنَا فِيهِمْ، حَرُمَ قَتْلُهُمْ وَاسْتِرْقَاقُهُمْ.
ــ
قوله: ومَن أُعْطَى أمانًا ليَفْتَحَ حِصْنًا، ففَتَحَه، واشْتَبَه علينا فيهم، حَرُمَ قَتْلُهم. بلا نِزاعٍ. ونصَّ عليه فى رِوايَةِ أبى داودَ، وأبى طالِبٍ، وإسْحاقَ بنِ إبْرَاهِيمَ. وحَرُمَ اسْتِرْقاقُهم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه فى رِوايَةِ ابنِ هانِئٍ، وعليه أكثرُ الأصحَاب. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذا الصَّحيحُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ،
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُخْرَجُ وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ، وَيُسْتَرَقُّ الْبَاقُونَ.
ــ
و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وقال أبو بَكْرٍ: يُخْرَجُ واحِدٌ بالقُرْعَةِ، ويُسْتَرَقُّ الباقُون. قال فى «القاعِدَةِ التَّاسعَةِ بعدَ المِائَةِ»: هذا قوْلُ أبى بَكْرٍ، والخِرَقِىِّ، وابنِ عَقِيلٍ فى «رِوايَتَيْه» . انتهى. واخْتارَه فى «التَّبْصِرَةِ» . وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» .
فائدة: وكذا الحُكْمُ، لو أسْلَم واحِدٌ مِن أهْلِ حِصْنٍ، واشْتَبَه علينا، خِلافًا ومَذْهبًا.
وَيَجُوزُ عَقْدُ الأَمَانِ لِلرَّسُولِ وَالْمُسْتَأْمِنِ، وَيُقِيمُونَ مُدَّةَ الْهُدْنَةِ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ. وَقَالَ أبو الْخَطَّابِ: لَا يُقِيمُونَ سَنَةً وَاحِدَةً إِلَّا بِجِزْيَةٍ.
ــ
قوله: ويَجُوزُ عَقْدُ الأمانِ للرَّسُولِ والمُسْتَأْمِنِ، ويُقِيمُون مُدَّةَ الهُدْنَةِ بغيرِ جِزْيَةٍ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الهِدايَةِ»: قالَه أصحابُنا. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «النَّظْمِ» ، وغيرِهم. [وقال فى «التَّرْغِيبِ»: بشَرْطِ أنْ لا تَزِيدَ مُدَّتُه على عَشْرِ سِنِين. وفى جَوازِ إقامَتِهم فى دارِنا هذه المُدَّةَ بلا جِزْيَةٍ، وَجْهانِ. انتهى] (1).
(1) زيادة من: ش.
وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الإِسْلَام بِغَيْرِ أَمَانٍ، فَادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ، أَوْ تَاجِرٌ وَمَعَهُ مَتَاعٌ يَبِيعُهُ، قُبِلَ مِنْهُ، وَإنْ كَانَ جَاسُوسًا، خُيِّرَ الإِمَامُ فِيهِ كَالْأَسِيرِ،
ــ
وقال أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» : وعندِى لا يَجوزُ سنَةً فصاعِدًا إِلَّا بجِزْيَةٍ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ» . وقيل: يجوزُ عقْدُه للمُسْتَأْمِنِ مُطْلَقًا. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ» .
قوله: ومَن دخَل دارَ الإِسْلامِ بغيرِ أمانٍ، وادَّعَى أنَّه رَسُولٌ، أو تاجِرٌ ومعه مَتاعٌ يَبِيعُه، قُبِلَ منه. وهذا مُقَيَّد بأنْ تُصَدِّقَه عادَةٌ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه.
وَإنْ كَانَ مِمَّنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ، أَوْ حَمَلَتْهُ الرِّيحُ فى مَرْكَبٍ إِلَيْنَا، فَهُوَ لِمَنْ أَخذَهُ. وَعَنْهُ، يَكُونُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ.
ــ
وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ونقَل أبو طالِبٍ، إنْ لم يُعْرَفُ بتِجارَةٍ ولم يُشْبِهْهم، أو كان معه آلةُ حَرْبٍ، لم يُقْبَلْ منه، ويُحْبَسُ حتَّى يُتَبَيّنَ أمْرُه. قلتُ: وهو الصَّوابُ، ويُعْمَل فى ذلك بالقَرائنِ. وعلى المذهبِ، إنْ لم تُصَدِّقْه عادَة، أو لم يَكُنْ معه تِجارَة، وادَّعَى أنَّه جاءَ مُسْتَامِنًا، فهو كالأسِيرِ، يُخَيَّرُ الإِمامُ فيه، على ما تقدَّم.
فائدة: لو دخَل أحَدٌ مِنَ المُسْلِمِين دارَ الحَرْبِ بأمانٍ، بتِجارَةٍ أو رِسالَةٍ، لم يَخُنْهم (1) فى شئٍ، ويَحْرُمُ عليه ذلك.
قوله: وإنْ كان مِمَّن ضَلَّ الطَّريقَ، أو حمَلَتْه الرِّيحُ فى مَرْكَبٍ إلينا، فهو لمَن أخَذَه. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» . وصحَّحه فى «النَّظْمِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وفى «الخُلاصَةِ» .
(1) فى ط: «يخفهم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعنه، يكونُ فَيْئًا للمُسْلِمِين. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . ونقَل ابنُ هانِئٍ، إنْ دخَل قَرْيَةً، وأخَذُوه، فهو لأهْلِها.
فائدة: وكذا الحُكْمُ لو شرَد إلينا دابَّةٌ منهم أو فَرَسٌ، أو نَدَّ بَعِيرٌ، أو أَبَقَ رَقِيقٌ ونحوُه.
فائدة: لا يَدْخُلُ أحَدٌ منهم إلينا بلا إذْنٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يجوزُ للرَّسُولِ وللتَّاجِرِ خاصَّةً. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقال فى «التَّرْغِيبِ»: دُخُولُه
وَإِذَا أَوْدَعَ الْمُسْتَأْمَنُ مَالَهُ مُسْلِمًا، أَوْ أَقْرَضَهُ إِيَّاهُ، ثَمَّ عَادَ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، بَقِىَ الْأَمَانُ فِي مَالِهِ، وَيُبْعَثُ إِلَيْهِ إِنْ طَلَبَهُ،
ــ
لسِفَارَةٍ، أو لسَماعِ قُرْآنٍ، أمانٌ بلا عَقْدٍ، لا لتِجارَةٍ. على الأصحِّ فيهما (1) بلا عادَةٍ. نقَل حَرْبٌ، فى غُزاةٍ فى البَحْرِ وَجَدُوا تُجَّارًا تَقْصِدُ بعضَ البِلادِ، لم يتعَرَّضْ لهم.
قوله: وإذا أَوْدَعَ المُسْتَأْمَنُ مالَه مُسْلِمًا، أو أقْرَضَه إيَّاه، ثُمَّ عادَ إلى دارِ الحَرْبِ، بَقِىَ الأمانُ فى مالِه، ويُبْعَثُ به إليه إنْ طلَبَه. وكذا لو أوْدَعَه لذِمِّىٍّ، أو أقْرَضَه إيَّاه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى
(1) فى ط: «فيها» .
وَإِنْ مَاتَ، فَهُوَ لِوَارِثِهِ،
ــ
«الوَجيزِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وصحَّحه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وقيل: ينْتَقِضُ فى مالِه، ويَصِيرُ فَيْئًا. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». وقوْلُ الزَّرْكَشِىِّ: إنَّ هذا اخْتِيارُ صاحِبِ «المُحَرَّرِ» . غيرُ مُسَلَّمٍ. فعلى المذهبِ، يُعْطاه إنْ طلَبَه، وإنْ ماتَ بُعِثَ به إلى وَرَثَتِه، فإنْ لم يَكُنْ
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، فَهُوَ فَىْءٌ.
ــ
له وَارِثٌ، فهو فَىْءٌ. ويأْتِى حُكْمُ مالِ مَن نقَض العَهْدَ مِن أهْلِ الذِّمَّةِ، فى بابِ أحْكامِهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: لو اسْتُرِقَّ مَن كان مُسْتَأْمَنًا أو ذِمِّيًّا، وأُلْحِقَ بدارِ الحَرْبِ، ومالُه عنَد مُسْلِمٍ، وُقِفَ مالُه. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: هذا أشْهَرُ. وقدَّمه فى «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وحكَاه فى «الشَّرْحِ» ، عن القاضى، واقْتَصرَ عليه. وقيل: يَصِيرُ مالُه فَيْئًا بمُجَرَّدِ اسْتِرْقَاقِه. اخْتارَه صاحِبُ «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» . وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِىُّ.
وَإِنْ أَسَرَ الْكُفَّارُ مُسْلِمًا، فَأَطْلَقُوهُ بِشَرْطِ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُمْ مُدَّةً، لَزِمَهُ الْوَفَاءُ لَهُمْ،
ــ
فعلى المذهبِ، إنْ عتَق، رُدَّ إليه، وإنْ ماتَ رَقِيقًا، فهو فَىْءٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بل هو لوَارِثِه. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» .
قوله: وإذا أسَر الكُفَّارُ مُسْلِمًا، فأطْلَقُوه بشَرْطِ أنْ يُقِيمَ عندَهم مُدَّةً -وكذا لو شرَطُوا أنْ يُقِيمَ عندَهم مُطْلَقًا- لَزِمَه الوَفاءُ لهم. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، وغيرِهم. وقيل: لا يَلْزَمُه الوَفاءُ به، وله أنْ يَهْرُبَ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: إنِ الْتزَمَ الشَّرْطَ، لَزِمَه، وإلَّا فلا. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ما يَنْبَغِى أنْ يدْخُلَ معهم فى الْتِزامِ الإِقامَةِ أبدًا؛ لأنَّ الهِجْرَةَ
وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطُوا شَيْئًا، أَوْ شَرَطُوا كَوْنَهُ رَقِيقًا، فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ، وَيَسْرِقَ، وَيَهْرُبَ.
ــ
واجِبَةٌ عليه، ففيه الْتِزامٌ بتَرْكِ الواجِبِ، اللَّهُمَّ إلَّا أنْ لا يمْنَعُوه مِن دِينِه، ففيه الْتِزامُ تَرْكِ المُسْتَحَبِّ، وفيه نظَرٌ.
قوله: وإنْ لم يَشْتَرِطُوا شَيْئًا، أو شَرَطُوا كَوْنَه رَقِيقًا، فله أنْ يَقْتُلَ، ويَسْرِقَ، ويَهْرُبَ. إذا أطْلَقُوا ولم يشْرُطُوا عليه شيئًا، فتارَةً يُؤَمِّنُونه، وتارةً لا يُؤَمِّنُونَه، فإنْ لم يُؤَمِّنُوه -وهو مُرادُ المُصَنِّفِ- فله أنْ يقْتُلَ، ويَسْرِقَ، ويَهْرُبَ. نصَّ عليه. وإنْ أمَّنُوه، فله الهرَبُ لا غيرُ، فليس له القَتْلُ ولا السَّرِقَةُ، فلو سرَق رَدَّ ما أخَذ نهم. نصَّ على ذلك كلِّه. وإنْ شرَطُوا كوْنَه رَقِيقًا، فكذلك. قالَه الشَّارِحُ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِيَيْن» ،
وَإِنْ أَطْلَقُوهُ بِشَرْطِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ مَالًا، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ عَادَ إِلَيْهِمْ، لَزِمَهُ الْوَفَاءُ لَهُمْ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً، فَلَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ. وَقَالَ الْخِرَقِىُّ رحمه الله: لَا يَرْجِعُ الرَّجُلُ أَيْضًا.
ــ
و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» . وقال الشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنْ تَلْزَمَه الإِقامَةُ، إذا قُلْنا: يَلْزَمُه الرُّجُوعُ إليهم. على ما نذْكُرُه فى المسْألَةِ التى بعدَها، إنْ شاءَ اللَّهُ تعالَى.
قوله: وإنْ أطْلَقُوا بشَرْطِ أنْ يَبْعَثَ إليهم مالًا، وإنْ عجَز عنه عادَ إليهم، لَزِمَه الوَفاءُ لهم، إلَّا أنْ تكونَ امْرَأَةً، فلا تَرْجِعُ إليهم. إذا كانتِ امْرأَةً (1)، لم ترْجِعْ إليهم، بلا نِزاعٍ؛ الخَوْفِ فِتْنَتِها. وألْحَقَ فى «نَظْمِ نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ» ، الصَّبِىَّ بالمرْأَةِ. قال فى «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ منه أنْ يَبْدَأَ بفِداءِ جاهلٍ؛ للخَوْفِ عليه،
(1) سقط من: الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويتَوجَّهُ أنْ يَبْدَأَ بفِداءِ العالِمِ؛ لشَرَفِه، وحاجَتِنا إليه، وكثْرَةِ الضَّرَرِ بفِتْنَتِه. انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإنْ كان رَجُلًا، وشرَطُوا عليه مالًا، ورَضِىَ بذلك، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَلْزَمُه الوَفاءُ لهم. نصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وقال الخِرَقِىُّ: لا يرْجِعُ الرَّجُلُ أيضًا. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. وأطْلَقهما فى «الكافِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الزَّرْكَشِىِّ» .