الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْهُدْنَةِ
ــ
بَابُ الْهُدْنَةِ
فائدة: معْنَى الهُدْنَةِ، أنْ يعْقِدَ الإِمامُ أو نائبُه عقْدًا على تَرْكِ القِتالِ مُدَّةً. ويُسَمَّى مُهادَنَةً، ومُوادَعَةً، ومُعاهَدَةً.
وَلَا يَصِحُّ عَقْدُ الْهُدْنَةِ وَالذِّمَّةِ إِلَّا مِنَ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ.
ــ
قوله: ولا يَصِحُّ عَقْدُ الهُدْنَةِ والذِّمَّةِ إلَّا مِنَ الإِمامِ أو نائبِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا أنَّه قال فى «التَّرْغِيبِ»: لآحَادِ الوُلاةِ عَقْدُ الهُدْنَةِ مع أهْلِ قَرْيَةٍ. وقيل: يجوزُ عَقْدُ الذِّمَّةِ مِن كلِّ مُسْلِمٍ. وهو احْتِمالٌ فى «الهِدايَةِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدتان؛ إحْداهما، لا يصِحُّ عَقْدُ الهُدْنَةِ إلَّا حيثُ جازَ تأْخِيرُ الجِهادِ، على ما تقدَّم فى أوَّلِ كتابِ الجِهادِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال القاضى: يجوزُ عَقْدُ ذلك ونحوِه مع القُوَّةِ أيضًا، والاسْتِظْهارِ. انتهى. وقال فى «الإِرْشادِ» ، و «عُيونِ المَسائلِ» ، و «المُبْهِجِ» ، و «المُحَرَّرِ»: يجوزُ عَقْدُ الهُدْنَةِ مع قُوَّةِ المُسْلِمِين واسْتِظْهارِهم مُدَّةَ أرْبعَةِ أشْهُرٍ، ولا يجوزُ فوْقَها. وقيل: يجوزُ والحالَةُ هذه دُونَ عامٍ. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» . الثَّانيةُ، يجوزُ بمالٍ مِنَّا للضَّرُورَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأكثرُ. وقال فى «الفُنُونِ»: يجوزُ لضَعْفِنا مع
فَمَتَى رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ، جَازَ لَهُ عَقْدُهَا مَدَّةً مَعْلُومَةً
ــ
المَصْلَحَةِ. وقال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ: لحاجَةٍ. وقالَه أبو يَعْلَى الكَبِيرُ فى «الخِلافِ» ، فى المُؤَلَّفَةِ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ولا يجوزُ بمالٍ مِنَّا. وقيل: بلا ضَرُورَةٍ، أو لتَرْكِ تَعْذيبِ أسِيرٍ مُسْلِمٍ، أو قَتْلِه، أو أسِيرٍ غيرِه، أو خوْفًا على مَن عندَهم مِن ذلك. قلتُ: هذا القَوْلُ مُتَعَيِّنٌ، والذي قدَّمه ضَعيفٌ أو ساقِطٌ.
قوله: فمتَى رأَى المَصْلَحَةَ فى عَقْدِ الهُدْنَةِ، جازَ له عَقْدُها مُدَّةً مَعْلُومَةً، وإنْ طالَتْ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» . قال
وَإِنْ طَالَتْ. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ فِي أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ، فَإِنْ زَادَ عَلَى عَشْرٍ، بَطَلَ فِي الزِّيَادَةِ، وَفِي الْعَشْرِ وَجْهَانِ (1).
ــ
فى «المُنْتَخَبِ» : يجوزُ مُدَّةً مَعْلُومَةً. وقدَّمه فى «الهِدَايَةِ» ، و «الكافِى» ، و «الهادِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وصحَّحه فى «الخُلاصَةِ» وغيرِها. وعنه، لا يجوزُ أكْثَرَ مِن عَشْرِ سِنِين. قال القاضى: هذا ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وجزَم به فى «الفُصُولِ» . وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» .
فائدة: يكونُ العَقْدُ لازِمًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ويكونُ أيضًا جائزًا.
قوله: فإن زادَ على عَشْرٍ، بطَل فى الزِّيادَةِ -يعْنِى على الرِّوايَةِ الثَّانِيَةِ- وفى العَشْرِ وَجْهان. وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، وغيرِهم؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ. قال فى «الهِدايَةِ» ، و «الفُصُولِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ،
(1) فى متن المبدع: «روايتان» .
وَإِنْ هَادَنَهُمْ مُطْلَقًا، لَمْ يَصِحَّ.
ــ
و «الحاوِى» ، وغيرِهم: وإنْ زادَ فكتَفْريقِ الصَّفْقَةِ. ويأْتِى فى تَفْريقِ الصَّفْقَةِ، أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، الصِّحَّةُ. والثَّانى، لا يصِحُّ.
فائدة: وكذا الحُكْمُ لو هادَنَهم أكثرَ مِن قَدْرِ الحاجَةِ.
قوله: وإنْ هادَنَهم مُطْلَقًا، لَمْ يَصِحَّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: تصِحُّ، وتكونُ جائزَةً، ويُعْمَلُ بالمَصْلَحَةِ؛ لأنَّ اللَّهَ تعالَى أمَر بنَبْذِ العُهودِ المُطْلقَةِ، وإتْمامِ المُؤقَّتَةِ.
فائدة: لو قال: هادَنْتُكم ما شِئْنا أو شاءَ فُلانٌ. فلا يصِحُّ. على الصَّحيحِ
وَإِنْ شَرَطَ شَرْطًا فَاسِدًا؛ كَنَقْضِهَا مَتَى شَاءَ، أَوْ رَدِّ النِّسَاءِ إِلَيْهِمْ، أَوْ صَدَاقِهِنَّ، أَوْ سِلَاحِهِمْ، أَوْ إدْخَالِهِمُ الْحَرَمَ، بَطَلَ الشَّرْطُ. وَفِي الْعَقْدِ وَجْهَانِ.
ــ
مِنَ المذهبِ. وقيل: يصِحُّ. اخْتارَه القاضى. ولو قال: نُقِرُّكم ما أقَرَّكم اللَّهُ. لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يصِحُّ أيضًا، وإنْ مَنَعْناه فى قوْلِه: ما شِئْنا.
قوله: وإنْ شرَط شَرْطًا فاسِدًا؛ كنَقْضِها متى شاءَ، أو رَدِّ النِّساءِ إليهم، أو صَداقِهِنَّ، أو سِلاحِهم، أو إدْخالِهمُ الحَرَمَ، بطَل الشَّرْطُ. إذا شرَط فى المُهادَنَةِ نقْضَها متى شاءَ، أو رَدَّ النِّساءِ إليهم، أو سِلاحِهم، أو إدْخالَهم الحَرَمَ، بطَل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشَّرْطُ، قوْلًا واحدًا. وكذا لو شرَط رَدَّ صَبِىٍّ إليهم. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: مُمَيِّزٍ. وجزَم فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، أنَّه يجوزُ رَدُّ الطِّفْلِ دُونَ المُمَيِّزِ. وقيل: وجزَم غيرُهم بذلك. وأمَّا إذا شرَط رَدَّ مُهُورِهِنَّ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، بُطْلانُ الشَّرْطِ، كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا. قال فى «الفُروعِ»: فشَرْطٌ فاسِدٌ على الأصحِّ. قال النَّاظِمُ: فى الأظْهَرِ. وعنه، لا يَبْطُلُ. وقال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: وإنْ شرَط نقْضَها متى شاءَ، أو كذا أو كذا،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو رَدَّ مَهْرِها فى رِوايَةٍ، بطَل الشَّرْطُ. وذكَر فى «المُبْهِجِ» رِوايَةً برَدِّ مَهْرِ مَن شرَط رَدَّها مُسْلِمَةً، ونصَر أنَّه لا يَلْزَمُ ذلك، كما لو لم يَشْرُطْ. ذكَرَه فى آخِرِ (1) الجِهادِ، فى فَصْلِ أرْضِ العَنْوَةِ والصُّلْحِ. وأمَّا العَقْدُ -حيثُ قُلْنا: يَبْطُلُ الشَّرْطُ- ففى بُطْلانِه وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ،
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. قال فى «الهِدايَةِ» ، و «الحاوِى» ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى، وغيرُهم: بِناءً على الشُّروطِ الفاسِدَةِ فى البَيْعِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إلَّا فيما إذا شرَط نقْضَها متى شاءَ، فيَنْبَغِى أنْ لا يصِحَّ العَقْدُ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوْلًا واحدًا. وظاهِرُ «الوَجيزِ» صِحَّةُ العَقْدِ.
فائدة: لو دخَل ناسٌ مِنَ الكُفَّارِ فى عَقْدٍ باطِلٍ دارَ الإِسْلامِ مُعْتَقِدين الأمانَ،
وَإِنْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَ مِنَ الرِّجَالِ مُسْلِمًا، جَازَ، وَلَا يَمْنَعُهُمْ أَخْذَهُ، وَلَا يُجْبِرُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقِتَالِهِمْ وَالْفِرَارِ مِنْهُمْ.
ــ
كانُوا آمِنِين، ويُرَدُّون إلى دارِ الحَرْبِ، ولا يُقَرُّون فى دارِ الإِسْلامِ. قالَه الأصحابُ.
قوله: وإنْ شرَط رَدَّ مَن جاءَ مِنَ الرِّجالِ مُسْلِمًا، جازَ. قال الأصحابُ: جازَ ذلك لحاجَةٍ. ولا يَمْنَعُهم أخْذَه ولا يُجْبِرُه (1)، وله أنْ يَأْمُرَه سِرًّا بقِتالِهم والفِرَارِ منهم. وقال فى «التَّرْغِيبِ» وغيرِه: يُعرَّضُ له أنْ لا يرْجِعَ إليهم.
(1) فى ط: «يجيزه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد؛ الأُولَى، لو هرَب منهم عَبْدٌ ليُسْلِمَ، فأَسْلَم، لم يُرَدَّ إليهم، وهو حُرٌّ. جزَم به فى «الحاوِيَيْن» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الكُبْرَى» ، وقال: وقيل: إنْ عَلِمَ أنَّه يُسْتَذَلُّ، وجاءَ سيِّدُه فى طَلَبِه، فله قِيمَتُه مِنَ الفَىْءِ. قال: قلتُ: وكذلك الأمَةُ. وتقدَّم ما يُشْبِهُ ذلك فى آخِرِ كتابِ الجِهادِ. الثَّانيةُ، يَضْمَنُون ما أتْلَفُوه لمُسْلِمٍ، ولا يُحَدُّون لحَقِّ اللَّهِ تعالَى، وإنْ قتَل مُسْلِمًا، لَزِمَه القَوَدُ، وإنْ قذَفَه حُدَّ، وإنْ سرَق مالَه، قُطِعَ، على الصَّحيحِ.
وَعَلَى الْإِمَامِ حِمَايَةُ مَنْ هَادَنَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ،
ــ
قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : قُطِعَ فى الأقْيَسِ. [وقيلَ: لا يُقْطَعُ. صحَّحه فى «النَّظْمِ»](1). وأطْلقَهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» .
الثَّالثةُ، قوله: وعلى الإِمامِ حِمايَةُ مَن هادَنَه مِنَ المُسْلِمِين. وهو بلا نِزاعٍ،
(1) زيادة من: ش.
وَإِنْ سَبَاهُمْ كُفَّارٌ آخَرُونَ، لَمْ يَجُزْ لَنَا شِرَاؤُهُمْ.
ــ
ويَلْزَمُه أيضًا حِمايَتُهم مِن أهْلِ الذِّمَّةِ.
قوله: وإنْ سَباهم كُفَّارٌ آخَرُون، لم يَجُزْ لنا شِرَاؤُهم. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «الفُروعِ» . وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. وقيل: يجوزُ. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ رِوايَةً منْصُوصَةً بجَوازِ شِرائهم مِن سَابِيهم.
فائدتان؛ إحْداهما، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جَوازُ شِراءِ أوْلادِ الكُفَّارِ المُهادَنِين
وَإِنْ خَافَ نَقْضَ الْعَهْدِ مِنْهُمْ، نَبَذَ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ.
ــ
منهم وأهْلِيهم، كحَرْبِىٍّ باعَ أهْلَه وأوْلادَه. جزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وصحَّحه فى «النَّظْمِ» . وعنه، يَحْرُمُ شِراؤُهم، كذِمِّىٍّ باعَهم. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، فى الأهْلِ والأوْلادِ. وذكَر جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، إن قهَر حَرْبِىٌّ وَلَدَه ورَحِمَه على نَفْسِه، وباعَه مِن مُسْلِمٍ وكافِرٍ، فقيل: يصِحُّ البَيْعُ. نقَل الشَّالَنْجِىُّ، لا بأْسَ، فإنْ دخَل بأَمانٍ، لم يُشْتَرَ. وقيل: لا يصِحُّ. وإنَّما يَمْلِكُه بتَوَصُّلِه بعِوَضٍ، وإنْ لم يكُنْ صحِيحًا، كدُخُولِه بغيرِ أَمانٍ فَيُرابِيهِم. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: والمَسْألَةُ مَبْنِيَّةٌ على العِتْقِ على الحَرْبِىِّ بالرَّحِمِ، هل يحْصُلُ أم لا؟ لأنَّه من حُكْمِ الإِسْلامِ. انتهى. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: يصِحُّ شِراءُ وَلَدِ الحَرْبِىِّ منه. قلتُ: إنْ عتَق عليه بالمِلْكِ، فلا. وكذا إنْ قَهَر أبَاه وأُمَّه وملَكَهما وباعَهما. وإنْ قهَرَ زَوْجَتَه وملَكَها وباعَها، صحَّ لبَقاءِ مِلْكِه عليها. انتهى. ومنَع ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» فى الزَّوْجَةِ. الثَّانيةُ، لو سَبَى بعضُهم أوْلادَ بعضٍ، وبَاعُوهم، صحَّ البَيْعُ. قالَه فى «الفُروعِ» .
قوله: وإنْ خافَ نَقْضَ العَهْدِ منهم، نبَذ إليهم عَهْدَهم. بلا نِزاعٍ. ويجِبُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إعْلامُهم قبلَ الإِغارَةِ عليهم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وجزَم به كثيرٌ منهم، بخِلافِ الذِّمِّىِّ، إذا خِيفَ منه الخِيانَةُ، لم يُنْقَضْ عَهْدُه. وقال فى «التَّرْغِيب»: إنْ صدَر مِنَ المهادَنةِ خِيانَةٌ، فإنْ عَلِمُوا أنَّها خِيانَةٌ، اغْتالَهم، وإلَّا فوَجْهان. وقال الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ ابنُ القَيِّمِ فى «الهَدْى» ، فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
غَزْوَةِ الفَتْحِ: إنَّ أهْلَ العَهْدِ إذا حارَبُوا فى ذِمَّةِ الإِمامِ وعَهْدِه، صارُوا بذلك أهْلَ حَرْبٍ نابِذِين لعَهْدِه، فله أنْ يُبَيِّتَهم، وإنِّما يُعْلِمُهم إذا خافَ منهم الخِيانَةَ، وأنَّه يَنْتَقِضُ عَهْدُ الجميعِ إذا لم يُنْكِرُوا عليهم.
فوائد؛ إحْداها، ينْتَقِضُ عَهْدُ النِّساءِ والذُّرِّيَّةِ بنَقْضِ عَهْدِ رِجالِهم، تبَعًا لهم. الثَّانيةُ، لو نقَض الهُدْنَةَ بعضُ أهْلِها، فأنْكَرَ عليهم الباقُون، بقَوْلٍ أو فِعْلٍ ظاهِرٍ، أو أعْلَمُوا الإِمامَ بذلك، كان النَّاقِضُ مَن خالَفَ منهم دُونَ غيرِهم، وإنْ سَكتُوا عمَّا فعَلَه النَّاقِضُ، ولم يُنْكِرُوه، ولم يُكاتِبُوا الإِمامَ، انْتقَضَ عَهْدُ الكُلِّ. ويأْتِى نظِيرُ ذلك فى نقْضِ العَهْدِ. الثَّالثةُ، يجوزُ قَتْلُ رَهائِنِهم إذا قتَلُوا رَهائنَنا. جزَم به
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وعنه، لا يجوزُ. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ» . الرَّابعةُ، متى ماتَ الإِمامُ أو عُزِلَ، لَزِمَ مَن بعدَه الوَفاءُ بعَقْدِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّه عقَدَه باجْتِهادِه، فلا يَنْتَقِضُ باجْتِهادِ غيرِه. وجوَّز ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه نَقْضَ ما عقَدَه الخُلَفاءُ الأربعَةُ، نحْوَ صُلْحِ بَنِى تَغْلِبَ؛ لاخْتِلافِ المَصالحِ باخْتِلافِ الأزْمِنَةِ.