المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل فى نقض العهد: - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ١٠

[المرداوي]

الفصل: ‌فصل فى نقض العهد:

‌فَصْلٌ فى نَقْضِ الْعَهْدِ:

وَإذَا امْتَنَعَ الذِّمِّىُّ مِنْ بَذْلِ الْجِزْيَةِ، أَوِ الْتِزَامِ أَحْكَامِ الْمِلَّةِ، انْتَقَضَ عَهْدُهُ.

ــ

و «الحاوِيَيْن» ، و «الفُروعِ» ، وتقدَّم لفْظُه. والثَّانيةُ، لا يُقَرُّ، ولا يُقْبَلُ منه إلَّا الإِسْلامُ أو السَّيْفُ.

تنبيه: ذكَر الأصحابُ، أنَّه لو تهَوَّدَ، أو تنَصَّرَ، أو تمَجَّسَ كافِرٌ قبلَ البَعْثَةِ وقبلَ التَّبْديلِ، أُقِرَّ، بلا نِزاعٍ، وأُخِذَتْ منه الجِزْيَةُ، بلا نِزاعٍ. وإنْ كان قبلَ البَعْثَةِ وبعدَ التَّبْديلِ، فهل هو كما قبلَ التَّبْديلِ، أو كما بعدَ البَعْثَةِ؟ فيه خِلافٌ سِبَق فى بابِ الجِزْيَةِ. وإنْ كان بعدَ البَعْثَةِ أو قبلَها، وبعدَ التَّبْديلِ، على القَوْلِ بأنَّه كما بعدَ البَعْثَةِ، فهذا محَلُّ هذه الأحْكامِ المذْكورَةِ هنا، والخِلافُ فى هذا الأخيرِ. فَلْيعْلَمْ ذلك. صرَّح به الأصحابُ؛ منهم صاحِبُ «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرُهم. وقد تقدَّم فى أوَّلِ بابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ التَّنْبِيهُ على بعضِ ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه.

فائدة: قوله: وإذا امْتَنَعَ الذِّمِّىُّ مِن بَذْلِ الجِزْيَةِ، أو الْتِزامِ أحْكامِ المِلَّةِ، انْتَقَضَ عَهْدُه. بلا نِزاعٍ. لكنْ قال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: يَنتقِضُ عَهْدُه بشَرْطِ أنْ يحْكمٌ بها حاكِمٌ. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولم أرَ هذا الشَّرْطَ لغيرِه. انتهى.

ص: 502

وَإِنْ تَعَدَّى عَلَى مُسْلِمٍ؛ بِقَتْلٍ، أَوْ قَذْفٍ، أَوْ زِنًى، أَوْ قَطْعِ

ــ

وكذا لو أبى مِنَ الصَّغارِ، انْتقَضَ عهْدُه. قالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وكذا لو لَحِقَ بدارِ الحرْبِ مُقِيمًا بها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. وجزَم به فى «الحاوِيَيْن» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وقيل: لا ينْتَقِضُ عهْدُه بذلك. وكذا لو قاتلَ المُسْلِمِين، انْتقَضَ عهْدُه، بلا خِلافٍ.

قوله: وإنْ تَعَدّى على مُسْلِمٍ؛ بقَتْلٍ، أو قَذْفٍ، أو زِنًى، أو قَطْعِ طَرِيقٍ، أو تَجَسُّسٍ، أو إيواءِ جاسُوسٍ، أو ذكَر اللَّه تعالَى، أو كتابَه، أو رَسولَه بسُوءٍ،

ص: 503

طَرِيقٍ، أَوْ تَجَسُّسٍ، أَوْ إِيوَاءِ جَاسُوسٍ، أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ كِتَابَهُ أَوْ رَسُولَهُ بِسُوءٍ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ.

ــ

فعلى رِوَايتَيْن. وكذلك لو فتَن مُسْلِمًا عن دِينه، أو أصابَ مُسْلِمةً باسْمِ نِكاحٍ، ونحوُهما. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الكافِى» ، و «الهادِى» ، و «المُغْنِى» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. ولم يُذْكَرِ القَذْف فى «الكافِى» ، و «الهادِى» ، و «البُلْغَةِ» ، بل عَدَّا ذلك ثمانِيَةً، ولم يذْكُرَاه؛ إحداهُما، ينْتَقِضُ عَهْدُه بذلك فى غيرِ القَذْفِ. وهو المذهبُ، سواءٌ شرَط عليهم أولا. اخْتارَه القاضى، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَر. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: ينْتَقِضُ

ص: 504

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على المنْصوصِ والمُخْتَارِ للأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، وغيرِهم. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقيَّد أبو الخَطَّابِ القَتْلَ بالعَمْدِ. وهو حسَنٌ، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وظاهِرُ كلامِ جماعةٍ، الإطْلاقُ. والصَّوابُ الأوَّلُ، والظَّاهِرُ أنَّه مُرادُ مَن أطْلَقَ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا ينْتَقِضُ عَهدُه بذلك، ما لم يُشْتَرَطْ عليهم، لكنْ يُقامُ عليه الحَدُّ فيما يُوجِبُه، ويُقْتَصُّ منه فيما يُوجِبُ القِصاصَ، ويُعَزَّرُ فيما سِوَى ذلك بما ينْكَفُّ به أمْثالُه عن فِعْلِه. وذكَر فى «الوَسِيلَةِ» ، إنْ لم نَنْقُضْه فى غيرِ ذِكْرِ اللَّهِ، أو كتابِه، أو رَسُولِه بسُوءٍ، وشرِطَ عليه، فوَجْهان. وقال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ النَّقْضُ بمُخاْلفَةِ الشَّرْطِ. وأمَّا القَذْفُ، فالمذهبُ أنَّه لا ينْتَقِضُ عَهْدُه به. نصَّ عليه فى رِوايَةِ جماعةٍ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» . وصحَّحه فى «النَّظْمِ» . وعنه ينْتَقِضُ. ذكَرَها المُصَنِّفُ هنا، وجماعةٌ مِنَ الأصحابِ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ: وهو أوْلَى. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وذكَر هذه الرِّوايةَ فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ» ،

ص: 505

وَإِنْ أَظْهَرَ مُنْكَرًا، أَوْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِكِتَابِهِ وَنَحْوِهِ، لَمْ يَنْتَقِضْ عَهْدُهُ.

ــ

و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: وحكَى أبو محمدٍ رِوايةً فى «المُقْنِعِ» (1) بالنَّقْضِ. ولعَلَّه أرادَ، مُخَرَّجَةً.

تنبيه: حكَى الرِّوايتَيْن فى القَذْفِ وغيرِه، المُصَنِّفُ، وجماعةٌ كثيرةٌ مِنَ الأصحابِ. وقال فى «المُحَرَّرِ»: وإنْ قذَف مُسْلِمًا، لم ينْتَقِضْ. نصَّ عليه. وقيل: بلى. وإنْ فتَنَه عن دِينه -وعَدَّد ما تقدَّم- انْتقَضَ. نصَّ عليه. وقيل: فيه رِوايَتان؛ بِناءً على نصِّه فى القَذْفِ، والأصحُّ، التَّفْرِقةُ. انتهى. وقال فى «تَجْريدِ العِنايةَ»: إذا زنَى بمُسْلِمَةٍ -وعدَّد ما تقدَّم- انتْقَضَ عَهْدُه نصًّا. وخرَّج، لا مِن قَذْفِ مُسْلِم نصًّا. وقدَّم هذه الطَّريقَةَ فى «الفُروعِ» .

فائدة: حُكْمُ ما إذا سحَرَه فآذَاه فى تَصَرُّفِه، حُكْمُ القَذْفِ. نصَّ عليهما.

قوله: وإنْ أظْهَرَ مُنْكَرًا، أو رفَع صَوْتَه بكِتابِه ونحوِه، لم يَنْتَقِضْ عهْدُه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الشَّارِحُ: قال غيرُ الخِرَقِىِّ مِن أصحابِنا: لا ينْتَقِضُ عَهْدُه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا اخْتِيارُ الأكثرِ. وصحَّحه

(1) فى الأصل، ط:«المنع» .

ص: 506

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِىِّ أَنَّهُ يَنْتَقِضُ عَهْدُهِ، إنْ كَانَ مَشْرُوطًا عَلَيْهِمْ.

ــ

فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. واخْتارَه القاضى وغيرُه. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، أنَّه ينْتَقِضُ إن مَشْرُوطًا عليهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الفُروعِ» .

فائدة: وكذا حُكْمُ كل ما شُرِطَ عليهم فخالَفُوه.

تنبيه: محَلُّ الخِلافِ بينَ الخِرَقِى والجماعَةِ، إذا شُرِطَ عليهم. قال الزَّرْكَشىُّ: لا خِلافَ، فيما أعْلمُ، أنه إذا لم يُشْرَط عليهم، لا ينْتَقِضُ به عَهْدُهم، وإنِ اشتُرِطَ عليهم فقَوْلان؛ اخْتِيارُ الخِرَقِىِّ، واخْتِيارُ الأكثرِ. وقال فى

ص: 507

وَلَا يَنْتَقِضُ عَهْدُ نِسَائِهِ وَأَوْلَادِهِ بِنَقْضِ عَهْدِه، وَإِذَا انْتَقَضَ عَهْدُهُ،

ــ

«الفُروعِ» : وإنْ أتَى ما مُنِعَ منه فى الفَصْلِ الأوَّلِ، فهل يَلْزَمُ ترْكُه بعَقْدِ الذِّمَّةِ؟ وفيه وَجْهان، وإنْ لَزِمَ، أو شُرِطَ ترْكُه، ففى نقْضِه وَجْهان، وذكَر ابنُ عَقِيلٍ رِوايتَيْن، وذكَر فى مُناظَراتِه فى رَجْمِ يَهُودِيَّين زَنَيا، يَحْتَمِلُ لنَقْضِ العَهْدِ، وينْتَقِضُ بإظْهارِ ما أُخِذَ عليهم سِتْرُه ممَّا هو دِينٌ لهم، فكيف بإظْهارِ ما ليس بدِينٍ؟ انتهى. وذكَر جماعةٌ الخِلافَ مع الشَّرْطِ فقط. قال ابنُ شِهَابٍ وغيرُه: يَلْزَمُ أهْلَ الذِّمَّةِ ما ذُكِرَ فى شُروطِ عمرَ. وذكَرَه ابنُ رَزِينٍ. لكنْ قال ابنُ شِهَابٍ: مَن أقامَ مِنَ الرُّومِ فى مَدائِنِ الشَّامِ، لَزِمَتْهم هذه الشروطُ، شُرِطَتْ عليهم أو لا. قال: وما عدَا الشَّامَ، فقال الخِرَقِىُّ: إنْ شُرِطَ عليهم فى عَقْدِ الذِّمَّةِ، انْتقَضَ العَهْدُ بمُخالفتِه، وإلَّا فلا؛ لأنَّه قال: ومَن نقض العَهْدَ بمُخالفةِ شئٍ ممَّا صُولِحُوا عليه، حلَّ مالُه ودَمُه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، فى نَصْرانِىٍّ لعَن مُسْلِمًا: تجِبُ عُقوبَتُه بما يَرْدَعُه وأمْثالَه عن ذلك. وفى مذهبِ أحمدَ وغيرِه قوْلٌ (1)؛ يُقْتَلُ. لكِنَّ المَعْروفَ فى المذَاهبِ الأرْبَعةِ، القَوْلُ الأوَّلُ. انْتَهَى كلامُ صاحبِ «الفُروعِ» .

قوله: ولا يَنْتَقِضُ عَهْدُ نِسائه وأوْلادِه بنَقْضِ عَهْدِه. هذا المذهبُ، وسواءٌ لَحِقُوا بدارِ الحَرْبِ أو لا. نقَلَه عَبْدُ اللَّهِ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ،

(1) زيادة من: ش.

ص: 508

خُيِّرَ الإِمَامُ فِيهِ، كَالأَسِيرِ الْحَرْبِىِّ،

ــ

و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: جزَم به جماعَةٌ. وقال فى «العُمْدَةِ» : ولا ينْتَقِضُ عَهْدُ نِسائه وأوْلادِه، إلَّا أنْ يذْهَبَ بهم إلى دارِ الحَرْبِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وذكَر القاضى فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» ، أنَّه ينْتَقِضُ فى أوْلادٍ كحادِثٍ بعدَ نقْضِه بدارِ الحَرْبِ. نقَلَه عبدُ اللَّهِ. ولم يُقيِّدْ فى «الفُصُولِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، الوَلَدَ الحادِثَ بدارِ الحَرْبِ.

تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّه لا ينْتَقِضُ عهْدُهمْ، ولو عَلِمُوا بنَقْضِ عَهْدِ أبِيهم أو زَوْجِهِنَّ ولم يُنْكِرُوه. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وقيل: ينْتَقِضُ إذا عَلِمُوا ولم يُنْكِرُوا. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، وجزَم به فى «الصُّغْرى» ، كالهُدْنَةِ (1). قلتُ: والظَّاهِرُ أنَّ مَحَلَّهما فى المُمَيِّزِ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» .

فائدة: لو جاءَنا بأَمانٍ، فحصَل له ذُرِّيَّة عندَنا، ثم نقَض العَهْدَ، فهو كذِمِّىٍّ. ذكَرَه فى «المُنْتَخَبِ» ، واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ» . وتقدَّم نَقْضُ عَهْدِه فى ذُرِّيَّتِه فى المُهادَنَةِ. وكذا مَن لم يُنْكِرْه عليهم، أو لم يَعْتَزِلْهم، أو لم يُخْبِرْ به الإِمامَ، ونحوُه، فى بابِ الهُدْنَةِ.

(1) فى الأصل، ط:«كالهدية» .

ص: 509

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: وإذا انْتَقَضَ عَهْدُه، خُيِّرَ الإِمامُ فيه، كالأسِيرِ الحَرْبِىِّ. فيُخَيَّرُ فيه، كما تقدَّم فى أثْناءِ كتابِ الجِهادِ. هذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: وهو الأشْهَرُ. واخْتارَه القاضى. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ» . وجزَم به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» . وقيل: يتَعيَّنُ قَتْلُه. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قال فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ»: هذا المَنْصوصُ قلتُ: هو المذهب. وقدَّمه فى «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ». وقيل: مَن نقَض العَهْدَ بغيرِ القِتالِ، أُلحِقَ بمَأمَنِه. وقيل: يتَعيَّنُ قتْلُ مَن سَبَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم. قلتُ: وهذا هو الصَّوابُ. وجزَم به فى «الإِرْشادِ» ، وابنُ البَنَّا فى «الخِصَالِ» ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرُهم. واخْتارَه القاضى فى «الخِلافِ» . وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّ هذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: يتَعيَّنُ قَتْلُه على المذهبِ، وإنْ أسْلَم. قال الشَّارِحُ: وقال بعضُ أصحابِنا، فى مَن سَبَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم: يُقْتَلُ بكُلِّ حالٍ. وذكَر أنَّ أحمدَ نصَّ عليه.

فائدتان؛ إحْداهما، محَلُّ هذا الخِلافِ فى مَنِ انْتقَضَ عَهْدُه، ولم يَلْحَقْ بدارِ الحَرْبِ، فأمَّا إنْ لَحِقَ بدارِ الحَرْبِ، فإنَّه يكونُ كالأسيرِ الحَرْبِىِّ، قوْلًا واحدًا. جزَم به فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الكَبِيرِ» ، وغيرِهم. وفى مالِه الخِلافُ الآتِى. قالَه الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه.

ص: 510

وَمَالُهُ فَىْءٌ عِنْدَ الْخِرَقِىِّ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ.

ــ

وتقدَّم إذا رقَّ بعدَ لُحُوقِه بدارِ الحَرْبِ، وله مالٌ فى بَلَدِ الإِسْلامِ، ما حُكْمُه؟ فى بابِ الأَمانِ. الثَّانيةُ، لو أسْلَمَ مَنِ انْتقَضَ عَهْدُه، حَرُمَ قَتْلُه. ذكَرَه جماعةٌ، منهم صاحِبُ «الرِّعايَةِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، وقال: والمُرادُ غيرُ السَّابِّ [لرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم](1)، فإنَّه يُقْتَلُ ولو أسْلَمَ. على ما تقدَّم. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» ، عن مَن حَرُمَ قَتْلُه: وكذا يَحْرُمُ رِقُّه. وكذا قال فى «الرِّعايَةِ» : وإنْ رَقَّ ثم أسْلَمَ، بَقِىَ رِقُّه. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّ أحمدَ قال، فى مَن زَنَى بمُسْلِمَةٍ: يُقْتَلُ. قيلَ له: فإنْ أسْلَمَ؟ قال: يُقْتَلُ وإنْ أسْلَمَ، هذا قد وجَب عليه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين أيضًا، فى مَن قهَر قَوْمًا مِنَ المُسْلِمِين ونقَلَهم إلى دارِ الحَرْبِ: ظاهِرُ المذهبِ، أنَّه يُقْتَلُ، ولو (2) بعدَ إسْلامِه، وأنَّه أشْبَهُ بالكتابِ والسُّنَّةِ، كالمُحارِبِ.

قوله: ومَالُه فَىْءٌ عندَ الخِرَقِىِّ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، فيَنْتَقِضُ عَهْدُه فى مالِه، يَنْتقِضُ عَهْدُه فى نَفْسِه. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «المُحَرَّرِ» . وقدَّمه

(1) سقط من: الأصل، ط.

(2)

فى الأصل، ط:«وهو» .

ص: 511

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فى «الفُروعِ» . ذكَرَاه فى أثْناءِ بابِ الأمَانِ. وقدَّمه فى «النَّظْمِ» ، فى بابِ نَقْضِ العَهْدِ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِى الكَبِيرِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «نَظْمِها». وقال أبو بَكْرٍ: يكونُ لوَرَثَتِه، فلا ينْتَقِضُ عَهْدُه فى مالِه، فإنْ لم يكُنْ له وَرَثَة، فهو فَىْءٌ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وعنه، إرْث. فإذَنْ؛ إنْ تابَ قبلَ قَتْلِه، دُفِعَ إليه، وإنْ ماتَ، فلوَارِثِه. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، وقال: وقيل: الخِلافُ المذْكورُ مَبْنِىٌّ على انْتِقاضِ العَهْدِ فى المالِ بنَقْضِه فى صاحِبِه. فإنْ قِيلَ: ينْتَقِضُ. كان فَيْئًا، وإنْ قِيلَ: لا ينْتَقِضُ. انْتَقَلَ إلى الوَرَثَةِ. انتهى. قلتُ: هذه طَرِيقَةُ صاحِبِ «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وجماعةٍ.

آخِرُ كِتَابِ الْجِهَادِ

وَالْحَمْدُ للَّهِ حَقَّ حَمْدِهِ

ص: 512