الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ قِسْمَةِ الْغنَائِمِ
الْغَنِيمَةُ كُلُّ مَالٍ أُخِذَ مِنَ الْمُشْركِينَ قَهْرًا بِالْقِتَالِ.
ــ
بابُ قِسْمَةِ الغَنِيمَةِ
وَإنْ أُخِذَ مِنْهُمْ مَالُ مُسْلِمٍ؛ فَأدْرَكَهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ قَسْمِهِ، فَهُوَ أحَقُّ بِهِ، وَإنْ أدْرَكَهُ مَقْسُومًا، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِثَمَنِهِ. وَعَنْهُ، لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ. وَإنْ أخَذَهُ مِنْهُمْ أحَدُ الرَّعِيَّةِ بِثَمَنٍ، فَصَاحِبُهُ أَحَقُّ بِهِ بِثَمَنِهِ، وَإنْ أخَذَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَهُوَ أحَقُّ بِهِ بِغَيْرِ شَىْءٍ.
ــ
قوله: وإنْ أُخِذَ مِنهم مالُ مُسْلِمٍ، فأدْرَكَه صَاحِبُه قبلَ قَسْمِه، فهو أحقُّ به، وإنْ أَدْرَكَه مَقسُومًا، فهو أحَقُّ به بثَمَنِه. اعْلمْ أنَّه إذا أُخِذَ مالُ مُسْلِمٍ مِنَ الكُفَّارِ، بعدَ أخْذِهم له، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ نقُولَ: هم يَمْلِكُون أمْوالَ المُسْلِمِين، أوْ لا،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولو حازُوها إلى دارِهم. فإنْ قُلْنا: يَمْلِكُونَها. وأخَذْناها فهم، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يُعْرَفَ صاحِبُه أوْ لا. فإنْ لم يُعْرَفْ صاحبُه، قُسِمَ وجازَ التَّصَرُّفُ فيه. وإنْ عُرِفَ صاحِبُه، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يُدْرِكَه بعدَ قَسْمِه، أو قبلَ قَسْمِه، فإنْ أدْرَكَه قبلَ قَسْمِه، فهو أحقُّ به، ويُرَدُّ أبيه إنْ شاءَ، وإلَّا فهو غَنِيمَةٌ. وهو قوْلُ المُصَنِّفِ، فهو أحقُّ به. وإنْ أدْرَكَه مقْسُومًا، فهو أحقُّ به بثَمَنِه، كما قال المُصَنِّفُ. وهو المذهبُ. قال فى «المُحَرَّرِ»: وهو المشْهورُ عنه. وجزَم به فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الوَجيزِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الإِرْشادِ» . واخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهب. وعنه، لا حَقَّ له فيه، كما لو وجَدَه بيَدِ المُسْتَوْلى عليه وقد أسْلَم، أو أتانَا بأَمانٍ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «النَّظْمِ» . وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» . فعلى المذهبِ، لو باعَه المُغْتَنِمُ قبلَ أخْذِ سيِّدِه، صحَّ، ويَمْلِكُ السَّيِّدُ انْتِزاعَه مِنَ الثَّانى. وكذلك لو رَهَنَه، صحَّ، ويَمْلِكُ انْتِزاعَه مِنَ المُرْتَهِنِ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ» ، ولم يُفَرِّقْ بينَ أنْ يُطالِبَ بأَخْذِه أوْ لا. قال فى «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والخَمْسِين»: والأظْهَرُ أنَّ المُطالَبةَ تَمْنَعُ التَّصَرُّفَ كالشُّفْعَةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: وإنْ أخَذَه أحَدُ الرَّعِيَّةِ بثَمَنٍ، فهو أحَقُّ به بثَمُنِه. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ». قال فى «المُحَرَّرِ»: هذا المشْهورُ عن أحمدَ. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الإِرْشادِ». وقال القاضى: حُكْمُه حُكْمُ ما لو وجَدَه صاحِبُه بعدَ القِسْمَةِ، على ما تقدَّم.
قوله: وإنْ أخَذَه بغيرِ عِوَضٍ، فهو أحَقُّ به بغيرِ شئٍ. وهو المذهبُ. قال فى «المُحَرَّرِ»: وهذا ظاهِرُ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ» : أخَذَه منه بغيرِ قِيمَةٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على الأصحِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، ونَصرَاه. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» . وعنه، ليس له أخْذُه إلَّا بقِيمَتِه. وعنه، لا حَقَّ له فيه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد؛ الأُولَى، لو باعَه مُشْتَرِيه أو مُتَّهِبُه، أو وَهَباه، أو كان عَبْدًا فأَعْتقَاه، لَزِمَ تصَرُّفُهما، وهل له أخْذه مِن آخِرِ مُشْتَرٍ أو مُتَّهِبٍ؟ مَبْنِىٌّ على ما سبَق مِنَ الخِلافِ فى الأصْلِ. الثَّانيةُ، إذا قُلْنا: يَمْلِكُون أُمَّ الوَلَدِ. على ما يأْتِى قريبًا، لَزِمَ السَّيِّدَ قبلَ القِسْمَةِ أخْذُها، ويتَمَكَّنُ منه بعدَ القِسْمَةِ بالعِوَضِ. رِوايَةً واحدةً. قالَه فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«المُحَرَّرِ» . ونصَّ عليه، وجزَم به فى «الفُروعِ» وغيرِه. الثَّالثةُ، حُكْمُ أمْوالِ أهْل الذِّمَّةِ -قال فى «الرِّعايَةِ»:[وأمْوالِ المُسْتَأْمَنِ](1) - إذا اسْتَوْلَى عليها الكُفَّارُ، ثم قدَر عليها، حُكْمُ أمْوالِ المُسلِمين فيما تقدَّم. الرَّابعةُ، لو بَقِىَ مالُ المُسْلِمِ معهم حَوْلًا أو أحْوالًا، فلا زَكاةَ فيه. ولو كان عبْدًا، وأعْتَقَه سيِّدُه، لم يَعْتِقْ. ولو كانتْ أمَةً مُزَوَّجَةً، فقِياسُ المذهبِ، انْفِساخُ نِكاحِها. وقيلَ: لا ينْفسِخُ، كالحُرَّةِ. وروَى ابنُ هانئُ عن أحمدَ، تعُودُ إلى زَوْجِها إنْ شاءَت. وهذا يدُلُّ على انْفِساخِ النِّكاحِ بالسَّبْى.
(1) فى الأصل، ط:«والمتأمن» .
وَيَمْلِكُ الْكُفَّارُ أمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ بالْقَهْرِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِى. وَقَالَ أبُو الْخَطَّاب: ظَاهِرُ كَلَامِ أحْمَدَ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهَا.
ــ
تنبيه: هذه الأحْكامُ كلُّها على القَوْلِ بأنَّ الكُفَّارَ يَمْلِكُون أمْوالَنا بالقَهْرِ. وأمَّا على القَوْلِ بأنَّهم لا يَمْلِكُونَها، فلا تُقْسَمُ بحالٍ، وتُوقَفُ إذا جُهِلَ رَبُّها، ولرَبِّه أخْذُه بغيرِ شئٍ حيثُ وجَده، ولو بعدَ القِسْمَةِ. أو الشِّراء منهم. أو إسْلامِ آخِذِه وهو معه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه حماهيرُ الأَصحابِ. وقطَع به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: هو أحقُّ بما لم يَمْلِكُوه بعد القِسْمَةِ بثَمَنِه؛ لئَلَّا ينْتَقِضَ حُكْمُ القَاسِمِين. وعلى هذه الرِّوايَةِ فى وُجُوبِ الزَّكاةِ، رِوايَتا المالِ المَغْصُوبِ، ويصِحُّ عِتْقُه، ولم يَنْفسِخْ نِكاحُ المُزَوَّجَةِ.
قوله: ويَمْلِكُ الكُفَّارُ أمْوالَ المُسْلِمِين بالقَهْرِ. ذكَرَه القاضى. وهو المذهبُ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» : المذهبُ عندَ القاضى، يَمْلِكُونَها مِن غيرِ خِلافٍ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» . فعليها، يَمْلِكُون العَبْدَ المُسْلِمَ. صرَّح به فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ (1)». ويأْتِى ذلك فى أوَاخِرِ كتابِ البَيْعِ. وقال أبو الخَطَّاِب: ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، أنَّهم لا يَمْلِكُونَها. يعْنِى، ولو حازُوها إلى دَارِهم. وهى رِوايَةٌ عن أحمدَ. اخْتارَها الآجُرِّىُّ، وأبو الخَطَّابِ فى «تَعْلِيقِه» ، وابنُ شِهَابٍ، وأبو محمدٍ
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الجَوْزِىُّ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . قال فى «النَّظْمِ» : لا يمْلِكُونَه فى الأظْهَرِ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ فى «فُنونِه» ، و «مُفْرَداتِه» ، رِوايتَيْن، وصحَّح فيها عدَمَ المِلْكِ. وقدَّمه فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». وصحَّحه فى «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ» و «نَظْمِها». قال فى «المُحَرَّرِ»: ونصَّ (1) أبو الخَطَّابِ فى «تَعْلِيقِه» ، أنَّ الكُفَّارَ لا يَمْلِكُون مالَ مُسْلِم بالقَهْرِ، وأنَّه يأْخُذُه بغيرِ شئٍ، حتى لو كان مقْسُومًا، ومِنَ العَدُوِّ إذا أسْلَم، وذلك مُخالِف لنُصوصِ أحمدَ. انتهى. وأطْلَقهما فى «البُلْغَةِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أن أحمدَ لم يَنُصَّ على المِلْكِ، ولا على عدَمِه، وإنَّما نصَّ على أحْكام أُخِذَ منها ذلك. قال: والصَّوابُ أنَّهم يَمْلِكُونها مِلْكًا مُقَيَّدًا، لا يُساوِى أمْلاكَ المُسْلِمين مِن كلِّ وَجْهٍ. انتهى. وعنه، لا يَمْلِكُونها حتى يحُوزُوها إلى دَارِهم. اخْتارَه القاضى فى كِتابِ «الرِّوايتَيْن» . وأطْلَقَهُنَّ الشَّارِحُ. قال فى «القَواعِدِ
(1) فى ط: «ونصر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأُصُولِيَّةِ»: وإذا قُلْنا: يَمْلِكُون. فهل يُشْتَرطُ أنْ يحُوزُوه بدَارِهم؟ فيه رِوايَتان، والتَّرْجِيح مُخْتَلِفٌ. وقال فى «القاعِدَةِ السَّابعَةَ عشَرَةَ»: والمَنْصُوصُ أنّهم لا يَمْلِكون بمُجَردِ اسْتِيلاِئهم، بل بالحِيازَةِ إلى دَارِهم. وفيه رِوايَةٌ مُخَرَّجَةٌ بأنَّهم يَمْلِكُون بمُجَردِ الاسْتِيلاءِ. وبنَى ابنُ الصَّيْرَفِىِّ مِلْكَهم أمْوالَ المُسْلِمِين على أنَّهم، هل هم مُخاطَبُون بفُروعِ الإِسْلامِ أم لا؟ فإن قُلْنا: هم مُخاطبُون. لم يمْلِكُوها، وإلَّا ملَكُوها. ورَدَّ بأنَّ المذهبَ عندَ القاضى، أنَّهم يَمْلِكُون مِن غير خِلافٍ، والمذهبُ، أنَّهم مُخاطَبُون. وأيضًا، إنَّما مَحَلُّ الخِلافِ فى مِلْكِ الكُفَّارِ وعدَمِه أمْوالَنا، فى أهْلِ الحَرْبِ، أمَّا أهْلُ الذِّمَّةِ، فلا يمْلِكُونها بلا خِلافٍ، والخِلافُ فى تَكْلِيفِ الكُفَّارِ عامٌّ فى أهْلِ الذِّمَّةِ وَأهْلِ الحَرْبِ.
تنبيهات؛ أحدُها، حيثُ قُلْنا: يمْلِكُونها. فلا يمْلِكُون الحَبِيسَ ولا الوَقْفَ، ويمْلِكُون أُمَّ الوَلَدِ، فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. قدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الفُروعِ» . والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، هى كالوَقْفِ، فلا يمْلِكُونَها. صحَّحها ابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «النَّظْمِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «القَواعِدِ» . الثَّانى، مفْهومُ قوْلِه: ويَمْلِكُ الكُفَّارُ أمْوالَ المُسْلِمِين بالقَهْرِ. أنَّهم لا يمْلِكُونها بغيرِ ذلك، فلا يمْلِكُون ما شرَدَ إليهم مِنَ الدَّوابِّ، أو أبَقَ مِنَ العَبِيدِ، أو ألْقَتْه الرِّيحُ إليهم مِنَ السُّفُنِ. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. صحَّحه فى «النَّظْمِ». قال فى «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ»: المذهبُ، لا يمْلِكُون. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، حُكمُه حُكْمُ ما أخَذُوه بالقَهْرِ. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . الثَّالثُ، مفْهومُ قوْله: ويَمْلِكُ الكُفَّارُ أمْوالَ المُسْلِمين. أنَّهم لا يمْلِكُون الأحْرارَ. وهو صحيحٌ، فلا يمْلِكُون حُرًّا مُسْلِمًا ولا ذِمِّيًّا بالاسْتِيلاءِ عليه، ويَلْزَمُ فِداؤُه لحِفْظِهم مِنَ الأذَى. ونَصُّه فى الذِّمِّىِّ، إذا اسْتُعِين به. ومَنِ اشْترَاه منهم بنِيَّةِ الرُّجُوعِ، فله ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: لا يرْجِعُ. وقال فى «المُحَرَّرِ» : فله عليه ثَمَنُه دَيْنًا، ما لم يَنْوِ به التَّبرُّعَ، فإنِ اخْتلَفا فى قَدْرِ ثَمَنِه، فوَجْهان. أطْلقَهما فى «الفُروعِ». قلتُ:
وَمَا أُخِذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مِنْ رِكَازٍ، أَوْ مُبَاحٍ لَهُ قِيمَةٌ، فَهُوَ غَنِيمَةٌ.
ــ
الظَّاهِرُ أنَّ القَوْلَ قوْلُ المُشْترِى. [والصَّحيحُ مِنَ المذهْبِ، أنَّ القَوْلَ قَوْلُ الأسيرِ؛ لأنَّه غارِمٌ. قطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونصَرَاه](1). واخْتارَ الآجُرِّىُّ لا يرْجعُ إلَّا أنْ يكونَ عادَةُ الأسْرى وأهْلِ الثَّغْرِ ذلك، فيَشْتَرِيَهم ليُخَلِّصَهم ويأْخُذَ ما وزَن لا زِيادةً، فإنَّه يرْجِعُ.
قوله: وما أُخِذَ مِن دارِ الحرْبِ مِن رِكازٍ (2)، أو مُبَاحٍ له قِيمَةٌ، فهو غَنِيمَةٌ.
(1) زيادة من: ش.
(2)
فى الأصل، ط:«زكاة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذا كان مع الجَيْشِ، وأخَذ مِن دارِ الحَرْبِ رِكازًا، وحدَه أو بجَماعَةٍ منهم، لا يقْدِرُ عليه إلَّا بهم، فهو غَنِيمَةٌ. وهو مُرادُ المُصَنِّفِ هنا. وأمَّا إذا قدَر عليه بنَفْسِه، كالمُتَلَصِّصِ ونحوِه، فإنَّه يكونُ له، فهو كما لو وجَدَه فى دارِ الإِسْلامِ، فيه الخُمْسُ. وهذا المذهبُ. وخُرِّجَ أنَّه غَنِيمَةٌ. وتقدَّم ذلك مُسْتَوفًى فى آخِرِ بابِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زكاةِ الخارِجِ مِنَ الأَرْضِ. وأمَّا ما أخَذَه فى دارِ الحَرْبِ مِنَ المُباحِ وله قِيمَةٌ؛ كالصُّيودِ، والصَّمْغ، والدَّارصِينِىِّ، والحِجارَةِ، والخَشَبِ، ونحوِها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه غَنِيمَةٌ مُطْلَقًا، كما قال المُصَنِّفُ. ونقَل عَبْدُ اللَّهِ، إنْ صادَ سمَكًا وكان يَسِيرًا، فلا بَأْسَ به ممَّا يَبِيعُه بدَانِقٍ أو قِيراطٍ، وما زادَ على ذلك يرُدُّه فى المَغْنَمِ. وقال ابنُ رَزِين فى «مُخْتَصَرِه»: وهَدِيَّةٌ ومُباحٌ وكسْبُ طائِفَةٍ
وَتُمْلَكُ الْغَنِيمَةُ بِالاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا فى دَارِ الْحَرْبِ.
ــ
غَنِيمَةٌ فى الثَّلَاثَةِ، وأنَّ المأْخُوذَ لا قِيمَةَ له كالأقْلامِ، فهو لآخِذِه، وإنْ صارَ له قِيمَةٌ يُقَدَّرُ ذلك بنَقْلِه ومُعالَجتِه. نصَّ عليه. وقالَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وغيرُهما. ويأْتِى فى آخِرِ البابِ حُكْمُ مَن أخَذ مِنَ الفِدْيَةِ، أو أُهدِىَ لأميرِ الجَيْشِ، أو لبَعْضِ الغانِمِين.
قوله: وتُمْلَكُ الغنِيمَةُ بالاسْتِيلاءِ عليها فى دارِ الحَرْبِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّة»: هذا المنْصُوصُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ،
وَيَجُوزُ قَسْمُهَا فِيهَا.
ــ
و «المُحَرَّر» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وقال فى «الانْتِصارِ» ، و «عُيُونِ المَسائلِ» ، وغيرِهما: لا تُمْلَكُ إلَّا باسْتِيلاءٍ تامٌّ، لا فى فَوْرِ الهَزيمَةِ؛ لالْتِباسِ الأمْرِ، هل هو حِيَلةٌ أو ضَعْفٌ؟ وقالَه فى «البُلْغَةِ» ، وأنَّه ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. وقال القاضى: لا تُمْلَكُ إلَّا بقَصْدِ التَّمَلُّك لا بمِلْكِ الأرْضِ. وترَدَّدَ فى المِلْكِ قبلَ القِسْمَةِ، هل هو باقٍ للكُفَّارِ، أو أنَّ مِلْكَهم انْقطَعَ عنها (1)؟ وقال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِه، تُمْلَكُ، كشِراءٍ وغيرِه. واخْتارَه فى «الانْتِصارِ»
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالقَصْدِ. وقيل: لا يَسْتَقِرُّ مِلْكُه قبلَ الحِيازَةِ بدَارِنا.
قوله: ويجُوزُ قَسْمُها فيها. وكذا تَبايُعُها. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطعَ به فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: لا يجوزُ ذلك فيهما. وفى «البُلْغَةِ» رِوايَةٌ، لا يصِحُّ قِسْمَتُها فيها.
فائدة: لو أرادَ الأمِيرُ أنْ يشْتَرِىَ لنَفْسِه منها، فوَكَّلَ مَن لا يُعْلَمُ أنَّه وَكِيلُه، صحَّ البَيْعُ، وإلَّا حَرُمَ. نصَّ عليه. ويأْتى فى آخِرِ البابِ إذا تَبايعُوا بعدَ قَسْمِها،
وَهِىَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ مِنْ أهْلِ الْقِتَالِ، قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ، مِنْ تُجَّارِ الْعَسْكَرِ وَأُجَرَائِهِمُ، الَّذِينَ يَسْتَعِدُّونَ لِلْقِتَالِ.
ــ
ثم غلَب عليها العَدُوُّ، هل تكونُ مِن مالِ المُشْتَرِى أو البائعِ؟
قوله: وهى لمَن شَهِدَ الوَقْعَةَ مِن أهْلِ القِتالِ، قاتَلَ أو لم يُقاتِلْ. وهذا بلا نِزاعٍ فى الجُمْلَةِ.
تنبيه: ظاهِرُ كلامِه، أنَّه متى شَهِدَ الوَقْعَةَ، اسْتَحَقَّ سَهْمَه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ مُطْلَقًا. وقال الآجُرِّىُّ: لو حازُوها ولم تُقْسَمْ، ثم انْهزَمَ قوْمٌ، فلا شئَ لهم؛ لأنَّها لم تَصِرْ إليهم حتى صارُوا عُصاةً.
فائدة: يَسْتَحِقُّ أيضًا مِنَ الغنِيمَةِ مَن بعَثَه الأمِيرُ لمَصْلَحَةِ الجَيْشِ، مثْل الرَّسُولِ، والدَّليلِ، والجاسُوسِ، وأشْباهِهم، فيُسْهَمُ لهم، وإنْ لم يحْضُروا. ويُسْهَمُ أيضًا لمن خَلَّفَهم الأمِيرُ فى بِلادِ العَدُوِّ، وغَزَا ولم يَمُرَّ بهم فرَجَعُوا. نصَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه.
قوله: مِن تُجَّارِ العَسْكَرِ وأُجَرائهم. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الإِمامُ أحمدُ: يُسْهَمُ للمُكارِى، والبَيْطارِ، والحدَّادِ، والخيَّاطِ، والإسْكافِ، والصَّنَّاعِ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وذكَر ابنُ عَقِيل فى أسيرٍ وتاجرٍ رِوايتَيْن. والإسْهامُ للتَّاجِرِ مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، لا يُسْهَمُ لأجيرِ الخِدْمَةِ. وقال القاضى وغيرُه: يُسْهَمُ له إذا قصَد الجِهادَ. وكذا قال فى التَّاجِرِ. وقال فى «المُوجَزِ» : هل يُسْهَمُ لتاجِرِ العَسْكَرِ وسُوقِه، ومُسْتَأْجَرٍ مع جُنْدٍ، كرِكابِىٍّ وسائسٍ، أمْ يُرْضَخُ لهم؟ فيه رِوايَتان. وقال فى «الوَسِيلَةِ»: ظاهِرُ كلامِه، لا تصِحُّ النِّيابَةُ، تبَرُّعًا أو بأُجْرَةٍ. وقطَع به ابنُ الجَوْزِىِّ.
فَأمَّا الْمَرِيضُ الْعَاجِزُ عَنِ الْقِتَالِ، وَالْمُخَذِّلُ، وَالْمُرْجِفُ، وَالْفَرَسُ الضَّعِيف العَجِيفُ، فَلَا حَقَّ لَهُ.
ــ
قوله: فأمَّا المرِيضُ العاجِزُ عنِ القِتالِ، فلا حقَّ له. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقال الآجُرِّىُّ: مَن شَهِدَ الوَقْعَةَ، ثم مرِض أسْهَمَ له، وإنْ لم يُقاتِلْ. وإنَّه قوْلُ أحمدَ.
تنبيه: قوْلُه: والمُخَذِّلُ، والمُرْجِفُ. يعْنِى، لا حَقَّ لهما ولا لفَرَسِهما فيها. قال الأصحابُ: ولو ترَكا ذلك وقاتَلا. ولا يُرضَخُ لهم؛ لأنَّهم عُصاةٌ، ولا يُرْضَخُ للعَبْدِ إذا غزَا بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه؛ لأنّه عاصٍ. ولا شئَ لمَن يُعِينُ علينا عدُوَّنا، ولا لمَن نَهاه الإِمامُ عنِ الحُضُورِ، ولا لطِفْلٍ ولا مَجْنُونٍ. وكذا حُكْمُ مَن هرَب مِن
وَإذَا لَحِقَ مَدَدٌ، أو هَرَبَ أَسِيرٌ، فَأَدْرَكُوا الْحَرْبَ قَبْلَ تَقَضِّيهَا، أُسْهِمَ لَهُمْ، وَإنْ جَاءُوا بَعْدَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ، فَلَا شَىْءَ لَهُمْ.
ــ
كافِرَيْن. ذكَرَه فى «الرَّوْضَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . ويُسْهَمُ لمَن مُنِعَ مِنَ الجِهادِ لدَيْنِه فخالَفَ، أو منَعَه الأبُ مِن جهادِ التَّطَوُّعِ فخالَفَ. صرَّح به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما؛ لأنَّ الجِهادَ تعَيَّنَ عليه بحُضُورِ الصَّفِّ، بخِلافِ العَبْدِ.
قوله: والفَرَسُ الضَّعِيفُ العَجِيفُ، فلا حَقَّ له. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُسْهَمُ له. وهو رِوايَةٌ فى «الرِّعايَةِ» . وقال: قلتُ: ومِثْلُه الهَرِمُ، والضَّعيفُ، والعاجِزُ. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: يُسْهَمُ لفَرَسٍ عَجِيفٍ، ويَحْتَمِلُ لا، ولو شَهِدَها عليه.
قوله: وإذا لَحِقَ مَدَدٌ، أو هرَب أسِيرٌ، فأَدْرَكُوا الحَرْبَ قبلَ تَقَضِّيها، أُسْهِمَ لهم. هذا المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وقطَع به الأكثرُ. وقيل: لا شئَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لهما. ذكَره فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» .
تنبيه: مفْهومُ قوْله: وإنْ جاءُوا بعدَ إحْرَازِ الغَنِيمَةِ، فلا شئَ لهم. أنَّهم لو جاءُوا قبلَ إحْرازِ الغنِيمَةِ، وبعدَ تَقَضِّى الحرْبِ، أنَّه يُسْهَمُ لهم. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ. وقيل: لا يُسْهَمُ لهم والحالَةُ هذه. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، فى مَوْضِعٍ. وصحَّحه فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«النَّظْمِ» . قال فى «الوَجيزِ» : يُسْهَمُ للأَسيرِ والمَدَدِ إنْ أدْرَكَاها. واخْتارَه القاضى. وقال فى «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثَّمانِين» : إذا قُلْنا: تُمْلَكُ الغَنِيمَةُ بمُجَرَّدِ الاسْتِيلاءِ عليها. فهل يُشْتَرطُ الإحْرازُ؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا يُشْترَطُ، وتُمْلَكُ بمُجَرَّدِ تقَضِّى الحرْبِ. وهو قوْلُ القاضى فى «المُجَرَّدِ» ومَنْ تابَعَه. والثَّانى، يُشْتَرطُ. وهو قوْلُ الخِرَقِىِّ، وابنِ أبِى مُوسى، كسائرِ المُباحاتِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ورَجَّحه صاحِبُ «المُغْنِى» . فعلى هذا، لا يَسْتَحِقُّ منها إلَّا مَن شَهِدَ الإِحْرازَ. وعلى الأوَّلِ، اعْتَبرَ القاضى والأكْثَرُون شُهُودَ إحْرازِ الوَقْعَةِ، وقالُوا: لا يَسْتحِقُّ مَن لم يَشْهَدْه. وفصَل القاضى فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» بينَ الجَيْشِ وأهْلِ المدَدِ، فيَسْتَحِقُّ الجَيْشُ بحُضورِ جُزْءٍ مِنَ الوَقْعَةِ، إذا كان تخَلُّفُهم لعُذْرٍ، ويُعْتَبَرُ فى اسْتِحْقاقِ المدَدِ انْجِلاءُ الحرْبِ. انتهى. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الشَّرْحِ» ، و «الكافِى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: لو لَحِقَهم مدَدٌ بعدَ إحْرازِ الغَنِيمَةِ، لم يَسْتَحِقُّوا منها شيئًا، فلو لَحِقَهم عدُوٌّ، فقاتَلَ المدَدُ مع الجَيْشِ حتى سَلِمُوا بالغَنِيمَةِ، لم يَسْتَحِقُّوا أيضًا منها شيئًا؛ لأَنَّهم إنما قاتَلُوا عن أصحابِها؛ لأنَّ الغَنِيمَةَ فى أيْدِيهم وحَوَوْها. نقَلَه المَيْمُونِىُّ.
وَإذَا أَرَادَ الْقِسْمَةَ، بَدَأ بِالْأَسْلَابِ فَدَفَعَهَا إِلَى أَهلِهَا، ثُمَّ أَخْرَجَ أُجْرَةَ الَّذِينَ جَمَعُوا الْغَنِيمَةَ، وَحَمَلُوهَا، وَحَفِظُوهَا.
ثُمَّ يُخَمِّسُ الْبَاقِىَ، فَيَقْسِمُ خُمْسَهُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ؛ سَهْمٌ لِلَّهِ
ــ
قوله: ثم يُخَمِّسُ الباقِىَ، فيَقْسِمُ خُمْسَه على خَمْسَةِ أسْهُمٍ؛ سَهْمٌ للَّهِ تعالَى
تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، يُصْرَفُ مَصْرِفَ الْفَىْءِ، وَسَهْمٌ لِذَوِى الْقُرْبَى؛ وَهُمْ بَنُو هَاشمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ حَيْث كَانُوا، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، غَنِيُّهُمْ وَفقِيرُهُمْ فِيهِ سَواءٌ، وَسَهْمٌ لِلْيَتَامَى الْفُقَرَاءِ، وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ، وَسَهْمٌ لأَبْنَاءِ السَّبِيلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
ــ
ولرَسُولِه صلى الله عليه وسلم، يُصْرَفُ مَصْرِفَ الفَىْءِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ هذا السَّهْمَ يُصْرَفُ مَصْرِفَ الفَىْءِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرِهم. وصحَّحه فى «البُلْغَةِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهما. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المشْهُورُ. وعنه، يُصْرَفُ فى المُقاتِلَةِ. وعنه، يُصْرَفُ فى الكُراعِ، والسِّلاحِ. وقال فى «الانْتِصارِ»: وهو لمَن يَلِى الخِلافَةَ بعدَه. ولم يذْكُرْ سَهْمَ اللَّهِ. وذكَر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِثْلَه فى «عُيونِ المسَائلِ» . وقال أبو بَكْرٍ: إن أَجْرَى ذلك على مَن قامَ مَقامَ أبِى بَكْرٍ وعمرَ مِنَ الأئِمَّةِ، جازَ. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، فى الرَّدِّ على الرَّافِضِىِّ عن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بعضِ أصحابِنا، أنَّ اللَّهَ أضافَ هذه الأمْوالَ إضافَةَ مِلْكٍ، كسائرِ أمْوالِ النَّاسِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثم اخْتارَ قوْلَ بعضِ العُلَماءِ: إنَّها ليستْ مِلْكًا لأحَدٍ، بل أمْرُها إلى اللَّهِ والرَّسُولِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُنْفِقُها (1) فيما أمرَه اللَّهُ به.
(1) فى الأصل، ط:«ينقلها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: وسَهْمٌ لذَوِى القُرْبى؛ وهم بَنُو هاشِمٍ وبَنُو المُطُّلِبِ حيثُ كانُوا. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، سواءٌ كانُوا مُجاهِدِين أوْ لا، وعليه الأصحابُ، وجزَمُوا به. وقيل: لا يُعْطى إلَّا مِن جِهَةِ الجِهادِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: للذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثيَيْن. هذا المذهبُ. جزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «العُمْدَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وصحَّحه فى «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» . [وعنه، الذَّكَرُ والأُنْثَى فيه سواءٌ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»](1).
قوله: غَنِيُّهم وفَقِيرُهم فيه سَواءٌ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ
(1) سقط من: الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المشْهورُ المعْروفُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهم. وقيل: يَخْتَصُّ به فُقَراؤُهم. اخْتارَه أبو إسْحاقَ ابنُ شَاقْلَا.
فوائد؛ إحْداها، يجبُ تَعْمِيمُهم وتفْرِقَتُه بينَهم حيْثُما كانُوا حسَبَ الإِمْكانِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه أكثرُ الأصحابِ. فعَلى هذا، يَبْعَثُ الإِمامُ إلى عُمَّالِه فى الأقاليمِ، وينْظُرُ ما حصَل مِن ذلك، فإنِ اسْتَوَتِ الأخْماسُ، فرَّق كلَّ خُمْسٍ فى مَن قارَبَه، وإنِ اخْتَلفَتْ، أمَر بحَمْلِ الفاضِلِ ليُدْفَعَ إلى مُسْتَحِقِّه. وقال المُصَنِّفُ: الصَّحيحُ، إنْ شاءَ اللَّهُ، أنَّه لا يجِبُ التَّعْميمُ؛ لأنَّه يتَعذَّرُ أو يَشُقُّ، فلم يجِبْ كالمَساكِينِ، والإِمامُ ليس له حُكْمٌ، إلَّا فى قليلٍ مِن بلادِ الإِسْلامِ. فعلى هذا يُفَرِّقُه كلُّ سُلْطانٍ فيما أمْكَنَ مِن بلادِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: قلتُ: ولا أظُنُّ الأصحابَ يُخالِفُونه فى هذا. انتهى. وقال فى «الانْتِصارِ» : يكْفِى واحِدٌ إنْ لم يُمْكِنْه. وقال فى «الرِّعايَةِ» : وقيل: بل سَهْمُ ذَوِى القُرْبَى مِنَ الغَنِيمَةِ والفَىْءِ فى كلِّ إقْليمٍ. وقيل: ما حصَل مِن مَغْزَاه. وقيل: يجوزُ تَفْريقُ الخُمْسِ فى جِهَةِ مَغْزاه وغيرِها، وإنْ كان بينَهما مَسافَةُ القَصْرِ. ويأْتِى قريبًا بأَعَمَّ مِن هذا. الثَّانيةُ، لا شئَ لمَواليهم، ولا لأَوْلادِ بَناتِهم، ولا لغيرِهم مِن قُرَيْشٍ. وقال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: حِرْمانُ المَوالِى هنا فيه نظَرٌ؛ لأنَّ مَوْلَى القَوْمِ منهم، ولكَوْنِهم مُنِعُوا الزَّكاةَ؛ لكَوْنِهم منهم، فوجَب أنْ يُعْطَوْا مِنَ الخُمْسِ. انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثَّالثةُ، إذا لم يأْخُذُوا سَهْمَهم صُرِفَ فى الكُراعِ والسِّلاحِ.
قوله: وسَهْمٌ لليَتامَى الفُقَراءِ. هذا المشْهورُ فى المذهبِ. قالَه فى «الفُروعِ» . وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الكافِى» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «النَّظْمِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هو قَوْلُ جُمْهورِ الأصحابِ. وقيل: يَسْتَحِقُّ منهم اليَتِيمُ الغَنِىُّ. قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النَّاظِمُ: وما هو ببَعِيدٍ، وإليه مَيْلُ المُصَنِّفِ.
فوائد؛ إحداها، اليَتِيمُ؛ مَن لا أبَ له، إذا لم يبْلُغِ الحُلُمَ.
قوله: وسَهْمٌ للمَساكِينِ. يدْخُلُ معهم الفُقَراءُ، بلا نِزاع. الثَّانيةُ، يُشْترَطُ فى المُسْتَحِقِّين مِن ذَوِى القُرْبَى، واليَتامَى، والمَساكِينِ، وابنِ السَّبِيلِ، أنْ يكونُوا مُسْلِمِين، وأنْ يُعْطَوْا كالزَّكاةِ، بلا نِزاع، وَيعُمُّ بسِهامِهم جميعَ البِلادِ حسَبَ الإمْكانِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. وتقدَّم كلامُ المُصَنِّفِ فى بَنِى هاشِم وبَنِى المُطَّلِبِ. وقال فى «الانْتِصارِ»: يكْفِى واحِدٌ مِنَ الأصْنافِ الثَّلاثَةِ، ومِن ذَوِى القُرْبَى إنْ لم يُمْكِنْه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ إعْطاءَ الإِمامِ
ثُمَّ يُعْطِى النَّفَلَ بَعْدَ ذَلِكَ.
ــ
مَن شاءَ منهم للمَصْلَحَةِ، كالزَّكاةِ. واخْتارَ أيضًا أنَّ الخُمْسَ والفَىْءَ واحدٌ، يُصْرَفُ فى المَصالِحِ. وذكَر فى رَدِّه على الرَّافِضِىِّ، أنَّه قَوْل فى مذهبِ أحمدَ، وأنَّ عن أحمدَ ما يُوافِقُ ذلك؛ فإنَّه جعَلٍ مَصْرِفَ خُمْسِ الرِّكازِ مَصْرِفَ الفَىْءِ، وهو تبَعٌ لخُمْسِ الغَنائمِ. وذكَرَه أيضًا رِوايَةً. واخْتارَ ابنُ القَيِّمِ فى «الهَدْى» القَوْلَ الأولَ؛ وهو أنَّ الإِمامَ مُخَيَّرٌ فيهم، ولا يتَعَدَّاهم كالزَّكاةِ. الثَّالثةُ، لو اجْتمَعَ فى واحدٍ أسْبابٌ، كالمِسْكِينِ اليَتِيمِ، اسْتَحَقَّ بكُلِّ واحدٍ منهما؛ لأنَّها أسْباب لأَحْكامٍ، فإنْ أعْطاه ليُتْمِه فزَالَ فَقْرُه، لم يُعْطَ لفَقْرِه شيئًا. قال فى «القاعِدَةِ التَّاسِعَةَ عشَرَةَ بعدَ المِائَةِ»: هذا المشْهُورُ فى المذهبِ. ولها نَظائِرُ تأْتِى فى الوَقْفِ والمَوارِيثِ، وغيرِهما.
تنبيهان؛ أحدُهما، قولُه: ثم يُعْطِى النَّفَلَ. وهو الزِّيادَةُ على السَّهْمِ لمَصْلَحَةٍ، مِثْلَ بَعْثِه سَرِيَّةً تُغِيرُ فى البَدْأَةِ والرَّجْعَةِ، على ما تقدَّم. وكذا مَن جعَل له الإِمامُ
وَيَرْضَخُ لِمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ؛ وَهُمُ الْعَبِيدُ، وَالنِّسَاءُ، وَالصِّبْيَانُ.
ــ
جُعْلًا. الثَّانى، ظاهِرُ قولِه: ثم يُعْطِى النَّفَلَ، ويَرْضَخُ لمَن لا سَهْمَ له. أنَّ النَّفَلَ والرَّضْخَ يكونُ إخْراجُهما بعدَ إخْراجِ خُمْسِ الغَنِيمَةِ، فيَكُونان مِن أرْبعَةِ أخْماسِها. وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: الرَّضْخُ مِن أصْلِ الغَنِيمَةِ. وحكَاه النَّوَوِىُّ فى «شَرْحِ مُسْلِمٍ» ، عن أحمدَ. ولم نَرَه فى كُتُبِ الأصحابِ كذلك. وقيل: مِن سَهْمِ المَصالِحِ. وقيل: النَّفَلُ والرَّضْخُ مِن أصْلِ الغَنِيمَةِ. ذكَرَه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» .
قوله: ويَرْضَخُ لمَن لا سَهْمَ له؛ وهم العَبِيدُ، والنِّساءُ، والصِّبْيانُ. يَرْضَخُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للعَبيدِ والنِّساءِ، بلا نِزاعٍ. والمُدَبَّرُ والمُكاتَبُ، كالقِنِّ، بلا نِزاعٍ. والخُنْثَى كالمَرْأَةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُعْطَى نِصْفَ سَهْمِ رَجُلٍ، ونِصْفَ الرَّضْخِ، فإنِ انْكشَفَ حالُه فَبانَ رَجُلًا، تُمِّمَ له. وهو احْتِمالٌ للمُصنِّفِ. وأطْلَقهما فى «النَّظْمِ» . ويَرْضَخُ للصَّبِىِّ إذا كان مُمَيِّزًا إلى البُلوُغِ. على الصَّحيحِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا يَرْضَخُ له إلَّا إذا كانَ مُراهِقًا. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «البُلْغَةِ» . وقيل: يَرْضَخُ أيضًا لمَن دُونَ التَّمْيِيزِ. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ» .
فائدتان: إحْداهما، يَرْضَخُ للمُعْتَقِ بعضُه، ويُسْهِمُ له بحِسَابِه. على الصَّحيحِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِنَ المذهبِ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وقيل: يَرْضَخُ له فقط. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ» . قال المُصَنِّفُ: وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. وأطْلَقَهما فى «النَّظْمِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثَّانيةُ، قال الأصحابُ: يجوزُ التَّفْضِيلُ بينَ مَن يُرْضَحُ لهم، على ما يرَاه الإِمامُ، على قَدْرِ غَنائهم ونَفْعِهم.
وَفِى الْكَافِرِ رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهُمَا يَرْضَخُ لَهُ، وَالأُخْرَى، يُسْهِمُ لَهُ.
ــ
قوله: وفِى الكافِرِ رِوايَتان. يعْنِى، هل يَرْضِخُ له، أو يُسْهِمُ؟ وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الكافِى» ، و «الإِرْشادِ» ؛ إحْداهما، يَرْضَخُ له. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه جماعةٌ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وصحَّحه فى «النَّظْمِ» . والأُخْرَى، يُسْهِمُ له. وهى المذهبُ، وعليها أكثرُ الأصحابِ. قال
وَلَا يَبْلُغُ بِالرَّضْخِ لِلرَّاجِلِ سَهْمَ رَاجِلٍ،
ــ
الزَّرْكَشِىُّ: هى أشْهَرُ الرِّوايتَيْن. واخْتارَها الخَلَّالُ، والخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، والقاضى، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وابنُ عَقِيلٍ، والشِّيرَازِىُّ، وغيرُهم. ونصَرَها المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذه أصحُّ الرِّواياتِ. وجزَم بها ناظِمُ المُفْرَداتِ، وهى منها. وقدَّمها فى «الفُروعِ». قال فى «البُلْغَةِ»: يُسْهِمُ له فى أصحِّ الرِّوايتَيْن.
تنبيهات؛ أحدُها، قال الزَّرْكَشِىُّ: وقوْلُ الخِرَقِىِّ: غزَا معنا. لم يَشْتَرِطْ أنْ يكونَ بإذْنِ الإِمامِ، وشرَط ذلك الشَّيْخانِ، وأبو الخَطَّابِ. انتهى. واخْتارَه فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وظاهِرُ كلامِه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِيَيْن» ، كالخِرَقِىِّ. الثَّانى، يُسْتَثْنَى مِن قولِه: ولا يَبْلُغُ بالرَّضْخِ للرَّاجِلِ سَهْمَ راجِلٍ، ولا للفارِسِ سَهْمَ فارِسٍ. العَبْدُ إذا غزَا
وَلَا لِلْفَارِسِ سَهْمَ فَارِسٍ. فَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُهُمْ قَبْلَ تَقَضِّى الْحَرْبِ، أُسْهِمَ لَهُمْ.
ــ
على فرَسِ سيِّدِه، فإنَّه يُؤْخَذُ للفَرَسِ (1) سَهْمان، كما قالَه المُصَنِّفُ بعدَ ذلك. وقالَه الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرُهم. لكنْ يُشْتَرطُ أنْ لا يكونَ مع سيِّدِه فرَسان. قلتُ: يتَوَجَّهُ أنْ يَلْحَقَ به الكافِرُ إذا غزَا على فرَسٍ. ولم أَرَه. الثَّالثُ، مفْهومُ قوْلِه: فإنْ تَغَيَّر حالُهم قبلَ تَقَضِّى الحَرْبِ، أُسْهِم لهم. أنَّه إذا تغَيَّرَ حالُهم بعدَ تقَضِّى الحَرْبِ، لا يُسْهِمُ لهم. فَيَشْمَلُ صُورَتَيْن؛ إحْداهما، أنْ تتَغَيَّرَ أحْوالُهم بعدَ تقَضِّى الحَرْبِ، وقبلَ إحْرازِ الغَنِيمَةِ. فهذه الصُّورَةُ فيها
(1) فى الأصل، أ:«للفارس» .
وَإِنْ غَزَا الْعَبْدُ عَلَى فَرَسٍ لِسَيِّدِهِ، قُسِمَ لِلْفَرَسِ، وَرُضِخَ لِلْعَبْدِ.
ــ
وَجْهان؛ أحدُهما، وهو مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّه لا يُسْهِمُ لهم. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجيزِ» . واخْتارَه القاضى. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ» فى مَوْضِعٍ. والثَّانى، يُسْهِمُ لهم. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، فى قوْلِه: وإنْ جاءُوا بعدَ إحْرازِ الغَنِيمَةِ، فلا شئَ لهم. كما تقدَّم. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وأطْلَقهما فى «الشَّرْحِ» . وتقدَّم نظيرُ هذا قرِيبًا، عندَ قوْلِه: وإذا لَحِقَ مَدَدٌ، أو هرَبَ أسِيرٌ. لكنَّ كَلامَه هنا فى تغَيُّرِ حالِ مَن يُرْضَخُ له، بخِلافِ الأوَّلِ. الصُّورَةُ الثَّانيةُ، أنْ تتَغَيَّرَ أحْوالُهم بعدَ إحْرازِ الغَنِيمَةِ، فلا يُسْهِمَ لهم. قوْلًا واحدًا.
تنبيه: قوْلُ المُصَنِّفِ: ولو غَزَا العبدُ على فَرَسٍ لسيِّدِه، قُسِمَ للفَرَسِ. مُقَيَّدٌ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بأنْ لا يكونَ مع سيِّدِه فرَسان، فإنْ كان معه فرسَان غيرُ فرَسِ العَبْدِ، لم يُسْهِمْ لفرَسِ العَبْدِ، كما تقدَّم. والإسْهامُ لفَرَسِ العَبْدِ مِنَ المُفْرَداتِ.
ثُمَّ يَقْسِمُ بَاقِىَ الْغَنِيمَةِ؛ لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ، وَلِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ؛ سَهْمٌ لَهُ، وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ،
ــ
قوله: ثم يَقْسِمُ باقِىَ الغَنِيمَةِ؛ للرَّاجِلِ سَهْمٌ، وللفارِسِ ثَلَاثَةُ أسْهُمٍ؛ سَهْمٌ له، وسَهْمان لفَرَسِه. وهذا بلا نِزاعٍ فى الجُمْلَةِ. وتقدَّم أنَّه يُسْهَمُ لمَن بعَثَه الإِمامُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لمَصْلحَةِ الجَيْشِ أو خَلَّفَه فى أرْضِ العَدُوِّ، وإنْ لم يَشْهَدِ القِتالَ.
إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَرَسُهُ هَجِينًا أَوْ بِرْذَوْنًا؛ فَيَكُونُ لَهُ سَهْمٌ. وَعَنْهُ، لَهُ سَهْمَانِ، كَالْعَرَبِىِّ.
ــ
قوله: إلَّا أنْ يكُونَ فَرَسُه هَجِينًا أو بِرْذَوْنًا؛ فيكُونُ له سَهْمٌ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكْثَرُ. قلتُ: منهم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، والقاضى، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهما» ، والشِّيرَازِىُّ، وابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ». قال فى «الإِرْشادِ»: هذا أظْهَرُ. وجزَم به فى «العُمْدَةِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الإِيضَاحِ» . قال الخَلَّالُ: تَواتَرَتِ الرِّواياتُ عن أحمدَ فى سِهامِ البِرْذَوْنِ، أنَّه سَهْمٌ واحدٌ. وعنه، له سَهْمان كالعَرَبِىِّ. اخْتارَها الخَلَّالُ. وقال: روَى عنه ثَلاثَةٌ مُتَيقِّظُون، أنَّه يُسْهَمُ للبِرْذَوْنِ سَهْمُ العَرَبِىِّ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجيزِ» ، فإنَّه أطْلَقَ أنَّ للفارِسِ ثَلاثَةَ أسْهُمٍ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الحاوِيَيْن» . وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . وعنه، له سَهْمان إنْ عمِلَ كالعَرَبِىِّ. ذكَرَها أبو بَكْرٍ. واخْتارَه الآجُرِّىُّ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وعنه، لا يُسْهِمُ له أصْلًا. ذكَرَها القاضى. وأطْلقَهُنَّ فى «البُلْغَةِ» ، و «الزَّركَشِىِّ» .
فائدة: الهَجِينُ؛ مَن أُمُّه غيرُ عَرَبِيَّةٍ وأبُوه عرَبِىٍّ، وعكْسُه المُقْرِفُ.
وَلَا يُسْهَمُ لأَكْثَرَ مِنْ فَرَسَيْنِ.
ــ
والبِرْذَوْنُ، مَن أبَواه غيرُ عرَبِيَّيْن. والعرَبِىُّ؛ مَن أبوَاه عرَبِيَّان، ويُسَمَّى العَتِيقُ.
قوله: ولا يُسْهَمُ لأكثرَ مِن فَرَسَيْن. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ،
وَلَا يُسْهَمُ لِغَيْرِ الْخَيْلِ. وَقَالَ الْخِرَقِىُّ: مَنْ غَزَا عَلَى بَعِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهِ، قُسِمَ لَهُ وَلِبَعِيرِهِ سَهْمَانِ.
ــ
وقطَع به الأكثرُ. وقيل: يُسْهَمُ لثَلاثَةٍ. جزَم به فى «التَّبْصِرَةِ» . والإِسْهامُ لفرَسَيْن أو ثَلاثَةٍ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ.
قوله: ولا يُسْهَمُ لغيرِ الخَيْلِ. هذا المذهبُ، وجزَم به فى «العُمْدَةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الوَجيزِ» ، و «المُنوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأَزجِىِّ» ، وغيرِهم. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ» : لا يُسْهَمُ لبَعِيرٍ على الأظْهَرِ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» ، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ». وقال الخِرَقِىُّ: ومَن غزَا على بَعِيرٍ لا يقْدِرُ على غيرِه، قسِمَ له ولبَعِيرِه سَهْمان. وهو رِوايَة عن أحمدَ. نقَلَها المَيْمُونِىُّ. واخْتارَه ابنُ البَنَّا فى «خِصَالِه» . وقدَّمه ناظِمُ المُفْرَداتِ، وهو منها. وعنه، يُسْهَمُ له مُطْلَقًا. نصَّ عليه فى رِوايَةِ مُهَنَّا. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، فى «خِلافَيْهما» . وجزَم به فى «الإِرْشادِ» ، وابنُ عَقِيل فى «التَّذْكِرَةِ» . قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» : فإنْ كان على بَعِيرٍ، فقال أصحابُنا: له سَهْمان؛ سَهْمٌ له، وسَهْمٌ لبَعِيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» . وهُنَّ أوْجُهٌ مُطْلقَاتٌ فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» . فعلى القَوْلِ بأنَّه يُسْهَمُ له، فيكونُ له سَهْمٌ، بلا نِزاعٍ، ولبَعِيرِه سَهْمٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو قَوْلُ العامَّةِ. وقال فى «الفُروعِ» : وظاهِرُ كلامِ بعضِهم، أنَّه كفَرَسٍ. وقال القاضى فى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: إنَّ حُكْمَ البعِيرِ فى الإِسْهامِ حُكْمُ الهَجِينِ. وهو مُقْتَضَى كلامِ المُصَنِّفِ فى «المُغْنِى» .
فائدة: مِن شَرْطِ الإِسهامِ للبَعِيرِ، أنْ يشْهَدَ عليه الوَقْعَةَ، وأنْ يكونَ ممَّا يُمْكِنُ القِتالُ عليه، فلو كان ثَقِيلًا لا يصْلُحُ إلَّا للحَمْلِ، لم يَسْتَحِقَّ شيئًا. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ.
تنبيه.: شمِلَ قوْلُه: ولا يُسْهَمُ لغيرِ الخَيْلِ. الفِيلَ. وهو صحيحٌ، وهو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال القاضى فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: حُكْمُ الفِيلِ حُكْمُ البَعِيرِ. وقال الزَّرْكَشِىُّ: وهو حسَنٌ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهَبِ. قال فى «الخُلاصَةِ» : وفى البَعِيرِ والفِيلِ رِوايتَان. وقال فى «الفُروعِ» : وقيل: لبَعِير، وفِيل، سَهْمُ هَجِينٍ. انتهى. قلتُ: لو قِيل: يُسْهَمُ للفِيلِ كالعَرَبِىِّ. لَكانَ مُتَّجَهًا.
فائدة: لا يُسْهَمُ للبِغالِ، ولا للحَمِيرِ، بلا نِزاعٍ. وذكَر القاضى فى ضِمْنِ مَسْألةِ البَعِيرِ، أنَّ أحمدَ قال فى رِوايَةِ المَيْمُونِىِّ: ليس للبَغْلِ إلَّا النَّفَلُ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هذا صَرِيحٌ بأَنَّ البَغْلَ يجوزُ الرَّضْخُ له. وهو قِياسُ الأُصُولِ والمذهبِ؛ فإنَّ الذى يُنْتَفَعُ به ولا يُسْهَمُ له، كالمرْأةِ والصَّبِىِّ والعَبْدِ، يُرْضَخُ لهم، كذلك الحَيوانُ الذى ينتَفَعُ به ولا يُسْهَمُ له، كالبِغالِ والحَمِيرِ، يُرْضَخُ له. قال العَلَّامَةُ
وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ رَاجِلًا، ثُمَّ مَلَكَ فرَسًا، أَوِ اسْتَعَارَهُ، أَوِ اسْتَأْجَرَهُ، وَشَهِدَ بِهِ الْوَقْعَةَ، فَلَهُ يسهْمُ فَارِسٍ. وَإِنْ دَخَلَ فَارِسًا، فَنَفَقَ فَرَسُهُ، أَوْ شَرَدَ حَتَّى تَقَضِّى الْحَرْبِ، فَلَهُ يسهْمُ رَاجِلٍ.
ــ
ابنُ رَجَبٍ: إنَّما قال أحمدُ: البَغْلُ للثَّقَلِ. يعْنِى، أنَّه لا يُعَدُّ للرُّكُوبِ والقِتالِ، بل لحَمْلِ الأثْقالِ. فتَصَحَّفَ الثَّقَلُ بالنَّفَلِ. ثم زِيدَ فيه لفْظَةُ «ليس» ، و «إلَّا» .
قوله: ومَن دخَل دارَ الحَرْبِ راجِلًا، ثم ملَك فَرَسًا، أوِ اسْتَعارَه، أوِ اسْتَأْجَرَه، وشَهِدَ به الوَقْعَةَ، فله سَهْمُ فارِسٍ. يُسْهَمُ للفَرَسِ المُسْتَعارَةِ والمُسْتَأْجَرَةِ، بلا نِزاعٍ، فسَهْمُ الفَرَسِ المُسْتَأْجَرَةِ للمُسْتَأجِرِ، بلا نِزاعٍ، وسَهْمُ الفرَسِ المُسْتعارَةِ للمُسْتَعِيرِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفَائقِ» ، وغيرِهم. وجزَم به ناظِمُ المُفْرَداتِ، وهو منها. ذكَرَه فى «الفُروعِ» ، فى بابِ العارِيَّةِ. وعنه، سَهْمُه للمُعِيرِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: لو غزَا على فرَسٍ حَبِيسٍ، اسْتَحَقَّ سَهْمَه. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفُروعِ» . وذكَرَه فى بابِ العارِيَّةِ.
تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وإنْ دخَل فَارِسًا، فنَفَق فَرَسُه -أى ماتَ- أو شرَد، حَتى تَقَضِّى الحَرْب، فله سَهْمُ رَاجِلٍ. أنَّه لو صارَ فارِسًا بعدَ تقَضِّى الحَرْبِ وقبلَ إحْرازِ الغَنِيمَةِ، أنَّ له سَهْمُ راجِلٍ. وهو صحيحٌ؛ لأنَّه أناطَ الحُكْمَ بتقَضِّى الحَرْبِ. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضى، ونَصرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: له سَهْمُ فارِسٍ والحالَةُ هذه. قال الخِرَقِىُّ: الاعْتِبارُ بحالِ إحْرازِ الغَنِيمَةِ، فإنْ أُحْرِزَتِ الغَنِيمَةُ وهو راجِلٌ، فله سَهْمُ راجلٍ، وإنْ أُحْرِزَت وهو فارِسٌ، فله سَهْمُ فارِسٍ. قال الشَّارِحُ: فيَحْتَمِلُ أنَّه أَرادَ بحِيازَةِ الغَنِيمَةِ الاسْتِيلاءَ عليها، فيكونُ كالأوَّلِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ أرادَ جَمْعَ الغَنِيمَةِ وضَمَّها وإحْرازَها. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا (1) المُعْتَمَدُ أصْلًا. وهو أنَّ الغَنِيمَةَ تُمْلَكُ
(1) فى ط: «هل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالإِحْرازِ، على ظاهِرِ كلامِ الخِرَقِىِّ؛ لأنَّ به يحْصُلُ تَمامُ الاسْتِيلاءِ. فعلى هذا، إذا جاءَ مدَدٌ بعدَ ذلك، أو انْفَلَتَ أسِيرٌ، فلا شئَ له، وإنْ وُجِدَ قبلَ ذلك شارَكَهم. وعنِ القاضى، أنَّ الغَنِيمَةَ. تُمْلَكُ بانْقِضاءِ الحَرْبِ، وإنْ لم تُحْرَزْ. [فعلى هذا، إذا جَاءَ مَدَدٌ أو أسِيرٌ بعدَ الانْقِضاءِ، فلا شئَ له، وإنْ لم تُحْرَزِ](1) الغَنِيمَةُ. انتهى. وتقدَّم نَظِيرُ ذلك فيما إذا لَحِقَ مدَدٌ، وفيما إذا تغَيَّر حالُهم قبلَ تَقضِّى الحَرْبِ. ومفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ مُخْتَلِفٌ، وظاهِرُ كلامِ الشَّارِحِ، الفَرْقُ (2) بينَ ذَيْنَك
(1) سقط من: «لأصل، أ.
(2)
سقط من: الأصل، ط.
وَمَنْ غَصَبَ فَرَسًا فَقَاتَلَ عَلَيْهِ، فَسَهْمُ الْفَرَسِ لِمَالِكِهِ.
ــ
الموْضِعَيْن، وبينَ هذا الموْضِعِ.
قوله: وإنْ غصَب فَرَسًا فقاتَلَ عليه، فسَهْمُ الفَرَسِ لمالِكِه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، وقال: ويَحْتَمِلُ أنَّ سَهْمَه لغاصِبِه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعليه أُجْرَتُه لرَّبه. ويأْتِى، إذا غصَب فرَسًا وكسَب عليه، فى الشَّرِكَةِ الفاسِدَةِ وفى الغَصْبِ، فى كلامِ المُصَنِّفِ. وتأْتِى هذه المسْأَلَةُ أيضًا فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى بابِ الغَصْبِ.
تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رحمه الله، أنَّه يُسْهَمُ للفَرَسِ المغْصُوبَةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيل: لا رَضْخَ لها ولا سَهْمَ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : وهو بعيدٌ.
تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يُسْهَمُ لها، ولو كان غاصِبُها مِن أصحابِ الرَّضْخِ. وهو صحيحٌ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». وقيل: بل يُرْضَخُ لها، وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ». وقيل: لا يُسْهَمُ لها، ولا يُرْضَخُ، كما تقدَّم. وقال فى «الفُروعِ» ، فى بابِ العارِيَّةِ: وسَهْمُ فَرَسٍ مَغْصُوبٍ كصَيْدِ جارِحٍ مَغْصُوبٍ. وقال فى بابِ الغصْبِ: إذا صادَ بالجارِحِ، هل يَرُدُّ صيْدَه، أو أُجْرَتَه، أو هما؟ ثلاثَةُ أوْجُهٍ، وأطْلقَهُنَّ.
فائدة: ليس للأجيرِ لحِفْظِ الغَنِيمَةِ رُكوبُ دابَّةٍ مِنَ الغَنِيمَةِ إلَّا بشَرْطٍ.
وَإذَا قَالَ الإِمَامُ: مَنْ أخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ. أوْ فَضَّلَ بَعْضَ الْغَانِمِينَ عَلَى بَعْضٍ، لَمْ يَجُزْ، فِى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْن، وَيَجُوزُ فِى الْأُخْرَى.
ــ
قوله: وإذا قال الإِمامُ: مَن أخَذ شيئًا فهو له. أو فضَّل بعضَ الغانِمِين على بعْضٍ، لم يَجُزْ، فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. إذا قال الإِمامُ: مَن أخذَ شيئًا فهو له. ففى جَوازِه رِوايَتان. وأطْلقَهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ؛ إحْداهما، لا يجوزُ مُطْلَقًا. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» ، وابنُ مُنَجَّى فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«شَرْحِه» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» . والثَّانيةُ، يجوزُ مُطْلَقًا. وقيل: يجوزُ لمَصْلَحَةٍ، وإلَّا فلا. وصحَّحه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». وحَكَياه رِوايَةً. قلتُ: وهو الصَّوابُ. ونقَل أبو طالِبٍ وغيرُه، إنْ بَقِىَ ما لا يُباعُ ولا يُشْتَرَى، فهو لمَن أخَذَه.
فائدة: لو ترَك صاحِبُ المَقْسَمِ شيئًا مِنَ الغَنِيمَةِ عجْزًا عن حَمْلِه، فقال الإِمامُ: مَن أخَذ شيئًا فهو له. فهو لمَن أخَذَه. نصَّ عليه أحمدُ. وسُئِلَ عن قَوْمٍ غَنِمُوا غَنائمَ كثيرةً، فيَبْقَى جُزْءٌ مِنَ المَتاعِ ممَّا لا يُباعُ ولا يُشْتَرَى، فيدَعُه الوَالِى -بمَنْزِلَةِ الفَخَّارِ وما أشْبَهَه- أيَأْخُذُه الإِنْسانُ لنَفْسِه؟ قال: نعم، إذا تُرِكَ ولم يُشْتَر. ونقَل أبو طالِبٍ فى المَتاعِ لا يقْدِرُون على حَمْلِه، إذا حمَلَه يُقْسَمُ. قال الخَلَّالُ: لا شَكَّ أنَّ أحمدَ قال هذا أولًا، ثم تبَيَّنَ له بعدَ ذلك أنَّ للإمامِ أنْ يُبِيحَه. الثَّانيةُ، لو أخَذ ما لا قِيمَةَ له فى أرْضِهم، كالمِسَنِّ، والأقْلامِ، والأدْوِيَةِ، كان له، وهو أحَقُّ به، وإنْ صارَتْ له قِيمَة بمُعَالجَتِه أو نقْلِه. نصَّ أحمدُ على نحوِه. وقالَه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. وتقدَّم بعضُ ذلك فى آخِرِ البابِ الذى
وَمَنِ اسْتُؤْجِرَ لِلْجِهَادِ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْعَبِيدِ وَالْكُفَّارِ،
ــ
قبلَه، فى جَوازِ الأكْلِ. وأمَّا إذا فضَّل بعضَ الغانِمِين على بعضٍ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ فى جَوازِه رِوايتَيْن. وأطْلقَهما ابنُ مُنَجَّى فى «شَرحِه» . ومحَلُّهما إذا كان لمَعْنًى (1) فى المُعْطى، كالشَّجاعَةِ ونحوِها، فإنْ كان لا لمَعْنًى فيه، لم يَجُزْ، قوْلًا واحدًا، وإنْ كانَ لمَعْنًى فيه ولم يشْرُطْه -وهى مسْألَةُ المُصَنِّفِ- فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جَوازُ ذلك. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «الشَّرْحِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» . وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ» . وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك فى البابِ الذى قبلَه، عندَ ذِكْرِ النَّفَلِ.
قوله: ومَنِ اسْتُؤجِرَ للجِهَادِ مِمَّن لا يَلْزَمُه مِنَ العَبِيدِ والكُفَّارِ، فليس له إلَّا الأُجْرَةُ. اعْلمْ أنَّه إذا اسْتَأْجَرَ مَن لا يَلْزَمُه الجِهادُ، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، صِحَّةُ الإِجارَةِ. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ» . قال فى
(1) سقط من: الأصل، ط.
فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الأُجْرَةُ.
ــ
«الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن»: وإنِ اسْتُؤْجِرَ مَن لا يَلْزَمُه بحُضُورِه، كعَبْدٍ وامْرأَةٍ، صحَّ فى الأظْهَرِ. وإنِ اسْتَأْجَرَ الإِمامُ كافِرًا، صحَّ. على الأصحِّ. وجزَم فى «القوَاعِدِ الأصُولِيَّةِ» ، بصِحّةِ إجارَةِ الكافِرِ للجِهَادِ. وقال: وبَناه بعضُهم على أنَّهم هل هم مُخاطَبُون بفُروعِ الإِسْلامِ أم لا؟ وقال فى «التَّرْغِيب» : يصِحُّ اسْتِئْجارُ الإِمامِ لأهْلِ الذِّمَّةِ عندَ الحاجَةِ. وقال فى «البُلْغَةِ» : ولا يصِحُّ غيرُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اسْتِئْجارِ الإِمامِ لهم. انتهى. وعنه، لا تصِحُّ الإِجارَةُ. قدَّمه فى «الفُروعِ» . واخْتارَه القاضى فى «التَّعْلِيقِ» . وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وحمَل القاضى كلامَ الإِمامِ أحمدَ والخِرَقِىِّ على الاسْتِئْجارِ لخِدْمَةِ الجَيْشِ. فعلى الأُولَى، ليس لهم إلَّا الأُجْرَةُ. كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا، وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَب» ، و «البُلْغَةِ» ، وغيرُهم. قال فى «الفُروعِ»: فلا يُسْهَمُ لهم، على الأصَحِّ. قال الشَّارِحُ: نصَّ عليه فى رِوايَةِ جماعَةٍ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وعنه، يُسْهَمُ لهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اخْتارَه الخَلَّالُ، وأبو بَكْرٍ عَبْدُ العزيزِ. ذكَرَه الزَّرْكَشِىُّ، وأطْلقَهما. وعنه، يُسْهَمُ للكافِرِ. وقيل: يُرْضَخُ لهم.
تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ مَن يَلْزَمُه الجِهادُ مِنَ الرِّجالِ الأحْرارِ، لا تصِحُّ إجارَتُهم. وهو صحيح، وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضى فى «التَّعْلِيقِ»
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرِه. وجزَم به فى «المُذْهَبِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . وعنه، تصِحُّ. وهو ظاهِرُ ما ذكَرَه الخِرَقِىُّ، وإليه مَيْلُ المُصَنِّفِ فى «المُغْنِى» . وحمَلَه
وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، فَسَهْمُهُ لِوَارِثِهِ.
ــ
القاضى على ما تقدَّم.
تنبيه: محَلُّ الخِلافِ فى ذلك، إذا لم يتَعَيَّنْ عليه، فإنْ تعَيَّنَ عليه، ثم اسْتُؤْجِرَ، لم يصِحَّ، قوْلًا واحدًا. صرَّح به فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها. وحمَل المُصَنِّفُ كلامَ الخِرَقِىِّ عليه. فعلى المذهبِ، يَرُدُّ الأُجْرَةَ، ويُسْهَمُ لهم. وعلى الثَّانيةِ، لا يُسْهَمُ لهم على الصَّحيحِ. وعنه، يُسْهَمُ لهم. اخْتارَه الخَلَّالُ وصاحِبُه. ذكَرَه الزَّرْكَشِىُّ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وعنه، يُسْهَمُ له إذا حضر القِتالَ مع الأُجْرَةِ.
قوله: ومَن مَاتَ بعدَ انْقِضاءِ الحَرْبِ، فسَهْمُه لوارِثِه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. قال فى «القاعِدَةِ الثَّامِنَةَ عشَرَةَ»: لو ماتَ أحدُهم قبلَ القِسْمَةِ والاحْتِيازِ، فالمنْصُوصُ، أنَّ حقَّه يَنْتَقِلُ إلى ورَثَتِه. وظاهِرُ كلامِ القاضى، أنَّه وافَقَ على ذلك. وقال فى «البُلْغَةِ»: ولم أجِدْ لأصحابِنا فى هذا الفَرْعِ خِلافًا، والذى يقْوَى عندِى، أنَّا متى قُلْنا: لم يَمْلِكُوها، وإنما لهم حَقُّ التمَلُّكِ. أنْ لا يُورَثَ، فإنَّ التَّوْرِيثَ يُذْكَرُ على الوَجْهِ الثَّانِى وفُروعِه بالإِبطالِ، فإنَّ مَنِ اخْتارَه جعَلَهم كالشَّفيعِ. وقال فى «التَرْغِيبِ»: إنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُ بدُونِ الاحْتِيازِ. فمَنْ ماتَ قبلَه، فلا شئَ له، ولا يُورَثُ عنه، كحَقِّ الشُّفْعَةِ. ويَحْتَمِلُ على هذا أنْ يُقالَ: يكْتَفِى بالمُطالَبَةِ فى مِيراثِ الحَقِّ، كالشُّفْعَةِ.
تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ المَيِّتَ يُسْتحَقُّ سَهْمُه بمُجَرَّدِ انْقِضاءِ
وَيُشَارِكُ الْجَيْشُ سَرَايَاهُ فِيمَا غَنِمَتْ، وَيُشَارِكُونَهُ فِيمَا غَنِمَ.
ــ
الحَرْبِ، سواءٌ أُحْرِزَتِ الغَنِيمَةُ أو لا. ويَقْتَضِيه كلامُ القاضى، قالَه فى «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال بعدَ ذلك: ووَارِثٌ كمَوْرُوثِه. نصَّ عليه. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، أنه لا يُسْتَحَقُّ قبلَ حِيازَةِ الغَنِيمَةِ؛ لأنَّه ماتَ قبلَ ثُبوتِ مِلْكِ المُسلِمِين عليها. واقْتَصرَ عليه الزَّرْكَشِىُّ. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ» . وجزَم به فى «المُغْنِى» ، ونصَرَه.
وَإِذَا قُسِمَتِ الْغَنِيمَةُ فِى أَرْضِ الْحَرْبِ،
ــ
قوله: وإذا قُسِمَتِ الغَنِيمَةُ فى أرْضِ الحَرْبِ فتَبايَعُوها، ثم غلَب عليها العَدُوُّ،
فَتَبَايَعُوهَا، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهَا الْعَدُوُّ، فَهِىَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِى، فِى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْن. اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ، وَصَاحِبُهُ. وَالْأُخْرَى، مِنْ مَالِ الْبَائِعَ. اخْتَارَهَا الْخِرَقِىُّ
ــ
فهى مِن مالِ المُشْتَرِى، فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. اخْتَارَها الخَلَّالُ وصاحِبُه. وهو المذهبُ. نقَلَه الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «النَّظْمِ» . قال فى «الخُلاصَةِ» : فهى مِن مالِ المُشْتَرِى على الأصحِّ. واخْتارَه القاضى. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». [قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهُورُ عنَ الإِمامَ أحمدَ] (1). والأُخْرَى: مِن مالِ البائعِ. اخْتارَها الخِرَقِىُّ. وجزَم به فى «الإِرْشادِ» . وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ،
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، و «القَواعِدِ» .
تنبيه: قيَّد المُصَنِّفُ [فى «المُغْنِى»](1) الخِلافَ بما إذا لم يحْصُلْ تفْرِيطٌ مِنَ المُشْتَرِى، أمَّا إذا حصَل منه تَفْرِيطٌ، مثلَ ما إذا خرَج بما اشْتَراه مِنَ العَسْكَرِ ونحوِه، فإنَّه مِن ضَمانِه، وتَبِعَه فى «الشَّرْحِ» .
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والظَّاهِرُ أنَّه مُرادُ مَن أطْلَقَ.
تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّهم لو تَبايَعُوا شيئًا مِن غيرِ الغَنِيمَةِ، أنَّه مِن ضَمانِ المُشْتَرِى، قوْلًا واحدًا. وهو صحيحٌ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو الذى ذكَرَه الخِرَقِىُّ، والشَّيْخان، وأبو الخَطَّابِ، ونُصوصُ أحمدَ إنَّما ورَدَتْ فى ذلك. قال: وظاهِرُ كلامِ القاضى فى كتابِه «الرِّوايتَيْن» ، أن المَسْألتَيْن حُكْمُهما واحِدٌ، وإنَّما الخِلافُ جارٍ فيهما، فإنَّه تَرْجَمَ المسْألَةَ فيما إذا تَبايعَ نَفْسان فى دارِ الحَرْبِ وتَقابَضَا. وعلَّل رِوايَةَ الضَّمانِ على البائعِ بأنَّه إذا كانتْ حالَ خَوْفٍ، فالقَبْضُ غيرُ حاصِلٍ؛
وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةً مِنَ الْمَغْنَمِ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ أَوْ لِوَلَدِهِ، أُدِّبَ،
ــ
بدَليلِ ما لو ابْتاعَ شيئًا فى دارِ الإِسْلامِ، وسلَّمه فى مَوْضِعٍ فيه قُطَّاعُ طَرِيقٍ، لم يَكُنْ ذلك قَبْضًا صَحِيحًا، ويتْلَفُ مِنَ البائعِ، فكذلك هنا. وهذه التَّرْجَمةُ والتَّعْلِيلُ يشْمَلُ الغَنِيمَةَ وغيرَها. انتهى. قال فى «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والخَمْسِين»: خَصَّ أكثرُ الأصحابِ الخِلافَ بمالِ الغَنِيمَةِ. وحكَى ابنُ عَقِيلٍ، فى تَبايُعِ المُسْلِمِين أمْوالَهم بينَهم بدارِ الحَرْبِ، إذا غلَب عليها العدُوُّ قبلَ قَبْضِه، وَجْهَيْن، كمالِ الغَنِيمَةِ. وأمَّا ما بِيعَ فى دارِ الإِسْلامِ فى زَمَنِ نَهْبٍ (1) ونحوِه، فمَضْمُونٌ على المُشْتَرِى، قوْلًا واحدًا. ذكَرَه كثيرٌ مِنَ الأصحابِ، كشِراءِ ما يغْلِبُ على الظّنِّ هَلاكُه.
قوله: ومَن وَطِئَ جارِيةً مِنَ المَغْنَمِ ممَّن له فيها حَقٌّ أو لوَلَدِه، أُدِّب، ولم
(1) بياض فى: الأصل، ط.
وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ الْحَدَّ، وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا، إِلَّا أَنْ تَلِدَ مِنْهُ، فَيَكُونَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ ثَابِتُ النَّسَبِ.
ــ
يَبْلُغْ به الحَدَّ، وعليه مَهْرُها. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وغيرِهم. وقال القاضى: يَسْقُطُ عنه مِنَ المَهْرِ قَدْرُ حِصَّتِه، كالجارِيَةِ المُشْتَركَةِ. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ.
قوله: إلَّا أنْ تَلِدَ مِنه، فيكونَ عليه قِيمَتُها، وتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ له. إذا أوْلَدَ جارِيَةً
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِنَ المَغْنَمِ له فيها حَقٌّ أو لوَلَدِه، لم يَلْزَمْه إلَّا قِيمَتُها فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، والمُصَنِّفِ هنا. وعنه، يَضْمَنُ قِيمَتَها ومَهْرَها أيضًا. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولعَلَّ مَبْناهُما على أنَّ المَهْرَ هل يجِبُ بمُجَرَّدِ الإِيلاجِ؟ فيَجِبُ المَهْرُ، أو لا يجِبُ إلَّا بتَمامِ الوَطْءِ، وهو النَّزْعُ؟ فلا يجِبُ؛ لأنَّه إنَّما تَمَّ وهى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِلْكٌ له. انتهى. وعنه، يَضْمَنُ قِيمَتَها ومَهْرَها ووَلَدَها. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: ولَزِمَه منه ما زادَ على حقِّه منها، وإنْ رَجَعَت له، لم يُرَدَّ إليه مَهْرُها. انتهى. قال القاضى: إذا صارَ نِصْفُها أُمَّ وَلَدٍ، يكونُ الوَلَدُ كلُّه حُرًّا، وعليه قِيمَةُ نِصْفِه. وحكَى أبو بَكْرٍ رِوايَةً، أنَّه لا يَلْزَمُه قِيمَةُ الوَلَدِ. ذكَرَه فى «الشَّرْحِ» وغيرِه.
قوله: وتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ. هذا المذهبُ المنْصُوصُ عن أحمَدَ، وعليه أكثرُ أصحابِه. وقال القاضى فى «خِلافِه»: لا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً له، وإنَّما يتَعَيَّنُ حقُّه فيها؛ لأنَّ حَمْلَها بحُرٍّ يَمْنَعُ بَيْعَها، وفى تأْخِيرِ قَسْمِها حتى تضَعَ ضرَرٌ على أهْلِ الغَنِيمَةِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوجَب تسْلِيمُها إليه مِن حقِّه. قال فى «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» : وهو بعيدٌ جِدًّا. وقال القاضى أيضًا: إنْ كان مُعْسِرًا، حُسِبَ (1) قَدْرُ حِصَّتِه مِنَ الغَنِيمَةِ، فصارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وباقِيها رَقِيقٌ للغانِمِين. نقَلَه الزَّرْكَشِىُّ. ولأبى الخَطَّابِ فى «انْتِصارِه» طرِيقَةٌ أُخْرَى، وهى [إنَّما نَفَذ اسْتِيلادُها](2)؛ لشُبْهَةِ المِلْكِ فيها، وأنْ يَنْفُذَ إعْتاقُها؛ يَنْفُذُ اسْتِيلادُ (3) الابنِ فى أمَةِ أبِيه دُونَ إعْتاقِها. وهو ظاهِرُ ما ذكَرَه
(1) فى الأصل، ط:«حسبت» . انظر: المغنى 13/ 198.
(2)
فى أ: «أن لا ينفذ استيلاؤها» .
(3)
فى أ: «استيلاء» .
وَمَنْ أَعْتَقَ مِنْهُمْ عَبْدًا، عَتَقَ عَلَيْهِ قَدْرُ حَقِّهِ، وَقُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ إنْ كَان مُوسِرًا. وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ.
ــ
صاحِبُ «المُحَرَّرِ» . وحكَى فى «تَعْلِيقِه» على «الهِدايَةِ» احْتِمالًا آخَرَ بالفَرْقِ بينِ أنْ تكونَ الغَنِيمَةُ جِنْسًا واحِدًا أو أجْناسًا، كما ذكَرَه فى العِتْقِ. انتهى.
قوله: ومَن أعْتَقَ منهم عَبْدًا، عَتَق عليه قَدْرُ حَقِّه، وقُوِّمَ عليه باقِيه إنْ كان موسِرًا، وكذلك إن كان فيهم مَن يَعْتِقُ عليه. وهذا المذهبُ فيهما، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. واخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ». وقال القاضى فى «خِلافِه»: لا يَعْتِقُ حتى يَسْبِقَ تَمَلكُه لَفْظًا. ووَافقَ أبو الخَطَّابِ فى «انْتِصارِه» القاضىَ، لكِنه أثْبَت المِلْكَ بمُجَرَّدِ قَصْدِ التَّمَلُّكِ. وقال فى «الإِرْشادِ»: لو أعْتَقَ جارِيَةً قبلَ القِسْمَةِ، لم تَعْتِقْ، فإنْ حصَلَتْ له بعدَ ذلك بالقِسْمَةِ، عتَقَتْ إنْ كانتْ قَدْرَ حقِّه، وإلَّا قُوِّمَ عليه الباقِى، إنْ كان مُوسِرًا، وإلَّا عتَق قَدْرُ حقِّه. انتهى. وقال المَجْدُ فى «المُحَرَّرِ»: وعندِى إنْ كانتِ الغَنِيمَةُ جِنْسًا واحِدًا، فكالمنْصُوصِ، وإنْ كانتْ أجْناسًا، فكقَوْلِ القاضى. وقال فى «البُلْغَةِ»: إذا وقَع فى الغَنِيمَةِ مَن يَعْتِقُ على بعضِ الغانِمِين،
وَالْغَالُّ مِنَ الْغَنِيمَةِ يُحَرَّقُ رَحْلُهُ كُلُّهُ، إِلَّا السِّلَاحَ وَالْمُصْحَفَ وَالْحَيَوَانَ.
ــ
فهل يَعْتِقُ عليه؟ فيه ثَلاثُ رِواياتٍ، الثَّالثةُ، يكونُ مَوْقُوفًا، إنْ تعَيَّنَ سَهْمُه فى الرَّقيقِ، عتَق عليه، وإلَّا فلا.
قوله: والغَالُّ مِنَ الغَنِيمَةِ يُحَرَّقُ رَحْلُه كلُّه -سواءٌ كان ذكَرًا أو أُنْثَى مُسْلِمًا أو ذِمِّيًّا- إلَّا السِّلاحَ والمُصْحَفَ والحيوانَ وكذا نفَقَتُه. يعْنِى، يجِبُ حَرْقُ ذلك. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ولم يَسْتَثْنِ الخِرَقِىُّ، والآجُرِّىُّ مِنَ التَّحْرِيقِ إلَّا المُصْحَفَ والدَّابَّةَ. وقال: هو قوْلُ أحمدَ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وبعضُ الأصحابِ المُتَأَخِّرِين، أن تَحْرِيقَ رَحْلِ الغالِّ مِن بابِ التَّعْزيرِ لا الحَدِّ، فيَجْتَهِدُ الإِمامُ بحسَبِ المَصْلَحَةِ. قال فى «الفُروعِ»: وهذا أظْهَرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيهان؛ أحدُهما، مُرادُه بالحَيوانِ؛ أنَّ الحَيوانَ بآلَتِه؛ مِن سَرْجٍ ولِجامٍ وحَبْلٍ ورَحْلٍ وغيرِ ذلك. نصَّ عليه، وقالَه الأصحابُ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وعَلَفِها. الثَّانِى، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يُحَرِّقُ كُتُبَ العِلْمِ وثِيابَه التى عليه. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. اخْتارَه الآجُرِّىُّ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهما لا يُحَرَّقان. قال فى «الفُروعِ»: والأصحُّ لا تُحَرَّقُّ كُتُبُ عِلْمٍ وثِيابُه التى عليه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وجزَم فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، أنَّ ثِيابَه التى عليه لا تُحَرَّقُ. وقالا فى كُتُبِ العِلْمِ والحديثِ: يَنْبَغِى أنْ لا تُحَرَّقَ (1).
(1) انظر: المغنى 13/ 170.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
انتهيا. وقيل: تُحَرَّقُ ثِيابُه إلَّا ما يسْتُرُ عوْرَتَه فقط. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «النَّظْمِ» . قال فى «البُلْغَةِ» : إلَّا المُصْحَفَ والحَيوانَ وثِيابَ سُتْرَتِه.
فوائد؛ الأُولَى، ما لم تأْكُلْه النَّارُ يكونُ لرَبِّه، وكذا ما اسْتُثْنِى مِنَ التَّحْرِيقِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُباعُ المُصْحَفُ ويُتَصدَّقُ به. وهما احْتِمالان
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . الثَّانيةُ، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يَسْتَحِقُّ سَهْمَه مِنَ الغَنِيمَةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، ونَصرَاه. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» . وعنه، يُحْرَمُ سَهْمَه. اخْتارَه الآجُرِّىُّ. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ» ، وهو منها. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» . الثَّالثةُ، يؤخَذُ ما غَلَّه [مِنَ المَغْنَمِ](1)؛ فإنْ تابَ قبلَ القِسْمَةِ، رَدَّه للمَغْنَمِ، وإنْ تابَ بعدَ القِسْمَةِ، رَدَّ خُمْسَه للإِمامِ، وتصَدَّقَ بالباقى. نصَّ عليه.
(1) فى الأصل، ط:«للمغنم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال الآجُرِّىُّ: يأْتِى به الإمامَ، فيَصْرِفُه فى مَصالِحِ المُسْلِمِين. قلتُ: وهو الصَّوابُ. الرَّابعةُ، يُشْترَطُ لإحْراقِ رُحْلِه، أنْ يكونَ الغالُّ حَيًّا، نصَّ عليه، حُرًّا مُكَلَّفًا، ولو كان ذِمِّيًّا أو امْرأَةٌ. صرَّح به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وهو ظاهِرُ «الفُروعِ». قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ مُلْزَمًا (1). ذكَرَه الآدَمِىُّ (2) البَغْدادِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ». وقال فى «الرِّعايَةِ»: مُسْلِمًا. ويُشْتَرطُ أيضًا، أنْ لا يكونَ باعَه ولا وَهَبَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يُحَرقُ بعدَ البَيعِ والهِبَةِ أيضًا. وهما احْتِمالان مُطْلَقان فى
(1) كذا بالنسخ، وفى الفروع:«ملتزمًا» . الفروع 6/ 237.
(2)
فى الأصل: «الآمدى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وبنَياهُما على صِحَّةِ البَيْعِ وعدَمِه؛ فإنْ صحَّ البَيْعُ، لم يُحَرَّقْ، وإلَّا حُرِّقَ. وأطْلَقهما فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». الخامسةُ: يُعَزَّرُ الغالُّ أيضًا، مع إحْراقِ رَحْلِه، بالضَّرْبِ ونحوِه، لكنْ لا يُنْفَى. نصَّ عليه.
تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّ السَّارِقَ مِنَ الغنِيمَةِ لا يُحَرَّقُ رَحْلُه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». وقيل: حُكْمُه حُكْمُ الغَالِّ. جزَم به فى «التَّبْصِرَةِ» ، وأنَّه سواءٌ كان له سَهْمٌ أوْ لا. الثانى، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، أنَّ مَنْ ستَر على الغَالِّ، أو أخَذ منه ما أَهْدَى له منها، أو باعَه أمامَه، أو حابَاه، لا يكونُ غالًّا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا الآجُرِّىَّ؛ فإنَّه قال: هو غالٍّ أيضًا. الثَّالِثُ، لو غَلَّ عَبْدٌ أو صَبِىٌّ، لم يُحَرَّقْ رَحْلُهما، بلا نِزاعٍ.
وَمَا أُخِذَ مِنَ الْفِدْيَةِ، أَوْ أهْدَاهُ الْكُفَّارُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ، أَوْ بَعْضِ قُوَّادِهِ، فَهُوَ غَنِيمَةٌ.
ــ
قوله: وما أُخِذَ مِنَ الْفِدْيَةِ، أَوْ أَهْدَاهُ الْكُفَّارُ لِأمِيرِ الْجَيْشِ، أَوْ بَعْضِ قُوَّادِهِ، فَهُوَ غَنِيمَةٌ. ما أُخِذَ مِنَ الفِدْيَةِ، فهو غَنِيمَةٌ، بلا خِلافٍ نعْلَمُه. وأمَّا ما أهْدَاه الكُفَّارُ لأميرِ الجَيْشِ، أو بعضِ قُوَّادِه، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يُهْدَى فى أرْضِ الحَرْبِ، أوْ لا. فإنْ أُهْدِىَ فى دارِ الحَرْبِ، فهو غَنِيمَةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. كما جزَم به المُصَنِّفُ، وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى «الفُروعِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وعنه، هو لمَن أُهْدِىَ له. وعنه، هو [فَىْءٌ اخْتارَه القاضى](1) فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» . وجزَم به ابنُ عَقِيلٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وإنْ أُهْدِىَ مِن دارِ الحَرْبِ إلى دارِ الإِسْلامِ، فقيلَ: هو لمَن أُهْدِىَ له. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، ونصَرَاه. وقيل: هو فَىْءٌ.
فائدتان؛ إحْداهما، إذا أُهْدِىَ لبعضِ الغانِمِين فى دارِ الحَرْبِ، فقيلَ: هو غَنِيمَةٌ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى. وقَدَّمه فى «الفُروعِ» . وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» . وعنه، يكونُ لمَن أُهْدِىَ له. قدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ». وأطْلقَهما فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: إنْ كان بينَهما مُهاداةٌ، فله، وإلَّا فغَنِيمَةٌ. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . وإنْ أُهْدِىَ إليه
(1) فى الأصل، ط:«فى اختياره» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى دارِ الإِسْلامِ، فهو له. الثَّانيةُ، لو أسْقَطَ بعضُ الغانِمِين حقَّه، ولو كان مُفْلِسًا، فهو للباقِين. وفى الشُّفْعَةِ وَجْهان. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ». قلتُ: الأَوْلَى أنَّه يسْقُطُ مِلْكُ التَّمَلُّكِ، وفى مِلْكِه بتَمَلُّكِه قبلَ القِسْمَةِ وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». قال القاضى: لا يمْلِكُون قبلَ القِسمَةِ، وإنَّما ملَكُوا أنْ يَتَملَّكُوا. وقال أيضًا: لأنَّ الغَنِيمَةَ إذا قُسِمَتْ بينَهم، لم يَمْلِكْ حَقَّه منها إلَّا بالاخْتِيارِ؛ وهو أنْ يقولَ: اخْتَرْتُ تَمَلُّكَها. فإذا اخْتارَه، ملَك حقَّه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: وهذا ليس بصَحيحٍ. قلت: وهو الصَّوابُ. وإنْ أسْقَطَ كُلُّ الغانِمِين حَقَّهم، فهو فَىْءٌ.