الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التعجب:
474-
"بأَفْعَل انطق بعد "ما" تعجبا
…
أو جيء بـ"أَفْعِل" قبل مجرور ببا"
475-
وتلو أَفْعَل انصبنه: كـ"ما
…
أوفى خليلينا، وأصدق بهما"
"بأَفْعَل انطق بعد ما تعجبا
…
أو جيء بأَفْعَل قبل مجرور ببا"
أي: يدل على التعجب -وهو: استعظام فعل فاعل ظاهر المزية- بألفاظ كثيرة، نحو:{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} 1، "سبحان الله المؤمن لا ينجس"، "لله دره فارسًا! "، "لله أنت! ".
"من الكامل":
يا جارتا ما أنت جاره2
وقوله "من الرجز":
735-
واهًا لسلمى ثم واهًا واها
1 البقرة: 28.
2 تقدم بالرقم 486.
735-
التخريج: الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص198؛ وله أو لأبي النجم في المقاصد النحوية 1/ 123، 3/ 636؛ ولأبي النجم في شرح التصريح 2/ 97؛ وشرح شواهد المغني 1/ 129؛ وشرح المفصل 4/ 72؛ ولسان العرب 3/ 563 "ويه"، 14/ 345 "روى"؛ وله أو لرجل من بني الحارث في خزانة الأدب
"صيغة "ما أَفْعَلَهُ":
والمبوب له في كتب العربية صيغتان: "ما أَفْعَلَه"، و"أَفْعِل به" لاطرادهما فيه.
فأما الصيغة الأولى فـ"ما" فيها اسم إجماعًا؛ لأن في "أفعل" ضميرًا يعود عليها، وأجمعوا على أنها مبتدأ؛ لأنها مجردة للإسناد إليها، ثم اختلفوا: فقال سيبويه: هي نكرة تامة بمعنى شيء، وابتدئ بها لتضمنها معنى التعجب، وما بعدها خبر فموضعه رفع، وقال الفراء وابن درستويه: هي استفهامية، ونقله في شرح التسهيل عن الكوفيين، وقال الأخفش: هي معرفة ناقصة بمعنى "الذي"، ومابعدها صلة فلا موضع له، أو نكرة ناقصة، وما بعدها صفة فمحله رفع، وعلى هذين فالخبر محذوف وجوبًا: أي شيء عظيم. واختلفوا في "أفعل" فقال البصريون والكسائي: فعل للزومه مع ياء المتكلم نون الوقاية، نحو:"ما أفقرني إلى رحمة الله"، ففتحته بناء كالفتحة في "زيد ضرب عمرًا"، وما بعده مفعول به. وقال بقية الكوفيين1: اسم لمجيئه مصغرًا في قوله "من البسيط":
736-
ياما أُمَيْلِح غزلانًا شدن لنا
…
"من هوليائكن الضال والسمر"
= 7/ 455؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 786؛ وشرح عمدة الحافظ ص967؛ واللامات ص125؛ ومجالس ثعلب ص275؛ ومغني اللبيب 2/ 369؛ والمقاصد النحوية 4/ 311..
اللغة: شرح المفردات: واهًا: أعجب.
الإعراب: واهًا: اسم فعل مضارع بمعنى "أعجب" وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره "أنا". لسلمى: اللام حرف جر، "سلمى": اسم مجرور بالفتحة المقدرة على الألف بدلًا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. والجار والمجرور متعلقان باسم الفعل "واهًا". ثم: حرف عطف. واها: معطوف على "واها" السابقة. واها: توكيد لفظي لاسم الفعل الذي سبقه مباشرة.
الشاهد فيه قوله: "واهًا" حيث وقع اسم فعل مضارع بمعنى "أعجب".
1 انظر المسألة الخامسة عشرة في الإنصاف في مسائل الخلاف ص126-148.
736-
التخريج: البيت للمجنون في ديوانه ص130؛ وله أو للعرجي أو لبدوي اسمه كامل الثقفي أو لذي الرمة أو للحسين بن عبد الله في خزانة الأدب 1/ 93، 96، 97؛ والدرر 1/ 234؛ ولكامل الثقفي أو للعرجي في شرح شواهد المغني 2/ 962؛ وللعرجي في المقاصد النحوية 1/ 416، 3/ 643؛ وصدره لعلي بن أحمد العريتي في لسان العرب 13/ 235 "شدن"؛ ولعلي بن محمد العريني في خزانة الأدب =
ففتحته إعراب كالفتحة في "زيد عندك"، وذلك لأن مخالفة الخبر للمبتدأ تقتضي عندهم نصبه، و"أحسن" إنما هو في المعنى وصف لـ"زيد" لا لضمير ما، و"زيد" عندهم مشبه بالمفعول به.
"صيغة أَفْعِلْ به":
وأما الصيغة الثانية فأجمعوا على فعلية "أفعل"، ثم اختلفوا: فقال البصريون: لفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر. وهو في الأصل ماض على صيغة "أَفْعَلَ" بمعنى: صار ذا كذا، كـ"أغد البعير" إذا صار ذا غدة1، ثم غيرت الصيغة فقبح إسناد صيغة الأمر إلى الاسم الظاهر، فزيدت الباء في الفاعل ليصير على صورة المفعول به كامرر بزيد، ولذلك التزمت،
= 1/ 98؛ ولعلي بن محمد المغربي في خزانة الأدب 9/ 363؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص115؛ وخزانة الأدب 1/ 237، 532، 5/ 223؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 190؛ وشرح المفصل 5/ 135؛ ومغني اللبيب 2/ 682؛ وهمع الهوامع 1/ 76، 2/ 191.
اللغة: أميلح: تصغير تحبب، وملح: حسن. شدن: قوين وترعرعن، واستغنين عن أمهاتهن. هؤلياء: تصغير هؤلاء. الضال والسمر: نوعان من النبات.
المعنى: يتعجب من حسن النسوة الصغار مشبهًا إياهن بالغزلان الصغار وقد استغنت عن أمهاتها بأكل الضال والسمر.
الإعراب: "يا": حرف تنبيه. "ما": نكرة تامة بمعنى شيء مبنية في محل مبتدأ. "أميلح": فعل ماض جامد لإنشاء التعجب مبني على الفتح، و"الفاعل": ضمير مستتر تقديره "هن". "غزلانًا": مفعول به منصوب بالفتحة. "شدن": فعل ماض مبني على السكون الظاهر على النون الأولى، و"النون": ضمير متصل في محل رفع فاعل. "لنا": "اللام": حرف جر، "نا": ضمير متصل في محل جر بحرف الجر، متعلقان بـ"شدن". "من هؤليائكن": جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لـ"غزلانًا"، و"كن": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "الضال": صفة مجرور بالكسرة. "والسمر": "الواو": حرف عطف، "السمر": اسم معطوف على مجرور، مجرور مثله بالكسرة.
وجملة "يا ما أميلح": ابتدائية لا محل لها. وجملة "شدن": في محل نصب صفة لـ"غزلانًا".
والشاهد فيه قوله: "أميلح" حيث صغر "أملح" وهو فعل التعجب، مما يستدل على اسمية "أفعل" في التعجب، فالتصغير من خصائص الأسماء، والشاعر قد صغر "هؤلاء" فقال "هؤلياء".
1 الغدة: طاعون يصيب البعير فتنشأ عنه ثآليل.
بخلافها في نحو: "كفى بالله شهيدًا" فيجوز تركها كقوله "من الطويل":
737-
عميرة ودع إن تجهزت غاديًا
…
كفى الشيبُ والإسلام للمرء ناهيا
وإنما تحذف مع "أنْ" و"أنّ"، كقوله "من الطويل":
738-
"وقال نبي المسلمين تقدموا"
…
وأحبب إلينا أن تكون المقدما
737- التخريج: البيت لسحيم عبد بني الحسحاس في ديوانه ص16؛ والإنصاف 1/ 168؛ وخزانة الأدب 1/ 267، 2/ 102، 103؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 141؛ وشرح التصريح 2/ 88؛ وشرح شواهد المغني 1/ 325؛ والكتاب 2/ 26، 4/ 225؛ ولسان العرب 15/ 226 "كفى"؛ ومغني اللبيب 1/ 106؛ والمقاصد النحوية 3/ 665؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص144؛ وأوضح المسالك 3/ 253؛ وشرح عمدة الحافظ ص425؛ وشرح المفصل 2/ 115، 7/ 84، 148، 8/ 24، 93، 138، ولسان العرب 15/ 344 "نهى".
اللغة: شرح المفردات: عميرة: اسم امرأة. تجهز: تهيأ. ناهيًا: مانعًا.
المعنى: يدعو الشاعر إلى ترك مواصلة الغواني، والتخلي عن اللهو؛ لأن الشيخوخة والإسلام يردعان عن ذلك.
الإعراب: عميرة: مفعول به مقدم منصوب بالفتحة. ودع: فعل أمر مبني على السكون، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره "أنت". إن: حرف شرط جازم: تجهزت: فعل ماضٍ مبني في محل جزم، والتاء ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل وهو فعل الشرط. غاديًا: حال من الفاعل منصوب بالفتحة. كفى: فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. الشيب: فاعل مرفوع بالضمة. والإسلام: الواو حرف عطف، "الإسلام": معطوف على "الشيب" مرفوع بالضمة. للمرء: اللام حرف جر، "المرء": اسم مجرور بالكسرة، والجار والمجرور متعلقان بـ"ناهيا". ناهيًا: حال من الشيب منصوب أو تمييز منصوب بالفتحة.
الشاهد فيه قوله: "كفى الشيب" حيث أسقط الباء من فاعل "كفى"، فدل على أن هذه الباء ليست واجبة الدخول على فاعل هذا الفعل.
738-
التخريج: البيت للعباس بن مرداس في ديوانه ص102؛ والدرر 5/ 134؛ والمقاصد النحوية 3/ 656؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص49؛ والدرر 5/ 242، 6/ 321؛ وشرح التصريح 2/ 89؛ ولسان العرب 1/ 292 "حبب"؛ والمقاصد النحوية 4/ 593؛ وهمع الهوامع 2/ 90، 91، 227.
الإعراب: "وقال": الواو بحسب ما قبلها، "قال": فعل ماض. "نبي" فاعل مرفوع، وهو مضاف. "المسلمين": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم. "تقدموا" فعل أمر مبني على حذف النون، والواو ضمير في محل رفع فاعل. "وأحبب": الواو: حرف استئناف، "أحبب": فعل ماض أتى على صيغة الأمر للتعجب "إلينا": جار ومجرور متعلقان بـ"أحبب". "أن": حرف نصب ومصدري. "نكون": فعل مضارع ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره:"نحن""المقدما": خبر "تكون" منصوب، والألف للإطلاق والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها في محل رفع فاعل لـ"أحبب". =
لا طراد حذف الجار معهما كما عرف. وقال الفراء والزجاج والزمخشري وابنا كيسان وخروف: لفظه ومعناه الأمر، وفيه ضمير، والباء للتعدية، ثم قال ابن كيسان: الضمير للحسن. وقال غيره: للمخاطب. وإنما التزم إفراده لأنه كلام جرى مجرى المثل.
"وتلو أفعل انصبنه" أي حتمًا لما عرفت "كما أوفى خليلينا وأصدق بهما".
تنبيه: شرط المنصوب بعد "أَفَعَلَ" والمجرور بعد "أَفْعِلْ" أن يكون مختصًّا لتحصل به الفائدة كما أرشد إليه تمثيله، فلا يجوز "ما أحسن رجلًا"، ولا "أحسن برجل". ا. هـ.
476-
وحذف ما منه تعجبت استبح
…
إن كان عند الحذف معناه يضح
"وحذف ما منه تعجبت استبح" منصوبًا كان أو مجرورًا "إن كان عند الحذف معناه يضح" أي: يتضح، فالأول كقوله "من الطويل":
739-
جزى الله عنا والجزاء بفضله
…
ربيعة خيرًا، ما أعف وأكرما!
= وجملة: "قال
…
" بحسب ما قبلها. وجملة: "تقدموا" في محل نصب مفعول به. وجملة: "أحبب
…
" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "تكون المقدما" صل الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "وأحبب إلينا أن نكون المقدما" حيث فصل بين فعل التعجب "أحبب" وفاعله الذي هو المصدر المؤول من "أن نكون المقدما" بجار ومجرور "إلينا" معمول لفعل التعجب، وهذا جائز.
739-
التخريج: البيت للإمام علي بن أبي طالب في ديوانه ص171؛ وتخليص الشواهد ص491؛ والدرر 5/ 240؛ وشرح التصريح 2/ 89؛ والعقد الفريد 5/ 283؛ والمقاصد النحوية 3/ 649؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 91.
شرح المفردات: جزى: أثاب. الفضل: الإحسان. ربيعة: قبيلة وقفت إلى جانب علي بن أبي طالب "ض" في يوم صفين.
المعنى: يقول: ألا أثاب الله، وهو ذو الفضل والكرم، ربيعة التي تستحق كل خبر لشدة عفتها وكرم أخلاقها.
الإعراب: "جزى": فعل ماض. "الله" اسم الجلالة فاعل مرفوع. "عنا": جار ومجرور متعلقان بـ"جزى". "والجزاء": الواو حالية، "الجزاء": مبتدأ مرفوع. "بفضله": جار ومجرور متعلقان بخبر المبتدأ المحذوف، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة "ربيعة": مفعول به أول منصوب. "خيرًا": مفعول به ثان منصوب. "ما": نكرة تامة في محل رفع مبتدأ. "أعف": فعل ماض للتعجب، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا على خلاف الأصل تقديره "هو". "وأكرما": الواو حرف عطف، "أكرما": معطوف =
أي: ما أعفهم وأكرمهم، والثاني -وشرطه أن يكون "أَفْعِلْ" معطوفًا على آخر مذكور معه مثل ذلك المحذوف، ذكره في شرح الكافية- نحو:{أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِر} 1، أي: بهم. وأما قوله "من الطويل":
740-
فذلك إن يلق المنية يلقها
…
حميدًا، وإن يستغن يومًا فأجدر
= على "أعف"، والألف للإطلاق.
وجملة: "جزى
…
" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "والجزاء بفضله" في محل نصب حال. وجملة: "ما أعف" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "أعف" في محل رفع خبر المبتدأ "ما". وجملة "أكرما" معطوفة على جملة "أعف".
الشاهد فيه قوله: "ما أعف وأكرما" حيث حذف معمول فعل التعجب لأنه ضمير يدل عليه سياق الكلام والتقدير: "ما أعفها وأكرمها".
1 مريم: 38.
740-
التخريج: البيت لعروة بن الورد في ديوانه ص15؛ والأصمعيات ص46؛ وشرح التصريح 2/ 90؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص424؛ وشرح عمدة الحافظ ص755؛ والمقاصد النحوية 3/ 650؛ وله أو لحاتم الطائي في الأغاني 6/ 303؛ وخزانة الأدب 10/ 9؛ 10، 13؛ ولحاتم الطائي في الدرر 4/ 207؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في الأغاني 6/ 296؛ وشرح ابن عقيل ص448؛ وهمع الهوامع 2/ 38.
شرح المفردات: المنية: الموت. حميدًا: أي محمودًا. يستغني: يصيب الغنى. أجدر: أي جدير بذلك.
المعنى: يقول: إن هذا الصعلوك إن مات فإنه يموت شريفًا محمود السيرة، وإلا فهو جدير أن يصيب الغنى.
الإعراب: "فذلك": الفاء بحسب ما قبلها، "ذلك": اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ. "إن" حرف شرط جازم. "يلق": فعل مضارع مجزوم لأنه فعل الشرط، وعلامة جزمه حذف حرف العلة، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هو". "المنية": مفعول به منصوب. "يلقها": فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط، وعلامة جزمه حذف حرف العلة، و"ها": ضمير في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره:"هو". "حميدًا": حال منصوب. "وإن": الواو حرف عطف، "إن": حرف شرط جازم. "يستغن": فعل مضارع مجزوم لأنه فعل الشرط، وعلامة جزمه حذف حرف العلة، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هو". "يومًا": ظرف زمان منصوب، متعلق بـ"يستغن". "فأجدر": الفاء رابطة جواب الشرط، "أجدر": فعل ماض أتى على صيغة الأمر وفاعله محذوف تقديره: "أجدر به".
"وجملة: "وذلك إن يلق
…
" بحسب ما قبلها. وجملة: "إن يلق
…
يلقها" الشرطية في محل رفع خبر المبتدأ "ذلك". وجملة: "يلقها" لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء أو بـ"إذا". وجملة: "إن يستغن
…
" معطوفة على الجملة الشرطية السابقة. وجملة "فأجدر" في محل جزم جواب الشرط.
الشاهد فيه قوله: "فأجدر" حيث حذف المتعجب منه مع حرف الجر من غير مسوغ من عطف على صيغة أخرى معها معمولها، وهذا شاذ.
أي به -فشاذ.
تنبيه: إنما جاز حذف المجرور بعد "أفعل" -مع كونه فاعلًا- لأن لزومه للجر كساه صورة الفضلة، فجاز فيه ما يجوز فيها.
وذهب قوم -منهم الفارسي- إلى أنه لم يحذف، وأنه استتر في الفعل حين حذفت الباء.
ورد بوجهين: أحدهما: لزوم إبرازه حينئذ في التثنية والجمع، والآخر: أن من الضمائر ما لا يقبل الاستتار كنا من "أكرم بنا".
477-
وفي كلا الفعلين قدمًا لزما
…
منع تصرف بحكم حتما
"وفي كلا الفعلين" المذكورين "قدمًا لزما
…
ممنع تصرف بحكم حتمًا"
ليكون مجيئه على طريقة واحدة أدل على ما يراد به، فالأول في الماضي كـ"تبارك" و"عسى"، والثاني في الأمر كـ"تعلم" بمعنى: اعلم. وقيل: إن علة جمودهما تضمنهما معنى الحرف الذي كان حقه أن يوضع للتعجب فلم يوضع.
478-
"وصغهما من ذي ثلاث، صرفا
…
قابل فضل، تم، غير ذي انتفا"
479-
"وغير ذي وصف يضاهي أشهلا،
…
وغير سالك سبيل فعلا"
أي: لا يُبنى هذان الفعلان إلا مما استكمل ثمانية شروط:
الأول: أن يكون فعلًا: فلا يبنيان من "الجلف" و"الحمار"، فلا يقال:"ما أجلفه وما أحمره"، وشذ:"ما أذرعها" أي: ما أخف يدها في الغزل، بنوه من قولهم:"امراة ذراع".
نعم أدعي ابن القطاع أنه سمع: ذرعت المرأة: خفت يدها في الغزل، وعلى هذا يكون الذوذ من حيث البناء من فعل المفعول.
الثاني: أن يكون ثلاثيًّا؛ فلا يبنيان من "دحرج"، و"ضارب"، و"استخرج"، إلا أفعل فقيل: يجوز مطلقًا، وقيل: يمتنع مطلقًا، وقيل: يجوز إن كانت الهمزة لغير النقل، نحو:"ما أظلم هذا الليل"، و"ما أفقر لهذا المكان"، وشذ على هذين القولين:"ما أعطاه للدراهم"، وما "أولاه للمعروف"، وعلى الثلاثة: ما أتقاه، وما أملأه للقربة؛ لأنهما من "اتقى" و"امتلأت"، و"ما أخصره"؛ لأن من "اختصر"؛ وفيه شذوذ آخر سيأتي.
الثالث: أن يكون متصرفًا؛ فلا يبنيان من "نعم" و"بئس"، وشذ:"ما أعساه"، و"أعس به".
الرابع: أن يكون معناه قابلًا للتفاضل؛ فلا يبنيان من "فني" و"مات".
الخامس: أن يكون تامًّا؛ فلا يبنيان من نحو: "كان"، و"ظل"، و"بات"، و"صار"، و"كاد"، وأما قولهم:"ما أصبح أبردها"، و"ما أمسى أدفاها" فإن التعجب فيه داخل على "أبرد"، و"أدفأ"، و"أصبح"، و"أمسى" زائدتان.
السادس: أن يكون مثبتًا؛ فلا يبنيان من منفي، سواء أكان ملازمًا للنفي، نحو:"ما عاج بالدواء" أي: ما انتفع به، أم غير ملازم كـ"ما قام".
السابع: أن لا يكون اسم فاعله على "أفعل فعلاء"؛ فلا يبنيان من عرج وشهل وخضر الزرع.
الثامن: أن لا يكون مبنيًّا للمفعول، فلا يبنيان من نحو:"ضُرِب"، وشذ "ما أخصره" من وجهين، وبعضهم يستثني ما كان ملازمًا لصيغة "فُعِلَ"، نحو:"عُنيت بحاجتك"، و"زُهي علينا"، فيجيز "ما أعناه بحاجتك"، و"ما أزهاه علينا". قال في التسهيل: وقد يُبنيان من فعل المفعول إن أمن اللبس.
تنبيهان: الأول: بقي شرط تاسع لم يذكره هنا، وهو: أن لا يُستغنى عنه بالمصوغ من غيره، نحو:"قال" من "القائلة" فإنهم لا يقولون: "ما أقيله"، استغناء بما أكثر قائلته. قال في التسهيل: وقد يغني في التعجب فعل عن فعل مستوفٍ للشروط، كما يغني في غيره، أي نحو:"ترك" فإنه أغنى عن "ودع"، وعد في شرحه من ذلك "سكر"، و"قعد" و"جلس"
ضدي "قام"، و"قال" من "القائلة"، وزاد غيره "قام"، و"غضب"، و"نام"، وممن ذكر السبعة ابن عصفور، وعد "نام" فيها غير صحيح؛ لأن سيبويه حكى:"ما أنومه".
الثاني: عد بعضهم من الشروط أن يكون على "فَعُلَ" بالضم أصلًا أو تحويلًا، أي: يقدر رده إلى ذلك لأنه فعل غريزة فيصير لازمًا ثم تلحقه همزة النقل، وبعضهم أن يكون واقعًا، وبعضهم أن يكون دائمًا، والصحيح عدم اشتراط ذلك.
480-
"وأشدد أو أشد أو شبههما
…
يخلف ما بعض الشروط عدما"
481-
ومصدر العادم -بعد- ينتصب
…
وبعد أفعل جره بالبا يجب
من الأفعال "ومصدر" الفعل "العادم" بعض الشروط صريحًا كان أو مؤولًا "بعد" أي: بعد ما أفعل "ينتصب وبعد أفعل جره بالبا يجب" فتقول في التعجب من الزائد على ثلاثة ومما الوصف منه على "أفعل": "ما أشد أو أعظم دحرجته أو انطلاقه أو حمرته"، أو "أشدد أو أعظم بها"، وكذا المنفي والمبني للمفعول، إلا أن مصدرهما يكون مؤولًا لا صريحًا، نحو:"ما أكثر أن لا يقوم"، و"ما أعظم ما ضرب"، و"أشدد بهما". وأما الفعل الناقص فإن قلنا له مصدر فمن النوع الأول، وإلا فمن الثاني، تقول:"ما أشد كونه جميلا"، أو "ما أكثر ما كان محسنًا"، أو "أشدد أو أكثر بذلك". وأما الجامد والذي لا يتفاوت معناه، فلا يتعجب منهما ألبتة.
482-
"وبالنذور أحكم لغير ما ذكر
…
ولا تقس على الذي منه أثر"
أي: حق ما جاء عن العرب من فعلي التعجب مبنيًّا مما لم يستكمل الشروط أن يحفظ ولا يقاس عليه لندوره: من ذلك قولهم "ما أخصره" من "اختصر"، وهو خماسي مبني للمفعول، وقولهم:"ما أهوجه"، و"ما أحمقه" و"ما أرعنه"، وهي من "فعل" فهو "أفعل"، كأنهم حملوها على "ما أجهله"، وقولهم:"ما أعساه" و"أعس به"، وقولهم:"أقمن به"، أي: أحقق به، بنوه من قولهم: هو قمن بكذا: أي: حقيق به، ولا فعل له.
وقالوا: "ما أجنه"، و"ما أولعه"، من "جن" و"ولع"، وهما مبنيان للمفعول، وغير ذلك.
"الفصل والوصل بين فعلي التعجب":
483-
وفعل هذا الباب لن يقدما
…
معموله، ووصله بما الزما
484-
وفصله بظرف، أو بحرف جر
…
مستعمل، والخلف في ذاك استقر
"وفعل هذا الباب لن يقدما معمولة" عليه "ووصلة به الزما وفضله" منه "بظرف أو بحرف جر" متعلقين بفعل التعجب "مستعمل والخلف في ذاك استقر" فلا تقول: "ما زيدًا أحسن"، ولا "بزيد أحسن" وإن قيل إن "بزيد" مفعول به، وكذلك لا تقول:"ما أحسن يا عبد الله زيدًا"، و "لا أحسن لولا بخله بزيد"، واختلفوا في الفصل بالظرف والمجرور المتعلقين بالفعل، والصحيح الجواز؛ كقولهم:"ما أحسن بالرجل أن يصدق"، و"ما أقبح به أن يكذب". وقوله "من الطويل":
741-
خليلي ما أحرى بذي اللب أن يرى
…
صبورًا ولكن لا سبيل إلى الصبر
741- التخريج: البيت بلا نسبة في الدرر 5/ 242؛ والمقاصد النحوية 3/ 662؛ وهمع الهوامع 2/ 91.
الإعراب: "خليلي": منادي منصوب، وهو مضاف، والياء ضمير في محل جر بالإضافة. "ما": نكرة تامة في محل رفع مبتدأ. "أحرى": فعل ماض للتعجب، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا على خلاف الأصل تقديره:"هو". "بذي": جار ومجرور متعلقان بـ"أحرى"، وهو مضاف. "اللب": مضاف إليه مجرور. "أن": حرف نصب ومصدرية. "يرى": فعل مضارع للمجهول منصوب، ونائب فاعله ضمير مستتر تقديره:"هو" والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها في محل نصب مفعول به. "صبورًا": مفعول به ثان منصوب. "ولكن": الواو حرف عطف، "لكن": حرف استدراك. "لا": النافية للجنس. "سبيل": اسم "لا". "إلى الصبر": جار ومجرور في محل رفع خبر "لا".
وجملة: "خليلي" ابتدائية لا محل لها من الإعراب وجملة: "ما أحرى
…
" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "أحرى" في محل رفع خبر. وجملة: "يرى" صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "ما أحرى بذي اللب أن يرى" حيث فصل بين فعل التعجب "أحرى" وبين مفعوله "أن يرى" بجار ومجرور هو "بذي اللب" متعلق بفعل التعجب. وهذا جائز.
وقوله "من الطويل":
742-
"أقيم بدار الحزم ما دام حزمها"
…
وأحر إذا حالت بأن أتحولا
فإن كان الظرف والمجرور غير متعلقين بفعل التعجب امتنع الفصل بهما. قال في شرح التسهيل: بلا خلاف، فلا يجوز "ما أحسن بمعروف آمرًا"، ولا "ما أحسن عندك جالسا"، ولا "أحسن في الدار عندك بجالس".
تنبيهات: الأول: قال في شرح الكافية: لا خلاف في منع تقديم المتعجب منه على فعل التعجب، ولا من منع الفصل بينهما بغير ظرف وجار ومجرور، وتبعه الشارح في نفي أصل الخلاف عن غير الظرف والمجرور، قال: كالحال والمنادى، لكن قد أجاز الجرمي من البصريين وهشام من الكوفيين الفصل بالحال، نحو:"ما أحسن مجردةً هندًا"، وقد ورد
742- التخريج: البيت لأوس بن حجر في ديوانه ص83؛ وتذكرة النحاة ص292؛ وحماسة البحتري ص120؛ وشرح التصريح 2/ 90؛ وشرح عمدة الحافظ ص748؛ والمقاصد النحوية 3/ 659؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 369.
شرح المفردات: دار الجزم: المكان الذي فيه ضبط للأمور. ما دام حزمها: ما استمر ذلك الحزم. أحر: أخلق. حالت: تغيرت.
المعنى: يقول: إني أقيم في أرض تضبط فيها الأمور، وأبقى فيها ما دامت على هذه الحال، وإذا تغيرت فإنه لجدير بي أن أتحول عنها، وأنتقل إلى غيرها.
الإعراب: "أقيم": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"أنا". "بدار": جار ومجرور متعلقان بـ"أقيم"، وهو مضاف. "الحزم": مضاف إليه مجرور. "ما": حرف مصدري. "دام": فعل ماض تام. "حزمها": فاعل مرفوع، وهو مضاف، و"ها": ضمير في محل جر بالإضافة. والمصدر المؤول من "ما" وما بعدها في محل نصب مفعول فيه ظرف زمان متعلق بالفعل "أقيم". "وأحر": الواو حرف عطف، "أحر" فعل ماض أتى على صيغة الأمر. "إذا": ظرف زمان متعلق بـ"أحر". "حالت": فعل ماض، والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هي". "بأن": الباء حرف جر، "أن": حرف مصدري ونصب. "أتحولا": فعل مضارع منصوب، والألف للإطلاق، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره:"أنا". والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها مجرور لفظًا مرفوع محلًّا على أنه فاعل "أحر".
وجملة: "أقيم" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "دام أهلها" صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب. وجملة "أحر" معطوفة على جملة: "أقيم". وجملة: "حالت" في محل جر بالإضافة.
الشاهد فيه قوله: "وأحر إذا حالت بأن أتحولا" حيث فصل بالظرف "إذا حالت" بين فعل التعجب "أحر" وبين معموله "بأن أتحولا".
في الكلام الفصيح ما يدل على جواز الفصل بالنداء، وذلك كقول علي كرم الله وجهه:"أعزز علي أبا اليقظان أن أراك صريعًا مجدلًا". قال في شرح التسهيل: وهذا مصحح للفصل بالنداء، وأجاز الجرمي الفصل بالمصدر، نحو:"ما أحسن إحسانًا زيدًا"، ومنعه الجمهور؛ لمنعهم أن يكون له مصدر، وأجاز ابن كيسان الفصل بـ"لولا" ومصحوبها، نحو:"ما أحسن لولا بخلُه زيدًا"، ولا حجة له على ذلك.
"زيادة "كان" بين "ما" وفعل التعجب":
الثاني: قد سبق في باب "كان" أنها تزاد كثيرًا بين "ما" وفعل التعجب، نحو:"ما كان أحسن زيدًا"، ومنه قوله "من الكامل":
743-
ما كان أسعد من أجابك آخذًا
…
بهداك مجتنبًا هوى عنادا
ونظيره في الكثرة وقوع "ما كان" بعد فعل التعجب، نحو:"ما أحسن ما كان زيد"،
743- التخريج: البيت لعبد الله بن رواحة في المقاصد النحوية 3/ 663؛ ولم أقع عليه في ديوانه؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص211، 752.
اللغة: أجابك: صدقك في دعواك، واتبع طريقك. الهدى: ضد الضلال. مجتنبًا: مبتعدًا. الهوى: ميل النفس. العناد: إنكار الحق قصدًا وتعمدًا.
المعنى: يقول مخاطبًا الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الإنسان الذي يصدقك في دعواك، ويسير على هديك، مبتعدًا عن ميول النفس والعناد يكون في غاية السعادة.
الإعراب: ما: نكرة تعجبية في محل رفع مبتدأ. كان: زائدة. أسعد: فعل ماض جامد للتعجب، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا على خلاف الأصل تقديره:"هو". من: اسم موصول في محل نصب مفعول به. أجابك: فعل ماض، و"الكاف": ضمير متصل في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره:"هو". آخذًا: حال منصوب. بهداك: جار ومجرور متعلقان بـ"آخذًا" وهو مضاف، و"الكاف": ضمير في محل جر بالإضافة. مجتنبًا: حال منصوب. هوى: مفعول به لـ"مجتنبًا" منصوب وعنادًا: "الواو": حرف عطف، و"عنادًا": معطوف على "هوى" منصوب.
وجملة "ما كان أسعد": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أسعد": في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة "أجابك": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "ما كان أسعد" حيث وقعت "كان" زائدة بين شيئين متلازمين: "ما" التعجبية وفعل التعجب "أسعد" وهذا شائع في كلام العرب، وهذا ما اختصت به "كان" من بين سائر أخواتها
فـ"ما: مصدرية، و"كان": تامة رافعة ما بعدها بالفاعلية، فإن قصد الاستقبال جيء بـ"يكون".
الثالث: يجر ما تعلق بفعلي التعجب، من غير ما ذكر، بـ"إلى" إن كان فاعلًا، نحو:"ما أحب زيدًا إلى عمرو"، وإلا فبالباء إن كانا من مفهم علمًا أو جهلًا، نحو:"ما أعرف زيدًا بعمرو"، و"ما أجهل خالدًا ببكر"، وباللام إن كان من متعد غيره، نحو:"ما أضرب زيدًا لعمرو" وإن كانا من متعد بحرف جر فيما كان يتعدى به، نحو:"ما أغضبني على زيد" ويقال في التعجب من "كسا زيدٌ الفقراءَ الثيابَ"، و"ظن عمرٌو بشرًا صديقًا":"ما أكسى زيدًا للفقراءِ الثيابَ"، و"ما أظن عمرًا لبشر صديقًا". وانتصاب الآخر بمدلول عليه بـ"أفعل"، لا به، خلافًا للكوفيين.
خاتمة: همزة "أفعل" في التعجب لتعدية ما عدم التعدي في الأصل، نحو:"ما أظرف زيدًا"، أو الحال، نحو:"ما أضرب زيدًا"، وهمزة "أفعل" للصيرورة، ويجب تصحيح عينهما إن كانا معتليها، نحو:"ما أطول زيدًا، وأطول به" ويجب فك "أفعل" المضعف، نحو:"أشدد بحمرة زيد"، وشد تصغير "أفعل" مقصورًا على السماع، كقوله:
ياما أميلح غزلانًا شدن لنا
…
من هوليائكن الضال والسمر1
وطرده ابن كيسان، وقاس عليه "أفعل"، نحو:"أُحَيْسن بزيد". والله أعلم.
1 تقدم بالرقم 736.