المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌التمييز: "تعريفه ونوعاه": 356- اسم، بمعنى "من" مبين، نكره، … ينصب تمييزا بما - شرح الأشمونى لألفية ابن مالك - جـ ٢

[الأشموني، أبو الحسن]

الفصل: ‌ ‌التمييز: "تعريفه ونوعاه": 356- اسم، بمعنى "من" مبين، نكره، … ينصب تمييزا بما

‌التمييز:

"تعريفه ونوعاه":

356-

اسم، بمعنى "من" مبين، نكره،

ينصب تمييزا بما قد فسره

357-

كشبر أرضا، وقفيز برا،

ومنوين عسلا وتمرا

يقال: تمييز ومميز، وتبيين ومبين، وتفسير ومفسر.

وهو في الاصطلاح "اسم بمعنى من مبين نكره".

قاسم: جنس، وبمعنى "من": مخرج لما ليس بمعنى "من"؛ كالحال فإنه بمعنى "في"، ومبين: مخرج لاسم "لا" التبرئة، ونحو:"ذنبا" من قوله:

استغفر الله ذنبا لست محصيه

"رب العباد إليه الوجه والعمل"1

ونكره: مخرج لنحو الحسن وجهه.

ثم ما استكمل هذه القيود "ينصب تمييزا بما قد فسره" من المبهمات.

والمبهم المفتقر للتمييز نوعان: جملة، ومفرد دال على مقدار.

فتمييز الجملة: رفع إبهام ما تضمنته من نسبة عامل -فعلا كان أو ما جرى مجراه من مصدر أو وصف أو اسم فعل- إلى معموله من فاعل أو مفعول، نحو:"طاب زيد نفسا"،

1 تقدم بالرقم 405.

ص: 46

{وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} 1، والتمييز في مثله محول عن الفاعل، والأصل: طابت نفس زيد، واشتعل شيب الرأس، ونحو:"غرست الأرض شجرا"، {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} 2، والتمييز فيه محول عن المفعول، والأصل: غرست شجر الأرض، وفجرنا عيون الأرض، وتقول:"عجبت من طيب زيد نفسا"، و"زيد طيب نفسا"، و"سرعان ذا إهالة"3.

وناصب التمييز في هذا النوع، عند سيبويه والمبرد والمازني ومن وافقهم، وهو العامل الذي تضمنته الجملة، لا نفس الجملة، وهو الذي يقتضيه كلام الناظم في آخر الباب، ونص عليه في غير هذا الكتاب. وذهب قوم إلى ان الناصب له نفس الجملة، واختاره ابن عصفور ونسبه للمحققين. ويصح تخريج كلامه هنا على المذهبين؛ فلا اعتراض؛ لأنه يصح أن يقال: إنه فسر العامل؛ لأنه رفع إبهام نسبته إلى معموله، وإنه فسر الجملة؛ لأنه رفع إبهام ما تضمنته من النسبة.

وأما تمييز المفرد فإنه: رفع إبهام ما دل عليه من مقدار مساحي أو كيلي أو وزني.

"كشبر أرضا وقفيز برا

ومنوين عسلا وتمرا"

وناصب التمييز في هذا النوعه مميزه بلا خوف.

358-

وبعد ذي وشبهها أجرره إذا

أضفتها، كـ"مد حنطة غذا"

359-

والنصب بعدما أضيف وجبا

إن كان مثل "ملء الأرض ذهبا"

"وبعد ذي" المقدرات الثلاثة "ونحوها" مما أجرته العرب مجراها في الافتقار إلى مميز، وهي الأوعية المراد بها المقدار: كـ"ذنوب ماء"، و"حب عسلا"، و"نحي سمنا"، و"راقود خلا"، وما حمل على ذلك من نحو:"لنا مثلها إبلا، وغيرها شاء"، وما كان فرعا

1 مريم: 4.

2 القمر: 12.

3 هذا القول من أمثال العرب وقد ورد في جمهرة الأمثال 1/ 519؛ وجمهرة اللغة ص715، 878؛ ولسان العرب 8/ 152 "سرع"؛ ومجمع الأمثال 1/ 336. ويروى "سرعان ذا "أو: ذي إهالة" بجر "إهالة"، ولا شاهد على هذه الرواية.

وسرعان: ما أسرع! والإهالة: الشحم، وأصله أن رجلا التقط شاه عجفاء "ضعيفة"، فألقى بين يديها كلأ، فرأى رغامها يسيل من منخريها، فظنه شحما، فقال هذا المثل يضرب لمن يخبر بكينونة الشيء قبل وقته.

ص: 47

للتمييز، نحو:"خاتم حديدًا"، و"باب ساجًا"، و"جبة خزًّا""ارجرره إذا أضفتها" إليه "كمد حنطةٍ غدا" و"شبر أرضٍ"، و"منوا تمرٍ"، و"ذنوب ماءٍ" و"حب عسلٍ"، و"خاتم حديدٍ"، "باب ساجٍ".

تنبيهان: الأول: النصب في نحو: "ذنوبٌ ماءً" و"حب عسلًا" أولى من الجر؛ لأن النصب يدل على أن المتكلم أراد أن عنده ما يملأ الوعاء المذكور من الجنس المذكور؛ وأما الجر فيحتمل أن يكون مراده ذلك وأن يكون مراده بيان أن عنده الوعاء الصالح لذلك.

الثاني: إنما لم يذكر تمييز العدد مع تمييز هذه المقدرات؛ لأن له باب يذكره فيه، ولانفراد تمييزها بأحكام: منها جواز الوجهين المذكورين، وتمييز العدد إما واجب النصب كعشرين درهمًا، أو واجب الجر بالإضافة كمائتي درهمٍ؛ ومنها جواز الجر بـ"من كما سيأتي؛ ومنها أنه يميز تمييز العدد إذا وقعت هذه المقدرات تمييزا له، نحو: عشرين مدا برا، وثلاثين رطلا عسلا، وأربعين شبرا أرضا.

"والنصب" للتمييز "بعدما أضيف" من هذه المقدرات لغير التمييز "وجبا إن كان" المضاف لا يصح إغناؤه عن المضاف إليه "مثل"{فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا} 1، "ما في السماء قدر راحةٍ سحابًا"؛ إذ لا يصح: ملء ذهب، ولا قدر سحاب، فإن صح إغناء المضاف عن المضاف إليه جاز نصب التمييز، وجاز جره بالإضافة بعد حذف المضاف إليه، نحو:"هو أشجع الناس رجلًا"، و"هو أشجع رجلٍ".

تنبيه: محل ما ذكره من وجوب نصب هذا التمييز، هو إذا لم يرد جره بـ"من" كما يذكره بعد، وقد أعطى ذلك أيضا بالمثال. ا. هـ.

360-

والفاعل المعنى انصبن بأفعلا

مفضلا: كـ"أنت أعلى منزلا"

"والفاعل المعنى انصبن" على التمييز "بأفعلا مفضلا" له على غيره، والفاعل في المعنى هو السببي، وعلامته: أن يصلح للفاعلية عند جعل أفعل فعلا "كأنت أعلى منزلا"، وأكثر مالا؛ إذ يصح أن يقال: أنت علا منزلك وكثر مالك، أما ما ليس فاعلا في المعنى وهو ما أفعل التفضيل بعضه، وعلامته: أن يصح أن يوضع موضع أفعل بعض ويضاف إلى

1 آل عمران: 91.

ص: 48

جمع قائم مقامه، نحو:"زيد أفضلُ فقيهٍ"؛ فإنه يصح فيه أن يقال: زيد بعض الفقهاء فهذا النوع يجب جره بالإضافة، إلا أن يكون أفعل التفضيل مضافا إلى غيره؛ فينصب، نحو:"زيد أكرم الناس رجلا".

361-

وبعد كل ما اقتضى تعجبا

ميز، كـ"أكرم بأبي بكر أبا"

"وبعد كل ما اقتضى تعجبا ميز كأكرم بأبي بكر" رضي الله تعالى عنه "أبا" و"ما أكرمه أبًا! " و"لله دره فارسًا"، و"حسبك به كافلًا"، و"كفى بالله عالمًا"، و"من مجزوء الكامل":

"بانت لتحزننا عفاره"

يا جارتا ما أنت جاره1

362-

واجرر بمن إن شئت غير ذي العدد

والفاعل المعنى: كـ"طب نفسا تفد"

"واجرر بمن" لفظا كل تمييز صالح لمباشرتها، "إن شئت"؛ لأنها فيه معنى؛ كما أن كل ظرف فيه معنى "في"، وبعضه صالح لمباشرتها، وكل تمييز فإنه صالح لمباشرة من "غير ذي العدد والفاعل" في "المعنى" المحول عن الفاعل في الصناعة:"كطب نفسا تفد" إذ أصله: لتطب نفسك، فهذان لا يصلحان لمباشرتها، فلا يقال:"عندي عشرون من عبد"، ولا "طاب زيد من نفس"، ومنه نحو:"أنت أعلى منزلا"؛ ويجوز فيما سواهما، نحو:"عندي فقير من بر، وشبر من أرض، ومنوان من عسل"، و"ما أحسنه من رجل".

تنبيهات: الأول: كان ينبغي أن يستثنى -مع ما استثناه- التمييز المحول عن المفعول: نحو: "غرست الأرض شجرا"، {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} 2، و"ما أحسن زيدا أدبا"؛ فإنه يمتنع فيه الجر بـ"من".

الثاني: تقييد الفاعل في المعنى بكونه محولا عن الفاعل في الصناعة لإخراج نحو:

1 تقدم بالرقم 486.

2 القمر: 12.

ص: 49

"لله دره فارسا"، و"من المتقارب":

510-

"أقول لها حين جد الرحيـ

ـل: أبرحت ربا" وأبرحت جارا

فإنهما وإن كانا فاعلين معنى -إذ المعنى: عظمت فارسا وعظمت جارا- إلا أنهما غير محولين؛ فيجوز دخول "من" عليهما، ومن ذلك:"نعم رجلا زيد"، يجوز فيه: نعم من رجل، ومنه قوله "من الوافر":

511-

"تخيره فلم يعدل سواه"

فنعم المرء من رجل تهامي

510- التخريج: البيت للأعشى في ديوانه ص99؛ وجمهرة اللغة ص56، 275؛ وخزانة الأدب 3/ 302، 305، 306؛ وسمط اللآلي ص388؛ وشرح التصريح 1/ 399؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1263؛ والكتاب 2/ 175؛ ولسان العرب 2/ 411 "برح"؛ ونوادر أبي زيد ص55؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 367، 404؛ والفاخر ص280.

شرح المفردات: جد الرحيل: تحقق. أبرح: عظم. الرب: هنا الملك الذي يقصده.

المعنى: يقول الشاعر لناقته التي ارتحل عليها إلى ممدوحه: ما أعظم هذا الملك الذي تقصدينه، فإنه سينسيك المشقة والعذاب بكثير رفده وعطائه.

الإعراب: "أقول": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنا". "لها": جار ومجرور متعلقان بـ"أقول". "حين": ظرف زمان منصوب متعلق بـ"أقول"، وهو مضاف. "جد": فعل ماض. "الرحيل": فاعل مرفوع. "أبرحت": فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. "ربا": تمييز منصوب. "وأبرحت جارا": معطوفة على "أبرحت ربا" وتعرب إعرابها.

وجملة "أقول لها" ابتدائية لا محل لها من الإعراب وجملة "جد الرحيل" في محل جر بالإضافة. وجملة "أبرحت ربا" في محل نصب مفعول به. وجملة "أبرحت جارا" معطوفة على جملة: "أبرحت ربا".

الشاهد فيه قوله: "ربا

جارا" فإنهما تمييزان يجوز جرهما بـ"من" لأنهما وإن كانا في المعنى فاعلين، لكنهما غير محولين عن الفاعل صناعة.

511-

التخريج: البيت لأبي بكر بن الأسود المعروف بابن شعوب الليثي في الدرر 5/ 211؛ وشرح التصريح 1/ 399، 2/ 96؛ وشرح المفصل 7/ 133؛ والمقاصد النحوية 3/ 227؛ 4/ 14؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 395، والمقرب 1/ 69؛ وهمع الهوامع 2/ 86.

شرح المفردات: تخيره: اصطفاه. يعدل: يسوي. تهامي: منسوب إلى تهامة، وهي بلاد شمال الحجاز.

المعنى: يقول راثيا هشام بن المغيرة: إن الموت قد اصطفاه ولم يسو بينه وبين غيره من الناس، ولنعم هذا التهامي من رجل كامل الصفات.

الإعراب: "تخيره": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو"، والهاء ضمير في =

ص: 50

الثالث: أشار بقوله: "إن شئت" إلى أن ذلك جائز، لا واجب.

الرابع: أختلف في معنى "من" هذه؛ فقيل: للتبعيض، وقال الشلوبين: يجوز أن تكون بعد المقادير وما أشبهها زائدة عند سيبويه، كما زيدت في نحو:"ما جاءني من رجل"، قال: إلا أن المشهور من مذاهب النحاة -ما عدا الأخفش- أنها لا تزاد إلا في غير الإيجاب؛ قال في الارتشاف: ويدل لذلك -يعني الزيادة- العطف بالنصب على موضعها؛ قال الحطيئة "من البسيط":

512-

طافت أمامة بالركبان آونة

يا حسنه من قوام ما ومنتقبا

بنصب "منتقبا" على محل "قوام".

الخامس: إذا قلت: "عندي عشرون من الرجال"؛ لا يكون ذلك من جر تمييز العدد بمن، بل هو تركيب آخر؛ لأن تمييز العدد شرطه الإفراد، وأيضا فهو معرف. ا. هـ.

= محل نصب مفعول به. "ولم": الواو حرف عطف، "لم": حرف جزم. "يعدل": فعل مضارع مجزوم بالسكون، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". "سواه": مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة، وهو مضاف، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. "فنعم": الفاء حرف استئناف، "نعم": فعل ماض جامد لإنشاء المدح. "المرء": فاعل مرفوع. "من": حرف جر زائد. "رجل": اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه تمييز. "تهامي": نعت "رجل" مجرور.

وجملة: "تخيره

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب: وجملة: "لم يعدل

" معطوفة على الجملة السابقة. وجملة: "نعم المرء

" استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: "من رجل"، وهو فاعل في المعنى، ولكنه لما كان غير محول عن الفاعل جاز فيه الجر بـ"من".

512-

التخريج: البيت للحطيئة في ديوانه ص11؛ وخزانة الأدب 3/ 270، 289؛ والدرر 4/ 34؛ وشرح التصريح 1/ 398؛ والمقاصد النحوية 3/ 242؛ وبلا نسبة في الخصائص 2/ 432؛ وهمع الهوامع 1/ 251.

اللغة: أمامة: اسم امرأة. الركبان: ركاب الإبل. القوام: القامة. المنتقب: المكان الذي تضع المرأة النقاب عليه من وجهها.

الإعراب: طافت: فعل ماض، و"التاء": للتأنيث. أمامة: فاعل مرفوع بالضمة. بالركبان: جار ومجرور متعلقان بـ"طاف". آونة: ظرف زمان، متعلق بـ"طاف". يا: حرف نداء. حسنه: منادى منصوب بالفتحة، وهو مضاف، و"الهاء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. من: حرف جر زائد. قوام: اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه تمييز. ما: نكرة تامة مبهمة مبنية في محل جر نعت "قوام". ومنتقبا: "الواو": حرف عطف، و"منتقبا": معطوف على محل "قوام" منصوب بالفتحة وجملة "طافت أمامه": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "يا حسنة

": استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه قوله: "ومنتقبا" حيث عطفه بالنصب على موضع التمييز المجرور بـ"من" الزائدة.

ص: 51

[تأخر التمييز عن عامله] :

363-

وعامل التمييز قدم مطلقًا

والفعل ذو التصريف نزرًا سبقا

"وعامل التمييز قدم مطلقًا": أي ولو فعلًا متصرفًا، وفاقًا لسيبويه والفراء وأكثر البصريين والكوفيين1؛ لأن الغالب في التمييز المنصوب بفعل متصرف كونه فاعلًا في الأصل وقد حول الإسناد عنه إلى غيره لقصد المبالغة؛ فلا يُغير عما كان يستحقه من وجوب التأخير؛ لما فيه من الإخلال بالأصل، أما غير المتصرف فبالإجماع، وأما قوله "من الرجز":

513-

ونارنا لم ير نارًا مثلها

[قد علمت ذاك معد كلها]

فضرورة، وقيل: الرؤية قلبية، و"نارًا": مفعول ثان.

1 انظر المسألة العشرين بعد المائة في الإنصاف في مسائل الخلاف ص828-832.

513-

التخريج: الرجز بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 239.

اللغة: معدّ: أبو العرب العدنانية.

المعنى: يفخر الشاعر بكرمه وسخائه على الأضياف، ثم يقول: وجميع الأعراب تعرف ذلك.

الإعراب: ونارنا: "الواو": بحسب ما قبلها، و"نارنا": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، و"نا": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة: لم: حرف نفي وجزم وقلب. ير: فعل مضارع للمجهول مجزوم بحذف حرف العلة. نارًا: تمييز منصوب بالفتحة. مثلها: نائب فاعل مرفوع، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. قد: حرف تحقيق. علمت: فعل ماض، و"التاء": للتأنيث. ذاك: اسم إشارة مبني في محل نصب مفعول به. معد: فاعل مرفوع. كلها، توكيد لفظي لـ"معد" مرفوع، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

وجملة "نارنا

": بحسب ما قبلها. وجملة "لم ير مثلها": في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة "قد علمت": استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه قوله: "نارًا" حيث وقع تمييزًا لـ"مثلها" وهو اسم جامد تأخر عن التمييز، وهذا شاذ إذ يجب على التمييز أن يتأخر عن المميز، فيقال:"لم ير مثلها نارًا". وقد قيل إن التقديم هنا ضرورة شعرية، كما قيل إن الرؤية هنا قلبية، و"نارًا" مفعول ثان.

ص: 52

"والفعل ذو التصريف نزرًا سبقًا" هو مبني للمفعول، ونزرًا: حال من الضمير المستتر فيه النائب عن الفاعل، أي: مجيء عامل التمييز هو فعل متصرف مسبوقًا بالتمييز نزر: أي: قليل؛ من ذلك قوله "من المتقارب":

514-

أنفسًا تطيب بنيل المنى

وداعي المنون ينادي جهارا

وقوله "من المتقارب":

515-

"أتهجر ليلى بالفراق حبيبها"

وما كان نفسًا بالفراق تطيب

514- التخريج: البيت لرجل من طيئ في شرح التصريح 1/ 400؛ وشرح عمدة الحافظ ص477؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 862؛ مغني اللبيب 2/ 463؛ والمقاصد النحوية 3/ 241.

شرح المفردات: تطيب: تطمئن. المنى: ج المنية، وهي المراد. المنون: الموت. الجهار: العلانية.

المعنى: يقول: إن النفوس لتغتبط بما تحققه من أمان، وتغفل عن الموت الذي يدعوها علانية إلى الزوال.

الإعراب: "أنفسًا": الهمزة للاستفهام: "نفسًا": تمييز منصوب. "تطيب": فعل مضارع مرفوع، وفاعله وجوبًا "أنت". "بنيل": جار ومجرور متعلقان بـ"تطيب" وهو مضاف. "المنى": مضاف إليه مجرور. "وداعي": الواو حالية، "داعي": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف "المنون": مضاف إليه مجرور. "ينادي" فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضميرمستتر فيه جوازًا تقديره:"هو". "جهارا": نائب مفعول مطلق منصوب.

وجملة: "تطيب" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "داعي المنون ينادي" في محل نصب حال. وجملة "ينادي" في محل رفع خبر المبتدأ.

الشاهد فيه قوله: "أنفسًا تطيب" حيث قدم التمييز على عامله، وهذا نادر عند سيبويه، وقياسي عند الكسائي والمبرد.

515-

التخريج: البيت للمخبل السعدي في ديوانه ص290؛ والخصائص 2/ 384؛ ولسان العرب 1/ 290 "حبب"؛ وللمخبل السعدي أو لأعشى همدان أو لقيس بن الملوح في الدرر 4/ 36؛ والمقاصد النحوية 3/ 235؛ وللمخبل السعدي أو لقيس بن معاذ في شرح شواهد الإيضاح ص188؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص197؛ والإنصاف ص828؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1330؛ وشرح المفصل 2/ 74؛ والمقتضب 3/ 36، 37؛ وهمع الهوامع 1/ 252.

المعنى: يقول: إذا هجرت ليلى حبيبها وتباعدت عنه، فإن هذا التباعد لا يطيب لها، ولن ترضى به.

الإعراب: "أتهجر": الهمزة للاستفهام الإنكاري، "تهجر": فعل مضارع مرفوع. "ليلى": فاعل مرفوع. "بالفراق": جار ومجرور متعلقان بـ"تهجر". "حبيبها": مفعول به، وهو مضاف، و"ها" ضمير في =

ص: 53

وقوله "من الطويل":

516-

ضيعت حزمي في إبعادي الأملا

وما ازعويت وشيبًا رأسي اشتعلا

وأجاز الكسائي والمازني والمبرد والجرمي القياس عليه، محتجين بما ذكر، وقياسًا على غيره من الفضلات المنصوبة بفعل متصرف، ووافقهم الناظم في غير هذا الكتاب.

تنبيهان: الأول: مما استدل به الناظم على الجواز قوله "من الطويل":

517-

رددت بمثل السيد نهد مقلص

كميش إذا عطفاه ماء تحلبا

= محل جر بالإضافة. "وما": الواو حالية، "ما": نافية. "كان": فعل ماض ناقص، واسمها ضمير الشأن "نفسًا": تمييز منصوب. "بالفراق": جار ومجرور متعلقان بـ"تطيب". "تطيب": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هي".

وجملة: "أتهجر" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "وما كان" في محل نصب حال. وجملة: "تطيب" في محل نصب خبر "كان".

والشاهد فيه قوله: "نفسًا" حيث وردت تمييزًا متقدمًا على عامله "تطيب". والأصل: "تطيب نفسًا. وقد جوزه بعضهم، واعتبره بعضهم الآخر ضرورة.

516-

التخريج: البيت بلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 861؛ وشرح عمدة الحافظ ص 478؛ ومغني اللبيب 2/ 462؛ والمقاصد النحوية 3/ 24.

اللغة: الجزم: ضبط الأمور. ارعوى: رجع إلى ما ينبغي الرجوع إليه، اشتعل رأسه شيبًا: أي كبر، أو كثرت عليه الهموم.

الإعراب: "ضيعت": فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. "حزمي": مفعول به، وهو مضاف، والياء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة "في إبعادي": جار ومجرور متعلقان بـ"ضيعت"، وهو مضاف، والياء ضمير في محل جر بالإضافة "الأملا": مفعول به لـ"إبعادي" والألف للإطلاق. "وما": الواو حرف عطف، "ما": حرف نفي. "ارعويت": فعل ماضٍ، والتاء ضمير متصل في محل رفع فاعل. "وشيبًا": الواو حالية، "شيبًا": تمييز منصوب. "رأسي": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والياء ضمير في محل جر بالإضافة. "اشتعلا": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هو"، والألف للإطلاق.

وجملة: "ضيعت" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "ما أرعويت" معطوفة على سابقتها. وجملة: "وشيبًا رأسي اشتعلا" في محل نصب حال. وجملة: "اشتعلا" في محل رفع خبر المبتدأ.

الشاهد فيه قوله: "شيبًا" حيث وقع تمييزًا متقدمًا على عامله "اشتعل"؛ والأصل: "اشتعل رأسي شيبًا"، وقد عده بعضهم ضرورة.

517-

التخريج: البيت لربيعة بن مقروم في شرح شواهد المغني ص860؛ وشرح عمدة الحافظ ص477؛ والمقاصد النحوية 3/ 229.

اللغة: السيد: الذئب. نهد: ضخم. مقلص: طويل القوائم. كميش: سريع. تحلبا: سالا. عطفاء: جانباه =

ص: 54

وقوله "من الطويل":

518-

إذا المرء عينا قر بالعيش مثريا

ولم يعن بالإحسان كان مدمما

وهو سهو منه؛ لأن "عطفاه" و"المرء" مرفوعان بمحذوف يفسره المذكور، والناصب للتمييز هو المحذوف.

الثاني: أجمعوا على منع التقديم في نحو: "كفى بزيد رجلًا"؛ لأن "كفى" وإن كان فعلًا متصرفًا إلا أنه في معنى غير المتصرف، وهو فعل التعجب؛ لأن معناه: ما أكفاه رجلًا!

= المعنى: رددت الغارة وأنا على فرس ضخم كذئب، طويل القوائم سريع يتصبب عرقًا من جانبه لشدة السرعة في عدوه.

الإعراب: رددت: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل و"التاء": ضمير متصل في محل رفع فاعل. بمثل: جار ومجرور متعلقان بالفعل رددت. السيد: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. نهد: صفة مجرورة بالكسرة الظاهرة. مقلص: صفة مجرورة بالكسرة الظاهرة. كميش: صفة مجرورة بالكسرة الظاهرة. إذا: ظرف متعلق بالصفة المشبهة كميش مبني على السكون في محل نصب. عطفاء: فاعل لفعل محذوف من نوع الفعل الظاهر مرفوع بالألف لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة و"الهاء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. ماء: تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة. تحلبا: فعل ماضي مبني على الفتحة الظاهرة، والألف في محل رفع فاعل.

وجملة "رددت": خبر للمبتدأ المجرور برب لفظًا في البيت الذي قبله. وجملة "عطفاء": مع الفعل المحذوف في محل جر بالإضافة، وجملة "تحلبا": تفسيرة لا محل لها.

والشاهد فيه قوله: "ماء تحلبا" قدم التمييز على فعله وهذا غير جائز.

518-

التخريج: البيت بلا نسبة في مغني اللبيب 2/ 462.

اللغة: قرت عينه: بردت سرورًا، وجف دمعها. مثريًا: غنيًا من الثراء. مذممًا: مذمومًا.

المعنى: إن الإنسان إن وهبه الله الغنى والثراء، فتنعم وترفه في حياته من غير أن يشعر بغيره من الناس الفقراء والمساكين كان عمله مذمومًا لا يحبه أحد.

الإعراب: إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه. المرء: فاعل مرفوع لفعل محذوف يفسره المذكور، مرفوع بالضمة. عينًا: تمييز منصوب. قر: فعل ماض مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هو. بالعيش: جار ومجرور متعلقان بالفعل قر. مثريًا: حال منصوب. ولم: "الواو": حرف عطف، "لم": حرف جازم. يعن: فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف حرف العلة، ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هو. بالإحسان: جار ومجرور متعلقان بالفعل يعن. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح، واسمها ضمير مستتر تقديره هو. مذممًا: خبر كان منصوب.

وجملة "

المرء": مع الفعل المحذوف في محل جر بالإضافة. وجملة "قر بالعيش": تفسيرية لا محل لها. وجملة "لم يعن": معطوفة على "مثريا" محلها على الحالية وجملة "كان مذممًا": لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم. وجملة "إذا قر المرء

كان": ابتدائية لا محل لها.

والشاهد فيه قوله: "عينًا قر بالعيش" حيث جاء التمييز "عينًا" متقدمًا على عامله فهو كالحال.

ص: 55

"أوجه اتفاق الحال والتمييز واختلافهما":

خاتمة: يتفق الحال والتمييز في خمسة أمور، ويفترقان في سبعة أمور:

فأما أمور الاتفاق فإنهما: اسمان، نكرتان، فضلتان، منصوبتان، رافعتان للإبهام.

وأما أمور الافتراق:

فالأول: أن الحال تجيء جملة وظرفًا ومجرورًا، كما مر، والتمييز لا يكون إلا اسمًا.

الثاني: أن الحال قد يتوقف معنى الكلام عليها، كما عرفت في أول باب الحال، ولا كذلك التمييز.

الثالث: أن الحال مبينة للهيئات والتمييز للذوات.

الرابع: أن الحال تتعدد، كما عرفت، بخلاف التمييز1.

الخامس: أن الحال تتقدم على عاملها إذا كان فعلًا متصرفًا أو وصفًا يشبهه، ولا يجوز ذلك في التمييز على الصحيح2.

السادس: أن حق الحال الاشتقاق وحق التمييز الجمود، وقد يتعاكسان؛ فتأتي الحال جامدة، كـ"هذا مالك ذهبًا"، ويأتي التمييز مشتقًّا، نحو:"لله دره فارسًا"، وقد مر.

السابع: الحال تأتي مؤكدة لعاملها، بخلاف التمييز، فأما قوله تعالى:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} 3، فـ"شهرًا": مؤكد لما فُهم من إن عدة الشهور، وأما بالنسبة إلى عامله -وهو اثنا عشر- فمبين، وأما إجازة المبرد ومن وافقه: "نعم الرجل رجلًا

1 أي إن الحال تأتي متعددة وصاحبها واحد، ولا يجب عطف ثاني الحالين على أولهما: أما التمييز فإنه، وإن جاز فيه أن يتعدد لمميز واحد، لا يجوز فيه أن يتعدد، إلا مع عطف ثاني التمييزين على أولهما، نحو:"زيد أفضل الطلاب ترتيبًا وتهذيبًا".

2 هذا على رأي البصريين الذين أجازوا تقديم الحال على عاملها إذا كان العامل فعلًا متصرفًا أو اسمًا يشبهه، ولم يجيزوا تقديم التمييز على العامل فيه؛ أما الكوفيون فذهبوا عكس هذا المذهب؛ إذ أجازوا تقديم التمييز على عامله إذا كان العامل فيه فعلًا متصرفًا، ولم يجيزوا تقديم الحال على عامله.

3 التوبة: 36.

ص: 56

زيد"؛ فمردوده، وأما قوله "من الوافر":

519-

تزود مثل زاد أبيك فينا

فنعم الزادُ زادُ أبيك زادًا

فالصحيح أن "زادًا" معمول لـ"تزود": إما مفعول مطلق إن أريد به التزود، أو مفعول به إن أريد به الشيء الذي يتزود به من أفعال البر، وعليهما فـ"مثل" نعت له تقدم فصار حالًا، وأما قوله "من البسيط":

520-

نعم الفتاةُ فتاةً هندُ لو بذلت

رد التحية نطقًا أو بإيماء

519- التخريج: البيت لجرير في خزانة الأدب 9/ 394، 399؛ والخصائص 1/83، 396؛ والدرر 5/ 210؛ وشرح شواهد الإيضاح ص109؛ وشرح شواهد المغني ص57؛ وشرح المفصل 7/ 132؛ ولسان العرب 3/ 198 "زود"؛ والمقاصد النحوية 4/ 30؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني ص862؛ ومغني اللبيب ص462؛ والمقتضب 2/ 150.

المعنى: يخاطب الشاعر ممدوحه ويدعوه للسير على خطى أبيه في الجود والعطاء اللذين عرف بهما.

الإعراب: "تزود" فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"أنت". "مثل": مفعول به منصوب، وهو مضاف. "زاد": مضاف إليه مجرور، وهو مضاف "أبيك": مضاف إليه مجرور بالباء لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف، والكاف ضمير في محل جر بالإضافة. "فينا": جار ومجرور متعلقان بـ"تزود". "فنعم": الفاء استئنافية، "نعم": فعل ماض جامد لإنشاء المدح. "الزاد": فاعل مرفوع. "زاد". مبتدأ مؤخر، وهو مضاف "أبيك": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف، والكاف ضمير في محل جر بالإضافة. "زادا": تمييز منصوب.

وجملة: "تزود" ابتدائية لا محل لها من الإعراب وجملة: "نعم الزاد

" استئنافية لا محل لها من الإعراب، أو في محل رفع خبر للمبتدأ "زاد"، وتكون بذلك جملة: "زاد أبيك نعم" استئنافية.

الشاهد: قوله: "فنعم الزاد زادًا" حيث جمع بين الفاعل "الزاد" والتمييز "زادًا"، وهذا غير جائز عند البصريين.

520-

التخريج: البيت بلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 398؛ والدرر 5/ 209؛ وشرح التصريح 2/ 95؛ وشرح شواهد المغني ص862؛ ومغني اللبيب ص464؛ والمقاصد النحوية 4/ 32؛ وهمع الهوامع 2/ 86.

شرح المفردات: بذلت: أعطت. الإيماء: الإشارة.

الإعراب: "نعم": فعل ماض جامد لإنشاء المدح. "الفتاة": فاعل مرفوع. "فتاة": تمييز منصوب "هند" مبتدأ مؤخر مرفوع، أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره:"هي هند". "لو": حرف تمن. "بذلت": فعل ماض؛ والتاء للتأنيث. "رد": مفعول به منصوب، وهو مضاف. "التحية": مضاف إليه مجرور. "نطقًا": تمييز منصوب. "أو": حرف عطف. "بإيماء": جار ومجرور متعلقان بـ"رد". =

ص: 57

ففتاة: حال مؤكدة. والله أعلم.

= وجملة: "نعم الفتاة" في محل رفع خبر مقدم للمبتدأ. وجملة: "هند نعم الفتاة" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "بذلت" استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه قوله: "نعم الفتاة فتاة هند" حيث جمع بين فاعل "نعم" وهو "الفتاة"، وبين تمييزها وهو "فتاة"، وليس في التمييز معنى زائد على ما يدل عليه الفاعل.

ص: 58