المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المجلد الثاني ‌ ‌تابع القسم الثاني شرح الأشموني على ألفية بن مالك - شرح الأشمونى لألفية ابن مالك - جـ ٢

[الأشموني، أبو الحسن]

الفصل: ‌ ‌المجلد الثاني ‌ ‌تابع القسم الثاني شرح الأشموني على ألفية بن مالك

‌المجلد الثاني

‌تابع القسم الثاني شرح الأشموني على ألفية بن مالك مسمى "منهج المسالك إلى ألفية ابن مالك

"

‌الحال

الحال:

"تعريف الحال":

"الحال": يذكر ويؤنث، ومن التأنيث قوله "من الطويل":

إذا أعجبتك الدهر حال من امرئ

فدعه وواكل أمره واللياليا1

وسيأتي الاستعمالان في النظم

وهو في اصطلاح النحاة:

332-

الحال وصف، فضلة، منتصب،

مفهم في حال كفردا أذهب

"وصف فضلة منتصب2

مفهم في حال كفردا أذهب"

1 تقدم بالرقم 439.

2 اختلفوا في نصب الحال من أي باب هو، ولهم في ذلك ثلاثة أقوال: أولها أنه من باب المفعول به، وثانيها أنه من باب المشبه بالمفعول به، وثالثها أنه من باب المفعول فيه، وهو من نوع ظرف الزمان، من قبل أن الحدث وما أشبهه واقع في زمان الحال، ألا ترى أن المجيء الذي في قولك:"جاء زيد راكبا" واقع في حال هو الركوب. وذلك مردود ببيان الفرق بين الحال وظرف الزمان، فإن الظرف غير المظروف فيه، أما الحال فهو نفس صاحبه؛ فلا يكون مظروفا فيه ولا بعض المظروف فيه. "عن محيي الدين عبد الحميد".

ص: 3

فالوصف: جنس يشمل الحال وغيره، ويخرج نحو القهقرى في قولك:"رجعت القهقرى"؛ فإنه ليس بوصف؛ إذ المراد بالوصف: ما صيغ من المصدر؛ ليدل على متصف، وذلك: اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، وأمثلة المبالغة، وأفعل التفضيل.

وفضلة: يخرج العمدة، كالمبتدأ في نحو:"أقائم الزيدان"، والخبر في نحو:"زيد قائم".

ومنتصب: يخرج النعت؛ لأنه ليس بلازم النصب.

ومفهم في حال كذا: يخرج التمييز في نحو: "لله دره فارسا".

تنبيهان: الأول: المراد بالفضلة ما يُستغنى عنه من حيث هو هو، وقد يجب ذكره لعارض كونه سادا مسد عمدة: كـ"ضربي العبد مسيئا"، أو لتوقف المعنى عليه، كقوله "من الخفيف":

"ليس من مات فاستراح بميت

إنما الميت ميت الأحياء"

471-

إنما الميت من يعيش كئيبا

كاسفا باله قليل الرجاء

471- التخريج: البيتان لعدي بن الرعلاء في تاج العروس 5/ 101 "موت"؛ ولسان العرب 2/ 91 "موت"؛ والأصمعيات ص152؛ وخزانة الأدب 9/ 583؛ وسمط اللآلي ص8، 603؛ وبلا نسبة في تهذيب اللغة 14/ 343؛ وتاج العروس "حيي"؛ والتنبيه والإيضاح 1/ 173.

اللغة: شرح المفردات: الميت: الذي فارق الحياة. الميت: الذي يحتضر. وذهب بعضهم إلى أن اللفظتين بمعنى واحد. الكئيب: الحزين. الكاسف البال: المتغير الحال. الرجاء: الأمل.

المعنى: يقول ليس الميت من فارق الحياة واستراح من شقائها، بل الميت هو الذي يعيش في هذه الحياة فاقد الأمل، ملحقا باليأس والشقاء.

الإعراب: ليس: فعل ماض ناقص. من: اسم موصول مبني في محل رفع اسم "ليس". مات: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". فاستراح: الفاء: حرف عطف، "استراح": فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره "هو". بميت: الباء حرف جر زائد، "ميت": اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر "ليس". إنما: حرف مشبه بالفعل بطل عمله لاتصاله بـ"ما" الكافة، "ما": الزائدة. الميت: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. ميت: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، وهو مضاف. الأحياء: مضاف إليه مجرور بالكسرة. إنما: حرف مشبه بالفعل بطل عمله لاتصاله بـ"ما" الزائدة. الميت: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. من: اسم موصول مبني في محل رفع خبر المبتدأ. يعيش: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره "هو". كئيبا: حال من الضمير المستتر الذي هو فاعل "يعيش" منصوب بالفتحة. كاسفا: حال ثانية من الضمير ذاته. باله: فاعل "كاسفا": مرفوع بالضمة الظاهرة، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. قليل: حال ثالثة منصوب، وهو مضاف. الرجاء: مضاف إليه مجرور بالكسرة. =

ص: 4

الثاني: الأولى أن يكون قوله: "كفردا أذهب" تتميما للتعريف؛ لأن فيه خللين: الأول أن في قوله: "منتصب" تعريفا للشيء بحكمه، والثاني أنه لم يقيد منتصب باللزوم، وإن كان مراده؛ ليخرج النعت المنصوب: كـ"رأيت رجلا راكبا"؛ فإنه يفهم في حال ركوبه، وإن كان ذلك بطريق اللزوم لا بطريق القصد؛ فإن القصد إنما هو تقييد المنعوت.

333-

وكونه منتقلا مشتقا

يغلب، لكن ليس مستحقا

"وكونه": أي: حال "منتقلا" عن صاحبه غير ملازم له: "مشتقا" المصدر ليدل على متصف "يغلب، لكن ليس" ذلك "مستحقا" له، فقد جاء غير منتقل؛ كما في الحال المؤكدة، نحو:"زيد أبوك عطوفا"، و {يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} 1 والمشعر عاملها بتجدد صاحبها، نحو:{وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} 2، وقولهم:"خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها"، وقوله "من الطويل":

472-

وجاءت به سبط العظام كأنما

عمامته بين الرجال لواء

= وجملة: "مات" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "استرح" معطوفة على "مات". وجملة "يعيش" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيهما قوله: "الميت من يعيش كئيبا كاسفا باله قليل الرجاء" فإن هذه الأحوال "كئيبا، كاسفا باله، قليل الرجاء" لا يستغني الكلام عنها؛ لأنها إذا أسقطت صار الكلام: "إنما الميت من يعيش"، وفي هذا تناقض. ويُروى البيت باستبدال كلمة "الرخاء" أو "الغناء" بكلمة "الرجاء".

1 مريم: 33.

2 النساء: 28.

472-

التخريج: البيت لبعض بني العنبر في خزانة الأدب 9/ 488؛ ولرجل من بني الجناب في المقاصد النحوية 3/ 211؛ وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 571؛ ولسان العرب 7/ 309 "سبط".

اللغة: سبط العظام: أي حسن الخلق والقامة.

المعنى: يقول: إنه سوي الخلق، طويل القامة.

الإعراب: "وجاءت": الواو بحسب ما قبلها، "جاءت": فعل ماض، والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هي". "به": جار ومجرور متعلقان بـ"جاء". "سبط": حال منصوب، وهو مضاف. "العظام": مضاف إليه مجرور. "كأنما": حرف مشبه بالفعل بطل عمله لدخول "ما" الكافة عليه. "عمامته": مبتدأ مرفوع بالضمة، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "بين": ظرف مكان منصوب على أنه مفعول فيه، وهو مضاف. "الرجال": مضاف إليه مجرور. "لواء": خبر المبتدأ مرفوع.

وجملة: "جاءت" بحسب ما قبلها. وجملة: "كأنما عمامته لواء" في محل نصب حال.

الشاهد فيه قوله: "سبط العظام" حيث ورد الحال وصفا ملازما غير منتقل على خلاف الغالب فيه.

ص: 5

وغيرهما، نحو:"دعوت الله سميعا"، {قَائِمًا بِالْقِسْطِ} 1.

وجاء جامدا.

"الحال الجامد":

334-

ويكثر الجمود: في سعر، وفي

مبدي تأول بلا تكلف

335-

كبعه مدًّا بكذا، يدًا بيد،

وكر زيد أسدا، أي كأسد

"ويكثر الجمود في" الحال الدالة على "سعر" أو مفاعلة، أو تشبيه، أو ترتيب "وفي" كل "مبدي تأول بلا تكلف كعبه" البر "مدا بكذا" أي: مسعرا، وبعه "يدا بيد" أي مقابضة "وكر زيدا أسدا: أي كأسد" أي: مشبها لأسد، و"ادخلوا رجلا رجلا": أي: مترتبين.

تنبيهان: الأول: قد ظهر أن قوله "وفي مبدي تأول بلا تكلف" من عطف العام على الخاص؛ إذ ما قبله من ذلك، خلافا لما في التوضيح.

الثاني: تقع الحال جامدة غير مؤولة بالمشتق في ست مسائل؛ وهي:

أن تكون موصوفة، نحو:{قُرْآنًا عَرَبِيًّا} {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} 3، وتسمى حالا موطئة4.

أو دالة على عدد، نحو:{فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} 5.

1 آل عمران: 3.

2 يوسف: 2؛ وغيرهما.

3 مريم: 17.

4 الحال الموطئة: هي الاسم الجامد الموصوف بصفة هي الحال في الحقيقة؛ فكأن الاسم الجامد وطأ الطريق ومهده لما هو حال على التحقيق، بسبب مجئيه قبله.

5 الأعراف: 142.

ص: 6

أو طور واقع فيه تفضيل1، نحو: هذا بسرا أطيب منه رطبا.

أو تكون نوعا لصاحبها، نحو: هذا مالُك ذهبًا.

أو فرعا له، نحو: هذا حديدك خاتما، {وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا} 2.

أو أصلا له، نحو:"هذا خاتما حديدا"، و {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} 3.

وجعل الشارح هذا كله من المؤول بالمشتق، وهو ظاهر كلام والده في شرح الكافية، وفيه تكلف. ا. هـ.

"الحال المعرفة لفظا":

336-

والحال إن عرف لفظا فاعتقد

تنكيره معنى، كوحدك اجتهد

1 ضابط هذا النوع: أن يفضل الشيء على نفسه أو غيره باعتبار طورين: أي حالين، نحو قولهم:"هذا بسرا أطيب منه رطبا"، و"هذا ناكلا أشجع من فلان مقدما"، وقد اختلفوا في عامل الحال الأول من الحالين المذكورين في كل مثال منهما: فذهب أبو علي الفارسي وأصحابه إلى أن العامل فيه معنى الفعل الذي تضمنه اسم الإشارة، ولا يجوز عند هؤلاء أن يكون العامل في أول الحالين أفعل التفضيل؛ لأنه من الضعف بحيث لا يقوى على العمل في المتقدم عليه، وذهب المحقق الرضي إلى أن العامل في أول الحالين هو أفعل التفضيل، مع اعترافه بضعفه، واستشكل ما ذهب إليه أبو علي بأن مثل هذا التركيب قد يخلو من اسم الإشارة ومن كل ما فيه معنى الفعل، ولكنه لا يخلو من أفعل التفضيل، وذلك نحو قولك:"زيد راجلا أحسن منه راكبا"، ونحو قولك:"تمر نخلتي بسرا أطيب منه رطبا"، و"الأشراسي بسرا أطيب منه رطبا"، وما أشبه ذلك من كل تركيب خلا فيه المبتدأ من معنى الفعل؛ وقال:"والعامل في مثل هذه الصور أفعل بلا خلاف" ونحن نؤيد هذا. ونقول: ومتى اتفق أبو علي معنا على أن أفعل التفضيل هو العامل في الحال المتقدم في بعض أمثلة هذه الصورة وجب عليه أن يصير إلى أنه العامل في جميع أمثلتها؛ لأن الضعف الذي نسبه إليه لم يمنعه من العمل في المتقدم في تلك الصورة المتفق على أنه العامل فيها، وإنما أوجبنا عليه أن يصير إلى موافقتنا على إعماله في جميع أمثلة هذا النوع ليكون تخريج الأسلوب كله جاريا على منهج واحد. "عن محيي الدين عبد الحميد".

2 الأعراف: 74.

3 الإسراء: 61.

ص: 7

و"كلمته فاهُ إلى في"1، وأرسلها العراكَ2، و"جاءوا الجماءَ الغفيرَ"3؛ فـ"وحدك" و"فاه"، و"العراك"، و"الجماء": أحوال؛ وهي معرفة لفظا، لكنها مؤولة بنكرة، والتقدير: اجتهد منفردا، وكلمته مشافهة، وأرسلها معتركة، وجاءوا جميعا.

وإنما التزم تنكيره لئلا يتوهم كونه نعتا؛ لأن الغالب كونه مشتقا وصاحبه معرفة.

وأجاز يونس والبغداديون تعريفه مطلقا بلا تأويل؛ فأجازوا: "جاء زيدٌ الراكبَ".

وفصل الكوفيون فقالوا: إن تضمنت الحال معنى الشرط صح تعريفها لفظا، نحو:"عبد الله المحسنَ أفضل منه المسيءَ"، فـ"المحسن" و"المسيء": حالان، وصح مجيئهما بلفظ المعرفة لتأولهما بالشرط؛ إذ التقدير: عبد الله إذا أحسن أفضل منه إذا أساء؛ فإن لم تتضمن الحال معنى الشرط لم يصح مجيئها بلفظ المعرفة؛ فلا يجوز: "جاء زيد الراكب"؛ إذ لا يصح: جاء زيد إن ركب.

تنبيه: إذا قلت: "رأيت زيدا وحده" فمذهب سيبويه أن "وحده" حال من الفاعل، وأجاز المبرد أن يكون حالا من المفعول، وقال ابن طلحة: يتعين كونه حالا من المفعول؛ لأنه إذا أراد الفاعل يقول: "رأيت زيدا وحدي"، وصحة "مررت برجل وحده" -وبه مثل سيبويه- تدل على أنه حال من الفاعل، وأيضا فهو مصدر أو نائب المصدر، والمصادر في الغالب إنما تجيء أحوالا من الفاعل.

وذهب يونس إلى أنه منتصب على الظرفية؛ لقول بعض العرب: "زيد وحده"، والتقدير: زيد موضع التفرد.

1 هذا القول من أمثال العرب وقد ورد في لسان العرب 13/ 528 "فوه"؛ والمستقصى 2/ 61؛ ومجمع الأمثال 1/ 200. ويروى "حدثني فاه إلى في" أي: مشافها وليس بيننا شيء.

2 قد وردت هذه الجملة في بيت للبيد "من الوافر":

فأرسلها العراك ولم يذدها

ولم يشفق على نغص الدخال

3 هذا القول من أمثال العرب وقد ورد في الألفاظ الكتابية ص95؛ وجمهرة الأمثال 1/ 316؛ ولسان العرب 5/ 27 "غفر"، 6/ 271 "جحش"، 12/ 109 "جمم"، أي: بكثرة، وقيل: معناه: جاءوا ولم يتخلف منهم أحد.

ص: 8

337-

ومصدر منكر حالا يقع

بكثرة كبغتةً زيد طالع

و"جاء زيد ركضا"، و"قتلته صبرا"، وهو عند سيبويه والجمهور على التأويل بالوصف: أي: باغتا وراكضا ومصبورا، أي: محبوسا.

وذهب الأخفش والمبرد إلى أن نحو ذلك منصوب على المصدرية، والعامل فيه محذوف، والتقدير: طلع زيد يبغت بغتة، وجاء يركض ركضا، وقتلته يصبر صبرا؛ فالحال عندهما الجملة لا المصدر.

وذهب الكوفيون إلى أنه منصوب على المصدرية كما ذهبا إليه، لكن الناصب عندهم الفعل المذكور لتأوله بفعل من لفظ المصدر؛ فـ"طلع زيد بغتة" عندهم تأويل:"بغت زيد بغتة" و"جاء ركضا" في تأويل: ركض ركضا، و"قتلته صبرا" في تأويل: صبرته صبرا.

وقيل: هي مصادر على حذف مصادر، والتقدير طلع زيد طلوع بغتة، وجاء مجيء ركض، وقتلته قتل صبر.

وقيل: هي مصادر على حذف مضاف، والتقدير: طلع ذا بغتة، وجاء ذا ركض، وقتلته ذا صبر.

تنبيهان: الأول مع كون المصدر المنكر يقع حالا بكثرة هو عندهم مقصور على السماع.

وقاسه المبرد؛ فقيل: مطلقا، وقيل: فيما هو نوع من عامله، نحو:"جاء زيد سرعة"، وهو المشهور عنه.

وقاسه الناظم وابنه في ثلاثة:

الأول: قولهم: "أنت الرجل علما" فيجوز: أنت الرجل أدبا ونبلا، والمعنى الكامل في حال علم وأدب ونبل، وفي الارتشاف:"يحتمل عندي أن يكون تمييزا".

الثاني: نحو: "زيد زهير شعرا"، قال في الارتشاف:"والأظهر أن يكون تمييزا".

الثالث: نحو: "أما علما فعالم"، تقول ذلك لمن وصف عندك شخصا بعلم وغيره منكرا عليه وصفه بغير العلم، والناصب لهذه الحال هو فعل الشرط المحذوف، وصاحب

ص: 9

الحال هو المرفوع به، والتقدير: مهما يذكر إنسان في حال علم فالمذكور عالم. ويجوز أن يكون ناصبها ما بعد الفاء وصاحبها الضمير المستكن فيه، وهي على هذا مؤكدة، والتقدير: مهما يكن من شيء فالمذكور عالم في حال علم.

فلو كان ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها، نحو:"أما علما فهو ذو علم"؛ تعين الوجه الأول.

فلو كان المصدر التالي لـ"أما" معرفا بـ"أل" فهو عند سيبويه مفعول له.

وذهب الأخفش إلى أن المنكر والمعرف كليهما بعد "أما" مفعول مطلق.

وذهب الكوفيون -على ما نقله ابن هشام- إلى أن القسمين مفعول به بفعل مقدر والتقدير: مهما تذكر علما، أو العلم، فالذي وصف عالم.

قال في شرح التسهيل: "وهذا القول عندي أولى بالصواب، وأحق ما اعتمد عليه في الجواب".

الثاني: أشعر كلامه أن وقوع المصدر المعرف حالا قليل، وهو كذلك، وذلك ضربان: علم جنس، نحو قولهم:"جاءت الخيل بداد"، ومعرف بـ"أل"، نحو:"أرسلها العراك"، والصحيح أنه على التأويل بمتبددة ومعتركة، كما مر.

"صاحب الحال المعرفة والنكرة":

338-

ولم ينكر غالبا ذو الحال، إن

لم يتأخر، أو يخصص، أو بين

339-

من بعد نفي أو مضاهيه، كـ"لا

يبغ امرؤ على امرئ مستسهلا"

"ولم ينكر غالبا ذو الحال"؛ لأنه كالمبتدأ في المعنى؛ فحقه أن يكون معرفة. "إن لم يتأخر" عن الحال، فإن تأخر كان ذلك مسوغا لمجيئه نكرة، نحو:"فيها قائما رجل"، وقوله "من مجزوء الوافر":

473-

لمية موحشا طل

"يلوح كأنه خلل"

473- التخريج: البيت لكثير عزة في ديوانه ص506؛ وخزانة الأدب 3/ 211؛ وشرح التصريح 1/ 375؛ وشرح شواهد المغني 1/ 249؛ والكتاب 2/ 123؛ ولسان العرب 6/ 368 "وحش"؛ والمقاصد =

ص: 10

وقوله "من الطويل":

474-

وبالجسم مني بينا لو علمته

شحوب وإن تستشهدي العين تشهد

= النحوية 3/ 163؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص147؛ وأوضح المسالك 2/ 310؛ وخزانة الأدب 6/ 43؛ والخصائص 2/ 492؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1664، 1825؛ وشرح قطر الندى ص236؛ ولسان العرب 11/ 220 "خلل"؛ ومغني اللبيب 1/ 85، 2/ 436، 659.

اللغة والمعنى: الموحش: المقفر. الطلل: ما بقي شاخصا من آثار الدار. الخلل: ج الخلة، وهي الجلدة المنقوشة. يصف الشاعر منزل حبيبته الذي أصبح مقفرا بعد ارتحالها عنه، وهو الآن شبيه بالخلل.

الإعراب: لمية: اللام حرف جر، مية: اسم مجرور بالفتحة، والجار والمجرور متعلقان بخبر المبتدأ المحذوف. موحشا: حال منصوب. طلل: مبتدأ مؤخر. يلوح: فعل مضارع مرفوع، والفاعل

هو. كأنه: حرف مشبه بالفعل، والهاء: ضمير في محل نصب اسم "كأن". خلل: خبر "كأن" مرفوع.

وجملة "لمية موحشا طلل" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "يلوح

" صفة لـ"طلل" وجملة "كأنه خلل" صفة لـ"طلل" أيضا.

والشاهد فيه قوله: "لمية موحشا طلل" حيث نصب "موحشا" على الحال، وكان أصله صفة لـ"طلل" فتقدمت على الموصوف، فصارت حالا.

474-

التخريج: البيت بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص442؛ والكتاب 2/ 123؛ والمقاصد النحوية 3/ 147.

اللغة: الشحوب: تغير اللون.

المعنى: يقول: إن حبي لك قد أثر على جسمي وغير لونه، فلو رأيته لأخذتك الشفقة علي، واسألي عيني تخبرانك بذلك.

الإعراب: "وبالجسم": الواو بحسب ما قبلها، "بالجسم": جار ومجرور متعلقان بخبر المبتدأ المحذوف. "مني"؛ جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من "الجسم". "بينا": حال من "شحوب". "لو": حرف تمن. "علمته": فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. "شحوب": مبتدأ مؤخر مرفوع. "وإن": الواو حرف عطف، "إن": شرطية جازمة. "تستشهدي": فعل مضارع مجزوم لأنه فعل الشرط، والياء ضمير في محل رفع فاعل. "العين": مفعول به. "تشهد": فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هي".

وجملة: "وبالجسم مني شحوب" بحسب ما قبلها. وجملة: "علمته" اعتراضية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "إن تستشهدي" معطوفة على جملة سابقة. وجملة: "تشهد" لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء، أو بـ"إذا".

الشاهد: قوله: "بينا" حيث وردت الحال نكرة من "شحوب"، والذي سوغ ذلك تقدم الحال على صاحبها.

ص: 11

"أو يخصص": إما بوصف، كقراءة بعضهم:"ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدقًا"1 وقوله "من البسيط":

475-

نجيب يا رب نوحا واستجبت له

في فلك ماخر في اليم مشحونا

وإما بإضافة، نحو:{فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} 2، وإما بمعمول، نحو:"عجبت من ضرب أخوك شديدا".

"أو بين" أي: يظهر الحال "من بعد نفي أو مضاهيه" أي: مشابهه، وهو النهي والاستفهام؛ فالنفي، نحو:{وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} 3، وقوله "من السريع":

476-

ما حم من موت حمى واقيا

"ولا ترى من أحد باقيا"

1 البقرة: 89.

475-

التخريج: البيت بلا نسبة في شرح التصريح 1/ 376؛ وشرح ابن عقيل ص327؛ والمقاصد النحوية 3/ 149.

شرح المفردات: نجى: خلص من الهلاك. استجاب: قبل الدعاء. الفلك: السفينة. مخر: شق. اليم: البحر. المشحون: المملوء.

الإعراب: "نجيت": فعل ماض، والتاء ضمير متصل في محل رفع فاعل. "يا": حرف نداء. "رب": منادى منصوب، وهو مضاف، والياء المحذوفة في محل جر بالإضافة. "نوحا": مفعول به منصوب. "واستجبت": الواو حرف عطف، "استجبت" معطوفة على "نحيت" وتعرب إعرابها. "له": جار ومجرور متعلقان بـ"نجيت". "ماخر": نعت "فلك" مجرور. "في اليم": جار ومجرور متعلقان بـ"ماخر". "مشحونا": حال منصوب.

وجملة: "نجيت

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "يا رب" اعتراضية لا محل لها من الإعراب. وجملة "استجبت له" معطوفة على جملة "نجيت" لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه قوله: "مشحونا" حيث جاءت حالا من النكرة "فلك". والذي سوغ مجيئها هو كونها وصفت بـ"ماخر" قبل مجيء الحال.

2 فصلت: 10.

3 الحجر: 4.

476-

التخريج: البيت بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 214.

اللغة: حم: هيئ. الواقي: الحامي.

الإعراب: ما: حرف نفي. حم: فعل ماض للمجهول. من موت: جار ومجرور متعلقان بـ"واقيا" أو "حمى". حمى: نائب فاعل مرفوع. واقيا: حال منصوب. ولا: "الواو": حرف عطف، "لا": زائدة=

ص: 12

والنهي "كلا يبغ امرؤ على امرئ مستشهلا"، وقوله "من الكامل":

477-

لا يركنن أحد إلى الإحجام

يوم الوغى متخوفا لحمام

والاستفهام كقوله "من البسيط":

478-

يا صاح هل حم عيش باقيا فترى

لنفسك العذر في إبعادها الأملا

= لتأكيد النفي. ترى: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنت". من: حرف جر زائد. أحد: اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه مفعول به لـ"ترى". باقيا: مفعول به ثان لـ"ترى" إذا كانت علمية، أو حال إذا كانت بصرية.

وجملة: "ما حم

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "لا ترى

" معطوفة على سابقتها.

الشاهد فيه قوله: "ما حم

حمى واقيا

باقيا" حيث وردت "واقيا" حالا من النكرة "حمى" لأنها مسبوقة بنفي "ما". وقوله: "باقيا" حيث يمكن اعتبارها حالا من النكرة "أحد" لأنها مسبوقة بنفي، ولاعتبار "ترى" بصرية، وتحتاج إلى مفعول واحد.

477-

التخريج: البيت لقطري بن الفجاءة في ديوانه ص171؛ وخزانة الأدب 10/ 163؛ والدرر 4/ 5؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص136؛ وشرح ابن عقيل ص330؛ وشرح عمدة الحافظ ص423؛ والمقاصد النحوية 3/ 153؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص329؛ وهمع الهوامع 1/ 240.

شرح المفردات: ركن: لجأ. الإحجام: ضد الإقدام. الوغى: الحرب. الحمام: الموت.

المعنى: يقول: يلجأن احد الى التقاعس والفرار من الحرب خوفا من الموت لأن في ذلك عارا ما بعده عار.

الإعراب: "لا": ناهية. "يركنن": فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد، والنون للتوكيد. "أحد": فاعل مرفوع. "إلى الإحجام": جار ومجرور متعلقان بـ"يركن". "يوم": ظرف زمان منصوب متعلق بـ"يركن"، وهو مضاف. "الوغي": مضاف اليه مجرور بالكسرة المقدرة متخوفا حال من أحد منصوب. "لحمام": جار ومجرور متعقان بـ"متخوفا".

وجملة: "لا يركنن

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه قوله: "متخوفا" حيث جاءت حالًا من النكرة "أحد" والذي سوغ ذلك وقوع هذه النكرة بعد النهي الذي يشبه النفي.

478-

التخريج: البيت لرجل من طيئ في الدرر اللوامع 4/ 6؛ وشرح التصريح 1/ 377؛ وشرح عمدة الحافظ ص423؛ والماصد النحوية 3/ 153؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص329؛ وهمع الهوامع 1/ 240.

شرح المفردات: صاح: صاحبي. حم: قدر. العيش: هنا الحياة. =

ص: 13

واحترز بقوله: "غالبا" مما ورد فيه صاحب الحال نكرة من غير مسوغ، من ذلك قولهم:"مررت بماء قعدة رجل"، وقولهم:"عليه مائة بيضا". وأجاز سيبويه: فيها رجل قائما. وفي الحديث: "وصلى وراءه رجال قياما"؛ وذلك قليل.

تنبيه: زاد في التسهيل من المسوغات ثلاثة:

أحدها: أن تكون الحال جملة مقرونة بالواو، نحو:{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} 1؛ لأن الواو ترفع توهم النعتية.

ثانيها: أن يكون الوصف بها على خلاف الأصل، نحو:"هذا خاتم حديدا".

ثالثها: أن تشترك النكرة مع معرفة في الحال، نحو:"هؤلاء ناس وعبد الله منطلقين".

"تقدم الحال على صاحبها":

340-

وسبق حال ما بحرف جر قد

أبوا، ولا أمنعه فقد ورد

"وسبق حال ما بحرف جر قد أبوا" سبق: مفعول مقدم لـ"أبوا"، وهو مصدر

= المعنى: يقول: يا صاحبي هل تحسب أن الحياة باقية فتجد لنفسك عذرا في التكالب على حطام الدنيا، أو العيش بلا أمل.

الإعراب: "يا": حرف نداء. "صاح": منادى مرخم مبني على الضمة في آخر المحذوف تقديره: "يا صاحبُ". "هل": حرف استفهام. "حم": فعل ماض للمجهول. "عيش" منصوب. "فترى": الفاء السببية، "ترى": فعل مضارع منصوب بـ"أن" مضمرة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنت". والمصدر المؤول من "أن ترى" معطوف على مصدر منتزع مما قبله. "لنفسك": جار ومجرور متعلقان بـ"ترى"، وهو مضاف، والكاف ضمير في محل جر بالإضافة. "العذر": مفعول به منصوب. "في إبعادها": جار ومجرور متعلقان بـ"العذر"، وهو مضاف، و"ها" ضمير في محل جر بالإضافة. "الأملا": مفعول به لـ"إبعاد" منصوب، والألف للإطلاق.

وجملة: "يا صاح

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "هل حم عيش" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "ترى" صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه قوله: "باقيا" حيث وقعت حالا من النكرة "عيش"، والذي سوغ ذلك وقوعها بعد استفهام إنكاري وهو يشبه النفي.

1 البقرة: 259.

ص: 14

مضاف إلى فاعله، والموصول في موضع النصب على المفعولية.

أي: منع أكثر النحويين تقدم الحال على صاحبها المجرور بالحرف؛ فلا يجيزون في نحو: "مررت بهند جالسة": مررت جالسة بهند.

وعللوا منع ذلك بأن تعلق العامل بالحال ثان لتعلقه بصاحبه؛ فحقه إذا تعدى لصاحبه بواسطة أن يتعدى إليه بتلك الواسطة، لكن منع من ذلك أن الفعل لا يتعدى بحرف الجر إلى شيئين؛ فجعلوا عوضا من الاشتراك في الواسطة التزام التأخير.

قال الناظم: "ولا أمنعه" أي: بل أجيزه، وفاقا لأبي علي وابن كيسان وابن برهان؛ لأن المجرور بالحرف مفعول به في المعنى؛ فلا يمتنع تقدم حاله عليه، كما لا يمتنع تقديم حال المفعول به. وأيضا "فقد ورد" السماع به. من ذلك قوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} 1.

وقول الشاعر "من الطويل":

479-

تسليت طرا عنكم بعد بينكم

بذكراكم حتى كأنكم عندي

1 سبأ: 28.

479-

التخريج: البيت بلا نسبة في شرح التصريح 1/ 379؛ وشرح عمدة الحافظ ص426؛ والمقاصد النحوية 3/ 160.

شرح المفردات: طرأ: جميعا. البين: الفراق.

المعنى: يقول: لقد كنت أتسلى بعد فراقكم لي بذكراكم المستمرة حتى توهمت بأنكم ما زلتم بقربي.

الإعراب: "تسليت": فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. "طرأ": حال منصوب. "عنكم": جار ومجرور متعلقان بـ"تسليت". "بعد": ظرف زمان منصوب متعلق بـ"تسليت" وهو مضاف. "بينكم": مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، و"كم": في محل جر بالإضافة. "بذكراكم": جار ومجرور متعلقان بـ"تسليت"، وهو مضاف، و"كم": ضمير في محل جر بالإضافة. "حتى": حرف ابتداء. "كأنكم": حرف مشبه بالفعل، و"كم": ضمير في محل نصب اسم "كأن". "عندي": ظرف مكان منصوب متعلق بمحذوف خبر "كأن"، وهو مضاف، والياء ضمير في محل جر بالإضافة.

وجملة: "تسليت

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "كأنكم عندي" استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: "طرأ"، فإنه حال بمعنى:"جميعا"، وصاحبه الضمير في "عنكم".

ص: 15

وقوله "من الطويل":

480-

لئن كان برد الماء هيمان صاديا

إلى حبيبا إنها لحبيب

وقوله "من الخفيف":

481-

غافلا تعرض المنية للمر

ء فَيُدعى ولات حين إباء

480- التخريج: البيت للمجنون في ديوانه ص49؛ وسمط اللآلي ص400؛ ولعروة بن حزام في خزانة الأدب 3/ 212، 218؛ والشعر والشعراء ص627؛ وهو لكثير عزة في ديوانه ص522؛ وسمط اللآلي ص400؛ والمقاصد النحوية 3/ 156؛ ولقيس بن ذريح في ديوانه ص62؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص428.

اللغة: الهيمان: الشديد العطش. صاديا: ظمآن.

المعنى: يقول: لئن كان شرب الماء البارد حبيبا إلي في حالة الظمأ الشديد، فهي كذلك حبيبة إلي.

الإعراب: "لئن": اللام موطئة للقسم، "إن": شرطية جازمة. "كان": فعل ماض ناقص، وهو فعل الشرط، "برد": اسم "كان" مرفوع، وهو مضاف. "الماء": مضاف إليه مجرور. "هيمان": حال منصوب. "صاديا": حال ثان منصوب. "إلي": جار ومجرور متعلقان بـ"حبيبا". "حبيبا": خبر "كان" منصوب. "إنها": حرف مشبه بالفعل، و"ها" ضمير متصل في محل نصب اسم "إن". "لحبيب": اللام للابتداء، "حبيب": خبر "إن" مرفوع.

وجملة القسم المحذوفة: ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "إن كان برد الماء

" الشرطية مع جوابها المحذوف اعتراضية بين القسم وجوابه. وجملة: "إنها لحبيب" جواب القسم لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه قوله: "هيمان صاديا" حيث وردا حالين من الياء المجرورة في "إلي" وقد تقدما عليها.

481-

التخريج: البيت بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص428؛ والمقاصد النحوية 3/ 161.

اللغة: ولات حين إباء: ليس الوقت وقت امتناع عن إجابة داعي المنون.

الإعراب: غافلا: حال من "المرء" مقدم منصوب. تعرض: فعل مضارع مرفوع بالضمة. المنية: فاعل مرفوع بالضمة. للمرء: جار ومجرور متعلقان بـ"تعرض". فيُدعى: "الفاء": حرف عطف، و"يُدعى": فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة منع من ظهورها التعذر، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. ولات: "الواو": حالية، و"لات": حرف نفي من أخوات "ليس"، واسمه محذوف والتقدير: لات الحين حين مناص. حين: خبر "لات" منصوب بالفتحة، وهو مضاف. مناص: مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وجملة "تعرض": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "فيدعى": معطوفة لا محل لها من الإعراب. وجملة "لات حين مناص": في محل نصب حال.

الشاهد فيه قوله: "غافلا" حيث تقدم الحال على صاحبه "المرء" مع كونه مجرورا بحرف جر، وهو ما ذهب إليه جماعة من النحاة منهم ابن مالك صاحب الألفية.

ص: 16

وقوله "من الطويل":

482-

فإن تك أذواد أصبن ونسوة

فلن يذهبوا فرعا بقتل حبال

وقوله "من الكامل":

483-

مشغوفة بك قد شغفت وإنما

حم الفراق فما إليك سبيل

482- التخريج: البيت لطليحة بن خويلد في المقاصد النحوية 3/ 154؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص19؛ وشرح الحافظ ص427.

اللغة: الأذواد: ج الذود، وهو بين الثلاثة إلى عشرة. فرغا: هدرا. حبال: ابن الشاعر، وقيل: ابن أخيه.

المعنى: يقول: إذا سكت عن إبل أصبتموها ونساء سبيتموهن فإنني لم أسكت عن قتل حبال ولم يذهب دمه هدرا، إذا شفيت غليلي، ونلت ثأري منكم.

الإعراب: "فإن": الفاء بحسب ما قبلها، "إن": شرطية جازمة. "تك": فعل مضارع ناقص، وهو فعل الشرط. "أذواد": اسم "تك" مرفوع. "أصبن": فعل ماض للمجهول، والنون ضمير في محل رفع نائب فاعل. "ونسوة": الواو حرف عطف، "نسوة": معطوف على "أذواد" مرفوع. "فلن": الفاء رابطة جواب الشرط، "لن": حرف نصب. "يذهبوا": فعل مضارع منصوب بحذف النون، والواو ضمير في محل رفع فاعل، والألف فارقة. "فرغا": حال منصوب. "بقتل": جار ومجرور متعلقان بـ"يذهب"، وهو مضاف. "حبال": مضاف إليه مجرور.

وجملة: "إن تك

" بحسب ما قبلها. وجملة: "أصبن

" في محل نصب خبر "تك". وجملة: "فلن يذهبوا" في محل جزم جواب الشرط.

الشاهد: قوله: "فرغا" حيث ورد حالا من "قتل" المجرور بالباء، وقد تقدم عليها.

483-

التخريج: البيت بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص428؛ والمقاصد النحوية 3/ 162.

اللغة: شغفه: أحبه حبا جما. حم الفراق: قدر. سبيل: طريق.

المعنى: يقول: لقد أحببتك حبا جما، ولكن الفراق حال دون الوصال.

الإعراب: مشغوفة: حال منصوب. بك: جار ومجرور متعلقان بـ"شغفت". قد: حرف تحقيق. شغفت: فعل ماض للمجهول، و"التاء": ضمير في محل رفع نائب فاعل. وإنما: "الواو": حرف عطف، و"إنما": حرف مشبه بالفعل بطل عمله لدخول "ما" عليها. حم: فعل ماض للمجهول. الفراق: نائب فاعل مرفوع. فما: "الفاء": حرف عطف، "ما": نافية. إليك: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. سبيل: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.

وجملة "مشغوفة

": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "حم": استئنافية لا محل لها من الإعراب. =

ص: 17

وقوله "من الطويل":

484-

إذا المرء أعيته المروءة ناشئا

فمطلبها كهلا عليه شديد

والحق1 أن جواز ذلك مخصوص بالشعر، وحمل الآية على أن "كافة" حال من الكاف، والتاء للمبالغة لا للتأنيث؛ وقد ذكر ابن الأنباري الإجماع على المنع.

= الشاهد فيه قوله: "مشغوفة" حيث وردت حالا من الضمير في "بك" المتأخر عنها، وهذا دليل على جواز تقدم الحال على صاحبها.

484-

التخريج: البيت للمخبل السعدي في ملحق ديوانه ص324؛ وله أو لرجل من بني قريع في خزانة الأدب 3/ 219، 221؛ ولرجل من بني قريع في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1148.

اللغة: أعيته: أعجزته. المروءة: أدب النفس. الناشئ: الصغير والحدث. الكهل: الذي جاوز الثلاثين من عمره.

الإعراب: إذا: ظرف زمان يتضمن معنى الشرط، متعلق بجوابه. المرء:"بالرفع" فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده، تقديره:"إذا عيي المرء أعيته"؛ و"بالنصب" مفعول به لفعل محذوف تقديره: "إذا أعيت المروءة المرء أعيته". أعيته: فعل ماض، و"التاء": للتأنيث، و"الهاء": ضمير متصل في محل نصب مفعول به. المروءة: فاعل مرفوع بالضمة، ناشئا: حال منصوب. فمطلبها: "الفاء": رابطة جواب الشرط، و"مطلبها": مبتدأ مرفوع بالضمة، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. كهلا: حال منصوب. عليه: جار ومجرور متعلقان بـ"شديد". شديد: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.

وجملة "إذا المرء

": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أعيت المرء": في محل جر بالإضافة. وجملة "أعيته": تفسيرية لا محل لها من الإعراب. وجملة "مطلبها كهلا

": جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه قوله: "كهلا" حيث وردت حالا من الضمير المجرور في "عليه"، وقد تقدمت على صاحبها، وهذا جائز.

1 لو أن هذا التقديم الذي ذهب إليه ابن مالك ومن معه من فحول العلماء لم يكن عليه شاهد من كلام العرب إلا بيت واحد لكان لكلام الشارح وجه وجيه، ولو أن شواهد المسألة مجهولة النسبة إلى قائليها لكان له متجه ومستند ما، ولكن هذه الأبيات الكثيرة مع معرفة أصحاب أكثرها، وقبلها آيتان من كتاب الله تعالى ظاهرهما يشهد لابن مالك، وقوة القياس الذي عضدنا به مذهبه كل أولئك لا يجعل عندنا مجالا للتردد في ترجيح ما ذهب إليه، ورد ما ادعى الشارح أنه الحق، ونقول: بل الحق أن يجوز تقديم الحال من المجرور بحرف الجر على صاحبه ويجوز القياس على ما سمع من ذلك، ويكفي وروده في أفصح كلام، وما تمحل به الجماعة من الوجوه التي خرجوا عليها الآيتين مما لا يسوغ الأخذ به، وما أورده على وجوه استدلال ابن مالك كلام لا يعول عليه منصف. "عن محيي الدين عبد الحميد".

ص: 18

تنبيهات: الأول: فصل الكوفيون فقالوا: إن كان المجرور ضميرا نحو: "مررت ضاحكة بها"، أو كانت الحال فعلا، نحو:"تضحك مررت بهند" جاز، وإلا امتنع.

الثاني: محل الخلاف إذا كان الحرف غير زائد1؛ فإن كان زائدا جاز التقديم اتفاقا، نحو:"ما جاء راكبا من رجل".

الثالث: بقي من الأسباب الموجبة لتأخير الحال عن صاحبها أمران:

الأول: أن يكون مجرورا بالإضافة، نحو:"عرفت قيام زيد مسرعا"، و"أعجبني وجه هند مسفرة"؛ فلا يجوز بإجماع تقديم هذه الحال: واقعة بعد المضاف؛ لئلا يلزم الفصل بين المضاف والمضاف إليه، ولا قبله؛ لأن المضاف إليه مع المضاف كالصلة مع الموصول، فكما لا يتقدم ما يتعلق بالصلة على الموصول كذلك لا يتقدم ما يتعلق بالمضاف إليه على المضاف.

وهذا في الإضافة المحضة، كما رأيت. أما غير المحضة -نحو:"هذا شارب السويق ملتوتا الآن أو غدا"- فيجوز، قاله في شرح التسهيل؛ لكن في كلام ولده -وتابعه عليه صاحب التوضيح- ما يقتضي التسوية في المنع.

الأمر الثاني: أن تكون الحال محصورة، نحو:{وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} 2.

الرابع: كما يعرض للحال وجوب التأخير عن صاحبها، كما رأيت، كذلك يعرض لها وجوب التقديم عليه، وذلك كما إذا كان محصورا، نحو:"ما جاء راكبا إلا زيد".

341-

ولا تجز حال من المضاف له

إلا إذا اقتضى المضاف عمله

"ولا تجز حالا من المضاف له"؛ لوجوب كون العامل في الحال هو العامل في

1 أما حرف الجر الذي تجب زيادته كالباء الداخلة على فاعل "أفعل" في التعجب، نحو:"أكرم بالجندي"، والحرف الذي تغلب زيادته كالباء الذي تزاد في فاعل "كفى"، نحو:"كفى بزيد معاونا"، فإنهما يجريان مجرى الحرف الأصلي، فمن جوز التقديم مع الأصلي جوز فيهما، ومن منع التقديم مع الأصلي منع فيهما.

2 الأنعام: 48؛ والكهف: 56.

ص: 19

صاحبها وذلك يأباه "إلا إذا اقتضى المضاف عمله" أي: عمل الحال، وهو نصبه، نحو:{إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} 1، وقوله "من الطويل":

485-

تقول ابنتي إن انطلاقك واحدا

إلى الروع يوما تاركي لا أباليا

ونحو: "هذا شارب السويق ملتوتا"، وهذا اتفاق كما ذكره في شرحي التسهيل والكافية.

342-

أو كان جزء ما له أضيفا

أو مثل جزئه، فلا تحيفا

"أو كان" المضاف "جزء ما له أضيفا" نحو: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا} {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} 3.

1 يونس: 4.

485-

التخريج: البيت لمالك بن الريب في ديوانه ص43؛ والمقاصد النحوية 3/ 165؛ ولسلامة بن جندل في ديوانه ص198؛ والشعر والشعراء 1/ 279؛ وبلا نسبة في عيون الأخبار 1/ 343.

اللغة: الروع: الخوف، وهنا الحرب.

المعنى: إن ابنتي تقول لي: إن ذهابك إلى الحرب منفردا سيؤدي بك إلى الهلاك، وستتركني يتيمة بلا أب.

الإعراب: "تقول": فعل مضارع مرفوع. "ابنتي": فاعل مرفوع، وهو مضاف، والياء ضمير في محل جر بالإضافة. "إن": حرف مشبه بالفعل. "انطلاقك": اسم "إن" منصوب، وهو مضاف، والكاف ضمير في محل جر بالإضافة. "واحدا": حال منصوب. "إلى الروع": جار ومجرور متعلقان بـ"انطلاقك". "يوما": ظرف زمان منصوب، متعلق بـ"انطلاقك". "تاركي": خبر "إن" مرفوع، وهو مضاف، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "لا": النافية للجنس. "أبا": اسم "لا". "ليا": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر "لا"، والألف للإطلاق.

وجملة: "تقول ابنتي" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "إن انطلاقك

" في محل نصب مفعول به. وجملة "لا أبا ليا" في محل نصب مفعول به ثان لـ"تاركي".

ويجوز أن نعرب "أبا" اسم "لا" منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم، واللام في "ليا" زائدة، والياء للمتكلم في محل جر بالإضافة تقديره:"لا أبي موجود"، والخبر محذوف.

الشاهد فيه قوله: "واحدا" حيث ورد حالًا من المضاف إليه، وهو الكاف في "انطلاقك"، وهذا جائز لأن المصدر المضاف إلى فاعله يعمل عمل الفعل، ويصح أن يعمل في المضاف إليه.

2 الحجر: 47.

3 الحجرات: 12.

ص: 20

"أو مثل جزئه فلا تحيفا" والمراد بمثل جزئه: ما يصح الاستغناء به عنه، نحو:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} 1.

وإنما جاز مجيء الحال من المضاف إليه في هذه المسائل الثلاث ونحوها لوجود الشرط المذكور؛ أما في الأولى فواضح، وأما في الأخيرتين فلأن العامل في الحال عامل في صاحبها حكما؛ إذ المضاف -والحالة هذه- في قوة الساقط؛ لصحة الاستغناء عنه بصاحب الحال، وهو مضاف إليه.

تنبيه: ادعى المصنف في شرح التسهيل الاتفاق على منع مجيء الحال من المضاف إليه فيما عدا المسائل الثلاث المستثناة، نحو:"ضربت غلام هند جالسة"، وتابعه على ذلك ولده في شرحه، وفيما ادعياه نظر؛ فإن مذهب الفارسي الجواز، وممن نقله عنه الشريف أبو السعادات بن الشجري في أماليه.

343-

والحال إن ينصب بفعل صرفا

أو صفة أشبهت المصرفا

344-

فجائز تقديمه: كـ"مسرعا

ذا راحل، ومخلصا زيد دعا"

"والحال" مع عامله على ثلاثة أوجه: واجب التقديم عليه، وواجب التأخير عنه، وجائزهما، كما هو كذلك مع صاحبه على ما مر.

فالحال "إن ينصب بفعل صرفا أو صفة أشبهت" الفعل "المصرفا" وهي: ما تضمن معنى الفعل وحروفه وقبل علامات الفرعية، وذلك: اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة "فجائز تقديمه" على ذلك الناصب له، وهذا هو الأصل، فالصفة "كمسرعا ذا راحل" و"مجردا زيد مضروب"، و:

هذا تحملين طليق2

فـ"تحملين": في موضع نصب على الحال، وعاملها طليق، وهو صفة مشبهة "و" الفعل، نحو:"مخلصا زيد دعا"، و {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ} 3 وقولهم: "شتى تئوب

1 النحل: 123.

2 القمر: 7.

3 تقدم بالرقم 104.

ص: 21

الحلبة"1.

والاحتراز بقوله "صرفا" و"أشبهت المصرفا" مما كان العامل فيه فعلا جامدا، نحو:"ما أحسنه مقبلا"، أو صفة تشبه الجامد، وهو: اسم التفضيل، نحو:"هو أفصح الناس خطيبا"، أو اسم فعل، نحو:"نزال مسرعا"، أو عاملا معنويا، وهو: ما تضمن معنى الفعل دون حروفه كما أشار إليه بقوله:

345-

وعامل ضمن معنى الفعل لا

حروفه مؤخرا لن يعملا

346-

كـ"تلك، ليت، وكأن" وندر

نحو: "سعيد مستقرا في هجر"

"وعامل ضمن معنى الفعل لا حروفه مؤخرا لن يعملا كتلك" و"ليت وكأن" والظرف والمجرور المخبر بهما؛ تقول: "تلك هند مجردة"، و"ليت زيدا أميرا أخوك"، و"كأن زيدا راكبا أسد"، و"زيد عندك أو في الدار جالسا"، وهكذا جميع ما تضمن معنى الفعل دون حروفه، كحروف التنبيه والترجي والاستفهام المقصود به التعظيم، نحو "من مجزوء الكامل":

486-

"بانت لتحزننا عفاره"

يا جارتا ما أنت جاره

1 هذا القول من أمثال العرب وقد ورد في جمهرة الأمثال 1/ 541؛ وزهر الأكم 3/ 216؛ وكتاب الأمثال ص133؛ ولسان العرب 1/ 327 "حلب"؛ والمستقصى 2/ 127؛ ومجمع الأمثال 1/ 358.

يضرب في اختلاف الناس وتفرقهم في الأخلاق.

486-

التخريج: البيت للأعشى في ديوانه ص203؛ وخزانة الأدب 3/ 308، 310، 5/ 486، 488؛ 7/ 250، 9/ 240؛ وشرح شواهد الإيضاح ص193؛ ولسان العرب 4/ 63 "بشر"، 4/ 154 "جور"، 4/ 589 "عفر"؛ والمقاصد النحوية 3/ 638؛ والمقرب 1/ 165؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص452؛ وشرح ابن عقيل ص347؛ وشرح عمدة الحافظ ص435؛ والصاحبي في فقه اللغة ص171.

اللغة والمعنى: بانت: بعدت. تحزننا: تورثنا الحزن. عفارة: اسم امرأة.

يقول: بعدت عفارة لتورثنا الحزن والأسى، فيا جارتي لست كسائر الجارات.

الإعراب: بانت: فعل ماض، والتاء: للتأنيث. لتحزننا: اللام: للتعليل، تحزننا: فعل مضارع منصوب، ونا: ضمير في محل نصب مفعول به. عفارة: فاعل مرفوع بالضمة، وسكن لضرورة الشعر. يا: حرف نداء. جارتا: منادى منصوب بالفتح المقدر على ما قبل ياء المتكلم، وقد قلبت الكسرة فتحة والياء ألفا لأن أصلها "يا جارتي". وهو مضاف. والياء: في محل جر بالإضافة. ما: اسم استفهام في محل رفع =

ص: 22

و"أما"، نحو:"أما علما فعالم"؛ فلا يجوز تقديم الحال على عاملها في شيء من ذلك. وهذا هو القسم الثاني.

"وندر" تقديمها على عاملها الظرف والمجرور المخبر بهما "نحو سعيد مستقرا" عندك، أو "في هجر" فما ورد من ذلك مسموعا يحفظ ولا يقاس عليه.

هذا هو مذهب البصريين. وأجاز ذلك الفراء والأخفش مطلقا، وأجازه الكوفيون فيما كانت الحال فيه من مضمر، نحو:"أنت قائما في الدار". وقيل: يجوز بقوة إن كان الحال ظرفا أو حرف جر، ويضعف إن كان غيرهما، وهو مذهبه في التسهيل1.

واستدل المجيز بقراءة من قرأ: "والسماوات مطويات بيمينه""ما في بطون هذه الأنعام خالصةً لذكورنا"3 بنصب "مطويات" و"خالصة"، وبقوله "من الكامل":

487-

رهط ابن كوز محقبي أدراعهم

فيهم ورهط ربيعة بن حذار

= خبر مقدم. أنت: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ مؤخر. وتعرب أيضا: ما: اسم استفهام في محل رفع مبتدأ. وأنت: خبر المبتدأ. جارة: تمييز منصوب وقد سكن للضرورة الشعرية. ويجوز اعتبار "ما" من أخوات "ليس"، و"أنت" اسمها، و"جارة" خبرها.

وجملة "بانت

" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها ابتدائية. وجملة "تحزننا عفارة" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول الحرفي. أو في محل جر بحرف الجر. وجملة "يا جارتا" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها استئنافية. وجملة "ما أنت جارة" الاسمية لا محل لها من الإعراب لأنها استئنافية.

والشاهد فيه قوله: "جارة" حيث وقع تمييزا بعدما اقتضى التعجب. ويروى البيت بجعل الصدر عجزا، والعجز صدرا.

1 انظر المسألة الحادية والثلاثين في الإنصاف في مسائل الخلاف ص250-252.

2 الزمر: 67.

3 الأنعام: 139.

487-

التخريج: البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص55؛ وجمهرة اللغة ص825؛ وشرح عمدة الحافظ ص437، 557؛ والمقاصد النحوية 3/ 170.

اللغة: رهط الرجل: قومه. كوز: اسم رجل من ضبة. المحقب: المتاع الذي يوضع خلف الراكب في مؤخر الرحل. الأدراع: ج الدرع.

الإعراب: رهط: مبتدأ مرفوع بالضمة، وهو مضاف. ابن: مضاف إليه مجرور بالكسرة، وهو مضاف. كوز: مضاف إليه مجرور بالكسرة. محقبي: حال منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم، وهو مضاف. أدراعهم: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، و"هم": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. =

ص: 23

وقوله "من الطويل":

488-

بنا عاذ عوف وهو بادي ذلة

لديكم فلم يعدم ولاء، ولا نصرا

وتأول ذلك المانع.

تنبيهات: الأول: محل الخلاف في جواز تقديم الحال على عاملها الظرف إذا توسط كما رأيت، فإن تقدم على الجملة -نحو:"قائما زيد في الدار"- امتنعت المسألة إجماعا، قاله في شرح الكافية، لكن أجاز الأخفش في قولهم:"فداء لك أبي وأمي"؛ أن يكون "فداء" حالا، والعامل فيه "لك"، وهو يقتضي جواز التقديم على الجملة عنده إذا تقدم الخبر، وأجاز ابن برهان فيما إذا كانت الحال ظرفا، نحو:{هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ}

= فيهم: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. ورهط: "الواو". حرف عطف، و"رهط": معطوف على "رهط" الأولى مرفوع، وهو مضاف. ربيعة: مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف. بن: نعت "ربيعة" مجرور بالكسرة، وهو مضاف. حذار: مضاف إليه مجرور بالكسرة.

الشاهد: قوله: "محقبي أدراعهم" حيث وردت "محقبي" حالا من الضمير المستكن في الجار والمجرور الواقع خبرا، وهو "فيهم"، وهذا الضمير فاعل بالجار والمجرور؛ لأن الجار والمجرور نابا مناب اسم فاعل أو فعل ماض، ولما حذفا وأنيب عنهما الجار والمجرور انتقل الضمير الذي كان مستكنا في أحدهما إلى الجار والمجرور.

488-

التخريج: البيت بلا نسبة في شرح التصريح 1/ 385؛ والمقاصد النحوية 3/ 172.

شرح المفردات: عاذ: التجأ. عوف: اسم رجل. بادي ذلة: ظاهر الإهانة. الولاء: المناصرة والمحبة. النصر: المساعدة.

المعنى: يقول: لقد لجأ إلينا عوف فوجد كل عون ومساعدة بعد أن كان عندكم ذليلا معانا.

الإعراب: "بنا": جار ومجرور متعلقان بـ"عاذ". "عاذ": فعل ماض. "عوف": فاعل مرفوع. "وهو": الواو حالية، "هو": ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. "بادي": حال منصوب، وهو مضاف. "ذلة": مضاف إليه مجرور. "لديكم": ظرف مكان منصوب متعلق بمحذوف خبر المبتدأ "هو"، وهو مضاف، و"كم": ضمير في محل جر بالإضافة. "فلم": الفاء حرف عطف، "لم": حرف جزم. "يعدم": فعل مضارع مجزوم، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". "ولاء": مفعول به منصوب. "ولا": الواو حرف عطف، "لا": حرف نفي. "نصرا": معطوف على "ولاء" منصوب.

وجملة: "عاذ عوف" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "وهو بادي ذلة" في محل نصب حال. وجملة: "لم يعدم

" معطوفة على جملة "عاذ عوف".

الشاهد: قوله: "بادي ذلة" حيث وقع حالا من الضمير المجرور بالظرف، وهو "كم" في "لديكم" وتقدم عليه، وهذا شاذ.

1 الكهف: 44.

ص: 24

فـ"هناك": ظرف في موضع الحال، و"الولاية": مبتدأ، و"الله": الخبر.

الثاني: أفهم كلامه جواز نحو: "في الدار قائما زيد" وهو اتفاق.

الثالث: قد يعرض للعامل المتصرف ما يمنع تقديم الحال عليه، ككونه مصدرا مقدرا بالحرف المصدري، نحو:"سرني ذهابك غازيا"، أو فعلا مقرونا بلام ابتداء أو قسم، نحو:"لأصبر محتسبا"، و"لأقومن طائعا"، أو صلى لأل أو لحرف مصدري، نحو:"أنت المصلي فذا"، و"لك أن تنتقل قاعدا"، قال الناظم وولده: أو نعتا، نحو:"مررت برجل ذاهبه فرسه مكسورا سرجها"، قال في المغني: وهو وهم منهما؛ فإنه يجوز أن يتقدم عليه فاصلا بين النعت ومنعوته، فتقول:"مررت برجل مكسورا سرجها ذاهبه فرسه".

الرابع: لم يتعرض هنا للقسم الثالث، وهي الحال الواجبة التقديم، وذلك نحو:"كيف جاء زيد؟ ".

347-

ونحو: "زيد مفردا أنفع من

عمرو معانا" مستجاز لن يهن

"ونحو زيد مفردا انفع من عمرو ومعانا" و"بكر قائما أحسن منه قاعدا" -مما وقع فيه اسم التفضيل متوسطا بين حالين من اسمين مختلفي المعنى أو متحديه مفضل أحدهما في حالة على الآخر في أخرى "مستجاز لن يهن" على أن اسم التفضيل عامل في الحالين، فيكون ذلك مستثنى مما تقدم من أنه لا يعمل في الحال المتقدمة عليه، وإنما جاز ذلك هنا لأن اسم التفضيل -وإن انحط درجة عن اسم الفاعل والصفة المشبهة بعدم قبوله علامات الفرعية- فله مزية على العامل الجامد؛ لأن فيه ما في الجامد من معنى الفعل، ويفوقه بتضمن حروف الفعل ووزنه، فجعل موافقا للعامل الجامد في امتناع تقديم الحال عليه إذا لم يتوسط بين حالين، نحو:"هو أكفؤهم ناصرا"، وجعل موافقا لاسم الفاعل في جواز التقديم عليه إذا توسط بين حالين.

واعلم أن ما ذكره الناظم هو مذهب سيبويه والجمهور، وزعم السيرافي أن المنصوبين في ذلك ونحوه خبران لـ"كان" مضمرة مع "إذ" في المضي و"إذا" في الاستقبال. وفيه تكلف إضمار ستة أشياء، وبعد تسليمه يلزم إعمال أفعل في "إذ"، و"إذا" فيكون واقعا في مثل ما فر منه.

ص: 25

تنبيه: لا يجوز تقديم هذين الحالين على "أفعل"، ولا تأخيرهما عنه؛ فلا تقول:"زيد قائما قاعدا أحسن منه"، ولا "زيد أحسن منه قائما قاعدا".

348-

والحال قد يجيء ذا تعدد

لمفرد -فاعلم- وغير مفرد

"والحال" لشبهها بالخبر والنعت "قد يجيء ذا تعدد لمفرد فاعلم وغير مفرد".

فالأولى نحو: "جاء زيد راكبا ضاحكا"، وقوله "من الطويل":

489-

علي إذا ما جئت ليلى بخفية

زيارة بيت الله رجلان حافيا

ومنع ابن عصفور هذا النوع ما لم يكن العامل فيه أفعل التفضيل، نحو:"هذا بسر أطيب منه رطبا"، ونقل المنع عن الفارسي وجماعة؛ فالثاني عندهم نعت للأول، أو حال من الضمير فيه.

والثانية قد يكون بجمع نحو: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} 1، ونحو:{وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخراتٍ} 2. وقد يكون بتفريق،

489- التخريج: البيت للمجنون في ديوانه ص233؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 1/ 385؛ وشرح شواهد المغني 2/ 859؛ ولسان العرب 11/ 268 "رجل"؛ ومغني اللبيب 2/ 461.

شرح المفردات: الخفية: الاستتار. رجلان: ماشيا على رجليه.

المعنى: يقول: لئن زرت ليلى متخفيا، فعلي أن أزور بيت الله ماشيا حافيا.

الإعراب: "علي": جار ومجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف. "إذا": ظرف زمان متعلق بالخبر المقدم المحذوف. "ما": زائدة. "جئت": فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. "ليلى": مفعول به منصوب. "بخفية": جار ومجرور متعلقان بـ"جئت". "زيارة": مبتدأ مؤخر مرفوع، وهو مضاف. "بيت": مضاف إليه مجرور، وهو مضاف. "الله": اسم الجلالة مضاف إليه مجرور. "رجلان": حال منصوب. "حافيا": حال منصوب.

وجملة: "علي زيارة

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "جئت" في محل جر بالإضافة.

الشاهد فيه قوله: "رجلان حافيا" حيث تعدد الحال لواحد، وهو الضمير في "علي".

1 إبراهيم: 33.

2 النحل: 12.

ص: 26

نحو: "لقيت هندا مصعدا منحدرة"، وقوله "من الرمل":

490-

لقي ابني أخويه خائفا

منجديه فأصابوا مغنما

فعند ظهور المعنى يرد كل حال إلى ما يليق به، كما في المثال والبيت، وعند عدم الظهور يجعل أول الحالين لثاني الاسمين، وثانيهما للأول، نحو:"لقيت زيدا مصعدا منحدرا"، فـ"مصعدا": حال من "زيد"، و"منحدرا": حال من التاء.

تنبيه: الظاهر أن قد في قوله: "قد يجيء" للتحقيق، لا للتقليل.

"الحال المؤسسة والحال المؤكدة":

349-

وعامل الحال بها قد أكدا

في نحو: لا تعث في الأرض مفسدا

"وعامل الحال بها قد أكدا" أي: الحال على ضربين:

مؤسسة، وتسمى مبنية، وهي التي يستفاد معناها بدونها، وهي على ثلاثة أضرب:

مؤكدة لعاملها، وهي: كل وصف وافق عامله: إما معنى دون لفظ، كما في نحو:"لا تعث في الأرض مفسدا"، {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِين} 1 أو معنى ولفظا، نحو:{وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} 2، وقوله "من البسيط":

491-

أصخ مصيخا لمن أبدى نصيحته

"والزم توقي خلط الجد باللعب"

490- التخريج: البيت بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص462؛ والمقاصد النحوية 3/ 215.

اللغة: منجديه: مغيثيه. أصابوا: نالوا. المغنم: الغنيمة.

الإعراب: "لقي": فعل ماض. "ابني": فاعل مرفوع، وهو مضاف، والياء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "أخويه": مفعول به منصوب بالياء لأنه مثنى، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "خائفا": حال من "ابني". "منجديه": حال من "أخويه". "فأصابوا": الفاء حرف عطف، "أصابوا": فعل ماض، والواو ضمير في محل رفع فاعل، والألف فارقة. "مغنما": مفعول به منصوب.

وجملة: "لقي

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "أصابوا" معطوفة على "لقي".

الشاهد فيه قوله: "خائفا منجديه" حيث تعددت الحال وتعدد صاحبها.

1 التوبة: 25.

2 النساء: 79.

491-

التخريج: البيت بلا نسبة في شرح التصريح 1/ 387؛ وشرح عمدة الحافظ ص440؛ والمقاصد النحوية 3/ 185. =

ص: 27

ومؤكدة لصاحبها، نحو:{لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} 1.

ومؤكدة لمضمون جملة، وقد أشار إليها بقوله:

350-

وإن تؤكد جملة فمضمر

عاملها، ولفظها يؤخر

"وإن تؤكد جملة فمضمر عاملها" أي: عامل الحال، وجوبا "ولفظها يؤخر" عن الجملة، وجوبا أيضا، ويشترط في الجملة: أن تكون معقودة من اسمين، معرفتين، جامدين، نحو:"زيد أخوك عطوفا"، وقوله "من البسيط":

492-

أنا ابن دارة معروفا بها نسبي

وهل بدارة يا للناس من عار

= شرح المفردات: أصخ: اسمع. أبدى: أظهر. الجد: الاجتهاد. اللعب: اللهو.

المعنى: يقول: استمع جيدا لمن يقدم لك النصيحة، واحترز من أن تخلط بين الجد واللعب.

الإعراب: "أصخ": فعل أمر مبني على السكون، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. "مصيخا": حال منصوب. "لمن": جار ومجرور متعلقان بـ"أصخ". "أبدى": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". "نصيحته": مفعول به منصوب، وهو مضاف، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. "والزم": الواو حرف عطف، "الزم": معطوف على "أصخ". "توقي": مفعول به منصوب، وهو مضاف. "خلط": مضاف إليه مجرور، وهو مضاف. "الجد": مضاف إليه مجرور. "واللعب": الواو حرف عطف، "اللعب": معطوفة على "الجد".

وجملة: "أصخ

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أبدى

" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة: "الزم" معطوفة على جملة "أصخ".

الشاهد فيه قوله: "مصيخا" حيث وقع حالا من فاعل "أصخ" مؤكدة لعاملها لفظا ومعنى.

1 يونس: 99.

492-

التخريج: البيت لسالم بن دارة في خزانة الأدب 1/ 468، 2/ 145، 3/ 265، 266، والخصائص 2/ 268، 317، 340، 3/ 60، والدرر 4/ 11؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 547؛ وشرح المفصل 2/ 64؛ والكتاب 2/ 79؛ والمقاصد النحوية، وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص338؛ وهمع الهوامع 1/ 245.

المعنى: يفخر الشاعر بنسبه إلى "دارة"، وهي أمه التي يعتز القوم بالانتساب إليها لأنها شريفة، ويتساءل: هل يكون معابا من انتمى إليها؟

الإعراب: أنا: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. ابن: خبر المبتدأ مرفوع، وهو مضاف. دارة: مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. معروفا: حال منصوب. بها: جار =

ص: 28

والتقدير: أحقه عطوفا، وأحق معروفا.

تنبيه: قد يؤخذ من كلامه ما ذكر من الشروط؛ فتعريف جزأي الجملة من تسميتها مؤكدة؛ لأنه لا يؤكد إلا ما قد عرف، وجمودهما من كون الحال مؤكدة للجملة؛ لأنه إذا كان أحد الجزأين مشتقا أو في حكمه كان عاملا في الحال؛ فكانت مؤكدة لعاملها لا للجملة، ولذلك جعل في شرح التسهيل قولهم:"زيد أبوك عطوفا"، و"هو الحق بينا"، من قبيل المؤكدة لعاملها، وهي موافقة له معنى دون لفظ؛ لأن "الأب" و"الحق" صالحان للعمل، ووجوب تأخير الحال من كونها تأكيدا، ووجوب إضمار عاملها من جزمه بالإضمار.

"الحال الجملة ورابطها بصاحبها":

351-

وموضع الحال تجيء جمله

كـ"جاء زيد وهو ناو رحله"

"وموضع الحال تجيء جمله"، كما تجيء موضع الخبر والنعت، وإن كان الأصل فيها الإفراد، ولذلك ثلاثة شروط:

أحدها: أن تكون خبرية، وغلط من قال في قوله "من السريع":

493-

أطلب ولا تضجر من مطلب

"فآفة الطالب أن يضجرا"

= ومجرور متعلقان بـ"معروفا". نسبي: نائب فاعل لـ"معروفا" مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء، وهو مضاف، والياء: في محل جر بالإضافة. وهل: الواو: حرف عطف، هل: حرف استفهام. بدارة: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم تقديره "موجود". يا: حرف نداء للاستغاثة. للناس: اللام: حرف جر زائد. الناس: اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه مفعول به لفعل الاستغاثة المحذوف تقديره: "أدعو". من: حرف جر زائد. عار: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر.

وجملة "أنا ابن دارة" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها ابتدائية. وجملة "هل بدارة

" الاسمية معطوفة على جملة لا محل لها من الإعراب. وجملة "يا للناس" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها اعتراضية.

والشاهد فيه قوله: "معروفا"، فإنها حال مؤكدة لمضمون الجملة قبلها.

493-

التخريج البيت لبعض المولدين في الدرر 4/ 12؛ وشرح التصريح 1/ 389؛ والمقاصد النحوية 3/ 217؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 2/ 398؛ وهمع الهوامع 1/ 246. =

ص: 29

إن "لا" ناهية والواو للحال، والصواب أنها عاطفة مثل:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} 1.

الثاني: أن تكون غير مصدرة بعلم استقبال، وغلط من أعرب "سيهدين" من قوله تعالى:{إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} 2 حالا.

الثالث: أن تكون مرتبطة بصاحبها على ما سيأتي "كجاء زيد وهو ناو رحله" مثال لما استكملت الشروط.

352-

وذات بدء بمضارع ثبت

حوت ضميرا، ومن الواو خلت

353-

وذات واو بعدها انو مبتدا

له المضارع اجعلن مسندا

"وذات بدء بمضارع ثبت حوت ضميرا" يربطها "ومن الواو خلت" وجوبا؛ لشدة شبهه باسم الفاعل، تقول: جاء زيد يضحك، وقدم الأمير تقاد الجنائب بين يديه، ولا يجوز جاء ويضحك، ولا قدم وتقاد.

"وذات واو بعدها انو مبتدا

له المضارع اجعلن مسندا"

أي: إذا جاء من كلامهم ما ظاهره أن جملة الحال المصدرة بمضارع مثبت تلت الواو حمل على أن المضارع خبر مبتدأ محذوف، من ذلك قولهم:"قمت وأصك عينه"، أي:

= الإعراب: "اطلب": فعل أمر مبني على السكون، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنت". "ولا": الواو حالية، "لا": حرف نفي. "تضجر": فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المبدلة ألفا ففتحة، في محل جزم بـ"لا"، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره "أنت". "من مطلب": جار ومجرور متعلقان بـ"تضجر". "فآفة": الفاء حرف استئناف، "آفة": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. "الطالب": مضاف إليه مجرور. "أن": حرف نصب. "يضجرا": فعل مضارع منصوب بالفتحة، والألف: للإطلاق، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها في محل رفع خبر للمبتدأ "آفة".

وجملة: "اطلب" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "لا تضجر" في محل نصب حال. وجملة "آفة الطالب

" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "يضجر" صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب.

التمثيل به في قوله: "ولا تضجر" حيث جاز أن تقع جملة النهي حالية، وقيل: الواو عاطفة.

1 النساء: 36.

2 الصافات: 99.

ص: 30

وأنا أصك، وقوله "من المتقارب":

494-

فلما خشيت أظافيرهم

نجوت وأرهنهم مالكا

وقوله "من الكامل":

495-

علقها عرضا وأقتل قومها

"زعما لعمر أبيك ليس بمزعم"

494- التخريج: البيت لعبد الله بن همام السلولي في إصلاح المنطق ص231، 249؛ وخزانة الأدب 9/ 36؛ والدرر 4/ 15؛ والشعر والشعراء 2/ 655؛ ولسان العرب 13/ 188 "رهن"؛ ومعاهد التنصيص 1/ 285؛ والمقاصد النحوية 3/ 190؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص164؛ ورصف المباني ص420؛ والمقرب 1/ 155؛ وهمع الهوامع 1/ 246.

اللغة: الأظافير: ج الأظفور، وهنا بمعنى السلاح.

الإعراب: "فلما": الفاء بحسب ما قبلها، "لما": اسم شرط غير جازم، ظرف زمان متعلق بـ"نجوت". "خشيت": فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. "أظافيرهم": مفعول به وهو مضاف، و"هم": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "نجوت": فعل ماض، والتاء ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. "وأرهنهم": الواو حالية، "أرهنهم": فعل مضارع مرفوع، و"هم" ضمير في محل نصب مفعول به أول، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"أنا". "مالكا": مفعول به ثان.

وجملة: "لما خشيت نجوت" الشرطية بحسب ما قبلها. وجملة: "خشيت

" في محل جر بالإضافة. وجملة: "نجوت" جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. وجملة: "وأنا أرهنهم" في محل نصب حال. وجملة: "أرهنهم" في محل رفع خبر المبتدأ المحذوف "أنا".

الشاهد فيه قوله: "وأرهنهم" حيث يتوهم أن الجملة الفعلية الواقعة بعد واو الحالية في محل نصب حال فيما هي مؤولة بإضمار مبتدأ، والجملة خبر له.

495-

التخريج: البيت لعنترة في ديوانه ص191؛ وجمهرة اللغة ص816؛ وخزانة الأدب 6/ 131؛ وشرح التصريح 1/ 392؛ ولسان العرب 12/ 267 "زعم"؛ والمقاصد النحوية 3/ 188؛ وبلا نسبة في مجالس ثعلب 1/ 241.

شرح المفردات: علقتها: أحببتها. عرضا: عن غير قصد.

المعنى: يقول: إنه أحبها عن غير قصد منه، وكلف بها مع قتله لقومها، أي بينهما قتال، ثم قال: أطمع في حبك طمعا لا موضع له، فلا يمكنني الظفر بوصالك لما بين الحيين من العداوة والاقتتال.

الإعراب: "علقتها": فعل ماض للمجهول، والتاء ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل، و"ها": ضمير متصل في محل نصب مفعول به ثان. "عرضا": نائب عن المصدر، مفعول مطلق منصوب. "وأقتل": الواو حالية، "أقتل": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنا". "قومها": مفعول به منصوب، وهو مضاف، و"ها": ضمير في محل بالإضافة. "زعما": مفعول مطلق منصوب. "لعمر": اللام لام الابتداء، و"عمر": مبتدأ مرفوع خبره محذوف تقديره: "قسم"، وهو مضاف. "أبيك": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الستة وهو مضاف، والكاف ضمير في محل جر بالإضافة. "ليس": فعل ماض =

ص: 31

أي: وأنا أرهنهم مالكا، وأنا أقتل قومها.

وقيل: الواو عاطفة، لا حالية، والفعل بعدها مؤول بالماضي.

تنبيهان: الأول: تمتنع الواو في سبع مسائل:

الأولى: ما سبق1.

الثانية: الواقعة بعد عاطف، نحو:{فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} 2.

الثالثة: المؤكدة لمضمون الجملة، نحو: هو الحق لا شك فيه {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} 3.

الرابعة: الماضي التالي "إلا"، نحو:"ما تكلم زيد إلا قال خيرا"، ومنه:{إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} 4.

الخامسة: الماضي المتلو بأو، نحو: لأضربنه ذهب أو مكث، ومنه قوله "من البسيط":

496-

كن للخليل نصيرا جار أو عدلا

ولا تشح عليه جاد أو بخلا

= ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". "بمزعم": الباء حرف جر زائد، "مزعم": اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر "ليس".

وجملة: "علقتها عرضا" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "وأقتل قومها" في محل نصب حال. وجملة القسم اعتراضية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "ليس بمزعم" في محل نصب نعت "زعما".

الشاهد فيه قوله: "وأقتل قومها" حيث جاءت الواو للحال، والجملة الحالية فعلية فعلها مضارع مثبت، وقد اقترنت بالواو، فيكون ذلك ضرورة شعرية. وقيل: إن هذه الجملة خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "وأنا أقتل قومها". وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب حال.

1 أي: المضارع المثبت غير المقترن بـ"قد".

2 الأعراف: 4.

3 البقرة: 2.

4 الحجر: 11؛ وغيرها.

496-

التخريج: البيت بلا نسبة في الدرر 4/ 14؛ وشرح عمدة الحافظ ص449؛ والمقاصد النحوية 3/ 202؛ وهمع الهوامع 1/ 246.

اللغة: جار: ظلم. النصير: المعين. لا تشح: لا تبخل. جاد: بذل. بخل: حبس العطاء.

الإعراب: كن: فعل أمر ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنت". للخليل: جار ومجرور متعلقان بـ"نصيرا". نصيرا: خبر "كان" منصوب. جار: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا =

ص: 32

السادسة: المضارع المنفي بـ"لا" نحو: {وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ} {مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ} 2، وقوله "من الطويل":

497-

ولو أن قوما لارتفاع قبيلة

دخلوا السماء دخلتها لا أحجب

فإن ورود بالواو أول على إضمار مبتدأ، على الأصح3، كقراءة ابن ذكوان {فَاسْتَقِيمَا

= تقديره: "هو". أو: حرف عطف. عدلا: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو"، و"الألف": للإطلاق. ولا: "الواو": حرف عطف، "لا": ناهية. تشح: فعل مضارع مجزوم بالسكون وحرك بالفتح منعا من التقاء الساكنين، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنت". عليه: جار ومجرور متعلقان بـ"تشح". جاد: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". أو: حرف عطف. بخلا: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو"، والألف للإطلاق.

وجملة "كن للخليل نصيرا": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "جار": في محل نصب حال. وجملة "عدل": معطوفة على سابقتها. وجملة "لا تشح": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "جاد": في محل نصب حال. وجملة "بخل": معطوفة على سابقتها.

الشاهد فيه قوله: "جار أو عدلا" و"جاد أو بخلا" حيث جاءت الحال في كلا الموضعين جملة فعلية غير مقترنة بالواو، وهي جملة "جار" وجملة "جاد" فعلهما ماض بعده أو العاطفة. واقتران جملة الحال بالواو إذا كانت بهذه المنزلة غير جائز لكونها تحمل معنى الشرط تقديره:"كن نصيرا لخليلك إذا جار وإذا عدل". وبما أن الجملة الشرطية لا تقترن بالواو لذلك ساوتها جملة الحال بمنزلتها.

1 المائدة: 84.

2 النمل: 20.

3 في المسألة ثلاثة أقوال: أحدها تقدير مبتدأ بعد الواو، وهو الذي ذكر الشارح أنه الأصح؛ والثاني عدم تقدير شيء مع بقاء الواو للحال والحكم بشذوذ ذلك، وهو رأي ابن عصفور؛ والثالث جعل الواو حرف عطف، وينسب إلى الجرجاني.

497-

التخريج: البيت بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 191.

اللغة: الارتفاع: العلو، المجد والشرف. لا أحجب: لا أمنع.

المعنى: يفخر الشاعر بنفسه ويقول إنه من أشرف الناس وأعلاهم مرتبة، فلو كانت درجات الناس ومنازلهم تنال بشرف الآباء والأجداد لكان خليقا به أن يبلغ أعلى المراتب وأسماها دون أن يقف بوجهه أحد.

الإعراب: ولو: "الواو": بحسب ما قبلها، و"لو": حرف امتناع لامتناع. أن: حرف مشبه بالفعل. قوما: اسم "أن" منصوب. لارتفاع: جار ومجرور متعلقان بـ"دخلوا" وهو مضاف. قبيلة: مضاف إليه مجرور بالكسرة. دخلوا: فعل ماض، و"الواو": ضمير متصل في محل رفع فاعل. السماء: مفعول به منصوب. دخلتها: فعل ماض، و"التاء": ضمير في محل رفع فاعل، و"ها": ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. لا: حرف نفي. أحجب: فعل مضارع للمجهول، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره "أنا". =

ص: 33

وَلا تَتَّبِعَانِّ} 1، وقوله "من الوافر":

498-

"أفادوا من دمي وتوعدوني"

وكنت ولا ينهنهني الوعيد

= وجملة "لو أن قوما

" بحسب ما قبلها. وجملة "دخلوا": في محل رفع خبر "أن". والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها في محل رفع فاعل لفعل محذوف تقديره: "لو ثبت دخول قوم السماء لارتفاع قبيلة". وجملة "دخلتها": جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. وجملة "لا أحجب": في محل نصب حال.

الشاهد فيه قوله: "دخلتها لا أحجب" حيث وقعت الجملة الحالية "لا أحجب" المضارعية منفية بـ"لا" واكتفي فيها بالربط بالضمير العائد إلى صاحب الحال، وهو التاء في "دخلتها"، والرابط هو الضمير المستتر الواقع نائب فاعل، ولم يؤت مع الرابط بواو الحال؛ لأن الجملة المضارعية المنفية إذا وقعت حالا وجب أن يُكتفى في ربطها بصاحب الحال بالضمير الراجع منها إليه، ولم يجز أن يؤتى معها بواو الحال.

1 يونس: 89.

498-

التخريج: البيت لمالك بن رقية في شرح التصريح 1/ 392؛ والمقاصد النحوية 3/ 192.

اللغة: أقادوا: من القود، وهو القصاص، وأقاد الأمير فلانا بفلان، أي قتله به. توعدوني: هددوني. نهنه: كف ومنع.

الإعراب: أقادوا: فعل ماض، و"الواو": ضمير في محل رفع فاعل. من دمي: جار ومجرور متعلقان بـ"أقادوا"، وهو مضاف، و"الياء": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. وتوعدوني: "الواو": حرف عطف، "توعدوني": فعل ماض، و"الواو": ضمير متصل في محل رفع فاعل، و"النون": للوقاية، و"الياء": ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. وكنت: "الواو": حرف عطف، "كنت": فعل ماض ناقص، و"التاء": ضمير متصل في محل رفع اسم "كان"، والخبر المحذوف، ويجوز أن تكون تامة، و"التاء": فاعلها. ولا: "الواو": حالية، "لا": نافية. ينهنهني: فعل مضارع مرفوع بالضمة.، و"النون": للوقاية، و"الياء": ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. الوعيد: فاعل مرفوع بالضمة.

وجملة "أفادوا

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "توعدني": معطوفة على سابقتها وجملة "كنت": معطوفة أيضا. وجملة "لا ينهنهني": في محل نصب حال.

الشاهد فيه قوله: "ولا ينهنهني الوعيد" حيث وقعت الجملة المضارعية المنفية بـ"لا" حالا ومقترنة بالواو، والمفروض ألا يجيء بها؛ لأن جملة المضارع المنفي بمثابة وصف أضيف إليه "غير"، وللعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال:

أحدها: تقدير مبتدأ بعد الواو، وهو الأصح.

وثانيها: عدم تقدير شيء مع بقاء الواو للحال، والحكم بشذوذ ذلك، وهو رأي ابن عصفور.

وثالثها: جعل الواو حرف العطف.

ص: 34

وقوله "من الرمل":

499-

أكسبته الورق البيض أبا

ولقد كان ولا يدعى لأب

نص على ذلك في التسهيل، وفي كلام ولده خلافه.

السابعة: المضارع المنفي بـ"ما"، كقوله "من الطويل":

500-

عهدتك ما تصبو وفيك شبيبة

فما لك بعد الشيب صبا متيما

499- التخريج: البيت لمسكين الدارمي في ديوانه ص22؛ وسمط اللآلي ص352؛ وشرح التصريح 1/ 392؛ والمقاصد النحوية 3/ 193.

اللغة: أكسبه: جلب له، منحه. الورق: الدراهم المضروبة من الفضة.

المعنى: يقول: لقد كان فقيرا مجهول النسب، لا يعرف له أب ينسبه الناس إليه، فلما صار غنيا ظهر نسب له، وأب يدعى إليه.

الإعراب: أكسبته: فعل ماض، و"التاء": للتأنيث، و"الهاء": ضمير في محل نصب مفعول به أول. الورق: فاعل مرفوع بالضمة. البيض: نعت "الورق" مرفوع. أبا: مفعول به ثان منصوب. ولقد: "الواو": حرف عطف، و"اللام": موطئة للقسم، و"قد": حرف تحقيق. كان: فعل ماض تام، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره "هو". "ويجوز أن يكون فعلا ماضيا ناقصا، واسمه ضمير مستتر تقديره: "هو" والخبر محذوف. ولا: "الواو": حالية، و"لا": نافية: يدعى: فعل مضارع للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: "هو". لأب: جار ومجرور متعلقان بـ"يدعى".

وجملة "أكسبته الورق

": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "لقد كان": معطوفة على سابقتها. وجملة "لا يدعى لأب": في محل نصب حال.

الشاهد فيه قوله: "كان ولا يدعى لأب" حيث جاءت الجملة المضارعية المنفية بـ"لا" حالا من الضمير المستتر في "كان" سواء أكانت تامة أم ناقصة، وقد ربط الشاعر هذه الجملة بصاحبها بالضمير المستتر في "يدعى"، وجاء مع ذلك بواو الحال، والمشهور ألا يؤتى مع الجملة الحالية المضارعية المنفية بـ"لا" برابط غير الضمير.

500-

التخريج: البيت بلا نسبة في الدرر 4/ 14؛ وشرح التصريح 1/ 392؛ وهمع الهوامع 1/ 246.

شرح المفردات: عهدتك: عرفتك. تصبو: تميل إلى النساء. الصب: العاشق. المتيم: الذي أذله الحب وأضناه.

المعنى: يقول: لقد عرفتك بعيدا عن ملاحقة النساء وأنت في أيام شبابك، فما لي أراك بعد هذا الشيب مغرما.

الإعراب: "عهدتك": فعل ماض، والتاء ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل، والكاف في محل نصب مفعول به. "ما": حرف نفي. "تصبو": فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة، وفاعله ضمير مستتر فيه =

ص: 35

الثاني: تلزم الواو مع المضارع المثبت إذا اقترن بـ"قد"، نحو:{وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} 1، ذكره في التسهيل.

354-

وجملة الحال سوى ما قدما

بواو، أو بمضمر، أو بهما

"وجملة الحال سوى ما قدما" يجوز ربطها "بواو" وتسمى هذه الواو واو الحال، وواو الابتداء، وقدرها سيبويه والأقدمون بـ"إذ"، ولا يريدون أنها بمعناها؛ إذ لا يرادف الحرف الاسم، بل إنها وما بعدها قيد للعامل السابق. "أو بمضمر" يرجع إلى صاحب الحال. "أو بهما" معا؛ وسوى ما قدم هو: الجملة الاسمية، وجملة الماضي، مثبتتين كانتا أو منفيتين، وجملة المضارع المنفي، ويستثنى من ذلك ما تقدم التنبيه عليه، وهو: الاسمية الواقعة بعد عاطف، والمؤكدة، وجملة الماضي التالي "إلا"، والمتلو بـ"أو"، والمضارع المنفي بـ"لا" أو بـ"ما" على ما مر، فلم يبق من أنواع المضارع المنفي سوى المنفي بـ"لم"، أو "لما"، وأما المنفي بـ"لن" فلا يمكن هنا، وأمثلة ذلك مع الجملة الاسمية غير ما تقدم:"جاء زيد والشمس طالعة"، ومنه:{لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} "جاء زيد يده على رأسه"، ومنه:{وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} 3: أي: متعادين، وقوله "من الرمل":

501-

ثم راحوا عبق المسك بهم

"يلحفون الأرض هداب الأزر"

= وجوبا تقديره: "أنت". "وفيك": الواو حالية، "فيك": جار ومجرور متعلقان بخبر مبتدأ محذوف "شبيبة": مبتدأ مرفوع بالضمة. "فما": الفاء: حرف استئناف، "ما": اسم استفهام في محل رفع مبتدأ. "لك": جار ومجرور متعلقان بخبر المبتدأ المحذوف. "بعد": ظرف زمان منصوب متعلق بـ"صبا"، وهو مضاف. "الشيب": مضاف إليه مجرور. "صبا": حال منصوب. "متيما": حال ثانية.

وجملة "عهدتك

": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "ما تصبو" في محل نصب حال. وجملة: "وفيك شبيبة" في محل نصب حال. وجملة "ما لك

" استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه قوله: "ما تصبو" حيث وقع حالا من "الكاف" في "عهدتك"، وهو جملة فعلية مضارعية منفية غير مقترنة بالواو، واكتفي فيها بالربط بالضمير، وهو الفاعل المستتر.

1 الصف: 5.

2 يوسف: 14.

3 البقرة: 38.

501-

التخريج: البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص55؛ وجمهرة اللغة ص555؛ ولسان العرب=

ص: 36

وقوله "من الطويل":

502-

ولولا جنان الليل ما آب عامر

إلى جعفر سرباله لم يمزق

= 9/ 314 "لحف"، 10/ 234 "عبق"؛ والمقاصد النحوية 3/ 208؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص456.

اللغة: عبق المسك بهم: أي تعلق طيب المسك بهم وبقي. يلحفون: يغطون. الأزر: ج الإزار، وهو الثواب. والهداب: ج الهدب، وهو طرف الثوب.

المعنى: يقول: لقد علقت بهم رائحة الخمرة بعد أن أكثروا منها -هي شبيهة برائحة المسك على الطريقة النواسية- ثم راحوا يتبخترون في مشيهم، ويجرون أطراف أثوابهم الطويلة والتي تغطي الأرض.

الإعراب: ثم: حرف عطف. راحوا: فعل ماض، و"الواو": ضمير في محل رفع فاعل. عبق: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. المسك: مضاف إليه مجرور بالكسرة. بهم: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. يلحفون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، و"الواو": ضمير في محل رفع فاعل. الأرض: مفعول به منصوب. هداب: مفعول به ثان، وهو مضاف. الأزر: مضاف إليه مجرور بالكسرة وسكن للروي.

وجملة "راحوا": معطوفة على ما سبق. وجملة "عبق المسك": في محل نصب حال. وجملة "يلحفون": في محل نصب حال.

الشاهد فيه قوله: "عبق المسك بهم" حيث جاءت الجملة الاسمية حالا من واو الجماعة في "راحوا" وقد ربط الشاعر هذه الجملة بصاحبها بالضمير المجرور في "بهم" ولم يذكر الواو معها، وهذا شاذ حسب رأي الزمخشري؛ إذ لا يجوز أن يكون الرابط هو الضمير وحده، ولا بد في ربط الجملة الاسمية إذا وقعت حالا من الواو إما وحدها وإما مع الضمير.

وقوله: "يلحفون الأرض" حيث وقعت هذه الجملة الفعلية التي فعلها مضارع مثبت حالا من واو الجماعة في "راحوا". وقد اكتفي في ربط الجملة الحالية بصاحبها بالضمير، ولم يؤتى بالواو.

502-

التخريج: البيت لسلامة بن جندل في ديوانه ص176؛ والأصمعيات ص135؛ ولسان العرب 13/ 92 "جنن"؛ والمقاصد النحوية 3/ 210؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 22.

اللغة: الجنان: الظلام. آب: رجع. سرباله لم يمزق: أي سليما معافى.

المعنى: يقول: لولا ظلام الليل ما عاد عامر حيا إلى جعفر، أي كان قد قتل.

الإعراب: ولولا: "الواو": بحسب ما قبلها، و"لولا": حرف امتناع لوجود. جنان: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. الليل: مضاف إليه مجرور والخبر محذوف وجوبا تقديره: "لولا جنان الليل موجود". ما: حرف نفي. آب: فعل ماض. عامر: فاعل مرفوع. إلى جعفر: جار ومجرور متعلقان بـ"آب". سرباله: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، و"الهاء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يمزق: فعل مضارع للمجهول مجزوم بالسكون وحرك بالكسر للروي، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو".

وجملة "لولا جنان الليل": بحسب ما قبلها. وجملة "ما آب عامر": جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. وجملة "سرباله لم يمزق": في محل نصب حال. وجملة "لم يمزق" في محل رفع خبر المبتدأ.

الشاهد: قوله: "سرباله لم يمزق" حيث وقعت الجملة الاسمية حالا من "عامر" غير مقرونة بالواو" فدل على أنها غير واجبة خلافا لما ذهب إليه الزمخشري والفراء، وقد ربط الشاعر جملة الحال هنا بالضمير العائد إلى صاحب الحال، وهو الضمير في "سرباله".

ص: 37

و"جاء زيد ويده على رأسه"، ومنه:{فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 1 وهكذا النفي. وأمثلته مع جملة الماضي غير ما تقدم: "جاء زيد وقد طلعت الشمس"، ومنه قوله "من الطويل":

503-

نجوت وقد بل المرادي سيفه

"من ابن أبي شيخ الأباطح طالب"

"جاء زيد قد علته سكينة"، ومنه:{أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ، قَالُوا} 3، أي: قائلين، وقوله "من الطويل":

504-

وقفت بربع الدار قد غير البلى

معارفها والساريات الهواطل

1 البقرة: 22.

503-

التخريج: البيت لمعاوية بن أبي سفيان في الدرر 5/ 46؛ وشرح التصريح 2/ 59؛ والمقاصد النحوية 3/ 478؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص496؛ وهمع الهوامع 2/ 52.

اللغة: المرادي: هو عبد الرحمن بن ملجم قاتل الإمام علي. الأباطح: ج البطحاء، وهنا مكة.

الإعراب: "نجوت": فعل ماض، والتاء ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. "وقد": الواو حالية، "قد": حرف تحقيق. "بل": فعل ماض. "المرادي": فاعل مرفوع. "سيفه": مفعول به، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "من ابن": جار ومجرور متعلقان بـ"بل"، وهو مضاف. "أبي": مضاف إليه مجرور بالياء. "شيخ": نعت "أبي" مجرور، وهو مضاف. "الأباطح": مضاف إليه مجرور. "طالب": مضاف إلى "ابن" مجرور بالكسرة.

وجملة: "نجوت" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "وقد بل

" في محل نصب حال.

الشاهد فيه قوله: "وقد بل المرادي" وهي جملة فعلية، فعلها ماض مقترن بـ"قد"، ومثبت غير منفي، وقد وقعت حالا من فاعل "نجوت".

2 النساء: 90.

3 يوسف: 16.

504-

التخريج: البيت للنابغة الجعدي في ديوانه ص115؛ وشرح عمدة الحافظ ص452؛ والمقاصد النحوية 3/ 203.

اللغة: ربع الدار: الدار بعينها. البلى: الخراب. المعارف: المعالم. الساريات: ج السارية، وهي =

ص: 38

"جاء زيد وقد علته سكينة"، ومنه:{وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا} {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا} 2.

وهكذا النفي. وأمثلته مع المضارع المنفي بـ"لم" أو "لما": "جاء زيد ولم يقم عمرو"، ومنه قوله "من الكامل":

505-

ولقد خشيت بأن أموت ولم يكن

للحرب دائرة على ابني ضمضم

= السحابة التي تأتي ليلا. الهواطل: ج الهاطلة، وهي الماطرة.

المعنى: يقول: إنه وقف بدار المحبوبة التي غير معالمها المطر المتوالي.

الإعراب: وقفت: فعل ماض، و"التاء": ضمير في محل رفع فاعل. بربع: جار ومجرور متعلقان بـ"وقفت"، وهو مضاف. الدار: مضاف إليه مجرور بالكسرة. قد: حرف تحقيق، غير: فعل ماض مبني على الفتحة. البلى: فاعل مرفوع. معارفها: مفعول به منصوب، وهو مضاف، و"ها": ضمير في محل جر بالإضافة. والساريات: "الواو": حرف عطف، "الساريات": معطوف على "البلى" مرفوع. الهواطل: نعت "الساريات" مرفوع بالضمة.

وجملة "وقفت": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "قد غير البلى معالمها": في محل نصب حال.

الشاهد فيه قوله: "قد غير البلى معارفها" حيث وقعت الجملة الفعلية المثبتة حالا مسبوقة بـ"قد" والرابط لهذه الجملة بصاحبها هو الضمير في "معارفها"، ولم يربطها بالواو، وهذا جائز عند الكوفيين والبصريين جميعا الذين لم يختلفوا في جواز ترك الواو ما دام في جملة الحال ضمير يربطها بصاحب الحال، ولكنهم يختلفون في جواز ترك "قد"، فالكوفيون يجوزون تركها والبصريون لا يجوزون ذلك.

1 البقرة: 246.

2 آل عمران: 168.

505-

التخريج: البيت لعنترة في ديوانه ص221؛ والأغاني 10/ 303؛ وحماسة البحتري ص43؛ وخزانة الأدب 1/ 129؛ والشعر والشعراء 1/ 259؛ والمقاصد النحوية 3/ 198.

اللغة: أخشى: أخاف. الدائرة: اسم للحادثة، سميت بذلك لأنها تدور من خير إلى شر ومن شر إلى خير، ثم استعملت في المكروه.

المعنى: يقول: ولقد أخاف أن أموت ولم تدر الحرب على ابني ضمضم بما يكرهانه وهما: حصين وهرم.

الإعراب: ولقد: "الواو": بحسب ما قبلها، و"اللام": موطئة للقسم، و"قد": حرف تحقيق. خشيت: فعل ماض، و"التاء": ضمير متصل في محل رفع فاعل. بأن: "الباء": حرف جر، "أن": حرف نصب ومصدري. أموت: فعل مضارع منصوب بالفتحة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنا". ولم: "الواو": حالية، "لم": حرف نفي وجزم وقلب. يكن: فعل مضارع ناقص. للحرب: جار ومجرور متعلقان =

ص: 39

"جاء زيد لم يضحك"، ومنه قوله "من الطويل":

506-

كأن فتات العهن في كل منزل

نزلن به حب الفنا لم يحطم

"جاء زيد ولم يضحك"، ومنه:{أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} 1 وقوله "من الكامل":

507-

سقط النصيف ولم ترد إسقاطه

"فتناولته واتقتنا باليد"

= بمحذوف حال من "دائرة"، أصله نعت ولما تقدم على منعوته أعرب حالا. دائرة: اسم "تكن" مرفوع. على: حرف جر. ابني: اسم مجرور بالياء لأنه ملحق بالمثنى. وهو مضاف. ضمضم: مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وجملة "لقد خشيت": بحسب ما قبلها. وجملة "خشيت": جواب القسم لا محل لها من الإعراب والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها في محل جر بحرف الجر. والجار والمجرور متعلقان بـ"خشي" وجملة "لم يكن دائرة": في محل نصب حال.

الشاهد: قوله: "ولم يكن للحرب دائرة على ابني ضمضم" حيث وقعت الجملة المضارعية المنفية بـ"لم" حالا من تاء المتكلم في "خشيت"، والرابط هو الواو دون أن يكون هناك ضمير عائد إلى صاحب الحال، وهذا جائز.

506-

التخريج: البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص12؛ ولسان العرب 2/ 65 "فتت"، 15/ 165 "فنى"؛ والمقاصد النحوية 3/ 194.

اللغة: العهن: الصوف المصبوغ الأحمر الذي تزين فيه الهوادج. الفتات: ما تناثر منه. حب: ثمر. الفنا: نوع من الشجر. يحطم: يكسر.

المعنى: يشبه الشاعر الصوف الأحمر الذي زينت به الهوادج بحب الفنا قبل أن يكسر؛ لأنه إذا تحطم فقد لونه الشديد الاحمرار.

الإعراب: كأن: حرف مشبه بالفعل. فتات: اسم "كأن" منصوب بالفتحة، وهو مضاف. العهن: مضاف إليه مجرور بالكسرة. في كل: جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من "فتات". وهو مضاف. منزل: مضاف إليه مجرور بالكسرة. نزلن: فعل ماض، و"النون" ضمير في محل رفع فاعل. به: جار ومجرور متعلقان بـ"نزلن". حب: خبر "كأن" مرفوع بالضمة، وهو مضاف. الفنا: مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تحطم: فعل مضارع للمجهول مجزوم بالسكون وحرك بالكسر للوري، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هي".

وجملة "كأن فتات

": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "نزلن به": في محل جر نعت "منزل". وجملة "لم تحطم": في محل نصب حال.

الشاهد فيه قوله: "لم تحطم" حيث وردت الجملة الفعلية المضارعية المنفية بـ"لم" حالا من "حب"، وقد ربطها الشاعر بصاحبها الضمير المستتر في "تحطم"، ولم يأت بالواو، وهذا جائز.

1 الأنعام: 93.

507-

التخريج: البيت للنابغة الذبياني ص93؛ والشعر والشعراء 1/ 176؛ والمقاصد النحوية =

ص: 40

وهكذا النفي بـ"لما"؛ ومنه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ} 1.

تنبيهات: الأول: مذهب البصريين -إلا الأخفش- لزوم "قد" مع الماضي المثبت مطلقا ظاهرة أو مقدرة، والمختار -وفاقا للكوفيين والأخفش- لزومها مع المرتبط بالواو فقط، وجواز إثباتها وحذفها في المرتبط بالضمير وحده أو بهما معا، تمسكا بظاهر ما سبق؛ إذ الأصل عدم التقدير، لا سيما مع الكثرة، نعم في ذلك أربع صور مرتبة في الكثرة هي:"جاء زيد وقد قام أبوه"، ثم "جاء زيد قد قام أبوه"، ثم "جاء زيد وقام أبوه"، ثم "جاء زيد قام أبوه"، وجعل الشارح الثالثة أقل من الرابعة، وهو خلاف ما في التسهيل.

الثاني: تمتنع "قد" مع الماضي الممتنع ربطه بالواو، وهو: تالي "إلا"، والمتلو بـ"أو"، وندر قوله "من الطويل":

508-

متى يأت هذا الموت لم يلف حاجة

لنفسي إلا قد قضيت قضاءها

= 3/ 201؛ ولسان العرب 9/ 332 "نصف".

اللغة: النصيف: الخمار الذي تضعه المرأة على وجهها.

المعنى: يقول: سقط الخمار عن وجه الحبيبة فوضعت يدها على وجهها لتستره عنا.

الإعراب: سقط: فعل ماض. النصيف: فاعل مرفوع بالضمة. ولم: "الواو": حالية، و"لم": حرف جزم. ترد: فعل مضارع مجزوم بالسكون، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هي. إسقاطه: مفعول به منصوب بالفتحة، وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه. فتناولته: "الفاء": حرف استئناف، و"تناول": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هي، و"التاء": للتأنيث، و"الهاء": ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. واتفقنا: "الواو": حرف عطف، "اتقى": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي، و"التاء": للتأنيث، و"نا": ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. باليد: جار ومجرور متعلقان بـ"اتقتنا".

وجملة "سقط النصيف": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "ولم ترد إسقاطه" في محل نصب حال. وجملة "فتناولته": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "واتقتنا": معطوفة لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه قوله: "ولم ترد إسقاطه" حيث جاءت هذه الجملة الفعلية التي فعلها فعل مضارع منفي بـ"لم" حالا من "النصيف"، وفيها ضمير يعود منها إلى صاحب الحال، وهي مصدرة بواو الحال، فالرابط لها بصاحب الحال شيئان: واو الحال والضمير.

1 آل عمران: 142.

508-

التخريج: البيت لقيس بن الخطيم في ديوانه ص49؛ وخزانة الأدب 7/ 35؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1/ 186؛ والمقاصد النحوية 3/ 222.

اللغة: لا يلفي حاجة: لا يجد حاجة. قضيت قضاءها: فرغت منها، وقضيتها مثل قضائي لأمثالها.

الإعراب: متى: اسم شرط جازم. يأت: فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة، وهو فعل الشرط. =

ص: 41

الثالث: قد يحذف الرابط لفظا فينوى، نحو:"مررت بالبر قفيز بدرهم": أي: منه، وقوله "من الكامل":

509-

نصف النهار الماء غامره

"ورفيقه بالغيب ما يدري"

= هذا: اسم إشارة مبني في محل رفع فاعل. الموت: بدل من "هذا" مرفوع. لم: حرف جزم. يلف: فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة، وهو جواب الشرط، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". حاجة: مفعول به "ويروى "تُلف" للمجهول، فتكون "حاجة" نائب فاعل مرفوع". لنفسي: جار ومجرور متعلقان بمحذوف نعت "حاجة"، وهو مضاف، و"الياء": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. إلا: حرف استثناء. قد: حرف تحقيق. قضيت: فعل ماض، و"التاء": ضمير متصل في محل رفع فاعل. قضاءها: مفعول به منصوب، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة.

وجملة "متى يأت

": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة فعل الشرط وجوابه في محر جر بالإضافة. وجملة "لم يأت": لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط جازم غير مقترن بشرط بالفاء أو بـ"إذا"، وجملة "قضيت قضاءها": في محل نصب حال.

الشاهد فيه قوله: "إلا قد قضيت قضاءها" حيث وردت بعد "إلا" جملة فعلية ماضوية مثبتة، حالا من "حاجة" الواقعة نكرة، وتخصصت بوصفه الجار والمجرور، والرابط بصاحب الحال هو الضمير في "قضاءها"، ولا يصح ربطها بصاحبها بالواو لوقوعها بعد "إلا". ورأى بعضهم أنه يصح ربط الجملة الحالية الماضوية الواقعة بعد إلا بصاحب الحال بالواو كما يصح ربطها بالضمير، وبالاثنين معا.

509-

التخريج: البيت للمسيب بن علس في أدب الكاتب ص359؛ وإصلاح المنطق ص241، 250؛ وشرح شواهد المغني 2/ 787؛ ولسان العرب 9/ 331 "نصف"؛ وللأعشى في جمهرة اللغة ص1262؛ وخزانة الأدب 3/ 233، 235، 236؛ والدرر 4/ 17؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص683؛ وجمهرة اللغة ص893؛ ورصف المباني ص419؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 642؛ وشرح المفصل 2/ 65؛ وهمع الهوامع.

المعنى: انتصف النهار وصاحبه لا يعلم ما حل به تحت الماء.

الإعراب: نصف: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة. النهار: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. الماء: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. غامره: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة وهو مضاف، و"الهاء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. ورفيقه: "الواو": حالية، "رفيقه": مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة وهو مضاف. و"الهاء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. بالغيب: جار ومجرور متعلقان بالفعل يدري. لا: نافية. يدري: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو.

وجملة "نصف النهار": ابتدائية لا محل لها. وجملة "الماء غامره": في محل نصب حال. وجملة "ورفيقه لا يدري": حالية محلها النصب. وجملة "لا يدري": في محل رفع خبر.

والشاهد فيه قوله: "الماء غامره" جاءت الجملة حالا بعد رابط "و" حالية" محذوف.

ص: 42

أي: والماء غامره.

الرابع: الأكثر في الاسمية الجائزة فيها الأوجه الثلاثة: الربط بالواو والضمير معا، ثم الواو وحدها، ثم الواو وحدها، ثم الضمير وحده، وليس انفراد الضمير -مع قلته- بنادر، خلافا للفراء والزمخشري؛ لما تقدم، ومثل هذه الاسمية في ذلك -على ما يظهر- جملة المضارع المنفي الجائز فيها الأوجه الثلاثة.

الخامس: كما يقع الحال جملة يقع أيضا ظرفا، نحو:"رأيت الهلال بين السحاب"، وجار ومجرورا، نحو:{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} 1، ويتعلقان باستقرار محذوف وجوبا. وأما {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ} 2 فليس "مستقرا" فيه هو المتعلق لأنه كون خاص؛ إذ معناه عدم التحرك، وذلك مطلق الوجود.

"حذف عامل الحال":

355-

والحال قد يحذف ما فيها عمل

وبعض ما يحذف ذكره حظل

أي: منع.

يعني أنه قد يحذف عامل الحال: جوازا؛ لدليل حالي، نحو:"راشدا"، للقاصد سفرا، و"مأجورا"، للقادم من حج، أو مقالي، نحو:{بَلَى قَادِرِينَ} 3، {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} 4 أي: تسافر. ورجعت، ونجمعها، وصلوا.

ووجوبا: قياسا في أربع صور؛ نحو: "ضربي زيدا قائما"، ونحو:"زيد أبوك عطوفا"، وقد مضتا5، والتي بين فيها ازدياد أو نقص بتدريج، نحو:"تصدق بدرهم فصاعدا"، و"اشتر بدينار فسافلا"، وما ذكر لتوبيخ، نحو:"أقائما وقد قعد الناس"، و"أتميميا مرة وقيسيا أخرى": أي أتوجد، وأتتحول، وسماعا في غير ذلك.

1 القصص: 79.

2 النمل: 40.

3 القيامة: 4.

4 البقرة: 239.

5 مضت الأولى في باب المبتدأ والخبر عند الكلام على المواضع التي يحذف فيها الخبر وجوبا؛ ومضت الثانية في هذا الباب "باب الحال" عند تقسيم الحال إلى مؤسسة ومؤكدة.

ص: 43

نحو: "هنيئا لك": أي ثبت لك الخير هنيئا، أو هنأك هنيئا1.

"حذف الحال":

تنبيه: قد تحذف الحال للقرينة، وأكثر ما يكون ذلك إذا كانت قولا أغنى عنه المقول، نحو:{وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ} 2، أي: قائلين ذلك، {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} 3، أي: قائلين ذلك.

"أنواع الحال":

خاتمة: تنقسم الحال باعتبارات:

الأول، باعتبار انتقالها عن صاحبها ولزومها له، إلى المنتقلة -وهو الغالب- والملازمة.

والثاني، باعتبار قصدها لذاتها وعدمه، إلى المقصودة -وهو الغالب- والموطئة، وهي الجامدة الموصوفة.

والثالث، باعتبار التبيين والتوكيد، إلى المبينة -وهو الغالب- وتسمى المؤسسة والمؤكدة، وهي التي يستفاد معناها بدونها. وقد تقدمت هذه الأقسام.

والرابع، باعتبار جريانها على من هي له وغيره، إلى الحقيقة -وهو الغالب- والسببية، نحو:"مررت قائما سكانها".

1 يشير الشارح بذكر هذين التخريجين إلى أنه يجوز في نحو قولك: "هنيئا لك" وجهان من وجوه الإعراب: أحدهما: أن يكون "هنيئا" مفعولا مطلقا عامله فعل محذوف من لفظه، وتقدير الكلام: هناك الأمر هنيئا، وثانيهما أن يكون "هنيئا" حالا من فاعل فعل محذوف، وتقدير الكلام على هذا: ثبت لك ذلك الأمر هنيئا، وهنيء صفة وليس بمصدر، فعلى الوجه الأول يكون من نيابة الصفة عن المصدر، وعلى الوجه الثاني يبقى بدون تأويل، والوجه الأول من هذه الوجهين هو مذهب سيبويه رحمه الله وتبعه فيه جار الله الزمخشري في المفصل، والوجه الثاني هو ما ذهب إليه أبو سعيد السيرافي رحمه الله. "عن محيي الدين عبد الحميد".

2 الرعد: 23، 24.

3 البقرة: 127.

ص: 44

والخامس، باعتبار الزمان، إلى مقارنة لعاملها -وهو الغالب- ومقدرة، وهي المستقبلة، نحو:"مررت برجل معه صفر صائدا به غدا"، أي: مقدرا ذلك، ومنه:{ادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} 2، أي: ناوين ذلك، قيل: وماضية، ومثل لها في "المغني" بـ"جاء زيد أمس راكبا"، وسماها محكية، وفيه نظر3.

1 الزمر: 73.

2 الفتح: 27.

3 وجه النظر في هذا القسم أن المدار في مقارنة الحال وعدم مقارنتها إنما هو على مقارنتها لعاملها، كما ذكر الشارح في صدر هذا التقسيم، ولا شك أن التي سماها ابن هشام ماضية هي عند التحقيق مقارنة لعاملها في زمانه، والظاهر أن ابن هشام فهم أن الغرض مقارنتها لزمان التكلم، ولو كان كما ظنه لتحقق وجود هذا القسم؛ لكن الأمر ليس كما ظن، بل هو على ما قدمنا؛ لا جرم لم يكن لهذا القسم وجود، فإن قلت: فالوصف الذي وقع حالا قد أريد به الزمن الماضي. قلت: لا ضرر في ذلك؛ لأن أقصى ما فيه أن يكون استعمالا مجازيا؛ ولا حجر فيه. "عن محمد محيي الدين عبد الحميد".

ص: 45